الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلا فالعقل بجوز وجود ما ذكر قيل: والنافي لإمكان هذا هو الوهم وإلا فالعقل يجوز وجود ما ذكر وإذا قيل البرهان العقلي دل على وجود ما أنكره الوهم قيل والبرهان العقلي دل على وجود ما أنكره الوهم هنا.
ومن تأمل هذا وجده من اصح المعارضة وأبين التناقض في كلام هؤلاء النفاة وقد بسط هذا في غير هذا الموضع.
الوجه الثاني
قوله وإذا كان له بعد وامتداد فإما أن يكون غير متناه وإما أن يكون متناهياً.
فيقال من الناس من يقول إنه غير متناه وهؤلاء منهم من يقول جسم ومنهم من يقول غير جسم وقد حكى القولين أبو الحسن الأشعري في المقالات وحكاهما غيره أيضاً ومن الناس من قال هو متناه من بعض الجهات وهذا مذكور عن طائفة من أهل الكلام من الكرامية وغيرهم وقد قاله بعض المنتسبين إلى الطوائف الأربعة من الفقهاء كما ذكره القاضي أبو يعلى في عيون المسائل فإن هذه الأقوال يوجد عامتها في بعض أتباع الأئمة منها ما يوجد في في بعض أصحاب أبي حنيفة ومنها ما يوجد في بعض أصحاب مالك، ومنها ما يوجد في بعض أصحاب الشافعي ومنها مايو جد في بعض أصحاب أحمد، ومنها ما يوجد في بعض أصحاب اثنين أو ثلاثة أو الأربعة.
قوله إن كان غير متناه من جميع الجهات فهو محال لوجوه الأول ما سنبينه من إحالة بعد لا يتناهى.
فيقال له أنت قد أبطلت أدلة نفاة ذلك ولم تذكر إلا دليلاً هو أضعف من أدلة غيرك فبقيت الدعوى بلا دليل.
قوله الثاني انه يلزم منه نفي الأجسام أو تداخلها، ومداخلة القاذورات.
فيقال هؤلاء يقولون لا يلزم منه شيء من ذلك بل هو غير متناه مع كونه جسماً أو مع كونه غير جسم ويقولون لا يلزم نفي سائر الأجسام ولا مداخلتها.
فإذا قيل لهم هذا ينفيه العقل قالوا نفي العقل لهذا كنفيه وجوده قائماً بنفسه فاعلاً للعالم وهو مع ذلك لا حال في العالم ولا بائن من العالم بل نفي العقل لهذا أعظم من نفيه لهذا وما قيل من الاعتذار عن ذلك بالفرق بين الوهم والعقل يمكن في هذا بطريق الأولى كما بسط في موضعه.
فإن هؤلاء ادعوا أن قول القائل كل موجودين غما أن يكونا متحايثين أو متباينين أو كل موجودين قائمين بأنفسهما فإما أن يكونا متبايني، أو متلاصقين ن أو كل موجود قائم بنفسه فلا بد أن يكون
مشاراً إليه.
وان قول القائل بإثبات موجود لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا حال فيه ولا مباين له ولا يشار إليه ولا يقرب من شيء ولا يبعد من شيء ولا يصعد إليه شيء ولا ينزل منه شيء وأمثال ذلك من الصفات السالبة النافية.
هو محال في العقل.
قالوا إن هذا الموجب لذلك التقسيم، والمحيل لوجود هذا، إنما هو الوهم دون العقل، وأن الوهم يحكم غير المحسوس بحكم المحسوس، وهذا باطل.
فقيل لهم فأنتم لم تثبتوا بعد وجود مالا يمكن الإحساس به وحكم الفطرة أولى بديهي، والوهم عندكم إنما يدرك الأشياء المعينة كإدراك العداوة والصداقة، كإدراك الشاة عدواة الذئب وصداقة اكبش.
وهذه أحكام كلية والكليات من حكم العقل لا من حكم الوهم.
فهذا وأمثاله مما أبطل به ما ذكروه من الاعتذار بأن هذا حكم الوهم لكن المقصود هنا أن ذلك العذر إن كان صحيحاً فلمنازعيهم أن يعتذروا به ههنا فيقولون ما ذكرتموه من كونه لو كان فوق العرش، أو لو كان جسماً لكان ممتداً متناهياً أو غير متناه هو من حكم الوهم وهو فرع كونه قابلاً لثبوت الامتداد ونفيه، أو لثبوت النهاية ونفيها، ونحن نقول هو فوق العرش أو هو فوق العرش وهو مع ذلك لا يقبل أن يكون ممتداً ولا غير
ممتد ولا أن يكون متناهياً ولا غير متناه كما قلتم أنتم إنه موجود قائم بنفسه مبدع للعالم مسمى بالأسماء الحسنى وأنه مع ذلك لا يقبل أن يقال هو متناه ولا غير متناه بل ذاته لا تقبل إثبات ذلك ولا نفيه ولا تقبل أن يقال هو حال في العالم ولا خارج عنه فلا توصف ذاته بالدخول ولا بالخروج فإن ذاته لا تقبل الاتصاف لا بإثبات ذلك ولا بنفيه
فهذا ونحوه قولكم فغن كان هذا القول صحيحاً أمكن من أثبت العلو دون التجسيم أو العلو والتجسيم ونفي ما يذكر من لوازمه أن يقول فيه ما تقولونه أنتم حيث أثبتم موجوداً قائماً بنفسه مبدعاً للعالم، ونفيتم ما يذكر من لوازمه، فإن لزوم تلك اللوازم لما أثبتوه أظهر في صريح العقل من لزوم هذه اللوازم لما أثبته هؤلاء، فإن أمكنكم نفي اللزوم، وادعيتم أن القول باللزوم وإحالة ما أثبتموه من حكم الوهم دون العقل أمكن خصومكم أن يقولوا مثل ذلك ما قلتموه بطريق الأولي.
وهذا يفهمه من تصور حقيقة قول الطائفتين وأدلتهم العقلية، فإنه إذا قابل بين قول هؤلاء وقول هؤلاء تبين له صحة الموازنة وان الإثبات