الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوده دون الأجزاء يقتضي أنه لا يوجد بدونها بل لا يوجد إلا وهي موجودة.
وكون الشيء لا يوجد إلا مع الشيء لا يقتضي افتقاره إليه بل إنما يكون مفتقراً إليه إذا كان لا يوجد إلا به ألا ترى أن المتضايفين لا يوجد أحدهما دون الآخر ولا يقال إن أحدهما مفتقر إلى الآخر كالنبوة والأبوة بل كلاهما معلول علة منفصلة فمعلولاً العلة لا يوجد أحدهما دون الآخر وهما جميعاً مفتقران إلى العلة ليس أحدهما مفتقراً إلى الآخر فإذا قدر انه لا علة لهما لم يكن أحدهما مفتقراً إلى العلة ليس أحدهما مفتقراً إلى الآخر فإذا قدر أنه لا علة لهما لم يكن أحدهما مفتقراً إلى الآخر ولا إلى علة.
السادس
أن يقال قولك وكل منهما غير مفتقر إليه خطأ ظاهر.
فإنه ليس من ضرورة كون المركب متوقفاً على كل من أجزائه أن لا يكون شيء من تلك الجزاء متوقفاً عليه وذلك أن المركب إن أريد به نفس الجزاء المجتمعة كان المعنى أن المجتمع متوقف على أو أن كل جزء متوقف على سائر الأجزاء أو على جزء آخر أو المجتمع على نفسه وأي شيء فرض من ذلك لم يلزم أن يكون أحد الجزأين هو المفتقر دون الآخر وإن قدر أن المركب هو الاجتماع أو الاجتماع مع الأجزاء فإنه إذا قدر أنها متلازمة لم يكن
أحد الأجزاء واجباً بنفسه بمعنى إمكان وجوده دون سائر الأجزاء لا الاجتماع ولا غيره بل لا يوجد شيء منها إلا بالآخر فلا يكون شيء من الأجزاء غير مفتقر إلى المركب بل كل منها مفتقر إليه.
وهذا لا يقاس بالواحد مع العشرة الذي يمكن وجوده دون وجود العشر فإن أجزاء العشرة ليست متلازمة وغنما الكلام في أمور متلازمة لا يمكن وجود بعضها دون بعض كالصفات اللازمة للرب تعالى.
وما سماه النفاة أجزاء فإنه لا يمكن وجود صفة من تلك الصفات دون الذات بل ولا دون الصفة الأخرى وكذلك ما سموه جزءاً لا يمكن وجوده دون الجميع ولا دون جزءا آخر، فامتنع أن يقال إن كل جزء من الأجزاء غير مفتقر إلى المجموع المركب مع أن المجموع المركب مفتقر إليه بل إذا سمي هذا التلازم افتقاراً فافتقار الصفة وما سموه جزءاً إلى المجموع اعظم من افتقار الذات الواجبة بنفسها أو ما سموه المجموع المركب الواجب بنفسه إلى الصفة أو الجزء فإن المجموع هو الواجب بنفسه الذي لا يقبل العدم أصلاً وكل جزء من أجزائه فلا يتصور وجوده بدون وجود الآخر وهذا كما يقولون إن الحيوانية والناطقية جزء من الإنسانية ومع هذا يمتنع وجود الجزء دون هذه الماهية المركبة وكذلك يقولون إن الجسم مركب من المادة والصورة