الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يلزم الدور إذا كان ذلك الحادث الخارج موقوفاً على الحادث المتصل والمتصل موقوفاً على الخارج وأما إذا كان ذلك الخارج موقوفاً على متصل وذلك المتصل موقوف على خارج آخر والخارج الآخر موقوف على متصل آخر فإنما يلزم التسلسل في الآثار وفي تمام التأثيرات المعينة لا يلزم الدور على هذا التقدير
وإذا كان اللازم هو التسلسل في الآثار والتأثيرات المعينة فذلك لا يلزم منه الدور والتسلسل جائز عند هؤلاء الفلاسفة وكثير من أهل الكلام والحديث وغيرهم وليس هذا تسلسلاً ولا دوراً في أصل التأثير فإن هذا باطل باتفاق العقلاء كالدور والتسلسل في نفس المؤثر فإن الدور والتسلسل في تمام التأثيرات المعينة فإنه كالتسلسل في الآثار المعنية والتسلسل في أصل التأثير كالتسلسل في أصل الآثار
ثم يقال إن كان هذا التسلسل جائزاً بطلت هذه الحجة وإن كان ممتنعاً لزم أن يكون للحوادث أول وان تصدر الحوادث كلها عن قديم بلا سبب حادث من غير أن يجب دوام الحوادث 0 وحينئذ فيلزم صحة قول الكرامية كما يلزم صحة قول غيرهم من أهل الكلام الجهمية والقدرية وأتباعهم الذين يقولون بحدوث جميع الحوادث بدون سبب حادث وإنما النزاع بينهم في المتصل والمنفصل
والوجه الرابع
في الجواب أن يقال هب أن ذلك الخارج إذا
كان ليس معلول الذات يلزم إن يكون مفيداً للإله صفاته فيكون أولى بالإلهية
يقال لهم هذا وغن كان باطلاً عند المسلمين وغيرهم من أهل الملل ولكن على أصولكم لا يمتنع بطلانه وذلك أن هذا لا ينافي وجوب وجوده بذاته بمعنى أنه لا فاعل له، فإن ما كان لا فاعل له لم يمتنع من هذه الجهة أن يقوم به أمر بسبب منه ومن أمر مباين له وغنما ينتفي ذلك بنفي واجب بذاته مباين له وذلك مبني على نفي واجبين بالذات
وأنتم ادعيتم ذلك، وادرجتم في ذلك نفي الصفات كما ادعت الجهمية أن القديم واحد وادرجوا في ذلك نفي الصفات فقلتم أنتم لو كان له صفات لتعدد الواجب بذاته كما قال أولئك لو كان له صفات لتعدد القديم وحجتكم على ذلك ضعيفة جداً وحتى إن منكم من قال بقدم الأفلاك ووجوب وجودها بذاتها لضعف ذلك
وهذا حقيقة قول أرسطو وأصحابه في الأفلاك، وهو قول أهل وحدة الوجود في كل موجود، الذين أظهروا التصوف والتحقيق، وحقيقة قولهم قول هؤلاء الدهرية المعطلة.
وحينئذ فنخاطب الجميع خطابا يتناول الطوائف كلها، ونقول إما أن تكون الأفلاك واجبة الوجود بذاتها وإما أن لا تكون.
فإن قيل: إنها واجبة الوجود بذاتها، مع ان الحوادث تقوم بها، بطل قولكم: إن الواجب أو القديم لا تقوم به الحوادث.
وإن قلتم: إنها معلولة مفعولة لغيرها، فالموجب لها: إن كان علة تامة لم يتأخر عنه شيء من معلوله فلا تصدر عنه الحركات والحوادث، فتفتقر الحوادث المشاهدة إلى واجب آخر، والقول فيه كالقول فيه.
وإن لم يكن علة تامة فلا بد لما يتأخر حدوثه أن يكون موقوفاً على شرط حادث، والقول فيه كالقول في الذي قلبه، فيلزم التسلسل.
وإذا لزم لزم دوام الحوادث المتسلسلة، ويمتنع صدورها عن علة تامة أزلية لا يقوم بها حادث، فإن ذلك يقتضي مقارنة جميع معلوها لها، لوجوب مقارنة جميع معلول العلة التامة لها، وامتناع أن يصير علة لشيء ما.
بعد أن لم يكن علة بدون سبب منها، وإذا جاز أن تقوم به الحوادث المتعاقبة، فيلزم قيام الحوادث المتعلقة بالقديم على كل تقدير، فبطلي هذه الحجة.
وأيضاً فقدماؤهم يقولون: إن الأول يحرك الأفلاك حركة شوقية مثل حركة المحبوب لمحبه، ولم يذكروا أن الأفلاك مبدعة له ولا معلولة لعلة فاعلة.
وحينئذ فلا بد أن يقال: هي واجبة بنفسها، وهي مفتقرة في حركتها إلى المحرك المنفصل عنها، فلا يمكن من قال هذا أن يقول: إن الواجب