الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لمعنى منتف فيما أثبته وأنا ما نفيت ذاك إلا لمعنى يختص به، فإن كان ذلك المأخذ صحيحاً لم تجب التسوية وإن كان باطلاً لزم خطئ في نفي ذاك وحينئذ فإن كانا مستويين لزم خطئ في الفرق بينهما، وليس خطء في إثبات ما أثبته بأولى من خطيء في نفي ذاك وحينئذ فإن كمانا مستويين لزم خطئ في لافرق بينهما وليس خطئ في إثبات ما أثبته بأولى من خطئ في نفي ما نفيته فإنما يفيدك هذا تناقضي إن صح التسوية لا يفيدك صحة مذهبك وإن ثبت الفرق بطل قولك.
فتبين ان هذا الإجماع هو من الإجماعات المركبة التي ترجع إلى حجة جدلية ولو كانت صحيحة لم تفد إلا تناقض الخصم.
الوجه الثالث
أن يقال: ما ذكرته من الحجة معارض بتجويزك على الله إحداث الحوادث بعد أن لم تكن، وهو كونه فاعلاً فالفاعلية: إما أن تكون صفة كمال وإما أن لا تكون صفة كمال.
فإن كانت كمالاً، كان قد فاته الكمال قبل الفعل وإن لم تكن كمالاً لزم اتصافه بغير صفات الكمال وهذا محال لهذين الوجهين.
وإذا قلت إن الفعل نسبة وإضافة.
قيل لك: وإضافة هذا الحادث إليه نسبة وإضافة ولا فرق بينهما إلا كون أحدهما متصلاً والآخر منفصلاً.
ومعلوم أن الإجماع على تنزيه الله تعالى عن صفات النقص، متناول لتنزيهه عن كل نقص من صفاته الفعلية وغير الفعلية وأنت وجميع الطوائف تقسمون الصفات إلى صفات ذاتية وصفات فعلية ومتفقون على تنزيهه عن النقص في هذا وفي هذا.
وأيضاً فهذا منقوص بسائر ما جوزوه من تجدد الإضافات والسلوب فإن الرب منزه عن الاتصاف بالنقائص في الثبوت والسلب والإضافة فما كان جوابهم في المتجددات كان جواباً لمنازعيهم في المحدثات.
وهم يجيبون في المتجددات بأنه لا يمكن ثبوتها في الأزل.
فيقال لهم: وكذلك الحوادث المتعاقبة لا يمكن ثبوتها في الأزل وهو وأمثاله يجيبون الدهرية بمثل ذلك في مسألة حدوث العالم.
فإن من حججهم شبة برقلس قالوا إن الجود صفة كمال وعدمه صفة نقص فلو كان العالم قديماً لكان الرب تعالى في الأزل جواداً ولو كان حادثاً لما كان الرب تعالى في الأزل جواداً لعدم العالم عنه وهو محال.
ثم قال في الجواب وأما الشبهة الرابعة فحاصل لفظ
الجود فيها يرجع إلى صفة فعلية وهو كون الرب تعالى موجداً وفاعلاً لا لغرض يعود إليه من حلب نفع أو دفع ضر وعلى هذا فلا نسلم أن الصفات الأفعال من كمالاته تعالى وليس ذلك من الضروريات فلا بد له من دليل كيف وأنه لو كان من الكمالات لقد كان كمال واجب متوقفاً على وجود معلوله عنه، ومحال أن يستفيد الأشرف كماله من معلوله، كما قرروه في كونه موجوداً بالإرادة وإن سلمنا أنه كمال لكن إنما يكون عدمه في الأزل نقصاً ان لو كان وجود العالم في الأزل ممكناً وهو غير مسلم وهو على نحو قولهم في نفي النقص عنه بعدم إيجاده للكائنات الفاسدات كالصور الجوهرية العنصرية والأنفس الإنسانية لتعذر وجودها أزلاً من غير توسط ولا يلزم من كون العالم غير ممكن الوجود إزلاً أن لا يكون ممكن الحدوث لما حققناه.
فهذا الجواب الذي أجاب به في هذا الموضع، إذا أجابته به الكرامية كان جوابهم له أحسن من جوابه لأولئك، وأدنى أحواله