المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لم يسؤ النبي قط - أبو بكر الصديق أفضل الصحابة، وأحقهم بالخلافة

[محمد بن عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌فضل بعض الخلفاءعلى بعض

- ‌أبو بكر الصديق أفضل الصحابة

- ‌نسبه

- ‌منزلته قبل الإسلام

- ‌الصديق أبلغ من الصادق

- ‌أبو بكر أسبق الصحابة إلى الخيراتهو أول من أسلم

- ‌وأول من أوذي في الله

- ‌وأول من دافع عن رسول الله

- ‌وأول من دعا إلى الله

- ‌وأول من بذل ماله لنصرة الإسلام

- ‌سبقه عمر في الإنفاق

- ‌صاحبه في سفر الهجرةدلالة آية {إِلا تَنْصُرُوهُ} على أفضلية من سبعة أوجه

- ‌أبو بكر أتقى الأمة

- ‌وأرجح الأمة إيمانًا

- ‌شهادة الرسول له ولعمر بكمال الإيمان

- ‌هو أعلم الصحابة والأمة وأذكاهم

- ‌سبب قلة النقل عنه وعن أكابر الصحابة

- ‌وهو من كتاب الوحي

- ‌أزهد الصحابة

- ‌أشجع الناس بعد الرسول

- ‌أحب الخلق إلى رسول الله

- ‌انتصار النبي له

- ‌لم يسؤ النبي قط

- ‌إيمان قرابته كلهم من خصائصه

- ‌رعايته لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فدك أزال الخلاف فيها بالنص

- ‌المقدم في الشورى وأبو بكر

- ‌وشبه كلا منهما بنبيين

- ‌أبو بكر من أفصح الناس وأخطبهم

- ‌خطبته بعد وفاة الرسول

- ‌خطبته بعد البيعة

- ‌خطبته لما حصلت الردة

- ‌خطبته لما جمع الجموع لغزوأهل الكتاب بالشام

- ‌كل مدح وثناء في القرآن فهو أول داخل فيه

- ‌خصال اجتمعت فيه في يوم

- ‌وأول من يدخل الجنة من هذه الأمة

- ‌ويدعى من أبوابها كلها

- ‌ثناء عائشة على أبيها

- ‌قول عمر: ليلة ويوم من أبي بكر خير من عمر وآل عمر

- ‌خلافة الصديق حق وصواب بالنصوص والإجماع

- ‌الوجه الأول: الخبر بوقوعها على سبيلالحمد لها والرضا بها

- ‌الوجه الثاني: الأمر بطاعته وتفويض الأمر إليه

- ‌الوجه الثالث: دلالته الأمة وإرشادها إلى بيعته

- ‌دلالة القرآن على خلافة الصديق

- ‌آثار استدل بها على خلافته

- ‌طرق أخرى لمن لا يعرف الأسانيد

- ‌1- التواتر: بأنه لم يطلب الخلافة، لا برغبة، ولا برهبة

- ‌2- أن المسلمين اتبعوا الحق في بيعته لا الهوى وهذا من كمالهم

- ‌3- استخلافه من كمال نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته

- ‌4- تفضيل أئمة الإسلاملأبي بكر وعمر، وتقديمهم لهما

- ‌5- وأعداء النبي يعلمون أفضليةأبي بكر، وعمر ويخشونهما

- ‌1- حديث الغدير:

- ‌2- حديث المباهلة:

- ‌4- حديث: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» :

- ‌الأحاديث المكذوبة منها

- ‌4- حديث: «إن الله عهد إلي عهدًا في علي، وأنه إمام الهدى، وإمام الأولياء

- ‌6- حديث: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» :

- ‌الإجماع على إمامة أبي بكرمبايعته في السقيفة

- ‌مبايعة العامة له على المنبر

- ‌حتى ولو لم يثبت الإجماععلى خلافة الصديق

- ‌انعقدت خلافة الصديقبالكتاب والحديد

- ‌كمال سياسة الصديق

- ‌من كمال الصديق استعانته بالشديدومن كمال عمر استعانته باللين

- ‌كمال الخلفاء الراشدينوعمر بن عبد العزيز

- ‌من يطعن على أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة

- ‌مدة خلافة أبي بكر

الفصل: ‌لم يسؤ النبي قط

رضي لله عنه قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث (1) وفيه «إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ فما أوذي بعدها» (2) .

‌لم يسؤ النبي قط

لا يعرف أن الله عاتب أبا بكر في القرآن؛ بل ولا أنه ساء

(1) وتقدم هذا الحديث في بيان سبقه إلى الإسلام.

(2)

قلت: وقد وقع لأبي بكر مع ربيعة بن كعب الأسلمي قصة مشابهة، ففي مسند ربيعة:«كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني أرضًا، وأعطى أبا بكر أرضًا، وجاءت الدنيا فاختلفنا في عذق نخلة، فقال أبو بكر: هي في حدي، وقلت أنا: هي في حدي، فكان بيني وبين أبي بكر كلام، فقال أبو بكر: كلمة كرهتها، وندم فقال لي: يا ربيعة رد عليَّ مثلها حتى تكون قصاصًا، فقلت لا أفعل، فقال أبو بكر: لتقولن لي أو لأستعدين عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: ما أنا بفاعل، قال: ورفض الأرض، فانطلق أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فانطلقت أتلوه، فجاء أناس من أسلم فقالوا: يرحم الله أبا بكر، في أي شيء يستعدي عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال لك ما قال! فقلت: أتدرون من هذا؟ هذا أبو بكر، وهو ثاني اثنين، وهو ذو شيبة في الإسلام، فإياكم يلتفت يراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب فيغضبه، فيغضب الله لغضبهما، فيهلك ربيعة، قالوا: فما تأمرنا؟ قلت: ارجعوا، فانطلق أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعته بحذر، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدثه الحديث كما كان، فرفع إليَّ رأسه فقال: يا ربيعة، ما لك وللصديق؟! قلت: يا رسول الله! كان كذا وكذا، فقال لي كلمة كرهتها، فقال لي: قل لي كما قلت لك حتى يكون قصاصًا، قال أجل فلا ترد عليه ولكن قل: غفر الله لك يا أبا بكر! فولى أبو بكر وهو يبكي» الطبراني عن ربيعة الأسلمي، قال في مجمع الزوائد: فيه مبارك بن فضالة، وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات (9/ 45) وأخرج الحديث أيضًا الإمام أحمد وفيه بعد قوله «لكن قل غفر الله لك يا أبا بكر. فقلت» اهـ (فتح 7/ 26) .

(عذق) بفتح العين: النخلة مع حمله. (ابن الأثير) .

وفي (النهاية) له: وبالمدينة أطم لبني أمية بن زيد يقال له عذق.

قلت: ويدل على أن الذي جرى بين ربيعة وأبي بكر لا من أجل نخلة وحملها بل والأرض قوله: «ورفض الأرض» .

ص: 51

رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بل روى عنه عليه السلام أنه قال في خطبته: «أيها الناس اعرفوا لأبي بكر حقه؛ فإنه لم يسؤني قط» (1)(2) .

وابنته أحب النساء إليه

تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته، وكانت أحب أزواجه إليه، وهذا أمر لم يشركه فيه أحد من الصحابة إلا عمر، ولكن لم تكن حفصة ابنته بمنزلة عائشة؛ بل حفصة طلقها ثم راجعها. وعائشة كان يقسم لها ليلتين لما وهبتها سودة بإذنه صلى الله عليه وسلم (3)، فمصاهرة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم كانت على وجه لا يشاركه فيها أحد. وقد صح عن الصادق المصدوق أنه قال:«فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» (4) . وفي الصحيح عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي النساء أحب إليك؟ «قال: عائشة» (5) وعائشة صحبته في آخر النبوة وكمال الدين فحصل لها من العلم والإيمان ما لم يحصل لمن لم يدرك إلا أول النبوة؛ فإن الأمة انتفعت بها أكثر مما انتفعت بغيرها، وبلغت

(1) عن سهل بن يوسف بن سهل بن مالك عن أبيه عن جده أخي كعب بن مالك قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:«يا أيها الناس إن أبا بكر لم يسؤني قط» أخرجه ابن منده، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه (كنز العمال جـ12/ 504)، وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:«لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن أبا بكر لم يسؤني قط فاعرفوا له ذلك، أيها الناس إني راض عنه وعن عمر، وعثمان، وعلي، وطلحة والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف والمهاجرين الأولين فاعرفوا ذلك لهم» .

(2)

منهاج جـ4/ 64.

(3)

كما في البخاري ك67 ب98. ومسلم ك 17 ب14.

(4)

البخاري ك62 ب30. ومسلم ك 42 ب 13.

(5)

تقدم تخريجه.

ص: 52

من العلم والسنن ما لم يبلغه غيرها (1) .

وأهل السنة مجمعون على تعظيم عائشة ومحبتها، وأن نساءه أمهات المؤمنين اللواتي مات عنهن كانت عائشة أحبهن إليه وأعظمهن حرمة عند المسلمين، وقد ثبت في الصحيح:«أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة (2) لما يعلمون من محبته إياها، حتى إن نساءه غرن من ذلك وأرسلن إليه فاطمة رضي الله عنها تقول له: نساؤك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة. فقال لفاطمة: أي بنية! أما تحبين ما أحب قالت: بلى. قال: فأحبي هذه» الحديث في الصحيحين (3)، وفي الصحيحين أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام، قالت: وعليه السلام ورحمة الله، ترى ما لا نرى» (4)، وكان في مرضه الذين مات فيه يقول:«أين أنا اليوم» استبطاء ليوم عائشة (5) ، ثم استأذن نساءه أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فمرض فيه، وفي بيتها توفي بين سحرها ونحرها وفي حجرها وجمع بين ريقها وريقه (6)، وكانت رضي الله عنها مباركة على أمته حتى قال أسيد بن حضير لما أنزل الله آية التيمم بسببها:«ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، ما نزل بك قط أمر تكرهينه إلا جعل الله فيه للمسلمين بركة» (7) ، وقد كانت نزلت آية براءة قبل ذلك لما رماها أهل الإفك فبرأها الله من

(1) ذكر ذلك الشيخ رحمه الله في بحث المفاضلة بينها وبين خديجة.

(2)

البخاري ك 62 ب30.

(3)

مسلم رقم (2442) .

(4)

البخاري ك 62 ب30. ومسلم ك 42 ح 2447.

(5)

البخاري ك 62 ب 30. ومسلم ك 42 ح 2443.

(6)

مسلم (2443) ، والبخاري في عدة أبواب (انظر جامع الأصول جـ11 ص62-68) .

(7)

البخاري ك 62 ب 30.

ص: 53