الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه الوجوه الثلاثة الثابتة بالسنة دل عليها القرآن (1)(2) .
الوجه الأول: الخبر بوقوعها على سبيل
الحمد لها والرضا بها
1-
قوله في الحديث الصحيح: «رأيت كأني أنزع على قليب فأخذها ابن أبي قحافة فنزع ذنوبًا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف (3) والله يغفر له؛ ثم أخذها ابن الخطاب فاستحالت غربًا، فلم أر عبقريًا من الناس يفري فرية حتى ضرب الناس بطعن» (4) فأخبر بأمور تستلزم صلاح الولاة، وهذه وقعت في خلافة أبي بكر وعمر (5) .
2-
وفي سنن أبي داود وغيره من حديث الأشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من رأى منكم رؤيا. فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزانًا أنزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ثم وزن عمر وأبي بكر، فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان، فرأيت الكراهية في وجه النبي صلى الله عليه وسلم» (6) .
ورواه أيضًا من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جعدان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه مثله. ولم يذكر الكراهية
(1) منهاج جـ4/ 234، ومجموعة الفتاوى جـ35/ 47.
(2)
ويأتي ذكر الآيات الدالة على هذه الوجوه الثلاثة بعد ذكر الأحاديث الدالة عليها.
(3)
هذا إشارة إلى قلة سني خلافته.
(4)
العطن مبرك الإبل. يقول: حتى رويت الإبل، فأناخت. قاله وهب. وهذا الحديث أخرجه البخاري ك62 ب5 ص197 وك 91 ب28-30.
(5)
جـ 1/184 جـ 3/ 267.
(6)
أخرجه أبو داود رقم (4634) ، والترمذي رقم (2288) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
«فاستاء لها النبي صلى الله عليه وسلم» يعني فساءه ذلك فقال: «خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء» (1) . فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن ولاية هؤلاء خلافة نبوة، ثم بعد ذلك ملك، وليس فيه ذكر علي؛ لأنه لم يجتمع الناس في زمانه، بل كانوا مختلفين لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك (2) .
3-
ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (3) . فبين صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يكتب كتابًا خوفًا، ثم علم أن الأمر واضح ظاهر ليس مما يقبل النزاع فيه فترك ذلك، لعلمه بأن ظهور فضيلة أبي بكر واستحقاقه لهذا الأمر يغني عن العهد.
4-
وهذا الحديث الصحيح فيه همه بأن يكتب لأبي بكر كتابًا بالخلافة لئلا يقول قائل: أنا أولى. ثم قال: «يأبى الله ذلك والمؤمنون» فلما علم الرسول أن الله تعالى لا يختار إلا أبا بكر والمؤمنون لا يختارون إلا إياه اكتفى بذلك عن الكتاب، ولم تكن كتابة الكتاب مما
(1) رواه أبو داود (رقم 4635) .
(2)
منهاج جـ1/185.
(3)
صحيح مسلم (ك 44 ح 11) ويأتي ما في صحيح البخاري.
(4)
صحيح البخاري ك 75 ب16 جـ7 ص8. وقد اتفقا على «ويأبى الله والمؤمنون» وفي المسند جـ6/106 قالت عائشة رضي الله عنها: «فأبى الله والمؤمنون إلا أن يكون أبي، فكان أبي» .
أوجبه الله عليه أن يكتبه أو يبلغه في ذلك الوقت، لأن أمته إذا ولته طوعًا بغير إلزام وكان هو الذي يرضاه الله ورسوله كان أفضل للأمة، ودل على علمها ودينها؛ فإنها لو ألزمت به لربما قيل إنها أكرهت على الحق وهي لا تختاره، كما كان يجري ذلك لبني إسرائيل، ويظن الظان أنه كان في الأمة بقايا جاهلية من التقديم بالأنساب، فكان ما اختاره الله لنبيه أفضل، ولهم أفضل، فالحمد لله الذي هدى هذه الأمة، وعلى أن جعلنا من أتباعهم، وأبعد الله من لا يختار ما اختاره الله ورسوله والمؤمنون (1) .
5-
روى أبو داود أيضًا من حديث ابن شهاب، عن عمرو بن أبان، عن جابر أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«أري الليلة رجل صالح كأنا أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر» قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما تنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم (2) .
6-
وروى أيضًا من حديث حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن سمرة بن جندب «أن رجلاً قال يا رسول الله إني رأيت كأن دلوًا دلي من السماء فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شربًا ضعيفًا، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء
(1) منهاج جـ1/188 جـ 4/ 294 جـ3/268، 212، 269، 270 وقول ابن عباس: إن الرزية كل الرزية ما حال بين الرسول وبين أن يكتب الكتاب. يقتضي أن هذا الحائل كان رزية، وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق إذ اشتبه عليه الأمر فإنه لو كان هناك كتاب لزال الشك، فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه، ولله الحمد (منهاج جـ3/ 135.
(2)
أخرجه أبو داود (جـ1/ 513) .