الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعَنَا} ولكن ليس في هذا ما يدل على أن عليًا أو عثمان أو عمر أو غيرهم أفضل من أبي بكر، لأنهم لم يكنوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحال. ولو كانوا معه لم يعلم أن حالهم سيكون أكمل من حال الصديق، بل معروف من حالهم دائمًا وحاله أنهم وقت المخاوف يكون الصديق أكمل منهم كلهم يقينًا وصبرًا، وعند وجود أسباب الريب يكون الصديق أعظم يقينًا وطمأنينة، وعندما يتأذى منه النبي صلى الله عليه وسلم يكون الصديق أتبعهم لمرضاته وأبعدهم عما يؤذيه، هذا هو المعلوم لكن من استقرأ أحوالهم في محيا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته (1) .
كل مدح وثناء في القرآن فهو أول داخل فيه
وفي الجملة كل ما في القرآن من خطاب (المؤمنين) و (المتقين) و (المحسنين) ومدحهم فهو أول من دخل في ذلك من هذه الأمة، وأفضل من دخل في ذلك من هذه الأمة، فعلم أنه أفضل الأمة، كما استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه قال:«خير القرون القرن الذي جئت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (2) .
{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (3) .
الأشهر عند أهل التفسير أن الذي جاء بالصدق محمد، والذي صدق به أبو بكر، وقال بهذا طائفة، وذكره الطبري بإسناده إلى
(1) منهاج جـ 297، 276، 261، 246، 140، 138، 202، 137، 102، 63، جـ3/ 161، 162، 165، 246، جـ2/182، وانظر مجموع الفتاوى جـ4/ 421-426. جـ1/ 224.
(2)
وفي البخاري ك 62 ب 1 جـ4 ص189 «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» الحديث. وصحيح مسلم ص1963، 4164، 1942.
(3)
سورة الزمر: 33
علي (1) . وفي هذا حكاية ذكرها بعضهم عن أبي بكر عبد العزيز بن جعفر غلام أبي بكر الخلال: أن سائلاً سأله عن هذه الآية، فقال له أو بعض الحاضرين: نزلت في أبي بكر، فقال السائل: بل في علي، فقال أبو بكر بن جعفر: اقرأ ما بعدها {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} إلى قوله {لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} الآية (2) ، فبهت السائل (3) . ولفظ الآية مطلق لا يختص بأبي بكر ولا بعلي، بل كل من دخل في عمومها دخل في حكمها، ولا ريب أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليًا أحق هذه الأمة بالدخول فيها؛ لكنها لا تختص بهم؛ فما فيها من مدح فهو يشتمل على الصحابة فإنهم جاءوا بالصدق وصدقوا به، وهم من أعظم أهل الأرض دخولاً في ذلك.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (4) وأبو بكر رضي الله عنه قد ثبت أنه صديق بالأدلة الكثيرة فيجب أن تتناوله الآية قطعًا، وأن نكون معه؛ بل تناولها له أولى من تناولها لغيره من الصحابة، وهذه الآية نزلت في كعب بن مالك لما تخلف عن غزوة تبوك وصدق النبي صلى الله عليه وسلم في أنه لم يكن له عذر، وتاب الله عليه ببركة الصدق (5) .
(1) قال: حدثني أحمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن مصعد المروزي، قال: حدثنا عمر بن إبراهيم بن خالد، عن عبد الملك بن عمير، عن أسيد بن صفوان، عن علي رضي الله في قوله:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} قال محمد صلى الله عليه وسلم {وَصَدَّقَ بِهِ} قال: أبو بكر رضي الله عنه. اهـ (من تفسير ابن جرير رحمه الله .
(2)
سورة الزمر: 33- 35.
(3)
قلت: لأن السائل يرى أن عليًا نشأ في الإسلام لم يدرك الجاهلية.
(4)
سورة التوبة: 119.
(5)
منهاج جـ1/214، جـ4/ 276، 51-53، 72.