الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل مكة: ضل محمد وغوى وهوى أهل بيته ومال إلى ابن عمه علي بن أبي طالب، فعند ذلك نزلت هذه السورة {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} » :
قال أبو الفرج: هذا حديث موضوع لا شك فيه، وما أبرد الذي وضعه، وما أبعد ما ذكر، وفي إسناده ظلمات.... قلت: وقد أجاب الشيخ عنه بثمانية أوجه (1) .
6- حديث: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» :
هذا أضعف وأوهى، ولهذا إنما يعد في الموضوعات والمكذوبات وإن كان الترمذي قد رواه، ولهذا ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وبين أن سائر طرقه موضوعة.
والكذب يعرف من نفس متنه.. فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مدينة العلم ولم يكن لها إلا باب واحد ولم يبلغ عنه العلم إلا واحد فسد أمر الإسلام (2)
…
الإجماع على إمامة أبي بكر
مبايعته في السقيفة
أجمع الصحابة على أفضلية الصديق، وأنه أحق بالخلافة، وولوه
(1) المنهاج جـ4/ 17-19.
(2)
منهاج جـ4 / 138، 139 وانظر مجموع الفتاوى (4/ 408، 413) قلت أما حديث «لا يزال هذا الدين قائمًا إلى اثني عشر خليفة» فقد بين الشيخ رحمه الله أنه ينطبق على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومعاوية، وابنه يزيد، وعبد الملك بن مروان، وأولاده الأربعة، وبينهم عمر بن عبد العزيز (انظر بحث آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولياؤه - موقف أهل السنة والشيعة من عقائدهم وفضائلهم وفقههم وفقهائهم) مطبوع عام 1412هـ.
باختيارهم ورضاهم من غير أن يضرب أحدًا منهم بسيف ولا عصى، ولا أعطى أحدًا ممن ولاه مالاً. وقال عمر رضي الله عنه بمحضر المهاجرين والأنصار:«أنت خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم» (1) ولم ينكر منهم منكر، ولا قال أحد من الصحابة إن غير أبي بكر من المهاجرين أحق بالخلافة منه.
ولهذا قال عمر بن الخطاب في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: «ليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر» رواه البخاري ومسلم (2) . وبايعه من حضر من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة فروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما في خطبة عمر رضي الله عنه التي خطب بها مرجعه من الحج في آخر عمره، وفيها قوله:«ثم إنه بلغني أن قائلاً منكم يقول: والله لو مات عمر بايعت فلانًا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنما كانت كذلك ولكن الله وقى شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلاً من غير مشورة المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا» (3) . وأنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة، وخالف عنا علي والزبير ومن معهما، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت لأبي بكر: يا أبا بكر انطلق بنا إلى
(1) البخاري ك64 ب5.
(2)
البخاري ك86 ب31 ومعنى تقطع إليه الأعناق: أن السابق منكم الذي لا يلحق في الفضل لا يصل إلى منزلة أبي بكر، وعبر بقوله (تقطع إليه الأعناق) لكون الناظر إلى السابق تمتد عنقه لينظر، فإذا لم يحصل مقصوده من سبق من يريد سبقه قيل انقطعت عنقه (الخطابي) وصحيح مسلم ك29 ب4 فيه قطعة من حديث عمر.
(3)
أي خوف وقوعهما في القتل.
إخواننا هؤلاء من الأنصار، فانطلقنا نريدهم، فلما دنونا منهم لقينا رجلان منهم صالحان فذكرا ما تمالا عليه القوم، فقالا: أين تريدان يا معشر المهاجرين؟ فقلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار. فقالا: لا عليكم أن تقربوهم اقضوا أمركم. فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم. فقلت: من هذا؟ قالوا: سعد بن عبادة. فقلت: ما له؟ قالوا: يوعك (1) فلما جلسنا قليلاً تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال: أما بعد: فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم معاشر المهاجرين رهط، وقد دفت دافة من قومكم (2) فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا (3) وأن يحضنونا من الأمر (4) فلما سكت أردت أن أتكلم، وكنت زورت مقالة أعجبتني (5) أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحد (6) فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك، فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها وأفضل منها حتى سكت. فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل (7) ولن يعرف هذا
(1) يوعك: الوعك هو الحمى، وقيل ألمها. (النهاية 2/124) .
(2)
الدافة: القوم يسيرون جماعة سيرًا ليس بالشديد. (النهاية 2/124) .
(3)
أي يقتطعونا ويذهبوا بنا منفردين (النهاية 2/29) .
(4)
يحضنونا: أي يخرجونا (النهاية 1/ 104) .
(5)
زورت: هيأت وأصلحت، والتزوير إصلاح الشيء، وكلام مزور أي محسن (النهاية 2/318) .
(6)
بعض الحد: الحد كالنشاط والسرعة في الأمور والمضاء فيها مأخوذة من حد السيف. والمراد بالحدة ههنا المضاء في الدين والصلاح والقصد في الخير (النهاية: 1/353) .
(7)
وقع في رواية حميد بن عبد الرحمن بيان ما قال في روايته فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئًا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنهم إلا ذكره، وقال: لقد علمتم أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار واديًا لسلكت وادي الأنصار» ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد «قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم» فقال له سعد: صدقت، نحن الوزراء وأنتم الأمراء.
الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا، فلم أكره مما قاله غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسول لي نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن. فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلهما المحكك (1) وعذيقها المرجب (2) منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش. فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف (3) فقلت: أبسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة (4)، فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة. فقلت: قتل الله سعد بن عبادة. قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلاً منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما نخالفهم فيكون فساد (5) .
ومعنى قول عمر: كانت مبايعة أبي بكر فلتة ولكن الله وقى شرها أن بيعة أبي بكر بودر إليها من غير تريث ولا انتظار لكونه كان
(1) تصغير جذل: عود ينصب للإبل الجرباء لتحتك عليه، أراد أنه يستشفى برأيه، تصغير تعظيم وكذلك قوله عذيق.
(2)
تصغير عذق المرجب: أي يدعم النخلة إذا كثر حملها.
(3)
الفرق: الفزع والخوف.
(4)
أي وطئوه ووقعوا عليه (النهاية لابن الأثير) .
(5)
البخاري ك86 ب31.