الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، [ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان] (1) فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب كلها من ضرورة (2) فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها (3) ؟ قال نعم. وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر (4) . ولم يذكر هذا لغير أبي بكر رضي الله عنه» (5) .
ثناء عائشة على أبيها
كانت عائشة رضي الله عنها من أخطب الناس، حتى قال الأحنف بن قيس: سمعت خطبة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي فما سمعت الكلام من مخلوق أفحم ولا أحسن من عائشة.
قالت عائشة رضي الله عنها في خطبتها (6) أبي، وما أبي، والله لا تعطوه الأيدي (7) ، وذلك طود منيف (8) ، وفرع مديد، هيهات كذبت الظنون، أنجح إذ أكديتم (9) ، وسبق إذ ونيتم (10) سبق الجواد إذا
(1) ما بين المعقوفتين ليس في المنهاج ولكنه في الصحيح.
(2)
قال في الفتح: وفيه إشارة إلى أن المراد ما يتطوع به من الأمور المذكورة.
(3)
وفيه إشعار بقلة من يدعى من تلك الأبواب كلها (فتح الباري ج 7/28) .
(4)
البخاري ك62 ب 5 مسلم رقم 711 والحديث عن أبي هريرة.
(5)
منهاج جـ4/ 44.
(6)
لما بلغها أن قومًا ينالون من أبيها رضي الله عنه أرسلت إلى أزفلة من الناس (جماعة من الناس) فلما حضروا أسدلت ستارها، وعلت وسادها، ثم قالت:
(7)
لا تناله الأيدي.
(8)
الطود: الجبل، المنيف: المشرف.
(9)
أي: ظفر إذا خبتم ولم تظفروا. وأصله من حافر البئر ينتهي إلى كدية فلا يمكنه الحفر فيتركه. (النهاية لابن الأثير) .
(10)
فترتم وضعفتم.
استولى على الأمد (1) ، فتى قريش ناشئًا، وكهفها كهلاً، يفك عانيها، ويريش مملقها (2) ، ويرأب شعبها (3) ، ويلم شعثها (4) ، حتى حليته قلوبها. ثم استشرى في الله فما برحت شكيمته في ذات الله تعالى (5) ، تشتد، حتى اتخذ بفنائه مسجدًا يحيي فيه ما أمات المبطلون. وكان رحمه الله غزير الدمعة، وقيذ الجوانح (6) ، شجى النشيج (7) ، فتتقصف عليه نساء مكة وولدانها (8) يسخرون منه ويستهزئون به {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} فأكبرت ذلك رجالات من قريش فحنت إليه قسيها، وفوقت لها سهامها، وأنثلوه غرضًا (9) ، فما فلوا له صفاة (10) ، ولا قصفوا له قناة (11) ، ومر على سيسائه (12) حتى إذا ضرب الدين
(1) الأمد: الغاية التي تنصب للمتسابقين.
(2)
يريش: يعطي ويفضل. المملق: الفقير.
(3)
الرأب الجمع والشد يقال: رأب الصدع إذا شعبه ورأب الشيء إذا جمعه وشده برفق.
(4)
يضم متفرق أمر هذه الأمة وكلمتها.
(5)
ثم استشرى في دينه: أي جد وقوي واهتم به. وقيل هو من شرى البرق واستشرى إذا تتابع لمعانه (النهاية) ، فما برحت شكيمته في الله، أي: شدة نفسه، يقال: شديد الشكيمة إذا كان عزيز النفس أبيًا قويًا، وأصله من شكيمة اللجام، فإن قوتها تدل على قوة الفرس. (النهاية) .
(6)
أي محزون القلب، كأن الحزن قد كسره وضعفه، والجوانح تجن القلب وتحويه، فأضافت الوقود إليها. النهاية
(7)
شجي النشيج: الشجو الحزن، وقد شجى يشجي فهو شجي، والنشيج الصوت يتردد في الحلق (النهاية) .
(8)
كان رضي الله عنه يصلي ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم. أي يزدحمون.
(9)
نثلته ونصبته غرضًا. الغرض ما يقصد بالرمي.
(10)
أي كسروا له حجرًا. كنت به عن قوته في الدين (النهاية) .
(11)
ولا قصفوا له قناة: أي كسروا (النهاية) .
(12)
على سيسائه: على شدته وقوته، والسيساء عظم الظهر وحده تضربه العرب مثلاً في شدة الأمر.
بجرانه، وألقى بركه (1) ، ورست أوتاده، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، ومن كل فرقة أرسالاً وأشتاتًا، اختار الله لنبيه ما عنده. فلما قبض الله نبيه نصب الشيطان روقه (2) ، ومد طنبه، ونصب حبائله، فظن رجال أن قد تحققت أطماعهم، ولات حين الذي يرجون، وأنى والصديق بين أظهرهم، فقام حاسرًا مشمرًا، فجمع حاشيته، ورفع فطرته (3) ، فرد نشر الإسلام على غره (4) ، ولم شعثه بطبه، وأقام أوده بثقافه (5) ، فوقذ النفاق بوطئته (6) ، فانتاش الدين بنعشه (7) ، فلما أراح الحق على أهله (8) ، وقرر الرؤوس على كواهلها (9) ، وحقن الدماء في أهبها (10) ، أتته منيته، فسد ثلمه بنظيره في المرحمة، وشقيقه في السيرة
(1) حتى إذا ضرب الحق بجرانه، أي قر قراره واستقام، كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الأرض (النهاية) .
(2)
ضرب الشيطان روقه: الروق: الرواق، وهو ما بين يدي البيت، وقيل: رواق البيت سماوته وهي الشقة تكون دون العليا، ومنه حديث الدجال «فيضرب رواقه فيخرج إليه كل منافق» أي فسطاطه وقبته وموضع جلوسه. (النهاية) .
(3)
حاشية كل شيء جانبه وطرفه.
(4)
فرد نشر الإسلام على غره، أي: على طيه وكسره. يقال: اطو الثوب على غره الأول كما كان مطويًا. أرادت تدبيره أمور الردة، ومقابلة دائها بدوائها. (النهاية) .
(5)
وأقام أوده بثقافة. الأود: العوج. والثقف: تقويم المعوج.
(6)
فوقذ النفاق. وفي رواية الشيطان، أي كسره ودمغه. (النهاية) .
(7)
فانتاش الدين بنعشه. أي استدركه بإقامته من مصرعه. ويروي: انتاش الدين فنعشه. بالفاء، على أنه فعل (النهاية) .
(8)
فلما أراح الحق على أهله، أي أعاد الزكاة التي منعتها العرب إلى مستحقيها (أفاده بعض الشراح) .
(9)
وقرر الرءوس على كواهلها: أي أثبتها في أماكنها، كأنها كانت مشفية على الذهاب والهلاك. والكواهل جمع كاهل، وهو مقدم أعلى الظهر. (النهاية) .
(10)
وحق الدماء في أهبها. أي في أجسادها. (النهاية) .