الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن مهدي، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وإسحاق بن إبراهيم، وأبي عبيد. ومثل البخاري، وأبي داود، وإبراهيم الحربي، ومثل الفضيل بن عياض وأبي سليمان الدايراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد، وسهل بن عبد الله التستري، ومن لا يحصي عددهم إلا الله ممن له في الإسلام لسان صدق، كلهم يجزمون بتقديم أبي بكر، وعمر، كما يجزمون بإمامتهما، مع فرط اجتهادهم في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وموالاته. فهل يوجب هذا إلا ما علموه من تقديمه هو لأبي بكر وعمر وتفضيله لهما بالمحبة والثناء والمشاورة وغير ذلك من أسباب التفضيل، ولما سئل الرشيد مالك بن أنس عن منزلتهما من النبي صلى الله عليه وسلم قال: منزلتهما منه في حياته كمنزلتهما منه في مماته، فقال: شفيتني يا مالك، شفيتني يا مالك (1)(2) .
5- وأعداء النبي يعلمون أفضلية
أبي بكر، وعمر ويخشونهما
تقديم النبي صلى الله عليه وسلم وتفضيله له وتخصيصه بالتعظيم قد ظهر للخاص والعام - حتى أعداء النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين يعلمون أن لأبي بكر من الاختصاص ما ليس لغيره ويخافونه، فقد ثبت في الصحاح والمسانيد والسنن والمغازي واتفق عليه الناس: أنه لما كان يوم أحد وانهزم المسلمون صعد أبو سفيان إلى الجبل فقال: أفي القوم محمد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تجيبوه. فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟
(1) منهاج جـ4/77، 136، جـ1/224.
(2)
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئًا فهو عند الله سيء، قد رأى الصحابة جميعًا أن يستخلفوا أبا بكر (تأريخ الخلفاء للسيوطي ص66) .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تجيبوه. فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تجيبوه. فقال لأصحابه: أما هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر رضي الله عنه نفسه أن قال: كذبت يا عدو الله، إن الذين ذكرت لأحياء، وقد بقي لك ما يسوءك (1)(2) . فهذا مقدم الكفار إذ ذاك لم يسأل إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر لعلمه وعلم الخاص والعام أن هؤلاء الثلاثة هم رءوس هذا الأمر، وأن قيامه بهم. ودل ذلك على أنه كان ظاهرًا عند الكفار أن هذين وزيراه وبهما تمام أمره، وأنهما أخص الناس به، وأن لهما من السعي في إظهار الإسلام ما ليس لغيرهما. وهذا أمر معلوم للكافر فضلاً عن المسلمين. حتى إني أعلم طائفة من حذاق المنافقين ممن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلاً عاقلاً أقام الرياسة بعقله وحذقه - يقولون إن أبا بكر كان مباطنًا له على ذلك يعلم أسراره؛ بخلاف عمر، وعثمان وعلي.
فقد ظهر لعامة الخلائق أن أبا بكر رضي الله عنه أخص الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم، فهذا النبي وهذا صديقه. فإذا كان محمد أفضل النبيين فصديقه أفضل الصديقين. فكثرة الاختصاص والصحبة مع كمال المودة والإسلام والمحبة والمشاركة في العلم تقتضي أنهما أحق بالخلافة من غيرهما (3) .
(1) البخاري ك 4 ب65، 66 ك5/ 94 وانظر جامع الأصول جـ9/176، 178، وأخرج البيهقي عن الزعفراني قال: سمعت الشافعي يقول: أجمع الناس على خلافة أبي بكر الصديق، وذلك أنه اضطر الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجدوا تحت أديم السماء خيرًا من أبي بكر فولوه رقابهم (السيوطي ص66) .
(2)
انظر الهدي النبوي لابن القيم جـ2/94 الفائدة في ترك إجابتهم أولاً، وأنه لم ينهه عن ترك إجابتهم لما قال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم وأمر بإجابتهم عند قولهم أعل هبل.
(3)
منهاج جـ4/54، 135- 140، 104، جـ1/188.
ملحوظة: هذا الترتيب ووضع الأرقام من اجتهادي خصوصًا فيما يتعلق بالخلافة.