المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القول الأول: تحريم الاتجار فيها مطلقا: - الأسهم - حكمها وآثارها

[صالح السلطان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌المسألة الأولى: تعريف الأسهم

- ‌المسألة الثانية: خصائص الأسهم

- ‌المسألة الثالثة: قيمة السهم

- ‌المسألة الرابعة: أنواع الأسهم

- ‌المسألة الخامسة: محل العقد في بيع الأسهم

- ‌المسألة السادسة: حكم بيع الأسهم قبل تداولها

- ‌المبحث الأولحكم المساهمة في هذه الشركات

- ‌المسألة الأولى: في حكم هذه المساهمة

- ‌القول الأول: تحريم الاتِّجار فيها مطلقا:

- ‌القول الثاني: التفريق بين ما كانت نسبة الاستثمار المحرم فيه كثيرة فيحرم

- ‌المسألة الثانية: في فروع متعلقة بهذا الحكم

- ‌الفرع الأول: التطهير هل يرفع التحريم

- ‌الفرع الثاني: مساهمة من يقدر على التغيير فيها

- ‌القسم الأول: الشركات المؤثرة في اقتصاد البلد:

- ‌القسم الثاني: الشركات غير المؤثرة:

- ‌المسألة الثالثة: إذا دخل في شركة، ثم تبيَّن له وجود استثمار محرم فيها

- ‌المبحث الثانيالمعقود عليه في المضاربة

- ‌المبحث الثالثتصرفات المضاربين في سوق الأسهم

- ‌المبحث الرابعحقيقة المضاربة في سوق الأسهم

- ‌المبحث الخامسآثار المضاربة على الأسهم

- ‌ الجانب الاقتصادي

- ‌ آثارها الاجتماعية

- ‌ آثارها الشرعية:

- ‌ملحق خاص

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌القول الأول: تحريم الاتجار فيها مطلقا:

المبحث الأول

حكم المساهمة في هذه الشركات

‌المسألة الأولى: في حكم هذه المساهمة

الحديث هنا في بيان حكم الأسهم استثمارا ومضاربة ليس في الشركات التي تستثمر في أمور محرمة كشركات صناعة الخمور، أو المصارف الربوية؛ وإنما هو في حكم الشركات التي أصل نشاطها مباح، لكنها تمارس أعمالا محرمة كالاقتراض بفوائد من أجل زيادة نشاط الشركة الاستثماري، أو تقوم بإيداع بعض أموالها في المصارف الربوية وتأخذ على هذه الأموال فوائد ربوية، كما هو حال كثير من الشركات الصناعية والخدماتية وغيرها.

فهل يجوز الاتجار في أسهمها استثمارا ومضاربة أم لا؟

على قولين:

‌القول الأول: تحريم الاتِّجار فيها مطلقا:

وهو قول جماهير أهل العلم، والقول الذي صدرت به قرارات المجامع الفقهية (1)، واللجنة العلمية الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2)، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي (3)، والهيئة الشرعية لبنك دبي

(1) مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، العدد السابع 1/ 712، وقرارات المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ص279 في 20/ 8/1415هـ.

(2)

فتاوى اللجنة 13/ 407.

(3)

الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية، فتوى، رقم (532).

ص: 22

الإسلامي (1)، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني (2)، وبه قال عدد من الفقهاء المعاصرين (3)، وقول أئمة السلف على التحريم، أو دال عليه.

قال في الجامع الصغير (4):

(وكذلك مفاوضة الحر والمكاتب، وكذلك مفاوضة العبدين والمكاتبين، وكذلك مفاوضة الصبي التاجر والبالغ، ومفاوضة الحرين الكبيرين المسلمين أو الذميين صحيح؛ لوجود شرائط المفاوضة، وأما بين المسلم والذمي لا يصح عند أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف).

(واشترط أن يتساويا في الدين؛ لأن الاختلاف فيه يؤدي إلى الاختلاف في التصرف؛ فإن الكافر إذا اشترى خمرا أو خنزيرا لا يقدر المسلم أن يبيعه، ومن شرطها أن يقدر على بيع جميع ما اشتراه شريكه؛ لكونه وكيلا له في البيع والشراء، وكذا المسلم لا يقدر على شرائهما، كما يقدر الكافر عليه؛ ففات الشرط، وهذا عندهما. وقال أبو يوسف: تجوز).

وجاء في المدونة (5):

(في شركة المسلم النصراني والرجل المرأة قلت: أتصلح شركة النصراني المسلم، واليهودي المسلم في قول مالك؟ قال: قال: لا، إلا أن يكون لا يغيب النصراني واليهودي على شيء، في شراء ولا بيع ولا

(1) فتاوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، فتوى، رقم (49).

(2)

فتاوى هيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني، فتوى، رقم (16).

(3)

منهم الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الله بن بيه، والدكتور الصديق الضرير، والدكتور علي السالوس.

(4)

1/ 427. وانظر: تبيين الحقائق 3/ 314، وخلاف أبي يوسف في مبدأ المشاركة لا فيما إذا ثبت تعامله بالربا فهو لا يقول بجواز مشاركته قطعا.

(5)

9/ 51. وانظر: مواهب الجليل 5/ 118 - 119، منح الجليل 6/ 250 - 251.

ص: 23

قبض ولا صرف ولا تقاضي دين إلا بحضرة المسلم معه؛ فإن كان يفعل هذا الذي وصفت لك وإلا فلا).

قال في المهذب (1):

(ويكره أن يشارك المسلم الكافر؛ لما روى أبو جمرة عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: لا تشاركن يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا! قلت: لم؟ قال: لأنهم يربون، والربا لا يحل)(2).

قال في المغني (3):

(قال أحمد: يشارك اليهودي والنصراني، ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه، ويكون هو الذي يليه؛ لأنه يعمل بالربا. وبهذا قال الحسن والثوري).

وما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركة المسلم فثمنه حلال؛ لاعتقادهم حله، ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وَلُّوهم بيعها وخذوا أثمانها.

فأما ما يشتريه أو يبيعه من الخمر بمال الشركة أو المضاربة، فإنه

(1) 1/ 345. وانظر: روضة الطالبين 4/ 275، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان 1/ 206.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب البيع والأقضية، في مشاركة اليهودي والنصراني، رقم (19980) 4/ 268، والبيهقي في السنن كتاب البيوع، باب كراهية مبايعة من أكثر ماله من الربا أو من المحرم، رقم (10604) 5/ 335.

والحديث روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: عن عطاء، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مشاركة اليهودي والنصراني ولا يصح. قال ابن القيم: وهذا الحديث على إرساله ضعيف السند. انظر: أحكام أهل الذمة 1/ 556.

(3)

5/ 3. وانظر: الإنصاف 5/ 407، مطالب أولي النهى 3/ 495، شرح منتهى الإرادات 2/ 207.

ص: 24

يقع فاسدا، وعليه الضمان؛ لأن عقد الوكيل يقع للموكِّل، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير، فأشبه ما لو اشترى به ميتة، أو عامل بالربا

وقال إبراهيم بن هانئ: سمعت أبا عبد الله قال في شركة اليهودي والنصراني: أكرهه، لا يعجبني؛ إلا أن يكون المسلم الذي يلي البيع والشراء. وقال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن مشاركة اليهودي والنصراني، قال: شاركهم، ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه يكون هو يليه؛ لأنه يعمل الربا) (1).

قال ابن القيم: (قلت: الذين كرهوا مشاركتهم لهم مأخذان: أحدهما: استحلالهم ما لا يستحله المسلم من الربا والعقود الفاسدة).

قال في المحلى (2):

(مسألة: ومشاركة المسلم للذِّمِّيِّ جائزة، ولا يَحِلُّ للذِّمِّيِّ من البيع والتصرف إلا ما يحل للمسلم؛ لأنه لم يأت قرآن ولا سنة بالمنع من ذلك).

ويلاحظ أنه قيّد الجواز بالمعاملات الجائزة عند المسلمين، وإلا فلا تحل.

فهذه نصوص أئمة وفقهاء المذاهب في منعهم وكراهتهم لمشاركة أهل الذمة لأنهم يربون؛ أي: لاحتمال إجرائهم عقودا ربوية في غيبة شريكهم المسلم؛ فكيف الحال بمن يدخل في شركة يعلم علم اليقين أنها تجري عقودا ربوية قرضا وإقراضا، ويقدم ماله لها على سبيل المشاركة والتوكيل طواعية واختيارا؟!

(1) أحكام أهل الذمة 1/ 556.

(2)

8/ 125.

ص: 25