الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المتوعد عليه في الآية والأحاديث المتقدمة التي لعن فيها الرسول صلى الله عليه وسلم كل من يشارك في الربا بأي وجه، حتى ولو كان مجرد كتابة أو شهادة، فكيف بمن لا يزال مقيما عليه!!
الفرع الثاني: مساهمة من يقدر على التغيير فيها
(1):
الشركات التي أصل نشاطها مباح لكنها تمارس أعمالا محرمة كالإقراض والاقتراض بفائدة، يجوز لمن كان قادرا على تغييرها الدخول فيها وشراء أسهمها بنية التغيير وإبعادها وتطهيرها من الأعمال المحرمة ـ فيما يظهر؛ لكن بشرط أن تكون القدرة متيقنة مجزوما بها، فإن كانت متوقعة أو عنده شك في قدرته على التغيير، فلا يجوز له الدخول فيها.
ودليل جواز الدخول مع القدرة على التغيير ما يترتب على التغيير والتطهير من درء مفاسد الحرام وجلب مصالح الحلال، والشريعة جاءت بدرء المفاسد وتقليلها وجلب المصالح وتكثيرها، ولاشك أن في تطهير هذه الشركات من الحرام وقصرها على الحلال تحصيلا لهذه المصالح وتكميلا لها وتزكية وتطييبا لأموال الناس وأعمالهم.
كما أن في هذا تحقيقا لمبدأ التعاون على البر والتقوى، قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالْتَّقَوَى} [المائدة: 2]، وإبعاد الحرام عن معاملات الناس وتطهيرها منه من أعظم جوانب هذا التعاون وآكده تحقيقا.
وهذا يكون إن شاء الله بتكاتف جهود الخيِّرين وتعاضدهم ودخولهم
(1) على القول الأول القائل بتحريم المساهمة في هذه الشركات وهذا خاص بمن يساهم بقصد الاستثمار وليس بقصد المضاربة، لأن الإصلاح بالنسبة للمضارب غير ممكن؛ حيث سرعة البيع والشراء وعدم الاستقرار على أسهم شركة معينة.
بقوة في هذه الشركات ومجالس إدارتها، عن طريق شراء غالبية أسهمها والتأثير في سياستها وقراراتها كما حدث من بعض رجال الأعمال (1).
وقد جاء النص في فتاوى الندوة السادسة للبركة (1989م) على مشروعية الإقدام على شراء أسهم الشركات، (مهما كان غرضها الأصلي)؛ بقصد أسلمة معاملاتها؛ بل اعتبر ذلك مطلوبا؛ لما فيه من زيادة مجالات الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية.
كما جاء في قرار ندوة مشتركة بين مجمع الفقه الإسلامي، والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب (1993م):"إن الإسهام في الشركات المساهمة التي تتعامل بالربا بقصد إصلاح أوضاعها بما يتفق مع الشريعة الإسلامية من القادرين على التغيير مشروع، على أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن"(2).
الفرع الثالث: حكم المساهمة (3) في هذه الشركات إذا خيف استيلاء غير المسلمين عليها:
تتفاوت الدول في طرح أسهم الشركات لغير مواطنيها ممن تجيز أنظمتها مثل هذا الطرح، تتفاوت في نسبة ما يطرح لغير مواطنيها.
وفي حالة طرح نسب عالية (4) يخشى معها استيلاء الأجانب على
(1) مثل رجل الأعمال سليمان الراجحي في شركة نادك الزراعية، وما حصل من رجل الأعمال صالح كامل في شركات متعددة، فجزاهما الله خيرا، والأمة تطمح في المزيد.
(2)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة التاسعة، العدد التاسع، 2/ 117.
(3)
المقصود بالمساهمة هنا: الاستثمار، وأما المضاربة فلا أثر لفعل المضارب في دفع هذا الخوف.
(4)
يتخوف الكثير من التابعين في الأوساط الاقتصادية وغيرها من سلبية مثل هذا الانفتاح من أن يؤدي إلى خلق نوع من عدم الاستقرار وعودة إلى عصور الاستعمار والتسلط، أو إحداث هزات اقتصادية خطيرة إذا ما تمت مثل هذه القرارات وتوسع فيها بحيث أصبحت الغلبة في الملكية ممكنة لغير المواطنين.
وعلى الحكومات أن تدرس هذه القرارات دراسة متأنية ومتوازنة مراعية فيها المصالح العليا للبلد، وأن تكون مضبوطة بضوابط وأنظمة تمنع من مثل هذه السلبيات وتحد من هذه المخاوف، ولابد من مشاركة المتخصصين في الأنظمة والاقتصاد في مثل هذه الدراسات، ولعل فيما حدث في أسواق جنوب شرق آسيا قبل أعوام خير شاهد على مثل هذه المخاوف.