الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجهان: أصحهما الأول.
فعليه يحتمل أن يقال: وجبت ثم سقطت، ويحتمل أن يقال بل الوجوب باق، وقد جعل الشارع فعل الإمام لها على القول بالتحمل كفعل المأموم.
ومنها: اقتضى كلام ابن الصلاح أن من استطاع الحج قبل عرفة بيوم وبينه وبينها شهر ومات في تلك السنة أن الحج وجب عليه ثم سقط.
قال الوالد رحمه الله في كتاب الحج من شرح المنهاج: وهذا لا يقوله أحد ولا يظن بابن الصلاح وإن أوهمته عبارته.
ومنها: إذا رد الوارث تصرف المريض فيما زاد على الثلث؛ فهل نقول: الزيادة ثبتت ثم ردت، أو تبين أنها لم تنفذ؟
فيه قولان حكاهما الإمام في كتاب العتق في الفروع المنثورة.
ومنها: إذا غرت الزوج قال الأصحاب: فالرجوع عليها ولفظ الرجوع -على ما ذكر الرافعي وغيره- بشعر بالدفع إليها ثم الاسترداد منها. قال: ولكن ذكر الشيخ [أبو حامد] 1 أنه لا معنى للدفع والاسترداد، ويعود معنى الرجوع إلى أنه لا يغرم.
ومنها: إذا خرج من مكة، ولم يطف للوداع فعليه دم؛ فإن عاد قبل مسافة القصر سقط الدم على الصحيح، كذا عبارة الأصحاب، وظاهر السقوط أنه وجب ثم سقط ونازع الشيخ الإمام رحمه الله في كونه وجب، وكذلك نازع في نظيره من مجاوزة الميقات عند ذكر الخلاف في الحكم بالإساءة هل يتوقف على عدم عوده؟
1 في ب والإمام.
"
القول في أنه هل الاعتبار بالحال أو بالمآل
1 "
وهذا أصل كبير يتخرج عليه مسائل هي أمهات في أنفسها وقواعد في أبوابها.
منها: هل الاعتبار بالتكافؤ في القصاص بحالة الجرح أو بحالة الزهوق؟
ومنها: هل [الاعتبار] 2 بالإقرار للوارث بكونه وارثا – حال الإقرار أو حال الموت؟
ومنها: هل الاعتبار بالثلث الذي يتصرف فيه المريض بحال الوصية أو حال الموت.
1 انظر الأشباه والنظائر للسيوطي / 178.
2 سقط من ب.
ومنها: هل الاعتبار في الصلاة المقضية بحال الأداء أو بحال القضاء.
ومنها: هل الاعتبار في تعجيل الزكاة بحال الحول أو حال التعجيل.
ومنها: هل الاعتبار في الكفارة المرتبة بحال الوجوب أو بحال الأداء.
ومنها: هل الاعتبار بحال التوكيل أو بحال إنشاء التصرف؟
ومنها: هل الاعتبار طلاق السنة والبدعة بحال الوقوع أو بحال التعليق. وهذا يدخل في قولنا: هل النظر إلى حال التعليق أو حال وجود الصفة؟
وهذه القواعد ربما نذكر كلا منها مع ما تيسر من فروعه في بابه إن شاء الله تعالى.
ولنذكر هنا ما هو من أصل قولنا:
هل الاعتبار بالحال أو بالمآل.
"القول فيما جزم فيه بأن الاعتبار بالحال".
وذلك في مسائل:
منها: يقبل الولي للصبي هبة من يعتق عليه إذا كان معسرا؛ لأنه لا يلزمه نفقته في الحال؛ فكان في قبول هذه الهبة تحصيل خير، وهو العتق، بلا ضرر، ولا ينظر إلى ما لعله يتوقع من حصول يسار للصبي وإعسار لهذا القريب، لأن هذا ليس يتحقق أنه آيل.
"القول فيما جزم فيه بأن الاعتبار بالمآل".
وهو في مسائل:
منها: بيع الجحش الصغير جائز وإن لم ينفع حالا، لتوقع النفع به مآلا.
ومنها: المساقاة على ما لا يثمر في السنة ويثمر بعدها جائز؛ بخلاف إجازة الجحش الصغير؛ لأن موضع الإجارة تعجيل المنفعة. ولا كذلك المساقاة [إذ] 1 تأخر الثمار محتمل فيها.
كذا فرق الرافعي، وبه يظهر لك أن المنفعة المشروطة في البيع غير المنفعة المشروطة في الإجارة؛ إذ تلك أعم من كونها حالا أو مآلا. ولا كذلك الإجارة.
ومنها: اقتناء الكلب الكبير لتعلم الصيد، قال النووي اتفق الأصحاب على جوازه2.
1 في ب أن.
2 ومنها جواز التيمم لمن معه ماء يحتاج إلى شربه في المآل لا في الحال.
"القول فيما اختلف فيه هل يعتبر فيه الحال أو المآل".
وهو في مسائل.
منها: تربية جرو الكلب لما يباح تربية الكبير له.
ومنها: بيع الحمار الزمن.
قاعدة: درء المفاسد أولى من جلب المصالح1.
ويستثنى مسائل: يرجع حاصل مجموعها إلى أن المصلحة إذا عظم وقوعها وكان وقع المفسدة. كانت المصلحة أولى بالاعتبار.
ويظهر بذلك أن درس المفاسد؛ إنما يترجح على جلب المصالح إذا استويا فما استثنى من أن درء المفاسد أولى – المتحيرة؛ فعليها صلاة الفرائض أبدا احتياطا لمصلحة الصلاة. ولم يحتط لدرء المفسدة الحاصلة من الصلاة عن الحيض. وكذلك صلاة النافلة أيضا. لا يمنع منها على الأصح؛ لأنها من مهمات الدين فلا يمنع منها –راتبة كانت أو غيرها.
قاعدة: ما لا يقبل التبعيض يكون اختيار بعضه كاختيار كله وإسقاط بعضه كإسقاط كله2.
وهذا أصل اتفق عليه الفريقان، وبنى عليه أبو حنيفة رحمه الله أن الموصى إليه في نوع من التصرف يصير وصيا مطلقا ظنا منه أن الوصية لا يتجزأ؛ لكونها ولاية قال: والولاية لا تتجزأ، وكذلك فعل في العبد المأذون. فعدى الإذن له في نوع إلى سائر الأنواع ولسنا نسلم له عدم التجزيء.
وفي القاعدة فروع:
منها: إذا قال: أنت طالق نصف طلقة أو بعضك طالق طلقة، لا فرق بين اختيار بعض الطلاق أو طلاق البعض.
ومنها: إذا عفا مستحق القصاص عن بعضه سقط.
1 لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه.
2 المنثور 3/ 153، الأشباه للسيوطي 160.
ومنها: إذا عفا الشفيع عن بعض حقه فالأصح سقوط كله.
والثاني: لا يسقط شيء لأن التبعيض تعذر.
وما الشفعة مما يسقط بالشبهة؛ ففارقت القصاص، فغلب جانب الثبوت.
والثالث: تبعيض؛ لأنه حق مالي قابل للانقسام، ففارق القصاص والطلاق.
ومنها: هل للإمام أن يرق بعض شخص إذا استأثره؟
فيه وجهان؛ فإن قلنا: لا. فإذا أضرب الرق على بعضه رق كله.
قال الرافعي: وكان يجوز أن يقال: لا يرق، شيء وضعفه ابن الرفعة بأن في إرقاق كله درء القتل وهو يسقط الشبهة كالقصاص، ثم وجهه بنظيره في الشفعة.
قلت: وكان يجوز أن يقال: يعمل بإرقاق بعضه في درء القصاص لا في الإرقاق.
ومنها: إذا اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيبا ولم يجوز إفراده بالرد فلو قال: رددت المعيبة منهما؛ فالأصح لا يكون ردا لهما، وقيل: يكون1.
فصل:
وقد لا يكون اختيار بعضه اختيارا لكله [ولا] 2 سبيل إلى التبعيض فيلغو.
وذلك في مسائل:
منها: حق الشفعة -على وجه- كما تقدم، والإرقاق على بحث الرافعي.
ومنها: حد القذف [ذكره] 3 الرافعي في باب الشفعة أن العفو عن بعضه لا يوجب سقوط شيء، واستشهد به للوجه الصائر إلى أن العفو عن بعض الشفعة لا يسقط شيئا منها وتبعه جماعة آخرهم الشيخ الإمام الوالد في "شر المنهاج" وهذا فرع لم يذكره في [باب] 4 حد القذف؛ وإنما ذكره في مسألة عفو بعض الورثة، وفيها الأوجه المشهورة، أصحها: أن لمن بقي استيفاء جميعه. وهو يؤيد أن حد القذف لا يتبعض.
وأقول: إن سلم أنه لا يتبعض فلا بد أن يطرقه الخلاف في أنه هل يسقط كله أو
1 ومنها إذا قال أحرمت بنصف تسك انعقد بنسك كالطلاق كما في زوائد الروضة ولا نظير لها في العبادات.
2 سقط من ب.
3 سقط من ب.
4 سقط من ب.
يلغو كما في عفو بعض الورثة وعفو بعض الشفعاء، ثم إني لا أسلم أنه لا يتبعض فإنه جلدات معروفة العدد، ولا ريب في أن المستحق لو عفا بعد ما أصاب القاذف بعضها سقط ما بقي منها؛ فكذلك إذا أسقط منها في الابتداء قدرا معلوماز وإذا تأملت ما قلته من تبعيض القذف وما قاله بعضهم من تبعيض الشفعة وعلمت أنه لم يقل أحد في مسألة الإرقاق بأنه يلغو -غير بحث الرافعي- علمت سلامة القاعدة من النقض.
فصل:
إذا رجعنا اختيار بعض ما لا يتجزأ اختيارا لكله فهل اختياره للبعض نفس اختياره للكل؛ وإنما هو عبر بالبعض عن الكل؟ أو اختيار ذلك البعض ثم يسري منه إلى غيره لضرورة عدم التجزؤ.
فيه خلاف شهير في مسائل.
منها: طلاق بعضها، وتبعيض طلاقها، وعتق البعض. وأما تبعيض العتق فلا أعرفه مسطورا، وهو مثل: قوله: أنت حر نصف حرية، والذي يظهر أنه لغو ويحتمل أن يقال: يبطل قوله: ونصف حرية ويعمل بقوله: أنت حر نصف حرية.
والذي يظهر أنه لغو، ويحتمل أن يقال: وإن لم يقل بنظيره في البيع والفرق قوة العتق وسرعة نفوذه.
تنبيه:
إذا وقفت على قولنا: طلاق بعضها، وتبعيض طلاقها وعتق البعضِ، وتبعيض العتق، واستحسنت هذه العبارة ورشاقتها، انتقل ذهنك إلى نظائرها.
ومنها: قول الإمام في النهاية في باب الكفارة قبل الحنث: كما لا يعتبر حكم المحلوف باليمين لا يعتبر حكم اليمين بالمحلوف عليه؛ ذكره توجيها للقول بأن تقديم الكفارة على الحنث وإن كان محظورًا جائز.
ومنها: قول بعض علمائنا: الواجب في الطهارة عندنا الماء المطلق فلا يجوز المتغير كثيرا بمستغنى عنه.
وعند أبي حنيفة: مطلق الماء.
ووقعت بيني وبين الوالد رحمه الله مباحثة في الفرق بين العبارتين صنف من
أجلها [مصنفا] 1 في ذلك [وقرر] 2 أنه لا فرق بينهما.
منها: أن النية في الوضوء تجب عند أول غسل الوجه، لا عند غسل أول الوجه -وهو أعلاه- بل لو ابتدأ من مؤخرة وجهه ونوى صح.
ومنها: لا ولاء لمعتق الأب مع أبي المعتق، وهي مسألة التعجيز. وكل هذه عبارات يختلف المعنى فيها بالتقديم والتأخير -يسميها الأديب: رد العجز على الصدر- تستدعي حضور ذهن صحيح، خشية الوقوع في الغلط. وقد وقع في الكتاب العزيز في سورة البقرة3 {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} ، وفي الأعراف4:{وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} .
وفي البقرة5: {وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} ، وفي الحج6 {وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى} . وفي البقرة7 والأنعام8" {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} وفي آل عمران9. {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} .
وفي البقرة10: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} ، وفي الحج11:{شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} .
وفي البقرة12: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} ، وباقي القرآن {لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} .
في البقرة13: {لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا} وفي إبراهيم14، {مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ} .
وفي آل عمران15: {وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} وفي الأنفال16: {بِهِ قُلُوبُكُمْ} .
في النساء17: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} وفي المائدة18: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} .
1 في ب تصنيفا.
2 وفي ب وقوي.
3 آية: 58.
4 آية: 17.
5 آية: 62.
6 آية: 17.
7 آية: 120.
8 آية: 71.
9 آية: 73.
10 آية: 143.
11 آية: 78.
12 آية: 173.
13 آية: 264.
14 آية: 118.
15 آية: 126.
16 آية: 10.
17 آية: 135.
18 آية: 8.
في الأنعام1: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وفي المؤمن2: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} .
في الأنعام3: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} وفي بني إسرائيل4: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} .
وفي النحل5: {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} وفي فاطر6: {فِيهِ مَوَاخِرَ} .
في بني إسرائيل7: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ} وفي الكهف8: {فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ} .
في بني إسرائيل9: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} وفي العنكبوت10: {بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا} .
في المؤمنين11: {لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ} وفي النمل12: {لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ} .
في القصص13: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} وفي يس14: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} .
فصل:
قولنا: اختيار بعض ما لا يتجزأ اختيار لكله.
هي عبارة الأصحاب. وقد يعبر عن الغرض بعبارة هي أعم من تلك فيقال: الحكم على بعض ما لا يتجزأ بنفي أو إثبات حكم على كله.
ولنذكر مسألة من هذا القبيل يتضح بها المقصود؛ فنقول اعتقد الرافعي أن الغرة الواجبة في الجنين لا تتجزأ عند بعض أصحابنا، فحكى في الجنين -المحكوم له باليهودية أو النصرانية- ثلاثة أوجه
1 آية: 102.
2 آية: 62.
3 آية: 151.
4 آية: 31.
5 آية: 14.
6 آية: 12.
7 آية: 41.
8 آية: 54.
9 آية: 96.
10 آية: 52.
11 آية: 83.
12 آية: 68.
13 آية: 20.
14 آية: 20.
إحداها: وجوب غرة ولا يقال بالتسوية بينه وبين الجنين المسلم؛ لأنه لا سبيل إلى الإهدار ولا إلى تجزئة الغرة.
وثانيها: لا يجب شيء لامتناع التسوية بين المسلم والكافر وامتناع التجزئة. وهذان الوجهان على معتقد الرافعي ناشئان عن اعتقاد عدم التجزئة وأصحها: أنه يجب ثلث ما يجب في الجنين المسلم.
وقد اتضح غرضنا بذكر هذه المسألة، وإن كانت في الرافعي غير محررة، ولأن الوجه الأول غير معروف في المذهب، وغالب الظن أنه وهم في الرافعي من وجه حكاه الإمام في النهاية. أنه يجب عبد ناقص القيمة نسبته غلى دية الكافر كنسبة خمس من الإبل إلى دية المسلم؛ فالتسوية واقعة في وجوب أصل العبد، لا في استواء العبدين؛ فلا قائل بأن الغرة الواجبة في المسلم تساوي الواجبة في الكافر.
وكذلك الثاني؛ إذ لا يعرف قائل بإهدار الجنين الكافر وإنما هو وهم في الرافعي من وجه حكاه الإمام أيضا عن المراوزة أن الغرة لا مدخل لها في الجنين الكافر فلا يجب فيه عبد ولا جزء من عبد.
وليس مراد الإمام أنه لا يجب شيء أصلا؛ بل لا يجب غرة، وتجب عشر دية الأم كما صرح به الإمام في النهاية قبل هذه العبارة الموهمة بنحو أربعة أسطر.
ولكن الغزالي لما رأى الإمام، لا مدخل للغرة في جنين الكافر -توهم أنه لا يجب شيء فأطلق العبارة في ذلك، فتبعه الرافعي.
نبه على هذا الموضع -في الرافعي- الشيخ برهان [الدين] 1 ابن الفركاح رحمه الله وأطال في ذلك [في] 2 تعليقه على التنبيه.
قاعدة: الاحتياط أن نجعل المعدوم كالموجود والموهوم كالمحقق وما يرى على بعض الوجوه لا يرى إلا على كلها.
وقد اتفق لي مرة الاستدلال على هذه القاعدة بقوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} 3 فلا يخفى أنه أمر باجتناب بعض ما ليس بإثم خشية من الوقوع فيما هو إثم؛ وذلك هو الاحتياط، وهو استنباط جيد. مثال جعل المعدوم
1 سقط في ب.
2 سقط في ب.
3 الحجرات آية 12.
كالموجود: المنافع المعقود عليها في الإجارة؛ فإنا نجعلها كالموجود نورد العقد عليها.
ومثال الموهوم المجعول كالمحقق: أكثر أحكام الخنثى المشكل، وقد أفرد بعض أئمتنا كتابا بأحكام الخناثى؛ فلا معنى للتطويل بتعديدها.
ومثال جعل ما يرى على بعض الوجوه لا يرى إلا على كلها تارك الصلاة نسي عينها من الخمس؛ فإنا نوجب عليه الخمس وإن كانت البراءة، في نفس الأمر تحصل بواحدة. واعلم أن مسائل الاحتياط [كثيرة] 1 يطول استقصاؤها يرجع حاصلها إلى [أن] 2 الاحتياط قد يكون لتحصيل المنفعة كإيجاب الصلاة على المتحيرة وإن احتمل كونها حائضا، وقد يكون لدفع المفسدة كتحريم وطئها، وأوجبوا الاحتياط في مسائل:
منها: في الزكاة مسألة الإناء إذا عسر التمييز، وفيما إذا تحقق في ذمته زكاة وشك هل هي درهم أو دينار أو شاة أو بعير. وإن لم يعتضد بأصل. وفي الصلاة المنسية من خمس لاعتضاده بأصل.
ولم يوجبوه فيما إذا شك هل الخارج من ذكره مذي أو مني؛ بل صححوا أنه يتخير لأنه إذا أخذ بأحدهما فالأصل عدم وجوب الآخر.
قال الشيخ الإمام -في باب الحيض- ويحتاج أن يفرق بينه وبين الشك في عين الزكاة الواجبة، قال ومسألة الزكاة فيها نظر، أما مسألة الإناء فظاهرة لإمكان التمييز بالشك.
تنبيه:
في هذه القاعدة مهمات وقواعد عنها مشتعبات.
منها ما اشتهر في كلام كثير من الأئمة -ويكاد يحسبه الفقيه -مجمعها عليه- من أن الخروج من الخلاف أولى وأفضل وقد أشكل بعض المحققين على هذا وقال: الأولوية والأفضلية إنما [يكون] 3 حيث سنة ثابتة وإذا اختلفت الأمة على قولين: قول بالحل وقول بالتحريم، واحتاط المستبريء لدينه وجرى في فعله على الترك حذرا من ورطات الحرمة لا يكون فعله ذلك سنة؛ لأن القول بأن هذا الفعل متعلق الثواب من غير عتاب
1 سقط في ب.
2 سقط في ب.
3 سقط في ب.
على الترك قول لم يقل به أحد، إن الأئمة كما ترى بين قائل بالإباحة. وقائل بالتحريم فمن أين الأفضلية.
وأنا أجيب عن هذا بأن أفضليته ليست لثبوت سنة خاصة فيه بل لعموم الاحتياط والاستبراء للدين، وهو مطلوب شرعا مطلقا؛ فكان القول بأن الخروج أفضل ثابت من حيث العموم، واعتماده من الورع المطلوب شرعا فمن ترك لعب الشطرنج معتقدا حله خشية من غائلة التحريم فقد أحسن وتورع إذا عرفت هذا فأقول: ليس الخروج من الخلاف أولى مطلقا، بل بشرطين أحدهما: أن لا يؤدي الخروج منه إلى محذور شرعي من ترك سنة ثابتة أو اقتحاما أمر مكروه أو نحو ذلك ومن ثم مسائل.
منها: فصل الوتر أفضل من وصله لحديث "ولا تشبهوا بالمغرب"1 ومنع أبو حنيفة فصله وفي وجه عندنا أن الوصل أفضل للخروج من خلافه لكنه ضعيف لكونه يتوقف على أن يكون بقية العلماء يجيزون الوصل؛ وإلا فلا يحصل الخروج من الخلاف مطلقا، وبتقدير تجويزهم لا يلزم لأن الوصل يلزم منه ترك سنة ثابتة.
الشرط الثاني: أن يقوى مدرك الخلاف، فإن ضعف ونأى عن مأخذ الشرع كان معدودا من الهفوات والسقطات. لا من الخلافيات المجتهدات وسيكون لنا كلام على هذا الشرط في قاعدة من علم حرمة شيء وجهل وجوب الحد فيه -الآتية- إن شاء الله تعالى في قواعد ربع الجنايات.
وهناك تنبيه على أنه لا نظر إلى القائلين من المجتهدين2 بل إلى أقوالهم ومداركها قوة وضعفا، ونعني بالقوة ما يوجب وقوف الذهن عندها وتعلق ذي الفطنة بسبيلها لانتهاض الحجة بها؛ فإن الحجة لو انتهضت بها لما كنا مخالفين لها.
إذا عرفت هذا فمن قوي مدركه اعتد بخلافه وإن كانت مرتبته [في الاجتهاد] 3
1 والحديث من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوتروا بخمس أو بسبع أو تسع أو بإحدى عشرة".
الدارقطني وابن حبان والحاكم، وقال الحافظ في التلخيص 2/ 15 ورجاله ثقات ولا يضره وقف من أوقفه.
2 ولذلك لا ينظر لخلاف عطاء في عدم وجوب الحد على المرتهن بوطئه المرهونة وعطاء من سادات العلماء.
3 سقط من أوالمثبت من ب.
دون مرتبة مخالفة ومن ضعف مدركه لم يعتد بخلافه وإن كانت مرتبته أرفع وربما قوي مدرك بعضهم في بعض المسائل دون بعض؛ بل هذا لا يخلو عنه مجتهد.
تنبيه: قوة المدرك وضعفه مما لا ينتهي إلى الإحاطة به إلا الأفراد، وقد يظهر الضعف أو القوة بأدنى تأمل، وقد يحتاج إلى تأمل وفكر، ولا بد أن يقع هنا خلاف في الاعتداد به ناشئا عن المدرك قوي أو ضعيف.
[مثاله] 1: ما يظهر ضعفه: إعارة الجواري للوطء. كما سنتكلم عليه في ربع الجنايات وكذلك ما ذهب إليه ما ذهب إليه داود من قوله في التغوط في الماء الراكد، وقوله "لا ربا إلا في النسيئة" المنصوصة وكثير من أقوال شاذة منقولة عن كثير من المجتهدين ومثال ما تردد النظر في قوته وضعفه: الصوم في السفر؛ فإن داود قال: إنه لا يصح، ومن ثم اختلف أنه هل الأفضل الفطر مطلقا خروجا من خلافه، والراجح في مذهبنا أن الأفضل الفطر لمنخ يتضرر بالصوم والصوم لمن لا يتضرر به. وزعم إمام الحرمين -هنا- أن المحققين لا يقيمون لخلاف أهل الظاهر وزنا وقد تكلمت على هذا في الطبقات الكبرى في ترجمة داود، وبينت كلام أئمتنا في خلاف داود وأن الصواب الاعتداد بخلافه عند قوة مأخذه كغيره.
فصل:
فإن قوى المدرك اعتد بالخلاف، ومن ثم قصر الصلاة للمسافر أفضل لقول من أوجبه. وترك الجمع أفضل لقول من منعه وكتابة العبد القوي الكسوب سنة لأن داود أوجبها.
وقع هنا للقاضي الحسين كلام موهم -نقله عن ابن الرفعة بعبارة تزيده إيهاما؛ ففهمه الطلبة فهما يزيد على مدلوله، فصار -كما قلت- غلط على غلط ومن يغلط ويرجى حين يدري يعذر.
وهو أن ابن الرفعة في صلاة المسافر حكى قول الإمام: أن المحققين لا يقيمون لخلاف أهل [الظاهر] 2 وزنا، ثم قال: وفيه [نظر] 3 فإن القاضي الحسين نقل عن الشافعي أنه قال في الكتابة: لا أمتنع عن كتابة العبد عند جمع القوة والأمانة [وإنما
1 في ب مثال.
2 في ب الظاهرية.
3 سقط من ب.
استحب الخروج من الخلاف؛ فإن داود أوجب كتابة عدد من جمع القوة والأمانة] 1.
وداود من أهل الظاهر، وقد أقام الشافعي لخلافه وزنا، استحب كتابة من ذكره [لأجل خلافه] 2 انتهى.
وداود مولده قبل وفاة الشافعي بسنتين؛ فلا يمكن أن يراعي الشافعي خلافه؛ فمن ثم غلط الطلبة ابن الرفعة والقاضي الحسين وقالا: إن هذا غلط من قولهما عندما فهموا أن الجملة كلها [في] 3 كلام الشافعي وقرؤوا: إنما استحب -بفتح الهمزة وكسر الحاء- فعل مضارع للمتكلم؛ وإنما هو استحب بفتح الحاء، والفعل ماض والمستحب هو القاضي الحسين. وأما الشافعي: فلم يزد على أنه لا يمنع كتابة من هذا شأنه؛ وإنما استحبها فالخلاف من أوجبها قبل داود؛ فإن داود لم يخترع القول بإيجابها، بل وافق مجتهدا سبقه وإلا لكان خارقا للإجماع.
نبه عليه الشيخ الإمام الوالد رحمه الله[وذكرناه] 4 في الطبقات الكبرى بأبسط من هذه العبارة، [وذكرنا] 5 أنه وقع للإمام "في النهاية" في كتاب اختلاف الحكام والشهادات -نظير ما وقع للقاضي الحسين مع تصريحه في كتاب الظهار بما لا يخفى مثله عليه من أن داود متأخر الزمان عن الشافعي.
فصل:
فإن اعتد بالخلاف ولم يلزم من الخروج منه محذور، استحب الخروج منه؛ وذلك في مسائل: منها ما ذكرناه، ومنها ما سنذكره.
واعلم أن ما كان مختلفا فيه فهو من قبيل القسم الثاني الذي يتردد النظر في قوته وضعفه كصوم السفر.
فمنها: يستحب استيعاب الرأس بالمسح للخروج من خلاف الموجب له وبالإيجاب قال بعض أصحابنا.
ومنها: يستحب أن لا يقصر في أقل من ثلاثة أيام لذلك. وعبارة الشافعي: أنا لا
1 سقط من أوالمثبت من ب.
2 في ب لأجله.
3 في ب من.
4 وفي ب وذكرنا.
5 سقط في ب.
أحب أن أقصر في أقل من ثلاثة أيام احتياطا على نفسي.
قال القاضي أبو الطيب: وهو كقوله: إذا مرض الإمام؛ فإنه يصلي قاعدا والناس قيام خلفه، [والأفضل] 1 أن يستخلف من يصلي بهم حتى من الخلاف.
وكقوله في الحالف -إذا كفر بالمال- الأفضل أن يؤخر إلى أن يحنث. وكقوله -في الركاز بعد أن بين مذهبه في القليل: ولو كنت أنا الواجد لخمست القليل.
ومنها: يستحب نية الإمام؛ بخلاف من أوجبها.
ومنها: حيث انتفى التحريم في استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائظ لوجود الساتر، فالأدب أن لا يستقبلها ولا يستدبرها؛ لأنه قيل بالحرمة مع الساتر.
ومنها: إذا رأى المتيمم الماء في أثناء الصلاة المغنية عن القضاء كصلاة المسافر فلا تبطل؛ غير أن الصحيح أن قطعها ليتوضأ أفضل، لأن فيه خروجا من خلاف من حرم عليه الاستمرار.
وقيل: الأفضل المضي فيها ولا يلتفت إلى الخلاف، وقيل: يجب المضي فيها، وقيل الأفضل قلبها نافلة.
ومنها: من عليه فائتة ووجد الجماعة الحاضرة، جزم "في الروضة" قبل باب شروط الصلاة أن تقدم الفائتة منفردا أولى؛ لأن الترتيب مختلف في وجوبه والقضاء خلف الأداء مختلف في جوازه.
لكن الذي جزم به الغزالي "في إحياء علوم الدين" في باب أسرار الصلاة خلافه وجزم به أيضا صاحب التعجيز2 وذكر -في شرحه- أن جده عماد الدين ذهب إليه.
قلت: والقلب إليه أميل، وقد تكلمت عليه في الطبقات في ترجمة الشيخ العماد ابن يونس.
1 وفي ب والأفضل له.
2 عبد الرحيم بن محمد بن محمد بن يونس بن منعة الفقيه المحقق العلامة تاج الدين أو القاسم بن الإمام رضي الدين بن الإمام عماد الدين بن الإمام رضي الدين الموصلي كان من بيت الفقه والدين والعلم بالموصل ولد بالموصل سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وأفاد وصنف قال الإسنوي كان فقيها أصوليا فاضلا توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين وقيل سنة سبعين.
ابن قاضي شهبة 2/ 136، ذيل مرآة الزمان 3/ 14، البداية والنهاية 13/ 295، شذرات الذهب 5/ 332.
فصل:
وربما يرقى الخروج من الخلاف عن درجة الاستحباب عن درجة الاستحباب إلى درجة كراهية الوقوع فيه وذلك في مسائل.
منها: مسألة [العينة] 1 ذكر النووي تبعا لصاحب "البحر" أن الوقيعة فيها مكروهة قال النووي: "دلائل الكراهة أكثر من أن تحصر".
قلت: واقتصر الرافعي -حيث ذكر المسألة في باب الربا- على الجواز وفي البيوع المنهي عنها على أنها ليست من المناهي2.
ولا يحضرني دليل على كراهتها، وقصة عامل خبير "بع التمر بتمر آخر ثم اشتريه3. يقتضي عدم الكراهة؛ لأنه أذن له في ذلك ولا يأذن صلى الله عليه وسلم في مكروه.
1 سقط في ب.
2 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في التلخيص معقبا على كلام الرافعي: يعني ليس ذلك عندنا من المناهي - وإلا فقد ورد النهي عنها من طرق عقد لها البيهقي في سنته بابا ساق فيه ما ورد من ذلك بعلله، وأصح ما ورد في ذم بيع العينة ما رواه أحمد الطبراني من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن عطاء عن ابن عمر قال: أتى علينا زمان وما يرى أحدنا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم ذلا؛ فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم. صححه ابن القطان بعد أن أخرجه من الزهد لأحمد كأنه لم يقف على المسند وله طريق أخرى عند أبي داود وأحمد أيضا من طريق عطاء الخراساني عن نافع عن ابن عمر.
قلت: وعندي أن إسناد الحديث الذي صححه ابن القطان معلول؛ لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحا لأن الأعمش مدلس ولم ينكر سماعه من عطاءن وعطاء يحتمل أن يكون هو عطاء الخرساني فيكون فيه تدليس التسوية بإسقاط نافع بين عطاء وابن عمر فرجع الحديث إلى الإسناد الأول وهو المشهور.
قوله: وليس من المناهي بيع رباع مكة لنا اتفاق الصحابة ومن بعدهم عليه، روى البيهقي عن عمر أنه اشترى دارا للسجن بمكة وأن ابن الزبير اشترى حجرة سودة وأن حكيم بن حزام باع دار الندوة وأورد البيهقي في الخلافيات الأحاديث الواردة في النهي عن بيع دورها وبين عللها، ولعل مراده بنقل الاتفاق أن عمر اشترى الدور من أصحابها في وسع المسجد، وكذلك عثمان وكان الصحابة في زمانهما متوافرين، ولم ينقل انكار ذلك انظر التلخيص.
3 انظر البخاري 4/ 490 في كتاب الوكالة/ باب إذا باع الوكيل شيئا فاسدا فبيعه مردود "2312"، ومسلم 3/ 1215 في كتاب المساقاة/ باب بيع الطعام مثلا بمثل حديث "96/ 1594".
تنبيه: علمت إنما يستحب الخروج من الخلاف عند قوته وعدم التأدية إلى محذور.
واعلم أنا نتطلب لقوته إذا أدى الخروج منه إلى محذور ما لا نتطلبها إذا لم يؤد؛ فربما راعينا الخلاف إذا كان الخروج منه لا يؤدي إلى محذور لمأخذ لا يلتفت إلى مثله إذا أدى إلى محذور.
وكذلك ربما قوي الخلاف جدا وإن لم تنهض حجة. وضعف من أجله مأخذ المحذور فراعيناه وإن أدى إلى ذلك المحذور الضعيف ولنمثل له: بمن يديم السفر؛ فإن الإتمام أفضل له من القصر مراعاة لقول بعض العلماء أنه لا يجوز القصر في هذه الحالة وإن تضمن هذا القول ترك سنة القصر.
إلا أنه لم يؤد إلى تركها مطلقا؛ بل في هذه الصورة النادرة التي لعل سنة القصر لم القوة وعدم التأدية إلى محذور، فيقال: إنما تشترطان على الوجه الذي بيناه الآن.
فصل:
ومن القواعد المتشعبات والأصول الملتقيات من هذه القاعدة قول أئمتنا: ما اجتمع الحلال والحرام إلا وغلب الحرام الحلال، وهو كما قال البيهقي1: حديث رواه جابر الجعفي -رجل ضعيف2- عن الشعبي، عن ابن مسعود، وهو منقطع3؛ غير أن القاعدة في نفسها صحيحة.
1 كتاب النكاح/ باب الزنا لا يحرم الحلال 1/ 169.
2 قال السيوطي: وأخرجه من هذا الطريق عبد الرزاق في مصنفه وهو موقوف على ابن مسعود لا مرفوع.
جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي أبو عبد الله، ويقال أبو يزيد الكوفي، روى عن أبي الطفيل وأبي الضحى وعكرمة وعطاء وطاوس وخيثمة والمغيرة بن شبيل وجماعة وعنه شعبة والثوري وإسرائيل والحسن بن حي ومسعر ومعمر وأبو عوانة وغيرهم.
قال أبو نعيم عن الثوري: إذا قال جابر حدثنا وأجزنا فذاك، وقال ابن مهدي عن سفيان ما رأيت أورع في الحديث منه، وقال شعبة جابر إذا قال حدثنا وسمعت فهو من أوثق الناس، وقال شعبة: جابر صدوق، وقال النسائي: متروك الحديث وقال في موضع آخر: ليس بثقة ولا يكتب حديثه وقال الحاكم أبو أحمد: ذاهب الحديث، وقال ابن عدي: له حديث صالح وإن شئت مزيد تفصيل فانظر تهذيب التهذيب 2/ 47-51.
3 هو في اللغة مأخوذ من القطع وهو فصل الشيء مدركا بالبصر كالأجسام أو مدركا بالبصيرة كالأشياء المعقولة وهو مطاوع القطع نقول قطعته فانقطع.
وفي الاصطلاح فيه آراء منها ما سقط من رواته راو واحد قبل الصحابي في الموضع الواحد وهذا هو المشهور ومنها ما لم يتصل إسناده وهو الأقرب إلى المعنى اللغوي.
ومنها قال التبريزي ما سقط مما ليس في أول الإسناد من رواته راو واحد قبل الصحابي في الموضع الواحد.
قال الشيخ أبو محمد في "السلسة" لم يخرج عنها [إلا] 1 ما ندر، والعبرة بالغالب قلت: وقد عورض الحديث المذكور بما رواه ابن ماجة2 والدارقطني3 من حديث ابن عمر "لا يحرم الحرام الحلال".
وليس بمعارض، لأن المحكوم به في الأولى. أعطي الحلال حكم الحرام تغليبا واحتياطا لا صيرورته في نفسه حراما.
ومن ثم مسائل.
منها: لو أشبهت منكوحة بأجنبيات محصورات لم يحل.
منها: من باب الربا قاعدة مد عجوة ودرهم؛ فإن الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة.
ومنها: من أحد أبويه كتابي والآخر مجوسي أو وثني حل المنكاحة [خلاف والأصح التحريم]4.
ومنها: إذا أكل الكلب المعلم من الصيد في موضعه؛ فالصحيح تحريمه لحديث عدي بن حاتم.
ومنها: رجح الجمهور التحريم فيما إذا أصاب صيدا وغاب ثم وجد مبتا وليس فيه أثر غير سهمه ورجح النووي الحل.
1 في أإذا والمثبت من ب.
2 1/ 649. في كتاب النكاح/ باب لا يحرم الحرام والحلال حديث "2015".
قال البوصيري في زوائده 2/ 24 هذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عمر العمري.
3 3/ 268 في كتاب النكاح/ باب المهر حديث "89".
4 سقط في ب.