الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاثنين والخميس مثلا فصادف يوم الشك أحدهما أو يصله بما قبله.
بماذا تثبت العادة المذكورة؟ لم أجده1.
وكذا في الصيام بعد انتصاف شعبان2.
1 الصوم/ باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين حديث "1914"، ومسلم 2/ 762 كتاب الصيام/ باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين حديث "21/ 1082".
1 قال السيوطي وقال الإمام في الخادم: لم يتعرضوا لضابط العادة فيحتمل ثبوتها بمرة أو بقدر يعد في العرف متكررا.
2 لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: $"إذا انتصف شعبان فلا تصوموا". أخرجه أبو داود 2/ 271 في كتاب الصوم/ باب في كراهية وصل شعبان برمضان "2237" والترمذي 3/ 115 في الصوم/ باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان حديث "738"، وابن ماجة 1/ 528 في الصيام/ باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم حديث "651".
القاعدة الخامسة: الأمور بمقاصدها
وأرشق وأحسن من هذه العبارة: قول من أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات"1.
1 أخرجه البخاري 1/ 9 في كتاب بدء الوحي/ باب كيف بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث "1" وأخرجه مسلم 3/ 1515 - 1516 في كتاب الإمارة/ باب قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنية""155/ 1907" قال أبو عبيدة: ليس في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة منه، واتفق الإمام الشافعي وأحمد بن حنبل وابن مهدي وابن المديني وأبو داود والدارقطني وغيرهم على أنه ثلث العلم بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها لأنها قد تكون عبادة مستقلة وغيرها يحتاج إليها.
وكلام الإمام أحمد يدل على أنه أراد بكونه ثلث العلم أنه أحد القواعد الثلاث التي ترد إليها جميع الأحكام عنده فإنه قال: أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث حديث الأعمال بالنية وحديث: "من أحدث في أمرنا هذا ليس منه فهو رده" وحديث "الحلال بين والحرام بين" وقال أبو داود مدار السنة على أربعة أحاديث حديث - الأعمال بالنيات
…
، وحديث "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، حديث "الحلال بين والحرام بين"، حديث "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا". وفي لفظ عنه: يكفي الإنسان لدينه أربعة أحاديث فذكرها وذكر بدل الأخير حديث "لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه".
وحكى الحقاف من أصحابنا في كتاب الخصال عن ابن مهدي وابن المديني: أن مدار الأحاديث على أربعة: "الأعمال بالنيات"، "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاثة"، "بني الإسلام على خمسة"، "البينة على المدعى واليمين على من أنكر" وقال ابن مهدي أيضا: حديث النية يدخل في ثلاثين بابا من العلم، وقال الشافعي: يدخل في سبعين بابا.
ومن ثم وجوب النية حيث تجب.
وإذا كان عليه دينان بأحدهما رهن؛ فأدى أحدهما. ثم قال: أديت عن المرهون. فقال الدائن: بل على الآخر. صدق الدافع.
وصرح الإمام والرافعي والشيخ الإمام الوالد رحمه الله وغيرهم بأنه لا بد في أداء الديون من نية التمييز.
قال الشيخ الإمام: وعلى هذا إذا نوى دينا وبان أنه ليس عليه لا يقع عن غيره وقاعدة النية طويلة الذيل. متسعة الأنحاء. ويدخل فيها قاعدة. ما تعمل فيه النية قال الإمام في الأساليب: "موضوع اللفظ يحتمل النية بالإجماع كلفظ العين والقرء إذا نوى أحد مسمياته، واللازم لا يحتملها إجماعا كما إذا نوى زمان الطلاق ومكانه، والمدلول محل الخلاف كما إذا نوى بقوله: أنت طالق، عددا، يقع عندنا؛ خلافا لأبي حنيفة، ولهذا اختلف الأصوليون في قوله: والله لا آكل إذا نوى بعض المأكولا هل يختص يمينه؟ فهل يقوم عموم المدلول مقام اللفظ مع اتفاقهم على أن تعيين زمان الأكل. ليس في يمينه والصحيح إلحاق المدلول بالموضوع؛ لأنه مراد اللافظ فله التصرف فيه. انتهى.
ومراده بالإجماع في اللازم إجماع الإمامين الشافعي وأبي حنيفة، وقد يتعرض بما روي عن البويطي1 فيمن قال: أنت طالق بمكة أو في مكة أو البحر. تطلق في الحال إلا أن يريد إذا حصلت هناك، وكذا لو قال في الظل وهما في الشمس.
قال: بخلاف ما إذا كان الشيء منتظرا غير حاصل كقوله في الشتاء وهما في الصيف. لا يقع حتى يجيء الشتاء.
1 أبو يعقوب يوسف بن يحيى القرشي البويطي منسوب إلى بويط من قرى مصر من الصعيد الأدنى وكان من عظماء أصحاب الشافعي رضي الله عنه وخليفته بعده وكان الشافعي رضي الله عنه يقول ليس أحد أحق بمجلسي من أبي يعقوب وليس أحد من أصحابي أعلم منه. توفي في السجن سنة اثنتين وثلاثين ومائتين في رجب يوم الجمعة قبل الصلاة، وقيل إحدى وثلاثين ومائتين. وفيات الأعيان 6/ 60، تاريخ بغداد 14/ 299، ابن السبكي 1/ 275، ابن هداية الله ص16، شذرات الذهب 2/ 71، تهذيب التهذيب 9/ 427.
وحكى صاحب الذخائر1 وجهين فيما إذا أطلق قوله أنت طالق بمكة:
أحدهما: يتخير.
والثاني: يتقيد بالحلول في مكة.
ونص الشافعي فيمن قال: إن كلمت زيدا فأنت طالق، وقال: أردت شهرا، [بأنه] 2 لا يقع الطلاق باطنا. قال الغزالي في [الوسيط] 3 لأن اللفظ العام كالعام في الأزمان كلها. واعلم أن الكلام على قول الإمام –هذا- يستدعي في اللام فيما يدين المرء فيه وما لا يدين، وقد ذكره الأصحاب في كتاب الطلاق ونحن نعقد له فصلا في آخر هذه القاعدة.
فصل:
يدخل في قاعدة النية أيضا: قاعدة اللفظ في النية، وقد ذكرها الشيخ الإمام الوالد رحمه الله في باب التيمم من شرح المنهاج.
فقال: كل ما لا يجب التعرض له جملة وتفصيلا؛ فإذا عينه وأخطأ لم يضر كتعيين مكان الصلاة وزمانها، كما إذا عين الإمام من يصلي خلفه، أو صلى في الغيم ونوى الأداء فبان خروج الوقت4
وكل موضع يجب فيه التعيين فالخطأ فيه مبطل5، كالخطأ من الصوم إلى الصلاة، ونحوه [كل] 6 موضع يجب فيه التعرض له جملة ولا تجب تفصيلا فإذا عينه وأخطأ
1 مجلي بن جميع بن بخا القاضي أبو المعالي المخزومي الأرسوفي الأصل المصري، تفقه على الفقيه سلطان المقدس تلميذ الشيخ نصر وبرع وصار من كبار الأئمة ومن تصانيفه الذخائر، قال الإسنوي: وهو كثير الفروع والغرائب إلا أن ترتيبه غير معهود متعب لمن يريد استخراج المسائل منه وفيه أيضا أوهام، وقال الأذرعي: إنه كثير الوهم.
توفي في ذي القعدة سنة خمسين وخمسمائة.
الإسنوي 184، ابن السبكي 4/ 300، وفيات الأعيان 3/ 300، البداية والنهاية 12/ 233، شذرات الذهب 4/ 157.
2 في ب فإنه.
3 سقط في ب.
4 الأشباه والنظائر للسيوطي ص17.
5 المصدر السابق.
6 وفي "ب" وكل.
تبطل؛ فلو نوى الاقتداء بزيد فبان عمرا أو الصلاة على زيد الميت فبان عمرا لم يصح؛ فلو قال في المسألتين زيد هذا فوجهان لتعارض الإشارة والعبارة كبعتك هذا الفرس فبان بغلا، وزوجتك هذه الشابة فكانت عجوزا.
والأصح في الصلاة والنكاح الصحة تغليبا للإشارة، وفي البيع البطلان تغليبا للعبارة. وهنا بحثان للشيخ الإمام رحمه الله.
أحدهما: فيما إذا نوى الاقتداء بزيد فبان عمروا قال: ينبغي بطلان نية الاقتداء، لا نية الصلاة وإذا بطل الاقتداء فإن تابعه يخرج على متابعة من ليس بإمام بل ينبغي هنا الصحة، وجعل ظنه أنه إمام عذرا1.
وثانيهما: قد يقال: إذا كان الواجب مطلق نية الكفارة أو مطلق الزكاة أو مطلق الاقتداء فعين وامتنع حصول المعين لأجل الخطأ فالمطلق في ضمنه فلم لا يخرج على أن الخصوص إذا بطل هل يبطل العموم؟ ثم أجاب بوجهين.
أحدهما: أن الواجب ليس مجرد المطلق: بل لا بد من تعيين ما، كالإمام الحاضر، والميت الحاضر؛ فإذا نوى ما ليس كذلك. كان مباينا. لا أخص.
والثاني: أن الخصوص هنا باعث، ولا يلزم من كون الخصوص باعثا كون العموم باعثا إذ لا يلزم عليه المجموع عليه الجزء.
فصل:
ويدخل فيها أيضا قاعدة: النية لتمييز العبادات على العادات ولتمييز مراتب العبادات بعضها عن بعض.
فالأول: كالجلوس في المسجد، يتردد بين الجلوس للاعتكاف والجلوس للاستراحة، وكالوضوء والغسل يتردد بين التبرد والتنظيف والقرية فلولا النية لما تميزت العبادة عن غيرها ولا حصلت2.
1 وتابعه الإسنوي في المهمات على هذا البحث، وقد أجيب بأنه قد يقال فرض المسألة حصول المتابعة فإن ذلك شأن من ينوي الاقتداء والأصح في متابعة من ليس بإمام البطلان.
2 وأيضا الإمساك عن المفطرات قد يكون للحمية والتداوي، أو لعدم الحاجة إليه.
ودفع المال للغير قد يكون هبة أو وصلة لفرض دنيوي، وقد يكون قربة كالزكاة، والصدقة، والكفارة، الذبح قد يكون بقصد الأكل وقد يكون للتقرب بإراقة الدماء، لتمييز القرب من غيرها، ومن ثم ترتب على ذلك أمور.
أحدها: عدم اشتراط النية في عبادة لا تكون عادة أو لالتبس بغيرها كالإيمان بالله تعالى والمعرفة والخوف والرجاء وقراءة القرآن والأذكار؛ لأنها متميزة بصورتها، نعم يجب في القراءة إذا كانت منذورة لتمييز الفرض من غيره نقله القمولي في الجواهر عن الروياني وأقره السيوطي الأشباه ص13.
فصل:
ويدخل في هذه العبارة قاعدة: كل نية يجب مقارنتها لأول العمل إلا الصوم لأن الحرص على مقارنته يخشى منه عدم مقارنته. [الأول زمانه، ولذلك لم تجب] 1 للطف زمانه. ولذلك لم تجب المقارنة فيه على وجه فاجتذب صورة الصوم هذان المأخذان، [ويرجح] 2 الثاني؛ فقطع إلحاقه بالأول؛ وإلا الزكاة وإلا الكفارة إذا أخرجها الموكل ونوى ولم ينو الوكيل على وجه3، وهنا سر لطيف، وهو أنه إذا حصلت النية التي بها تميزت العباة عن العادة فقد يقارنها أمر يقوي كونها مميزة ونية، أو يضعف ذلك.
فهذان قسمان.
أولهما: المقارن المقوي وذلك هو الإخلاص وهو أمر وراء النية زائد عليها. يلزم من حصوله حصولها ولا عكس؛ فمن أخلص نوى، ومن لم ينو لم يخلص. فالإخلاص أخص من النية، والنية قصد الفعل مع زيادة كونه لله تعالى وهو كمال في النية. من هنا يظهر لك أن الأصح عدم وجوب الإضافة إلى الله تعالى في نية الصلاة والصوم؛ لأن النية تتحقق بدون الإخلاص والذي يوجبه الفقهاء إنما هو النية، أما تخليصها من الشوائب وإضافتها إلى رب المشارق والمغارب فكمال زائد وفضل آخر ومن أوجب التعرض لذلك اشتبه عليه الإخلاص بالنية، فظنه أحد أركانها. فتاوى الصلاة إذا قصد صلاة الظهر هذه فقد كفاه ذلك تمييزا لها عما عداها، ولا يكفيه نية فريضة الوقت عن نية الطهر مثلا –على الأصح- لعدم حصول التمييز فقد تكون فائتة يتذكرها يشاركها في كونها فريضة الوقت.
وثانيهما: المقارن المضعف؛ فقد ينتهي حال إلى أن تبطل النية بالكية وقد لا
1 سقط في ب.
2 وفي "ب" ويترجح.
3 انظر المنثور للزركشي 3/ 294.
ينتهي مثال المنتهي: ذبح الأضحية لله ولغيره، فانضمام غيره يوجب حرمة الذبيحة؛ وإلا أن يضمه لمعنى غير الذبح له.
وأما ما لا ينتهي: فقد يكون المنضم غير قربة كنية التبرد من نية الوضوء فلا تبطل في الأصح وكنية الصلاة ودفع الغريم، فلا تبطل، على ما نقله النووي في زوائد الروضة1 في باب الوضوء عن صاحب الشامل، ورأيت أن القاضي أبا منصور ابن أخي صاحب الشامل – قد خرج فيها وجهين في ضم نية التبرد إلى نية الوضوء.
وقد يكون قربة. كما لو كبر الإمام وقصد مع التحريم إعلاء القوم. فلا تبطل جزما، ولا يجيء فيه وجه التبرد؛ لأن المنضم هنا مطلوب للشارع، ونفس تكبيرة الإحرام لا نية لها تختص بها؛ وإنما النية لمجموع الصلاة وتكبير الإحرام محلها.
وأما الثاني: وهو قولهم: ولتمييز مراتب العبادات بعضها عن بعض فكتمييز صلاة النفل عن الفرض. والراتب عن المطلق، ومن ثم وجوب التعرض لفريضة الصلاة والصوم على الأصح.
فصل:
ويدخل في هذه العبارة قاعدة: "كل مفروضين فلا تجزيهما نية واحدة إلا الحج والعمرة" وألحق القفال بقية العبادات بالمفروضات ونقض عليه نية عسل الجنابة. والجمعة والعيد والاستسقاء فإنها تحصل.
فصل:
ويدخل فيها أيضا قاعدة: ما تميز بنفسه لا يحتاج إلى نية. ومن ثم لم يحتج الإيمان والعرفان والأذان والأذكار، والقراءة إلى نية التقرب بل [كفى] 2 مجرد القصد ليخرج الذاهل؛ فإنه غير فاعل في الحقيقة.
وحكى صاحب البحر في باب إمامة المرأة وجهين في احتباج الوقوف بعرفة والأذان إلى نية3. والمعروف في المذهب –على ما ذكره الرافعي في كتاب الإجازة
1 ج1 ص50 شرح المهذب 3/ 289.
2 سقط من "ب".
3 المنثور 3/ 298.