الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا موضع لي فيه نظر، والذي يظهر -من كلام أقوال الأول، ووجهه ظاهر والذي ترجح عندي الثاني، قلت أعتقد أن فريضة وجبت بتسبب العبد إليها أفضل من فريضة ابتدأ الشارع طلبها.
ولذلك اختلف في أن النذر هل يسلك مسلك واجب الشرع أو جائزه؟ وما ذاك إلا لأن إيجابه يتسبب العبد.
ومن هنا نخرج إلى الجواب عن ابتداء السلام فنقول: إنما كان أفضل من الجواب -وإن كان الجواب فرضا- لأن فرضية الجواب نشأت عن ابتداء السلام ولم يكن وجوبها ابتداء.
فإن قلت: ما تصنعون فيما أوردتم من الأحاديث الدالة على أن الفرض -أفضل من غير تخصيص بفرض ابتدائي.
قلت: أنا أشم من قوله صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن ربه تعالى: "ما تقرب إلى المتقربون بأفضل من أداء ما افترضته عليهم" أن المعنى به ما أنشأت افتراضه، ولذلك قال: افترضته ولم يقل، ما هو فرض عليهم، فإني أجد فرقا بين العبارتين، فليتأمل هذا فإنه موضع احتمال. ولا يخفي أن ارتكاب ما هو يسقط للذمة يخرج عن العهدة أولا، عن أن في وصفه بالأفضلية مع أنه مما لعله مما يكرهه الشارع كالنذر موضع النظر، ثم جدوى هذا النظر قليلة.
خاتمة: ما لا بد منه لا يترك إلا لواجب
إذا بان لك أن الفرض أفضل من النفل مطلقا علمت أن الواجب لا يترك إلا لواجب وانتقلت منه إلى قاعدة معزوة إلى أبي العباس بن سريج قيل: إنها متلقاة من كلامه في مسألة الختان، وذكرها الشيخ أبو إسحاق 1 في "المهذب" و"النكت" وإمام
1 إبراهيم بن علي يوسف بن عبد الله الشيخ أبو إسحاق الشيرازي شيخ الإسلام علما وعملا وورعا وزهدا وتصنيفا واشتغالا، قال الذهبي: لقبه جمال الإسلام، ولد بفيروزآباد قرية من قرى شيراز في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وقيل: في سنة خمس، وقيل: ست وله تصانيف انتفع بها أهل العلم في كل زمان ومكان، وتوفي في جمادى الآخرة، وقيل الأولى سنة ست وسبعين وأربعمائة ودفن بباب أبرز، ابن السبكي 3/ 188، ابن قاضي شبهة 1/ 238 ووفيات الأعيان 1/ 9، البداية والنهاية 12/ 124، النجوم الزاهرة 5/ 115، مرآة الجنان 3/ 110.
الحرمين، والغزالي، والكيا الهراسي1، والرافعي وغيرهم.
أشار إليها الجماعة بعضهم "ما لا بد منه لا يترك إلا بما لا بد منه" في مسألة سجود التلاوة وبعضهم في مسألة الختان، وربما عبر عنها بأن جواز ما لو يشرع لم يجر دليل على وجوبه، وبأن الواجب لا يترك لسنة قال أرباب هذه القاعدة: وقد ظهر تأثير هذا الكلام في مسائل:
منها: قطع اليد في السرقة؛ فإنه لو لم يجب لكان حراما، وإلى هذا أشار الرافعي. بقوله: قطع عضو لا يختلف فلا يكون إلا واجبا، كقطع اليد والرجل.
ومنها: إقامة الحدود على ذوي الجرائم.
ومنها: إنه يجب على المضطر أكل الميتة على الأصح.
ومنها: لو كان لا يحسن الفاتحة ولا يحسن إلا آيات فيها سجود التلاوة قال الإمام في "الأساليب" لا نص فيها، قال: ولا يبعد منعه من سجود التلاوة يعني في الصلاة حتى لا يقطع القيام المفروض. انتهى.
وهي مسألة غريبة دعا إليها "ما لا بد منه لا يترك إلا بما لا بد منه"، ثم وصلوا بهذا إلى الختان ونظموا قياسا ردوا به على الحنفية - حيث نفوا وجوبه.
فقالوا: الختان قطع عضو سليم؛ فلو لم يجب لم يجز، كقطع الأصبع، فإن قطعها إذا كانت سليمة - لا يجوز إلا إذا وجب القصاص.
قالوا: وإلى هذا القياس أشار شيخ الأصحاب أبو العباس بن سريج؛ فإنه قال: لم لم يكن الختان واجبا لما كشفت له العورة، لأن كشف العورة محرم فما كشفت من أجله دل على وجوبه. وتبعه الأصحاب على طبقاتهم. وعبارة الرافعي في "الشرح" قطع
1 علي بن محمد بن علي شمس الإسلام عماد الدين أبو الحسن الطبري المعروف بالكيا الهراسي تفقه ببلده ثم رحل إلى نيسابور قاصدا إمام الحرمين وعمره ثماني عشرة فلازمه حتى برع في الفقه والأصول والخلاف وطار اسمه في الآفاق وإلكيا بهمزة مكسورة ولام ساكنة ثم كاف مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت معناه الكبير بلغة الفرس والهراسي براء مشددة وسين مهملتين، توفي في المحرم سنة أربع وخمسمائة وعمره أربع وخمسون سنة ودفن في تربة الشيخ أبي إسحاق وفيات الأعيان 2/ 448، ابن قاضي شهبة 1/ 288، مرآة الزمان 8/ 23، ابن السبكي 4/ 281، النجوم الزاهرة 5/ 201، شذرات الذهب 4/ 8، العبر 4/ 8.
عضو يخاف منه؛ فلو لم يجب لم يجز. واقتضى ما ذكروا في منازعته ختان الصبيان؛ فإنه ليس واجبا في الحال وجائز له كشف العورة.
ثم أجاب بعضهم بالتزام جواز النظر إلى فرج الصغير. وهو وجه مال النووي في "الروضة" إلى ترجيحه، وكاد الشيخ الإمام رحمه الله -في باب ستر العورة يصرح به ونقله عنه الأصحاب: منهم الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ، وغيرهما وإن كان الرافعي جزم بالتحريم، وادعى صاحب "العدة" الاتفاق عليه في كتاب النكاح. وبعضهم قال: يجب على الولي الختان الصبي إذا رآه مصلحة.
والحاصل أن الأمر دار عند علمائنا بيع منع تحريم كشف عورة الصبي ومنع وجوب ختانه، والقاعدة سليمة على الأمرين، وكلا المعنيين مقصود منه السعي في سلامتها عن النقض.
قلت: وهذا صنيع الأصحاب في مسألة الختان حاولوا صحة هذه القاعدة وحاولت الحنفية فسادها.
وفي مسألة سجود التلاوة عكس الفريقان الأمر؛ فحاول الحنفية صحتها؛ حيث [قالوا] 1 سجود التلاوة واجب؛ لأن نظم الصلاة يترك بسببه فدل أنه شيء لا بد منه، قالوا: لأن ما لا بد منه: لا يترك إلا بما لا بد منه، فإما أن الترك بما منه بد -كالسنة- فلا.
فقيل لهم: هل أوجبتم الختان؟
فأجابوا بما لا يرضاه، كما هو [مقرر] 2 في الخلافيات.
وعند هذا أقول: القاعدة -بإطلاقها- منقوضة بمسائل.
منها: سجود التلاوة كما عرفت.
ومنها: سجود السهو؛ فإنه ممنوع لو لم يشرع؛ إذ لا يجوز زيادة سجودين عمدا وهو مع ذلك سنة.
ومنها: زيادة ركوع في الخسوفين، وكذا أكثر منه عند تمادي الخسوف، على ما رجحه الشيخ الإمام، خلافا للرافعي والنووي.
ومنها: النظر إلى المخطوبة لم يقل بوجوبه إلا داود.
1 سقط من "أ" والمثبت من "ب".
2 في "ب" معروف.
ومنها: الكتابة لا تجب وإن طلبها الرقيق الكسوب -على المذهب- وقد كانت المعاملة قبلها ممنوعة؛ لأن السيد لا يعامل عبده.
ومنها: التنحنح في الصلاة إن بان به حرفان بطلت، على ما صححه الرافعي والنووي؛ فلو تعذر الجهر إلا به كان -على وجه- عذرا إقامة لشعائر الجهر فعلى هذا الوجه ترك الواجب -وهو ترك التنحنح- لأجل سنة، وهو الجهر.
ومنها: قطع السلعة المخوف بقاؤها جائز غير واجب.
ومنها: على الجديد -يجوز أو يستحب للغاسل غسل عانة الميت، قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة1 في كتاب السواك: وذلك لا يتأتى من الغاسل إلا بنظره إلى العورة أو لمسها وكلاهما محرم، قال: فقد بطل بهذا قول أصحابنا لا يترك الواجب إلا للواجب.
ومسائل هذا الفصل كثيرة؛ فليقع الاقتصار على ما ذكرناه، وهذه الصور التي ذكرها الشيخ شهاب الدين تقبل من المنازعة ما لا يقبله غيرها؛ فإنا وإن أوجبنا حلق عانة الميت -وليس هو الذي يفتي به- فإنما ذلك لأن ما يحصل من النظر والمس أن فرض أنه لا بد من حصوله قدر يسير بالنسبة إلى إزالة هذا القدر عن الميت.
وبهذا الطريق إلى زبدة من الكلام فنقول: لعل الضابط -والله أعلم في تعارض النفل والفرض أن يقال: إن لزم من فعل النفل ترك الفرض بالكلية فلا اكتراث بالنفل، والفرض أفضل مطلقا؛ وإلا فالنفل مقدم في الحقيقة.
إنما احتمل ترك فرض في زمن يسير لا يحصل به تمام الغرض منه لنفل حصل تمام الغرض منه؛ ألا ترى إلى جواز نظر الطبيب للعورة مداواة وما ذاك إلا لأن زمن
1 عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن أبي بكر الشيخ الإمام العلامة ذو الفنون المتنوعة شهاب الدين أبو القاسم المقدسي الدمشقي الفقيه المقريء النحوي المحدث المعروف بأبي شامة -لشامة كبيرة فوق حاجبه الأيسر ولد بدمشق. في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة قال ابن كثير رحمه الله وكان ذا فنون كثيرة وكان تاج الدين الغزاوي يقول بلغ الشيخ شهاب الدين رتبة الاجتهاد، توفي رحمه الله في رمضان سنة خمس وستين وستمائة.
- ابن السبكي 5/ 61، ابن قاضي شهبة 20/ 133، مرآة الجنان 4/ 164، وفوات الوفيات 1/ 252، البداية والنهاية 3/ 250، بغية الوعاة ص297.
المداواة يسير وفارطة لا يستدرك؛ فكل ما كان من هذا القبيل لا يمنع فيه تقديم النفل، ولكنا نقول ليس هو في الحقيقة تقديم نافلة لأن الفرض لم يترك بالكلية بل اغتفر منه زمن يسير كأنه اقتطع للمصلحة، ومن ثم نقول على القول بأن الختان سنة فعله أفضل وإن لزم منه كشف العورة لأن زمانه يسير؛ فلو ترك فعله لتركت السنة لا إلى بدل ولو فعل لم يلزم ترك الفرض مطلقا بل في زمن يسير لمصلحة لا يستدرك فارطها إذا لم يفعل وهذا كلام مبين.
مباحثة: فإن قلت إذا أقررتم قصور مراتب النوافل عن درجات الفرائض فما قولكم في قوله صلى الله عليه وسلم "عمرة في رمضان تعدل حجة 1 معي"؛ فإنه فيما يظهر يشمل عمرة النفل والفرض وإن وقعت من مقيم بمكة وقد جعلت عدل من حج من المدينة في ركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رجع النفل فرضا عظيما، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" 2، وفي حديث أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر ابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر عمل سنة صيامها وقيامها".
معيار نافع:
المآخذ المختلف فيها بين الأئمة لا بد في ترجيح بعضها على بعض بالدليل الدال على ذلك ثم بترجيح بعضها قد يسقط الآخر عن درجة الاعتبار كتعليل ولاية الإجبار بالبكارة فإنه عند الشافعي أسقط درجة التعليل بالصغر عن الاعتبار وقد لا يسقط وحينئذ فقد يمكن مجامعته له فينبني الأمر فيه على جواز التعليل بعلتين وقد لا يمكن فلا يمكن فيه ذلك ورب أصل اجتذبه مأخذان بكل منهما شبه فهو كفرع تجاذبه أصلان يلحق بأشبههما.
1 متفق عليه من رواية ابن عباس البخاري 3/ 603 كتاب العمرة/ باب عمرة في رمضان حديث "1782"، ومسلم 2/ 917 في الحج/ باب فضل العمرة في رمضان "221/ 1256".
2 الترمذي 2/ 481 في الصلاة/ باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس حديث "586"، وقال وحديث غريب وفي إسناده أبو ظلال وهو متكلم فيه ولكن في الباب شواهد.
انظر الترغيب والترهيب 1/ 164-165.
وسنذكر ذلك في مسائل الأصول؛ غير أنا منبهون هنا على أنه ثم مسائل تردد النظر في مأخذها وأبى بعض المتأخرين أن يطلق الترجيح فيها، وقال: إنه يختلف باختلاف المسائل؛ فمنها قال الرافعي في الخلاف في أن الطلاق الرجعي هل يقطع النكاح أو لا، والتحقيق أنه لا يطلق ترجيح واحد منهما بل يختلف باختلاف الصور وصوبه النووي، وقال نظيره القولان في أن النذر هل يسلك به مسلك واجب الشرع أو جائزه، وأن الإبداء إسقاط أو تمليك، قال: ويختلف الراجح بحسب المسائل لظهور دليل أحد الطرفين في بعضها وعكسه في بعض.
قلت: ومن نظائره أيضا الخلاف فيمن نوى الفرض مع مناف كمن يحرم بالظهر قبل الزوال ينقلب نقلا أو تبطل، فيه قولان.
قال في الروضة اختلف في الأصح منهما بحسب الصور.
فائدة: في عد مسائل أمهات شكك في تصورها منها: قتل تارك الصلاة شكك المزني رحمه الله في تصويره، وقد شكك ابن الرفعة اعترض المزني هذا في فسخ المرأة بالإعسار على قولهم إن الفسخ عند انقضاء الثلاث يكون بالعجز عن نفقة اليوم الرابع أو بعد مضي يوم وليلة.
ونازع الرافعي في بحث له هناك ذكره في مواضع في باب نفقة الزوجة فليكشف ومنها نص الشافعي رضي الله عنه على أن وطء الزوج الثاني بعد ارتداده أو ارتدادها لا يفيد التحليل، وإن فرض الرجوع إلى الإسلام لاضطراب النكاح واعترض المزني فقال لا تتصور هذه المسألة لأن الزوج الثاني إن كان قد أصابها نبل الردة فقد حصل التحليل للأول؛ وإلا فقد انفسخ النكاح بالردة قبل الدخول ولا عدة فلا معنى للرجوع وأجابه ابن سريج وغيره من أصحابنا بتصور العدة من غير فرض الدخول.
إما بالخلوة على القديم وإما بأن يطأ فيما دون الفرج فيسبق الماء إلى الفرج. أو بأن يستدخل ماؤه أو بإتيانها في غير المأتي فتجب العدة بهذه الأسباب ولا يحصل الحل. واعلم أن الرافعي قصر في هذه المسألة فإن قدماء الأصحاب؛ إنما ذكروها في باب المطلقة ثلاثا وهناك نص عليها الشافعي وهذا الباب حذفه صاحب التنبيه والغزالي وغيرهما ممن لم يمش في تصنيفه على ترتيب مختصر المزني. وأدرج الغزالي ومتابعوه مقاصده في باب ما يحرم من النكاح، وأدرج صاحب التنبيه وطائفة من قدمائهم ابن القاص مقاصده في باب الرجعة فلما تبدد على الرافعي لم يستكمل له النظر ولم يرد في
باب ما يحرم من النكاح على الجزم بأن الوطء في ردة أحدهما لا يفيد التحليل وعزاه إلى النص ولفظ النص كما رأيته في المبسوط في باب المطلقة ثلاثا، وكذلك الزوجان يصيبها الزوج ثم يريد أحدهما بعد الإصابة بحلها تلك الإصابة؛ لأنه كان زوجا ولو كانت لأن الإصابة ردة أحدهما أو ردتهما معا لم يحلها، ولو رجع المرتد منهما إلى الإسلام بعد الإصابة بعد كانت والمرأة موقوفة على العدة حرمت في حالتها تلك بكل حال عليه انتهى.
والرافعي ذكر اعتراض المزني وأجابه الأصحاب بما ذكرناه ولم تقم الدلالة على أن الردة قبل الدخول تفسخ النكاح، وإن عاد إلى الإسلام ولا ذكر الأصحاب دليلا عليه، وأنه لا عدة فيرتفع النكاح جملة والمسألة تحتاج إلى دليل وهذا في الارتداد قبل الدخول أما بعده فالنص قد علمت ولكن الذي جزم به ابن القاص في تلخيصه وتابعه شارحه القفال أنه إن رجع المرتد إلى الإسلام أباحها الأول ونقله النووي في زيادة الروضة وقد ذكره أيضا القاضي الحسين وإمام الحرمين، وأشار إلى أن من قال أن الوطء بالشبهة تحلل بقول الوطء في الردة تحلل وينحل من كلامهم أن في التحليل بالوطء في النكاح الفاسد خلافا، وفي الوطء بالشبهة خلافا مرتبا عليه وفي الوطء في الردة خلافا مرتبا على الوطء بالردة هذا ما ينحل لي من كلامهم ولم يزد القفال في شرح التلخيص على تصحيح ما قاله ابن القاص من أنه إذا عاد إلى الإسلام حلل، وذكر تشكيك المزني وجواب ابن شريح والأصحاب له، ورأيت صاحب البحر قد ذكر أن القفال قال ومنها فسخ المرأة النكاح بعيب الزوج.
قال ابن الرفعة استشكل بعضهم تقريره بأنها إن علمت بالعيب فلا خيار وإلا فالنقاء من العيوب شرط الكفاءة ولا يصح النكاح إذا عدمت الكفاءة [على الأصح] 1 وإذا لم تصح انتفى الخيار قال وهذه غفلة عن قسم آخر وهو ما إذا أذنت له في التزويج من معين أو من غير كفؤ وزوجها الولي بناء على أنه سليم فإذا هو معيب والمذهب صحة النكاح في هذه الصورة كما صرح به الإمام في كتاب الوكالة وباب المرابحة.
ومنها: إذا وقع في نار تحرقه لا يمكنه الخلاص منها إلا بماء يغرقه.
ومنها: إذا حصل قطع الحلقوم والميء في الذبح بتحريك الذابح سكينة مع إعانة المذبوح على ذلك لاضطرابه وقد قدمناهما في قاعدة الضرر لا يزال بالضرر أول الكتاب وذكرنا ما فيهما.
1 سقط في "أ" والمثبت من "ب".