المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الرابعة: الرجوع إلى العادة - الأشباه والنظائر - السبكي - جـ ١

[تاج الدين ابن السبكي]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌القاعدة الرابعة: الرجوع إلى العادة

‌القاعدة الرابعة: الرجوع إلى العادة

1:

ومن ثم مقادير الحيض2 والنفاس3 والطهر4 وقصر الزمان وطوله عند البناء على الصلاة أو الأشياء وتناول الثمار الساقطة5 من الأشجار المملوكة في الطريق وأخذ طرف هدية لم يعتد رد مثله، وحمل الإذن في النكاح على الكفء، ومهر المثل واعتماد العرف في قدر القليل والكثير من دم البراغيث وفي قدر الموالاة بين الصلاتين لمن جمع تقديما، وخفة اللحية وكثافتها في الوضوء وعادة الرماة في مسافة الغرض المرمي إليه، ومقدار [ثواب] الهدية في وجه مسألة الغسال، وقدر المحقرات على رعي قطيع من الغنم. هل يجب بيان العدد أو يكتفي بما جرت العادة أن يرعاه الواحد ويحمل قول العاقد. أجرتك سنة -على المتصلة بالعقد، وإيجاب السرج والإكاف في استئجار دابة للركوب وكذلك الغطاء الذي يستظل به6، واعتبار ثلاثمائة ذراع بين الإمام والمأموم –على القول بأنه مأخوذ من العرف- وهو الصحيح. ولو شافهته امرأته بما يكره من شتم وسب فقال: إن كنت كذلك فأنت طالق فإن قصد المكافأة طلقت في الحال، وإن لم توجد

1 قال القاضي: أصلها قوله صلى الله عليه وسلم "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن".

قال العلائي: ولم أجده مرفوعا في شيء من كتب الحديث أصلا، ولا بسند ضعيف بعد طول البحث وكثرة الكشف، والسؤال؛ وإنما هو من قول عبد الله بن مسعود موقوفا عليه أخرجه أحمد في مسنده الأشباه والنظائر "99".

2 سن الحيض أقله تسع سنين قمرية تقريبا. وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: أعجل من سمعت من النساء تحيض نساء تهامة يحضن لتسع سنين أي تقريبا لا تحديدا؛ فيسامح قبل تمامها بما لا يسع حيضا وطهرا، أما إن وسع طهرا وحيضا فلا يسامح بل تعتبر من سن الحيض ويلاحظ من قول الشافعي أنه عرف أقل سن الحيض بالاستقراء وهو من الأدلة الشرعية، وفي سن الحيض هذا حكمنا العادة.

3 أقل النفاس مجة، وأكثره ستون يوما، وغالبه أربعون يوما.

4 وأقل الطهر خمسة عشر يوما ولا حد لأكثره.

5 فالمحكم في هذا الساقط العرف.

فإذا اباح عرف الناس أكل الساقط حل أكله وإلا فلا، ومحل تحكيم العادة إذا لم يكن هناك دليل على المنع كسوء وإلا حرم تناول الساقط.

6 أي إذا اقتضت العادة بوجوب وضع السرج وما تحته من إكاف؛ فلا بد منه وإلا فلا تجب وذلك إن اطرد العرف فإن اضطرب فلا بد من البيان فإن خالف المؤجر العرف يفسخ عقد الإجارة.

ص: 50

الصفة أو قصد التعليق طلقت بتلك الصفة بالرجوع إلى العرف إذا طلق، والعرف يقتضي ذكر ذلك للمكافأة1.

قال [الرافعي] 2

يحتمل وجهين واتباع اللفظ أولى.

والمنكوحة الرقيقة إذا كانت جميلة تخدم في العادة، لم يجب إخدامها. وقيل يجب للعادة.

ومنها: كتب المراسلات، قال ابن الصباغ في باب الوليمة من الشامل: حكى القاضي أن بعض أصحابنا قال: لا يملكها المكتوب إليه؛ ولكن له الانتفاع بها حكم بحكم العادة الجارية في إباحة ذلك.

فصل:

واشتهر عند الفقهاء أن ما ليس له ضابط في اللغة ولا في الشرع يرجع فيه إلى العرف، وهذا صريح في تقديم اللغة على العرف وعند الأصوليين أن العرف مقدم على اللغة3.

1 روضة الطالبين 8/ 185، والاعتناء في الفرق والاستثناء في كتاب الطلاق.

2 في ب الغزالي.

3 قال في التكملة من القواعد المشتهرة على ألسنة الفقهاء أن ما ليس له حد في الشرع ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف. قال والذي في شرح المهذب وليس مخالفا لما يقوله الأصوليون من أن اللفظ الشارع يحمل على المعنى الشرعي ثم العرفي ثم اللغوي، قال: والجمع بين الكلامين إذا تعارض معناه في العرف ومعناه في اللغة قدمنا العرف ومراد الفقهاء إذا لم يعرف حده في اللغة؛ فإنا نرجع فيه إلى العرف؛ ولهذا قال كل ما ليس له حد في اللغة ولم يقولوا ليس له معنى فالمراد أن معناه في اللغة لم ينصوا على حده بما يبينه فيستدل بالعرف عليه.

قلت: وإذا تعارضت الحقيقة الشرعية واللغوية فقيه مذاهب:

أحدهما يحمل على الشرعي وصححه ابن الحاجب وهو مذهب الحنفية لأن المعنى الشرعي الحقيقي وهو الذي وضع له اللفظ في اصطلاح مخاطب الشرع فيتعين حمل اللفظ عليه.

والثاني يكون مجملا.

والثالث قاله الغزالي إن ورد في الإثبات حمل على الشرعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث لبيان الشرعيات، وإن ورد في النهي حمل على اللغوي. وإن شئت مزيد تفصيل فارجع إلى نهاية السؤال مع حاشية الشيخ بخيت 2/ 200 وما بعدها.

ص: 51

ولا منافاة بين الأمرين لعدم تواردهما على محل واحد كما قررناه في شرحي المختصر والمنهاج وحكيناه عن الشيخ الإمام تغمده الله برحمته.

ومن ثم مسائل:

منها: التفرق القاطع لخيار المجلس؛ فإن لفظ التفرق ورد من الشارع ولم يبين حده، فيجب حمله على ما بعد تفرقا في العرف.

ومنها: الحرز في السرقة.

ومنها: الإحياء.

ومنها: الاستيلاء في الغضب، اتفق الأصحاب على أن المرجح في كون الفعل استيلاء وغير استيلاء إلى العرف.

فصل:

العادة في الحيض على أربعة أنواع1.

أحدها: ما يثبت بمرة على الصحيح وهو قدر الحيض، وفي وجه بمرتين وفي [ثالث] 2 بثالث.

النوع الثاني: عادة تثبت بمرة بلا خلاف وهي الاستحاضة؛ لأنها علة مزمنة فالظاهر أنها إذا وقعت دامت3، وعادة تثبت بمرة ولكن على الصحيح وهي ما ذكرناه في المستحاضة المردودة إلى عادتها.

والثالث: عادة لا تثبت بمرة ولا بمرات وإن تكررت بلا خلاف، وصورتها منقطعة الدم إذا رأت يوما دما ويوما نقاء واستمرت بها الأدوار هكذا وقلنا: بقول اللفظ، وأطبق الدم على لون واحد. فإنا لا نلتفظ بها قدر أيام الدم بلا خلاف؛ وإنما يحيطها ما كنا نجعله حيضًا بالتلفيق، قال الإمام والاحتمال فيه أدنى مجال. وكذا لو ولدت مرارا ولم تر نفاسا ثم ولدت ويطبق الدم وجاوزت ستين يوما؛ فإن عدم النفاس لا يصير عادة لها بلا خلاف بل هي مبتدأة في النفاس4.

1 قاله الإمام الغزالي وغيرهما.

2 وفي ب وجه.

3 وسواء في ذلك المبتدأة والمعتادة والمتحيرة.

4 الأشباه والنظائر ص100، والمنثور للزركشي 2/ 359.

ص: 52

والرابع: عادة لا تثبت بمرة ولا [بمرات] 1 على الأصح.

وصورتها: التوقف بسبب تقطع الدم، إذا كانت ترى يوما دما ويوما نقاء؛ فإن الانقطاع الثاني والثالث وما بعده إلى آخر الخمسة عشر لا يخرج عل الخلاف في ثبوت العادة بالمرة وهي الانقطاع الأول؛ بل تمر بما تمر به الطاهرات بمجرد الانقطاع، بخلاف الشهر الثاني فإنه مخرج على الخلاف لأن الشهر الأول قد أثبت عادة في الانقطاع فهذه عادات باب الحيض الأربع.

فصل:

جزموا في الكلب المعلم بأنه لا بد من تكرار يغلب على الظن أنه عادة ولا يكفي مرة واحدة قطعا وفي المرتين خلاف، وكذلك في الثلاث2، وجزموا باشتراط التكرار في القائف3، وفي اختبار الصبي قبل البلوغ4، ونظائره كثيرة،

ومنها: فرعان لم أر فيهما نقلا.

أحدهما: أن القاضي لا يقبل الهدية ممن لم يكن له عادة قبل الولاية، ولا ممن كانت له عادة ما دامت له خصومة5. بماذا تثبت العادة المذكورة؟

ولم أجده مسطورا وكلام الأصحاب يلوح بثبوتها بمرة واحدة؛ ولذلك عبر [الرافعي] 6 بقوله: تعهد منه الهدية، والعهد صادق بمرة7.

والثاني: أنهم حرموا صوم يوم الشك ما لم يوافق عادة له8، كما إذا كان يصوم

1 في ب مراد.

2 الأشباه والنظائر للسيوطي ص100، المنثور للزركشي 2/ 359.

3 وهل يكتفي بمرتين أو لا بد من ثلاث وجهان رجح الشيخ أو حامد وأصحابه اعتبار الثلاث، وقال إمام الحرمين لا بد من تكرار يغلب على الظن به أنه عارف.

المصدر السابق والمنثور 2/ 361.

4 وبالمماسكة قالوا: يختبر مرتين؛ فصاعدا حتى يغلب على الظن رشده المنثور 2/ 360.

5 روضة الطالبين 11/ 143.

6 وفي ب الرافعي عنه.

7 11/ 143.

8 أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصم ذلك اليوم" البخاري 4/ 128 في كتاب =

ص: 53