المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(أ) دلائل الإعجاز شرح لمناظرة السيرافي - دلائل الإعجاز بين أبي سعيد السيرافي والجرجاني

[حسن إسماعيل عبد الرازق]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌دليل الكتاب

- ‌التمهيد

- ‌(أ) أبو سعيد السيرافي ومتى بن يونس

- ‌أما أبو سعيد السيرافي:فهو: أبوسعيد، الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي النحوي

- ‌ومن تلاميذه:

- ‌ومن مؤلفات أبى سعيد السيرافي:

- ‌وأما متى بن يونس:فهو: أبو بشر متى بن يونس، أو يونان القنائى، نسبة إلى ديرقنا

- ‌ومن أساتذته:

- ‌(ب) عبد الجبار: وعبد القاهر

- ‌أما عبد الجبار، فهو أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار ابن أحمد بن الخليل بن عبد الله الهمذانى الأسد أبادى

- ‌وكان سبب توليه القضاء:

- ‌ومن تلاميذه:

- ‌ومن آثاره:

- ‌وأما عبد القاهر:

- ‌وأما لماذا أسقط الثعالبي ذكر أبيه (عبد الرحمن)

- ‌ومن آثار عبد القاهر

- ‌(جـ) دلائل الإعجازقبل عبد القاهر الجرجاني

- ‌وقد بين -في هذا الكتاب- أن الأشاعرة -وغيرهم- ذكروا من وجوه الإعجاز ثلاثة هي:

- ‌ الذي يشتمل عليه بديع نظمه المتضمن للإعجاز وجوه:

- ‌ثم جعل المعاني على ضربين:

- ‌أما المعتزلة: - وهم الذين كانوا يرجعون دلائل الإعجاز، إلى جزالته للفظ وحسن المعنى

- ‌القسم الأول:منابع الدلائل في مناظرة أبي سعيد

- ‌1 - الفارق الزمني بين "الأسرار" و "البلاغة

- ‌أولاً: الملابسات التي أحاطت بتأليف الكتابين:

- ‌ثانياً: التاريخ الحقيقي لتأليف كل من الكتابين:

- ‌2 - الدافع إلى تصنيف الدلائل

- ‌3 - مناظرة أبي سعيد السيرافيومتى بن يونس حول المنطق والنحو

- ‌4 - الأفكار التي تضمنتها المناظرة

- ‌وهذه الدعوة تقوم على ما يأتي:

- ‌ويقوم رد أبي سعيد السيرفي على ما يلي:

- ‌القسم الثاني: الأسس التي قامت عليها "الدلائل

- ‌1 - الطائفة التي زهدت في "علم النحو

- ‌ويؤخذ مما سبق ما يلي:

- ‌2 - صحيح الكلام من سقيمه يعرف بالنظم

- ‌3 - المدخل إلى دلائل الإعجاز

- ‌4 - خطوات عملية النظم

- ‌ عبد القاهر قد تدرج بعملية النظم كما تدرج أبو سعيد السيرافي، وسار بها على هذ النحو:

- ‌أولاً: لا تفاضيل بين كلمة وأخرى في الدلالة على المعنى قبل دخولهما

- ‌ثانياً: ترتيب الألفاظ في النطق على حسب ترتيب المعاني في النفس:

- ‌ثالثاً: لا نظم في الكلم حتى يعلق بعضها ببعض، ويبنى بعضها على بعض:

- ‌رابعاً: المزية في النظم للمعنى وليست للفظ

- ‌خامساً: ثمرة النظم هي تصوير المعنى "نظرية البيان

- ‌فالروادف الموضحة

- ‌والأشباه المقربة:

- ‌والاستعارة الممتعة:

- ‌فأما الكناية:

- ‌وأما المجاز:

- ‌وأما الاستعارة:

- ‌وأما التمثيل

- ‌سادساً: نظرية النظم

- ‌5 - تشبيه النظم بالنسج

- ‌القسم الثالث: إثبات النظرية لأبي سعيد السيرافي

- ‌(أ) دلائل الإعجاز شرح لمناظرة السيرافي

- ‌(ب) الرد على من يثبت النظرية "لعبد الجبار

- ‌وقد تضمن هذا الرأي أمرين:

- ‌وأما أن عبد الجبار، كان يعلم أن المزية في معاني النحو وأحكامه، وأن ما قاله كان متضمناً لها، وأن ما قاله لم يكن سقطاً منه، فإننا نوره الرد عليه فيما يلي:

- ‌(جـ) حصيلة هذا البحث

- ‌وأما أن عبد الجبار كان يعلم بأن المزية في (معاني النحو) وأحكامه، فإننا رد عليه بما يلي:

- ‌ يمكننا الآن أن نخرج من هذا البحث، بحقائق على درجة كبيرة من الأهمية في تاريخ البحث البلاغي، وهي:

- ‌أولاً: أن مناظرة أبي سعيد السيرافي، كانت أساساً بني عليه البلاغيون نظريتي المعاني والبيان

- ‌ثانياً: أن عبد القاهر - في الدلائل - قد رد على ابن سنان ما رآه - في سر الفصاحة

- ‌ثالثاً: أن مصلحات (النظم) أو (الفصاحة) و (البلاغة) لا تكاد تجد لها أثراً في "أسرار البلاغة" إذا استثنينا عنوان الكتاب

- ‌وأما سر عدم وجود مصطلحي: (الفصاحة) و (البلاغة) - في الأسرار

- ‌المراجع والمصادر

الفصل: ‌(أ) دلائل الإعجاز شرح لمناظرة السيرافي

(أ) دلائل الإعجاز شرح لمناظرة السيرافي

ويمكننا أن نصوغ رد أبي سعيد السيرافي على متى بن يونس، في عبارات مترابطة على النحو التالي:

إذا كنتم محتاجون إلى معرفة صحيح الكلام من سقيمه، فإنه يعرف بالنظم والإعراب؛ لأن الإعراب كالميزان؛ يعرف به الرجحان من النقصان، والشائل من الجانح.

فأنتم محتاجون للغة العربية من أجل الترجمة؛ واللغة العربية مكونة من الإسم، والفعل، والحرف فأنتم محتاجون - أيضاً - إلى رصفها، وبنائها؛ على الترتيب الواقع في غرائز أهلها؛ وحينئذ ستجدون من ذلك الرصف وهذا البناء، معاني النحو منقسمة بين حركات اللفظ وسكناته وبين وضع الحروف في مواضعها المقتضية لها، وبين تأليف الكلام بالتقديم والتأخير، وتوخي الصواب في ذلك، وتجنب الخطأ من ذلك.

والنظم كالنسج، ففيه تخير، وإعمال فكر؛ إذ الكلام كالثوب، والنظم كالنسج، والمعاني كالسدى، والألفاظ كاللحمة، ورقة اللفظ كرقة الخيوط، وغلظة ككثافة غزله، وبلاغته كقصارته بمعنى تبييضه وتزيينه، ونقشه.

فمعنى قول القائل: كن نحوياً، لغوياً، فصيحاً: أفهم عن نفسك ما تقول؛ ثم رم أن يفهم عنك غيرك، وقدر اللفظ على المعنى فلا يفضل عنه، وقدر المعنى على اللفظ، فلا ينقص عنه، إذا كنت تريد الحقيقة، أما إذا أردت مجازاً، أو كناية، فأجل اللفظ بالروادف الموضحة، والأشباه المقربة، والاستعارات الممتعة، وبين المعاني بالبلاغة، أي لوح منها لشيء حتى لا تصاب إلا بالبحث عنها، والشوق إليها، لأن المعنى إذا ظفر به على هذا الوجه عز وجلا، وكرم وغلا.

ص: 160

فهذا المذهب باختصار هو (حقائق الأشباه، وأشباه الحقائق).

وهكذا: فإنك بالنحو ستصل إلى المعاني التي لا تستطيع الوصول إليها بعلم المنطق، فالمنطق لم يفصل بين مختلفين، ولم يرفع الخلاف بين اثنين فهل قوة المنطق هي التي جعلتك تعتقد أن الله ثالث ثلاثة؟ وأن ما تقولونه صحيح؟ هيهات!

كما أنه يمكننا - أيضاً -: أن نصوغ رد عبد القاهر على المعتزلة على النحو التالي:

إن زهدكم في علم النحو، وإصغاركم أمره، واحتقاركم له، أشبه أن يكون صداً عن كتاب الله تعالى، لأن الألفاظ مغلقة على معانيها، والإعراب هو الذي يفتحها، فهو المعيار الذي لا يتبين نقصان كلام ورجحانه حتى يعرض عليه، والمقياس الذي لا يعرف صحيح كلام من سقيمه حتى يعرض عليه، فسلامة النظم تبينها سلامة الإعراب، وعميلة النظم تتم على أساس النظر في الكلم، التي تتكون من الأسماء، والأفعال، والحروف، وانتقائها، ثم ترتيبها في النطق على حسب ترتيبها في النفس.

فإذا كنت قد علمت إطباق العلماء على تعظيم شأن النظم، وتفخيم أمره، والتنويه به، فاعلم أن النظم ليس إلا أن تضع كلامك الموضع الذي يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه، وأصوله وتعرف مناهجه التي نهجت، فلا تزيغ عنها، وتحفظ الرسوم التي رسمت لك، فلا تخل بشيء منها.

وباختصار شديد: النظم هو: (توخي معاني النحو فيما بين الكلم) وليست معاني النحو واجبة لها في ذاتها، وإنما بحسب الأغراض التي يساق لها الكلام، ثم بحسب موقع بعضها من بعض، كالأصباغ التي تعمل منها

ص: 161

الصور والنقوش في الثواب بالتخير والتدبر فيها وفي مواقعها، ومقاديرها وكيفية مزجها.

وهذا الكلام المنظوم على ضربين: ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، وضرب آخر أنت لا تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، ولكن يدلك اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه في اللغة، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض، ومداد هذا الأمر على: الكناية، والاستعارة، والتمثيل.

وههنا عبارة مختصرة، وهيي أن تقول:(المعنى، ومعنى المعنى).

وإذا كانوا قد شبهوا النظم بالنسج فإن ذلك التشبيه إنما هو بحسب الظاهر، وإلا فإنك قد تتأول في العبارة معنى يصح معه التقدير الإعرابي دون أن يتغير النظم، ولكنك إذا أردت قصداً آخر على قصدك الأول من النسج فإنه لا بد من أن تفك خيوطه، وتنسجه من جديد.

ولهذا فإن المفسر لكلام الله تعالى، قد تزل قدمه إذا لم يكن على علم بقواعد النحو، لأن من الآيات ما يحتمل أكثر من تأويل، كما في الآية الكريمة:"ولا تقولوا ثلاثة" فقد ذهبوا في رفع (ثلاثة) إلى أنها خبر مبتدأ محذوف، وقالوا: إن التقدير: ولا تقولوا: آلهتنا ثلاثة، وليس ذلك بمستقيم، لأنه - والعياذ بالله - شبه الإثبات أن ههنا آلهة، على أنه يمكن أن تقدر المعنى هكذا: ولا تقولوا: الله والمسيح وأمه ثلاثة أي لا تعبدهما كما نعبد الله، يبين ذلك قوله تعالى:"لقد كفر الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة".

ص: 162