الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للنحوي، بينما المنطقي ليس بحاجة إلى النحو، ولكن أبا سعيد ما زال ينتقل به من فن إلى فن ومن مساله إلى أخرى حتى أثبت له حاجة المنطقي إلى النحو، لا حاجة النحوي ألي المنطق، وذلك من خلال رده المفحم عليه، وما زال به حتى تفوض المجلس، وأهله يتعجبون من رباطة جأش أبى سعيد وتصرف لسانه وتهلل وجهه، وتتابع فوائده، ثم قال له الوزير:
عين الله عليك أيها الشيخ، فقد فديت أكباداً، وأقرر عيوناً، وبيضت وجوها، وحكت طرازاً، لا تبلية الأزمان، ولا تطرقه الحدثان.
وكان نظير أبو سعيد، وقرينه - في النحو والصرف - أبو على الفارسي - وهو من أعلام الدولة البويهيميه، وولد بفارس، وأتى بغداد سنة 307 هـ، وأقام بها يشتغل بالعلم، ثم رحل إلى حلب، وأقام عند سيف الدولة، في حلبته. وله مه المتنبي مناظرات، ثم انتقل إلى فارس وصحب عضد الدولة، وعلت منزلته عنده وألف له أبو على كتاب" الاتضاح" و " التكملة" في النحو، ورحل إلى بلاد كثيرة، وكان يدون ما يجرى له من مناظرات في كل بلد، في كتاب، كالحليبات، والبغداديات، والشيرازيات، وهكذا، وقد وازن أبو حيان التوحيدي بين أستاذه أبى على السيرافي، وبين أبى على الفارسي ففضل أبا سعيد، لسعة عليه، وتقواه، وقال: إن أبا على كان يشرب ويتخالع، ويفارق هدى أهل العلم (1).
ومن مؤلفات أبى سعيد السيرافي:
كتاب صنعة البلاغة والشعر، - ولم يصل إلينا - وكتاب:" شرح كتاب سيبوبه، في ثلاثة آلاف ورقة بخطة، في السلمانى، وما عمل مثله أحد، وكتاب: " المدخل إلى سيبويه" وكتاب: " شواهد كتاب سيبويه" وكتاب" الوقف والابتداء، وكتاب ألفات القطع والوصل، وكتاب أخبار النحويين البصريين، وكتاب" مقصورة ابن دريد" وكتاب " جزيرة العرب".
ويذكر أبو حيان التوحيدي: أن أبا على الفارسي قد اشترى شرح أبى سعيد في الاهواز، في توجهه إلى بغداد لاحقا بالخدمة الموسومة به، والندامة الموقفة عليه بألقي درهم، وأن هذا حديث مشهور، وإن كان أصحابه بأبون الإقرار به، إلا من زعم أنه أراد النفض عليه، وإظهار الخطأ فيه (1).
ومما يؤيد تفوق أبى سعيد على أبى على الفارسي، تلك المناظرة التي أثبت فيها حاجة المنطقي إلى النحو دون حاجة النحوي إلى المنطق، مما جعل الوزير أبا الفتح، الفضل بن الفرات بقول له: ما بعد هذا البيان من مزيد، ولقد جل علم النحو عندي بهذا الاعتبار، وهذا الاسفار، وقد كان أبو على غائباً عن المجلس فلما حدث بما كان أصبح يكتم الحسد لأبى سعيد على ما فاز به من هذا الخبر المشهور، والثناء المذكور - على حد تعبير أبى حيان التوحيدي (2).
كما أن هناك مقارنة بين أبى الحسن الرماني، وأبى على الفارسي، وأبى سعيد السيرافي، في النحو لبعض أهل الأدب، ذكرها ابن الأنباري في " نزهة الألباء"(3).
يقول فيها: كنا نحضر عند ثلاثة مشايخ من النحويين، فمنهم من لا نفهم من كلامه شيئاً، ًمنهم: من نفهم بعض كلامه دون البعض، ومنهم من نفهم جميه كلامه، فأما من لا نفهم من كلامه شيئا: فأبو الحسن الرماني، وأما من نفهم بعض كلامه، دون البعض: فأبو على الفارسي، وأما من نفهم جميع كلامه: فأبو سعيد السيرافي.