المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌386 - باب ترك الوضوء من مس الذكر - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٩

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌385 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌386 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌387 - بَابُ مَا رُوِيَ في مَسِّ ذَكَرِ الصَّغِيرِ

- ‌388 - بَابٌ: المُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌389 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌390 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ الحِجَامَةِ

- ‌391 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ دَمِ البَاسُورِ -أَوِ: النَّاسُورِ- وَالدَّمَامِيلِ

- ‌392 - بَابُ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌393 - بَابُ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌394 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي الوُضُوءِ مِنَ القَيْءِ

- ‌395 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنَ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌396 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الضَّحِكَ لَا يَنْقُضُ الوُضُوءَ

- ‌397 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الكَلَامِ الفَاحِشِ

- ‌398 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الكَلَامَ وَإِنْ عَظُمَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وُضُوءٌ

- ‌399 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَقْضِ الوُضُوءِ بِالفَوَاحِشِ

- ‌400 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الكَافِرِ

- ‌401 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الأَصْنَامِ

- ‌402 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّيءِ وَالدَّمِ

- ‌403 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الغَضَبِ

- ‌404 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي إِعَادَةِ وُضُوءِ مَنْ فَسَّرَ القُرْآنَ بِرَأْيِهِ

الفصل: ‌386 - باب ترك الوضوء من مس الذكر

‌386 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

2331 -

حَدِيثُ طَلْقِ بنِ عَلِيٍّ الحَنَفِيِّ:

◼ عَنْ قَيْسِ بنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم [فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ] 1، فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا تَرَى في مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ (فِي الصَّلَاةِ) 1؟ فَقَالَ:(([لَا بَأْسَ بِهِ] 2 هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ، أَوْ بَضْعَةٌ مِنْهُ (إِنَّهُ لَبَعْضُ جَسَدِكَ) 2)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: عَنْ طَلْقٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَكُونُ أَحَدُنَا فِي الصَّلَاةِ [فَيَهْوِي بِيَدِهِ] فَيَمَسُّ ذَكَرَهُ، أَيُعِيدُ الوُضُوءَ؟ قَالَ:((لَا، إِنَّمَا هُوَ مِنْكَ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 3 قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ، فَقَالَ:((لَيْسَ فِيهِ وُضُوءٌ، إِنَّمَا هُوَ مِنْكَ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 4 قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَنَا يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَيَحْتَكُّ فَتُصِيبُ يَدُهُ ذَكَرَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((وَهَلْ هُوَ إِلَّا بَضْعَةٌ مِنْكَ -أَوْ: مُضْغَةٌ مِنْكَ-؟ ! )).

[الحكم]:

مختلفٌ فيه:

فصَحَّحَهُ: ابنُ حِبَّانَ، والطحاويُّ، والطبرانيُّ، وابنُ حَزمٍ، وابنُ عبدِ الهادِي،

ص: 337

ومغلطاي، وابنُ التركماني، وأحمد شاكر، والألبانيُّ. وهو ظاهر صنيع الذُّهْلي.

وقال ابنُ المدينيِّ: ((هذا أحسن من حديثِ بُسْرةَ)).

وقال عمرٌو الفلَّاسُ: ((هو عندنا أثبتُ من حديثِ بُسْرةَ)).

وقال الترمذيُّ: ((هذا الحديثُ أحسنُ شيءٍ رُوي في هذا البابِ)).

وحَسَّنه ابنُ القطانِ.

بينما ضَعَّفَهُ: الشافعيُّ، وأبو زُرْعةَ وأبو حَاتمٍ الرازيان، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، والمنذريُّ، والنوويُّ

(1)

.

والراجح لدينا: أن إسنادَهُ جيدٌ، وما أُعِلَّ به غير قادح، والله أعلم.

[الفوائد]:

حديثُ طَلْقٍ هذا في عدم الانتقاض بالمسِّ مخالفٌ في ظاهره لحديثِ بُسْرةَ وغيرها من الصحابة الذين رووا الانتقاض.

ولقد سَلَك العلماءُ إزاء هذا التعارض مسالك، أبرزها:

أولًا: الجمع بين الحديثين، وذلك من وجوه:

منها: أن خبرَ طَلْقٍ يُحملُ على المسِّ بحائلٍ.

ومنها: أن المسَّ الذي لا ينقضُ هو ما لم يكن مُتعمَّدًا. واختاره شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله.

وقيل بغير ذلك من وجوه الجمع.

(1)

ووهم رحمه الله فنَقَل اتفاقَ الحفاظ على تضعيفه.

ص: 338

ثانيًا: النسخ. فقد ذهبَ جماعةٌ إلى أن حديثَ طَلْقٍ منسوخٌ، منهم: ابنُ حِبَّانَ، والطبرانيُّ، والحازميُّ

وغيرُهُم.

واستدلَّ ابنُ حزمٍ على نسخِهِ بأمورٍ، منها: أن خبرَ طَلْقٍ موافقٌ لما كان عليه الناسُ قبل ورود الأمر بخلافه. وإذا كان كذلك فإنه منسوخ يقينًا بورود الأمر بالوضوء من مسِّ الذَّكَرِ.

ثالثًا: الترجيح. وهذا هو المسلك هو الذي سلكه ابنُ القيمِ رحمه الله، وذَكَر في ذلك عدة مرجحات:

منها: قوله بضعف حديث طَلْقٍ. وقد بينا أن الأمرَ على خلاف ذلك، لكن الذي لا شَكَّ فيه أن حديثَ بُسْرةَ أقوى، وبخاصة إذا راعينا مشاركة جملة من الصحابة لها في رواية النقض.

ومنها: أن حديثَ طَلْقٍ باقٍ على الأصلِ -وهو عدم النقض- وحديث بُسْرةَ ناقل عن الأصل، والناقل مُقَدَّم؛ لأن أحكامَ الشارع ناقلة عما كانوا عليه.

وهذا من أدلة النسخ كما تقدَّمَ في كلام ابن حزم، وجعله ابن القيم من جملة المرجحات لحديث بُسْرةَ.

فتلخص من ذلك أن حديثَ طَلْقٍ مُؤَوَّلٌ، أو مرجوحٌ، أو منسوخٌ. والقولُ بالجمع أَوْلى إعمالًا لجميع الأدلة، والله أعلم.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [د 181 (واللفظ له)، 182 (والرواية الأولى له ولغيره) / ت 86 (مختصرًا) / ن 170 (والزيادة الأولى له ولغيره) / كن 205/ طا (رواية ابن الحسن 13) / حم 16286، 16292، 16295،

ص: 339

24009/ حب 1114، 1116 (والزيادة الثانية والرواية الثانية له ولغيره) / ش 1756/ عل (خيرة 935/ 2) / طب (8/ 399، 401/ 8243، 8249) / مدينة (1/ 60) / سعد (8/ 113) / جا 21/ ثحب (9/ 95) / لف 80/ قط 541، 543، 544/ طح (1/ 75) / كم (1/ 132) / صبغ 1374/ قا (2/ 41) / ضيا (8/ 152، 153/ 162، 163) / عد (2/ 304 - 305)، (9/ 123 - 124) / جعد 3299/ هق 652 - 654/ هقع 1117/ هقخ 564، 567، 568/ منذ 100/ ناسخ 101 - 103/ حل (7/ 166) / تحقيق 185 - 189/ محد 517/ علج 596 - 599/ عتب (صـ 40) / صحا 3964 - 3966/ مث 1675/ تخث (السِّفر الثاني 1175)، (السِّفر الثالث 1294) / مقط (1/ 520) / أصبهان (2/ 192، 331) / تمهيد (17/ 196) / فق 729/ مزي 28/ غقت (1/ 158) / حل (7/ 103) / منده (أمالي ق 35/ أ) / جوزي (ناسخ 57) / فصيب (ق 220/ أ) / مخلص 2214].

تخريج السياقة الثانية: [طي 1192 (واللفظ له) / عب 431 (والزيادة له) / طب (8/ 396/ 8233، 8234) / طس 1252/ طح 431/ عد (9/ 123) / تمام 1493، 1494، 1745/ هقع 1116/ عتب (صـ 40) / ترقف 120/ كما (24/ 569)].

تخريج السياقة الثالثة: [جه 486].

تخريج السياقة الرابعة: [حب 1115].

[السند]:

أخرجه أبو داود، قال: حدثنا مُسَدَّد، حدثنا مُلازِم بن عمرو الحنفي، حدثنا عبد الله بن بدر، عن قيس بن طَلْق، عن أبيه، به.

ص: 340

وأخرجه الترمذيُّ والنسائيُّ: عن هنادٍ، حدثنا ملازم بن عمرو، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ جيدٌ؛ رجاله كلُّهم ثقات.

* فأما مُلازِمُ بنُ عمرٍو، فوَثَّقَهُ أحمدُ، وابنُ مَعِينٍ، وأبو زرعةَ، والنسائيُّ، والدارقطنيُّ

وغيرُهُم (تهذيب التهذيب 10/ 385)، وقال الذهبيُّ:((ثقةٌ مُفَوَّه)) (الكاشف 5751)، وقال الحافظُ:((صدوقٌ)) (التقريب 7035).

وحاولَ البيهقيُّ -في (الخلافيات 2/ 288)، وفي (السنن الكبرى) - أن يغمزه، فنَقَلَ عن أبي بكر النيسابوري المعروف بالصبغي أنه قال:((ملازم فيه نظر)).

وهذا الكلام هو الذي فيه نظر، وقد تعقبه ابنُ التركماني في (الجوهر 1/ 134) بتوثيقِ مَن سميناهم، وكذلك تعقبه محقق (الخلافيات).

* وأما عبد الله بن بدر اليمامي، فثقةٌ أيضًا: وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ، وأبو زرعةَ، والعِجْليُّ، وابنُ حِبَّانَ (تهذيب التهذيب 5/ 154 - 155)، وقال الحافظان الذهبيُّ وابنُ حَجرٍ:((ثقةٌ)) (الكاشف 2641)، و (التقريب 3223).

وقد تابعه:

1 -

محمد بن جابر، وروايته عند أبي داود (182)، وابن ماجه (486)، وأحمد (16292) وغيرهم. وهو:((صدوقٌ، ذهبتْ كتبُهُ فساءَ حفظه وخلط كثيرًا، وعَمِي، فصارَ يُلقَّن)) (التقريب 5777).

2 -

أيوب بن عتبة، وروايته عند أحمد (24009)، وغيره. وهو ((ضعيف)) (التقريب 619).

ص: 341

3 -

عكرمة بن عمار، وروايته عند ابن حِبَّانَ (1116). ولكن المحفوظ عن عكرمة بن عمار رواية الحديث مرسلًا؛ حيث قال: عن قيس بن طلق، أن طلقًا سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم

الحديث، كذا مرسلًا

(1)

فيكون عكرمة مخالفًا لرواية الجماعة عن قيس.

ولا ريب أن روايةَ الجماعةِ على الاتصال أَوْلى بالصواب، لاسيما وعكرمة بن عمار مختلفٌ فيه، ولَخَّص حاله الحافظ بقوله:((صدوقٌ يغلط)) (التقريب 4672).

* وأما قيس بن طلق: فمختلفٌ فيه:

فوَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ في (رواية الدارمي عنه 486)، وقال أحمدُ:((ما أعلمُ به بأسًا)) (سؤالات أبي داود 551)، وقال العجليُّ:((تابعيٌّ ثقةٌ)) (معرفة الثقات وغيرهم 1532)، وذَكَره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 313)، وأخرجَ له هذا الحديثَ في (صحيحه). وصَحَّحَ له الحاكمُ في (المستدرك 8501) حديثًا غير هذا، وصَحَّحَ حديثَه هذا جماعةٌ مِنْ أهلِ العلمِ سيأتي ذكرهم قريبًا. وقال الحافظُ:((صدوقٌ من الثالثة، وَهِم مَن عَدَّه من الصحابة)) (التقريب 5580).

هذا وقد جاءَ عن الشافعيِّ وابنِ مَعِينٍ وأحمدَ وأبي حَاتمٍ وأبي زرعةَ وغيرهم ما يخالف ذلك:

* فقال الشافعيُّ: ((قد سألنا عن قيس، فلم نجدْ من يعرفه بما يكون لنا قَبول خبره)) (المعرفة 1114)، و (البدر المنير 2/ 466).

(1)

سيأتي تخريج هذه الرواية المرسلة والكلام عليها عقب هذا.

ص: 342

* وأخرج الدارقطنيُّ، والحاكمُ، والبيهقيُّ في (المعرفة 1132) وفي (الكبرى 655) من طريق عبد الله بن يحيى القاضي السَّرْخَسي، نا رجاء بن مُرَجًّى الحافظ قال:((اجْتَمَعْنَا فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ أَنَا وَأَحمَدُ بن حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بن المَدِينِيِّ وَيَحيَى بنُ مَعِينٍ، فَتَنَاظَرُوا في مَسِّ الذَّكَرِ: فقال يحيى: يُتَوَضَّأُ منه. وقال عَلِيُّ بنُ المَدِينِيِّ بقولِ الكوفيين وتقلَّد قولَهم. واحتجَّ يحيى بنُ مَعِينٍ بحديثِ بُسْرةَ بنتِ صفوانَ. واحتجَّ عليُّ بنُ المدينيِّ بحديثِ قَيْسِ بنِ طَلْقٍ وقال ليحيى: كيف تَتَقَلَّدُ إِسْنَادَ بُسْرةَ، ومَرْوانُ أرسلَ شرطيًّا حتى رَدَّ جوابَها إليه؟ ! فقال يحيى: وقد أكثر الناسُ في قيسِ بنِ طَلْقٍ وأنه لا يُحتجُّ بحديثِهِ! فقال أحمدُ بنُ حَنبلٍ: كلا الأمرين على ما قلتما))

إلخ.

ففي هذه القصة نصَّ ابنُ مَعِينٍ على أن قيسًا لا يُحتجُّ به، وإقرارُ أحمد له على ذلك!

وعلى هذه القصة اعتمدَ البيهقيُّ حينما قال: ((وقيس بن طَلْق ليس بالقويِّ عندهم، غمزه يحيى بنُ مَعِينٍ بين يدي أحمد بن حنبل، وقال: لا يُحتجُّ بحديثِهِ)) (الخلافيات 2/ 282).

وفَهِم ابنُ الجوزيِّ من هذه القصة أن أحمدَ وابنَ مَعِينٍ يُضَعِّفان قيس بن طلق، فقال:((وأما قيس بن طَلْق فقد ضَعَّفَهُ أحمدُ وابنُ مَعِينٍ))، ذَكَر ذلك في (التحقيق 1/ 185)، و (الضعفاء والمتروكين 3/ 20)، و (العلل المتناهية 1/ 363).

وتبعه على هذا الذهبيُّ في (الميزان 5/ 480) وفي (المغني 2/ 527) وفي (التاريخ 8/ 206)، وفي (التنقيح 1/ 63)، وكذلك ابنُ المُلقِّنِ في (البدر المنير 2/ 466).

ص: 343

* وقال الخَلَّالُ عن أحمدَ: ((غيره أثبتُ منه))، كذا نقله الحافظُ في (تهذيب التهذيب 8/ 399).

* وذَكَر ابنُ أبي حَاتمٍ أنه سألَ أباه وأبا زرعة عن هذا الحديثِ، فلم يثبتاه، وقالا:((قيس بن طلق ليس ممن تقوم به الحجة)) ووهناه. (علل الحديث 1/ 48/ 111).

* وأقرَّهما الدارقطنيُّ، فنَقَلَ هذا الكلامَ في (سننه 1/ 271) عقب إخراجه الحديث مُضَعِّفًا له بذلك.

وكذلك صنعَ البيهقيُّ في (الكبرى 1/ 396)، و (المعرفة 1134)، و (الخلافيات 565).

* بل قال الدارقطنيُّ -في موضع آخر من نفس الكتاب-: ((قيس بن طلق ليس بالقويِّ)) (سنن الدارقطني 3/ 117/ عقب رقم 2188).

* وقال المنذريُّ: ((قيس بن طَلْق لا يُحتج به)) (عون المعبود 2/ 235)، والظاهر أنه تبع في ذلك أبا حَاتمٍ وأبا زرعة.

* ولما ذَكَر الذهبيُّ الخلافَ فيه، ختمه بقول ابنِ القطان:((يقتضي أن يكون خبره حسنًا لا صحيحًا" (الميزان 5/ 481).

وأصل كلام ابن القطان ذَكَره عقب نقله لكلام أبي حَاتمٍ وأبي زرعة، فقال:((وإن كان ابنُ مَعِينٍ يقول: ((شيوخ يمامة ثقات)) فإن هذا التعميم لا يصحُّ القضاء به على مَن لعلَّه قد زلَّ عن خاطره أو خفي عليه بعض أمره، والحديثُ مختلفٌ فيه، فينبغي أن يقال فيه: حسن)) (بيان الوهم والإيهام 4/ 144).

ص: 344

والجواب عن ذلك في أربع نقاط:

الأولى: أن القصةَ التي رواها الدارقطنيُّ والحاكمُ والبيهقيُّ لا تَثبتُ؛ لأن راويها عبد الله بن يحيى القاضى، السَّرَخْسي متهم. والراوي عنه محمد بن الحسن النقاش متروك؛ لذا ضَعَّفَهَا ابنُ عبدِ الهادِي والذهبيُّ

وغيرُهُما. وقد تقدَّمَ الكلامُ عليها بالتفصيلِ في حديثِ بُسْرةَ.

فكيف يُعارَضُ توثيق ابنِ مَعِينٍ الذي نقله الدارميُّ، وكلام أحمد الذي نقله أبو داود- بمثل هذه الرواية الساقطة؟ !

ولذا تَعَقَّب ابنُ التركماني البيهقيَّ في اعتماده على هذه الحكاية الواهية، وقال:((وقد ذكرنا عن ابنِ مَعِينٍ أنه وَثَّقَ قيسًا، بخلاف ما ذُكِر عنه في هذا السندِ الساقطِ)) (الجوهر النقي 1/ 135).

وبهذا يسقطُ ما نسبه ابنُ الجوزيِّ والذهبيُّ وغيرُهُما لأحمدَ وابنِ مَعِينٍ من تضعيفهما قيسًا.

فأما ما نقله الحافظُ عن الخلَّالِ أن أحمدَ قال فيه: ((غيره أثبت منه)) فهذا خطأ، سببه اختصار السياق. وأصل كلام الخَلَّال كما نقله مغلطاي أنه ((قِيلَ لأحمدَ: حديثُ قيس بن طلق عن أبيه؟ قال: قد رُوِي، وغيرُهُ أثبتُ منه)) (شرح ابن ماجه 2/ 10).

وهذا واضحٌ في أن أحمدَ إنما يتكلمُ عن الحديثِ، وأنه قد عارضه ما هو أثبت منه -يعني حديث بُسْرةَ-، ولم يُرِد الإمام بهذا الكلام قط تليين قيس أو الطعن فيه، فهذا لا يُفْهَم من السياق أبدًا.

ويؤيد هذا أن أبا داود لما سألَ الإمامَ أحمدَ عن قيسٍ، فقال أحمد:((ما أعلم به بأسًا))، فقال أبو داود: فحديثُ مَسِّ الذَّكَرِ، أي شيء تدفع؟ قال

ص: 345

أحمد: ((هذا أكثر))، أي: من يرى مس الذَّكَرِ، كذا ذكره أبو داود في (سؤالاته لأحمد 551).

فاتضح من كل ذلك أن أحمدَ إنما يرجح الحديث المخالف لحديث طلق؛ لأنه أثبت إسنادًا وأكثر شواهد، وليس في كلامه تضعيف لقيس البتة. والله أعلم.

الثانية: أن قولَ الشافعيِّ: ((قد سألنا عن قيس، فلم نجدْ مَن يعرفه بما يكون لنا قَبول خبره)) غاية ذلك أنه لم يعرفه، وقد عَرَفه غيره، فوَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ وغيرُهُ كما سَبَقَ، وقد رَوى عنه غَيرُ واحدٍ، وصَحَّحَ حديثَه هذا جماعةٌ مِنْ أهلِ العلمِ، ومَن عَلِم حجةٌ على من لم يعلم. وبهذا أجابَ الحافظُ مغلطاي على كلامِ الشافعيِّ، انظر (شرح ابن ماجه 2/ 13).

الثالثة: أن قولَ أبي حَاتمٍ وأبي زرعةَ: ((قيس بن طلق ليس ممن تقوم به الحجة)) ليس صريحًا في الجرح، لاسيما عند أبي حَاتمٍ؛ فإنه يقول مثل هذا في كثير من رجال الصحيحين!

ولذا قال الذهبيُّ: ((إذا وَثَّقَ أبو حَاتمٍ رجلًا فتَمَسَّكْ بقوله

وإذا لَيَّن رجلًا أو قال فيه: ((لا يُحتجُّ به))، فتَوَقَّفْ حتى ترى ما قال غيره فيه، فإن وَثَّقَهُ أحدٌ فلا تَبْنِ على تجريح أبي حَاتمٍ فإنه متعنتٌ في الرجالِ، قد قال في طائفة من رجال الصحاح:((ليس بحجة)((ليس بقوي))، أو نحو ذلك)) (سير أعلام النبلاء 13/ 260).

ثم إن الظاهرَ من سياقِ الكلامِ أنهما ما قالا فيه ذلك إلا لأجل روايته هذا الحديث بعينه؛ إذ الحديث مُعارَض بما هو أثبت منه عندهم كما سَبَقَ، فالمقصودُ إذن الحديث، وليس الرجل؛ ولذا في ترجمته من (الجرح

ص: 346

والتعديل 7/ 100) لم يذكر ابن أبي حَاتمٍ فيه سوى توثيق ابن مَعِينٍ له، ولم ينقل عن أبيه ولا عن أبي زرعة شيئًا، فموقفهما هذا شبيه بموقف أحمد السابق ذكره.

وقد فَطَن الحافظُ ابنُ عبدِ الهادِي لهذه النكتة، فقال: ((والذي يظهرُ أن حديث قيس حسن أو صحيح، ولم يأتِ مَن ضَعَّفَهُ بحجة، بل إنما تُكلم فيه لروايته هذا الحديثُ، وإنما تُكلم في هذا الحديثِ لروايته له، وهذا دور. وقد وَثَّقَ قيسًا يحيى بنُ مَعِينٍ

وقد احتجَّ بحديثِ قيسٍ عن أبيه النسائيُّ، وصَحَّحَهُ أبو حَاتمٍ البُسْتيُّ، وحَسَّنه الترمذيُّ، وقد روى حديثَه عن أبيه أصحابُ السننِ والمسانيدِ، وأحاديثُه معروفةٌ ليسَ فيها ما يُنْكَر)) (تعليقه على العلل 1/ 86، 87).

وهذا كلامٌ بديعٌ ماتعٌ من هذا الإمامِ، وبه يجابُ أيضًا على كلام الدارقطنيِّ، إذ الظاهر أنه تقلَّد قول أبي حَاتمٍ في قيسٍ، وإلا فقد سأله البَرْقاني عن ملازم بن عمرو، فقال:((يمامي ثقة))، فقال البرقاني: حديثه عن عبد الله بن بدر اليمامي عن قيس بن طلق عن أبيه؟ قال: ((كلهم من أهل اليمامة، وهذا إسنادٌ مجهول، يخرج)) (سؤالات البرقاني 494).

وسأله مرة أخرى عن هذا الإسناد مع إسناد آخر، فقال:((حَمَلهما الناس، ويُخَرَّجان" (سؤالات البرقاني 570).

الرابعة: قول ابنِ القطان -عقب ذكره لكلام أبي حَاتمٍ وأبي زرعة-: ((وإن كان ابنُ مَعِينٍ يقول: (شيوخ يمامة ثقات)، فإن هذا التعميم لا يصحُّ القضاء به على مَن لعلَّه قد زل عن خاطره أو خفي عليه بعض أمره)).

هذا الكلام فيه نظر واضح إذا ما قرأت النصَّ الذي جاء فيه توثيق

ص: 347

ابن مَعِينٍ، وها هو:

قال الدارميُّ: ((قلتُ: فعبد الله بن نعمان، عن قيس بن طلق؟ قال: شيوخ يمامية ثقات)) (تاريخ ابن مَعِينٍ، رواية الدارمي 486)

(1)

.

فظهر بذلك أن كلامَ ابنِ مَعِينٍ وقعَ في نقلِ ابنِ القطان محرَّفًا ومختصرًا؛ ولذا فَهِم منه فَهِم.

قلنا: وقد خرَّج حديثَه غَيرُ واحدٍ منَ الأَئمةِ وصححوه، ومنهم مَن رجَّحه على حديث بُسْرةَ:

1) فقال عمرو بن علي الفلاس: ((هو عندنا أثبت من حديث بُسْرةَ)) (الاعتبار 1/ 227)، و (التلخيص 1/ 125).

2) وقال ابنُ المديني: ((حديث ملازم هذا أحسن من حديث بُسْرةَ)) (شرح معاني الآثار 1/ 76).

3) وقال الطحاويُّ: ((حديث ملازم صحيح مستقيم الإسناد)) (شرح معاني الآثار 1/ 76).

4) وقال محمد بن يحيى الذُّهْلي: ((نرى الوضوء من مسِّ الذَّكَرِ استحبابًا لا إيجابًا، بحديث عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم)

(1)

ووقع هذا القول في (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 5/ 205) فيما كَتَب إليه عثمان الدارمي، بتصحيف (عبد الله بن نعمان) إلى (ابن يعمر)؛ ولذا ذكره ابن أبي حاتم في ترجمة ابن يعمر.

وابن يعمر هذا لا يُعْرَف إلا بحديث واحد استنكره أبو حاتم وغيره، يرويه عن أبي بكر بن أبي قيس، ويرويه عنه حميد بن هانئ، ولم يذكر أحد رواية له عن قيس بن طلق. فالله أعلم.

ص: 348

(صحيح ابن خُزيمةَ 35). فلو لم يصح عنده لما قال ذلك، وهو واضح.

5) وصَحَّحَهُ ابن حِبَّانَ؛ بإخراجه في (صحيحه).

6) وصَحَّحَهُ الطبرانيُّ كما مرَّ في الباب السابق عند الكلام على الحديث الآخَر لطلق، ويُنظر كلامه في (المعجم الكبير 8/ 402).

7) وكذلك صَحَّحَهُ ابنُ حَزمٍ في (المحلى 1/ 239).

8) وحسَّنه ابنُ القطانِ الفاسيُّ؛ فقال: ((والحديثُ مختلفٌ فيه، فينبغي أن يقال فيه: حسن)) (بيان الوهم والإيهام 4/ 144).

9) وقال ابنُ عبدِ الهادِي: ((حسن أو صحيح)) (تعليقه على العلل 1/ 86).

10) وصَحَّحَهُ مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 13).

11) وابنُ التركماني في (الجوهر النقي 1/ 135).

12) وقال بدرُ الدينِ العينيُّ -بعد أن أعل كل شواهد هذا الباب-: ((هذه الأحاديث كلها لا تخلو عن علة، والحديث الذي عليه العمدة حديث طلق)) (البناية شرح الهداية 1/ 300 - 304).

12) والشيخ أحمد شاكر في تعليقه على (جامع الترمذي 1/ 132).

13) والشيخ الألبانيُّ، حيثُ قال:((هذا سندٌ صحيحٌ، رجاله كلهم ثقات، وقد تَكلَّم بعضُهم في قيس بن طلق بغير حجة نعلمها! وقد وَثَّقَهُ ابنُ مَعِينٍ والعِجْليُّ وابنُ حِبَّانَ. وقال الذهبيُّ في (الميزان) -بعد أن ذكر قول مَن جرَّحه-: (قال ابنُ القطان: يقتضي أن يكون خبره حسنًا لا صحيحًا).

قلت -القائل الألبانيُّ-: وعلى ذلك جرى الترمذي، فروى له ثلاثة أحاديث بإسناد واحد من طريق هناد، عن ملازم بن عمرو

به: الأول في

ص: 349

الوتر (رقم 1293) والثاني في الصوم (رقم 2033). والثالث في النكاح (1/ 217 - طبع بولاق)؛ وحَسَّنها كلها.

وصَحَّحَ له الحاكمُ في ((المستدرك)) (4/ 146) حديثًا رابعًا في الرقية. ووافقه الذهبيُّ على تصحيحه

)).

ثم قال: ((ولستُ أشكُّ أن حديثَ بُسْرةَ أصحُّ من هذا؛ لأن إسنادَهُ أشهر، ولأن له شواهد قوية، بخلاف هذا، فليس له إلا شواهد ضعيفة الأسانيد، كما يتببن لك ذلك بمراجعة ((نصب الراية)) و ((التلخيص))، ولكن الحديث على كلِّ حالٍ صحيح)) (صحيح سنن أبي داود 176).

ويتلخص مما تقدَّمَ أن الحديثَ ضَعَّفَهُ كل من: الشافعيِّ، وأحمدَ، وأبي حَاتمٍ، وأبي زرعة، والدارقطنيِّ، والبيهقيِّ، وابنِ الجوزيِّ، والمنذريِّ.

وممن ضَعَّفَهُ أيضًا غير هؤلاء: النوويُّ، بل بالغَ في ذلك فقال:((ضعيفٌ باتِّفاقِ الحفاظِ))! ! (المجموع 2/ 42).

قلنا: قد صَحَّحَ الحديثَ ابنُ المدينيِّ، والفلَّاسُ، والذُّهْليُّ، وجماعةٌ كما تقدَّمَ، فأين ومتى اتَّفَقُوا على تضعيفه؟ !

هذا والله تعالى هو الموفق للصواب.

ص: 350

2332 -

مُرْسَلُ قَيْسٍ:

◼ عَنْ قَيْسِ بنِ طَلْقٍ: أَنَّ طَلْقًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَمِسُّ ذَكَرَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: ((لَا بَأْسَ بِهِ؛ إِنَّمَا هُوَ كَبَعْضِ جَسَدِكَ (بَضْعَةٌ مِنْهُ))).

[الحكم]:

المتنُ صحيحٌ على ما رجَّحناه فيما سَبَقَ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ لإرساله.

[التخريج]:

[منذ 101 (واللفظ له) / عد (8/ 298) (والرواية له) / هقخ 562، 563/ هقع 1124، 1125].

[السند]:

أخرجه ابنُ المنذر في (الأوسط 101).

وأخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 8/ 298): عن أحمد بن محمد الشرقي.

وأخرجه البيهقيُّ في (المعرفة 1124، 1125)، و (الخلافيات 562، 563) من طريق الأصم وأبي طاهر المحمداباذي.

أربعتهم (ابنُ المنذرِ، وأحمدُ بنُ محمدٍ الشرقيُّ، الأصمُّ، وأبو طاهرٍ المحمداباذي): عن أبي أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء -زاد الشرقي: الحسن بن هارون-.

كلاهما: عن الحسين بن الوليد، عن عكرمة بن عمار، عن قيس بن طلق: أَنَّ طَلْقًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ ذَكَرَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: ((لَا بَأْسَ بِهِ؛ إِنَّمَا هُوَ كَبَعْضِ جَسَدِكَ)).

وقال ابنُ عَدِيٍّ -عقبه-: ((ولا أعلمُ يَروي هذا عن عكرمة غير الحسين بن الوليد، وهو نيسابوري لا بأس به)).

ص: 351

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيف لإرساله؛ فقيس بن طلق تابعي، لم يَلْقَ النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكره الحافظ في (الطبقة الثالثة)، وقال:((وَهِم مَن عده من الصحابة)) (التقريب 5580).

وبهذا أعلَّهُ البيهقيُّ، فقال:((وهذا منقطعٌ؛ لأن قيسًا لم يشهدْ سؤال طلق. وعكرمة بن عمار أقوى مَن رواه عن قيس بن طلق، وإن كان هو أيضًا مُختلَفًا في عدالته: فاحتجَّ به مسلم بن الحَجاج في غير هذا الحديث، وتَرَكه البخاريُّ، وضَعَّفَهُ يحيى بنُ سعيد القطان في آخرين)) (المعرفة 1126).

قلنا: عكرمةُ صدوقٌ يغلطُ، وقد رواه عبد الله بن بدر عن قيس به موصولًا كما سَبَقَ، وابن بدر ثقة اتِّفاقًا، فليس كما زعم البيهقيُّ أن عكرمةَ أقوى مَن رواه عن قيس، وقد توبع ابن بدر على وصله، وقد رواه ابنُ حِبَّانَ (1116) عن ابن المنذر عن الفراء به موصولًا كما تقدَّم، ولعلَّ هذا لأنه حمل رواية عكرمة على الاتصال، إذ الظاهر أن قيسًا تَحَمَّله من أبيه كما رواه غير عكرمة، والله أعلم.

وبمثل هذا الذي قررناه تَعَقب ابنُ عبدِ الهادِي على البيهقيِّ، فذكر كلامه السابق، ثم قال: ((وفي قوله نظر من وجهين:

أحدهما: مَنْع كون عكرمة بن عمار أَمْثَل مَن يرويه عن قيس.

الثاني: أنه وإن كان أمثلهم فلم يخالفهم في روايته هذا الحديث عن قيس، فإن قوله:(عن قيس أن طلقًا) محمول على الاتصال عند جمهور أهل العلم، ولا فرق بين:(عن طلق) و (أن طلقًا) على الصحيح

(1)

فإنه لا اعتبار

(1)

كذا قال رحمه الله، وكلامه فيه نظر؛ بل الجمهور على خلاف قوله؛ إذ رواية (عن طلق) تدلُّ على تحمله ذلك من أبيه، بينما رواية (أن طلقًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم لا تدلُّ على ذلك مطلقًا، بل هي مرسلة، حيث إن قيسًا يحكي واقعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشهدها ولم يدركها، ولكن لو قال (أن طلقًا قال: سألت

) لاختلف الأمر، حيث يكون طلق هو راوي الخبر وليس قيسًا، فحينئذٍ يتنزل كلام ابن عبد الهادي الذي نقله عن الجمهور بأنه لا فرق بين (عن) و (أنَّ).

ويُنظر للمزيد من التفصيل والتأصيل لهذه المسالة: (الكفاية للخطيب البغدادي، صـ 415)، و (التقييد والإيضاح للحافظ العراقي، صـ 74)، و (النكت على كتاب ابن الصلاح للحافظ ابن حجر 2/ 562)، و (النكت الوفية للبقاعي 1/ 388)، و (فتح المغيث للسخاوي 1/ 191).

ص: 352

بالحروف والألفاظ، وإنما الاعتبار باللقاء والمجالسة، والسماع والمشاهدة، وقيس قد عُرِف أنه سمع من أبيه وروى عنه غير حديث، ولا نعرفُ أحدًا رمَاه بالتدليس، والله أعلم)) (تعليقه على العلل صـ 90).

وقال العينيُّ: ((لا يلزمُ من إرسالِ عكرمة بن عمار عدم صحة الحديث من غيره. وقوله: (عكرمة بن عمار أقوى مَنْ رواه عن قيس) غير صحيح؛ لأن عكرمةَ أيضًا مختلفٌ فيه؛ ولهذا لم يخرج له البخاريُّ إلا مُستشهِدًا. وضَعَّفَهُ يحيى القطان في أحاديث عن يحيى بن أبي كثير، وقَدَّم مُلازِمَ بن عمرو عليه)) (نخب الأفكار 2/ 118).

ص: 353

2333 -

حَدِيثُ مَرْثَدٍ:

◼ عَنْ مَرْثَدِ بنِ الصَّلْتِ قَالَ: وَفَدْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ؟ فَقَالَ:((إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. واستنكره: أبو القاسم البغويُّ، وضَعَّفَهُ جدًّا.

وأقرَّه: أبو نُعيمٍ، ومغلطاي، وابنُ حَجرٍ.

[التخريج]:

[قا (3/ 70) / صبغ (مغلطاي 2/ 18)، (جامع 9337) / صحا 6192 (واللفظ له) / شيرازي (صحابة - إصا 10/ 103) / مديني (صحابة - إصا 10/ 103)].

[التحقيق]:

له طريقان:

الطريق الأول: أخرجه ابنُ قانع في (الصحابة) قال: حدثنا محمد بن المطلب الخزاعي، نا علي بن قَرِين، نا حبيب بن موسى الجُعْفي، قال: سمعت عبد الرحمن بن مرثد الجعفي، عن أبيه مرثد بن الصلت، به.

وهذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه: علي بن قرين، قال يحيى بنُ مَعِينٍ:((لا يُكتبُ حديثُهُ، كذَّابٌ خبيثٌ))، وقال أبو حَاتمٍ:((متروكُ الحديثِ))، وقال العُقيليُّ:((كان يضعُ الحديثَ))، انظر:(لسان الميزان 5464). وشيخه حبيب بن موسى الجعفي، وشيخ شيخه عبد الرحمن بن مرثد الجعفي- لم نقف لهما على ترجمة.

الطريق الثاني: أخرجه أبو القاسمِ البغويُّ في (الصحابة) -ومن طريقه

ص: 354

أبو نعيم في (معرفة الصحابة) - قال: حدثنا محمد بن خلف المقرئ، حدثني أحمد بن محمد بن شَمَّاس، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو، قال: سمعت عبد الرحمن بن مرثد الجعفي يُحَدِّثُ عن أبيه مرثد بن الصلت، به.

ثم قال البغويُّ: ((وهذا حديثٌ منكرٌ، والذي حَدَّثَ به عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة، وهو ضعيفُ الحديثِ جدًّا)) (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 18)، و (الإصابة 10/ 103).

قلنا: بل قال أبو حَاتمٍ في ابن جبلة: ((كان يكذبُ، فضربتُ على حديثِهِ))، وقال الدارقطنيُّ:((متروكٌ، يضعُ الحديثَ))، وكذَّبه غيرهما، انظر (اللسان 4663).

وعلى هذا فالإسنادُ ساقطٌ أيضًا.

قال ابنُ حَجرٍ: ((وقد تابعه ضعيفٌ مثله، فأخرجه ابنُ قانعٍ ويحيى بن يونس الشيرازي من طريق علي بن قرين

نحوه، وأخرجه أبو موسى في الذيل)) (الإصابة 10/ 103).

وابن قرين هذا كذَّابٌ أيضًا كما سَبَقَ.

ص: 355

2334 -

حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:

◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ، فَقَالَ:((إِنَّمَا هُوَ جُزْءٌ مِنْكَ)).

• وفي رواية 2: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَسَستُ ذَكَري وَأَنَا أُصَلِّي؟ قَالَ: ((لَا بَأْسَ؛ إنمَا هُوَ جُذَيَّةٌ

(1)

مِنْكَ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وضَعَّفَهُ: أبو زرعة الرازي وابنُ الجوزيِّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، ومغلطاي، والزيلعيُّ، والبوصيريُّ، والألبانيُّ.

[اللغة]:

قال ابنُ الأثير: ((وَفِي حَدِيثِ مَسِّ الذَّكَرِ: «إِنَّمَا هُو حِذْيَةٌ مِنْك» أَيْ قِطْعَة. قِيلَ هِيَ بِالكَسْر: مَا قُطع مِنَ اللَّحْمِ طُولا)) (النهاية 1/ 357)، و (لسان العرب 14/ 171 - دار صادر).

[التخريج]:

[جه 487 (واللفظ له) / عب 430 (والسياق الثاني له) / ش 1762/ طب 7945/ علج 600/ ناسخ 104/ هقخ 575/ كما (5/ 37) / عد (3/ 76 - 77) / تمام 1495/ تحقيق 190/ عل (مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه 1/ 70) / أجزاء أبي علي بن شاذان مخطوط 34].

[السند]:

أخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عن إسرائيل بن يونس، عن جعفر بن الزبير، عن

(1)

كذا ضبطت في (طبعة التأصيل)، وكذا رسمت في (مطبوعة الطبراني الكبير). ووقع عند ابن أبي شيبة:((حِذْوة)). ووقع عند ابن عدي: ((حِذْيَةٌ)).

ص: 356

القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة

به.

ورواه ابنُ أبي شيبة قال: حدثنا وكيع، عن جعفر بن الزبير

به.

ورواه ابنُ ماجه قال: حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحِمْصي، حدثنا مروان بن معاوية، عن جعفر بن الزبير

به.

ومدار الحديث عندهم بهذا السياق على جعفر بن الزبير

به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه جعفر بن الزبير، ولَخَّص الحافظُ حالَه فقال:((متروكُ الحديثِ)) (التقريب 939).

وبه أعلَّهُ أبو زرعة الرازي؛ قال البرذعيُّ: ((شهدتُ أبا زُرْعَة مَرَّ بحديثٍ في كتابي عنه، من (كتاب الوضوء)، عن أبي حصين بن يحيى بن سليمان، عن وكيع، عن جعفر بن الزُّبَيْر، عن القاسم، عن أبي أمامة:"في مسِّ الذَّكر"، فأمرنا أن نضربَ عليه. وقال لنا أبو زُرْعَة: جعفر بن الزُّبَيْر: ليس بشيء، لستُ أُحَدِّثُ عنه، فضربتُ عليه" (سؤالات البرذعي 1056).

وكذا أعلَّهُ: ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 185) -وأقرَّهُ ابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 279)، والذهبيُّ في (تنقيحه 1/ 63) -، وابنُ دقيق العيد في (الإمام 2/ 277)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 69)، والبوصيريُّ في (مصباح الزجاجة 1/ 70)، والألبانيُّ في (ضعيف سنن ابن ماجه 556).

وانظر (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 14 وما بعدها).

ص: 357

2335 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الحِمْيَرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَرِجَالٌ مَعِيَ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَسَأَلْنَاهَا عَنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ

(1)

فَرْجَهُ؟ فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَا أُبَالي إِيَّاهُ مَسَستُ أَوْ أَنْفِي)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: الدارقطنيُّ، والهيثميُّ، وابنُ حَجرٍ. وقال البيهقيُّ:((هذا منكرٌ))، وأقرَّهُ مغلطاي.

[التخريج]:

[عل 4875 (واللفظ له) / هقخ 576].

[السند]:

أخرجه أبو يعلى -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات) - قال: حدثنا الجَرَّاح بن مَخْلَد، حدثنا عمر بن يونس اليمامي، حدثنا المُفَضَّل بن ثواب -رجل

(2)

من أهل اليمامة- قال: حدثني حسين بن فادع

(3)

، عن أبيه، عن سيف بن عبد الله الحميري

(4)

به.

(1)

في المطبوع: ((يمسح))، وكذلك في (المقصد العلي 147).

والمثبت من (المطالب 140)، و (الإتحاف 604)، وهو أليق بالسياق. وقد زادا في متنه:((وَعَنِ الْمَرْأَةِ تَمَسُّ فَرْجَهَا))، وعند البيهقي:((فَسَأَلْنَاهَا عَنْ مَسِّ الفَرْجِ)).

(2)

في (المقصد): ((عن رجل)).

(3)

كذا في المطبوع من المصدرين، وذكر المحققان أنها في (الأصول):((أودع)).

قلنا: وكذلك في (الإتحاف 604)، وفي (المطالب)((وداع))، وفي (التلخيص 1/ 127) و (نصب الراية 1/ 60):((أوزع))، وفي (المجمع):((دفاع))، وفي (المقصد العلي 147):((قادع)) بالقاف، والله أعلم.

(4)

في (الخلافيات): ((الحميدي)).

ص: 358

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ لا يُعْرَفُ من رجاله سوى الجراح وشيخه، فهما ثقتان. وبقية رواته مجاهيل (المفضل وحسن وسيف).

قال الدارقطنيُّ: ((رواته مجهولون، لا تَثبت بهم حجة)) (العلل 9/ 328).

وقال البيهقيُّ: ((وهذا منكرٌ، وقد روينا عن عائشة رضي الله عنها بخلاف ذلك)) (الخلافيات 2/ 293).

وأقرَّهُ مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 19).

وقال الهيثميُّ: ((رواه أبو يعلى من رواية رجل من أهل اليمامة، عن حسين بن دفاع، عن أبيه، عن سيف. وهؤلاء مجهولون، وهو أقل ما يقال فيهم)) (المجمع 1258).

وقال ابنُ حَجرٍ: ((سيف بن عبد الله الحميري مجهول، له في مَسِّ الذَّكَرِ، نقلته من خط ابنِ عبدِ الهادِي)) (اللسان 3748).

وقال أيضًا: ((إسنادُهُ مجهولٌ)) (التلخيص 1/ 127)، وقال في (الدراية 1/ 42):((وفي إسنادِهِ مَن لا يُعْرَف)).

ص: 359

2336 -

حَدِيثُ عِصْمَةَ بْنِ مَالِكٍ:

◼ عَنْ عِصْمَةَ بنِ مَالِكٍ الخَطْمِيِّ [وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم] قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: [يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رُبَّمَا] احْتَكَّ بَعْضُ جَسَدِي [فِي الصَّلَاةِ]، فَأَدْخَلْتُ يَدِي أَحْتَكُّ، فَأَصَابَتْ يَدِي ذَكَرِي (فَرْجِي)، قَالَ:((وَأَنَا أَيْضًا يُصِيبُنِي ذَلِكَ (وَأَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ))).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: البيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ -وأقرَّهُ ابنُ عبدِ الهادِي-، والزيلعيُّ، ومغلطاي، والهيثميُّ، وابنُ حَجرٍ. وقال الألبانيُّ: موضوع.

[التخريج]:

[طب (17/ 178/ 468) (واللفظ له) / عد (8/ 573) (والزيادات الثلاث، والروايتان له ولغيره) / قط 542/ ناسخ 118/ هقخ 570، 572/ تحقيق 191].

[السند]:

أخرجه الطبرانيُّ في (الكبير) قال: حدثنا أحمد بن رشدين المصري، حدثنا خالد بن عبد السلام الصَّدَفي، حدثنا الفضل بن المختار، عن (عبيد الله) بن مَوْهَب

(1)

، عن عصمة بن مالك الخطمي، به.

ورواه الدارقطنيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ وابنُ الجوزيِّ- وابنُ شَاهينَ: من

(1)

في مطبوعة الطبراني: ((عبد الله بن موهب))، وفي مطبوعة الخلافيات:((عُبيد بن موهب)).

والصواب المثبت كما في بقية المصادر، وكذا في كتب التراجم.

ص: 360

طريق سعيد بن كثير بن عُفَيْر، قال: حدثنا الفضل بن المختار -وكان من الصالحين

وذَكَر من فضله- عن عبيد الله بن موهب، عن عصمة بن مالك الخطمي -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلًا قال

فذكره.

ومدار الإسناد عند الجميع على الفضل بن المختار، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه: الفضل بن المختار، وهو منكرُ الحديثِ جدًّا، يُحَدِّثُ بالأباطيلِ. انظر (اللسان 6069).

وبه أعلَّهُ البيهقيُّ فقال: ((والفضل بن مختار ليس بمحتج به، وكذلك عبيد الله بن موهب عن عصمة)) (الخلافيات 2/ 292).

وكذا أعلَّهُ بالفضل: ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 191) -وأقرَّهُ ابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 280) -، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 17)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 69).

وقال الهيثميُّ: ((رواه الطبرانيُّ في (الكبير) وفيه الفضل بن المختار، وهو منكرُ الحديثِ، ضعيفٌ جدًّا)) (المجمع 1259).

وقال الحافظُ: ((وإسنادُهُ واهٍ)) (الدراية 1/ 42).

وقال الألبانيُّ: ((موضوعٌ))، ثم ذَكَر إسنادَ الطبرانيِّ، وقال:((هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا أو موضوعٌ، آفته الفضل بن المختار هذا، وهو منكرُ الحديثِ، وله أباطيل وموضوعات)) (السلسلة الضعيفة 8/ 451/ 3983).

[تنبيه]:

قرن الدارقطنيُّ بين سند هذا الحديث وسند حديث عمر التالي، وهو

ص: 361

يرويه بنفس إسناد هذا الحديث إلى الفضل، وهو عن الصلت بن دينار بسند آخر، ثم قال: ((وعن عبيد الله بن موهب

)) وساق سند حديث عصمة، ولم يبين من القائل:((عن عبيد الله)).

وتبين لنا أنه الفضل، بدلالة رواية ابنُ شَاهينَ له من طريق ابن عفير -راويه عند الدارقطنيِّ-، وكذا رواية الباقين من طريق الفضل عن عبيد الله.

ولكن ابنُ الجوزيِّ لما رواه من طريقِ الدارقطنيِّ اقتصرَ على حديث عصمة، وجعله من رواية الفضل عن الصلت عن عصمة، فأسقط منه (عبيد الله))، ثم أعلَّهُ بالصلت! والفضل.

وتبعه على ذلك: ابنُ سَيدِ النَّاسِ في (النفح الشذي 2/ 296).

وقد تعقب ابنُ الجوزيِّ ابنُ عبدِ الهادِي بقوله: ((وحديث عصمة بن مالك يرويه الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عنه -لا عن الصلت-، ولو نقله المؤلفُ من كتابِ الدارقطنيِّ ولم يتصرفْ فيه، لم يقعْ له الوهمُ فيه، والله أعلم)) (التنقيح 1/ 281).

ص: 362

2337 -

حَدِيثُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ:

◼ عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي احْتَكَكْتُ فِي الصَّلَاةِ، فَأَصَابَتْ يَدِي فَرْجِي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((وَأَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: البيهقيُّ، ومغلطاي.

[التخريج]:

[قط 542/ هقخ 571].

[السند]:

أخرجه الدارقطنيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ- قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، نا أحمد بن محمد بن رشدين، نا سعيد بن عُفَيْر، نا الفضل بن المختار، عن الصلت بن دينار، عن أبي عثمان النَّهْدي، عن عمر بن الخطاب، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه علتان:

الأُولى: الفضل بن المختار، وهو منكرُ الحديثِ جدًّا، يُحَدِّثُ بالأباطيلِ، انظر (اللسان 6069).

الثانية: الصلت بن دينار أبو شعيب المجنون: ((متروك، ناصبي)) (التقريب 2947).

وأعلَّهُ البيهقيُّ بالصلت بن دينار والفضل معًا، فقال: ((الصلت بن دينار أبو شعيب المجنون ضعيف، وكان ممن يشتمُ أصحابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مع

ص: 363

كثرة المناكير في حديثه، تركه أحمد بنُ حنبل ويحيى بنُ مَعِينٍ)).

ثم قال: ((والفضل بن مختار ليس بمحتج به، وكذلك عبيد الله بن موهب عن عصمة)) (الخلافيات 2/ 291 - 292).

وكذلك صَنَع مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 17).

ص: 364

2338 -

حَدِيثُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ جُرَيٌّ:

◼ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ جُرَيٌّ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رُبَّمَا أَكُونُ فِي الصَّلَاةِ، فَتَقَعُ يَدِي عَلَى فَرْجِي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((وَأَنَا رُبَّمَا [كَانَ] ذَلِكَ [مِنِّي]، امْضِ فِي صَلَاتِكَ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: البيهقيُّ، وابنُ دقيقِ العيدِ، ومغلطاي، وابنُ ناصرِ الدينِ، وابنُ حَجرٍ. واستغربه ابنُ مَنْده.

[التخريج]:

[صمند (إمام 2/ 279)، (مغلطاي 2/ 17) (والزيادة الأولى له ولغيره) / صحا 1692 (واللفظ له) / هقخ 577 (والزيادة الثانية له)].

[التحقيق]:

رواه ابنُ مَنْده في (معرفة الصحابة) -كما في (الإمام لابن دقيق العيد)، و (شرح ابن ماجه لمغلطاي) -: عن عبدوس بن الحسين النيسابوري، ثنا محمد بن المغيرة الهَمَذاني، ثنا القاسم بن الحكم العُرَني، ثنا سَلَّام الطويل، عن إسماعيل بن رافع، عن حكيم بن سلمة، عن رَجُلٍ من بني حنيفة يقال له جُرَي، به.

وقال ابنُ مَنْده: ((هذا حديثٌ غريبٌ، لا يُعْرَفُ إلا بهذا الإسنادِ)) (الإمام).

وهذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه علل:

العلةُ الأُولى: سَلَّام الطويل، فقد تركه الأئمةُ، وكَذَّبه بعضُهم، وقال الحافظُ:((متروك)) (التقريب 2702).

وبه أعلَّهُ: ابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام 2/ 279)، ومغلطاي في (شرح

ص: 365

ابن ماجه 2/ 17، 18)، وابنُ ناصرِ الدينِ الدمشقيُّ في (توضيح المشتبه 2/ 303)، وابنُ حَجرٍ في (الإصابة 2/ 193).

وقد توبع سَلَّام بما لا يُفْرَحُ به:

* فرواه البيهقيُّ في (الخلافيات) من طريق خارجة بن مصعب، عن إسماعيل بن رافع، عن (حكيم بن سلمة)

(1)

، عن رجلٍ من بني حنيفةَ، أنه جاءَ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال

فذَكَر نحوه دون قوله: ((امْضِ فِي صَلَاتِكَ)).

فجَعَل السائل هو جري نفسه.

وهذا إسنادٌ ساقطٌ أيضًا؛ فيه خارجة بن مصعب هو أبو الحَجاج الخراساني، قال فيه الحافظ:((متروكٌ، وكان يدلسُ عن الكذَّابين، ويقال: إن ابنَ مَعِينٍ كذَّبه)) (التقريب 1612).

فيحتمل أنه أخذه عن سَلَّامٍ ودَلَّسَه، فيرجع الحديثُ إلى مَخْرجٍ واحدٍ، ويشتركُ هذا الطريق مع الأول في بقية العلل، وهي:

العلةُ الثانيةُ: إسماعيل بن رافع، قال الحافظُ:((ضعيفُ الحفظِ)) (التقريب 442).

وبه أعلَّهُ ابنُ ناصرِ الدينِ أيضًا في (توضيح المشتبه 2/ 303)، وكذلك مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 17، 18).

وكذلك الحافظُ ابنُ حَجرٍ، فقال -عقب قول ابنِ منده (غريب) -:((قلت: وسَلَّام ضعيف، وإسماعيل كذلك)) (الإصابة 2/ 193).

العلةُ الثالثةُ: حكيم بن سلمة، ترجم له البخاريُّ في (الكبير 3/ 13)،

(1)

وقع في المطبوع: ((حاتم بن سليط))! !

ص: 366

وابنُ أبي حَاتمٍ في (الجرح والتعديل 3/ 205)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذَكَره ابن حِبَّانَ في (الثقات 6/ 214).

ولم يذكر واحدٌ منهم له رواية عن صحابيٍّ، ولعلَّ ذلك هو مرادُ البيهقيِّ بقوله عقب الحديث:((وهذا منقطع)) (الخلافيات 2/ 294).

وقد أشارَ إلى ذلك مغلطاي، فقال:((ويشبه أن يكون حديثه عن الصحابة منقطعًا؛ لأني لم أَرَ أحدًا ذكر أنه سمع من صحابيٍّ، إنما وُصِف بالروايةِ عن التابعين))، ثم نَقَلَ كلامَ البيهقيِّ (شرح ابن ماجه 2/ 18).

ولكن قد جاء قول مغلطاي هذا عقب تضعيفه لإسماعيل بن رافع، فعادَ الضميرُ في كلامه إليه، فإن لم يكن هناك سقط من المطبوع -وهو الأقرب-، فيكون قد غفل عن كونه -أي: إسماعيل- لم يروه عن صحابي كما هو ظاهر. والله أعلم.

ص: 367

2339 -

حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ:

◼ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: مَسَسْت ذَكَرِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: ((لَا بَأْسَ [بِهِ])).

[الحكم]:

لم نقفْ على إسنادِهِ. ومالَ إلى ضَعْفِهِ مغلطاي.

[التحقيق]:

حديث أبي أيوب هذا ذكره مغلطاي في (شرح سنن ابن ماجه 1/ 18 - 19) فقال: ((وحديثُ أبي أيوب الأنصاريِّ قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: مَسَسْتُ ذَكَرِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: ((لَا بَأْسَ)) ذَكَره أبو زيد في كتاب (الأسرار) بغيرِ إسنادٍ، ويشبه أن يكون ضعيفًا؛ لأنا قَدَّمنا ضعفه قبل)).

وكذا ذكره علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاريُّ الحنفيُّ (المتوفى: 730 هـ) في كتابه (كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 2/ 391) عن أبي أيوب نحوه بلا إسناد.

ص: 368