الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
395 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنَ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ
2372 -
حَدِيثُ جَابِرٍ:
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ ضَحِكَ مِنْكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ [وَلْيُعِدِ] 1 الصَّلَاةَ، [وَإذَا تَبَسَّمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ] 2)).
• وفي رواية بلفظ: ((مَنْ ضَحِكَ [مِنْكُمْ] فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيُعِدِ الصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
منكرٌ. وأنكره: ابنُ حِبَّانَ، وابنُ عَدِيٍّ، وأبو بكرٍ النيسابوريُّ، والدارقطنيُّ، والحاكمُ، والبيهقيُّ، وابنُ حَزمٍ، ومحمد بنُ طاهرٍ المقدسيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، وابنُ حَجرٍ.
وقد ضَعَّفَ حديثَ الضحك في الصلاة مطلقًا بكلِّ طرقه: الإمامُ الشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، والذُّهْليُّ، والدارقطنيُّ، وابنُ حَزمٍ، والبيهقيُّ، وابنُ عبدِ البرِّ، وأبو المؤيد الخوارزميُّ، وابنُ قدامةَ، والنوويُّ، وابنُ تيميةَ، وابنُ أبي العز الحنفيُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ الملقنِ، والشوكانيُّ، والمناويُّ، والألبانيُّ.
[الفوائد]:
قال ابنُ المنذرِ: " أجمع أهل العلم على أن الضَّحِكَ في غير الصلاة لا
ينقضُ طهارة ولا يوجبُ وضوءًا. وأجمعوا على أن الضحك في الصلاة ينقض الصلاة.
واختلفوا في نقضِ طهارةِ مَن ضحك في الصلاة:
فأوجبتْ طائفةٌ عليه الوضوء. وممن رُوِي ذلك عنه الحسن البصري والنخعي. وبه قال سفيانُ الثوريُّ وأصحابُ الرأي. واحتجَّ محتجهم بحديثٍ منقطعٍ لا يثبتُ
(1)
.
وقالتْ طائفةٌ: ليس على مَن ضحك في الصلاة وضوءٌ. رُوِي هذا القول عن جابر بنِ عبد الله، وأبي موسى الأشعريِّ، والقاسم بنِ محمد، وعطاء بنِ أبي رباح، والزهريِّ، وعروةَ بنِ الزبير. ورُوي ذلك عن مكحولٍ ويحيى بنِ أبي كثير. وبه قال مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثورٍ. وكان الأوزاعي يقول كقولهم ثم رجعَ بعد ذلك فقال كما قال الثوريُّ".
قال ابنُ المنذرِ: "إذا تطهر المرءُ فهو على طهارته، ولا يجوزُ نقضُ طهارة مجمع عليها إلا بسنة أو إجماع، أو حجة مع من نقض طهارته لما ضحك في الصلاة"(الأوسط 1/ 226 - 228).
وقال الماورديُّ: "قد يتنوع الضحك نوعين: تبسم، وقهقهة:
فأما التبسم: فلا يؤثر في الصلاة ولا في الوضوء إجماعًا.
وأما القهقهة: فإن كانتْ في غير الصلاة لم ينتقضِ الوضوء إجماعًا. وإن كانت في الصلاة بطلتِ الصلاة. واختلفوا في انتقاض الوضوء بها"، وحَكَى الخلافُ بنحو ما ذكر ابن المنذرِ. (الحاوي 1/ 203)، وانظر كذلك (المجموع
(1)
يعني مرسل أبي العالية، الذي يرجع إليه جل طرق هذا الحديث، كما سيأتي بيانُه.
للنووي 2/ 60).
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [عد (8/ 255) (مقتصرًا على فقرة التبسم)، (10/ 659) (واللفظُ لَهُ) / مجر (2/ 253) (والزيادةُ الثانيةُ لَهُ) / معص (صـ 264) (والزيادةُ الأُولى لَهُ) / هقخ 746/ تجر (صـ 293) / حلب (6/ 2808)].
تخريج السياق الثاني: [مجر (2/ 459) (واللفظُ لَهُ) / قط 647 (والزيادةُ لَهُ) / جص (2/ 82) / الإسماعيلي (إمام 2/ 393) / هقخ 748/ تحقيق 215 / علج 611].
[التحقيق]:
رُوي هذا الحديثُ عن جابرٍ من طريقين:
الطريق الأول: عن أبي سفيان عن جابر:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 10/ 659) قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق المدائني، والحسين بن أبي معشر، قالا: حدثنا أبو فروة يزيد
(1)
بن محمد بن يزيد بن سنان، حدثنا أبي، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، به بالسياق الأول.
ورواه ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 459)، والدارقطنيُّ في (السنن 647)، والجصاصُ في (شرح مختصر الطحاوي 2/ 82)، وغيرهم، من
(1)
وقع في (الكامل) طبعة دار الفكر (7/ 270)، وطبعة دار الكتب العلمية (9/ 155):"حدثنا فروة بن يزيد".
والصواب المثبت، كما في طبعة الرشد المعتمدة، وكذا في بقية المصادر.
طريق إبراهيم بن هانئ، عن محمد بن يزيد بن سنان، عن أبيه، به بلفظ السياق الثاني.
ورواه الإسماعيليُّ -كما في (الإمام لابنِ دقيقِ العيدِ 2/ 393) - من طريق أبي الفضل العباس بن عبد الله الرهاوي، عن يزيد بن سنان، به.
فمداره عندهم -عدا ابن حِبَّانَ في الموضع الأول من (المجروحين 2/ 253) -: على يزيد بن سنان، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
العلة الأُولى: يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي، ضَعَّفَهُ جمهورُ النقادِ، بل قال أحمدُ:((ليس حديثُه بشيءٍ))، وقال:((لا ينبغي أن يُكتبَ حديثه)) (سؤالات ابن هانئ 2196، 2308)، وقال يحيى بن مَعِينٍ:((ليسَ بشيءٍ)) (التاريخ - رواية الدوري 894)، وقال أبو داود:((ليسَ بشيءٍ، وابنُه ليسَ بشيءٍ)) (سؤالات الآجري 1813)، وقال النسائيُّ والدارقطنيُّ:((متروك)) (سؤالات البرقاني 560)، و (تهذيب التهذيب 11/ 336). وقال الحافظُ:((ضعيف)) (التقريب 7727).
وبه أعلَّهُ ابنُ حِبَّانَ، فترجم له في (المجروحين 2/ 457) وقال:"وكان ممن يُخْطِئُ كثيرًا حتى يَروِي عن الثقاتِ ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا وافق الثقات فكيف إذا انفرد بالمعضلات؟ ! "، ثم ذكر هذا الحديث من مناكيره.
وكذا أعلَّهُ به ابنُ عَدِيٍّ، فذكر هذا الحديثَ في مناكيرِهِ، وقال عقبه:((وهذا الحديثُ عن الأعمشِ بهذا الإسنادِ، ليس يرويه عن الأعمش غير أبي فروة)) (الكامل 10/ 695)، ثم ذكرَ له عدة أحاديث أخرى، وختمَ ترجمتَه بقوله:
((وعامةُ حديثِهِ غير محفوظة)) (الكامل 10/ 700).
وتبعهما محمد بن طاهر المقدسيُّ، فأورده في (معرفة التذكرة 837) وقال:"فيه يزيد بن سنان أبو فروة، ليسَ بشيءٍ في الحديث". ونحوه في (تذكرة الحفاظ 846). وقال في (ذخيرة الحفاظ 5415): "وأبو فروة متروكُ الحديثِ".
وكذا أعلَّهُ به ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 197)، وتبعه الذهبيُّ في (التنقيح 1/ 69) فقال:"يزيد واهٍ".
العلة الثانية: محمد بن يزيد بن سنان، قال عنه أبو حاتم:"ليسَ بشيءٍ، هو أشد غفلة من أبيه"، وقال البخاريُّ:"أبو فروة مقارب الحديث، إلا أن ابنَه محمدًا يَروي عنه مناكير"، وقال أبو داود:"ليسَ بشيءٍ"، وقال النسائيُّ:"ليس بالقويِّ"، وَضَعَّفَهُ أيضًا: الترمذيُّ والدارقطنيُّ. وشذَّ ابنُ حِبَّانَ والحاكمُ -وتبعهما- مسلمة، فوثَّقوه. انظر (تهذيب التهذيب 9/ 524).
والراجحُ: أنه ضعيفٌ؛ لاتفاقِ كلمة الأئمة النقاد على ذلك. وأما مَن خالفهم فمعروف بالتساهل؛ ولذا لَخَّص حاله الحافظُ ابنُ حَجرٍ بقوله: "ليس بالقويِّ"(التقريب 6399).
وقد اختُلف عليه في متنه أيضًا كما سيأتي في (باب مَا رُويَ في أن الضحك لا ينقض الوضوء)، حيث رواه هناك بلفظ:((مَنْ ضَحِكَ فِي صَلَاتِهِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَلَا يُعيدُ الوُضُوءَ)).
العلة الثالثة: المخالفة؛ فالمحفوظ عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر موقوفًا، وخلاف متنه.
فقد أخرجه ابنُ أبي شيبةَ (3929) قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: ((إِذَا ضَحِكَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ، أَعَادَ الصَّلَاةَ
وَلَمْ يُعِد الوُضُوءَ)).
وأخرجه الدارقطنيُّ (651) من طريق سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، به نحوه.
وأخرجه حربٌ الكرمانيُّ في (مسائله - كتاب الطهارة 1036) عن إسحاق، عن جرير، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه أبو يعلى في (المسند 2313) قال: حدثنا ابن نُمير، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَضْحَكُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ:((يُعِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُعِيدُ الوُضُوءَ)).
وأخرجه الدارقطنيُّ في (السنن 648، 649) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وأبي نعيم، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال:((لَيْسَ فِي الضَّحِكِ وُضُوءٌ)).
وكذا رُوي من غير طريق أبي سفيان.
فأخرجه الدارقطنيُّ في (السنن 660) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات 680) - قال: حدثنا عثمان بن محمد بن بِشْر، حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا موسى وابن عائشة قالا: حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا حبيب المعلم، عن عطاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:((كَانَ لَا يرَى عَلَى الَّذِي يَضْحَكُ فِي الصَّلَاةِ وُضُوءًا)).
ولذا قال أبو بكر النيسابوري -عقب رواية الرهاوي-: "هذا حديثٌ منكرٌ فلا يصحُّ، والصحيح عن جابرٍ خلافه".
نقله عنه الدارقطنيُّ، ثم قال: ((يزيد بن سنان ضعيف، ويكنى بأبي فروة الرهاوي، وابنُه ضعيفٌ أيضًا، وقد وَهِمَ في هذا الحديثِ في موضعين: أحدهما: في رفعه إيَّاه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. والآخر: في لفظه.
والصحيح عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابرٍ من قوله: ((مَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ، أَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُعِدِ الوُضُوءَ)).
وكذلك رواه عن الأعمشِ جماعةٌ منَ الرفعاء الثقات، منهم سفيان الثوري، وأبو معاوية الضرير، ووكيع، وعبد الله بن داود الخُرَيْبي، وعمر بن علي المُقَدَّمي
…
وغيرهم.
وكذلك رواه شعبةُ وابنُ جريجٍ، عن يزيد بن أبي خالد، عن أبي سفيان، عن جابر)) (سنن الدارقطنيِّ 647).
وقال الحاكمُ: ((تَفَرَّد به أبو فروة يزيد بن سنان الكبير عن الأعمش. وغيره أوثق عندنا منه، وكلهم ثقات إلا هذا الواحد من بينهم)) (الخلافيات للبيهقي 2/ 366).
وقال البيهقيُّ: ((وقد رُوِي مسندًا؛ إن صَحَّ الطريقُ فيه إلى الأعمش))، ثم ساقه من طريق أبي فروة)) (الخلافيات 2/ 365).
وأما ابنُ حَزمٍ فأعلَّهُ بعلةٍ أُخرَى فقال: "وأما حديث جابر ففيه أبو سفيان، وهو ضعيف"(المحلى 1/ 265).
قلنا: كذا قال، وأبو سفيان أثنى عليه الجمهورُ، واحتجَّ بِهِ مسلمٌ، فالراجحُ أنه صدوقٌ، كما في (التقريب).
الطريق الثاني: عن أبي الزبير عن جابر:
أخرجه ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 253) قال: حدثناه محمد بن المُسيَّب، قال: حدثنا عمار بن رجاء، قال: حدثنا أحمد بن أبي طيبة، عن أبي طيبة، عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر، به.
وأخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 8/ 255) -مقتصرًا على فقرة التبسم، وعنه حمزة السهميُّ في (تاريخ جرجان، صـ 293) - من طريق محمد بن بُنْدَار السباك، عن أحمد بن أبي طيبة، عن أبيه، بسنده مقتصرًا على قوله:((إِذَا تَبَسَّمَ الرَّجُلُ فِي صَلاتِهِ، تَمَّتْ صَلَاتُهُ)).
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
العلةُ الأُولى: ابن أبي ليلى، هو محمد بن عبد الرحمن: سيئُ الحفظِ جدًّا (التقريب 6081).
وذَكَرَ الحديثَ في مناكيرِهِ: ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 253).
وقال محمد بن طاهر المقدسيُّ: "فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأجمعوا على ضَعْفِهِ"(معرفة التذكرة 1/ 93)، ونحوه في (تذكرة الحفاظ، صـ 37).
وقال ابنُ حَجرٍ -عقب الحديث-: "ابنُ أبي ليلى ضعيفٌ"(الدراية 1/ 35).
العلةُ الثانيةُ: أبو طيبة، واسمه عيسى بن سليمان الدارمي.
ضَعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ. وذَكَره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات) وقال: "يُخْطِئُ"، وذَكَره أيضًا في (المشاهير 1599) وقال:"وكان يهمُ في الأحايين".
وذَكَره ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل) ونَقَلَ تضعيفه عن ابنِ مَعِينٍ، ثم ذَكَر له عدة أحاديث عن ابنِ أبي ليلى، منها حديثنا هذا، ثم قال:"وهذه الأحاديثُ عن ابن أبي ليلى غير محفوظة". ثم ختم ترجمتَه بقوله: "وأبو طيبة هذا كان رجلًا صالحًا، ولا أظنُّ أنه كان يتعمدُ الكذب، ولكن لعلَّه كان يُشَبَّه عليه فيغلط"(الكامل 8/ 253، 255، 258).
العلةُ الثالثةُ: المخالفة، فالمحفوظ عن أبي الزبير عن جابر موقوفًا.
كذا أخرجه عبد الرزاق (3817) -ومن طريقه ابن المنذرِ في (الأوسط 1594) -. وابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 3922) عن ابن مهدي.
والدارقطنيُّ في (السنن 661) من طريق وكيع.
والبيهقيُّ في (السنن 3404) من طريق أبي أحمد الزبيري.
كلهم: عن الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال:((لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ التَّبَسُّمُ، وَلَكِنْ يَقْطَعُ القَرْقَرَةُ)).
وقد رُوي بهذا اللفظِ مرفوعًا عن جابرٍ، ولا يصحُّ. انظر تخريجَه والكلامَ عليه في (موسوعة الصلاة)، باب التبسم في الصلاة.
وقد ضَعَّفَ كلَّ أحاديثِ الضحكِ في الصلاةِ، أو ضَعَّفَهُ مطلقًا- جَمْعٌ منَ الأئمةِ، وهم:
1) الإمامُ الشافعيُّ؛ حيث قال: "حديثُ الضحكِ في الصلاةِ لو ثبتَ عندنا الحديثُ بذلك لقلنا به. والذي يزعمُ أن عليه الوضوءَ في القهقهةِ يزعمُ أن القياسَ ألا ينتقض، ولكنه زعمَ يتبع الآثار، فلو كان يتبع منها الصحيح المعروف كان بذلك عندنا حميدًا، ولكنه يَرُدُّ منها الصحيحَ الموصولَ المعروفَ ويقبلُ الضعيفَ المنقطعَ"(السنن الكبرى للبيهقي 1/ 423).
2) الإمامُ أحمدُ؛ قال أبو داود: "سمعتُ أحمدَ سُئل عن الضحك في الصلاة، قال: أَمَّا أنا فلا أوجب فيه وضوءًا، ليس تصحُّ الروايةُ فيه"(مسائل أحمد رواية أبي داود، صـ 91).
وقال أحمدُ أيضًا: "والضحكُ ليس فيه حديثٌ صحيحٌ" (مسائل أحمد رواية
ابنه صالح 1445).
3) إسحاق بن راهويه؛ قال: "لم يُذكر في حديث متصل عن النبي صلى الله عليه وسلم إعادة الوضوء منه. لو كان ذلك لاتبعناه وتركنا الخوض بالعقول والمقاييس فيه، وكنا نتوضأ منه كما نتوضأ من لحم الجزور اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم"(مسائله رواية الكوسج 494).
4) محمد بن يحيى الذُّهْليُّ؛ قال: "لم يَثبتْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الضحك في الصلاة- خبرٌ"(السنن الكبرى للبيهقي 1/ 423).
وقال أبو عمرو المستمليُّ: سمعتُ محمد بنَ يحيى وسئل عن حديثِ أبي العالية وتوابعه في الضحك، فقال:"واهٍ ضعيف"(السنن الكبرى للبيهقي 1/ 423).
5) الدارقطنيُّ؛ حيث ساقَ في (السنن) جُلَّ طرقِ الحديثِ وَضَعَّفَها جميعًا، من حديث رقم (601) إلى (668)، وقد بَوَّب عليها بقوله:"باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها".
6) ابنُ حَزمٍ؛ حيث قال: "وأما الضحك في الصلاة فإنا روينا في إيجاب الوضوء منه أثرًا واهيًا لا يصحُّ"، ثم ذكر جُلَّ طرقه وَضَعَّفَها كلها مسندة ومرسلة (المحلى 1/ 243).
7) البيهقيُّ؛ قال: "وحديثُ القهقهةِ لم يَثبتْ إسناده، ومداره على أبي العالية الرياحي، وأبو العالية إنما رواه مرسلًا، وإرسال أبي العالية ضعيف، والله أعلم"(السنن الصغير 1/ 31).
وقال أيضًا: "وقد رُوِي ذلك بأسانيد موصولة إلا أنها ضعيفة قد بينتُ ضَعْفَها في الخلافيات"(السنن الكبرى 1/ 423).
8) ابنُ عبدِ البرِّ، حيثُ قال -عقب الحديث وذَكَره من طريق مَعْبَد بن صُبَيْح-:"وبه يقول فقهاءُ العراقين من الكوفيين والبصريين، وهو قولُ الأوزاعيِّ، وهو حديثٌ لا يُثبته أهلُ الحديثِ، ولا يعرفه أهل الحجاز"(الاستيعاب 3/ 1427).
9) أبو المؤيد الخوارزميُّ الحنفيُّ؛ حيث أقرَّ بضعفِ الحديثِ جملة، فقال:"وهذا الحديثُ وإن كان ضعيفًا، فقد قال به أبو حنيفة وتَرَك به قياس القهقهة في الصلاة على غير الصلاة"(جامع المسانيد 1/ 43).
10) ابنُ قدامة؛ حيثُ قال عن هذا الحديثِ: "ورُوي من غيرِ طريقِ أبي العاليةَ بأسانيدَ ضعاف، وحاصله يرجع إلى أبي العالية. كذلك قال عبدُ الرحمن بنُ مهديٍّ، والإمامُ أحمدُ، والدارقطنيُّ
…
والمخالفُ في هذه المسألة يَرُدُّ الأخبارَ الصحيحةَ لمخالفتها الأصول، فكيف يُخَالِفُها هاهنا بهذا الخبر الضعيف عند أهل المعرفة؟ ! " (المغني 1/ 240).
11) النوويُّ؛ حيث قال: "وبالجملة ليس في نقضِ الوضوءِ بالقيءِ والدمِ والضحكِ في الصلاةِ ولا عدم ذلك - حديثٌ صحيحٌ"(خلاصة الأحكام 1/ 144).
وقال أيضًا: "ولم يَثبتْ في النقضِ بالضحكِ شيءٌ أصلًا. وأما ما نقلوه عن أبي العالية ورفقته وعن عمران وغير ذلك مما رووه، فكلها ضعيفة واهية باتفاق أهل الحديث؛ قالوا: ولم يصحَّ في هذه المسألة حديثٌ. وقد بَيَّنَ البيهقيُّ وغيرُهُ وجوهَ ضعفها بيانًا شافيًا، فلا حاجةَ إلى الإطالةِ بتفصيله مع الاتفاق على ضعفها"(المجموع 2/ 61).
12) ابنُ تيميةَ؛ قال: "وكان أحمدُ يَعجبُ ممن لا يَتَوَضَّأُ من لحوم الإبل
ويَتَوَضَّأُ من الضحك في الصلاة، مع أنه أبعد عن القياس والأثر، والأثر فيه مرسل قد ضَعَّفَهُ أكثر الناس، وقد صحَّ عن الصحابةِ ما يُخَالِفُه" (مجموع الفتاوى 21/ 16).
13) ابنُ أبي العزِّ الحنفيُّ؛ حيثُ قالَ: "هذا الحديثُ قد رُوي من طرقٍ كلها ضعيفة"(التنبيه على مشكلات الهداية 1/ 294).
14) ابنُ عبدِ الهادِي؛ حيثُ ذكره في (رسالته في الأحاديث الضعيفة، صـ 31) ضمنَ الأحاديث التي يذكرها بعض الفقهاء أو الأصوليين أو المحدثين محتجًّا به أو غير محتج به مما ليس له إسناد، أو له إسناد ولا يحتج بمثله النقاد مِنْ أهلِ العلمِ.
وقد ساقَ في (تنقيح التحقيق 1/ 307) كلامَ الذُّهْليِّ وغيرَه مُقرًّا لهم، وختمها بقوله:"وقد تكلَّم الدارقطنيُّ وغيرُهُ منَ الحفاظِ على أحاديثِ القهقهةِ، وبَيَّنوا عللها".
15) ابنُ الملقنِ؛ حيث نقلَ كلامَ الذُّهْليِّ السابقِ مُقرًّا له، وأكَّد ذلك بقوله:"وهو كافٍ في الردِّ على المخالفِ"(البدر المنير 2/ 406).
16) الشوكانيُّ؛ حيث قال: "وقد جَزَمَ جماعةٌ منَ الحفاظِ أنه لم يصحَّ في كون الضحك ينقضُ الوضوءَ شيء، فليس ها هنا ما يصلح لإثبات أقل حكم من أحكام الشرع"(السيل الجرار، صـ 64).
17) المناويُّ؛ قال: "رواه الدارقطنيُّ من عدة وجوه بعدة أسانيد، كلها ساقطة"(فيض القدير 6/ 173).
18) الألبانيُّ؛ حيث قال: "للحديثِ طرقٌ كثيرة أخرى، وكلها معلولةٌ، ليس فيها ما يُحتجُّ به، وقد ساقها الدارقطنيُّ في (سننه)، والزيلعيُّ في (نصب
الراية) وبَيَّنَّا عللها. وجَمَع ذلك كلَّه العلامةُ أبو الحسناتِ اللكنويُّ في رسالته (الهسهسة بنقض
(1)
الوضوء بالقهقهة) " (إرواء الغليل 2/ 117).
وانظر تفصيلَ الكلام على هذه الشواهد فيما يأتي.
[تنبيه]:
الحديثُ ذكره السَّرَخْسِي في (المبسوط 1/ 78) فقال: وفي حديث جابر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ ضَحِكَ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى قَرْقَرَ، فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
وذَكَره أبو موسى المدينيُّ في (المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث 3/ 34) -وتبعه ابنُ الأثيرِ في (النهاية 4/ 166) - أيضًا من حديث جابر، بلفظ:((مَن ضَحِكَ حَتَّى يُكَرْكِرَ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)). ثم قال: "الكركرة: شبه القهقهة فوق القرقرة"، زاد ابنُ الأثيرِ:"ولعلَّ الكاف مبدلة من القاف لقرب المخرج".
قلنا: ولم نقفْ عليه بزيادة ((حَتَّى قَرْقَرَ)) أو ((حَتَّى يُكَرْكِرَ)) مسندًا من حديثِ جابرٍ فيما بين أيدينا من مصادر، وإنما هذا اللفظ مرويٌّ من حديث عمران، كما سيأتي قريبًا. والله أعلم.
(1)
في مطبوع الإرواء: "ينقض"، وهو تصحيف، والصواب المثبت كما ذكره اللكنوي ضمن مؤلفاته، كما في مقدمة (الرفع والتكميل، ص 18).
2373 -
حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ:
◼ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، قَالَ:((بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَتَرَدَّى فِي حُفْرَةٍ كَانَتْ فِي المَسْجِدِ، -وَكَانَ فِي بَصَرِهِ ضَرَرٌ- فَضَحِكَ كَثِيرٌ مِنَ القَوْمِ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَيُعِيدَ الصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
منكرٌ لا يصحُّ؛ وإنما المحفوظُ أنه من مرسلِ أبي العاليةِ، وهو مرسلٌ واهٍ. هذا هو الصحيح في قصة الرجل الضرير كما قال ابنُ مَهديٍّ، وأحمدُ، والدارقطنيُّ، وابنُ عَدِيٍّ، والبيهقيُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والألبانيُّ
…
وغيرُهُم. وضَعَّفَ سندَه ابنُ حَزمٍ.
[التخريج]:
[طب (مجمع 2443، 1278)، (نصب 1/ 47) (واللفظُ لَهُ) / هقخ 741].
[السند]:
أخرجه الطبرانيُّ -كما في (نصب الراية 1/ 47) - قال: حدثنا أحمد بن زهير التُّسْتَري، ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، ثنا محمد بن أبي نعيم الواسطي، ثنا مهدي بن ميمون، ثنا هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية، عن أبي موسى، به.
وأخرجه البيهقيُّ في (الخلافيات): من طريق أبي محمد ابن حيان، عن التستري، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:
العلةُ الأُولى: محمد بن أبي نعيم الواسطي، وهو مختلفٌ فيه:
وَثَّقَهُ أحمد بنُ سنان، وابنُ حِبَّانَ، وقال أبو حاتم:"صدوق". وأما ابنُ مَعِينٍ فقال: "ليسَ بشيءٍ"، وقال مرَّةً:"أكذبُ الناسِ"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"عامةُ ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات" انظر (تهذيب التهذيب 9/ 481). وقال ابنُ القيسرانيِّ: "كذَّابٌ"(ذخيرة الحفاظ 1807). ومع هذا قال الحافظُ: "صدوقٌ، لكن طرحه ابنُ مَعِينٍ"(التقريب 6337).
وأما ابنُ حَزمٍ فقال: "وأما حديثُ أبي موسى ففيه محمد بن نعيم، وهو مجهولٌ"(المحلى 1/ 265).
العلةُ الثانيةُ: الإرسال، فقد رواه جماعةُ الثقاتِ (كالثوريِّ، وزائدةَ، ورَوْحِ بنِ عُبَادةَ، ويزيدَ بنِ زُريعٍ، وعبدِ الرزاقِ
…
وغيرِهم) عن هشام بن حسان، عن حفصة، عن أبي العالية به مرسلًا. وسيأتي تخريجُه قريبًا.
ولذا قال البيهقيُّ عقبه: "وهذا خطأٌ؛ إن لم يكن تعمده بعضُ هؤلاء، فقد رواه الثوريُّ، ويحيى القطانُ، وجماعةٌ منَ الثقاتِ، عن هشامٍ، عن حفصةَ، عن أبي العالية، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مرسلًا"(الخلافيات 2/ 401).
ولعلَّ الذي يتحمل تبعة ذلك ابن أبي نعيم؛ لأنه ينفردُ بأشياءَ لا يتابعه عليه الثقات.
وقال ابنُ الجوزيِّ: "هذا حديثُ أبي العالية هو الذي رواه مرسلًا، وكلُّ مَن رفعَه فقد غَلِطَ، ومَن أرسله عن غيره فإنه يرجع إليه"(التحقيق 1/ 196).
قلنا: وقد صَحَّ عن أبي موسى موقوفًا خِلاف هذا الحديث. وسيأتي في (باب ما رُوِي في أن الضحكَ لا ينقضُ الوُضوءَ).
وفيه الأمر بإعادة الصلاة دون الوضوء، ولو كان عند أبي موسى شيء
سمعه من النبيِّ صلى الله عليه وسلم لما استجاز القول بخلافه.
وقد ساقَ الدارقطنيُّ هذه الطرق المرسلة -وستأتي قريبًا- ثم قال: "رَجَعَتْ هذه الأسانيد كلها التي قدمتُ ذكرها في هذا الباب إلى أبي العالية الرياحيِّ، وأبو العالية أرسلَ الحديثَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يُسَمِّ بينه وبينه رجلًا سمعه منه عنه".
قال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير) وفيه محمد بن عبد الملك الدَّقِيقي، ولم أَرَ مَن ترجمه، وبقية رجاله مُوثَّقُون"(المجمع 1278).
وقال أيضًا: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير) ورجاله مُوثَّقُون، وفي بعضِهم خلاف"(المجمع 2443).
قلنا: محمد بن عبد الملك الدقيقي مترجمٌ له في (تهذيب الكمال 5427)، وهو صدوقٌ كما قال الحافظُ في (التقريب 6101).
وقد ذَكَر الألبانيُّ ضمن تحقيقه لحديث جابر أن كلَّ شواهدِهِ معلولةٌ، ليس فيها ما يُحتجُّ به (إرواء الغليل 2/ 117).
2374 -
حَدِيثُ أَبِي المَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ:
◼ عَنْ أَبِي المَلِيحِ بنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ:((كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ فَتَرَدَّى فِي حُفْرَةٍ كَانَتْ فِي المَسْجِدِ، فَضَحِكَ نَاسٌ مِنْ خَلْفِهِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِعَادَةِ الوُضُوءِ كَامِلًا، وَإِعَادَةِ الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا معلولٌ، وَضَعَّفَهُ وأعلَّهُ: ابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ حَزمٍ، والماورديُّ، وابنُ الجوزيِّ، والذهبيُّ، والزيلعيُّ.
[التخريج]:
[عد (3/ 466) / جص (2/ 82) / قط 601 (والروايةُ لَهُ)، 602 (واللفظُ لَهُ) / هقخ 683، 684/ تحقيق 214/ علج 613].
[السند]:
رواه ابنُ عَدِيٍّ -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ في (العلل)، و (التحقيق)
(1)
-: عن ابن زهير التستري، عن عبيد الله بن سعد الزهري.
ورواه الدارقطنيُّ (601) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات 684) -:
(1)
تحرَّف "ابن إسحاق"، في مطبوع (التحقيق) لابن الجوزي إلى:"أبي إسحاق"!
وتحرَّف كذلك (عبيد الله بن سعد، حدثنا عمي) يعني عمه يعقوب بن إبراهيم، إلى (حدثنا عمر)! ، وكذا في طبعتي (العلل المتناهية)!
وزادا تحريفًا (عبيد الله بن سعد) إلى (عبد الله بن سعيد)! فلا حول ولا قوة إلا بالله.
عن أبي بكر النيسابوري عن محمد بن علي بن محرز.
كلاهما: عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني ابن دينار، عن الحسن بن أبي الحسن البصري، عن أبي المليح الهذلي، عن أبيه، به.
قال ابنُ إسحاق: وحدثني الحسن بن عمارة، عن خالد الحذاء، عن أبي المليح، عن أبيه، مثل ذلك.
ورواه الجصاصُ في (شرح مختصر الطحاوي 2/ 82)، والدارقطنيُّ (602)، والبيهقيُّ في (الخلافيات 683) من طريق محمد بن الحارث الحراني قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه، به.
وعَلَّقَهُ الجصاصُ أيضًا (2/ 84)، عن محمد بن حميد قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن قتادة، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، مداره على ابن إسحاق، وقد رواه على ثلاثة أوجه عن شيخين ساقطين واهيين:
* الأول: الحسن بن عمارة، وهو متروك (التقريب 1264)، بل رُمي بالوضع.
* والثاني: الحسن بن دينار، وهو متروك أيضًا، بل كَذَّبه أحمد، ويحيى، وأبو خيثمة، وأبو حاتم. انظر (تهذيب التهذيب/ ترجمة 502).
قال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذان الإسنادان معضلان.
الإسناد الأول: يرويه ابنُ دينار عن الحسن البصري، وعن ابن دينار محمد
ابن إسحاق.
والإسناد الثاني: يرويه خالد الحذاء عن الحسن بن عمارة، وعن ابن عمارة محمد بن إسحاق" (الكامل 3/ 366 - 367).
وقال الدارقطنيُّ: "الحسن بن دينار والحسن بن عمارة ضعيفان، وكلاهما قد أخطأ في هذين الإسنادين. وإنما روى هذا الحديثَ الحسنُ البصريُّ، عن حفص بن سليمان المنقري، عن أبي العالية مرسلًا. وكان الحسنُ كثيرًا ما يرويه مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما قول الحسن بن عمارة عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن أبيه، فوهم قبيح! وإنما رواه خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية عن النبي صلى الله عليه وسلم. رواه عنه كذلك سفيان الثوري، وهُشيم ووُهيب، وحماد بن سلمة
…
وغيرهم.
وقدِ اضطربَ ابنُ إسحاقَ في روايتِهِ عن الحسن بن دينار لهذا الحديثِ، فمرة رواه عنه عن الحسن البصري، ومرة رواه عنه عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه. وقتادة إنما رواه عن أبي العالية مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم. كذلك رواه عنه سعيد بن أبي عَروبة، ومعمر، وأبو عَوَانة، وسعيد بن بَشير
…
وغيرهم". ثم أسنده من طريق ابن إسحاق عن الحسن بن دينار عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه به، وقال: "الحسنُ بنُ دينارٍ متروكُ الحديثِ".
وقد أسندَهُ بعضُ المتروكين والضعفاء عن قتادةَ عن أنسٍ كما سيأتي، وقد ساقَ الدارقطنيُّ رواياتهم ثم بَيَّن عللها، وأتبع ذلك برواية الثقات الذين رووه عن قتادةَ عن أبي العالية مرسلًا، ثم قال:
"هذا هو الصحيح عن قتادة، اتَّفَقَ عليه معمرٌ، وأبو عوانةَ، وسعيدُ بنُ
أبي عَروبةَ، وسعيد بنُ بَشير، فرووه عن قتادةَ عن أبي العالية، وتابعهم عليه سَلْمُ بنُ أبي الذَّيَّال عن قتادةَ فأرسلَه. فهؤلاء خمسة ثقات رووه عن قتادة عن أبي العالية مرسلًا.
وأيوب بن خُوط، وداود بن المُحَبَّر، وعبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة، والحسن بن دينار.
كلهم متروكون، وليس فيهم مَن يجوزُ الاحتجاجُ بروايته لو لم يكنْ له مخالفٌ، فكيف وقد خالفَ كلُّ واحد منهم خمسة ثقات من أصحاب قتادة؟ !
وأما حديث الحسن بن دينار عن الحسن عن أبي المليح عن أبيه، فهو بعيد من الصواب أيضًا، ولا نَعْلمُ أحدًا تابعه عليه" (السنن 1/ 297 - 301).
وقال ابنُ حَزمٍ: "وأما حديثُ أبي المليح ففيه الحسن بن دينار، وهو مذكور بالكذب"(المحلى 1/ 265).
وقال البيهقيُّ: "هذا خطأٌ على الحسنِ البصريِّ، وعلى قتادةَ، وعلى خالدٍ الحذاءِ. والحملُ فيه على الحسنِ بنِ دينارٍ والحسنِ بنِ عمارةَ -والله أعلم- وكلاهما ضعيفان"(الخلافيات 2/ 372).
والحديثُ ضَعَّفَهُ أيضًا: الماورديُّ في (الحاوي الكبير 1/ 204)، وابنُ الجوزيِّ في (العلل) وفي (التحقيق)، وتبعه الذهبيُّ في (تنقيحه 1/ 68) وفي (تلخيص العلل، صـ 127)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 50).
2375 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ البَصَرِ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي خَبَارٍ
(1)
مِنَ الأَرْضِ [فَصُرِعَ]، فَضَحِكَ [بَعْضُ] النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَأَمَرَهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدُوا الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
منكرٌ، ومَرَدُّه إلى مرسلِ أبي العالية. وبذلك أعلَّهُ: ابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، وتبعهما: البيهقيُّ، والماورديُّ، وابنُ القيسرانيِّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ حَجرٍ. وقال أبو أميةَ الطرسوسيُّ الحافظُ:"هذا حديثٌ منكرٌ".
[اللغة]:
الخبار: الأرض اللينة. (النهاية 2/ 7).
وفي (لسان العرب 4/ 228): "الخبار من الأرض: ما لَانَ واسْترخَى"
[التخريج]:
[عد (2/ 199 - 200) (واللفظُ لَهُ)، (5/ 16 - 17، 21، 327، 328) / قط 603، 604 (والروايةُ لَهُ ولغيرِهِ)، 613/ هقخ 725، 726، 732 - 734/ علج 615/ تحقيق 212].
[التحقيق]:
هذا الحديثُ له طريقان عن أنسٍ:
(1)
في (سنن الدارقطني) و (الخلافيات للبيهقي): "خبال"، فلعلها تصحيف من "خبار"، والله أعلم، وانظر اللغة.
الطريق الأول: عن قتادة عن أنس.
وقد رُوِي عن قتادةَ من وجهين:
الوجه الأول: أخرجه الدارقطنيُّ (604) -ومن طريقه البيهقيُّ (734) - قال: حدثنا به محمد بن مَخْلَد، نا إبراهيم بن محمد العتيق، حدثنا داود بن المُحَبَّر، نا أيوب بن خُوط، عن قتادة، عن أنس، به.
وتابع داودَ بن المحبر: عيسى بن موسى، المعروف بغُنجار.
فقد أخرجه ابنُ عَدِيٍّ (2/ 199) من طريقِ الغنجار، عن أيوب بن خُوط، به.
وهذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه أيوب بن خُوط البصري، وهو متروكٌ بالاتفاقِ، قال الساجيُّ:"أجمعَ أهلُ العلمِ على تركِ حديثِه، كان يُحَدِّثُ بأحاديثَ بواطيلَ، وكان يُرمَى بالقدرِ، وليس هو بحجةٍ لا في الأحكامِ ولا في غيرِها".
قلنا: بل كَذَّبه عيسى بن يونس والأزدي. انظر (تهذيب التهذيب 1/ 402).
وداود بن المحبر، متروكٌ متهمٌ، كَذَّبه ورمَاه بوضعِ الحديثِ أحمدُ، وصالح جزرة، وابنُ حِبَّانَ. انظر (تهذيب التهذيب 3/ 199 - 201).
لكنه مُتابَعٌ من عيسى بن موسى، المعروف بغنجار كما سبقَ، وغنجار قال فيه الحافظ:"صدوقٌ، ربما أخطأَ وربما دلَّس، مكثرٌ منَ التحديثِ عن المتروكين"(التقريب 5331).
فلعلَّه دلَّسه عن ابنِ المحبر.
وقد قال الدارقطنيُّ عن هذا الحديثِ: "ورواه داود بن المحبر -وهو متروكٌ يضعُ الحديثَ-، عن أيوب بن خُوط -وهو ضعيفٌ أيضًا-، عن قتادةَ،
عن أنسٍ
…
" فساقَه بسنده، ثم قال: "والصوابُ من ذلك قولُ مَن رواه عن قتادةَ عن أبي العالية مرسلًا" (السنن 1/ 299، 300).
الوجه الثاني عن قتادة: رواه ابنُ عَدِيٍّ (الكامل 5/ 21، 328) قال: حدثنا بِشْر بن موسى الغَزِّي، حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة، حدثنا سَلَّام بن أبي مطيع، عن قتادة، عن أنس، وأبي العالية:((أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، فَجَاءَ رَجُلٌ ضَرِيرٌ، فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ، فَضَحِكَ القَوْمُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
ورواه الدارقطنيُّ (603) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات 732، 733) - من طُرُقٍ عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، عن سلام
…
به.
ورواه ابنُ عَدِيٍّ أيضًا (الكامل 5/ 327) من طريق جعفر بن محمد بن شاكر، عن ابن جبلة، به ولكن لم يَذكر أبا العالية.
وهذا إسنادٌ ساقطٌ أيضًا؛ فيه عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، قال عنه أبو حاتم:"كتبتْ عنه بالبصرةِ، وكان يَكذبُ، فضربتُ على حديثِهِ"(الجرح والتعديل 5/ 267).
قال أبو أمية الطرسوسيُّ الحافظُ: "هذا حديثٌ منكرٌ".
نقله عنه الدارقطنيُّ عقب الحديث، ثم قال:"لم يروه عن سَلَّام غير عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، وهو متروكٌ يضعُ الحديثَ"(السنن 1/ 299).
وَأَقرَّهُ البيهقيُّ في (الخلافيات 2/ 398).
وقال ابنُ عَدِيٍّ عقبه: "وذِكْر أنس بن مالك في هذا الإسناد غير محفوظ"(الكامل 5/ 21).
وقال في الموضع الثاني: "لا أعلمُ رواه أحدٌ عن قتادةَ فقال: (عن أنس) إلا سَلَّام، وإنما يَروي قتادةُ هذا عن أبي العالية مرسلًا"(الكامل 5/ 328).
وهذا متعقب، فقد رواه هو نفسُه (2/ 199) عن ابن خُوط عن قتادةَ عن أنسٍ.
وأعلَّهُ ابنُ حَجرٍ بابنِ جبلة فقال: "وعبد الرحمن واهٍ"(الدراية 1/ 36).
الطريق الثاني: رواه ابنُ عَدِيٍّ (5/ 16 - 17) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات 725)، وابنُ الجوزيِّ في كتابيه-، والدارقطنيُّ (613) -ومن طريقه البيهقيُّ (726) - من طريق سفيان بن محمد الفَزَاري، عن عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أبي معاذ سليمان بن أرقم، عن الحسن، عن أنس بن مالك، به.
وهذا إسنادٌ ساقطٌ أيضًا؛ فيه علتان:
العلة الأُولى: سليمان بن أرقم أبو معاذ البصري، تركه الأئمةُ؛ ولذا قال البخاريُّ:"تركوه"(التاريخ الكبير 4/ 2)، وقال الذهبيُّ:"متروكٌ"(الكاشف 2068).
العلة الثانية: سفيان بن محمد الفَزَاري، قال ابنُ أبي حاتم:"سمع منه أبي وأبو زرعة وتركا حديثه، سمعت أبي يقول: هو ضعيفُ الحديثِ"، وقال صالح جزرة:"ليسَ بشيءٍ"، وقال الدارقطنيُّ:"كان ضعيفًا، سيئَ الحالِ في الحديثِ".
وقال مرة: "لا شيء"، وقال الحاكمُ:"روى عن ابن وهب وابن عُيَينة أحاديث موضوعة"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"كان يسرقُ الحديثَ، ويسوي الأسانيد"، وقال أيضًا: "ليس من الثقات، وله أحاديث لا يتابعه عليها الثقات،
وفيها موضوعات وسرقات وتبديل قوم بقوم، ووصل مراسيل، وهو بَيِّنُ الضعف" (لسان الميزان 3522).
وبه أعلَّهُ ابنُ عَدِيٍّ فقال: "والبلاء في هذه الرواية من سفيان بن محمد الفَزَاري؛ فإنه ضعيف"(الكامل 5/ 17).
وتبعه ابنُ القيسرانيِّ فقال: "وسفيانُ هذا يقلبُ الأخبارَ، ويأتي عن الثقاتِ بما ليس من حديثِهم"(تذكرة الحفاظ 93).
وبه أعلَّهُ أيضًا الماورديُّ في (الحاوي الكبير 1/ 204).
وبهاتين العلتين أعلَّهُ ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 196).
وفيه علةٌ ثالثةٌ كسابقه، وهي: أن الصحيح عن الحسن إرساله، ومرسل الحسن مَرَدُّه إلى مرسل أبي العالية الآتي قريبًا.
قال الدارقطنيُّ: "حَدَّثَ بهذا الحديثِ شيخٌ لأهلِ المِصيصة، يقال له سفيان بن محمد الفَزَاري، وكان ضعيفًا سيئَ الحال في الحديث
…
وأحسن حالات سفيان بن محمد أن يكون وَهِم في هذا الحديثِ على ابن وهب إن لم يكن تعمد ذلك في قوله: (عن الحسن عن أنس).
فقد رواه غيرُ واحدٍ عن ابنِ وهبٍ، عن يونسَ، عن الزهريِّ، عن الحسنِ مرسلًا، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ منهم خالد بن خِدَاش، المُهَلَّبي، ومَوْهَب بن يزيد، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب
…
وغيرهم، لم يذكر أحدٌ منهم في حديثِهِ عن ابن وهب في الإسناد أنس بن مالك، ولا ذَكَر فيه بين الزهري والحسن: سليمان بن أرقم، وإن كان ابن أخي الزهري وابن عتيق قد روياه عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن الحسن مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذه أقاويل أربعة عن الحسن، كلها باطلة؛ لأن الحسن إنما سمع هذا
الحديث من حفص بن سليمان المِنْقَري، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية الرِّيَاحي مرسلًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا بذلك أبو بكر النيسابوري، نا محمد بن علي الوراق، نا خالد بن خِدَاش، نا حماد بن زيد، عن هشام، عن الحسن قال:((بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فِي بَصَرِهِ ضُرٌّ - أَوْ قَالَ: أَعْمَى- فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ، فَضَحِكَ بَعْضُ القَوْمِ، فَأَمَرَ مَنْ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)) فذكرتُه لحفص بن سليمان فقال: أنا حدَّثتُ به الحسن عن حفصة. فهذا هو الصواب عن الحسن البصري مرسلًا" (السنن 1/ 303 - 304).
ونَقَله عنه البيهقيُّ وأقرَّه.
وقال ابنُ عَدِيٍّ أيضًا: "ورَوَى هذا الحديث الحسن البصري، وقتادة، وإبراهيم النَّخَعي، والزهري، يحكون هذه القصة عن أنفسهم مرسلًا، وقد اختُلف على كلِّ واحدٍ منهم موصولًا ومرسلًا، ومدارُ هؤلاء كلهم [و] مرجعهم لأبي العالية، والحديثُ حديثُه"(الكامل 5/ 15).
رِوَايَةُ: قَهْقَةً شَدِيدَةً:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ قَهْقَهَةً شَدِيدَةً، فَعَلَيْهِ الوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ)).
[الحكم]:
منكرٌ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وقال البيهقيُّ:"رواتُه أكثرهم مجهولون".
[التخريج]:
[عيل 167/ تجر 693/ هقخ 731].
[السند]:
أخرجه أبو بكر الإسماعيليُّ في (معجمه) -وعنه حمزةُ السهميُّ في (تاريخ جرجان)، ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات) - قال: حدثني أبو عمرو محمد بن عمرو بن شهاب بن طارق الأصبهاني بجرجان، حدثنا أبو جعفر أحمد بن فورَك، حدثنا عبيد الله بن أحمد الأشعري، حدثنا عمار بن يزيد البصري، حدثنا موسى بن هلال، حدثنا أنس بن مالك، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ مسلسلٌ بالعللِ:
العلة الأُولى: موسى بن هلال، هو: موسى بن عبد الله بن هلال الطويل كما في (المغني في الضعفاء للذهبي 6539)، قال فيه ابنُ عَدِيٍّ:"يُحَدِّثُ عن أنسٍ بمناكيرَ، وهو مجهولٌ"(الكامل 9/ 555). وقال ابنُ حِبَّانَ: "شيخٌ، كان يزعمُ أنه سمعَ أنسَ بنَ مالكٍ
…
روى عن أنسٍ أشياءَ موضوعة، كان يضعُها أو وُضعتْ له، فحَدَّثَ بها، لا يَحِلُّ كتابةُ حديثِه إلا على جهةِ التعجبِ" (المجروحين 2/ 251).
وقال الدارقطنيُّ: "متروك"(سؤالات البرقاني 502).
العلة الثانية: عمار بن يزيد، مجهولٌ أيضًا، قال الدارقطنيُّ:"وعمار بن يزيد مجهول"(سؤالات البرقاني 379)، وتبعه الذهبيُّ فذكره في (ميزان الاعتدال 6011).
الثالثة والرابعة: أبو جعفر أحمد بن فورك وعبيد الله بن أحمد الأشعري، لم نجدْ لهما ترجمةً.
ولذا قال البيهقيُّ: "ورواة هذا الحديث أكثرهم مجهولون، وليس يمكنني أن أشهد على إسلامهم، فكيف على عدالتهم؟ ! وموسى بن هلال إن كان هو الطويل
…
فهو ضعيفٌ، لا يُحتجُّ بحديثِهِ" (الخلافيات 2/ 397)، و (مختصر خلافيات 1/ 332).
ولما ذَكَر الكمال ابن الهمام السيواسي الطرقَ التي رُوِيتْ بها هذه القصة، قال: "وأغربها طريق عن أنس، رواها أبو القاسم حمزة بن يوسف في تاريخ جرجان
…
" فذكرها (فتح القدير 1/ 51).
وهذا يدلُّ على شدةِ نكارتها.
2376 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا [ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى] قَهْقَهَ، أَعَادَ (فَلْيُعِدِ) الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
باطلٌ عن أبي هريرةَ، قاله الدارقطنيُّ. وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
وَضَعَّفَهُ: ابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، والخطيبُ البغداديُّ، وابنُ الجوزيِّ، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، وابنُ حَجرٍ، والسيوطيُّ، والمناويُّ.
[التخريج]:
[عد (5/ 18 - 19) (واللفظُ لَهُ) / قط 611/ هقخ 720/ خط (11/ 18، 35) / متفق 1180 (والزيادةُ والروايةُ لَهُ) / تحقيق 211/ علج 612/ حلب (2/ 20)].
[السند]:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ -ومن طريقه البيهقيُّ وابنُ العديم- قال: ثنا ابن صاعد، ثنا إسحاق بن الجراح، ثنا الهيثم بن جميل، ثنا عبد العزيز بن الحُصين الترجمان، عن عبد الكريم، عن الحسن، عن أبي هريرة، به.
ومداره عند الباقين على عبد الكريم بن أبي المُخارق، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
العلة الأُولى: الانقطاع؛ فالحسن البصري لم يسمعْ من أبي هريرة على الراجح. انظر (المراسيل لابن أبي حاتم 101 - 111).
العلة الثانية: عبد الكريم، وهو ابنُ أبي المُخارق أبو أمية، وهو:"ضعيفٌ" كما في
(التقريب 4156). ونَقَلَ الاتفاقَ على ذلك ابنُ عبدِ البرِّ فقال: "وعبد الكريم هذا ضعيف، لا يختلفُ أهلُ العلمِ بالحديثِ في ضعْفِه"(التمهيد 20/ 65).
العلة الثالثة: عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان؛ وهو واهٍ، ضَعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ، والبخاريُّ، وأبو حاتم،
…
، وغيرُهم. وَضَعَّفَهُ جدًّا ابنُ المدينيِّ، وقال مسلم:"ذاهبُ الحديثِ"، وقال أبو داود:"متروكُ الحديثِ"، وقال النسائيُّ:"ليس بثقة، ولا يُكتب حديثُه". (لسان الميزان 4806).
وقد توبع بما لا يُفرحُ به، فقد تابعه خارجة بن مصعب، كما عندَ الخطيبِ في (المتفق والمفترق 1180). وخارجة: متروكُ الحديثِ، كما في (التقريب).
قال ابنُ عَدِيٍّ: "والبلاءُ في هذا الإسنادِ من عبد العزيز بن حصين. وعبد الكريم هو عبد الكريم أبو أمية بصري، وجميعًا ضعيفان"(الكامل 5/ 19).
وقال أيضًا: "وقد اختُلفَ على الحسن في هذا الحديثِ؛ فمنهم مَن أرسله. ومنهم مَن قال: عن الحسن، عن أنس. ومنهم مَن قال: عن الحسن، عن أبي هريرة. ومنهم مَن قال: عن الحسن، عن مَعْبَد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويقال: إن مَعْبَدًا هو مَعْبَد بن هَوْذة. وعمرو بن عبيد قد قال: عن الحسن، عن عمران بن حصين. وكلها غير محفوظة"(الكامل 7/ 531).
وقال الدارقطنيُّ: "وقد رواه عبد الكريم أبو أمية عن الحسن، عن أبي هريرة. وعبد الكريم متروك، والراوي له عنه عبد العزيز بن الحصين وهو ضعيف أيضًا"(السنن 1/ 301).
وقد عَدَّه الدارقطنيُّ منَ الأباطيلِ، فقال -بعد ذكر رواية الحسن مرسلًا، وروايته عن أنس وعمران بن حصين، ورواية أبي هريرة هذه-: "فهذه
أقاويل أربعة عن الحسن، كلها باطلة؛ لأن الحسنَ إنما سمع هذا الحديث من حفص بن سليمان المنقري، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية الرياحي مرسلًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم" (السنن 1/ 303).
وقال البيهقيُّ: "إسنادُهُ ضعيفٌ، وعبد الكريم غير ثقة"(معرفة السنن والآثار 1/ 434).
وقال الخطيبُ عقبه: "الحسنُ لم يسمعْ من أبي هريرةَ، وعبد الكريم أبو أمية ضعيفٌ، وكذلك خارجة الراوي عنه"(المتفق والمفترق 3/ 1679).
وأعلَّهُ ابنُ الجوزيِّ بالانقطاع ووهاء عبد الكريم وعبد العزيز (العلل المتناهية 1/ 368) وكذا في (التحقيق 1/ 196).
وقال الذهبيُّ: "عبد العزيز واهٍ، والحسن لم يسمعْ من أبي هريرة، وعبد الكريم تالف"(التنقيح 1/ 67).
وَضَعَّفَهُ أيضًا: الزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 48).
ورَمَز لضعفه السيوطيُّ في (الجامع الصغير 8827).
وقال المناويُّ: "إسنادُهُ واهٍ"(التيسير 2/ 429).
وقد نقلنا فيما سبقَ أقوال أهل العلم في أنه لا يَثبتُ في الضحكِ في الصلاةِ حديثٌ، وأن مردها إلى مرسلِ أبي العالية.
[تنبيه]:
وَقَعَ في مطبوعة (تاريخ حلب): (عبد الكريم بن الحسن عن أبي هريرة)، والصواب (عبد الكريم عن الحسن عن أبي هريرة).
2377 -
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ:
◼ عنِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ ضَحِكَ فِي صَلَاةٍ قَهْقَهَةً، فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
منكرٌ. وَضَعَّفَهُ: ابنُ عَدِيٍّ، والبيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ حَجرٍ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[عد (5/ 18) / هقخ 718/ علج 610/ تحقيق 210].
[السند]:
قال ابنُ عَدِيٍّ -ومن طريقه البيهقيُّ وابنُ الجوزيِّ-: حدثنا ابن جوصاء
(1)
، حدثنا عطية بن بقية، حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن قيس السَّكُوني، عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عمرَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عطية بن بقية، قال ابنُ أبي حاتم:"محله الصدق، وكانت فيه غفلة"(الجرح والتعديل 6/ 381). وقال ابنُ حِبَّانَ: "يُخْطِئُ ويغربُ، يعتبرُ حديثُه إذا رَوى عن أبيه غير الأشياء المدلسة"(الثقات 8/ 527).
قلنا: وقد خولف فيه كما سيأتي، ولعلَّه أخطأَ أيضًا في قوله:"عمرو بن قيس"، وإنما هو "عمر بن قيس" وهو المكيُّ، المعروف بـ (سندل) فهذا هو
(1)
وقع في (الخلافيات): "ابن صاعد"! ، وقد تكرر هذا الإسناد في (الخلافيات 715)، عقب مرسل الحسن. وهو خطأ.
الذي يَروي عن عطاءٍ، وليس السكوني، وهو أحدُ رُواة حديث عمران كما سيأتي، وهو متروكُ الحديثِ، كما في (التقريب).
*وبقية بن الوليد ثقة إلا أنه يدلسُ ويسوي.
ولذا قال البيهقيُّ عقبه: "لم يروه غير بقية، وبقية لا يُحتجُّ به"(الخلافيات).
وقال ابنُ الجوزيِّ: "وهذا لا يصحُّ؛ فإن بقيةَ من عادتِه التدليس، فلعلَّه سمعه من بعضِ الضعفاءِ، فحَذَفَ اسمَ ذلك، وقد كان له رواة يسردون الحديث ويحذفون اسم الضعيف"(العلل المتناهية 610).
واعتَرض الزيلعيُّ على ابنِ الجوزيِّ فقال: "وهذا فيه نظر؛ لأن بقيةَ صَرَّحَ فيه بالتحديثِ، والمدلسُ إذا صَرَّحَ بالتحديثِ وكان صدوقًا زالتْ تهمةُ التدليسِ. وبقية من هذا القبيل"(نصب الراية 1/ 48).
وبنحوه قال ابنُ التركمانيِّ في (الجوهر النقي 1/ 147)، والعينيُّ في (عمدة القاري 3/ 48).
وتَعَقَب ذلك الألبانيُّ فقال: "وهذا الدفعُ مدفوعٌ ومردودٌ؛ لأن تصريحَه في حديث ابن عمر بالتحديثِ مما لا يطمئنُ القلبُ إليه؛ ذلك لأنه من رواية ابنه عطية بن بقية عن أبيه: حدثنا
…
وعطية كانتْ فيه غفلة، كما قال ابنُ أبي حاتم.
وقال ابنُ حِبَّانَ: "يُخْطِئُ ويغربُ، يعتبرُ حديثُه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلسة".
قلتُ: ومن كان فيه غفلة ومن عادته أن يُخْطِئَ ويغربَ؛ فلا شَكَّ أنه لا يُحتجُّ به، فلا يَثبتُ تصريح بقية بالتحديثِ بمثل روايته، وإنما يُستشهد بها، فإن جاءَ له شاهد قويت وإلا فلا، ولا شاهد هنا.
فجَزْمُ القاري بأن بقيةَ صَرَّحَ فيه بالتحديثِ فيه غفلة عن حالِ عطية بن بقية! فتنبه" (الضعيفة 10/ 410).
وقال ابنُ حَجرٍ: "إسنادُهُ ضعيفٌ، وهو من روايةِ بقيةَ وقدِ اضطربَ فيه"(الدراية 1/ 34).
قلنا: يشيرُ إلى ما رواه كَثير بن عُبيد، ثنا بقية عن محمد الخزاعي، عن الحسن، عن عمران بن حُصين، به.
قال ابنُ عَدِيٍّ: "ومحمد الخزاعي هذا هو من مجهولي بقية، ويقال عن بقيةَ في هذا الحديثِ: عن محمد بن راشد عن الحسن. ومحمد بن راشد أيضًا عن الحسن مجهول".
فإن قيل: وما دَخْل هذا بحديث ابن عمر؟ وليس غريبًا أن يَروي بقية الحديثين؟ !
قلنا: قد رواه الحسن بن قتيبة، عن عمر بن قيس، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن، عن عمران بن حصين، به.
قال ابنُ عَدِيٍّ: "كذا قال في هذا الإسناد: (عن عمر بن قيس، عن عمرو بن عبيد) وإنما هو عن عمرو بن قيس، وهو السكوني الحمصي! عن عمرو بن عبيد"(الكامل 5/ 18).
وعَلَّقَ ابنُ عبدِ الهادِي على هذا الحديث فقال: "قال ابنُ عَدِيٍّ: ورواه بقية عن عمرو بن قيس عن عطاء عنِ ابنِ عمرَ
…
فأسقط بقية -أو غيره- عمرو بن عبيد، وقال: عن عطاء عنِ ابنِ عمرَ" (تنقيح التحقيق 1/ 299).
قلنا: وعمرو بن عبيد متروكُ الحديثِ. وعلى هذا فالسندُ ضعيفٌ جدًّا.
2378 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عن عائشةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ ضَحِكَ فِي صَلَاتِهِ قهقهة، فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ الصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
منكرٌ. وَضَعَّفَهُ جدًّا البيهقيُّ.
[التخريج]:
[هقخ 743].
[السند]:
أخرجه البيهقيُّ في (الخلافيات) قال: أخبرنا أبو سهل محمد بن نَصْرَوَيْهِ المروزي من أصل كتابه، حدثنا أبو حاتم محمد بن عمر بن شادَوَيْهِ الكِنْدي الكرابيسي، حدثنا إبراهيم بن محمود بن حمزة، حدثنا إبراهيم بن هانئ، حدثنا محمد بن يزيد بن سنان، عن أبيه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ لأجل يزيد بن سنان فهو واهٍ، وقد تقدمتْ ترجمتُه في حديث جابر.
وبه أعلَّهُ البيهقيُّ فقال: "ورُوِي عن عائشةَ رضي الله عنها بإسنادٍ واهٍ
…
"، فذكره، ثم قال: "يزيد بن سنان هذا لا يُحتجُّ بحديثِهِ".
2379 -
حديث مَعْبَدٍ:
◼ عَنْ مَعْبَدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ، إِذْ أَقْبَلَ أَعْمَى يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَوَقَعَ فِي زُبْيَةٍ، فَاسْتَضْحَكَ بَعْضُ القَوْمِ حَتَّى قَهْقَهَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَهْقَهَ، فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
منكرٌ، ومعبد هذا لا صحبةَ له، ومَرَدُّه إلى مرسلِ أبي العالية.
وأعلَّهُ: الدارقطنيُّ، وابنُ عَدِيٍّ، والبيهقيُّ، وابنُ عبدِ البرِّ، والماورديُّ، وابنُ الجوزيِّ، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، وابنُ حَجرٍ.
[التخريج]:
[آثار 135 (واللفظُ لَهُ) / عد (5/ 19) / قا (2/ 97) / قط 622، 623/ صحا 6124/ هقخ 727، 729، 730/ مخلد 20/ تحقيق 218/ علج 618/ أسد (5/ 211) / خسرو 1049، 1050/ حنيفة (طلحة - خوارزم 1/ 247 - 248) / حنيفة (أشناني- خوارزم 1/ 248)].
[التحقيق]:
حديثُ مَعْبدٍ هذا مدارُه على منصور بن زاذان، وقد اختُلفَ عليه فيه على أوجه ثلاثة:
الوجه الأول: رواه عنه أبو حنيفة النعمانُ، واختُلفَ عليه في إسنادِهِ:
فأخرجه أبو يوسف في (الآثار 135).
وأخرجه ابنُ قانع في (الصحابة 2/ 96)، والدارقطنيُّ (622) -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 218) -، ورواه طلحةُ بنُ محمدٍ في (مسند أبي حنيفة) -كما في (جامع الخوارزمي 1/ 248) - من طريق مكي بن
إبراهيم.
وأخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 5/ 19) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات)، وابنُ الجوزيِّ في (العلل) -، ورواه طلحة بن محمد في (مسند أبي حنيفة) -كما في (جامع الخوارزمي 1/ 248) - من طريق أبي يحيى الحِمَّاني.
وأخرجه أبو نعيم في (الصحابة 6124) -ومن طريقه ابنُ الأثيرِ في (أسد الغابة) - من طريق سعد بن الصلت.
ورواه طلحة بن محمد في (مسند أبي حنيفة) -كما في (جامع الخوارزمي 1/ 248) - من طريقِ المقرئ.
كلهم: عن أبي حنيفة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن معبد، به.
كذا بإهمال معبد، دون تعيين.
وهذا الوجه ضعيفٌ معلولٌ؛ فيه أربعُ عِللٍ:
العلة الأُولى: الإرسال؛ لأن معبدًا هذا ليس صحابيًّا، كما نصَّ عليه الدارقطنيُّ وغيره فيما سيأتي.
وقد اختُلف في نَسَبِ معبدٍ هذا، مَن يكون؟
فجمهورُ الرواةِ عن أبي حنيفةَ أهملوه ولم ينْسِبُوه.
وخالفهم أسد بن عمرو البَجَليُّ، فرواه عن أبي حنيفةَ بإسنادِهِ، وسمَّاه:"معبد بن صبيح".
رواه عمر الأشناني في (مسند أبي حنيفة)، كما في (جامع الخوارزمي 1/ 248)
-ومن طريقه ابنُ خسرو في (مسند أبي حنيفة 1050) -: من طريق عبد الله بن عمر بن أبان، عن أسد بن عمرو، به.
وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "ذَكَره أبو كُرَيْبٍ، عن أسد بن عمرو، عن أبي حنيفة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن معبد بن صبيح
…
" فذكره، ثم قال: "وهو حديثٌ لا يثبته أهل الحديث، ولا يعرفه أهل الحجاز" (الاستيعاب 1/ 448).
وأسد بن عمرو هذا مختلفٌ فيه، بل الجمهورُ على تضعيفِهِ، وهو الأرجحُ. انظر ترجمتَه في (لسان الميزان 1105).
فرواية الجماعة أَوْلى، ومع ذلك، فإن كان ما ذكره محفوظًا فلا يفيدُ شيئًا جديدًا؛ لأن ابنَ صبيح هذا ليست له صحبة كما جزمَ به ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 433)، ولمَّا ذكره البخاريُّ في (التاريخ 7/ 399) قال:"رأى عليًّا وعثمانَ"، وهذا ظاهر في كونه تابعيًّا.
وقيل: معبد صاحب هذا الحديث هو مَعْبَد بن هَوْذة الأنصاري.
قال ذلك الدولابيُّ، رواه عنه ابنُ عَدِيٍّ وخَطَّأه فيه، فقال:"قال لنا ابن حماد -يعني الدولابي-: هو معبد بن هوذة الذي ذكره البخاريُّ في كتابه في تسمية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم".
قال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا الذي ذكره ابنُ حمَّاد غلط؛ وذلك أنه قيل: (معبد الجُهَني) فكيف يكون جُهَنيًّا أنصاريًّا؟ ! ومعبد بن هوذة أنصاري، وله حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكحل. إلا أن ابنَ حمَّادٍ اعتذرَ لأبي حنيفةَ فقال: هو معبد بن هوذة لميله إلى أبي حنيفة"(الكامل 5/ 20).
وقيل: هو معبد بن أم معبد التي مَرَّ بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الهجرة، وفي ترجمتِهِ ذكر
ابن منده وأبو نعيم هذا الحديث، وتمسَّك بذلك ابنُ التركمانيِّ في (الجوهر 1/ 145، 146).
وهذا ردَّه الحافظُ ابنُ حَجرٍ فقال: "وهذا لا يصحُّ؛ لأن راوي حديث القهقهة جُهَني، ووَلَدُ أم معبد خزاعي"(الإصابة 10/ 551).
قلنا: والذي نَسَبَهُ جُهنيًّا هو غيلان بن جامع في روايتِهِ عن منصورٍ، وجزمَ به الدارقطنيُّ والبيهقيُّ كما سيأتي.
العلة الثانية: ضَعْفُ أبي حنيفةَ في الحديثِ رغمَ إمامته في الفقه، فقد ضَعَّفَهُ غيرُ واحدٍ منَ الأئمةِ. ويدلُّ عليه هنا أنه قد خُولفَ فيه، كما ستراه في بقية الأوجه، كما أنه اختُلف عليه أيضًا في ذكر معبدٍ في إسنادِهِ، فذَكَره مَن سمَّيناهم. وخالفهم محمد بن الحسن، وزُفَر، والحسن بن زياد اللؤلؤي، فرووه عن أبي حنيفة وأرسلوه عن الحسن.
قال ابنُ عَدِيٍّ: "وأرسله محمد بن الحسن، وزُفَر، عن أبي حنيفة، ولم يذكرا معبدًا في هذا الإسناد"(الكامل 5/ 19).
قلنا: رواية محمد بن الحسن في (الآثار 163).
وأما رواية زُفَر فوَقَعَتْ عند أبي نعيم في (مسند أبي حنيفة صـ 223) -وكذا من طريق مكي- عن أبي حنيفة، عن منصور، عن الحسن، عن أبي سعيد، به.
هكذا وَقَعَ في المطبوع "أبي سعيد"، والظاهر أنه محرَّف عن "أبي معبد"، والله أعلم.
* ورواه ابنُ خسرو في (مسند أبي حنيفة 1051) من طريقِ الحسن بن زياد اللؤلؤي -وهو في (مسنده)، كما في (جامع الخوارزمي 1/ 248) -: عن
أبي حنيفة، عن منصور، عن الحسن مرسلًا.
* ورواه ابنُ خسرو في (مسند أبي حنيفة 1049) من طريقِ القاضي عمر بن الحسن الأُشناني -وهو في (مسنده)، كما في (جامع الخوارزمي 1/ 248) - قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن أبي كثير القاضي قال: حدثنا مكي بن إبراهيم قال: حدثنا أبو حنيفة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن مَعْقِل بن يسار، أن معبدًا قال
…
فذكره.
والأشناني ضعيفٌ متهمٌ. انظر (سؤالات الحاكم للدارقطني 252)، و (لسان الميزان 5596).
وقد خالفه جماعةٌ منَ الثقاتِ، فرووه عن إسماعيل بن أبي كثير القاضي، عن مكي، به، ولم يذكروا في إسنادِهِ (عن مَعْقْل بن يسار). كما عند الدارقطنيِّ (622) وغيره.
ولذا قال الحافظُ طلحةُ بنُ عَمرٍو: "وقد رُوي (عن معقل بن يسار) وهو غلط"(جامع مسانيد أبي حنيفة 1/ 248).
العلة الثالثة: أن المحفوظَ عن الحسنِ مرسلًا ليس فيه ذكر معبد، هكذا رواه هشام بن حسان عن الحسن، وهو الموافقُ لرواية محمد بن الحسن، وزفر، عن أبي حنيفة. وقد سبق أن مرسلَ الحسنِ مَرَدُّه إلى مرسلِ أبي العالية المُخرج في هذا الباب.
قال ابنُ عَدِيٍّ: "ولم يقلْه أحدٌ عن معبدٍ في هذا الإسنادِ إلا أبو حنيفة، ورواه هشام بن حسان عن الحسن مرسلًا، وأصحاب منصور بن زاذان، صاحبه المختص فيه هشيم بن بشير لأنه من أهل بلده، وبعده أبو عوانة وغيرهما ممن روى عن منصور بن زاذان، وليس عند هشيم وأبي عوانة هذا
الحديث لا موصولًا ولا مرسلًا.
فأخطأ أبو حنيفة في إسناد هذا الحديث ومتنه لزيادته في الإسناد معبدًا، والأصل عن الحسن مرسلًا، وزيادته في متنه القهقهة وليس في حديث أبي العالية -مع ضَعْفِهِ وإرساله- القهقهة.
قال لنا ابنُ صَاعد: ويقال إن الحسنَ سمع هذا الحديث من حفص بن سليمان المنقري، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. فرجع الحديث إلى أبي العالية" (الكامل 5/ 20).
العلة الرابعة: أن منصور بن زاذان لم يروه عن الحسن، وإنما رواه عن ابن سيرين.
وبهذا أعلَّهُ الدارقطنيُّ، فقال:"وَهِم فيه أبو حنيفة على منصور، وإنما رواه منصور بن زاذان، عن محمد بن سيرين، عن معبد. ومعبدٌ هذا لا صحبةَ له، ويقال: إنه أول مَن تكلَّم في القدرِ منَ التابعينَ. حَدَّثَ به عن منصور عن ابن سيرين غيلان بن جامع وهشيم بن بشير، وهما أحفظ من أبي حنيفة للإسناد"(السنن 1/ 306).
وهذا قد لا يكون قادحًا في نفس الأمر؛ إذ كل مِن ابن سيرين والحسن إمامان ثقتان، ولكن هذا إنما يدلك على عدم ضبط أبي حنيفة للحديثِ. وانظر رواية غيلان وهشيم فيما يأتي.
الوجه الثاني: رواه الدارقطنيُّ (623) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات 729) -، وابنُ مَخْلَدٍ البزازُ في (حديثه عن شيوخه)، كلاهما من طريق غَيْلان، بن جامع، عن منصور، عن ابن سيرين، عن معبد الجُهني، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ معبد الجُهني هذا هو القَدَري، قال الحافظُ:"صدوق مبتدع، وهو أول من أظهر القدر بالبصرة"(التقريب 6777). فحديثه هذا
مرسل.
وبهذا أعلَّهُ البيهقيُّ فقال: "ومعبدٌ هو أول مَن تكلَّم في القدرِ بالبصرةِ، وليستْ له صحبةٌ
…
ورواه هشيم، عن منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، مرسلًا.
والمحفوظُ [في] هذا الحديث من جهة الحسن البصري- ما رواه عنه أكابر أصحابه، مرسلًا. وإنما أخذه الحسن، عن حفص بن سليمان، عن حفصة، عن أبي العالية" (معرفة السنن والآثار 1/ 435).
وقال الماورديُّ: "ومعبدٌ الجهنيُّ الذي أسنده أبو حنيفة عنه- تابعيٌّ ولا صحبةَ له، وكان حديثُه مرسلًا"(الحاوي الكبير 1/ 204).
وَظَنَّهُ ابنُ التركمانيِّ معبدًا الجهنيَّ الصحابيَّ، أحد مَن حَمَل ألوية جُهينة يوم الفتح (الجوهر 1/ 146).
وهذا خلط منه، فقد فَرَّق بينهما أبو حاتم، وقال ابنُ عبدِ البرِّ عن الصحابيِّ:"هو غير معبد الذي تكلَّم في القدر، وقيل: هو هو"، قال ابنُ حَجرٍ:"هذا الثاني باطل"، أي: القول بأنهما واحد. انظر (الإصابة 10/ 246)، و (التهذيب لابنِ حَجرٍ 10/ 22).
وفي الإسنادِ علةٌ أُخرَى، فقد خولف فيه غيلان بن جامع، وهذا هو
الوجه الثالث: رواه الدارقطنيُّ (624، 625) من طُرُقٍ عن هُشيمِ بنِ بَشيرٍ، عن منصور، عن ابن سيرين، به مرسلًا.
فلم يَذكر فيه معبدًا، وهشيم أثبت من غَيلان عامة وفي منصور خاصة، فهشيم أعلمُ الناسِ بحديثِ منصور بن زاذان كما قال ابنُ مهديٍّ. انظر (تهذيب التهذيب 11/ 62).
فهذا الوجه مقدمٌ على سابقيه، والله أعلم.
والحديثُ ضَعَّفَهُ ابنُ عبدِ البرِّ، فقال -عقب ذكره من طريق معبد بن صبيح-:"وبه يقول فقهاء العراقين من الكوفيين والبصريين، وهو قول الأوزاعي، وهو حديث لا يُثبته أهل الحديث، ولا يعرفه أهل الحجاز"(الاستيعاب 3/ 1427).
[تنبيهان]:
التنبيه الأول: وَقَعَ تصحيفٌ في المطبوع من (معجم الصحابة) لابن قانع من (أبي حنيفة) إلى (أبي حذيفة).
التنبيه الثاني: قال العينيُّ في (نخب الأفكار 2/ 64): "وذَكَر هذا الحديثَ الحافظُ أبو موسى المدينيُّ في كتاب (الأمالي) مسندًا إلى معبدٍ الحِمْصي عن النبيِّ عليه السلام في باب الميم".
كذا وَقَعَ في مطبوع (النخب): "الحمصي"، ولعلَّ الصواب:"البصري". فقد ذكره أبو موسى في (الصحابة) في ترجمة معبد بن صبيح البصري، كما في (أُسْد الغابة 5/ 211).
2380 -
حَدِيثُ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ:
◼ عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ المَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَعَثَرَ أَعْمَى، فَضَحِكَ بَعْضُ القَوْمِ، فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((أَيُّكُمُ الضَّاحِكُ؟ )) قَالَ القَوْمُ: فُلَانٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((أَعِدِ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لِرَجُلٍ ضَحِكَ: ((أَعِدِ وُضُوءَكَ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ. وَضَعَّفَهُ: ابنُ عَدِيٍّ. وَأَقرَّهُ البيهقيُّ، والماورديُّ، وابنُ الجوزيِّ، والذهبيُّ.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأُولى: [قا (3/ 96 - 97)].
تخريج السياقة الثانية: [عد (5/ 17) (واللفظُ لَهُ) / هقخ 719/ تحقيق 213/ علج 616].
[السند]:
رواه ابنُ قانِع: حدثنا إسماعيل بن الفضل البلخي، نا عبد الوهاب بن نَجْدة الحَوْطي، نا بقية، عن محمد بن راشد، عن الحسن، عن عمران، به بلفظ السياقة الأولى.
ورواه ابنُ عَدِيٍّ -ومن طريقه البيهقيُّ وابنُ الجوزيِّ في الكتابين- قال: ثنا زيد بن عبد الله بن زيد الفارض، ثنا كَثير بن عُبيد، ثنا بقية، عن محمد الخزاعي، عن الحسن، عن عمران، به بلفظ السياقة الثانية المختصرة.
فمداره عندهم على بقية بن الوليد.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
العلة الأُولى: جهالة محمد الخزاعي. وقيل: محمد بن راشد، كما عند ابنِ قَانعٍ، وهو مجهولٌ أيضًا.
قال ابنُ عَدِيٍّ: "ومحمد الخزاعي هذا هو من مجهولي بقية. ويقال عن بقيةَ في هذا الحديثِ: عن محمد بن راشد، عن الحسن. ومحمد بن راشد أيضًا عن الحسن مجهول".
وذكَر كلامَه: البيهقيُّ وابنُ الجوزيِّ، وأقرَّاه.
وهذا يعني أن صاحبنا ليس هو المكحولي (محمد بن راشد الخزاعي) أحد مشايخ بقية أيضًا، فقد ذكره ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 9/ 241) وقال فيه:"وليس برواياته بأس، إذا حَدَّثَ عنه ثقة فحديثُه مستقيمٌ". وقال الذهبيُّ: "محمد لا شيء"(تنقيح التحقيق 1/ 68). وفي (الميزان 3/ 544): "محمد بن راشد عن الحسن، لا يُدرى مَن هو".
قال ابنُ حَجرٍ: "وَقَعَ ذكره في ترجمة أبي العالية من (كاملِ ابنِ عَدِيٍّ
…
) "، وساق كلامَه السابق، ثم قال: "وفي (الثقات) لابنِ حِبَّانَ: (محمد بن راشد، يَروي عن محمد بن سيرين، روى عنه سليمان الجَرْمي)، فكأنه هو" (اللسان 6771).
والشاهدُ أن كلَّ هؤلاء اتَّفقوا على أن صاحبَنا غير المكحولي.
العلة الثانية: عنعنة بقية بن الوليد، وهو كثيرُ التدليسِ عن الضعفاءِ. (التقريب 734).
العلة الثالثة: المخالفة، فالصحيح عن الحسن أنه أخذ هذه القصة من حفص
بن سليمان المنقري عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية مرسلًا. وكان الحسن ربما أرسلها بعد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. هذا هو المحفوظ عن الحسن، وما عدا ذلك فباطلٌ عنه لا يصحُّ.
قال الدارقطنيُّ -بعد ذكره بعض الأوجه عن الحسن-: "فهذه أقاويل أربعة عن الحسن، كلها باطلةٌ؛ لأن الحسنَ إنما سمعَ هذا الحديثَ من حفص بن سليمان المنقري، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية الرياحي مرسلًا".
ثم ذكره عن الحسن مرسلًا وقال: "فهذا هو الصواب، عن الحسن البصري مرسلًا".
رِوَايَةُ ((إِذَا قَهْقَهَ، أَعَادَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ 1، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا قَهْقَهَ، أَعَادَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2، عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ قَرْقَرَةً (قَهْقَهَةً) فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ مُطَوَّلَةٍ 3، عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ مَاطِرٍ، إِذْ أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ يَسْعَى يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَزَلَقَ فَسَقَطَ فِي حُفْرَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَضَحِكَ مَنْ كَانَ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّلَاةِ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ:((مَنْ قَهْقَهَ مِنْكُمْ آنِفًا، فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا. وأنكرَه: ابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، وابنُ حَجرٍ.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [عد (5/ 17 - 18) (واللفظُ لَهُ) / معر 465/ تحقيق (1/ 195)].
تخريج السياق الثاني: [عد (7/ 530)، (5/ 18) (والروايةُ لَهُ) / قط 612 (واللفظُ لَهُ) / هقخ 716، 717].
تخريج السياق الثالث: [هقخ 698].
[السند]:
رواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 5/ 17) -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ- قال:
حدثنا ابن صاعد، حدثنا محمد بن عيسى بن حيان، حدثنا الحسن بن قتيبة، حدثنا عمر بن قيس، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن، عن عمران بن حصين، به بالسياق الأول.
ورواه ابنُ الأعرابيِّ في (معجمه)، والدارقطنيُّ (612) من طريق محمد بن عيسى المدائني، عن ابن قتيبة، به.
ورواه الدارقطنيُّ أيضًا: من طريق إبراهيم بن العلاء، عنِ ابنِ عياشٍ، عن عمر بن قيس، به.
ورواه البيهقيُّ في (الخلافيات 698): من طريق يحيى بن منصور القاضي، عن عبد الرحمن بن سَلَّام الجُمَحي، حدثنا عمر بن قيس المكي، عن عمرو بن عُبيد، عن الحسن، عن عمران بن حصين، به بالسياق الثالث.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه أربعُ عِللٍ:
العلةُ الأُولى: عمر بن قيس المكي، ولقبه سندل، ضَعَّفَهُ ابنُ مَعِينٍ، وأبو زرعةَ، وجماعةٌ. وقال عنه أحمد:"متروكُ الحديثِ، ليس يسوى حديثه شيئًا، لم يكن حديثه بصحيح، أحاديثه بواطيل"، وقال البخاريُّ:"منكرُ الحديثِ"، وقال أبو حاتم:"ضعيفُ الحديثِ، متروكُ الحديثِ، منكرُ الحديثِ"، وقال الجوزجانيُّ:"ساقطٌ"، وقال عمرو بنُ علي، وأبو داود، والنسائيُّ:"متروكُ الحديثِ"، وقال النسائيُّ في موضعٍ آخرَ:"ليس بثقة، ولا يُكتبُ حديثُه"، وقال الساجيُّ:"ضعيفُ الحديثِ جدًّا، يُحَدِّثُ عن عطاء ببواطيلَ لا تُحفظُ عنه"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"وعامة ما يرويه لا يُتابَعُ عليه، وهو ضعيفٌ بإجماعٍ، لم يَشُكَّ أحدٌ فيه، وقد كَذَّبه مالكٌ" انظر (تهذيب التهذيب 7/ 491). وقال
الحافظُ: "متروكٌ"(التقريب 4959).
وبه أعلَّهُ الدارقطنيُّ، فقال:"رواه عمر بن قيس المكيُّ، المعروف بسندل، وهو ضعيفٌ ذاهبُ الحديثِ"(السنن 1/ 301).
وأعلَّهُ به -أيضًا- الماورديُّ فقال: "وكان عمر بن قيس ضعيفًا، متروكَ الحديثِ"(الحاوي الكبير 1/ 204)
(1)
.
وكذا أعلَّهُ به ابنُ الجوزيِّ كما سيأتي.
ولكن قال ابنُ عَدِيٍّ عقبه: "كذا قال في هذا الإسناد (عن عمر بن قيس عن عمرو بن عبيد)، وإنما هو (عن عمرو بن قيس)، وهو السكوني الحمصي! "(الكامل 5/ 18).
كذا قال، ودلل على قوله بما رواه هو -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات) - عن عبد الوهاب بن الضحاك، عنِ ابنِ عياشٍ عن عمرو بن قيس، به، وسيأتي.
فابنُ عَدِيٍّ يرى أن الراوي أخطأ في قوله: "عمر"، وأن الحديثَ للسكوني، وليس لسندل، والسكوني ثقة.
(1)
ومع هذا كله يقول القدوري الحنفي -متعقبًا على قول المضعفين للخبر لأجل عمر بن قيس-: "وقولهم: رواه عمر بن قيس مسندًا عن عمرو، وهو متروك. قلنا: هذا فقيه مكة ومفتيها؛ مثل مالك بالمدينة. ورَوَى عنه شعبة، وإنما طُعن عليه لكثرة المزح"! ! (التجريد 1/ 201).
قلنا: هذا كلام عجب، وقد رأيتم إجماع الأئمة على استنكار حديثه ووصفه بالبطلان كما نُقل عن أحمد، لاجرم قد نَقَل ابن عدي الإجماع على ضعفه في الحديث.
وللقدروي الحنفي مثل هذا كثير في ردوده على مَن ضَعَّف هذا الحديث، حتى إنه لم يترك راويًا متروكًا متفقًا على ضعفه إلا ودافع عنه وقَوَّى أمره.
والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله!
ولكن ابن الضحاك هذا كذَّابٌ وَضَّاعٌ، وخالفه إبراهيم بن العلاء عند الدارقطنيِّ (612) فرواه عنِ ابنِ عياشٍ عن عمر بن قيس، وصَرَّحَ الدارقطنيُّ بأنه هو سندل! وهذا أَوْلى بالصواب، والله أعلم.
العلةُ الثانيةُ: عمرو بن عبيد -شيخ المعتزلة- وهو متروكُ الحديثِ، ومتهمٌ بالكذبِ؛ قال عنه الإمام أحمد:((ليس بأَهلٍ أن يُحَدَّثَ عنه))، وقال ابنُ مَعِينٍ:((ليسَ بشيءٍ))، وقال أبو حاتم:((متروك))، وقال النسائيُّ:((ليس بثقة))، وقد رمَاه جماعةٌ بالكذبِ لاسيما على الحسن. انظر:(تهذيب التهذيب 8/ 62).
وبهما أعلَّهُ البيهقيُّ فقال: "ورواه عمر بن قيس -وهو ضعيفٌ-، عن عمرو بن عبيد -وهو متروك-، عن الحسن، عن عمران"(معرفة السنن والآثار 1/ 433).
وقال ابنُ الجوزيِّ: "وهذا لا يصحُّ، قال يونس وأيوب: عمرو بن عبيد كذَّابٌ، وعمر بن قيس متروك، وقال ابنُ عَدِيٍّ: إنما هو عمرو بن قيس"(العلل 1/ 371).
وقال أيضًا: "فيه عمرو بن عبيد وهو كذَّابٌ، وعمر بن قيس وهو متروك"(التحقيق 1/ 197).
وقال الذهبيُّ: "ورَوَى محمد بن عيسى المدائني -واهٍ- عن الحسن بن قتيبة، عن (عمر) بن قيس -متروك- عن عمرو بن عبيد -ذاك المعتزلي- عن الحسن، عن عمران، بنحو منه"(تنقيح التحقيق 1/ 68).
وقال ابنُ حَجرٍ: "وعمرو متروك"(الدراية 1/ 36).
العلةُ الثالثةُ: الإرسالُ؛ فالصواب عن الحسن البصري الإرسال كما تقدَّمَ
تفصيله، وقد أرسلَه الحسنُ عن أبي العالية، وقد تقدَّم ذِكرُ أقوال العلماء في ذلك؛ كالدارقطنيِّ، وابنِ الجوزيِّ
…
وغيرهما في أن مَرَدَّ الحديث إلى مرسل أبي العالية.
العلةُ الرابعةُ: الانقطاعُ؛ فغالبُ الأئمةِ على أن الحسنَ لم يسمعْ من عمران بن حصين، وقد تقدَّمَ ذِكرُ ذلك.
قلنا: وقد رُوي عن إسماعيل بن عياش على وجهين آخرين:
الوجه الأول: فقد رواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 5/ 18، 530) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات 716) - قال: حدثنا عمر بن سنان، قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن قيس، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن، عن عمران بن حصين الخزاعي، به بالسياق الثاني.
كذا رواه عبد الوهاب بن الضحاك، وهو متروكٌ، كذَّبه أبو حاتم وغيرُه، وقد خولف في قوله:"عمرو بن قيس".
فرواه الدارقطنيُّ (612) من طريق إبراهيم بن العلاء، نا إسماعيل بن عياش، عن عمر بن قيس، عن عمرو بن عبيد، به. وهو المحفوظُ، كما تقدَّمَ.
وقال البيهقيُّ: "كذا رواه عبد الوهاب بن الضحاك عنِ ابنِ عياشٍ، وليس بالقويِّ. ورواه غيرُه، عن إسماعيل، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن، عن عمران بن حصين".
ثم رواه (717) من طريق حيوة، حدثنا إسماعيل بن عياش، به.
وهذا هو الوجه الثاني، بإسقاطِ عمر بن قيس من الإسناد.
ولعلَّ هذا من اضطرابِ إسماعيل بن عياش، فهو ضعيفٌ في روايتِهِ عن غيرِ أهلِ بلدِه، وهذا منها.
وعلى كلٍّ، فمداره على عمرو بن عبيد، وهو متروك. والحسن عن عمران منقطع، والمحفوظ مرسل.
ولذا قال النوويُّ: "وأما ما نقلوه عن أبي العالية ورفقته، وعن عمران، وغير ذلك مما رووه، فكلها ضعيفةٌ واهيةٌ باتِّفاقِ أهلِ الحديثِ"(المجموع 2/ 61).
2381 -
حَدِيثُ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ:
◼ عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ:((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ فِي بَصَرِهِ سُوءٌ، فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ، فَضَحِكَ طَوَائِفُ مِنَ القَوْمِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
منكر. وإسنادُهُ معلولٌ. وأعلَّهُ: الدارقطنيُّ، وتبعه: البيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، وابنُ حَجرٍ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[ص (التنقيح للذهبي 1/ 69)، (كنز 27084) / قط 633/ تحقيق 216].
[السند]:
رواه الدارقطنيُّ في (السنن) -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق) - قال: حدثنا دعلج قال: حدثنا محمد بن علي بن زيد، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا خالد بن عبد الله، عن هشام بن حسان، عن حفصة، عن أبي العالية، عن رجل من الأنصار، به.
والحديثُ في (سنن سعيد بن منصور) بهذا الإسنادِ كما ذكره الذهبيُّ في (التنقيح).
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجاله ثقات عدا الرجل الذي منَ الأنصار، فلم نَدْرِ هل هو صحابي أم تابعي، ومع ذلك فذِكْره في الإسناد غير محفوظ؛ فقد رواه جماعةٌ من الأثبات الحفاظ عن هشام وأرسلوه عن أبي العالية؛ منهم الثوري، ويحيى
ابن سعيد القطان، وعبد الرزاق، ويزيد بن زُريع
…
وغيرهم، كما سيأتي تخريجُه في مرسل أبي العالية قريبًا.
قال الدارقطنيُّ: "وروى هذا الحديث هشام بن حسان، عن حفصة، عن أبي العالية مرسلًا، حَدَّثَ به عنه جماعةٌ؛ منهم سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، ويحيى بن سعيد القطان، وحفص بن غِيَاث، ورَوْح بن عُبَادة، وعبد الوهاب بن عطاء
…
وغيرهم، فاتفقوا عن هشام عن حفصة عن أبي العالية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه خالد بن عبد الله الواسطي، عن هشام، عن حفصة، عن أبي العالية، عن رجل منَ الأنصار، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يُسَمِّ الرجل ولا ذَكَر أله صحبة أم لا؟ ولم يصنع خالد شيئًا، وقد خالفه خمسة أثبات ثقات حفاظ، وقولهم أَوْلى بالصواب".
ثم ذَكَر بأسانيده روايةَ مَن خالف خالدًا عن هشام عن حفصة عن أبي العالية مرسلًا. انظر (السنن 1/ 310).
وَأَقرَّهُ على ذلك: البيهقيُّ في (الخلافيات 2/ 413)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 197) -ووَهِم في نقلِ كلامِ الدارقطنيِّ- وابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 305)، والذهبيُّ في (التنقيح 1/ 69)، وابنُ حَجرٍ في (الدراية 1/ 36).
وقال الألبانيُّ: "وقد رواه بعضُهم عن أبي العالية، عن رجلٍ منَ الأنصار، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي
…
الحديث، ولكنه شَاذٌّ أو منكرٌ لمخالفته الثقات الذين رووه مرسلًا، على أنه لم يصرّح أن الرجلَ الأنصاري صحابي" (إرواء الغليل 2/ 116 - 117).
وأما الزيلعيُّ فتَعَقَّبَ على الدارقطنيِّ قائلًا: "ولقائل أن يقول: زيادة خالد هذا الرجل الأنصاري زيادة عدل لا يعارضها نقص من نقصها"(نصب الراية 1/ 51).
قلنا: هذه الزيادة مخالفة لرواية الجماعة سندًا، وتوهيم الواحد -وإن كان ثقة- أَوْلى من توهيم الجماعة، لاسيما وفيهم حفاظ أثبات. والقول بقَبول الزيادة مطلقًا مخالف لمنهج المحدثين.
2382 -
حَدِيثُ أَبِي العَالِيَةِ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ أَبِي العَالِيَةِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ يَوْمًا، فَجَاءَ رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ، فَوَقَعَ فِي رَكِيَّةٍ فِيهَا مَاءٌ (فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ عِنْدَ المَسْجِدِ) 1 (فَتَرَدَّى فِي حُفْرَةٍ فِي المَسْجِدِ) 2، فَضَحِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ ضَحِكَ فَلْيُعِدْ وُضُوءَهُ، ثُمَّ لْيُعِدْ صَلَاتَهُ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ لإرسالِهِ. وَضَعَّفَهُ: الشافعيُّ -وَأَقرَّهُ أبو حاتمٍ الرازيُّ والحاكمُ
…
وغيرُهما-، وأحمدُ، وسليمانُ بنُ حَربٍ -وَأَقرَّهُ يعقوب بن سفيان-، ومحمد بن يحيى الذُّهْليُّ، وأبو داود، وابنُ المنذرِ، وابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وأبو المحاسن الرويانيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ قدامةَ، والنوويُّ، وابنُ تيميةَ.
[الفوائد]:
قال ابنُ رُشْدٍ: "شَذَّ أبو حنيفةَ فأوجب الوضوء من الضحك في الصلاة لمرسل أبي العالية
…
ورَدَّ الجمهورُ هذا الحديث لكونه مرسلًا، ولمخالفته للأصول، وهو أن يكون شيء ما ينقض الطهارة في الصلاة ولا ينقضها في غير الصلاة، وهو مرسل صحيح" (بداية المجتهد 1/ 46).
[التخريج]:
[عب 3803 (واللفظُ لَهُ)، 3804، 3805، 3806 (والروايةُ الأُولى لَهُ) / ش 3938/ مد 8/ حث 92/ منذ 130 (والروايةُ الثانيةُ لَهُ) / جرح (1/ 179، 261) / عد (5/ 21 - 25، 328) / قط 603، 605 - 610، 624 - 632، 634 - 642/ هق 687/ هقخ 693 - 697،
730، 732، 733، 742، 761/ تحقيق 219/ علج 619].
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق (3803): عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية، به.
وأخرجه عبد الرزاق (3806): عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن حفصة، به.
ورواه ابنُ عَدِيٍّ: من طريق ابن مهدي، عن سفيان، عن خالد الحذاء، به.
وقد وَرَدَ من طرقٍ أُخرَى عن أبي العالية نحوه.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ لإرسالِهِ.
وهو صحيحٌ إلى أبي العالية؛ ولذا قال ابنُ رشد: "وهو مرسلٌ صحيحٌ"(بداية المجتهد 1/ 46). وقال الذهبيُّ: "هذا مرسلٌ جيدٌ"(تنقيح التحقيق 1/ 70).
ولكن استنكر هذا المرسل جمعٌ منَ الأئمةِ وتكلَّموا في أبي العالية لأجله:
فقال الشافعيُّ: "حديثُ أبي العالية الرياحي رياحٌ"(معرفة السنن والآثار 1261).
قال أبو حاتمٍ الرازيُّ -معقبًا على قول الشافعي-: "يعني الذي يُروى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الضحك في الصلاة: أن على الضاحك الوضوء"(آداب الشافعي ومناقبه، صـ 170).
وقال أبو عبد الله الحاكم: "إنما أراد الشافعيُّ بقوله: (حديث أبي العالية الرياحي رياح) حديثه في القهقهة وحده"(مناقب الشافعي للبيهقي 1/ 543).
وقال الذهبيُّ: "فأما قول الشافعي رحمه الله: (حديث أبي العالية الرياحي رياح) فإنما أراد به حديثه الذي أرسله في القهقهة فقط"(الميزان 2790).
وقال الشافعيُّ -أيضًا عن هذا الحديثِ-: "لو ثبتَ عندنا الحديث بذلك، لقلنا به"(السنن الكبرى 682).
وقال أحمدُ: "الضحك في الصلاة لا يعادُ منه الوضوء، والحديثُ الذي عن أبي العالية ضعيفٌ"(مسائل أحمد، رواية ابنه صالح 1167).
وقال أيضًا: "مَن ضحك في الصلاة لا وضوءَ عليه، وإن توضَّأ لم يضره، حديث أبي العالية مرسل"(مسائل أحمد رواية ابنه صالح 1661).
وعن محمد بنِ يحيى الذُّهْليِّ، وسئل عن حديث أبي العالية وتوابعه في الضحك، فقال:"واهٍ ضعيف"(السنن الكبير للبيهقي 1/ 423).
وقال يعقوب بن سفيان: "سمعتُ سليمانَ -يعني ابنَ حربٍ- وذكر حديث أبي العالية: ((أَنَّ رَجُلًا ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ))، فضَعَّفَهُ"(المعرفة والتاريخ 3/ 23)، ونحوه في (السنن الكبرى للبيهقي 1/ 421).
وقال ابنُ المنذرِ: "حديثٌ منقطعٌ لا يَثبتُ"(الأوسط 1/ 330)، ثم أسندَه من مرسل أبي العالية. ويعني بالمنقطع، أي: مرسل، وقد قال بعد حكايته خلاف العلماء في المسألة:"ولا حجةَ مع من نقض طهارته لما ضحك في الصلاة. وحديث أبي العالية مرسل، والمرسل منَ الحديثِ لا تقومُ به الحُجةُ"(الأوسط 1/ 332).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وليس في حديث أبي العالية، مع ضَعْفِهِ وإرساله- القهقهة"(الكامل 5/ 20).
ثم قال: "وأكثر ما نُقِم على أبي العالية هذا الحديث، وكل مَن رواه غيره فإنما مدارهم ورجوعهم إلى أبي العالية، والحديثُ له وبه يُعرف؛ ومن أجل هذا الحديث تكلَّموا في أبي العالية"(الكامل 5/ 25).
وقال الدارقطنيُّ: "رَجَعَتْ هذه الأحاديث كلها التي قدَّمتُ ذكرها في هذا الباب إلى أبي العالية الرياحي، وأبو العالية أرسلَ هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يُسَمِّ بينه وبينه رجلًا سمعه منه عنه"(السنن 644).
وقال البيهقيُّ: "فهذا حديثٌ مرسلٌ، ومراسيل أبي العالية ليستْ بشيء، كان لا يبالي عمن أخذَ حديثه. كذا قال محمد بن سيرين"(السنن الكبير 687).
وقال أيضًا: "وحديثُ القهقهةِ لم يَثبتْ إسناده، ومداره على أبي العالية الرياحي، وأبو العالية إنما رواه مرسلًا، وإرسال أبي العالية ضعيف. والله أعلم"(السنن الصغير 1/ 31).
وقال أيضًا: "مراسيل أبي العالية عند أهل الحديث ليستْ بشيء؛ لأنه كان معروفًا بالأخذِ عن كلِّ أحدٍ"(معرفة السنن 1256)، ونحوه في (الخلافيات 2/ 413).
وقال أبو المحاسن الروياني: "مرسلٌ ضعيفٌ"(بحر المذهب 1/ 157).
وقال ابنُ قدامةَ: "مرسلٌ لا يَثبتُ"(المغني 1/ 240).
وقال النوويُّ: "وأما ما نقلوه عن أبي العالية ورفقته وعن عمران وغير ذلك مما رووه، فكلُّها ضعيفةٌ واهيةٌ باتفاقِ أهلِ الحديثِ"(المجموع 2/ 61).
وكذا ضَعَّفَهُ: ابنُ تيميةَ في (شرح العمدة - كتاب الطهارة، صـ 325).
وقد قال أبو داود عقبه: "رُوي عن الحسن، وإبراهيم، والزهري، هذا الخبر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومخرجها كلها إلى أبي العالية، رواه إبراهيم عن أبي هاشم الرُّمَّاني. ورواه الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن. وقال حفص المنقري: أنا حدَّثتُ به الحسن، عن أبي العالية"(المراسيل، صـ 75).
وقال ابنُ الجوزيِّ: "هذا حديثُ أبي العالية، هو الذي رواه مرسلًا، وكلُّ مَن رفعه فقد غلط، ومَن أرسله عن غيره فإنه يرجعُ إليه"(التحقيق 1/ 196).
وكذا قال غيرُ واحدٍ مِنْ أهلِ العلمِ، كما تقدَّمَ، وسيأتي مزيدُ بيانٍ في المراسيلِ الآتيةِ.
ويؤيدُ ذلك ما رواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 5/ 25) -والسياق له-، والدارقطنيُّ في (السنن 615)، بسندٍ صحيحٍ، عن علي بن المديني قال:
((قال لي عبدُ الرحمنِ بنُ مهديٍّ: حديثُ الضحك في الصلاة، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أن يعيد الوضوء والصلاة- كله يدورُ على أبي العالية.
قال عليٌّ: فقلتُ: قد رواه الحسن، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
فقال عبد الرحمن: حدثنا حماد بن زيد، عن حفص بن سليمان قال: أنا حدَّثتُ به الحسن، عن حفصة، عن أبي العالية.
قلتُ له: قد رواه إبراهيمُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
فقال عبد الرحمن: حدثنا شريك، عن أبي هاشم، قال: أنا حدَّثتُ به إبراهيمَ عن أبي العالية.
قال عليٌّ: قلتُ لعبد الرحمن: قد رواه الزُّهْريُّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
قال عبد الرحمن: قرأتُ هذا الحديث في كتاب ابن أخي الزُّهْري، عن الزُّهْري، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن.
قال عليٌّ: أعلمُ الناسِ بالحديثِ عبد الرحمن بن مهدي)). انتهى.
2383 -
حَدِيثُ الحَسَنِ مُرْسَلًا:
◼ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ حُفْرَةٌ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ فِي عَيْنِهِ شَيْءٌ، قَبِيحُ البَصَرِ، وَضَحِكَ القَوْمُ يَرمُقُونَهُ، وَهُوَ مُقْبِلٌ نَحْوَهُمْ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ الحُفْرَةَ سَقَطَ فِيهَا، وَضَحِكَ بَعْضُ القَوْمِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَال:((مَنْ ضَحِكَ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا. وَضَعَّفَهُ: الشافعيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ دقيقِ العيدِ.
[التخريج]:
[شف 71/ عد (5/ 16) (واللفظُ لَهُ) / قط 614، 616 - 620/ هق 688/ هقع 1230/ هقخ 692، 750/ علج 614/ تحقيق 217].
[التحقيق]:
رُوي مرسل الحسن هذا من طريقين عنه:
الطريق الأول: عن الزهري عنه، وقد اختُلف عليه على وجهين:
الوجه الأول: أخرجه الدارقطنيُّ (618) -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق) - قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثني مَوْهَب بن يزيد.
وأخرجه الدارقطنيُّ (619) عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب.
وأخرجه الدارقطنيُّ أيضًا (620) من طريق خالد بن خِدَاش.
ثلاثتهم: عن ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن الحسن، به مرسلًا.
وأخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 5/ 16) -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ في (العلل) - من طريق عبد الله بن صالح، ثنا الليث، به.
وهذا الوجه صحيح بمجموع طرقه عن الزهري عن الحسن مرسلًا.
ولكن قيل: إن الزهري لم يسمعْه من الحسن، إنما أخذه من سليمان بن رقم، كما في
الوجه الثاني: أخرجه الشافعيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ في (المعرفة) و (الخلافيات 750) - قال: أخبرنا الثقة، عن معمر، عن ابن شهاب، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن، به مرسلًا.
وأخرجه الدارقطنيُّ (615، 616): من طريق ابن أخي الزهري.
وأخرجه الدارقطنيُّ (617): من طريق محمد بن عمر الواقدي قال قرأتُ في صحيفة عند آل أبي عتيق
(1)
.
كلهم عن الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن، به مرسلًا.
ولكن هذا الوجه كل طرقه عن الزهري ضعيفة؛ فطريق الشافعي فيه مُبْهَمٌ، وطريق الدارقطنيِّ (617) فيه محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك. والآخَر (616) فيه ابن أخي ابن شهاب، وهو ضعيف في الزهري.
ولكن قال ابنُ دقيقِ العيدِ: "وإذا آل الأمر إلى توسط سليمان بن أرقم بين ابن شهاب والحسن وهو عندهم متروك، تَعَلَّلَ"(نصب الراية 1/ 52).
ومما يؤكد ضعف هذا المرسل أنه صَحَّ عن الزهري الفتوى بخلافه:
روى عبد الرزاق في (المصنف 3808) -ومن طريقه البيهقيُّ في
(1)
يعني: عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق.
(الخلافيات 754)، والخلالُ كما في (التنقيح لابنِ عبدِ الهادِي 1/ 307) -: عن معمر، قال: سألتُ الزهريَّ عن ذلك، قال:((لَيْسَ فِي الضَّحِكِ وُضُوءٌ)).
وهذا إسنادٌ صحيحٌ غاية.
وروى الدارقطنيُّ في (السنن 621)، بسندٍ جيدٍ عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال:((لَا وُضُوءَ فِي القَهْقَهَةِ وَالضَّحِكِ)).
ثم قال الدارقطنيُّ: "فلو كان ما رواه الزهريُّ، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيحًا عن الزهريِّ، لما أفتى بخلافه وضده. والله أعلم".
وقال البيهقيُّ: "ولو كان عند الزهريِّ أو الحسن فيه حديث صحيح لما استجازا القول بخلافه؛ وقد صَحَّ عن قتادةَ، عن الحسن: ((أنه كَانَ لا يَرَى منَ الضَّحِكِ في الصَّلاةِ وُضُوءًا). وعن شعيب بن أبي حمزة وغيره، عن الزهري أنه قال: ((مِنَ الضَّحِكِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَلَا يُعِيدُ الوُضُوءَ)) "(السنن الكبرى 1/ 421).
الطريق الثاني: عن هشام بن حسان، عن الحسن:
أخرجه الدارقطنيُّ (614) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات 692) - قال: حدثنا بذلك أبو بكر النيسابوري، نا محمد بن علي الوراق، نا خالد بن خداش، نا حماد بن زيد، عن هشام، عن الحسن، به مرسلًا.
وهذا الإسنادٌ حسنٌ إلى الحسن البصري، رجاله ثقات عدا خالد بن خداش فهو صدوقٌ يُخْطِئُ. وقد تابع حمادًا علي بن عاصم وهو صدوقٌ يُخْطِئُ.
وأخرجه البيهقيُّ في (الكبرى) من طريق علي بن عاصم، عن هشام بن حسان، به.
وقد قال حماد بن زيد -عقب روايته عن هشام-: "فذكرته لحفص بن سليمان، فقال: أنا حدَّثتُ به الحسنَ، عن حفصةَ"(سنن الدارقطني 614).
قال الدارقطنيُّ -معقبًا-: "فهذا هو الصواب عن الحسن البصري مرسلًا". وتبعه البيهقيُّ في (الخلافيات 692).
وقال ابنُ الجوزيِّ عقبه: "وهذا لا يصحُّ"(العلل 614).
قلنا: ثم إنَّ مَرَدَّ هذا المرسل إلى مرسل أبي العالية المتقدَّم، فقد سمعه الحسنُ من حفص المِنْقَري، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية، به مرسلًا.
كما صَحَّ عن حماد بن زيد، عن حفص بن سليمان المنقري، قال: أنا حدَّثتُ به الحسن، عن حفصة، عن أبي العالية. انظر (سنن الدارقطني 614، 615).
قال أبو داود -عقب إخراجه مرسل أبي العالية-: "رُوي عن الحسن، وإبراهيم، والزهري- هذا الخبر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومخرجها كلها إلى أبي العالية. رواه إبراهيم عن أبي هاشم الرُّمَّاني. ورواه الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن. وقال حفصٌ المنقريُّ: أنا حدَّثتُ به الحسن، عن أبي العالية"(المراسيل، صـ 75).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وروى هذا الحديث: الحسن البصري، وقتادة، وإبراهيم النَّخَعي، والزهري، يحكون هذه القصة عن أنفسهم مرسلًا، وقد اختُلف على كل واحد منهم موصولًا ومرسلًا، ومدار هؤلاء كلهم مرجعهم يكون إلى أبي العالية، والحديث حديثه"(الكامل 5/ 15).
وقال الدارقطنيُّ -بعد ذكر ما رُوي موصولًا ومرسلًا-: "فهذه أقاويل
أربعة عن الحسن، كلها باطلة؛ لأن الحسن إنما سمع هذا الحديث من حفص بن سليمان المنقري، عن حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية الرياحي، مرسلًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم" (السنن 1/ 303).
رِوَايَةُ ((أَوْجَبَ رَسُولُ اللهِ الوُضُوءَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ:((أَوْجَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الوُضُوءَ مِنَ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[عد (7/ 531) / هقخ 714].
[السند]:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ -ومن طريقه البيهقيُّ- قال: حدثنا ابنُ سَلْم، حدثنا أبو عبيد الله المخزومي، حدثنا سفيان، عن عمرو بن عُبيد، عن الحسن، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفته عمرو بن عبيد، وهو متروكُ الحديثِ متهمٌ، وقد تقدَّمتْ ترجمتُه في حديث عمران.
وقد سبق أن مَرَدَّ هذا المرسل إلى مرسل أبي العالية.
رِوَايَةُ ((إِذْ أَقْبَلَ أَعْمَى)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ إِذْ أَقْبَلَ أَعْمَى مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَالْقَوْمُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَوَقَعَ فِي زُبْيَةٍ، فَاسْتَضْحَكَ بَعْضُ الْقَوْمِ حَتَّى قَهْقَهَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ:((مَنْ كَانَ قَهْقَهَ مِنْكُمْ، فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[شيباني 163 / مدينة (1/ 206) (واللفظُ لَهُ) / حنف (خسرو 1051) / حنيفة (زياد- خوارزم 1/ 248)].
[السند]:
أخرجه محمد بن الحسن في (الآثار)، و (الحجة على أهل المدينة) قال: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا منصور بن زاذان، عن الحسن البصري، به مرسلًا.
ورواه ابنُ خسرو في (مسند أبي حنيفة 1051) من طريقِ الحسن بن زياد -وهو في (مسنده)، كما في (جامع الخوارزمي 1/ 248) - عن أبي حنيفة، به مرسلًا.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
العلة الأُولى: الإرسال؛ فالحسن البصري تابعي، لم يدرك القصة.
العلة الثانية: ضعف أبي حنيفة في الحديث، كما تقدَّمَ قريبًا.
العلة الثالثة: المخالفة؛ فالمحفوظ: عن منصور بن زاذان عن ابن سيرين مرسلًا، وليس عن الحسن. كذا رواه الدارقطنيُّ (624، 625) من طُرُقٍ عن هُشيم بن بَشير، عن منصور، عن ابن سيرين، به مرسلًا.
وقال الدارقطنيُّ: "وَهِم فيه أبو حنيفة على منصور. وإنما رواه منصور بن زاذان، عن محمد بن سيرين، عن مَعْبَد. ومعبد هذا لا صحبةَ له، ويقال: إنه أول من تكلَّم في القدر منَ التابعينَ، حَدَّثَ به عن منصور عن ابن سيرين: غيلان بن جامع وهشيم بن بشير، وهما أحفظ من أبي حنيفة للإسناد"(السنن 1/ 306).
وَأَقرَّهُ البيهقيُّ على ذلك، وقد تقدَّم الكلامُ على هذه العلةِ في حديث معبد، وأن الصواب عن منصور عن ابن سيرين مرسلًا، وليس عن معبد، كما رواه الثقة الثبت هشيم بن بشير عنه.
2384 -
حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا:
◼ عَنِ ابنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا ضَحِكَ فِي الصَّلاةِ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
مرسلٌ معلولٌ. وَضَعَّفَهُ: الشافعيُّ، والبيهقيُّ.
ومَرَدُّه إلى مرسل الحسن، ثم إلى مرسل أبي العالية، كذا قال ابنُ مهديٍّ، وابنُ المدينيِّ، وابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ
…
وغيرهم.
[التخريج]:
[شف 70 (واللفظُ لَهُ) / سا (ص 469) / علحم 1569/ هق 690/ هقع 1228/ هقخ 749/ كر (22/ 185)].
[السند]:
أخرجه الشافعيُّ في (المسند) و (الرسالة) -ومن طريقه البيهقيُّ في (السنن) و (المعرفة) و (الخلافيات)، وابن عساكر في (تاريخه) - قال: أخبرنا الثقة، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، به.
وعَلَّقَهُ أحمدُ في (العلل 1569) عن ابنِ أبي ذئب، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
العلةُ الأُولى: إبهام شيخ الشافعيُّ. وقوله: "حدثني الثقة" تعديلٌ على الإبهامِ، وليس بحجةٍ على الراجحِ، فقد يكون ثقة عنده مجروحًا عند غيره.
العلةُ الثانيةُ: أنه مرسل، ومراسيل الزهري واهية.
ولذا قال الشافعيُّ عقبه: "فلم نقبلْ هذا؛ لأنه مرسلٌ"(الرسالة، صـ 469).
وقال -أيضًا-: ((يقولون: نُحابي. ولو حابينا لحابينا الزهري، إرسال الزهري ليسَ بشيءٍ؛ وذلك أنا نجده يَروي عن سليمان بن أرقم)) (الخلافيات للبيهقي 752).
ومَرَدُّ مرسل الزهري هذا إلى مرسل الحسن، حيث رواه الزهري عن سليمان ابن أرقم عن الحسن، ثم مَرَدّ مرسل الحسن إلى مرسل أبي العالية، كما تقدَّمَ بيانُه في مرسلِ الحسنِ.
قال عبد الرحمن بن مهدي: "أن هذا الحديثَ لم يروه إلا حفصة بنت سيرين، عن أبي العالية، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعه هشام بن حسان من حفصة، وكان في الدار معها، فحَدَّثَ به هشامٌ الحسن، فحَدَّثَ به الحسنُ، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم".
فقيل لابن مهدي: فمن أين سمعها الزهري؟ !
قال: "كان سليمان بن أرقم يختلف إلى الحسن وإلى الزهري، فسمعه من الحسن، فذاكر به الزهري فقال الزهري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
مثله" (المحدث الفاصل، للرَّامَهُرْمُزِي، صـ 312).
ولهذا قال عليُّ بنُ المدينيِّ -حينما ذكر له عبد الرحمن بن مهدي نحو ذلك-: "قلت لعبد الرحمن: إن الزهريَّ كانتْ له مرسلات رديئة وأفسدت على مرسلاته- حين ذكر أنه روى هذا الحديث عن سليمان بن أرقم عن الحسن"(الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1/ 261).
وقال أبو داود: "رُوي عن الحسن، وإبراهيم، والزهري، هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومخرجها كلها إلى أبي العالية، رواه إبراهيم، عن أبي هاشم
الرُّمَّاني" (المراسيل، صـ 75).
ومما يؤكدُ ضَعْفَ هذا المرسل أنه صَحَّ عن الزهريِّ الفتوى بخلافه:
روى عبد الرزاق في (المصنف 3808) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات 754)، والخلالُ كما في (التنقيح لابنِ عبدِ الهادِي 1/ 307) -: عن معمرٍ، قال: سألتُ الزهريَّ عن ذلك، قال:((لَيْسَ فِي الضَّحِكِ وُضُوءٌ)).
وهذا إسنادٌ صحيحٌ غاية.
ولذا قال البيهقيُّ: "ولو كأن هذا الحديثَ صحيحًا عند الزهري؛ لما استجاز أن يقول بخلافه"، ثم ذكر هذا الأثر عنه، وقال:"فلو كان عند الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرٌ لما كان يُخَالِفُه، ويقول ليس فيه وضوء"(الخلافيات 2/ 408).
وقال أيضًا
(1)
: "ولو كان عند الزهري أو الحسن فيه حديث صحيح لما استجازا القول بخلافه. وقد صَحَّ عن قتادةَ عن الحسن أنه كان لا يرى من الضحك في الصلاة وضوءًا. وعن شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري أنه قال: مِنَ الضَّحِكِ يُعِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُعِيدُ الوُضُوءَ"(السنن الكبرى 1/ 421).
(1)
في (السنن الكبير) للبيهقي: (قال الإمام أحمد) وهو نفسه البيهقي، وغالبًا ما يذكره راوي الكتاب هكذا، وقد ظنَّه الزيلعي في (نصب الراية) الإمام أحمد بن حنبل، وهذا خطأ، والله أعلم.
2385 -
حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: ((جَاءَ رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ، فَعَثَرَ فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ، فَضَحِكُوا، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ ضَحِكَ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ: ((أَنَّ قَوْمًا ضَحِكُوا خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
مرسلٌ ضعيفٌ معلولٌ، ومَرَدُّه إلى مرسلِ أبي العالية. وبهذا أعلَّهُ: ابنُ مهديٍّ -وَأَقرَّهُ ابنُ المديني-، وأبو داود، وابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ
…
وغيرُهم، كما تقدَّمَ. وَضَعَّفَهُ أيضًا: الثوريُّ، وأحمدُ، وابنُ مَعِينٍ.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [قط 643 (واللفظُ لَهُ) / هق 689].
تخريج السياق الثاني: [عد (5/ 22) (واللفظُ لَهُ) / هقخ 756].
[السند]:
رواه الدارقطنيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ في (الكبرى) - قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، نا علي بن حرب، نا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، به مرسلًا بلفظ السياق الأول.
ورواه ابنُ عَدِيٍّ -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات) -: من طريق حفص بن غِيَاث، عن الأعمش، عن إبراهيم، به بلفظ السياق الثاني.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
العلةُ الأُولى: الأعمشُ لم يسمعْ هذا الحديثَ من إبراهيمَ.
قال سفيانُ الثوريُّ: "لم يسمعِ الأعمشُ حديثَ إبراهيمَ في الضحكِ"، ذَكَره أحمدُ في (العلل رواية عبد الله 1569) وأقرَّه.
واستدلَ أحمدُ على ذلك برواية وكيع عن الأعمش فقال: "قال وكيع: قال الأعمش: أرى إبراهيم ذكره"(العلل رواية عبد الله 1569).
قال أحمدُ: "يقول الأعمش: (أرى إبراهيم) قال: يعلم أنه ليس من حديث إبراهيم المشهور، يعني بقوله: لما قال وأبهم، يعني: بقوله: أرى"(مسائل أبي داود لأحمد 1940).
وبهذا أعلَّهُ البيهقيُّ فقال عقبه: "بلغني عن الثوري أنه كان ينكرُ أن يكون الأعمش سمع من إبراهيم حديث الضحك في الصلاة"(الخلافيات 2/ 410).
العلةُ الثانيةُ: الإرسالُ؛ فإبراهيمُ النَّخَعيُّ من صغارِ التابعين.
ونصَّ ابنُ مَعِينٍ على ضَعْفِهِ من بين مراسيل إبراهيم، فقال:"مرسلات إبراهيم صحيحة، إلا حديث تاجر البحرين، وحديث الضحك في الصلاة"(الخلافيات 757).
ثم إن مردَّ هذا المرسل إلى مرسل أبي العالية.
فقد روى ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 5/ 25) بسندٍ صحيحٍ عن عليِّ بنِ المدينيِّ، قال: قال لي عبد الرحمن بن مهدي: حديث الضحك في الصلاة: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ والصَّلاةَ))، كله يدورُ على أبي العالية.
قال عليٌّ: فقلتُ: قد رواه الحسنُ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
فقال عبد الرحمن: حدثنا حماد بن زيد، عن حفص بن سليمان قال: أنا
حدَّثتُ به الحسن، عن حفصة، عن أبي العالية.
قلتُ له: قد رواه إبراهيمُ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
فقال عبدُ الرحمنِ: حدثنا شريك، عن أبي هاشم، قال: أنا حدَّثتُ به إبراهيم، عن أبي العالية.
قال عليٌّ: قلتُ لعبدِ الرحمنِ: قد رواه الزُّهْريُّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
قال عبدُ الرحمنِ: قرأتُ هذا الحديثَ في كتابِ ابنِ أخي الزُّهْريِّ، عن الزُّهْريِّ، عن سليمانَ بنِ أرقم، عن الحسنِ.
قال عليٌّ: أعلم الناس بالحديث عبد الرحمن بن مهدي". انتهى.
ولهذا قال أحمدُ: "سمعنا أن إبراهيم سمعه من أبي هاشم الرماني"(العلل رواية عبد الله 1569).
وقال أبو داود: "رُوي عن الحسن وإبراهيم والزهري- هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومخرجها كلها إلى أبي العالية، رواه إبراهيم، عن أبي هاشم الرماني"(المراسيل، ص 75).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا الحديثُ إنما أرسله إبراهيم عن نفسه، فأما الحديث فهو عن أبي العالية، وذكر عن أبي هاشم الواسطي، قال: أنا حدثت إبراهيم عن أبي العالية"(الكامل 5/ 22).
وقال البيهقيُّ: "وإبراهيم إنما رواه عن أبي هاشم، عن أبي العالية، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ومدارُ الحديثِ على أبي العالية"(الخلافيات 2/ 411).
2386 -
حَدِيثُ قَتَادَةَ مُرْسَلًا:
◼ عن قتادةَ قَالَ: بَلَغَنَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
…
نَحْوَهُ
(1)
.
[الحكم]:
إسنادُهُ مرسلٌ أو معضلٌ، ثم هو معلولٌ، فمردُّه إلى مرسلِ أبي العالية أيضًا. وبهذا أعلَّهُ الدارقطنيُّ.
[التخريج]:
[قط 610].
[السند]:
قال الدارقطنيُّ: حدثنا عثمان، حدثنا إبراهيم، حدثنا عبيد الله، حدثنا معتمر، عن سَلْم -يعني ابنَ أبي الذَّيَّال-، عن قتادةَ، قال: بلغنا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ مرسلٌ أو معضلٌ؛ فقتادةُ السدوسيُّ: ثقةٌ ثبتٌ منَ الرابعةِ (التقريب 5518) طبقة تلي الوسطى منَ التابعينَ.
وهذا مردُّهُ إلى مرسلِ أبي العاليةِ أيضًا، هكذا رواه معمرٌ، وابنُ أبي عَروبةَ، وغيرُهما، عن قتادةَ، عن أبي العالية.
قال الدارقطنيُّ: "وهذا هو الصحيحُ عن قتادةَ، اتَّفَقَ عليه معمرٌ، وأبو عَوانةَ، وسعيدُ بنُ أبي عَروبةَ، وسعيدُ بنُ بَشيرٍ، فرووه عن قتادةَ عن أبي العالية.
(1)
أي: نحو مرسل أبي العالية، الذي ساقه الدارقطني قبل هذا، وسياقه عنده:((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، فَجَاءَ ضَرِيرٌ فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ، فَضَحِكَ القَوْمُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ ضَحِكُوا أَنْ يُعِيدُوا الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
وتابعهم عليه سَلْمُ بنُ أبي الذَّيَّال عن قتادةَ فأرسله. فهؤلاء خمسة ثقات، رووه عن قتادةَ عن أبي العالية مرسلًا" (السنن 1/ 301).
كذا جعل ابن أبي الذيال متابعًا للجماعة، رغم أنه أسقط منه أبا العالية!
2387 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
((يُعَادُ الوُضُوءُ مِنْ سَبْعٍ: مِنْ إِقْطَارِ البَوْلِ، وَالدَّمِ السَّائِلِ، وَالقَيْءِ، وَمِنْ دَسْعَةٍ يُملَأُ بِهَا الفَمُ، وَالنَّوْمِ
(1)
المُضْطَجِعِ، وَقَهْقَهَةِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِنْ خُرُوجِ الدَّمِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ساقطٌ، ومتنه منكر يشبه أن يكون موضوعًا، وقال البيهقيُّ:"لا يصحُّ"، وَأَقرَّهُ: ابنُ دقيقِ العيدِ، والزيلعيُّ، والعينيُّ، وابنُ الهمامِ، وقال ابنُ حَجرٍ:"إسنادُهُ واهٍ جدًّا".
[التخريج]:
[هقخ 658].
سبقَ تخريجُه وتحقيقه في (باب ما رُوي في الوضوء من الدم"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).
(1)
أشار محقق (الخلافيات) في الحاشية إلى أنه في نسخة: ونوم. بدون (ال).
2388 -
حَدِيثُ عُبَيْدَةَ بْنِ حَسَّانَ وَحَمْزَةَ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ عُبَيْدَةَ بنِ حَسَّانَ، وَحَمْزَةَ بنِ يَسَارٍ، يَرْوِيَان الحديثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((يُعَادُ الوُضُوءُ مِنْ سَبْعٍ: مِنْ إِقْطَارِ بَوْلٍ، أَوْ قَيْءٍ ذَارِعٍ، أَوْ دَمٍ سَائِلٍ، أَوْ نَوْمٍ مُضْطَجِعٍ، أَوْ دَسْعَةٍ تَمْلَأُ الْفَمَ، أَوْ قَهْقَهَةٍ فِي صَلَاةٍ، أَوْ حَدَثٍ)).
[الحكم]:
معضلٌ، وإسنادُهُ واهٍ جدًّا، يشبه أن يكون موضوعًا.
[التخريج]:
[طهور 401].
سبقَ تخريجُه وتحقيقُه في (باب ما رُوي في الوضوء من الدم)، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).