المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌389 - باب ما روي في الوضوء من الدم - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٩

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌385 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌386 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌387 - بَابُ مَا رُوِيَ في مَسِّ ذَكَرِ الصَّغِيرِ

- ‌388 - بَابٌ: المُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌389 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌390 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ الحِجَامَةِ

- ‌391 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ دَمِ البَاسُورِ -أَوِ: النَّاسُورِ- وَالدَّمَامِيلِ

- ‌392 - بَابُ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌393 - بَابُ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌394 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي الوُضُوءِ مِنَ القَيْءِ

- ‌395 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنَ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌396 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الضَّحِكَ لَا يَنْقُضُ الوُضُوءَ

- ‌397 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الكَلَامِ الفَاحِشِ

- ‌398 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الكَلَامَ وَإِنْ عَظُمَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وُضُوءٌ

- ‌399 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَقْضِ الوُضُوءِ بِالفَوَاحِشِ

- ‌400 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الكَافِرِ

- ‌401 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الأَصْنَامِ

- ‌402 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّيءِ وَالدَّمِ

- ‌403 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الغَضَبِ

- ‌404 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي إِعَادَةِ وُضُوءِ مَنْ فَسَّرَ القُرْآنَ بِرَأْيِهِ

الفصل: ‌389 - باب ما روي في الوضوء من الدم

‌389 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

2346 -

حَدِيثُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ:

◼ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الوُضُوءُ مِنْ كُلِّ دَمٍ سَائِلٍ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا.

وَضَعَّفَهُ: الدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ الجوزيِّ، والنوويُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، وابنُ حَجرٍ، والمناويُّ، والشوكانيُّ، والمباركفوريُّ، والألبانيُّ.

وقد ضَعَّفَ كل أحاديث الوضوء من الدَّمِ: ابنُ الحَصَّارِ، والنوويُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[قط 581/ هقخ 647/ هقع 1199/ تحقيق 201].

[السند]:

رواه الدارقطنيُّ -ومن طريقه البيهقيُّ في (المعرفة) وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق) - قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا موسى بن عيسى بن المنذر، حدثنا أبي، حدثنا بقية، عن يَزيدَ بن خالد، عن يَزيدَ بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز قال: قال تميم الداري

فذكره.

ورواه البيهقيُّ في (الخلافيات) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج، حدثنا

ص: 383

بقية، حدثنا يزيد بن خالد، عن يزيد بن محمد، به.

فمداره عندهم على بقيةَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه أربعُ عِللٍ:

العلةُ الأُولى: الانقطاع بين عمر بن عبد العزيز وتميم الداري. وبه أعلَّهُ الدارقطنيُّ كما سيأتي، وعبدُ الحَقِّ في (الأحكام الوسطى 1/ 143)، وانظر (جامع التحصيل 559).

العلةُ الثانيةُ: يزيد بن محمد؛ مجهولٌ، قاله الدارقطنيُّ كما سيأتي.

العلةُ الثالثةُ: يزيد بن خالد؛ مجهولٌ كذلك.

وقد جَمَعَ الدارقطنيُّ بين هذه العللِ الثلاثِ في عبارةٍ واحدةٍ، فقال عقبه:"عمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم الداري ولا رآه، ويزيد بن خالد ويزيد بن محمد مجهولان"(سنن الدارقطني 1/ 287).

وأقرَّه: البيهقيُّ في (المعرفة 1/ 427)، و (الخلافيات 2/ 340)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 190)، والنوويُّ في (المجموع 2/ 56)، وابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 290)، والذهبيُّ في (التنقيح 1/ 65)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 37)، وابنُ حَجرٍ في (الدراية 1/ 30)، والمباركفوريُّ في (مرعاة المفاتيح 2/ 46).

العلةُ الرابعةُ: بقية بن الوليد مدلسٌ، وقد عنعن كما في رواية الدارقطنيِّ، وقد صرَّحَ بالسماع عند البيهقيِّ، غير أنه من رواية أبي عتبة أحمد بن الفرج، وهو متكلَّمٌ فيه.

ص: 384

وبهذه العلة -مع العلل السابقة- أعلَّهُ الألبانيُّ في (الضعيفة 470).

وقال المناويُّ: "فيه ضعفٌ وانقطاعٌ"(التيسير بشرح الجامع الصغير 2/ 486).

وقال الشوكانيُّ: "في إسنادِهِ مَن لا تقومُ به الحُجةُ"(السيل الجرار 1/ 63).

وقد ضَعَّفَ جماعةٌ من العلماء كلَّ الأحاديثِ الواردةِ في الوضوء من الدم:

فقال ابنُ الحَصَّارِ في كتابه (تقريب المدارك): "لا يصحُّ في الوضوءِ منَ الدمِ شيءٌ إلا وضوء المستحاضة"(البدر المنير 2/ 400).

وقال النوويُّ: "وبالجملةِ ليس في نقضِ الوضوءِ بالقيء والدم والضحك في الصلاة ولا عدم ذلك - حديثٌ صحيحٌ"(خلاصة الأحكام 1/ 144).

وقال الألبانيُّ: "والحقُّ أنه لا يصحُّ حديثٌ في إيجابِ الوضوءِ من خروجِ الدمِ"(الضعيفة 470).

ص: 385

2347 -

حَدِيثُ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ:

◼ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الوُضُوءُ مِنْ كُلِّ دَمٍ سَائِلٍ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا. وقال ابنُ عَدِيٍّ: "باطل"، وَأَقرَّهُ الألبانيُّ. وَضَعَّفَهُ أيضًا عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ.

[الفوائد]:

قال الألبانيُّ: "والحَقُّ أنه لا يصحُّ حديثٌ في إيجاب الوضوء من خروج الدم، والأصل البراءة، كما قرره الشوكانيُّ وغيره؛ ولهذا كان مذهب أهل الحجاز أن ليس في الدم وضوء. وهو مذهبُ الفقهاءِ السبعةِ من أهلِ المدينةِ. وسَلَفُهم في ذلك بعض الصحابة"(الضعيفة 470).

[التخريج]:

[عد (1/ 436)، (2/ 541)].

[السند]:

قال ابنُ عَدِيٍّ: حدثنا عبد الله بن أبي سفيان الموصلي، حدثنا أحمد بن الفرج، حدثنا بقية، حدثنا شعبة، عن محمد بن سليمان بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، عن زيد بن ثابت، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:

الأُولى: الانقطاع؛ عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ثقة مُقِل كما في (التقريب 3792)، وهو ممن عاصروا صغار التابعين، فلم يسمع من أحد

ص: 386

من الصحابة، ولا يُعْرَفُ بالرواية عن غير أبيه، وأبوه تابعي أيضًا.

وإلى هذه العلة أشار ابنُ عَدِيٍّ بقوله: "في إسنادِهِ بعض الإرسال"(الكامل 2/ 541)، وانظر (التاريخ الكبير 5/ 254)، و (الجرح والتعديل 5/ 210).

الثانية: أحمد بن الفرج بن سليمان الكِنْدي أبو عتبة الحمصي، مختلفٌ فيه:

قال ابنُ أبي حاتم: "كتبنا عنه، ومحله عندنا محل الصدق"(الجرح والتعديل 2/ 67)، وقال مسلمةُ:"ثقة مشهور"، وذَكَره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 12176) وقال:"يخطئُ"، وقال أبو أحمدَ الحاكمُ:"قَدِم العراقَ فكتبوا عنه، وأهلها حَسَّنوا الرأي فيه، لكن محمد بن عوف كان يتكلَّمُ فيه، ورأيتُ ابنَ جوصا يضعفُ أمرَه" وقال عبد الملك بن محمد شيخُ ابنِ عَدِيٍّ: "كان محمد بن عوف يضعفه".

قلنا: بل رماه محمد بن عوف بالكذبِ وسوءِ الحالِ، وقال:"ليس عنده في حديث بقية أصل، هو فيها أكذب الخلق، إنما هي أحاديث وقعتْ إليه في ظهر قرطاس، في أولها: ثنا يزيد بن عبد ربه، ثنا بقية"، وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وأبو عتبة مع ضَعْفِهِ قد احتمله الناس ورووا عنه

وأبو عتبة وسط، ليس ممن يُحتجُّ بحديثه أو يُتدينُ به، إلا أنه يُكتبُ حديثُه" انظر (تاريخ بغداد 5/ 558)، و (الكامل 1/ 436)، و (تهذيب التهذيب 1/ 67)، مع (اللسان 1/ 575).

وذَكَر الزيلعيُّ الحديث، مع إعلالِ ابنِ عَدِيٍّ له بأبي عتبةَ، ثم أتبعه بقولِ ابنِ أبي حاتم فيه:"كتبنا عنه، ومحله عندنا الصدق"(نصب الراية 1/ 37).

ص: 387

واقتصر الحافظُ على قوله: "أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في ترجمة أحمد بن الفرج"(الدراية 1/ 30).

قال الكشميريُّ: "

ولم يَحكم الزيلعيُّ على حديث ((الوُضُوءُ مِنْ كُلِّ دَمٍ سَائِلٍ)) بشيءٍ، والحديثُ عندي قويٌّ إلا أن في سندِهِ أحمد بن الفرج، وأخرج عنه أبو عَوَانة في صحيحه، وقد اشترطَ أن يُخرج الصحاح في صحيحه" (العَرْف الشَّذِي 1/ 120).

وقال في (فيض الباري 1/ 405): "وفيه أحمد بن الفرج، وقد أخرجَ عنه أبو عَوَانة في صحيحه، فصارَ الحديثُ قويًّا".

قلنا: بل هو منكرٌ، وقد استنكره ابنُ عَدِيٍّ وحَكَم عليه بالبطلانِ، فقال:"وهو منكرٌ من حديثِ شعبةَ"، ثم قال -بعد أن تَكلَّمَ عن حديثين ذَكَرهما قبل من حديث بقية عن شعبة-:"والثالث عن شعبة باطل"، والثالث هو حديثنا هذا. انظر (الكامل 2/ 541).

وَأَقرَّهُ الألبانيُّ في (الضعيفة 470)، وتَمَسَّكَ بتكذيبِ ابنِ عوفٍ لأبي عتبةَ؛ ولذا قال:"فسقط حديثُه جملة، ولم يجز أن يُستشهد به، فكيف يُحتج به؟ ! "(الضعيفة 1/ 682).

قلنا: يحتمل أن يكون شيخُ ابنِ عَدِيٍّ عبد الله بن أبي سفيان الموصلي هو الواهم في سند هذا الحديث، وعبد الله هذا هو ابن زياد بن خالد بن زياد، المعروفُ بابنِ أبي سفيان الموصلي، ذكره ابن قطلوبغا في (الثقات 6/ 28) وقال: قال مسلمةُ: روى عنه بعض الحفاظ وَوَثَّقَهُ.

ولكن خالفه فيه أبو العباس الأصم، وهو أوثقُ منه بلا شَكٍّ.

فرواه البيهقيُّ في (الخلافيات 647) من طريق أبي العباس الأصم، عن

ص: 388

أبي عتبة أحمد بن الفرج، ثنا بقية، ثنا يزيد بن خالد، عن يَزيدَ بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن تميم الداري، به. وقد سبق.

وهذا قد رواه غير أبي عتبة عن بقية كما سبق، فبرأتْ ساحةُ أبي عتبة من عهدة هذا الحديثِ الباطلِ عن شعبةَ. والله أعلم.

والحديث ضَعَّفه أيضًا عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 1/ 143).

[تنبيه]:

محمد بن سليمان بن عاصم المذكور في السند، هو بهذا الاسم خطأ، إما من شيخِ ابنِ عَدِيٍّ، أو من شيخه أحمد بن الفرج، وهو ما يقتضيه ظاهر كلام ابنِ عَدِيٍّ، حيث قال:"وهذا الحديثُ لا نعرفه إلا عن أبي عتبة، وأبو عتبة مع ضَعْفِهِ قد احتمله الناس ورووا عنه. ومحمد بن سليمان الذي ذُكر في هذا الحديث، أظنُّه أرادَ أن يقول: عمر بن سليمان"(الكامل 1/ 436)، وقال في موضع آخر:"إنما أراد به عمر بن سليمان فصحَّفَه"(الكامل 2/ 541)، وهو ما ذكره أصحاب التراجم ضمن الرواة عن ابن أبان. انظر (التاريخ الكبير 5/ 254)، و (الجرح والتعديل 5/ 210) و (الثقات لابنِ حِبَّانَ 9030)، وعمر هذا ثقة.

ص: 389

2348 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَيْسَ فِي القَطْرَةِ وَ

(1)

القَطْرَتَيْنِ مِنَ الدَّمِ وُضُوءٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَمًا سَائِلًا)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا. وَضَعَّفَهُ: الدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ الجوزيِّ، والنوويُّ، وابنُ دقيقِ العيدِ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، وابنُ حَجرٍ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[قط 572، 583 (واللفظُ لَهُ) / هقخ 655/ هقع 1204/ تحقيق 196].

[السند]:

رواه الدارقطنيُّ (572) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات)، و (المعرفة)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق) - قال: حدثنا محمد بن نوح الجُنْدَيْسابوري، نا محمد بن إسماعيل الأَحْمَسي، نا الحسن بن علي الرزاز، نا محمد بن الفضل، عن أبيه، عن ميمون بن مِهْران، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه محمد بن الفضل بن عطية، وهو كذَّابٌ وَضَّاعٌ، قال ابنُ حَجرٍ:"كذَّبُوه"(التقريب 6225).

(1)

في بعض نسخ الدارقطني وإتحاف المهرة: "وَلا القَطْرَتَيْنِ".

ص: 390

وقد اختُلف عليه في سنده:

فرواه الدارقطنيُّ (583) من طريق أبي سهل سفيان بن زياد، نا حَجاج بن نُصير، نا محمد بن الفضل بن عطية، حدثني أبي، عن ميمون بن مِهران، عن أبي هريرة، به، مرفوعًا.

فأسقط من سنده سعيد بن المسيب، ثم قال الدارقطنيُّ:"محمد بن الفضل بن عطية ضعيف. وسفيان بن زياد وحَجاج بن نُصير ضعيفان".

قلنا: بل محمد بن الفضل كذَّابٌ، كَذَّبه غيرُ واحدٍ من الأئمةِ، منهم الفَلَّاسُ، وابنُ أبي شيبةَ، وابنُ مَعينٍ، وأحمدُ، والحافظُ جزرة

وغيرُهُم (تهذيب التهذيب 9/ 401). ولذا قال الحافظ: "كذَّبُوه" كما سبقَ.

ومدارُ الحديثِ من الوجهين عليه، فهو ساقطُ المتنِ والإسنادِ جميعًا.

وقد أعلَّهُ به الدارقطنيُّ كما سبقَ، والبيهقيُّ في (المعرفة 1/ 427) والخلافيات (2/ 343 - 345)، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 1/ 143)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 189)، والنوويُّ في (الخلاصة 294) وابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 287 - 288)، والذهبيُّ أيضًا في (التنقيح 1/ 64 - 65)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 44)، وابنُ دقيقِ العيدِ في (الإمام 2/ 399)، والحافظُ ابنُ حَجرٍ في (التلخيص 1/ 202)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 240)، والألبانيُّ في (الضعيفة 4386).

وقد خولف فيه محمد بن الفضل:

فرواه ابنُ أبي شيبةَ (1481) عن شَبَابةَ، قال: حدثنا شعبة، عن غَيْلان بن

ص: 391

جامع، عن ميمون بن مِهران، قال:((أَنْبَأْنَا مَنْ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ في أَنْفِهِ، فَيَخْرُجُ عَلَيْهَا الدَّمُ، فَيَحُتُّهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي)).

هكذا رواه موقوفًا بهذا السياقِ، ورجاله جميعًا ثقاتٌ غير أن فيه رجلًا لم يُسَمَّ، وهو شيخ ميمون بن مِهران.

وقد رواه عبدُ الرزاقِ (562) عن معمرٍ، عن جعفر بن بُرْقان، قال: أخبرني ميمون بن مِهران قال: ((رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ أَدْخَلَ إِصْبَعَهُ فِي أَنْفِهِ، فَخَرَجَتْ مُخَضَّبَةً دَمًا، فَفَتَّهُ، ثُمَّ صَلَّى فَلَمْ يَتَوَضَّأْ)).

وهو موقوفٌ أيضًا، رجاله كلُّهم ثقات، ولكن هكذا رواه بلا واسطة بين ميمون وأبي هريرة. وهو وهم إما من الدَّبَريِّ راوي المصنف، أو من مَعْمَرٍ، فروايتُه عن العراقيين عمومًا فيها مقال. والصحيحُ رواية ابن أبي شيبةَ؛ فإن ابنَ مِهْرانَ لم يسمعْ من أبي هريرةَ كما قررناه في غير هذا الموضع.

ورُوي عن أبي هريرة من وجهٍ آخرَ موقوفًا أيضًا، رواه ابنُ أبي شيبةَ (1475)، وفي سندِهِ شريكٌ النَّخَعيُّ، وهو سيئُ الحفظِ.

[تنبيه]:

رواية حَجاج بن نُصير التي أسقط منها سعيدًا - رواها البيهقيُّ في (الخلافيات 657) من طريقِ الدارقطنيِّ بإسنادِهِ موقوفًا على أبي هريرة ولم يرفعْهُ، خِلافًا لما في سنن الدارقطنيِّ. وعلى أيةِ حالٍ فالإسنادُ ساقطٌ كما بَيَّنَّاهُ.

ص: 392

2349 -

حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يُعَادُ الوُضُوءُ مِنْ سَبْعٍ: مِنْ إِقْطَارِ البَوْلِ، وَالدَّمِ السَّائِلِ، وَالقَيْءِ، وَمِنْ دَسْعَةٍ يُمْلَأُ بِهَا الفَمُ، وَالنَّوْمِ

(1)

المُضْطَجِعِ، وَقَهْقَهَةِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِنْ خُرُوجِ الدَّمِ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ساقطٌ، ومتنُه منكرٌ يشبه أن يكون موضوعًا.

وقال البيهقيُّ: "لا يصحُّ"، وَأَقرَّهُ ابنُ دقيقِ العيدِ، والزيلعيُّ، والعينيُّ، وابنُ الهُمَامِ.

وقال ابنُ حَجرٍ: "إسنادُهُ واهٍ جدًّا".

[اللغة]:

(دَسْعَة): أصل الدَّسع: الدفعُ. ودَسَع فلان بقيئه: إذا رمى به.

و(دَسْعَةٌ تَمْلَأُ الفَمَ) أي: الدفعة الواحدة من القيء.

قال الزمخشريُّ: "هي من (دَسَع البعيرُ بجِرَّتِه دَسْعًا) إذا نزعها من كَرشه وألقاها إلى فِيه. ودَسَع الرجلُ يَدسَع دَسْعًا: قاء. ودَسَع يَدسَعُ دَسْعًا: امتلأ".

انظر (لسان العرب 8/ 84)، و (المغرب 1/ 287).

[التخريج]:

[هقخ 658].

[السند]:

أخرجه البيهقيُّ في (الخلافيات) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ

(1)

أشار محقق (الخلافيات) إلى أنه وقع في نسخة (لمختصر الخلافيات): ونوم، بلا ألف ولام.

ص: 393

أبو جعفر محمد بن سليمان بن منصور المُذَكّر، ثنا سهل بن عفان السِّجْزي، ثنا الجارود بن يزيد، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به.

وهو في (تاريخ نيسابور) للحاكم من هذا الوجه، ذَكَره مغلطايُ في (شرح ابن ماجه 1/ 524).

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:

العلةُ الأُولى: الجارود بن يزيد؛ كَذَّبه أبو حاتم، وأبو أسامة، والعُقيليُّ

وغيرُهم. وقال يحيى: "ليس بشيءٍ"، وقال أبو داود:"غير ثقة"، وقال النَّسائيُّ والدارقطنيُّ:"متروك". انظر (لسان الميزان 1748).

العلةُ الثانيةُ: جهالة سهل بن عفان السِّجْزي، لم نجدْ له ترجمةً ولا ذِكرًّا سوى في هذا الخبر.

ولذا قال البيهقيُّ: "ورُوي في هذا عن أبي هريرةَ من وجهٍ آخرَ لا يصحُّ"، ثم أسنده، وقال عقبه:"سهل بن عفان مجهولٌ. والجارود بن يزيد ضعيفٌ في الحديثِ. ولا يصحُّ هذا"(الخلافيات 2/ 346).

وأَقَرَّ البيهقيَّ على تضعيفه الحديث: ابنُ دقيقِ العيدِ في (الإمام 2/ 353)، وبدرُ الدينِ العينيُّ في (البناية شرح الهداية 1/ 273).

وأشارَ الزيلعيُّ إلى صنيع البيهقيِّ فقال: "وضُعِّف؛ فإن فيه سهل بن عفان والجارود بن يزيد، وهما ضعيفان"(نصب الراية 1/ 44).

وتبعه الكمال ابنُ الهمام فقال: "وفيه سهل بن عفان والجارود بن يزيد، وهما ضعيفان"(فتح القدير 1/ 41).

ص: 394

العلةُ الثالثةُ: محمد بن سليمان المذكر، أبو جعفر النيسابوري الأبزاري

(1)

.

روى عنه الحاكمُ ولم يرضه، كما قال ابنُ القيسرانيِّ في (المؤتلف والمختلف، صـ 26)، فقد قال الحاكمُ في (تاريخه): "خرجتُ إلى قريته أبزار

وكتبتُ عنه عجائب" (تاريخ الإسلام 7/ 869).

ولذا ذكره الحافظُ في (لسان الميزان 6868) لأجلِ كلامِ الحاكمِ، وذَكَرَ له حديثًا مُنْكرًا. وقال في (الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم 2/ 1032):"متروكٌ، وكلام الحاكم يشير إلى اتَّهامه".

ولذا قال الحافظُ ابنُ حَجرٍ عن الحديثِ: "إسنادُهُ واهٍ جدًّا"(الدراية 1/ 33).

(1)

كذا في أكثر المصادر، وكذا ضبطه السمعاني في (الأنساب 1/ 96) وغير واحد. وتصحف في (اللسان) إلى:"الأتراري"!

ص: 395

2350 -

حَدِيثُ عُبَيْدَةَ بنِ حَسَّانَ وَحَمْزَةَ بنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ عُبَيْدَةَ بنِ حَسَّانَ وَحَمْزَةَ بنِ يَسَارٍ، يَرْوِيَانِ الحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((يُعَادُ الوُضُوءُ مِنْ سَبْعٍ: مِنْ إِقْطَارِ بَوْلٍ، أَوْ قَيْءٍ ذَارِعٍ، أَوْ دَمٍ سَائِلٍ، أَوْ نَوْمٍ مُضْطَجِعٍ، أَوْ دَسْعَةٍ تَمْلَأُ الفَمَ، أَوْ قَهْقَهَةٍ فِي صَلَاةٍ، أَوْ حَدَثٍ)).

[الحكم]:

معضلٌ، وإسنادُهُ واهٍ جدًّا.

[التخريج]:

[طهور 401].

[السند]:

أخرجه أبو عبيد في (الطهور) قال: حدثنا حَجاجٌ، عن زكريا بنِ سَلَّام، عن عبيدة بن حسان وحمزة بن يسار، به.

حَجاج هو ابن محمد المِصيصي.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:

العلةُ الأُولى: عبيدة بن حسان العنبري السنجاري؛ قال أبو حاتم: "منكرُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 6/ 92)، وقال ابنُ حِبَّانَ:"يَروي الموضوعات عن الثقات"(المجروحين 2/ 181)، وقال الدارقطنيُّ:"متروك"(سؤالات البرقاني 328). وقد تابعه حمزة بن يسار، وهي متابعةٌ لا يُفرحُ بها؛ فحمزةُ هذا لم نقفْ له على ترجمةٍ في كتبِ التراجمِ، فأشبه المجهول.

العلةُ الثانيةُ: الإعضالُ؛ فإن عُبيدةَ بنَ حَسَّان هذا شيوخه من طبقة صغار

ص: 396

التابعين وأوساطهم؛ كأيوبَ السَّختيانيِّ، ويحيى بنِ سعيد الأنصاريِّ، والزهريِّ، وقتادةَ، والحسنِ البصريِّ

وطبقتهم. انظر (المجروحين 2/ 181)، و (المؤتلف والمختلف 3/ 1511)، وعلى هذا فبينه وبين النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيافٍ.

العلةُ الثالثةُ: زكريا بن سلام؛ ترجمَ له البخاريُّ في (التاريخ 3/ 423)، وابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل 3/ 598)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذَكَره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 252) على عادتِهِ في توثيقِ المجاهيلِ.

ص: 397

2351 -

حَدِيثُ سَلْمَانَ:

◼ عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: رَآنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ سَالَ مِنْ أَنْفِي دَمٌ (رَعَفْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((أَحْدِثْ لِمَا حَدَثَ وُضُوءًا)).

[الحكم]:

باطلٌ. وأنكره: أبو حاتمٍ الرازيُّ، وابنُ حِبَّانَ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ الجوزيِّ، والنوويُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، والهيثميُّ، والشوكانيُّ.

[التخريج]:

[بز 2522 (والروايةُ لَهُ ولغيرِهِ) / طب (6/ 239/ 6098، 6099) / طس 2862/ علحا 112/ قط 577، 578 (واللفظُ لَهُ) / مجر (2/ 456) / مج 2290/ عد (3/ 90) / هقخ 634، 635، 639، 640/ هقع 1192، 1194، 1196/ تحقيق 198].

[السند]:

رواه الطبرانيُّ في (الكبير 6099) قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التُّسْتَري، ثنا القاسم بن دينار، ثنا إسحاق بن منصور، ثنا هُرَيْم بن سفيان، عن عمرو القرشي، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن سلمان قال: سَالَ مِنْ أَنْفِي دَمٌ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقال

الحديث.

ورواه الدارقطنيُّ (577) -ومن طريقه البيهقيُّ في (المعرفة 1192)، و (الخلافيات 634، 635)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق) - قال: حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل، نا أحمد بن منصور [ح] قال: ونا محمد بن الفتح القلانسي، نا محمد بن الخليل، قالا: نا إسحاق بن منصور، نا هُرَيْم، عن عمرو القرشي، به.

ص: 398

وتوبع عليه هُرَيْم بن سفيان:

فرواه البزارُ: عن أحمد بن عبدة، قال: أخبرنا حسين بن الحسن، قال: أخبرنا جعفر بن زياد الأحمر، قال: أخبرني أبو خالد، عن أبي هاشم

به.

ورواه أبو بكرٍ الدِّينَوَريُّ في (المجالسة 2290)، والدارقطنيُّ (578) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات 639) - من طريق إسماعيل بن أبان الوراق، نا جعفر الأحمر، عن أبي خالد، عن أبي هاشم، به.

وأبو خالد هذا هو عمرو بن خالد القرشي الواسطي، والحديثُ حديثُه، وقد أخطأَ بعض الرواة في تعيينه كما ستراه في

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ عمرو بن خالد أبو خالد الواسطيُّ كذَّابٌ وَضَّاعٌ، كَذَّبه وكيعٌ، وابنُ مَعِينٍ، وأحمدُ، وابنُ راهويه، وأبو زرعةَ، وأبو داودَ

وغيرُهُم (تهذيب التهذيب 8/ 26 - 27).

وبه ضَعَّفَهُ الدارقطنيُّ فقال: "عمرو القرشي هذا هو عمرو بن خالد، أبو خالد الواسطي، متروك الحديث. قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: أبو خالد الواسطي كذَّابٌ"(السنن 578).

وَأَقرَّهُ البيهقيُّ في (الخلافيات 2/ 335)، وقال في (المعرفة):"وعمرو بن خالد في عِدادِ مَن يضعُ الحديثَ"(معرفة السنن والآثار 1/ 425).

وقال ابنُ أبي حاتمٍ: "سألتُ أبي عن حديثٍ رواه إسماعيلُ بنُ أبانَ الوراقُ، عن جعفر الأحمر، عن أبي خالد

"، فذكر الحديثَ، ثم قال: "فقال أبي: أبو خالد هذا: عمرو بن خالد، متروكُ الحديثِ، لا يُشتغلُ بهذا

ص: 399

الحديثِ".

فقال له ابنُه: "فإن الرماديَّ حدثنا عن إسحاق بن منصور، عن هريم، عن عمرو القرشي، عن أبي هاشم الرماني هذا الحديث". فقال أبو حاتم: "هو عمرو بن خالد"(علل ابن أبي حاتم: 112).

قلنا: وقد رواه بعضُ الضعفاءِ عن جعفرٍ الأحمرِ، واضطُربَ عليه في إسنادِهِ، ونتجَ عن ذلك إيهام المتابعة لعمرو بن خالد ذلك الكذَّاب:

فروى هذا الحديثَ الحسينُ بنُ الحسنِ الأشقرُ عن جعفرٍ الأحمرِ، واختُلفَ فيه على ثلاثةِ أوجهٍ:

الوجه الأول: رواه ابنُ عَدِيٍّ -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات) -: عن القاسم بن محمد بن العباد، ثنا أحمد بن عبدة، ثنا حسين بن حسن، عن جعفر بن زياد الأحمر، عن أبي هاشم الرماني، به.

فأسقطَ منه أبا خالدٍ الواسطيَّ، وجعله من رواية الأحمر عن أبي هاشم بلا واسطة، فصارَ الأحمرُ متابعًا لأبي خالدٍ! مما جَعَلَ ابن عَدِيٍّ يقول:"وهذا الحديثُ قد رواه عن أبي هاشم غير جعفر الأحمر"(الكامل 3/ 90).

ولجأَ البيهقيُّ هنا إلى تضعيفِ جعفر بن زياد الأحمر كما في (الخلافيات 2/ 337).

ونحن في غنى عن ذلك؛ إذ إنَّ هذه المتابعةَ ليستْ حقيقية كما ستراه واضحًا.

وأما جعفر الأحمر فلم ينقموا عليه إلا شيعيته. وأما في الحديثِ فهو صدوقٌ مُوثَّقٌ. انظر (تهذيب التهذيب 2/ 93)، مع (التقريب 940).

ص: 400

الوجه الثاني: رواه البزارُ عن أحمد بن عبدة قال: أخبرنا حسين بن الحسن قال: أخبرنا جعفر بن زياد الأحمر قال: أخبرني أبو خالد عن أبي هاشم، به.

فأتى بالواسطة، وذَكَره بكنيته ولم يُسَمِّه، وهذا لا إشكالَ فيه، وهو موافقٌ لروايةِ إسماعيلَ بنِ أبانَ الوراقِ عن الأحمرِ. وقد جزمَ أبو حاتمٍ، والدارقطنيُّ، والبيهقيُّ بأن أبا خالد صاحبها هو عمرو بن خالد الواسطي، ذاك الكذَّاب.

الوجه الثالث: رواه الطبرانيُّ في (الكبير 6098)، و (الأوسط 2862)، وابنُ حِبَّانَ في (المجروحين - ج 1183) من طرقٍ عن أحمد بن عبدة، ثنا الحسين بن الحسن، ثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن يزيد بن أبي خالد، عن أبي هاشم، به.

كذا وقع عند الطبراني في الموضعين: "عن يزيد بن أبي خالد".

ووَقَعَ عند ابنِ حِبَّانَ: "عن يزيد أبي خالد الدالاني"، وهذا هو الصوابُ في اسمه.

وقد أخرجَ ابنُ حِبَّانَ هذا الحديثَ في ترجمتِهِ من (المجروحين)، فقال: "يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني، من أهل واسط

كان كثيرَ الخطأ فاحشَ الوهمِ، يخالفُ الثقات في الرواياتِ، حتى إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة علم أنَّها معمولة أو مقلوبة، لا يجوزُ الاحتجاجُ به إذا وافق الثقات، فكيفَ إذا انفردَ عنهم بالمعضلاتِ؟ ! روى عن أبي هاشم الرماني

" فذَكَر الحديثَ (المجروحين 2/ 456).

قلنا: هكذا جزمَ ابنُ حِبَّانَ بما نسبه للدالاني، ولم يذكر في ترجمتِهِ سوى

ص: 401

هذا الحديث الذي دللَّ به على كثرةِ خطئه ووهمه الفاحش!

والدالاني وَثَّقَهُ أبو حاتمٍ الرازيُّ، وقال أحمدُ بنُ حَنبلٍ:"لا بأسَ به"، وقال ابنُ مَعِينٍ والنسائيُّ:"ليس به بأس".

مما جَعَل الحاكم يقولُ: "إن الأئمةَ المتقدمين شهدوا له بالصدقِ والإتقانِ"(تهذيب التهذيب 12/ 82).

نعم، قال فيه البخاريُّ:"صدوقٌ، وإنما يهمُ في الشيءِ"(علل الترمذي 1/ 45)، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"في حديثِهِ لِين"(الكامل 10/ 713).

وعلى أيةِ حَالٍ، فليس هو بالمكانةِ التي وضعه فيها ابنُ حِبَّانَ.

وأما الحديثُ الذي استنكره عليه ابنُ حِبَّانَ، واستدلَّ به على ما زعمه؛ فالدالانيُّ بريءٌ منه بلا شَكٍّ، وليس له فيه ناقة ولا جمل؛ وإنما هو حديث أبي خالد القرشي الواسطي الكذَّاب.

والطريقُ الذي جاءَ فيه تعيين أبي خالد بأنه يزيد الدالاني -وعليه اعتمدَ ابنُ حِبَّانَ- إنما هو من روايةِ الحسينِ بنِ الحسنِ، وهو الأشقرُ، قال فيه البخاريُّ:"فيه نظر"، وقال في موضعٍ آخرَ:"عنده مناكيرُ"، وقال أحمدُ بنُ حَنبلٍ:"ليس هذا بأهلٍ أن يُحَدَّثَ عنه"، وقال أبو زرعة:"منكرُ الحديثِ"، وقال أبو حاتم:"ليسَ بقويٍّ"، وذَكَرَ ابنُ عَدِيٍّ له مناكير، وقال في بعضِها:"البلاءُ عندي منَ الأشقرِ"، وقال النسائيُّ والدارقطنيُّ:"ليس بالقويِّ"، وقال الجوزجانيُّ:"غالٍ، من الشتامين للخِيرةِ"، وقال أبو أحمدَ الحاكمُ:"ليس بالقويِّ عندهم" انظر (تهذيب التهذيب 2/ 336).

ومع كلِّ ذلك، فقد اختُلفَ عليه فيه: فمرةً يُسقطُ منه أبا خالد. وثانيةً يذكره بكنيته فقط. وثالثةً يسميه يزيد.

ص: 402

والصحيح عنه -إن أردنا الاعتناء به- هو ما وافق رواية الثقة إسماعيل بن أبان الوراق، فقد رواه عن جعفر الأحمر عن أبي خالد، فذكره بكنيته، ولم يزدْ على ذلك كما سبقَ. وجَزَم أبو حاتمٍ والدارقطنيُّ بأن أبا خالدٍ هذا هو عمرو بن خالد الواسطيُّ. وهذان إمامان لا يُرَدُّ قولهما بمثل رواية الأشقر على ما فيها.

وقد جَزَمَ بما قلناه الدارقطنيُّ فقال: ((أخطأَ أحمد بن عبدة في هذا، ولم يقفْ أبو حاتم على موضعِ الخطأ منه، موضع الخطأ منه أن الراوي له عن أبي هاشم هو أبو خالد الواسطي، وهو عمرو بن خالد، وكان كذَّابًا مشهورًا بوضعِ الحديثِ، فغلط أحمد بن عبدة أو من فوقه فيه، لما نظر إلى أبي خالد الواسطي فوهم أنه الدالاني؛ لأن الدالانيَّ من أهل واسط، وكنيته أبو خالدٍ؛ وإنما هذا الحديث مشهور بعمرو بن خالد الواسطي. وأيضًا: فأبو خالد الدالاني لا يُحَدِّثُ عن أبي هاشم الرماني بشيءٍ. وأبو خالد عمرو بن خالد قد روى عن أبي هاشم الرماني، في نسخة موضوعة)) (تعليقاته على المجروحين 1/ 284 - 285).

وقال أبو حاتمٍ الرازيُّ في حديثٍ آخرَ: ((ويشبه هذا الحديث أحاديث أبي خالد الواسطي عمرو بن خالد، عنده من هذا النحو أحاديث موضوعة عن أبي هاشم، وعن حبيب بن أبي ثابت

)) قال أبي: ((ومن لم يفهم -ورأى تلك الأحاديث التي يَروي عنه ابن جريج وحسين المعلم- يَظنُّ أن [أبا] خالد هذا هو الدالاني. والدالاني ثقة، وهذا ذاهبُ الحديثِ، ومَن يفهمُ لم يَخْفَ عليه)) (العلل 4/ 383 - 384). هذا، وقد ضَعَّفَ هذا الحديثَ ورَدَّه -عدا مَن سبقَ- كلّ من:

عبدِ الحَقِّ الإشبيليِّ في (الأحكام الوسطى 1/ 143)، أعلَّهُ بأبي خالدٍ،

ص: 403

فقال: "وهو متروكٌ".

وبه أعلَّهُ ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 190) -وَأَقرَّهُ ابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 289) -، والذهبيُّ أيضًا في (التنقيح 1/ 65)، وقال:"عمرو كذَّابٌ".

وَضَعَّفَهُ النوويُّ في (الخلاصة 291) وفي (المجموع 2/ 55 - 56)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 41).

وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير) و (الأوسط)، وفيه عمرو بن خالد القرشيُّ الواسطيُّ، وهو كذَّابٌ"(مجمع الزوائد 1277).

كذا قال، فلا ندري هل غفل عما في سنده في (الأوسط) من مخالفة، أم صنع ذلك متعمدًا، بِناء على ما حققناه أم وَقَعَ له على الصواب؟ والله أعلم.

واقتصرَ ابنُ حَجرٍ على قوله: "وفيه مَن اتُّهم"(الدراية 1/ 32).

وقال الشوكانيُّ: "في إسنادِهِ كذَّابٌ وَضَّاعٌ"(السيل الجرار 1/ 62).

ص: 404

2352 -

حَدِيثُ ابنِ عَبَّاسٍ:

◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَعَفَ [فِي صَلَاتِهِ، تَوَضَّأَ، ثُمَّ] بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا إن لم يكن موضوعًا.

وَضَعَّفَهُ: عمرٌو الفلاسُ، والعُقيليُّ، وابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، وابنُ حَزمٍ، والبيهقيُّ، وابنُ القيسرانيِّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ الجوزيِّ، والنوويُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ.

[التخريج]:

[عق (3/ 21) (واللفظُ لَهُ) / عد (7/ 401) / قط 579 (والزيادةُ لَهُ) / هقخ 652، 653/ هقع 1186/ تحقيق 199].

[السند]:

أخرجه العُقيليُّ في (الضعفاء) قال: حدثني أحمد بن عمرو، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: أخبرنا عمر بن رياح السعدي البصري، قال: حدثنا ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، به.

ومداره عندهم على عمر بن رياح، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عمر بن رياح، وهو "متروكٌ، وكَذَّبه بعضُهم"(التقريب 4896).

وبه أعلَّهُ العُقيليُّ، فترجم له في (الضعفاء 3/ 21) وقال:"منكرُ الحديثِ، لا يتابعُ عليهما"، ثم أسندَ حديثنا هذا وحديثًا آخر، وقد روى حديثنا من

ص: 405

طريق عمرو الفلاس عن عمر بن رياح، وقولَ الفلاس -عقبه-:"عمر بن رياح أبو حفص الضرير دجال".

وقال ابنُ عَدِيٍّ -بعد أن ذكرَ له هذا الحديث وغيره-: "ولعمر بن رياح غير ما ذكرتُ من الحديثِ، وهو مولى ابن طاوس، ويَروي عن ابن طاوس بالبواطيل ما لا يتابعه أحدٌ عليه، والضعفُ بَيِّنٌ على حديثِهِ"(الكامل 7/ 402).

وقال الدارقطنيُّ -عقبه-: "عمر بن رياح متروكٌ".

وَأَقرَّهُ البيهقيُّ في (الخلافيات 2/ 342)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 42).

وقال ابنُ حَزمٍ: "أثرٌ ساقطٌ من طريق عمر بن رياح البصريِّ، وهو ساقطٌ"(المحلى 4/ 154).

وأعلَّهُ به أيضًا: ابنُ القيسرانيِّ في (ذخيرة الحفاظ 3952)، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 1/ 144)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 190) -وَأَقرَّهُ ابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 289)، والذهبيُّ في (التنقيح 1/ 65) -، وابنُ الملقنِ في (البدر المنير 4/ 108)، وابنُ حَجرٍ في (موافقة الخُبْر الخَبَر 1/ 438).

وَضَعَّفَهُ كذلك: النوويُّ في (المجموع 2/ 55، 56) إلا أنه لم يذكرْ عِلَّتَهُ.

ص: 406

رِوَايَةٌ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا رَعَفَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَغْسِلْ عَنْهُ الدَّمَ، ثُمَّ لِيُعِدْ وُضُوءَهُ وَلْيَسْتَقْبِلْ صَلَاتَهُ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا.

وَضَعَّفَهُ: الدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، وابنُ القيسرانيِّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، والنوويُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، وابنُ الملقنِ، والهيثميُّ، وابنُ حَجرٍ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[طب (11/ 165/ 11374) (واللفظُ لَهُ) / قط 560/ عد (5/ 205 - 206) / هقخ 649 - 651/ هقع 1185/ تحقيق 200/ خبر (1/ 438)].

[السند]:

رواه الطبرانيُّ في (الكبير) قال: حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني، ثنا أبي، ثنا محمد بن (سلمة)

(1)

، عن ابن أرقم، عن عطاء، عن ابن عباس، به.

ورواه الدارقطنيُّ: من طريق محمد بن عمرو بن خالد الحراني، به.

ورواه ابنُ عَدِيٍّ: من طريق محمد بن الحارث البزاز، والوليد بن عبد الملك الحراني، كلاهما عن محمد بن سلمة، به.

(1)

وقع في مطبوع المعجم الكبير: (مسلمة)، وكذا في (المجمع). والصواب:(سلمة)، كما عند الدارقطني.

ص: 407

ووَقَعَ في رواية الوليد: "عن الحسن" بدلًا من: "عن عطاء".

والحديثُ مدارُه عندهم على: محمد بن سلمة عن ابن أرقم، به.

كلهم قالوا فيه عن: "عطاء"، لم يقلْ فيه:"عن الحسن" غير الوليد بن عبد الملك الحراني عند ابنِ عَدِيٍّ.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: ابنُ أرقم، وهو سليمانُ بنُ أرقم أبو معاذٍ البصريُّ، تَرَكه الأئمةُ؛ ولذا قال البخاريُّ:"تركوه"(التاريخ الكبير 4/ 2)، وقال الذهبيُّ:"متروكٌ"(الكاشف 2068).

وبهذا أعلَّهُ الدارقطنيُّ، فقال:"ابنُ أرقم هو سليمان، متروك"(إتحاف المهرة 8071).

وبه أعلَّهُ: البيهقيُّ في (الخلافيات 2/ 341)، وابنُ القيسرانيِّ في (ذخيرة الحفاظ 312)، وعبدُ الحَقِّ في (الأحكام الوسطى 1/ 143)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 190)، وابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 290)، والذهبيُّ في (التنقيح 1/ 65)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 42)، وابنُ الملقنِ في (البدر 4/ 107)، وابنُ حَجرٍ في (التلخيص 1/ 497) و (موافقة الخبر الخبر 1/ 438)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 238)، والألبانيُّ في (الضعيفة 2531).

والحديثُ ضَعَّفَهُ النوويُّ في (الخلاصة 292).

وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير) وفيه محمد بن مسلمة! ضَعَّفَهُ الناس. وقال الدارقطنيُّ: لا بأسَ به، ولكن رواه عن ابنِ أرقم عن عطاءٍ. ولا ندري مَن ابن أرقم؟ ! "(مجمع الزوائد 1276).

ص: 408

قلنا: هكذا قال، وقد تحرَّف عليه اسم الراوي عن ابن أرقم، وهو محمد بن سلمة الحراني، وليس "ابن مسلمة"، والحراني ثقة من رجال الصحيح. وأما ابن أرقم فقد عَرَّفناه لك.

ص: 409

2353 -

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ:

◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ رَعَفَ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَرْجِعْ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: ((إِذَا قَاءَ أَحَدُكُمْ أَوْ رَعَفَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ أَحْدَثَ؛ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ يَجِيءُ فَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا إن لم يكن موضوعًا.

وَضَعَّفَهُ جدًّا: الدارقطنيُّ، وابنُ حِبَّانَ، والبيهقيُّ، وابنُ القيسرانيِّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ، والشوكانيُّ.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأُولى: [قط 584 (واللفظُ لَهُ) / هقخ 643/ هقع 1187/ تحقيق 197].

تخريج السياقة الثانية: [مجر (1/ 515) (واللفظُ لَهُ) / تحقيق 197/ علج 607].

[السند]:

رواه ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين) -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ في (العلل المتناهية) - قال: أخبرناه أحمد بن يحيى بن زهير، قال: حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا أبو بكر الداهري، عن الحَجاج، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخدري، به.

ص: 410

ورواه الدارقطنيُّ في (السنن) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الخلافيات) و (المعرفة)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق) - قال: حدثنا أحمد بن سليمان قال: قرئ على أحمد بن ملاعب وأنا أسمع، نا عمرو بن عون، نا أبو بكر الداهري، به.

فمداره عند الجميع على: أبي بكر الداهري، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:

الأُولى: أبو بكر الداهري، وهو عبد الله بن حكيم؛ قال أحمد:"ليسَ بشيءٍ"، وكذا قال ابنُ المَدِيني، وغيرُهُ. وقال ابنُ مَعِينٍ والنَّسائيُّ:"ليسَ بثقةٍ"، وقال العُقيليُّ:"لا يقيمُ الحديثَ، ويَحَدِّثُ ببواطيلَ عن الثقات"، وقال الجوزجانيُّ:"كذَّابٌ"، وقال أبو نُعَيمٍ الأصبهانيُّ:"رَوَى عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش الموضوعات"، وقال يعقوب بن شيبةَ:"متروكُ الحديثِ"، انظر (لسان الميزان 4208). وقال ابنُ حِبَّانَ:"كان يضعُ الحديثَ على الثقاتِ"(المجروحين 1/ 515).

ولخَّصَ الذهبيُّ القول فيه، فقال:"واهٍ، متَّهَمٌ بالوضعِ". وقال مرة: "أحدُ المتروكين باتِّفاقٍ"(المغني في الضعفاء 3144، 7344).

وبهذا أعلَّهُ الدارقطنيُّ، فقال عقبه:"أبو بكرٍ الداهريُّ عبد الله بن حكيم، متروك الحديث"(السنن 584).

وكذلك ابنُ حِبَّانَ، حيث قال فيه: "كان يضعُ الحديثَ على الثقاتِ

لا يَحلُّ ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه"، ثم ذَكَرَ له هذا الحديث وغيره. انظر (المجروحين 1/ 515).

ص: 411

وبه أعلَّهُ: البيهقيُّ في (الخلافيات 2/ 338، 339)، وابنُ القيسرانيِّ في (تذكرة الحفاظ 88)، وعبدُ الحَقِّ في (الأحكام الوسطى 1/ 143)، وابنُ الجوزيِّ في (التحقيق 1/ 189)، وابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 288)، والذهبيُّ أيضًا في (التنقيح 1/ 65)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 39)، وابنُ الملقنِ في (البدر 4/ 108)، وابنُ حَجرٍ في (التلخيص 1/ 497) و (الدراية 1/ 31)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 238).

العلةُ الثانيةُ والثالثةُ: الحجاج شيخ الداهري؛ قال الزيلعيُّ: "ينبغي أن يُنظر في حَجاج هذا مَن هو؟ فإني رأيتُ في حاشية: أن حجاج بن أرطاة لم يسمع من الزهري ولم يلقْه"(نصب الراية 1/ 39).

قلنا: هو ابن أرطأة؛ فقد ذكره الخطيبُ البغداديُّ في (تاريخ بغداد) ضمن شيوخ الداهري، وروى عنه الداهري غير هذا الحديث، وصرَّح باسمه. انظر (الكامل لابنِ عَدِيٍّ: 6/ 396).

والحَجاجُ ضعيفٌ في نفسِهِ؛ قال الحافظُ: "صدوقٌ كثيرُ الخطأ والتدليسِ"(التقريب 1119)، فهذه علةٌ ثانية.

ثم إن روايتَه عن الزهريِّ منقطعةٌ؛ لكونه لم يسمعْ منه كما قال أبو حاتم وغيرُهُ. انظر (تهذيب التهذيب 2/ 197)، وهذه علة ثالثة، وقد أشارَ إليها الزيلعيُّ كما سبقَ.

ص: 412

2354 -

حَدِيثُ أَنَسٍ:

◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يُعَادُ الوُضُوءُ مِنَ الرُّعَافِ السَّائِلِ)).

[الحكم]:

منكرٌ، وسندُهُ وَاهٍ جدًّا. وأنكره ابنُ عَدِيٍّ، وعبدُ الحَقِّ، وابنُ طَاهِرٍ. وقال الألبانيُّ:"موضوعٌ".

[التخريج]:

[عد (10/ 728) / كر (مختصر ابن منظور 9/ 53)].

[السند]:

رواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 10/ 728) قال: حدثنا محمد بن الحسن النابلسي بالرملة، حدثنا زكريا بن يحيى الصيداوي، حدثنا عمران بن أبي عمران الصوفي، حدثنا يَغْنَمُ بن سالم، حدثنا أنس بن مالك، به.

ومن هذا الطريقِ رواه ابنُ عساكر في (تاريخه) كما في (مختصر ابن منظور 9/ 53).

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ واهٍ جدًّا؛ مسلسلٌ بالعللِ:

العلة الأُولى: يَغْنَمُ بن سالم، قال ابنُ يونس:"حَدَّثَ عن أنسٍ فكَذَبَ" وقال أبو حاتم: "مجهولٌ، ضعيفُ الحديثِ"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"كان يضعُ على أنسٍ"، وقال العُقيليُّ:"عنده عن أنسٍ نسخة أكثرها مناكير"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"يَروي عن أنسٍ مناكيرَ"(اللسان 8669).

وذَكَر ابنُ عَدِيٍّ في ترجمتِهِ من (الكامل 2189) هذا الحديثَ وغيرَه ثم

ص: 413

قال: "وأحاديثُ يَغْنَم عامتها غير محفوظة"(الكامل 10/ 723).

وبه أعلَّهُ عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، فذكره في (الأحكام الوسطى 1/ 144)، وقال: " يَغْنَمُ

(1)

منكرُ الحديثِ ضعيفه".

وقال ابنُ طَاهِرٍ المقدسيُّ: "رواه يَغْنَمُ بن سالم عن أنس. ويَغْنَمُ ليس بشيءٍ"(الذخيرة 6526).

العلة الثانية: عمران بن أبي عمران الصوفي، هو ابن هارون، أبو موسى الرمليُّ المقدسيُّ، مختلفٌ فيه:

فقال أبو زرعة: "صدوق"، وقال ابنُ يونس:"في حديثِهِ لِين"، وذَكَره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 498)، وقال:"يُخْطِئُ ويُخَالِفُ"(اللسان 5768).

وفَرَّقَ الذهبيُّ بين ابن هارون المقدسيِّ، وابنِ أبي عمرانَ الرمليِّ، فقال في الأول:"صَدَّقه أبو زرعةَ، ولَيَّنه ابن يونس"(الميزان 3/ 244)، وقال في الثاني:"أتى بخَبرٍ كذبٍ، فهو آفتُه"(الميزان 3/ 240)، ورجَّحَ ابنُ حَجرٍ أنه هو الأول (اللسان 6/ 177).

العلة الثالثة: زكريا بن يحيى الصيداوي، ترجمَ له ابنُ عساكر كما في (المختصر 9/ 53)، ولم يذكرْ فيه جرحًا ولا تعديلًا، وقال في ترجمة زكريا الأذرعيِّ:"وأظنُّه الصيداويُّ الذي تقدَّم، وقد سقتُ له حديثًا في ترجمة (جبرون) بن عبد الجبار"(تاريخ دمشق 19/ 75).

والأذرعيُّ هذا لم نجدْه عند غيرِهِ، ولم يذكرْ فيه جرحًا ولا تعديلًا، والحديثُ المشارُ إليه منكر أيضًا، وقد خرَّجناه في فصل الحَمَّام.

(1)

تحرَّف في المطبوع إلى: "نعيم"، وانظر (اللسان 8669).

ص: 414

وشيخُ ابنِ عَدِيٍّ: محمد بن الحسن النابلسي السَّكُوني، لم نجدْ لَهُ ترجمةً، وهذه علة رابعة.

والحديثُ ذكره الألبانيُّ في (الضعيفة 1071)، وقال:"موضوعٌ".

وفي الباب أحاديث أخرى، انظر (باب الوضوء من القيء).

ص: 415