المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌393 - باب ما ورد عن الصحابة في ترك الوضوء من الدم - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٩

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌385 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌386 - بَابُ تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌387 - بَابُ مَا رُوِيَ في مَسِّ ذَكَرِ الصَّغِيرِ

- ‌388 - بَابٌ: المُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌389 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌390 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ الحِجَامَةِ

- ‌391 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ دَمِ البَاسُورِ -أَوِ: النَّاسُورِ- وَالدَّمَامِيلِ

- ‌392 - بَابُ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌393 - بَابُ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

- ‌394 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي الوُضُوءِ مِنَ القَيْءِ

- ‌395 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الوُضُوءِ مِنَ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌396 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الضَّحِكَ لَا يَنْقُضُ الوُضُوءَ

- ‌397 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الكَلَامِ الفَاحِشِ

- ‌398 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الكَلَامَ وَإِنْ عَظُمَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وُضُوءٌ

- ‌399 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَقْضِ الوُضُوءِ بِالفَوَاحِشِ

- ‌400 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الكَافِرِ

- ‌401 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الأَصْنَامِ

- ‌402 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّيءِ وَالدَّمِ

- ‌403 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الغَضَبِ

- ‌404 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي إِعَادَةِ وُضُوءِ مَنْ فَسَّرَ القُرْآنَ بِرَأْيِهِ

الفصل: ‌393 - باب ما ورد عن الصحابة في ترك الوضوء من الدم

‌393 - بَابُ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ

2361 -

حَدِيثُ المِسْوَرِ فِي صَلَاةِ عُمَرَ:

◼ عَنِ المِسْوَرِ بنِ مَخرَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَابنُ عَبَّاسٍ عَلَى عُمَرَ حِينَ طُعِنَ، [وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيهِ، فَقُلْنَا: لَا يَنْتَبِهُ لِشَيْءٍ أَفْزَغَ لَهُ مِنَ الصَّلَاةِ]، فَقُلْنَا: الصَّلَاةُ [يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ. فَانْتَبَهَ] فَقَالَ: (([الصَّلَاةُ]، إِنَّهُ لَا حَظَّ لِأَحَدٍ فِي الإِسْلَامِ أَضَاعَ الصَّلَاةَ))، فَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا.

[الحكم]:

صحيحٌ. وَصَحَّحَهُ: ابنُ المنذرِ، وابنُ عبدِ البرِّ، والهيثميُّ، وابنُ حَجرٍ، والألبانيُّ.

[فائدة]:

قال ابنُ عبدِ البرِّ: "وأما قول عمر: (لَا حَظَّ فِي الإِسْلَامِ) فالحظُّ: النصيبُ. يقول: لا نصيبَ في الإسلامِ. وقوله يحتمل وجهين: أحدهما: خروجه من الإسلام بذلك. والآخر: أنه لا كبيرَ حظٍّ له في الإسلامِ"(الاستذكار 2/ 282).

[التخريج]:

[طا 93 (والروايةُ لَهُ) / عب 585 (واللفظُ لَهُ) / ش 8474،

ص: 441

30998، 38222 (والزياداتُ كلُّها لَهُ) / يش 103/ طس 8181/ زحم 656/ قط 870، 871، 1511 (مختصرًا)، 1750/ هقع 2287/ هق 1693/ تعظ 923، 928، 929/ سعد (3/ 352) / منذ 58/ معر 407، 1941، 1942/ صحا 191/ بغ 330/ جر 271/ لك 1528/ خلا 1371، 1381، 1388/ إبا (إيمان 871 - 873) / كر (44/ 419)، (44/ 441) / غيب 1929/ مالك 39].

[السند]:

رواه عبد الرزاق عن الثوري.

ورواه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 8474)، والدارقطنيُّ في (السنن 1511) من طريقِ أبي معاويةَ.

ورواه ابنُ أبي شيبةَ (38222): عن أبي أسامةَ.

ورواه الدارقطنيُّ في (السنن 1750) من طريقِ عبدةَ بنِ سليمانَ.

كلهم: عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: حدَّثني سليمان بن يسار، أن المسور بن مخرمة أخبره

فذكره به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ رجاله ثقات رجال الصحيح.

وقال ابنُ المنذرِ: "وقد ثَبَتَ أن عمرَ بنَ الخطابِ لما طُعِنَ صلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا"(الأوسط 1/ 271).

وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "ثَبَتَ عن عمرَ قوله: (لَا حَظَّ فِي الإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ) "(الاستذكار 2/ 284).

ص: 442

وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الأوسط) ورجاله رجال الصحيح"(المجمع 1636).

وقال ابنُ حَجرٍ: "وقد صَحَّ أن عمرَ صلَّى وَجُرْحُهُ يَنْبُعُ دَمًا"(فتح الباري 1/ 281).

وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (إرواء الغليل 1/ 225).

قلنا: وللحديثِ طرقٌ أخرَى عن المسورِ، منها:

* ما أخرجه عبد الرزاق في (المصنف 587) -ومن طريقه المروزيُّ في (تعظيم قدر الصلاة 2/ 893)، وغيره-: عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابنِ عباسٍ، قَالَ:((لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ احْتَمَلْتُهُ أَنَا وَنَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، حَتَّى أَدْخَلْنَاهُ مَنْزِلَهُ، فَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّكُمْ لَنْ تُفْزِعُوهُ بِشَيْءٍ إِلَّا بِالصَّلَاةِ. قَالَ: فَقُلْنَا: الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ. قَالَ: فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَا حَظَّ فِي الإِسْلَامِ لِأَحَدٍ تَرَكَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا)).

* وأخرجه ابنُ سعدٍ في (الطبقات 3/ 325) عنِ ابنِ عُلَيَّةَ، عن أيُّوبَ، عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ، عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ؛ ((أَنَّ عُمَرَ لَمَّا طُعِنَ جَعَلَ يُغْمَى عَلَيْهِ، فَقِيلَ: إِنَّكُمْ لَنْ تُفْزِعُوهُ بِشَيْءٍ مِثْلِ الصَّلَاةِ إِنْ كَانَتْ بِهِ حَيَاةٌ. فَقَالَ: الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، الصَّلَاةُ قَدْ صُلِّيَتْ! فَانْتَبَهَ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ هَاءَ اللهِ إِذًا، وَلَا حَظَّ فِي الإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ. قَالَ: فَصَلَّى وَإِنَّ جُرحَهُ لَيَثعَبُ دَمًا)).

قال الدارقطنيُّ: "ورواه ابنُ أبي مليكةَ عن المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمةَ، وهو صحيحٌ عنه"(العلل 227).

* وأخرجَ عبدُ الرزاقِ (586): عنِ ابنِ جُرَيجٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ أَبِي مُلَيْكَةَ:

ص: 443

((دَخَلَ ابنُ عَبَّاسٍ وَالمِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ عَلَى عُمَرَ حِينَ انْصَرَفَا مِنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ مَا طُعِنَ، فَوَجَدَاهُ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ، فَقَالَا: الصَّلَاةُ. فَقَالَ: نَعَمْ، مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي الإِسْلَامِ! فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى، وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا)).

وهذه الرواية ظاهرها الإرسال؛ إذ لم يسندها ابن أبي مليكة عن أحدٍ، وهو لم يدركْ عمرَ؛ ولذا قال أبو زرعةَ في حديثِهِ عن عمرَ:"هو مرسل"(جامع التحصيل، صـ 214).

ولكنها محمولةٌ على الاتصالِ بقرينة الروايات الأخرى عن ابن أبي مليكة عن المسور، كما تقدَّمَ.

* وأخرجَ محمد بنُ نصر المروزيُّ في (تعظيم قدر الصلاة 2/ 892) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرني ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن سليمان بن يسار أَخْبَرَهُ ((أَنَّ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه إِذْ طُعِنَ، دَخَلَ عَلَيْهِ هُوَ وَابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، فَلَمَّا أَصْبَحَ مِنْ غَدٍ فَزَّعُوهُ فَقَالُوا: الصَّلَاةَ! ! فَفَزِعَ فَقَالَ: نَعَمْ، لَا حَظَّ فِي الإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى وَالجُرْحُ يَثْعَبُ دَمًا)).

قلنا: وقد اختُلِفَ فيه على هشام بن عروة بما لا يضرُّ، فقد رواه عنه جمعٌ غفيرٌ عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن المسور، به.

وخالفهم جماعةٌ، فرووه عن هشام، عن أبيه، عن المسور. بإسقاط (سليمان).

ورواه مالكٌ في (الموطأ 93): عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن المسور بن مخرمة أخبره

به.

كذا بذكرِ صيغةِ الإخبارِ بينَ عروةَ والمسورِ.

قال الدارقطنيُّ: "وهذا لم يسمعْه عروةُ منَ المسورِ، وقد خالفَ مالكًا

ص: 444

جماعةٌ، منهم سفيانُ الثوريُّ، والليثُ بنُ سعدٍ، وحُميدُ بنُ الأسودِ، ومحمدُ بنُ بِشْرٍ العبديُّ، وعبدُ العزيزِ الدراورديُّ، وحمادُ بنُ سلمةَ

وغيرُهُم، رووه عن هشامٍ، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن المِسورِ بنِ مَخرمةَ عن عمرَ بهذا. وهو الصوابُ، أدخلوا بين عروةَ وبينَ المسورِ (سليمان بن يسار) وهو الصوابُ. والله أعلم.

وكذلك رواه الزهريُّ، عن سليمانَ بنِ يسارٍ، عن المسورِ، عن عمرَ" (الأحاديث التي خولف فيها الإمام مالك، صـ 80).

وقال في (العلل): "رواه زائدةُ، وإسماعيلُ بنُ زكريا، وعليُّ بنُ مُسْهرٍ، وأبو ضَمْرةَ، والليثُ بنُ سعدٍ، والمُفَضَّلُ بنُ فَضَالةَ، وأبو أسامةَ، وحمادُ بنُ سلمةَ، وأبو معاويةَ، وعبدةُ

وغيرُهُم، عن هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيه، عن سليمانَ بنِ يسارٍ، عن المسورِ بنِ مخرمةَ.

وخالفهم مالكُ بنُ أنسٍ؛ فرواه عن هشامٍ، عن أبيه، أن المسورَ بنَ مخرمةَ أَخْبَرَهُ.

ورواه جريرٌ، وعبدُ اللهِ بنُ إدريس، وعيسى بنُ يونس، ومحمد بنُ دينار، عن هشامٍ، عن أبيه، عن المسورِ.

والقولُ قولُ زائدةَ ومَن تابعه، عن هشام، عن أبيه، عن سليمان بن يسار.

وقول مالك: (عن هشام، عن أبيه، أن المسور أخبره) وَهْمٌ منه -والله أعلم- لكثرة مَن خالفه ممن قدمنا ذكره" (العلل 227).

ص: 445

2362 -

حَدِيثُ جَابِرٍ:

◼ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنهما [فِيمَا يَذْكُرُ مِنِ اجْتِهَادِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي العِبَادَةِ] 1، قَالَ:((خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ [مِنْ نَجْدٍ] 2، [فَغَشِينَا دَارًا مِنْ دُورِ المُشْرِكِينَ] 3، فَأُصِيبَتِ امْرَأَةٌ مِنَ المُشْرِكِينَ (فَأَصَابَ رَجُلٌ امْرَأَةَ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ)1.

فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَافِلًا، وَجَاءَ زَوْجُهَا وَكَانَ غَائِبًا، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَنْتَهِيَ حَتَّى يُهْرِيقَ دَمًا فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم! !

فَخَرَجَ يَتْبَعُ أَثَرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلًا [فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ] 4 فَقَالَ:((مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ؟ )) فَانْتَدَبَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَا: نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: ((فَكُونُوا بِفَمِ الشِّعْبِ)).

قَالَ: وَكَانُوا نَزَلُوا إِلَى شِعْبٍ مِنَ الوَادِي، فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلَانِ إِلَى فَمِ الشِّعْبِ، قَالَ الأَنْصَارِيُّ لِلْمُهَاجِرِيِّ: أَيُّ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَكْفِيَكَهُ؟ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ؟ قَالَ: اكْفِنِي أَوَّلَهُ.

فَاضْطَجَعَ المُهَاجِرِيُّ فَنَامَ، وَقَامَ الأَنْصَارِيُّ يُصَلِّي، [فَافْتَتَحَ سُورَةً مِنَ القُرْآنِ]5.

وَأَتَى الرَّجُلُ، فَلَمَّا رَأَى شَخْصَ الرَّجُلِ [قَائِمًا] 6 عَرَفَ أَنَّهُ رَبِيئَةُ القَوْمِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ، وَثَبَتَ قَائِمًا [يَقْرَأُ فِي السُّورَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَقْطَعَهَا] 7، ثُمَّ رَمَاهُ [زَوْجُ المَرْأَةِ] 8 بِسَهْمٍ آخَرَ، فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ، وَثَبَتَ قَائِمًا [يُصَلِّي، وَلَمْ يَتَحَرَّكْ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَقْطَعَهَا] 9، ثُمَّ عَادَ لَهُ [زَوْجُ المَرْأَةِ] 10 بِثَالِثٍ، فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ.

ص: 446

ثُمَّ أَهَبَّ (أَنْبَهَ) 2 صَاحِبَهُ، فَقَالَ: اجْلِسْ فَقَدْ أُوتِيتُ! ! فَوَثَبَ [المُهَاجِرِيُّ] 11، فَلَمَّا رَآهُمَا الرَّجُلُ عَرَفَ أَنْ قَدْ نَذَرُوا بِهِ فَهَرَبَ.

فَلَمَّا رَأَى المُهَاجِرِيُّ مَا بِالأَنْصَارِيِّ مِنَ الدِّمَاءِ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ (يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ) 3، أَلَا أَهْبَبْتَنِي [أَوَّلَ مَا رَمَاكَ؟ ! ] 12 قَالَ: كُنْتُ فِي سُورَةٍ [مِنَ القُرْآنِ] 13 أَقْرَؤُهَا (أُصَلِّي بِهَا) 4، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أُنْفِذَهَا، فَلَمَّا تَابَعَ الرَّمْيَ رَكَعْتُ فَأَرَيْتُكَ (فَأَذَنْتُكَ) 5، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْلَا أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِهِ، لَقَطَعَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا أَوْ أُنْفِذَهَا)).

[الحكم]:

مختلفٌ فيه:

فقال الدارقطنيُّ: "إسنادُهُ صالحٌ"، وَصَحَّحَهُ: ابنُ خزيمةَ، وابنُ حِبَّانَ، والحاكمُ -وَأَقرَّهُ البيهقيُّ-، والضياءُ المقدسيُّ، والعينيُّ.

وحَسَّنَهُ: النوويُّ، والألبانيُّ.

بينما ضَعَّفَهُ: ابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ التركمانيِّ. وهو ظاهر صنيع الحافظ ابن حَجرٍ.

[اللغة]:

(رَبِيئَةُ القَوْمِ): "الذي يحفظُ القومَ، ويتطلعُ لهم خبرَ العدوِ لئلا يهجم عليهم". قاله ابنُ الأثير في (جامع الأصول 7/ 204).

[الفوائد]:

قال الخَطَّابيُّ: "وقد يَحتجُّ بهذا الحديثِ مَن لا يَرى خروج الدم وسيلانه من غير السبيلين ناقضًا للطهارة ويقول: لو كان ناقضًا للطهارة، لكانت صلاة الأنصاري تَفسدُ بسيلانِ الدمِ أول ما أصابته الرمية، ولم يكن يجوز له

ص: 447

بعد ذلك أن يركع ويسجد وهو مُحْدِث. وإلى هذا ذهبَ الشافعيُّ.

وقال أكثر الفقهاء: سيلان الدم من غير السبيلين ينقضُ الوضوءَ. وهذا أحوطُ المذهبين، وبه أقولُ.

وقولُ الشافعيِّ قويٌّ في القياسِ، ومذاهبهم أقوى في الاتباعِ.

ولستُ أدري كيف يصحُّ هذا الاستدلال من الخبر، والدمُ إذا سالَ أصابَ بدنَهُ وجلدَهُ، وربما أصابَ ثِيابَه، ومع إصابة شيء من ذلك وإن كان يسيرًا لا تصحُّ الصلاةُ عند الشافعيِّ؟ !

إلَّا أن يقالَ: إن الدمَ كان يخرجُ من الجراحةِ على سبيلِ الذرق حتى لا يصيب شيئًا من ظاهر بدنه. ولئن كان كذلك فهو أمر عجب" (معالم السنن 1/ 70).

[التخريج]:

[خ (تعليقًا مختصرًا تحت باب: "من لم يَرَ الوضوء إلا من المخرجين") / د 197 (والروايتان الأُولى والثانيةُ له) / حم 14704 (واللفظُ لَهُ)، 14865 (والزياداتُ كلُّها لَهُ، وكذا الروايتان الثالثةُ والرابعةُ) / خز 37 (والروايةُ الخامسةُ لَهُ) / حب 1091/ ك 565، 566/ ضيا (غلق 2/ 113 - 115) / جمب 189/ تخ (7/ 52 - مختصرًا) / طبت (2/ 558) / قط 869/ هق 671، 672، 18492/ هقغ 39/ هقخ 604، 605/ قيام 152/ غو (1/ 438) / جوزي (تبصرة 1/ 482) / غلق (2/ 113 - 115)].

[السند]:

رواه أحمدُ (14704) قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق، حدثنا ابن المبارك،

ص: 448

عن محمد بن إسحاق -قراءة-، حدثني صدقة بن يسار، عن عقيل بن جابر، عن جابر بن عبد الله، به.

ورواه أحمدُ (14865): عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، به.

ورواه أبو داود: عن أبي توبة الربيع بن نافع، عن ابن المبارك، عن ابن إسحاق، به.

ومَدَارُهُ عندَ الجميعِ على محمدِ بنِ إسحاقَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجاله ثقات عدا محمد بن إسحاق بن يسار، وهو إمامٌ صدوقٌ، غير أنه كان يدلسُ كما في (التقريب 5725)، وقد صَرَّحَ هنا بالتحديثِ فانتفت شبهة تدليسه.

وعقيل بن جابر بن عبد الله، ترجمَ له البخاريُّ في (التاريخ 7/ 52)، وابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل 6/ 218)، وَنَقَلَ عن أبيه أنه قال:"لا أعرفه"، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 272).

وقال الذهبيُّ: "فيه جهالةٌ"(المغني 4160)، وكذا قال في (الميزان 5/ 110) وَزَادَ:"ما رَوى عنه غير صدقة بن يسار"، وقال في (ديوان الضعفاء 2863):"لا يُعْرَفُ" كذا قال.

وقد تعقبه الألبانيُّ بقولِ الحافظِ: "وقد روى جابرٌ البَيَاضيُّ عن ثلاثةٍ من ولدِ جابرٍ عن جابرٍ. فيحصل لنا راوٍ آخر -وإن كان ضعيفًا- عن عقيلٍ مع صدقة؛ لأن جابرًا له ثلاثة أولاد رووا الحديث: هذا وعبد الرحمن ومحمد"(تهذيب التهذيب 7/ 253)، و (صحيح أبي داود 1/ 357).

ص: 449

وهكذا وَقَعَ في المصدرين: "جابر البياضي"، والظاهرُ أن فيه سقطًا، والصواب:"أبو جابر البياضي"، وهو كذَّابٌ، وليس ضعيفًا فقط!

وقد قال ابنُ حَجرٍ نفسُه: "وعقيل لا أعرفُ راويًا عنه غير صدقة؛ ولهذا لم يجزمْ به المصنف، أو لكونه اختصره، أو للخلافِ في ابنِ إسحاقَ"(الفتح 1/ 281).

وقال أيضًا: "عقيل بن جابر لم يَرْوِ عنه سوى صدقة، وذَكَره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات) على عادتِهِ فيمن لم يجرح وروى عنه ثقة. وتعليق أبي عبد الله له بصيغةِ التمريضِ إما لكونه اختصره، وإما للاختلافِ في ابنِ إسحاقَ وما انضاف إليه من عدم العلم بعدالة عقيل. والله أعلم"(تغليق التعليق 2/ 116).

ولَخَّص الحافظُ حالَهُ بقوله: "مقبولٌ"(التقريب 4659) يعني حيثُ يُتابَعُ وإلَّا فلَيِّنٌ، ولم يُتَابعْ عليه.

وبه ضَعَّفَ الحديثَ ابنُ عبدِ الهادِي فقال عقبه: "وعقيل بن جابر فيه جهالة"(تنقيح التحقيق 1/ 292).

وقال ابنُ التركمانيِّ: "ابنُ إسحاقَ معروفُ الحالِ، وفي (الضعفاء) للذهبيِّ: أن عقيلًا هذا لا يُعْرَفُ"(الجوهر النقي 1/ 140).

ولعلَّ لذلك علَّقه البخاريُّ في (صحيحه 1/ 46) بصيغةِ التمريضِ، تحتَ:(بَابِ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إِلَّا مِنَ المَخْرَجَيْنِ = مِنَ القُبُلِ وَالدُّبُرِ)، حَيْثُ قَالَ:((وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَرُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ، فَرَكَعَ وَسَجَدَ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ)).

قلنا: ولقائلٍ أن يقولَ: إن الأمرَ في عقيل لم يَقِفْ عند مجردِ ذِكرِ ابنِ حِبَّانَ

ص: 450

لعقيل في (الثقات)، بل انضمَ إلى ذكر ابنِ حِبَّانَ له في (ثقاته) أمور أخرى تقوي وتشد من حال عقيل، منها:

أولًا- قول الحاكم: "عقيل بن جابر بن عبد الله الأنصاري أحسن حالًا من أخويه محمد وعبد الرحمن"(المستدرك 1/ 513)، وَأَقرَّهُ البيهقيُّ في (الخلافيات 2/ 316، 317).

قلنا: وأخوه عبد الرحمن ثقة من رجال الشيخين (التقريب 3825)، وقد صَحَّحَ له الحاكمُ غير ما حديث. وأما محمدٌ فصدوقٌ (التقريب 5778).

إذن فأقلُّ أحوالِ عقيل عند الحاكمِ أن يكون ثقة.

ثانيًا- تصحيحُ ابنِ خُزيمةَ وابنِ حِبَّانَ لحديثِهِ هذا حيثُ أخرجاه في الصحيح. وكذا قول الحاكم أيضًا: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ

وهذه سنةٌ ضيقةٌ قدِ اعتقدَ أئمتُنا بهذا الحديثِ أن خروجَ الدمِ من غيرِ مخرجِ الحَدَثِ لا يوجبُ الوضوءَ" (المستدرك 1/ 513).

ونقل البيهقيُّ تصحيحَ شيخِهِ الحاكمِ، وَأَقرَّهُ في (الخلافيات 2/ 316، 317).

وأخرجه الضياءُ في (المختارة) -كما في (تغليق التعليق 2/ 114 - 115) -، فهو صحيح على شرطه.

والتصحيحُ فرعُ التوثيقِ كما هو مقررٌ؛ ولذا قال العظيمُ آبادي: "وعقيل بن جابر الراوي قد وَثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ، وصَحَّحَ حديثَه هو وابنُ خُزيمةَ والحاكمُ، فارتفعتْ جهالتُه وصارَ حديث جابر صالحًا للاحتجاجِ"(عون المعبود 1/ 232).

ولا يقالُ: إن هؤلاءِ متساهلون؛ لأننا اعتبرنا مجموع هذه الأمور، ولم

ص: 451

نعتمدْ تصحيحَ أحدِهما مجردًا عن صنيعِ إمامٍ آخرَ يعضد صنيعه.

ثالثًا- قولُ الدارقطنيِّ: "إسنادُهُ صالحٌ"، نقله ابنُ عبدِ الهادِي في (التنقيح 1/ 293)

(1)

.

رابعًا- أن عقيلًا معروفُ النسبِ، فهو ابنُ الصحابيِّ الجليلِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ، فهو من أولاد الصحابة، ولا يُعْرَفُ فيه جرحٌ. ورواية الثقة عنه تقوي أمره، كما قرَّرَه أبو حاتم وأبو زرعة وغيرُهُما. وصدقة بن يسار الراوي عنه ثقة من رجال الصحيح.

فإذا انضافَ لذلك توثيق ابنِ حِبَّانَ، وتصحيح أئمة آخرين لحديثه -كابنِ خُزَيمةَ وغيرِهِ- فلا يقالُ في مثلِهِ أبدًا:(مجهول).

وأبو حاتم لم يحكمْ عليه بالجهالةِ بل قال: "لا أعرفه"، وهذا لا يضرُّهُ إذا كان غير أبي حاتم قد عرَفه واحتجَّ بحديثِهِ. والله أعلم.

ولذا قال النوويُّ: "رواه أبو داود بإسنادٍ حسنٍ، واحتجَّ بِهِ أبو داود"(المجموع 2/ 55).

وَصَحَّحَهُ العينيُّ في (عمدة القاري 3/ 50)، وفي (شرح سنن أبي داود 1/ 455).

وقال الألبانيُّ: "إسنادُهُ حسنٌ"(صحيح أبي داود 1/ 357 - 358).

هذا، والله تعالى أعلم.

(1)

وسقط هذا القول من النسخ المطبوعة من (السنن)، وهو أمرٌ يتكررُ كثيرًا.

ص: 452

2363 -

حَدِيثُ خَوَّاتِ بنِ جُبَيْرٍ:

◼ عَنْ خَوَّاتِ بنِ جُبَيْرٍ، رضي الله عنه قَالَ: ((صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الخَوْفِ

)) الحَدِيثَ، وَفِيهِ: ((وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَصَابَ فِي مَحَالِّهِمْ نِسْوَةً، وَكَانَ فِي السَّبْيِ جَارِيَةٌ وَضِيئَةٌ، وَكَانَ زَوْجُهَا يُحِبُّهَا.

فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَاجِعًا إِلَى المَدِينَةِ، حَلَفَ زَوْجُهَا لَيَطْلُبَنَّ مُحَمَّدًا، أَوْ لَا يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ حَتَّى يُصِيبَ مُحَمَّدًا، أَوْ يُهْرِقُ فِيهِمْ دَمًا، أَوْ يُخَلِّصَ صَاحِبَتَهُ! !

فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرِهِ عَشِيَّةَ ذَاتِ رِيحٍ، فَنَزَلَ فِي شِعْبٍ، اسْتَقبَلَهُ فَقَالَ:((مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا اللَّيْلَةَ؟ )) فَقَامَ رَجُلَانِ -عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ، وَعَبَّادُ بنُ بِشْرٍ- فَقَالَا: نَحنُ يَا رَسُولَ اللهِ نَكْلَؤُكَ.

وَجَعَلَتِ الرِّيحُ لَا تَسْكُنُ، وَجَلَسَ الرَّجُلَانِ عَلَى فَمِ الشِّعْبِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَيُّ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَكْفِيَكَ؟ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ؟ قَالَ: اكْفِنِي أَوَّلَهُ.

فَنَامَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ، وَقَامَ عَبَّادٌ يُصَلِّي.

وَأَقْبَلَ عَدُوُّ اللهِ يَطْلُبُ غِرَّةً، وَقَدْ سَكَنَتِ الرِّيحُ، فَلَمَّا رَأَى سَوَادَهُ مِنْ قَرِيبٍ قَالَ يَعْلَمُ اللهُ إِنَّ هَذَا لَرَبِئَةُ

(1)

القَوْمِ! ! فَعَرقَ لَهُ سَهمًا فَوَضَعَهُ فِيهِ فَانْتَزَعَهُ، ثُمَّ رَمَاهُ آخَرَ فَانْتَزَعَهُ، ثُمَّ رَمَاهُ الثَّالِثَةَ فَوَضَعَهُ بِهِ. فَلَمَّا غَلَبَهُ الدَّمُ، رَكَعَ وَسَجَدَ.

ثُمَّ قَالَ لِصَاحِبِهِ: اجْلِسْ فَقَدْ أُتِيتُ! ! فَجَلَسَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ فَلَمَّا رَأَى الأَعْرَابِيُّ أَنَّ عَمَّارًا قَدْ قَامَ عَلِمَ أَنَّهُمْ قَدْ نَذرُوا بِهِ، فَهَرَبَ.

(1)

كذا في المطبوع: ولعل الصواب: (رَبِيئَةُ القَوْمِ) كما سبق في الرواية السابقة.

ص: 453

فَقَالَ عَمَّارٌ: يَا أَخِي، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُوقِظَنِي بِهِ فِي أَوَّلِ سَهْمٍ رَمَاكَ بِهِ؟ ! قَالَ كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا، وَهِيَ الكَهْفُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أَفْرُغَ مِنْهَا، فَلَوْلَا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ أُضَيِّعَ ثَغرًا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِهِ، مَا انْصَرَفْتُ وَلَوْ أُتِيَ عَلَى نَفْسِي".

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[اللغة]:

قوله: (رَبِيئَةُ القَوْمِ) هُوَ طَلِيعَتُهُمْ وَرَقِيبُهُمْ (شرح مسلم للنووي 15/ 48). وفي (لسان العرب 1/ 82): "والرَّبِيئةُ: الطليعةُ، وَإِنَّمَا أَنَّثوه لأَن الطَلِيعةَ يُقَالُ لَهُ العَيْنُ إِذْ بعَيْنهِ ينْظُرُ، وَالعَيْنُ مؤَنثة

وَهُوَ العَيْنُ والطَّلِيعةُ الَّذِي يَنْظُرُ لِلْقَوْمِ لِئَلَّا يَدْهَمَهُم عدُوٌّ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى جَبَلٍ أَو شَرَف يَنْظُرُ مِنْهُ".

[التخريج]:

[واقدي (1/ 396 - 397) / هقل (3/ 378، 379) / غو (1/ 439)].

[السند]:

رواه الواقدي في (المغازي) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الدلائل)، وابن بشكوال في (غوامض الأسماء) - قال: حدثنا عبد الله بن (عمر)

(1)

، عن أخيه، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خَوَّاتٍ، عن أبيه، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ الواقديُّ متروكٌ متهمٌ بالكذبِ والوضعِ، كما تقدَّمَ

(1)

في المغازي (عُثمان)، والتصويب من (دلائل النبوة) للبيهقي، وكذا نقله على الصواب عن الواقدي: ابن كثير في (البداية والنهاية 5/ 568).

ص: 454

مرارًا.

وشيخُه عبد الله بن عمر هو العمريُّ، ضعيفٌ.

وقد روى هذا الحديثَ غيرُ واحدٍ عن العمريِّ، وكذا عن أخيه بإسنادِهِ، ووقفوا بمتنه عند صلاة الخوف، ولم يذكروا هذه القصة التي زادها الواقدي.

كما أن إسنادَ العمريِّ هذا معلولٌ. وقد بَيَّنَّا ذلك في (أبواب صلاة الخوف) من (موسوعة الصلاة).

ص: 455

2364 -

حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا:

◼ عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيِّ: ((أَنَّهُ رَأَى ابنَ عُمَرَ عَصَرَ بَثرَةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَخَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَفَتَّهُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)).

[الحكم]:

صحيح. وَصَحَّحَهُ: ابنُ حَجرٍ، والعينيُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[خ (تعليقًا تحت باب: "مَن لم يَرَ الوضوء إلا مِن المَخْرَجَين") / عب 559/ ش 1478/ هق 675/ هقع 1154/ هقخ 608/ منذ 65/ أثرم 114/ تمهيد (22/ 231)].

[السند]:

أخرجه عبد الرزاق في (المصنف): عن ابن التيمي عن أبيه وحميد الطويل، قالا: حدثنا بكر بن عبد الله المزني أنه رأى ابن عمر

به.

ابن التيمي هو معتمر بن سليمان بن طَرْخان التيمي.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات رجال الشيخين.

والأثرُ صَحَّحَهُ ابنُ حَجرٍ في (فتح الباري 1/ 282)، والعينيُّ في (عمدة القاري 3/ 52)، والألبانيُّ في (الضعيفة 1/ 683).

ص: 456

2365 -

حَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى مَوْقُوفًا:

◼ عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ قَالَ: ((رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي أَوْفَى بَصَقَ دَمًا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)).

[الحكم]:

صحيحٌ. وَصَحَّحَهُ: ابنُ حَجرٍ، والعينيُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[خ (تعليقًا تحت باب: "من لم يَرَ الوضوء الا من المخرجين") / عب 577/ ش 1343/ منذ 63/ غحر (3/ 1216) / أثرم 111/ تمهيد (22/ 231)].

[السند]:

أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) عن الثوري وابن عيينة، عن عطاء بن السائب، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات.

وعطاء بن السائب وإن كان اختلطَ وساءَ حفظه في آخرِ عُمره، إلا أن سفيانَ الثوريَّ ممن روى عنه قبلَ الاختلاطِ، كما نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ (تهذيب الكمال 20/ 90).

ولذلك قال الحافظُ: "وسفيانُ سَمِعَ من عطاءٍ قبلَ اختلاطه، فالإسنادُ صحيحٌ"(الفتح 1/ 282).

وقال العينيُّ: "ورواه ابنُ أبي شيبةَ في (مصنفه) بسندٍ جيدٍ"(عمدة القاري 3/ 52).

وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (الضعيفة 1/ 683).

ص: 457