الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
391 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ دَمِ البَاسُورِ -أَوِ: النَّاسُورِ- وَالدَّمَامِيلِ
2358 -
حَدِيثُ ابنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بِي النَّاسُورَ
(1)
فَيَسِيلُ مِنِّي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا تَوَضَّأْتَ [فَسَالَ]
(2)
مِنْ قَرْنِكَ إِلَى قَدَمِكَ، فَلَا وُضُوءَ عَلَيْكَ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ وَبِهِ بَاسُورٌ سَالَ مِنْهُ، قَالَ:((وَإِنْ سَالَ مِنْ قَرْنِكَ إِلَى قَدَمِكَ، فَلَا يَضُرُّكَ)).
[الحكم]:
منكرٌ، قاله ابنُ عَدِيٍّ -وَأَقرَّهُ البيهقيُّ وابنُ دقيقِ العيدِ-.
وقال العُقيليُّ: "ليس له أصل" -وَأَقرَّهُ ابنُ حَجرٍ-.
وقال الدارقطنيُّ: "لا يصحُّ" -وَأَقرَّهُ الغسانيُّ، وابنُ دقيقِ العيدِ، ومغلطايُ، والعينيُّ-. وَضَعَّفَهُ الهيثميُّ. وقال الألبانيُّ:"منكر".
(1)
بالنون والسين المهملة، وكذا عند ابن عساكر. وعند العُقيلي وابن عَدي والبيهقي:"الناصور" بالصاد المهملة. وفي المَجْمَع ورواية عند البيهقي: "الباسور" بالباء الموحدة. وكلها وجوه واردة لكلمة واحدة. فانظر خانة اللغة.
(2)
سقطت من المطبوع من (معجم الطبراني)، وهي مثبتة في بقية المصادر، والسياق بدونها لا معنى له.
[اللغة]:
(النَّاسُورُ): "بالسين والصاد جميعاً: عِلَّةٌ تحدثُ في مآقي العين، يَسْقي فلا ينقطع. وقد يحدثُ أيضًا في حوالي المَقعَدة وفي اللِثَة. وهو مُعَرَّبٌ"(مختار الصحاح 2/ 827).
وقال ابنُ منظور: "الباسور كالناسور، أعجمي: داءٌ معروفٌ، ويُجمع: البواسير.
قال الجوهريُّ: "هي علةٌ تحدثُ في المقعدةِ، وفي داخلِ الأنفِ أيضًا".
وفي حديث عمران بن حصين في صلاة القاعد: "وكان مبسورًا"، أي: به بواسير" (لسان العرب 4/ 59).
ورواه بعضُهم: "منسورًا" بالنون، أي: به ناسور.
قال القاضي عياضٌ: "وهو بمعنى قريب من الأول، إلا أنه لا يسمَّى باسورًا -بالباء- إلا إذا جَرى وانفتحتْ أفواه عروقه من خارج المخرج"(مشارق الأنوار 1/ 101).
وقال صاحب (المصباح المنير 1/ 48): "الباسور: قيل ورم تدفعه الطبيعة إلى كل موضع من البدن يقبل الرطوبة؛ من المقعدة والأنثيين والأشفار وغير ذلك
…
وقد تبدل السين صادًا، فيقال: باصور".
وقال أيضًا: "الناصور: علةٌ تحدثُ في البدنِ منَ المقعدةِ وغيرها بمادة خبيثة ضيقة الفم يعسر برؤها. وتقول الأطباء: كل قرحة تزمن في البدن فهي ناصور. وقد يقال: "ناسور"، بالسين"(المصباح المنير 2/ 608)، ونقل عن الأزهري في موضعٍ آخرَ أنه ذكره بالسين والصاد أيضًا (المصباح المنير 2/ 603)، وانظر (عمدة القاري ج 7/ ص 159).
وقال صاحب (المغرب في ترتيب المعرب 1/ 74): "الباسور -بالسين والصاد-: واحد البواسير، وهي كالدماميل في المقعدة".
وفي كلِّ هذا رَدٌّ على صاحب (غلط الفقهاء 1/ 25/ 77) إذ يقول: "ويقولون لمرضِ بالمَقعدةِ وفي داخل الأنف أيضًا: الناسور-بالنون-. وصوابه: الباسور-بالباء-، والجمع بواسير. وأما الناسور -بالنون- فهو علةٌ تحدثُ في مآقي العين تَسْقِي فلا تنقطع. ويقال: ناصور، بالصاد أيضًا".
[التخريج]:
تخريج السياقة الأُولى: [طب (11/ 109/ 11202) (واللفظُ لَهُ) / قط 594 (والزيادةُ لَهُ ولغيرِهِ) / هق 1691، 1692/ عق (2/ 520) / عد (8/ 373) / علخ 221/ سكري 38/كر (37/ 173، 174)].
تخريج السياقة الثانية: [نعيم (طب 465)].
[التحقيق]:
له طريقان:
الطريق الأول:
رواه الطبرانيُّ في (الكبير) قال: حدثنا بكر بن سهل الدمياطي، ثنا نعيم بن حماد، ثنا بقية بن الوليد، عن عبد الملك بن مِهران، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، به.
ورواه العُقيليُّ في (الضعفاء الكبير) قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا نُعيم بن حماد، به.
وتوبع عليه نُعيم:
فرواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الكبرى 1692) -،
وابنُ عساكرَ في (تاريخ دمشق) من طريق سويد بن سعيد.
ورواه الدارقطنيُّ في (السنن) من طريق عبد الرحمن بن الحارث جَحْدَرٍ.
ورواه البيهقيُّ في (الكبرى 1691)، وابنُ عساكرَ في (تاريخ دمشق) من طريقِ هشام بن عمار.
ورواه ابنُ قدامةَ في (المنتخب)، وابنُ عساكرَ في (تاريخ دمشق) من طريقِ داود بن رُشَيْد.
أربعتهم عن بقية عن عبد الملك بن مِهران، به.
وذَكَر هشام بن عمار في روايتِهِ سماعَ بقيةَ من شيخِه فقط.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، فيه: عبد الملك بن مِهران؛ قال أبو حاتمٍ الرازيُّ وابنُ عَدِيٍّ والخطيبُ البغداديُّ: "مجهولٌ"، (الجرح والتعديل 5/ 370)، وانظر (لسان الميزان 5/ 272 - 275)، وقال العُقيليُّ:"صاحبُ مناكير، غلبَ عليه الوهم، لا يقيمُ شيئًا منَ الحديثِ"(الضعفاء الكبير 2/ 520).
وبه أعلَّهُ غيرُ واحدٍ منَ الأئمةِ:
قال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا منكرٌ، لا أعلمُ رواه عن عمرو بن دينار غير عبد الملك بن مِهران
…
وهو مجهولٌ، ليس بالمعروفِ" (الكامل 8/ 374).
وَأَقرَّهُ ابنُ دقيقِ العيدِ في (الإمام 2/ 289).
وقال العُقيليُّ -بعد أن ذكر له هذا الحديث وغيره-: "كلها ليس لها أصل، ولا يُعْرَفُ منها شيءٌ من وجهٍ يصحُّ"(الضعفاء 2/ 521).
وَأَقرَّهُ ابنُ حَجرٍ في (اللسان 5/ 275).
وقال الدارقطنيُّ -عقب الحديث-: "عبد الملك هذا ضعيفٌ، ولا يصحُّ"
(السنن 594).
وَأَقرَّهُ الغسانيُّ في (تخريج الأحاديث الضعاف 1/ 50)، وابنُ دقيقِ العيدِ في (الإمام 2/ 288)، ومغلطايُ في (شرح ابن ماجه 2/ 108)، والعيني في (العمدة 3/ 57).
وقال البيهقيُّ: "إسنادٌ فيه ضَعْفٌ"، ثم ذكرَ كلامَ ابنِ عَدِيٍّ السابق وأقرَّه. انظر (السنن الكبرى 2/ 514).
وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير) وفيه عبد الملك بن مِهران، قال العُقيليُّ: صاحب مناكير"(المجمع 1284).
وقال الألبانيُّ: "منكرٌ"، وأعلَّهُ به، وبعنعنة بقية أيضًا (الضعيفة 2500)، وفاته تصريحه بالسماعِ عند البيهقيِّ وابنِ عساكرَ من روايةِ هشامِ بنِ عمارٍ. ومع ذلك فإعلاله بعنعنته متجه؛ لأن هشامَ بنَ عمارٍ تَفَرَّدَ من بين الجماعة بذكرِ صيغةِ التحديثِ بين بقيةَ وشيخِه، فيحتمل أن يكون ذلك من أوهامه، والله أعلم، وانظر ما يلي:
الطريق الثاني:
رواه أبو نعيم في (الطب النبوي 465) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان، حدثنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا صالح بن عبد الصمد، حدثنا عبد الملك أبو هشام، عن أبي شعيب، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمرو، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، به. بلفظ السياقة الثانية.
هكذا وَرَدَ الإسنادُ في المطبوع، وفيه إشكالٌ، فعبد الله بن دينار من طبقة عمرو بن دينار، يَروي عن أنسٍ وابنِ عمرَ منَ الصحابةِ، وعن غيرِهما منَ التابعينَ، فلا ينزل كل هذا النزول!
وفي السند وجهان آخران:
الوجه الأول: ذَكَرَ المحققُ أنه في بعضِ النسخِ سقط منه: "ابن دينار، عن ابن عباس"، فيكون من رواية (عبد الله بن دينار، عن ابن عمرو، عن عمرو).
فالأقربُ حينئذٍ أن يُقَدَّر ابن عمرو بأنه عبد الله بن عمرو بن العاص، ويكون الحديثُ حديثَ عمرٍو، ولكن لم نجدْ لابنِ دينارٍ روايةً عنِ ابنِ عمرٍو.
الوجه الثاني: أن هناك تحريفًا بسيطًا في السندِ أحدثَ خَللًا كبيرًا، وهو أن تكون الواو في "عمرو" إنما هي حرف عطف، وهذا هو الأقرب، وبه يستقيمُ السندُ، ويكون صوابه:(عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وعن عمرو بن دينار، عن ابن عباس).
وعلى كلٍّ فالإسنادُ ساقطٌ، عبد الملك أبو هشام هو ابن بُديل، وهو متروكٌ كما في (اللسان 4897). وفيه أيضًا: أبو شُعَيبٍ، لم نعرفْه.
ويحتمل أن عبد الملك هنا هو ابنُ مِهرانَ صاحب الطريق الأول؛ إذ إن كنيته أيضًا أبو هشام. وعليه فالسند واهٍ أيضًا، إذ هو مجهولٌ صاحبُ مناكيرَ كما تقدَّمَ. وحينئذٍ يكون بقيةُ قد دَلَّسَ في الطريق الأول، وأسقطَ الواسطةَ بين عبد الملك وعمرو بن دينار، وهو أبو شعيب الذي لم يتبينْ لنا مَن يكون.
ولكن يرجِّح أن صاحبَ الطريقِ هو ابنُ بُديلٍ أن صالح بن عبد الصمد يَروي عن ابنِ بُديلٍ، ولم نجدْهُ روى عن ابنِ مِهرانَ، والله أعلم.
[تنبيه]:
عزا الألبانيُّ هذا الحديثَ لأبي عُبيدٍ في (الطهور ق 2/ 1) ونَقَلَ عنه أنه
قال: "هذا حديثٌ مرفوعٌ، وهو عن شيخٍ مجهولٍ، فلا أدري أمحفوظ هو أم لا؟ ".
ولم نجدْ ذلك في المطبوع من كتاب (الطهور).
2359 -
حَدِيثٌ آخَرُ لِابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي دَمِ الحُبُونِ
(1)
))، يَعْنِي الدَّمَامِيلَ.
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((رُخِّصَ لَنَا فِي دَمِ الحُبُونِ)).
[الحكم]:
منكرٌ، قاله أبو زرعةَ الدمشقيُّ. وهو ظاهر صنيع ابنِ عَدِيٍّ -وَأَقرَّهُ البيهقيُّ، وابنُ الصَّلَاحِ، وابنُ عبدِ الهادِي-. وحَكَمَ الدارقطنيُّ عليه بالبُطلانِ -وَأَقرَّهُ عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ والضياءُ المقدسيُّ-.
[اللغة]:
الحُبُونُ: هي الدَّمَامِيلُ كما فسَّرَها الراوي، وكذلك فسَّرَها الحربيُّ في (غريب الحديث 2/ 402)، وابنُ الأثيرِ في (النهاية 1/ 335)، وقالا:"واحده حِبْن"، زاد ابنُ الأثيرِ:"وحِبْنة، بالكسر، أي أن دمها معفو عنه إذا كان في الثوبِ حالةَ الصلاةِ"اهـ.
وقال ابنُ منظور: "
…
والحِبْنُ: ما يعتري في الجسد فيَقِيح ويَرِم، وجمعه حُبُون، والحِبْنُ: الدّمْلُ، وسُمِّي الحِبْنُ دُمَّلًا على جهةِ التفاؤلِ، وكذلك سُمِّي السِّحْرُ طِبًّا" (لسان العرب 13/ 104).
(1)
في المطبوع من (سنن الدارقطني، طبعة دار المعرفة 1/ 158): "الحبوب" بالباء في آخره. وكذلك وقع في (التحقيق لابن الجوزي 1/ 192)، و (الأحكام الوسطى لعبد الحق الإشبيلي 1/ 231).
والصواب المثبت، كما في طبعة الرسالة المعتمدة لسنن الدارقطني، وبقية المصادر. وانظر خانة اللغة.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأُولى: [عد (2/ 537) / قط 588 (واللفظُ لَهُ) / نعيم (طب 490) / هق 4151/ كر (10/ 331) / تحقيق 205].
تخريج السياقة الثانية: [غحر (2/ 401)].
[السند]:
رواه الدارقطنيُّ في (السنن) -ومن طريقه ابنُ الجوزيِّ في (التحقيق) - قال: حدثنا محمد بن خَلَف الخَلَّال، حدثنا محمد بن هارون بن حُميد، حدثنا أبو الوليد القُرَشي، حدثنا الوليد قال: وأخبرني بقيةُ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عباسٍ، مرفوعًا، به.
ورواه ابنُ عَدِيٍّ من طريق أحمد بن يونس الحِمْصي.
ورواه البيهقيُّ من طريق موسى بن عامر.
ورواه ابنُ عساكر من طريقِ الوليد بن عتبة.
ثلاثتهم عن الوليد بن مسلم، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، ورجاله ثقات، ولكن فيه عنعنة بقية بن الوليد، وهو كثيرُ التدليسِ عن الضعفاءِ.
وأعلَّهُ بذلك جمعٌ منَ العلماءِ:
* فقال ابنُ عَدِيٍّ: "هذا الحديثُ لا يُعْرَفُ إلا ببقيةَ عنِ ابنِ جُرَيجٍ".
وذَكَر حديثين آخرين عن بقيةَ بإسنادِهِ، ثم قال: "حدثنا بهذا الإسنادِ ثلاثة أحاديث أُخَر مناكير، وهذه الأحاديثُ يشبه أن يكون بين بقيةَ وابنِ جُريجٍ بعض المجهولين أو بعض الضعفاء؛ لأن بقيةَ كثيرًا ما يُدخلُ بينَ نفسِهِ وبينَ
ابنِ جُريجٍ بعضَ الضعفاءِ أو بعضَ المجهولينَ" (الكامل 2/ 538).
ونَقَل كلامَه وأقرَّه: البيهقيُّ في (السنن عقب الحديث)، وابنُ الصَّلَاحِ في (شرح مشكل الوسيط 2/ 164).
* وقال الدارقطنيُّ: "هذا باطلٌ عنِ ابنِ جُرَيجٍ، ولعلَّ بقيةَ دلَّسَه عن رجلٍ ضعيفٍ. والله أعلم"(السنن 588).
وَأَقرَّهُ عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 1/ 231)، والضياءُ المقدسيُّ في (السنن والأحكام 1/ 142).
وأما ابنُ الجوزيِّ فَرَدَّ عليه بقوله: "قلنا: بقية قد أخرجَ عنه مسلم"! ! (التحقيق 1/ 192).
وهذا الرَّدُّ ليسَ بشيءٍ! فقد ناقضَ نفسَه، حيثُ قال هو في حديثٍ آخرَ لبقيةَ:"وهذا حديثٌ لا يصحُّ، وبقيةُ يدلسُ، فلعلَّه سمعه من بعضِ الضعفاءِ وأسقطه؛ إذ هذه كانتْ عادتُه"! (التحقيق 1/ 201).
وقد تعقبه ابنُ عبدِ الهادِي، فقال: "قد ذَكَر ابنُ عَدِيٍّ هذا الحديثَ في كتاب (الكامل) في مناكيرِ بقيةَ
…
" ثم ذكرَ كلامَه السابق مُقِرًّا به أيضًا. انظر (التنقيح 1/ 294، 295).
قلنا: وهذا الحديثُ لم يسمعْه بقية من ابنِ جُرَيجٍ يقينًا، وقد صَرَّحَ هو بذلك، فقد أسندَ ابنُ عساكرَ عن أبي زرعةَ الدمشقيِّ أنه قال: "أما حديثُ الوليدِ بنِ مسلمٍ هذا عن بقيةَ عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن عطاءٍ عنِ ابنِ عباسٍ في دَمِ الحُبُونِ؛ فمنكرٌ، وقد حدثني الوليد بن عتبة قال: قلتُ لبقيةَ: حَدَّثنا بهذا الحديثِ (عنك)
(1)
الوليد بن مسلم. قال: لم أسمعْه أنا من ابنِ جُرَيجٍ"
(1)
في المطبوع: "عن"، ولعل الصواب المثبت.
(تاريخ مدينة دمشق 10/ 331).
فالإسنادُ إذن منقطعٌ، وتأكَّدَ ذلك بما رواه الحربيُّ في (غريب الحديث 2/ 401) قال: حدثنا داود بن رُشَيْد، حدثنا بقية، حدثني إسماعيل البصري، حدثني ابن جريج، عن عطاءٍ، عنِ ابنِ عباسٍ، قال:((رُخِّصَ لَنَا فِي دَمِ الحُبُونِ)).
هكذا رواه داود -وهو ثقة- عن بقيةَ. وإسماعيلُ البصريُّ هذا لم يتبينْ لنا مَن هو؟ فالظاهرُ أنه أحدُ شيوخِ بقيةَ المجهولين أو الضعفاء كما ذكره ابنُ عَدِيٍّ والدارقطنيُّ.
والحديثُ ذكره الذهبيُّ في (الميزان 1/ 333) ضمن مناكير بقية.
[تنبيه]:
وَقَعَ في المطبوع من (سنن الدارقطنيِّ، طبعة دار المعرفة) زيادة حرف الحاء (ح) الموضوعة لتحويل الإسناد، بين الواليد وبقية، هكذا:(حدثنا الوليد (ح) قال: وأخبرني بقيةُ، عنِ ابنِ جُرَيجٍ). وكذلك وردتْ في (تحقيقِ ابنِ الجوزيِّ).
وخلتْ طبعة الرسالة من هذه الزيادة، وكذلك لم تَرِد في تنقيح ابنِ عبدِ الهادِي والذهبيِّ.
وهو الصوابُ، فإنه لا معنى لذكرها هنا؛ إذ الكلام ما زال متصلًا، فالحديث من رواية الوليد عن بقيةَ.
وجاء في (الطب النبوي) لأبي نعيم أيضًا ما يوهم أن الوليد مُتَابِعٌ لبقيةَ، حيث جاء فيه:(حدثنا الوليد بن مسلم، وأخبرني بقيةُ بنُ الوليدِ قالا).
وهذا خطأ، فقد جاء الحديثُ في بقية المصادر من طُرُقٍ عن الوليدِ دون
ذكر هذا الحرف. وأيضًا لم يذكر هذا الحرف الحافظُ ابنُ حَجرٍ في (إتحاف المهرة 7/ 405)، وقد نَصَّ غيرُ واحدٍ من الحفاظِ أن الحديثَ تفرَّدَ به بقيةُ عنِ ابنِ جُرَيجٍ.