الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
397 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ الكَلَامِ الفَاحِشِ
2391 -
حَدِيثُ ابنِ عَبَّاسٍ:
◼ عنِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الحَدَثُ حَدَثَانِ: حَدَثُ اللِّسَانِ، وَحَدَثُ الفَرْجِ، ولَيْسَا سَوَاءً، حَدَثُ اللِّسَانِ أَشَدُّ مِنْ حَدَثِ الفَرْجِ، وَفِيهِمَا الوُضُوءُ)).
[الحكم]:
منكرٌ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
وقال الجورقانيُّ: "باطلٌ"، وقال ابنُ الجوزيِّ:"لا يصحُّ"، وأقرَّه: الضياءُ المقدسيُّ، وعبدُ الرحمنِ ابنُ قدامةَ، وابنُ دَقيقٍ، وابنُ مُفْلحٍ، والذهبيُّ وقال:"واهٍ".
وَضَعَّفَهُ أيضًا: النوويُّ، وابنُ عبدِ الهادِي.
[فائدة]:
قال ابنُ المنذرِ: "إذا تطهر الرجلُ فهو على طهارته، إلا أن تدلَّ حجةٌ على نقضِ طهارته.
وأجمعَ كلُّ مَن نحفظُ قوله من علماء الأمصار على أن القذفَ وقولَ الزورِ والكذب والغِيبة- لا تنقضُ طهارةً ولا توجبُ وضوءًا.
كذلك مذهب أهل المدينة، وأهل الكوفة من أصحاب الرأي، وغيرهم،
وهو قولُ الشافعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ" (الأوسط 1/ 334).
[التخريج]:
[طيل 339 (واللفظُ لَهُ) / فر (ملتقطة 2/ق 108)].
[السند]:
أخرجه أبو منصورٍ الديلميُّ في (مسند الفردوس) -كما في (الغرائب الملتقطة) -، والجورقانيُّ في (الأباطيل).
كلاهما:
عن شِيرَوَيْهِ بن شهردار -والد أبي منصور-، قال: أخبرنا [أبو بكر] أحمد بن عمر
(1)
البزار، حدثنا [أبو محمد] جعفر بن محمد [بن الحسين] الصوفي الأبهري [إجازة]، حدثنا أبو الحسن الصِّقِلِّي، حدثنا أبو معاذ عبد الله بن الحسين الخطيب
(2)
، حدثنا أحمد بن محمد بن مهدي، حدثنا علي بن أحمد، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا بقية
(3)
، عن عمرو بن أبي عمرو، عن طاوس، عنِ ابنِ عباسٍ، به.
(1)
في الأباطيل: "علي"! وذَكَر محققه أنه ورد في نسخة أخرى: "عمر".
قلنا: وهو الصواب، كما في (مسند الفردوس)، وكذا جاء في ترجمته من (تاريخ الإسلام 10/ 501)، وفيه:"البزاز" بالمعجمة.
(2)
في الأباطيل: "أبو معاذ الخطيب بن عبد الله بن الحسين"، والله أعلم بالصواب.
(3)
في مخطوطة الغرائب: "شعبة"، وهو خطأ ظاهر؛ فابن المصفى لم يدرك شعبة، وهو يَروي عن بقية. وجاء في (الأباطيل) على الصواب، وكذا ابن الجوزي في (التحقيق 1/ 201) و (العلل المتناهية 1/ 364) عن ابن المصفى عن بقية.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:
العلةُ الأُولى: عمرو بن أبي عمرو؛ لم نقفْ له على ترجمةٍ، فلعلَّه من مجاهيل شيوخ بقية، ويحتمل أن يكون صوابه:"عمر بن أبي عمر" وهو الكَلَاعي الدمشقي، ترجمه ابنُ عَدِيٍّ، وقال فيه:"ليس بالمعروفِ، حَدَّث عنه بقية، منكرُ الحديثِ"، وبعد أن رَوى له عدة أحاديث قال:"وهذه الأحاديث بهذه الأسانيد غير محفوظات، وعمر بن أبي عمر مجهول، ولا أعلمُ يَروي عنه غير بقية كما يَروي عن سائر المجهولين"(الكامل 1195).
العلةُ الثانيةُ: محمد بن مصفى، يدلِّسُ ويُسوِّي، وقد عنعن في موطن التسوية. وانظر كلامَ الذهبيِّ الآتي قريبًا.
وفيه سوى ذلك جماعة منهم من لم نجدْ ترجمته، ومنهم من لم نتبينه، وهم:(أبو الحسن الصقلي، وأبو معاذ الخطيب، وأحمد بن محمد بن مهدي، وعلي بن أحمد).
والحديث قال عنه الجورقاني: "هذا حديثٌ باطلٌ، وبقية إذا تفرَّد بالرواية فغير محتج بروايته لكثرة وهمه، مع أن مسلم بن الحجاج وجماعة منَ الأئمةِ قد أخرجوا عنه اعتبارًا واستشهادًا، لا أنهم جعلوا تفرده أصلًا"(الأباطيل 1/ 530).
وقال ابنُ الجوزيِّ: "هذا حديثٌ لا يصحُّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وبقية يدلِّسُ، فلعلَّه سمعه من بعض الضعفاء وأسقطه؛ إذ هذه كانت عادته"(التحقيق 1/ 201)، و (العلل المتناهية 1/ 365).
وأقرَّه: الضياءُ المقدسيُّ في (السنن والأحكام 1/ 158)، وعبد الرحمن
ابنُ قدامة في (الشرح الكبير 2/ 63)، وابن دقيق في (الإمام 2/ 335)، وابنُ مُفْلحٍ في (المبدع 1/ 130)، والذهبيُّ في (التنقيح 1/ 72)، وقال:"حديث واهٍ".
وذَكَره النوويُّ في فصل الأحاديث الضعيفة من باب ما ينقض الوضوء، وقال:"ورُوي موقوفًا على ابن عباس، وهو ضعيفٌ أيضًا"(خلاصة الأحكام 296).
وذَكَره ابنُ عبدِ الهادِي في (رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة، صـ 30).
قلنا: والموقوفُ رواه البخاريُّ في (التاريخ الكبير 3/ 79)، و (الضعفاء الصغير، صـ 53) من طريقِ الأسود بن شيبان، عن حاجب، عن جابر بن زيد، عنِ ابنِ عباسٍ، قال:((الحَدَثُ حَدَثَانِ، أَشَدُّهُمَا اللِّسَانُ))، ذَكَره في ترجمة حاجب، وقال:"ولم يُتابَعْ عليه".
ولذا قال النوويُّ: "رواه البخاريُّ في كتاب (الضعفاء) وأشارَ إلى تضعيفه"(المجموع 2/ 62).
وتبع البخاريَّ الذهبيُّ فذكره في مناكيرِ حاجب في ترجمتِهِ من (الميزان 1605) ونَقَل عنِ ابنِ حِبَّانَ قال: "كان ممن يُخْطِئُ ويهمُ حتى خرجَ عن حدِّ الاحتجاج به إذا انفردَ".
[تنبيه]:
الحديث ذكره ابنُ تيميةَ في (شرح العمدة - كتاب الطهارة، صـ 322) موقوفًا، ثم قال:"ورواه ابنُ شاهين مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم". وتبعه على ذلك: الزركشيُّ في (شرح مختصر الخرقي 1/ 241)، وابنُ مفلحٍ في (المبدع في
شرح المقنع 1/ 145).
ولم نقفْ عليه في شيءٍ من كتبِ ابنِ شاهينَ المطبوعة! فالله أعلم.
2392 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خَمْسٌ يُفْطِّرْنَ الصَّائِمَ، وَيَنْقُضْنَ الوُضُوءَ: الكَذِبُ، وَالغِيبَةُ، وَالنَّمِيمَةُ، وَالنَّظَرُ بِالشَّهْوَةِ، وَاليَمِينُ الكَاذِبَةُ (الفَاجِرَةُ)))، [فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَعُدُّهُنَّ كَمَا يَعُدُّ النِّسَاءُ]
(1)
.
[الحكم]:
باطلٌ، قاله الجورقانيُّ. وقال أبو حاتمٍ الرازيُّ:"هذا حديثٌ كذبٌ"، وَأَقرَّهُ: الزيلعيُّ، والعراقيُّ، والمناويُّ
…
وغيرُهم.
وقال ابنُ الجوزيِّ: "موضوع"، وتبعه: السيوطيُّ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[أزد (ذيل الميزان 240) (والزيادةُ لَهُ ولغيرِهِ) / حرفي (أمالي 63) (والروايةُ لَهُ ولغيرِهِ) / طيل 338 (واللفظُ لَهُ) / فر (ملتقطة 2/ ق 131) / ضو 1131/ بغية (2/ 768)].
[السند]:
رواه أبو القاسم الحرفي في (الأمالي 63) -ومن طريقه ابن النديم في (البغية 2/ 768) - قال: حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا أبو الليث يزيد بن جَهْوَر بِطَرَسُوسَ، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا بقية بن الوليد، عن محمد بن الحجاج، عن جابان، عن أنس، به.
(1)
كذا نقله العراقي في (الذيل)، وعنه ابن حجر في (اللسان 1726)، وبنحوه في (علل ابن أبي حاتم 766) معلقًا.
وجاء عند الحرفي وابن النديم: "ورأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يعقدها كما يعقد النساء"، وجاءت لفظة "النساء" في مطبوعة ابن النديم:"اليسار"! !
وتوبع عليه عثمان بن سعيد:
فرواه أبو الفتح الأزديُّ في (الضعفاء) كما في (ذيل الميزان 240) و (الفيض 3/ 460) من طريق داود بن رُشَيْد -وهو ثقة-.
ورواه أبو منصورٍ الديلميُّ في (مسند الفردوس) كما في (الغرائب الملتقطة 2/ ق 131)، والجورقانيُّ في (الأباطيل 338)، وابنُ الجوزيِّ في (الموضوعات 2/ 195) من طريق سعيد بن عنبسة -أحد الكذَّابين-.
كلاهما عن بقيةَ قال: حدثنا محمد بن الحجاج، عن جابان، عن أنس، به.
وفي طريق ابن رُشَيد: "حدثنا جابان"، كذا نقله العراقيُّ، بينما نقله المناويُّ بالعنعنة! وكذا في بقية الطرق، وهو الصواب كما ستراه في
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ تالفٌ؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
العلةُ الأُولى: تسوية بقية للإسناد، وإسقاطه منه أحد الكذَّابين، فإنما يرويه بقية، عن محمد بن الحجاج، عن ميسرة بن عبد ربه، عن جابان، عن أنس. كذا عَلَّقَهُ ابنُ أبي حاتم في (العلل 766)، وسأل عنه أباه فقال:"هذا حديثٌ كذبٌ، وميسرة بن عبد ربه كان يفتعل الحديث"(العلل 3/ 144).
وأقرَّه: الزيلعيُّ في (نصب الراية 2/ 483)، والعراقيُّ في (المغني 1/ 277)، والمناويُّ في (الفيض 3/ 460)، والألبانيُّ في (الضعيفة 1708)، وانظر ترجمةَ ميسرة في (الميزان 4/ 230).
وبهذا يتبينُ أن صيغةَ التحديثِ التي نقلها العراقيُّ عن ضعفاء الأزدي -بين محمد وجابان- وهمٌ، وصوابه بالعنعنة كما في بقية الطرق والمراجع،
وكذا نقله المناويُّ عن الأزديِّ.
العلةُ الثانيةُ: محمد بن الحَجاج الحِمْصي، قال الأزديُّ:"لا يُكتبُ حديثُه"، وَأَقرَّهُ ابنُ الجوزيِّ في (الضعفاء 2927)، والذهبيُّ في (الميزان 3/ 510) وتبعه ابنُ حَجرٍ في (اللسان 6628)، وَضَعَّفَهُ الجورقانيُّ كما سيأتي.
وفي ترجمتِهِ روى الأزديُّ هذا الحديث، وأعلَّهُ به. قاله ابنُ عراق في (تنزيه الشريعة 2/ 147).
العلةُ الثالثةُ: جابان، ويقال: موسى بن جابان، قال الأزديُّ:"متروكُ الحديثِ" نقله العراقيُّ في (ذيل الميزان 240)، وابنُ حَجرٍ في (اللسان 1726)، وأقرَّاه.
وقال فيه جماعةٌ: "مجهول"، قاله مغلطايُ في (الإكمال 3/ 118/ 906).
وقال الجورقانيُّ: "هذا حديثٌ باطلٌ، وفي إسنادِهِ ظلمات، منها: جابان ومحمد بن الحجاج، فإنهما ضعيفان
…
ومنها: بقية بن الوليد
…
ومنها: سعيد بن عنبسة".
وقال ابنُ الجوزيِّ: "هذا موضوع، ومِن سعيد إلى أنس كلهم مطعون فيه، قال يحيى بن مَعِينٍ: وسعيد كذَّابٌ"(الموضوعات 2/ 561).
وَأَقرَّهُ السيوطيُّ فقال: "موضوع، سعيد كذَّابٌ، والثلاثة فوقه مجروحون"(اللآلئ 2/ 90)
(1)
.
وتبعه الشوكانيُّ في (الفوائد، ص 94)، والألبانيُّ في (الضعيفة 1708).
(1)
ومع هذا ذكره في (الجامع الصغير 3969) ورَمَز لضعفه، وقد اشترط في (مقدمته، ص 5) ألا يَذكر فيه حديثًا تفرد بروايته وضاع أو كذاب.
وكذا أعلَّهُ بسعيد بن عنبسة: الزيلعيُّ في (نصب الراية 2/ 483)، والمناويُّ في (الفيض 3/ 460) و (التيسير 1/ 522)، وفيه نظر، فقد رواه غير سعيد كما سبقَ، وكذا في إعلال بعضهم له ببقية، فإنه في نفسه ثقة، وإنما مشكلته في تدليسه وروايته عن المجهولين، وعلى كلٍّ فهو موضوعٌ كما قالوا.
ومع ذلك اقتصرَ تقي الدين السبكيُّ على تضعيفه. (تنزيه الشريعة 2/ 147).
وقال أبو العباس النباتي في (الحافل): "والإسنادُ كلُّه مقارب"! (فيض القدير للمناوي 3/ 460).
وعَلَّق الألبانيُّ على صنيع السبكي، فقال: "هذا الاقتصار قصور، سيما وهو مخالف لحكم إمام منَ الأئمةِ النقاد، ألا وهو أبو حاتم، وقد تبعه عليه ابنُ الجوزيِّ ثم السيوطيُّ على تساهله الشديد الذي عُرِف به!
على أنه لم يَسْلَم موقفه تجاه الحديث من التناقض، فقد أورد الحديث في (الجامع الصغير) من رواية الأزدي في (الضعفاء)، وقد علمتَ من كلامِ ابنِ عراق أن الطريقَ واحد! " (السلسلة الضعيفة 1708).
قلنا: كلا، فروايةُ ابنِ الجوزيِّ -التي تبعه عليها السيوطيُّ- من طريقِ ابنِ عنبسة الكذَّاب، بينما رواية الأزدي إنما هي من طريق داود بن رُشيد (الثقة) عن بقيةَ، وهذا هو الذي قال النباتي عن سنده:"مقارب"، وقد سقط منه الكذَّاب الذي أَعَلَّ به أبو حاتمٍ الرازيُّ الحديثَ، وهو ميسرة بن عبد ربه.
وبهذا يتبينُ خطأ المناويُّ في قوله: (قال الحافظُ العراقيُّ: قال أبو حاتم: هذا كذبٌ) انتهى؛ وذلك لأن فيه سعيد بن عنبسة"! (الفيض 3/ 460).
2393 -
حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ:
◼ عنِ ابنِ عمرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((الغِيبَةُ تَنْقُضُ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
باطلٌ، وسندُهُ تالفٌ، قال الألبانيُّ:"هذا موضوع".
[التخريج]:
[أصبهان (2/ 249) / فر (ملتقطة 2/ ق 325) معلقًا].
[السند]:
رواه أبو نعيم في (أخبار أصبهان) -وعَلَّقَهُ عنه أبو منصور الديلميُّ في (مسنده) كما في (الغرائب الملتقطة) - قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن رُسْتَةَ الصوفي، ثنا محمد بن يعقوب بن سفيان بن معاوية، ثنا عبد الرحمن بن سعيد البَرْزَنْدِيُّ، ثنا أبو الحسن سهل بن صقير
(1)
الخلاطي، ثنا إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله بن أبي مُليكة
(2)
ثنا مالك بن أنس، عن صفوان بن سُليم، عنِ ابنِ عمرَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ تالفٌ؛ فيه خمسُ عللٍ:
العلة الأُولى: إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله أبو يحيى التيمي، كذَّابٌ وَضَّاعٌ.
(1)
في (الغرائب): "صقر"، والصواب المثبت.
(2)
في (الغرائب): "عبد الله بن أبي عبلة"! ، وفي (الضعيفة 835):"عبد الله [عن] ابن أبي مليكة"! ، والصواب المثبت، فقد زعم إسماعيل هذا أنه من آل ابن أبي مليكة (تاريخ بغداد 3237).
قال صالح بن محمد الحافظ: "كان يضعُ الحديثَ"، وقال الدارقطنيُّ، والحاكمُ، وغيرُهما:"كذَّابٌ"، وقال الحاكمُ أيضًا:"روى عن مالكٍ، ومِسعرٍ، وابنِ أبي ذِئبٍ، أحاديثَ موضوعة"، وقال الدارقطنيُّ أيضًا:"كان يكذبُ على مالكٍ، والثوريِّ، وغيرِهِما"(اللسان 1259).
العلةُ الثانيةُ: سهل بن صقير الخلاطي، قال فيه ابنُ حَجرٍ:"منكرُ الحديثِ، اتَّهمه الخطيبُ بالوضعِ"(التقريب 2662).
العلةُ الثالثةُ: محمد بن يعقوب بن سفيان، ترجمَ له أبو نُعيمٍ بهذا الحديثِ، ولم يذكرْ فيه شيئًا.
العلةُ الرابعةُ: عبد الرحمن بن سعيد البَرْزَنْدِيُّ، لم نجدْ لَهُ ترجمةً.
العلة الخامسة: الانقطاع، صفوان لم يَرَ أحدًا منَ الصحابةِ إلا أبا أمامة، وعبد الله بن بُسْر. قاله أبو داود كما في (تهذيب التهذيب 4/ 426).
والحديثُ رَمَز السيوطيُّ لضعفه في (الجامع الصغير 5823).
وقال الألبانيُّ: "هذا موضوعٌ، آفته إسماعيل هذا، وهو أبو يحيى التيميُّ، كذَّابٌ وَضَّاعٌ
…
والحديثُ مما سَوَّد به السيوطيُّ (الجامع الصغير)، فأورده فيه من رواية الديلميِّ عنِ ابنِ عمرَ.
وعَلَّق عليه المناويُّ بقوله: (ورواه عنه أبو نعيم، وعنه تلقاه الديلميُّ. فإهمال المصنف للأصل، واقتصاره على الفرع غير مرضي).
قلتُ: لقد انشغل المناويُّ بالقشر عن اللب، فسكتَ عن الحديثِ مع ظهور آفته، بل إنه ذَكَر ما يُشعر بثبوته عنده فقال:(تَمَسَّك بظاهره قومٌ من المتنسكين والعُبَّاد، فأوجبوا الوضوء من النطق المحرم، وهو غلو لا يُوافِق عليه الجمهور، والحديثُ عندهم خرج مخرج الزجر عن الغِيبة).
قلتُ: التأويلُ فرعُ التصحيحِ، فكيفَ هذا والحديثُ موضوعٌ؟ ! ولو صَحَّ إسنادُهُ لكان أسعدَ الناسِ به أولئك المتنسكون! ولكن هذا من ثمرة الجهل بالأحاديثِ الضعيفةِ والموضوعةِ، فإن الجهال بها يشرعون في الدين ما ليس منه! " (الضعيفة 835).
قلنا: وكلام المناويّ في (الفيض 4/ 417).
2394 -
حَدِيثٌ آخَرُ لِابنِ عَبَّاسٍ:
◼ عنِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قَالَ: صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((أَعِيدَا وُضُوءَكُمَا -أَوْ قَالَ: صَلَاتَكُمَا- وَامْضِيَا فِي صَوْمِكُمَا، وَأَعِيدَا يَوْمًا مَكَانَهُ)). قَالَا: لِمَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ ! قَالَ: ((قَدِ اغْتَبتُمَا فُلَانًا)).
• وَفِي رِوَايَةٍ، عنِ ابنِ عباسٍ: أَنَّ رَجُلَيْنِ صَلَّيَا صَلَاةَ الظُّهْرِ -أَوِ العَصْرِ- وَكَانَا صَائِمَيْنِ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةُ، قَالَ:((أَعِيدَا وُضُوءَكُمَا وَصَلَاتَكُمَا، وَامْضِيَا فِي صَوْمِكُمَا، وَاقْضِيَاهُ يَوْمًا آخَرَ))، قَالَا: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ! قَالَ: ((اغْتَبتُمْ فُلَانًا)).
[الحكم]:
منكرٌ، وسندُهُ واهٍ جدًّا. وَضَعَّفَهُ ابنُ تيميةَ. وقال الألبانيُّ:"ما أُراه يصح".
[التخريج]:
[مسخ 210 (بلفظ السياقة الأولى) / شعب 6303 (بلفظ السياقة الثانية)].
[السند]:
رواه الخرائطيُّ في (المساوئ 210) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن غالب البصري، ثنا أحمد بن عبيد الله، عن المثنى بن بكر، عن عَبَّاد بن منصور، عن عكرمة، عنِ ابنِ عباسٍ، به.
وأحمد بن محمد بن غالب، المعروف بغلام خليل- مجروحٌ رغم صلاحه. ولكن قد جاء الحديثُ من روايةِ غيرِهِ:
فرواه البيهقيُّ في (الشعب 6303) من طريقِ القاضي يوسف بن يعقوب، حدثنا محمد بن أبي بكر (المُقَدَّمي)، حدثنا المثنى بن بكر، عن عَبَّاد، به.
فمداره على المثنى بن بكر، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ واهٍ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
العلةُ الأُولى: المثنى بن بكر، مختلفٌ فيه، فذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 9/ 193)، وقال أبو زرعة:"بصريٌّ، لا بأسَ به"، بينما قال أبو حاتم:"مجهولٌ"، (الجرح والتعديل 8/ 326)، وقال الدارقطنيُّ:"متروكٌ" وقال العُقيليُّ: "لا يُتابَعُ على حديثِهِ"(اللسان 6301).
العلةُ الثانيةُ: عَبَّاد بن منصور؛ فيه ضَعْفٌ لسوءِ حفظه، والجمهورُ على تليينه كما في ترجمتِهِ من (تهذيب التهذيب 5/ 105)، ومع ذلك قال الحافظُ في (التقريب 3142):"صدوقٌ، رُمِي بالقَدَرِ، وكان يدلِّسُ، وتغيَّرَ بأَخَرَةٍ"، وأَوْلى من هذا قوله في (مقدمة الفتح 1/ 457):"فيه ضَعْفٌ، وكان يدلِّسُ"، وهذه هي:
العلةُ الثالثةُ: عنعنة عباد بن منصور، فإنه مدلِّسٌ لاسيما عن عكرمةَ، بل قد نَفَى البزارُ سماعَه من عكرمةَ (المسند 11/ 177)، ولكن قد ثَبَتَ تصريحُ عَبَّادٍ بالسماعِ من عكرمةَ في مواضعَ، منها عند الترمذيِّ (2178)، والطيالسيِّ (2789)، وقد سُئل أبو داود:"سمعَ عبادٌ عن عكرمةَ؟ قال: "شيئًا، والبقيةُ لم يسمعْها" (سؤلات الآجري 1380).
فهذا يَرُدُّ صنيع البزار، لاسيما وقد قال في موضعٍ آخرَ:"عَبَّاد روى عن عكرمة أحاديث، ولا نعلمه سمع منه"(كشف الأستار 2041)، فنَفْي العلم
بالشيءِ ليس نفيًا لوجوده.
نعم، قال ابنُ حِبَّانَ:"كلُّ ما روى عن عكرمة سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين، فدلَّسها عن عكرمة"(المجروحين 2/ 156).
فلو صَحَّ هذا لكان الإسناد ساقطًا؛ فابنُ أبي يحيى متروكٌ متهمٌ، وروايةُ ابنِ الحصين عن عكرمةَ منكرةٌ.
ولكن تعميم ابن حِبَّانَ فيه نظر، وأَوْلى منه قول أبي حاتم:"يقال: إن عَبَّاد بن منصور أخذ جزءًا من إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عنِ ابنِ عباسٍ. فما كان من المناكير فهو من ذاك"(علل ابن أبي حاتم 2274).
فالصحيحُ أنه دلَّسَ عنه بعضَ حديثِهِ وليس كله، ويدلُّ عليه قولُ البخاريِّ:"ربما دلَّس عَبَّاد عن عكرمة"(الميزان 2/ 377).
وذَكَر ابنُ تيميةَ أن هذا الحديثَ قد رواه حربٌ بنحو رواية البيهقيِّ، ثم قال:"وفي إسنادِهِ نوع جهالة، ومعناه الاستحباب؛ لأن إسباغَ الوضوءِ يمحو الخطايا والذنوب، فَسُنَّ عند أسبابها كما تُسَنُّ الصلاة"(شرح عمدة الفقه 1/ 323).
وروى الحاكمُ نحو هذا التأويل عن بعضِ شيوخِهِ كما في (طبقات الشافعية 3/ 12)، ولا حاجةَ إليه ما لم يصح الحديث.
وقال الألبانيُّ: "لم أقفْ على إسنادِهِ حتى الآن، وما أُراه يصح"(الضعيفة 2/ 234).
2395 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا:
◼ عن عائشةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ، وَلا يَتَوَضَّأُ مِنَ الكَلِمَةِ الخَبِيثَةِ (العَوْرَاءِ) يَقُولُهَا لِأَخِيهِ؟ ! )).
[الحكم]:
موقوفٌ، وإسنادُهُ حسنٌ.
[فائدة]:
قال النوويُّ: "وقول عائشة: ((الكلمة العَوْرَاءِ)) أي: القبيحة"(المجموع 2/ 77).
[التخريج]:
[عب 474 (والروايةُ لَهُ) / ش 1436 (واللفظُ لَهُ) / مسد (مط 121)، (خيرة 591) / زعا 124، 115/ صمت 658/ شعب 4659، 6297/ منذ 136/ غخطا (2/ 578) / دلائل 604].
[السند]:
أخرجه عبدُ الرزاقِ: عن الثوري، عن عاصم، عن ذكوانَ، أن عائشة، به.
وأخرجه ابنُ أبي شيبةَ: عن وكيع، عن سفيان الثوري، به.
ومَدَارُهُ عندَ الجميعِ: على عاصم بن أبي النَّجُود، عن أبي صالح ذَكْوان السمان، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ حسنٌ؛ رجاله ثقات سوى عاصم ابن بهدلة، إمام القراءة، فهو:"صدوق له أوهام، حُجة في القراءة" كما في (التقريب 3054).
ورواه البيهقيُّ في (الشعب 6298) من طريق ليثِ بنِ أبي سُليم، عن مجاهدٍ، عنِ ابنِ عباسٍ وعائشةَ، أَنَّهُمَا قَالَا:((الحَدَثُ حَدَثَانِ: حَدَثٌ مِنْ فِيكَ، وَحَدَثٌ مِنْ نَوْمِكَ، وَحَدَثُ الفَمِ أَشَدُّ: الكَذِبُ وَالغِيبَةُ)).
وليثُ بنُ أبي سُليم، قال فيه الحافظ:"صدوقٌ، اختلطَ جدًّا، ولم يتميزْ حديثُه فتُرك"(التقريب 5685).
2396 -
حَدِيثُ ابنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا:
◼ عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: ((لَأَنْ أَتَوَضَّأَ مِنَ الكَلِمَةِ الخَبِيثَةِ- أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ أَتَوَضَّأَ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ)).
[الحكم]:
موقوفٌ صحيحٌ.
[التخريج]:
[عب 473 (واللفظُ لَهُ) / ش 1425/ زهن (2/ 571) / زعا 114/ طح (1/ 68/ 411) / منذ 135/ طب (9/ 248/ 9222، 9223، 9224)].
[التحقيق]:
أخرجه عبدُ الرزاقِ في (المصنف): عن معمرٍ والثوريِّ، عن إبراهيمَ التيميِّ، عن أبيه، عن ابنِ مسعودٍ، به.
كذا وَقَعَ في (المصنف)، وفيه سقطٌ:
فقد رواه الطبرانيُّ في (الكبير 9222): عن الدَّبَري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن ابن مسعود، به.
وكذا رواه ابنُ المنذرِ (135) من طريق عبد الله بن الوليد العدني، عن الثوري، عن الأعمش، به.
وكذا رواه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار)، والطبرانيُّ (9223) من طريق حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطاة.
ورواه الطبرانيُّ (9224) من طريقِ زائدةَ.
كلاهما عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن ابن مسعود، به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات على شرط الشيخين.
وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ، ورجاله موثقون"(المجمع 1345).
وقد رُوي عن الأعمش على وجهٍ آخرَ:
فأخرجه ابنُ أبي شيبةَ -وعنه ابنُ أبي عاصم في (الزهد) -، وهنادٌ في (الزهد 2/ 571) كلاهما: عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، قال: قال عبد الله، به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ كسابقه.
والذي يبدو -لنا- أن كلا الوجهين محفوظ عن الأعمش، وإلا فرواية الجماعة (الثوري ومَن تابعه) أَوْلى بالصواب. والله أعلم.