الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الغين المعجمة
غوث بن سليمان بن زياد بن ربيعة بن نُعَيْم بن ربيعة بن عَمرو بن عبيدة ابن جَذيمة الحَضْرَميّ ثم الصُّوَراني أبو يحيى. ولد سنة أربع وتسعين حكاه أبو سعيد ابن يونس عن ابن بكير.
وروى عن أبيه سليمان بن زياد عن عبد الله بن الحارث بن جَزْء الزُّبَيْدِي حديث النهى عن استقبال البائل القبلة. أخرجه ابن يونس من طريق حرملة عن ابن وهب قال: حدثني غوث بن سليمان بن زياد الحضرمي، عن أبيه. قال ابن يونس: ولي القضاء بمصر ثلاث مرات من قبل المنصور والمهدي.
روى عنه عبد الله بن وهب، وزياد بن يونس، والواقدي، وعبد الغفار بن داود الحراني، ويحيى بن بكير، وأبو الوليد الطيالسي، وهو آرخ من حدث عن بالعراق. قال يعقوب بن سفيان: أظنه سمع منه بمكة، يعني أن أبا الوليد لم يرحل إلى مصر، ويحتمل أن يكون سمع منه ببغداد في بعض قَدْماتِ غوثٍ أو بالكوفة لما قضى بها.
قال ابن يونس: وكانت أول ولايته من قبل المنصور في النصف من شهر رمضان سنة خمس وثلاثين بعد عزل خير بن نُعيم نفسه، فوليها خمس سنين إلى أن خرج مع أهل مصر منهم غَوْث، وذلك سنة سبع وثلاثين، وقرر في القضاء إبراهيم بن يزيد الرُّعَيْنيّ، فنظر أياماً ثم استعفى، وقرر عوضه يزيد بن عبد لله بن بِلال. وكان قاضي إخُمِيم. ثم مات فجأة في آخر سنة أربعين وكان قبل ذلك يكتب لغوث، وكان رجوع غوث من الصائفة بعد ثلاثة أشهر.
وقال غيره: عاد إلى مصر في جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين، فكان الناس يمرون وبه وهو جالس فلا يتحاكمون إليه إلى أن مات ابن بلال، فركب غوث إلى منزله فضم الديوان والودائع فصاحت بنته: وَاذُلَاّه.
قال الخطيب في المتفق ولي قضاء مصر ثلاث مرات.
وقال سعيد بن عفير: كان غوث أول من سأل عن الشهود بمصر، وكان الناس قبل ذلك يشهدون فمن عُرف بالخير قبل ومن لم يعرف سئل عن جيرانه، فما ذكروه به من خَيرٍ أو شَر عمل به. ومن لم يعرف لم يقبل، حتى فشت شهادة الزور، فسأل غوث عن الشهود في السر. فمضى الأمر على ذلك. وكان من أثنوا عليه قبلت شهادته، ثم كان واحداً من الناس، ولم يكن أحد يومئذ يُوسَم بالشهادة ولا يشار إليه بها.
فلما كان في شهر رمضان سنة أربع وأربعين، ورد كتاب المنصور بحبس غوث، فَحُبِس واختُلف في سبب ذلك، فقيل إن علي بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي مضى فارّاً من المنصور واستتر بمصر، فاتهم غوث بن سليمان أن يكون تغيّب عنده.
وذكر ابن يونس عن فِتْيان بن أبي المسح: أن غوثاً اتِهم براي الإباضية من الخوارج.
وقال غير ابن يونس: وقيل إنه اتهم بمكاتبة أبي الخَطَّاب الإباضي. قال فِتْيان ابن أبي المسح: حدثني ربيعة النّفُوسي قال: أنا حملت كتاب أبي الخَطَّاب الإباضي من إفْرِيقيًّة إلى غوث، وحملت كتاب غَوْث إلى أبي الخَطّاب.
وحُبس مع غوث كاتبه حمزة بن زياد، فشفع صالح بن علي في حمزة، فكتب المنصور برده حيث وجد فوصل وهو بحلب. فأبى أن يرجع، وقدم العراق فاعتذر للمنصور لما قدم من الحج فعذره ورده إلى مصر، ثم أعيد غوث بن سلميان المرة الثالثة في جمادى الأولى سنة سبع وستين من قبل المهدي.
قال المُفصَّل بن فَضالة: لم يكن غوث بن سليمان فقيهاً، ولكن كان أعلم الناس بمعاني القضاء وسياسته، فكان أمره من أحسن شيء وكان هَوْناً.
وخرج إلى الصائفة مع صالح بن علي مرة غير تلك المرة، ولم يستخلف علي مصر أحداً.
وفي الثانية كان صالح جعل على كل جُند قاضياً، فصار الأمر يختلط فقال له عمرو بن الحارث: اجمعهم على غوث بن سليمان ففعل. قال فكنا نَمُرّ به والناس يترادفون عليه فنسلّم عليه فيقول: انزلوا حتى نَتَحَدَّث فَنَنْزِل فما ينشب أن ينفرج الناس عنه فيتحدث معنا.
وأخرج ابن يونس من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا أبو رجاء حَمّاد بن المِسْوَر، قال: قدِمتْ امرأة من الريف وغَوْث ذاهب إلى المسجد عند السرَّاجين فشكت إليه أمرها وأخبرته بحاجتها، فنزل عن دابته في بعض حوانيت السراجين وكتب لها بحاجتها، ثم ركب إلى المسجد، فانصرفت المرأة وهي تقول: أصابت والله أمك حِين سَمَّتْكَ غَوْثاً، وأنت والله غوث عند اسمك.
وقال أبو عمر الكندي: وقع بين أبي جعفر وبين أم المهدي وهي أروى بنت يزيد بن منصور بن عبد الله الحميري خصومة، فقلت: لا أرضى إلا بِحُكم غَوْث بن سليمان قاضي مصر، فحُمل إلى العراق حتى حكم بينهما ورجع إلى مصر.
وأورد ابن يونس قصة من طريق عبد الواحد بن زرارة سمعت غوث بن سليمان يقول: بعث إليّ أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور فَحْملتُ إليه، فقال لي: يا غَوْثُ، إنّ صاحبتكم الْحِمْيَرِيَّة خاصَمتني إليك في شروطها. قلت: أفترضي يا أمير المؤمنين بحكمي عليك، قال: نعم. قلت: فالحكم له شروط أفيحتملها أمير المؤمنين بحكمي عليك، قال: نعم. قلت: فالحكم له شروط أفيحتملها أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قلت فيأمرها أمير المؤمنين أن تُوَكِّل وكيلاً وتُشهد على وكالته خادمَين خُرَّيْن يعدّلهما أمير المؤمنين على نفسه. ففعل فَوَكَّلَتْ خادماً وبعثت معه بكتاب صداقها، وشهد الخادمات بالوكالة، فقلت: قد تَمَّت الوكالة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يُساوى الخصم في مجلسه. قال: فانحط عن فَرْشه
وجلس مع الخصم، ودفع إلى الوكيل كتابَ الصداق فقرأته عليه فقلت: يُقِرّ أمير المؤمنين بما فيه؟ قال: نعم. قلت: رأى في الكتاب شروطاً مُوكَّدةً وبها يتم النكاح بينكما. أرأيت يا أمير المؤمنين لو خطبتَ إليهم ولن تشتطرط لهم هذه الشروط أكانهوا مُزَوَّجِيك؟ قال: لا، قلتك فبهذا الشرط تم النكاح، وأنت أحق من وفى لها بشرطها. قال: قد عِلمتُ إذ أجلستني هذا المجلس أنك ستحكم علي. قال: فقلت له: أَعْظِمْ جائزتي وأَطلقْ سبيل. قال: جائزتك علي من حَكمْتَ له. قال: ثم أمر لي بخلعة وجائزة.
قال: ثم أمر أبو جعفر باحتباس غوث بن سليمان ليحكم بين أهل الكوفة فقال له غَوْث: يا أمير المؤمنين، ليس البلدَ بلَدي، ولا معرفة لي بأهله، فإذا أنا ناديت من له حاجة بخصومة فلم يأتِ أحدٌ أتأذن لي يا أمر المؤمنين في الرجوع بلدي؟ قال: نعم. قال: فجلس غَوْث يحكم ثم نادى بعد فانقطعت عنه الخصوم فرجع إلى مصر.
وقال غير أبي عمر: كان من الشرط أنه لا يتسرى، ولا يتزوج عليها، فأكدت عليه ذلك، وأشهدت شهوداً. فبقي عشر سنين من سلطانه كذلك. فكان يكتب إلي الفقيه بعد الفقيه ليفتيه برخصة، إذا علمت المرأة بذلك أرسل إلى ذلك الفقيه بمال، وتسأله أن لا يفتيه فيه برخصة. قال: فلم يزل على ذلك حتى ماتت، فبلغه وفاتها وهو بحولان فأهديت إليه في تلك الليلة مائة بكر. ولم يزل غوث بن سليمان على ولايته هذه إلى أن مات في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين ومائة، وكانت ولايته الأخيرة سنة واحدة، وصلى عليه موسى بن مُصْعَب الخَثْعَمِي أمير مصر.
وكانت ولاية غَوْث الثانية بعد صرف ولم يزل غوث بن سليمان على ولايته هذه إلى أن مات في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين ومائة، وكانت ولايته الأخيرة سنة واحدة، وصلى عليه موسى بن مُصْعَب الخَثْعَمِي أمير مصر.
وكانت ولاية غَوْث الثانية بعد صرف إسماعيل بن اليسع الكوفي في خلافة المهدي في سنة ست وستين فكانت مدة عزله ثلاثاً عشريناً سنة، صرف سنة أربع وأربعين وأعيد سنة سبع وستين، وعاش بعد العود سنة واحدة.