المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حرف اللام لَهَيعةُ بنُ عيسى بن لَهِيعَةَ بن عقبة الحَضْرَمِيّ: تقدم - رفع الإصر عن قضاة مصر

[ابن حجر العسقلاني]

الفصل: ‌ ‌حرف اللام لَهَيعةُ بنُ عيسى بن لَهِيعَةَ بن عقبة الحَضْرَمِيّ: تقدم

‌حرف اللام

لَهَيعةُ بنُ عيسى بن لَهِيعَةَ بن عقبة الحَضْرَمِيّ: تقدم باقي نسبه في عبد الله بن لَهِيعَة. وهو من المائة الثانية.

قال ابن يونس: أمّة أمة العزيز بنت غياث بن عقبة ويكنى أبا عكرمة أخذ عن عمه وعن..

روى عنه ولده عيسى، وسعيد بن عُفَير، ويحيى بن بكير وغيرهم.

وولاّه عَبَّاد بن محمد قضاء مصر أيام الفتنة الواقعة بين الأمين والمأمون. وكان عَبّاد يدعو للمأمون فأراد أن يولي عبد الله بن وهب القضاء فاستتر. فولى لَهِيعَة بن عيسى وذلك في أول يوم من شعبان سنة ست وتسعين ومائة.

كان لَهِيعَةُ أول من فرض لأهل مصر من المطوعة في الأحباس. وكانت مَوَاحِيز مصر يعمرها أهل الديوان وطائفة من المطّوعة. وكانت الأحباس تجمع في كل سنة. فإذا كان شهر أَبيب بعث القاضي بما اجتمع من أموال السبيل فيفرق في المواحيز من مصر إلى العريش إلى لوبية ومراقية. فتفرق على المطوعة ومن كان فقيراً من أهل الديوان. فلما هاجت الفتنة تشاغل الأمراء عن عطاء أهل الديوان، وتعطلت المواحيز وانقطع عنها المطوعة. فعمد لهيعة لجمع أموال السبيل ففرض للمطوعة وغيرهم. فصار الناس يسمونها فروض لهيعة. إلى أن ولي ابن أبي الليث فسماها فروض القاضي.

وفي ذلك يقول فِراس المُراديّ:

لَعَمْرِي لقَدْ سَارَتْ فُرُوضُ لَهِيعَة

إلى بَلَدٍ قَدْ كاد يَهْلِكُ صَاحِبْهْ

إلى بَلدٍ تُقْري به البُومُ والصَّدَى

تُعَاوِرُه الرُّومُ العِظَامُ تُحَارِبُهْ

رَشِيدُ وَإخُنَا والْبُرُلُّسُ كُلُّهَا

وَدمْيَاطُ والأشْتُوم تَقْوى مُغالِبُهْ

ص: 312

لَهِيعَ لَقَدْ حُزْتَ المَكَارِمَ والثَّنَا

وَمِنْ عِنْدِ رَبيّ فَضْلُهُ ومَوَاهِبُهْ

فَقَدْ عُمِّرَتُ تِلْكَ الثُّغُورُ بِسْنَّةٍ

تُعَدُّ إذا عُدَّتْ هُنَاكَ مَنَاقِبُه

وكان لهيعة ماهراً في صناعة القضاء أخذ ذلك عن عمه. أقام لَهِيَعَةُ زيد بن بشر قيما على أيتام فشكوه إليه فاصطنع عليه فأنشده:

ومصطنع حمداً فَعَادَ مَلَامة

كَوَالي يَتَامى عرضه غير وافرِ

ومطّلب حَمداً على غَير ثَروة

كَمْقْتَحِم في الماءِ ليس بماهِرِ

فلما صرف عَبَّاد عن مصر في سنة ثمان وتسعين ومائة وقدم المُطَّلِبُ بن عب الله الخُزَاعيّ أميراً على مصر في المحرم فعزل لَهِيعة في ربيع الأول سنة ثمان وتسعين ومائة. وقرر على مصر الفَضْل بن غانم نحو سنة ثم عزله. وأعاد لهيعة في المحرم سنة تسع وتسعين ومائة فاستكتب سيعد بن تَليد وجعله على مسائله وأمره أن يجدد السؤال عن الشهود في كل ستة أشهر، فمن ظهرت منه جُرحة أوقف شهادته واتخذ شهوداً في كل ستة أشهر، فمن ظهرت منه جُرحة أوقف شهادته واتخذ شهوداً في كل ستة أشهر، فمن ظهرت منه جُرحة أوقف شهادته واتخذ شهوداً وجعلهم أهل بطانته منهم: أبو الأسود النّضر، ومعاوية الأسواني، وسليمان بن بُرْد. فسئل أبو الأسود عن رجل يقال له أبو التمَّام فأثنى عليه في دينه وأمانته. قال: إلا أنه قَدَري. فأوقف لهيعة شهادته فحمل عليه جماعة فقال: لا ألقى الله وقد أجزت شهادةَ قَدَرِيّ.

وكان بمصر شاعر يقال له أنيس بن دارم مولى تجيب يكنى أبا شبيب، فسأله سعيد ابن تَليد حاجة فقصر فيها، فأطال التردد إليه، فأغلظ عليه هو وطائفة حوله فهاجم بقصيدة أولها.

قَبَّحَ اللهُ زماناً

رَاسَ فيه ابنُ تَلِيدِ

بعد مِقْراضٍ وخَيْطٍ

وأُبَيْرَاتٍ حَديدِ

وأبو الزِّنباع خنّا

قُ غَرَاميلِ العبيدِ

وابن بَكّار كَرَاكِي

رَ وغَطَّاسِ الثَّريدِ

وأبو الرُّوس المَرِيسِ

يُّ ابن دَبَّاغِ الجُلُوُدِ

ص: 313

واللَّقِيطُ ابنُ بُكَيْرِ

نُطْفَةُ الفَدْمِ الطَّرِيدِ

وابن سَهْمِ حَارِسُ الجِي

زةِ حُلْوَانُ البَرِيدِ

عُصْبَةٌ مِنْ طِينَة النِّ

يلِ مَنَاسِيُّ الجْدُودِ

لَبِسُوا بَعْدَ التَّبَابي

ن نَفِيَساتِ البُرُودِ

لا زَمُوا المَسْجِدَ ضُلَاّ

لاً مِنَ الأمَرْ الرَّشِيدِ

وَتَسَمَّوْا وَتَكَنَّوْا

بَعْدَ جَرْجَهُ وَشَنُودِ

لحِوَا نِيتٍ بَنَوْهَا

بِفِناكُلِّ عَمُودِ

تَحْتَ أمْيَالٍ طِوَالٍ

كَبَرَاطيلِ اليَهُودِ

نَصَبُوها كالمقاعي

د على رُؤَّسِ القرودِ

وَتَرَاهُمْ لِلُوَصَايَا

وَعَدَالَاتِ الشُّهُودِ

فِي مِرَاءٍ وَجِدَالٍ

وَقِيَامٍ وَقُعُودِ

وخُشُوعٍ وابْتِهَال

وَرُوكُوع وَسُجُودِ

وَعَلَى القِسْمَةِ أَضْرَى

مِنْ تَماسِيح الصَّعِيدِ

وَأشارُوا لِلُهَدَايَا

بِأَبَي عَبْدِ الْحَمِيدِ

وقال عمرو بن خالد الحراني: كان أحسن ما عمله لهيعة في ولايته الثانية أنه تتبع الأحباس فقضى فيها فَلَمْ يبق حُبس حتى حكم فيه إما بِبَيِّنَةٍ ثبتت عنده وأما بإقرار أهل الحُبس.

ومات لهيعة وهو على القضاء في أول ذي القعدة سنة أربع ومائتين.

وكان لهيعة يقول: أنا تاسع تسعة ولوا قضاء مصر من حَضْرَمَوت.

وقال أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: واجتهد عبّاد في ولاية عبد الله بن وهب القضاء فتغيب في منزل يحيى بن حرملة فأمر عباد بهدف داره، قال:

ص: 314

فهُدمت بعض دارنا. قال: فبلغ ذلك العيلاني فجاء إلى عباد فقال: متى طمع هذا الكندي في القضاء حتى يتغيب. فبلغ قوله ابن وهب فدعا عليه فعمي بعد جمعة.

قال وكان ابن وهب يقول في دعائه: يا رب يقدَ عليك إخِواني علماء حلماء فقهاء واقدَم عليك قاضياً: لا يا رب ولا قرضت بالمقاريض.

وقال إنه لما طلب للقضاء جمع آخَاءَه وأهله فشاورهم فقالوا: لعل الحق أن يحيا على يديك أن نحو هذا. فقال لهم: لأجل أكلة في بطونكم أردتم أن يؤكل ديني.

وقال حجَّاجُ بن رِشْدِين: أشرفت على ابن وهب من غرفتي فرآني فقال لي: يا أبا الحسن بينا أنا أرجو أن أحشر في زُرَة العلما أحشر في زمرة القضاة!

ص: 315