الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوّلاً ليرتاح إليه فيأخذه.
قال الشاعر: وهم يمنعون جارهم أنَّ يقردا وقال الحطيئة:
لعمرك ما قراد بني كليب
…
إذا نزع القراد بمستطاع
ويزعمون إنَّ القراد يسمع وطء أخفاف الإبل، من مسيرة يوم، فيتحرك لها ويزعمون أيضاً انهم ربما رحلوا عن ديارهم بالبادية وتركوها خالية، والقردان منتشرة في أعطان الإبل، ثم لا يخلفهم فيها ولا يعودون إلى تلك الديار إلاّ بعد عشر سنين وعشرين سنة فيجدون القردان حية وقد أحست بروائح الإبل قبل إنَّ توافيها فتتحرك لها. ومن ثم قالوا: اعمر من قراد، أيضاً.
اسمع جعجعة ولا أرى طحنا
.
الجعجعة صوت الرحى، وتطلق أيضاً بمعنى الحبس والتضييق، كما في كتاب أبن زياد: جعجع بالحسين رضي الله عنه! والطحن معروف، وتقول طحنت البر بالفتح إذا صيرته دقيقا والطحن بالكسر الدقيق نفسه، ومنه المثل. والمعنى: اسمع صوت الرحى ولا أرى دقيقا. يضرب في سماع جلبة لا يعقبها نفع، وفي الجبان يوعد ولا يوقع، والبخيل يعد ولا يفي.
تسمع بالمعيدي خير من إنَّ تراه
.
المعيدي تصغير المعدي مشدد بالدال، ثم خففت عند التصغير كراهية اجتماع السكانين. قال النابغة:
ضلت حلومهم عنهم وغرهم
…
سن المعيدي في رعي وتعزيب
وهذا على ما وقع في الصحاح وغيره من المعيدي في هذا المثل إلى معد
بالتشديد وقيل: المعيدي نسبة إلى معدٍ بسكون العين وتخفيف الدال، وهي قبيلة. وتصغيرها معيد. والمعيدي المذكور رجل من هذه القبيلة كان فاتكا يغير على مال النعمان بن المنذر، فيأخذه ولا يقدرون. فأعجب به النعمان لشجاعته وإقدامه فأمنه. فلما حضر بين يديه ورآه، استزرى مرآته، لأنه كان دميم الخلقة، فقال: لأن تسمع بالمعيدي خير من أنَّ تراه! فقال: أبيت اللعن، إنَّ الرجال بجزر، وإنّما يعيش المرء بأصغريه: قلبه ولسانه! فأعجب النعمان كلامه وعفا عنه، وجعل من خواصه إلى أنَّ مات.
وقوله: تسمع، مضارع ينسبك مع أنَّ مقدرة بالمصدر. وربما أظهرت فقيل: أنَّ تسمع بالمعيدي. وهذا المصدر مبتدأ مخبر عنه بما بعده.
والمعنى: إنَّ سماعك بالمعيدي خير من رؤيتك إياه. ويضرب للرجل يكون له صيت وذكر حسن، فإذا رأيته اقتحمته عينك، وكان عند خبره دون خبره. وقيل: معناه أسمع به ولا تره، على الأمر.
وذكر أبو عبيد أنَّ هذا المثل أول ما قيل لجشم بن عمرو بن النهدي المعروف بالصقعب النهدي، قال فيه النعمان بن المنذر. قال: وهذا على من قال إنَّ قضاعة من معد، لأن نهداً من قضاعة. والقصعب المذكور هو الذي ضرب به المثل فقيل: أقتل من صيحة الصقعب. زعموا إنّه صاح في بطن أمه، وإنّه صاح بقوم فهلكوا عن أخرهم.
وقيل: المثل للنعمان بن ماء السماء، قاله لشقة بن جمرة التميمي، وذلك إنّه سمع بذكره، فلما رآه اقتحمته عينه، فقال أن تسمع بالمعيدي خير من أنَّ تراه! فقال شقة، أيّها الملك، إنَّ الرجل لا تكال بالقفزان ولا توزن بالميزان، ولست بمسوك يسقى فيها الماء، وإنّما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، إنَّ قال قال، ببيان وإنَّ صال صال، بجنان! فاعجب المنذر لمّا سمع منه وقال: أنت ضمرة بن ضمرة! وذكر شمس الدين بن خلكان أنَّ أبا محمّد القاسم بن علي الحريري، رحمه الله، جاءه إنسان يزوره ويأخذ عنه شيئاً، وكان الحريري دميم الخلقة جدا. فلما رآه الرجل استزرى خلقته ففهم الحريري ذلك. فلما طلب الرجل إنَّ يملي عليه قال له: اكتب:
ما أنت أوّل سار غرة قمر
…
ورائد أعجبته خضرة الدمن