الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتذكرون الأمور، وتعرفونها على وجهها، والاستفهام هنا للتحريض على التذكر، ولقد كان حالهم مع إبراهيم، كحال قوم هود مع نبيهم فقالوا له:(قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا. . .).
إن حال هؤلاء الذين ساروا وراء الأوهام عجب، يخوفون نبي الله تعالى من أن يصيبه سوء من أحجارهم التي لَا تضر ولا تنفع كما هو مشاهد بالحس ومدرك بالعقل، ومع ذلك لَا يخافون أن ينزل بهم مقت من الله تعالى الذي يملك الوجود كله، اكهتهم، وغيرها.
ولذا قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام:
* * *
(وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا
…
(81)
* * *
الاستفهام هنا للتعجب من المفارقة التي كانت منهم، وهي مفارقة عجيبة يخوفون إبراهيم من أن تصيبه آلهتهم بسوء، ومع ذلك لَا يخافون هم من إشراكهم بالله ما لم ينزل به سلطانا، والعجب من ناحيتين: أولاهما - أن أصنامهم لَا تملك نفعا ولا ضرا، والله تعالى يملك كل شيء يملك النفع والضر، والإنقاذ من أسباب الضرر.
وثانيتهما - أنهم يخوفون إبراهيم عليه السلام ولا سبب للتخويف ولا يخافون، وقد توافر سبب الخوف، وقوله تعالى:(مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا) قالوا: السلطان هو الحجة، وقد ورد السلطان بمعنى الحجة في آيات من القرآن الكريم، قال تعالى:(إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ. . .).