الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجواب عن السؤال الثاني، هو أن تكرار (ما في) في قوله تعالى:(مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) فيه إشارة إلى دقة العلم، وأنه لَا يغادر صغير ولا كبيرة إلا أحصاها، وتقديم السماوات على الأرض؛ لأن السماوات فيها مصدر الرزق، كما قال تعالى:(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ).
والجواب عن السؤال الثالث، في كل جزء من شرع الله تعالى فيما شرعه يدل على أنه صادر عن العليم الخبير، فشريعة الله تعالى في الميراث تدل على أنه من عند الله تعالى العليم، وشريعته في تكريم البيت الحرام وما حرم فيه من صيد البر، وما أبيح من صيد البحر وطعامه وتحريمه القتال في الشهر الحرام، وإيجابه سوق الهدْي وغير ذلك من شعائر الحج، ومباحاته ومحظوراته دليل على علم الله تعالى العزيز الحكيم الذي لَا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
* * *
(اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(98)
* * *
كان النهي عن قتل الصيد وهم حرم سهلا على نفوس الأتقياء شديدا على نفوس الأشقياء الذين يسيرون وراء أهوائهم، وكل أمر ممنوع متبوع، وقد ابتلاهم الله تعالى بالصيد تناله أيديهم ورماحهم، وهم قريبون منه وهو قريب منهم فكان لَا بد من شكائم قوية تحكم النفس وتمنعها من الانطلاق وراء إشباع الرغبات، وهي على مقربة منها، والإرادة الحازمة المسيطرة على هوى النفس صبر قوى وضبط للنفس، وقد نبه سبحانه إلى العقاب الشديد للمخالف، كما نبه إلى رجاء الرحمة والغفران لكي يكون الصبر على رجاء الله سبحانه وتعالى وخوفه، فيخشى عقابه، ويرجو رحمته وثوابه، فالمؤمن في خوف، وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لتعادلا "(1). فهذا النص لتقوية إرادة المؤمن، والآية فيها عبارات تنبئ عن التشديد، فيما اشتملت، فابتدأت بالأمر الحازم (اعْلَمُوا) وفي ذلك تنبيه شديد وإيقاظ للضمير، ليكون ما ينبه إليه من بعد، أوثق في القلب وأشد تثبيتا، ثم أكد الخبرب " أن " في بيان في ذكر الله تعالى وصفه بشدة العقاب، وصفه بالغفران
(1) جاء في الدرر المنتثرة (374) ج 1، ص 680.