المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأولفضل الصحابة رضي الله عنهم - الإصابة في الذب عن الصحابة - رضي الله عنهم -

[عبد الهادي العمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع

- ‌الباب الأولفضائل الصحابة، وخطورة سبهم رضي الله عنهم

- ‌الفصل الأولفضل الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المبحث الأول: فضائل الصحابة في القرآن الكريم:

- ‌المبحث الثانيفضائل الصحابة رضي الله عنهم في السنة النبوية المطهرة

- ‌الفصل الثانيسبّ الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المبحث الأولحكم سب أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين

- ‌المبحث الثانيسبّ بقية الصحابة رضي الله عنهم

- ‌الفصل الثالثمسائل متممة (شبهات وردود)

- ‌المبحث الأول: في حقيقة مسمى الصحبة:

- ‌المبحث الثاني: عدالة الصحابة:

- ‌المبحث الثالث: التفضيل بين الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم:

- ‌المبحث الرابع: حكم الأحاديث الواردة التي في ظاهرها دخل على صحابي، أو قدح في عدالته، أو مضيفة إليه ما لا يليق:

- ‌الباب الثانيالدفاع عن الصحابة رضي الله عنهم

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: دفاع الله سبحانه وتعالى عن أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثانيدفاع النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحابه رضي الله عنهم

- ‌المبحث الثالثدفاع الصحابة عن أعراض بعضهم البعض

- ‌المبحث الرابعبعض المخلوقات المسخرة للدفاع عن الصحابة رضي الله عنهم

- ‌الخاتمة

- ‌التوصيات:

- ‌المراجع

الفصل: ‌الفصل الأولفضل الصحابة رضي الله عنهم

‌الفصل الأول

فضل الصحابة رضي الله عنهم

.

تمهيد:

ليس بدعا ًمن القول، أنه منذ أربعة عشر قرنا، والألسنة تلهج بذكر فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وبيان منزلتهم ومكانتهم، وبيان مكانة أمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.

وليس جيل يخلو، ولا عمر يصفو، دون بيان وتذكير، فهذه الكراريس مليء، والدواوين جمعى والصحاح والسنن والمسانيد تبعى، تصب كلها في معين واحد يشهد لها الإله الواحد:[وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ] الأنفال 74.

إن الحديث في فضائل أولئك القوم حديث ذو شجون، فلا تملك العين دمعها ولا الأذن سمعها ولا النفس شوقها، حين تذكر كمالات تلك الأرواح، وصفاء تلك النفوس، إنها القلوب المؤمنة الموقنة الصادقة المصدقة، بذلت الغالي والنفيس، بذلت كل ما تملك حبا وكرامة ونصرة، ارخصت المهج الغالية لقاء الجنة الغالية، (ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن

ص: 32

سلعة الله الجنة) (1).

هانت عليها دنياها ففازت بأخراها " والله إني لأجد ريح الجنة دون أحد (2) " نعم:

وإذا كانت النفوس كباراً

تعبت في مرادها الأجسام.

يتسابقون لمرضاة الله، ويتسارعون إلى جنة الله تعالى، تهفوا نفوسهم للمعالي، ويقفون صموداً لنصرة دين الله ورسوله كالجبال، " والله لئن خصت بنا برك الغماد لخضناه معك، والله لئن استعرضت بنا هذا البحر خضناه معك، ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى، اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك (3).

أي نفوس هذه، تجردت من حظوظها، وانقادت لشرع ربها، ففازت بموعود خالقها [قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى] الأعلى 15، 16 [قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا] الليل 9.

حينما تضع قلمك، وتجول بفكرك، تريد صنع تاريخ من تاريخ، ومجد

(1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، (2450)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر.

(2)

ابن القيم: زاد المعاد: 3/ 198، ابن كثير: إسماعيل، الإمام: البداية والنهاية: دار الحديث، القاهرة، ط 5/ 1418هـ (4/ 33). ابن حجر: فتح الباري: 7/ 411

(3)

ابن القيم: زاد المعاد: 3/ 173، ابن كثير، البداية والنهاية: 3/ 298

ص: 33

من أمجاد، وعز من أجداد فإنك تقف مشدوهاً أمام تلك الحقبة، وذاك القرن، إذ فيه صنع التاريخ وبدا، وشيد المجد وارتقى.

يا قلم عن أي تاريخ تكتب، وعن أي أمة عظيمة تسطر، يقيني لينتهين مدادك ولن تبلغ ودادك.

أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع.

هي أمة عاشت الماضي بالحاضر، ومزجت الحاضر بالمستقبل، امتدت رقاعها، وزادت شموسها، ونهل الناس من خيرها وبركتها وبرها.

ألا شاهدت الوجوه، وخرست الألسن، وشلت الأركان، التي تطال تلك النفوس الزكية بالبهتان وتقع في أعراضها بغير حق ولا برهان، كيف سيقف اللسان، أو ينطق البنان حين يسأله الرحيم الرحمن الملك العلام [يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ] النور24 - 25

فرحمة الله على أمة قالت وفعلت ووعدت وأوفت وتحدثت فصدقت: [مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً] الأحزاب23

فهم رضي الله عنهم أهل السابقة والفضل، أثنى الله تعالى عليهم فقال:{هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين * وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم} الجمعة 2 - 3. قال الإمام

ص: 34

السيوطي: قوله (وآخرين) عطف على الأميين، أي: الموجودين (منهم) والآتين منهم بعدهم (لما) لم (يلحقوا بهم) في السابقة والفضل (وهو العزيز الحكيم) في ملكه وصنعه، وهم التابعون، والاقتصار عليهم كاف في بيان فضل الصحابة المبعوث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم على من عداهم ممن بعث إليهم وآمنوا به من جميع الإنس والجن إلى يوم القيامة؛ لأن كل قرن خير ممن يليه. (1)

وبعد هذه المشاعر المنبثقة من قلب محب، نضع موازين الكتاب والسنة حاكمة على كل هوى مقومة لكل اعوجاج [وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً] النساء 122. [وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً] النساء 87، وقال تعالى عن نبيه [وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى] النجم 3 - 4

ففضائل الصحابة، وبيان مكانتهم ومنزلتهم بُينت في نصوص الوحيين خير بيان.

(1) السيوطي: تفسير الجلالين: 741

ص: 35