الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السياسية، وهذا هو بدقة ما أثار الرأي العام الفرنسي الذي كان محتفظا برواسب العداء التقليدية (الفرنسية - الألمانية) وبالرغم من كل هذه العقبات (وغيرها) فقد استمر (ديغول) في ممارسة لعبة الانتخابات، فأجرى الانتخابات الجزائرية (الثالثة) للمجالس البلدية، ثم الرابعة (لمجلس الشيوخ)، ولكن ذلك كله لم يحل له (مشكلة الجزائر) كما قصرت قواته العسكرية عن الوصول إلى ما يريده منها (التهدئة الشاملة)، وبات لزاما على ديغول أن يتعلم من تجاربه الذاتية، وقد تعلم فعلا، وهذا ما تؤكده مقولاته المتتالية - عبر سنوات الصراع - والتي يمكن استعراضها بسرعة، والوقوف عند أبرزها، وأكثرها أهمية.
ج - مقولات ديغولية:
لقد صدرت عن ديغول تصريحات كثيرة، وهي تظهر التطور في موقف ديغول من الحرب الجزائرية - الفرنسية وما يهم البحث هنا هو نوعان محددان، أولهما التصريحات المتعلقة بالصراع المسلح، وثانيهما التصريحات المتعلقة بالصراع السياسي.
ومن المقولات المتعلقة بالحرب، يمكن الوقوف عند ما يلي: (أولئك الذين يحاربوننا في الجانب الآخر، تعالوا، فمن المؤكد أننا سننهي القتال
…
يجب أن تنتهي المعارك) (1). (لا بد وأن ينقضي بعض الوقت قبل أن تتوقف المعارك)(2). (هذه الثورة بحصر المعنى، أعني المعارك، فإذا لو تتوقف كانت البلية العظمى). (3).
(1) 21/ 11/ 1959.
(2)
20/ 11/ 1959.
(3)
22/ 10/ 1960.
(إنني اعترف بشجاعة المقاتلين الذين قضوا في ساحة الشرف
…
وحينئذ أقول لجميع الجزائريين: إن الحرب التي تخوصونها، الحرب المظلمة التي تخوصونها لم يبق لها معنى صحيح) (1). (إن الجزائريين يشنون الحرب منذ ستة أعوام)(2). (نحن الآن قانعون
بإنهائها، إننا ننهي الحرب التي وقعت في الجزائر) (3) (وإن
شروط إنهاء القتال، سوف تحترم البسالة التي بدت تحت السلاح، وعلينا أن نعمل كثيرا من أجل حماسكم، من أجل بسالتكم، من أجل حبكم لمسقط رأسكم) (4). (وإني لأعترف أيضا بالشجاعة التي أبداها كثير من المحاربين)(5). (يجب علينا مناقشة الوسائل لإيجاد نهاية مشرفة للمعارك الدائرة، وتقرير المصير للأسلحة ومستقبل المقاتلين، لقد خدم طوال سنوات الصراع الخمس الأولى، في القوات النظامية العاملة في الجزائر مليون وأربعمائة ألف جندي، مات منهم ثلاثة عشر ألفا في ساحة الشرف، أما الثوار الجزائريون فقد قتل منهم (145) ألف رجل) (6). (لقد بدأت المفاوضات حول وقف إطلاق النار)(7). (لا يمكن تحقيق النصر في الميدان، ولا خطر من انعكاس الآية، بفضل طاقة جنودنا
في الميدان، ولكن، يكفي الكسب في الميدان) (8).
…
أما في مجال المقولات المتعلقة بالصراع السياسي، فقد
(1) باريس 9/ 11/ 1959.
(2)
البرتفيل 9/ 10/ 1960.
(3)
دينيه 21/ 10/ 1960.
(4)
باريس 10/ 11/ 1959.
(5)
باريس 5/ 9/ 1960.
(6)
باريس 10/ 11/ 1959.
(7)
باريس 14/ 6/ 1960.
(8)
غاب 21/ 10/ 1960.
صرح - ديغول - بما يلي:
(
…
ستبقى هناك مكانة مفضلة مخصصة للجزائر، ضمن المجموعة المشكلة بهذه الكيفية، وذلك بعد تهدئة الجزائر وتحويلها، بحيث تنمي بنفسها شخصيتها، وتكون مشتركة اشتراكا متينا مع فرنسا) (1)(اعتبارا لكل المعطيات الجزائرية، الوطنية منها والدولية، أعتبر أنه من الضروري أن يتم الإعلان منذ اليوم عن اللجوء إلى تقرير المصير، وأتعهد بأن أطلب من الجزائريين في عمالاتهم (ولاياتهم) الاثنتي عشر ما يريدون أن يكونوا في النهاية. أما بالنسبة لتاريخ الانتخاب فسأحدده عندما يحين الوقت، ومع أكثر تقدير بعد أربع سنوات، بعد العودة النهائية للسلام) (2). (هناك جزائر، هناك كيان جزائري، هناك شخصية جزائرية، فإلى الجزائريين يعود تقرير مصيرهم، فما هو الحل الذي سيصل إليه الجزائريون إذن؟ أعتقد أنهم سيريدون في جميع الحالات أن تكون الجزائر جزائرية)(3) (
…
وقف القتال، تقرير المصير، تلك هي الشروط المسبقة ليفتح للجزائر طريقها، إننا سنستخلص النتائج من إرادة الانتماء إلى فرنسا التي من المحتمل جدا أن يعبر عنها بعض السكان، الذين نعرف مسبقا أماكن تواجدهم، هؤلاء السكان، يجب علينا إذن تجمعيهم مع ضمان حمايتهم، وبعد ذلك؟ وبعد ذلك سنرى ..) (4). (تنحصر المسألة الجزائرية بالنسبة إلينا - نحن الفرنسيين - في ثلاثة اعتبارت أساسية: إقامة دولة جزائرية، علاقة فرنسا مع هذه الدولة، مستقبل الصحراء
…
وفيما يخص
(1) 8/ 1/ 1959.
(2)
16/ ايلول - سبتمبر - 1959
(3)
5/ ايلول - سبتمبر - 1960.
(4)
11 - نيسان - ابريل - 1961.
الصحراء، فإن خط سيرنا هو خط حرية مصالحنا، وهو كذلك الخط الذي يأخذ الواقع بعين الاعتبار) (1). (تريد فرنسا أن تنتهي من الجزائر، بطريقة أو بأخرى، وأن تعمل على تصفية الظروف الحالية، بما فيها من التزامات سياسية واقتصادية ومالية وإدارية وعسكرية تربطها بهذا البلد، والذي إن بقي على ما هو عليه، فإنه لا يعني لفرنسا إلا تجنيدا للرجال وهدرا للأموال والامكانات من غير فائدة، بينما هناك العديد من المهمات التي تتطلب مجهودنا في جهات أخرى)(2). (
…
ومع ذلك فإننا نقترب من الهدف، الذي هو هدفنا، وبالنسبة لنا، فالأمر يعني أن نحقق السلام بأسرع ما يمكن، وأن نساعد الجزائر على أن تمسك زمام أمرها بأيديها، وسيكون ذلك بإنشاء هيئة تنفيذية مؤقتة، وأن نكون مستعدين للاعتراف، دون أي تحديد، الشيء الذي سيخرج من تقرير المصير، أي دولة مستقلة ذات سيادة) (3).
(إن رئيس الجمهورية الفرنسية، يعلن أن فرنسا تعترف رسميا باستقلال الجزائر)(4).
…
كيف حدث هذا التحول؟ وكيف اعترفت فرنسا أخيرا باسقلال الجزائر؟ وبأي ثمن؟
…
لقد سارت الجزائر المجاهدة قدما، بعزم وثبات، على طريق التضحيات والآلام، على درب الدموع والدماء. وحدثت التحولات بصورة بطيئة، فكان كل نصر يحرزه المجاهدون في ميادين القتال يدعم الجهد السياسي، وكان كل نصر
(1) 5 - ايلول - سبتمبر - 1961.
(2)
29/ 12/ 1961.
(3)
شباط - فبراير - 1962.
(4)
3 تموز - يوليو - 1962.
سياسي يدعم الجهد الحربي. وعبر هذه العلاقة الجدلية الثابتة مضت الجزائر المجاهدة بقيادة جبهة التحرير وجيش التحرير.
لقد حاولت فرنسا، عبر هذا الصراع المرير، استخدام كل وسائل الصراع المشروعة منها وغير المشروعة للابقاء على عملية (النهب الاستعماري)، وكانت القرصنة و (البلطجة بحسب تعبير تشرشل) هي أبرز أساليب الاستعمار، وليس ذلك بالأمر الغريب، فهل الاستعمار في حد ذاته أكثر من عملية (قرصنة متقدمة تحت اسم حضاري)؟. ولقد كان من أبرز أساليب هذه القرصنة:
1 -
اختطاف الطائرات والقرصنة البحرية.
2 -
التنكر للقيادة الثورية (جبهة التحرير والحكومة المؤقتة).
3 -
محاولة تقسيم الجزائر.
4 -
إثارة قضية الصحراء.
5 -
التذرع بذريعة (الأقليات الأوروبية).
وسقطت الذرائعية الاستعمارية تحت ضربات المجاهدين الصادقين.
وحق فى الاستعماريين قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} .
مسجد فارس (جامع اليهود) بالقصبة