الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باستمرار. فكانت خطة الاستعمار الثابتة هي في تهديم وتدمير ثروات الوطنيين وملكياتهم، من أجل بناء ثروات الاستعمار وأجهزته، وفقا لقوانين الاستعمار ومبادئه المحكمة.
لقد بقيت (المسألة الاقتصادية) هي العمود الفقري في سياسة فرنسا الاستعمارية في الجزائر. فالاقتصاد الجزائري هو السبب الأول الذي دفع فرنسا لاحتلال الجزائر. ولقد كانت سياسة فرنسا الاقتصادية في الجزائر عملية اغتصاب ونهب عبر عنها الجنرال (بيجو، يوم 14 - أيار- مايو - 1840 بقوله: (يجب أن يقيم الافرنسيون المستوطنون حيثما وجدت المياه الغزيرة والأراضي الخصبة، بدون أي اهتمام بحق ملكية الأرض التي يجب توزيعها على المستعمرين المستوطنين، وأن تصبح هذه الأراضي الخصبة من أملاكهم الشخصية). وكان المارشال (سولت) في السنة ذاتها قد صرح بما يلي: (إن استيطان الافرنسيين في الجزائر هو العامل الأول للبقاء فيها، وهذا الاستيطان قمين بتهيئة الوسائل خلال سنوات قليلة، للتمكن من الدفاع عن الجزائر، دون أن نستخدم أكثر مما يلزم من قوى البلد - فرنسا - وأمواله).
أ - اغتصاب الأرض:
سارت عملية الاستعمار الاستيطاني في الجزائر، متباطئة أحيانا، متسارعة في أحيان أخرى، وفقا لما كانت تفرضه الظروف الدولية والجزائرية. وكثيرا ما أفتعلت فرنسا الظروف لتطوير هذه العملية، (مثل أزمة احتلال الألمان - بروسيا - للألزاس واللورين - سنة 1870، والأزمة الاقصادية الايطالية في بداية القرن العشرين).
ولقد بدأ المستوطنون في الاستقرار على أرض السهول الساحلية، ثم لم يلبثوا أن أخذوا في التوغل نحو السهول الداخلية، ونحو مناطق المناجم الصحراوية، ويظهر الجدول التالي تطور الملكيات الأوروبية في الجزائر:
السنة ..... المساحة بالهكتار ..... السنة ..... المساحة بالهكتار ..... ملاحظات
1850 .
.... 150،000 ..... 1920 ..... 2،581،000 ..... جدول بياني
1870 .
.... 765،000 ..... 1940 ...... 3،045،000 ..... بتطور الملكيات
1880 .
......... ..... 1،245،000 ..... 1954 ..... 3،028،000 ..... الأوروبية بالجزائر
1890 .
......... ..... 1،635،000 ..... 1963 صفر ..... من سنة 1850
1900 .
......... ...... 1،912،000 ..... ..... حتى الاستقلال.
المرجع: جغرافية الجزائر - حليمي عبد القادر علي - ص 143
عملت الحكومة الافرنسية - وكل حكومة إفرنسية - على تشجيع الأفراد الإفرنسيين خاصة، والأفراد الأوروبيين عامة على الهجرة والاستيطان في الجزائر. وكذلك فعلت مع الشركات. وكان من أهم هذه الشركات:(الجمعية الجزائرية) التي منحتها سلطة الاحتلال قرابة المائة ألف هكتار في شرق (قسنطينة)، وجمعية (المقطع والهبرة) التي تصدقت عليها بأكثر من 25 ألف هكتار من أجود الأراضي الوهرانية سنة 1865، و (شركة جنوه الايطالية) التي وهبت لها سنة 1863 مساحة عشرين ألف هكتار في إقليم سطيف، وطلبت منها مقابل ذلك جلب الإيطاليين إلى الجزائر.
لقد كان القطاع الزراعي هو المورد الرئيسي والتقليدي للبلاد، ولقد عمل النظام الاستعماري على جمع أكثر الأراضي خصبا وتركيزها في قبضة الاقطاع الاستعماري. وأدى ذلك بصورة طبيعية
إلى بؤس المواطن الجزائري كنتيجة حتمية لانتزاع الأراضي الخصبة منه وتقديمها للأوروبي. ونجم عن ذلك تفاوت هائل بين الملاك الأوروبيين والملاك الجزائريين. وهكذا أصبح هناك 25 ألفا من الملاكين الأوروبيين - من أصل 800 ألف نسمة - وهم يملكون (3،028،000) هكتارا من أكثر الأراضي الزراعية خصبا والتي تقدر مساحتها بـ (20،830،000) هكتارا. - أي أن كل ملاك من هؤلاء يملك أكثر من 120 هكتارا نسبيا منها 75 هكتارا منتجا. أما الملاك الجزائريون والبالغ عددهم (532) ألفا من أصل عشرة ملايين. فكانوا يملكون (7،672،000) هكتارا، أي بمعدل 14 هكتارا منها خمسة هكتارات منتجة فقط. أما الباقي وهو (1،408،000) هكتارا، فهي معتبرة كأملاك عامة تتصرف بها الادارة الاستعمارية على هواها. ويظهر هنا الموقف بصورته الخطيرة عند معرفة أن هذه الأراضي الزراعية قد خصصت لزراعة المنتجات المعدة للتصدير. في حين كان يجب تخصيصها لتأمين المواد الزراعية التي يحتاجها أبناء البلاد. وأبرز مثال على ذلك هو توزيع الكرمة التي كانت الحافز الأول للمشروع الاستعماري، فهي تشغل مساحة (238) ألف هكتار، من أجود الأراضي. وكلها ملك للأوروبيين بدون اسثناء. وتنتج هذه الكروم (22،318،000) هكتوليتر من الخمور التي تصدر أربعة أخماسها إلى الخارج (1) وتبلغ قيمة هذه الصادرات (140) مليون فرنك - بحسب إحصاء سنة 1935 وهي
(1) ورد في جغرافية الجزائر - حليمي عبد القادر- ص 192. أن مساحة الأراض المخصصة لزراعة الكرمة هي 362 ألف هكتار مرزعة كما يلي: (250) الف هكتار في إقليم وهران، و (87) ألف هكتار في إقليم مدينة الجزائر. و (25) ألف هكتار- وهي تشكل (7) بالمائة من مجموع الأراضي الزراعية - في القطر الجزائري ..
السنة التي ارتفع فيها تصدير الخمور الى أعلى مستوياته ثم استمر محافظا على معدله-. أما الحمضيات والتبغ وغيرهما من المنتجات الزراعية الثمينة فهي تشغل (170) ألف هكتار، يشغل الأوروبيون تسعة أعشارها. وعلاوة على ذلك، فهناك عامل كان يزيد الوضع سوءا، وهو أن أملاك الأوروبيين كانت محمية ومتصلة، في حين كانت أملاك الوطنيين متفرقة ومتباعدة. فكانت أملاك الأوروبيين منتظمة كالتالي:
1 -
ملكيات متوسطة: 24،72 بالمائة.
2 -
ملكيات كبيرة: 73،48 بالمائة.
في حين كانت ملكيات الوطنيين منتظمة كالتالي:
1 -
ملكيات صغرى: 60 بالمائة.
2 -
ملكيات متوسطة: 38 بالمائة.
3 -
ملكيات كبرى: 2 بالمائة.
وجدير بالذكر أن الزراعة كانت بالنسبة إلى صغار الملاكين الأوروبيين ومتوسطيهم، مجرد عمل إضافي (حالة ترف). أما كبار الملاكين، فثمة مستعمرون أوروبيون أو شركات تمتلك ما بين 10 و70 ألف هكتار. هذا بالإضافة إلى أن الملاك الأوروبيين هم الذين يستفيدون من القروض والميزات الزراعية الأخرى التي تسهل لهم استخدام الرسائل الزراعية الحديثة، في الوقت الذي يستثمرون أيضا اليد العاملة الجزائرية بأجور منخفضة - بخسة.
وبذلك فرض على الفلاح الجزائري عدم الاضطلاع بدور يذكر في الاقتصاد الوطني، حتى أصبح إنتاجه في معظم الحالات لا يكاد يكفي لتأمين متطلباته الأساسية للعيش البسيط، وبقي السواد الأعظم من سكان الريف الجزائري، وهم الذين يشكلون الكتلة الضخمة