المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هـ - اندلاع الثورة في متيجة (متوجة) - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ٩

[بسام العسلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الكتاب

- ‌اللهُ أَكْبَرُ - وَانْطَلَقَتِ الثَّوْرَةُ

- ‌الفصل الأول

- ‌ الوضع العام في الجزائر عشية الثورة

- ‌أ - اغتصاب الأرض:

- ‌ب - الموقف السكاني - الديموغرافي

- ‌ج - النهب الاستعماري

- ‌د - البترول والغاز الطبيعي

- ‌هـ - الموقف التعليمي (الثقافي)

- ‌ التعليم الابتدائي:

- ‌ التعليم الثانوي:

- ‌ جامعة الجزائر:

- ‌ الموقع الجيواسراتيجي والطبوغراي

- ‌آ - 1 - إقليم الشواطىء:

- ‌آ - 2 - إقليم الأطلس التلي:

- ‌آ - سهل وهران:

- ‌ب- سهل متيجة (متوجة)

- ‌ج - سهل عنابة:

- ‌آ - سهل تلمسان:

- ‌ب - سهل بلعباس:

- ‌ج - سهل تيارت (أو السرسو):

- ‌د - سهل عين بسام:

- ‌هـ - سهل قسنطينة:

- ‌آ - 3 إقليم النجود:

- ‌آ -4 - الأطلس الصحراوي:

- ‌ جبال العين الصفراء

- ‌ جبال عمور

- ‌ جبال أولاد نايل:

- ‌ إقليم الصحراء:

- ‌ب - وديان الجزائر

- ‌ب -1 - الأودية الشمالية:

- ‌ وادي تفنة (أو تافنه)

- ‌ وادي السيق والحمام

- ‌ وادي الشلف:

- ‌ وادي الشفة:

- ‌ وادي يسر:

- ‌ وادي الصومام:

- ‌ الوادي الكبير

- ‌ وادي الصفصاف:

- ‌ وادي السيبوس:

- ‌ وادي مجردة:

- ‌ب - 2 - أودية النجود:

- ‌ب - 3 - الأودية الصحراوية:

- ‌ج - النطاقات المناخية:

- ‌ مناخ البحر الأبيض المتوسط:

- ‌ مناخ الاستبس

- ‌ مناخ الصحراء:

- ‌د - الغطاء النباتي:

- ‌د - 1 - إقليم البحر الأبيض المتوسط:

- ‌د - 2 - إقليم الاستبس:

- ‌د - 3 - الإقليم الصحراوي:

- ‌الفصل الثاني

- ‌ في فلسفة الثورة

- ‌ البيان الأول للثورة:(بيان فاتح نوفمبر 1954)

- ‌الهدف:

- ‌الأهداف الداخلية:

- ‌الأهداف الخارجية

- ‌وسائل الكفاح

- ‌وفي المقابل

- ‌بيان من جيش التحرير الوطني في الفاتح من نوفمبر - تشرين الثاني - 1954

- ‌ مكتب جبهة التحرير في القارة، يصدر بيانه عن الثورة

- ‌ بدايات العمل الثوري

- ‌ انطلاقة الثورة في كتابة قائد فرنسي

- ‌ عقبات على طريق الثورة

- ‌ الثورة في وثائق ثوارها

- ‌أ - الإعداد للثورة

- ‌ب - الله أكبر - خالد - عقبة

- ‌ج - لهيب الثورة في أريس

- ‌د - فجر يوم الثورة المسلحة

- ‌هـ - اندلاع الثورة في متيجة (متوجة)

- ‌و- الولاية الأولى في معركة التحرير

- ‌ز - الثورة في ولاية وهران

- ‌المراجع

- ‌الفهرس

الفصل: ‌هـ - اندلاع الثورة في متيجة (متوجة)

بحيث يصعب الإلمام بها أو الإحاطة بفصولها. وكانت مدرسة للصبر والجلد واحتمال كره القتال والاستعداد الدائم للتضحية والفداء.

بمثل هذه النماذج الأسطورية اقتحم الثوار التاريخيون أبواب التاريخ.

‌هـ - اندلاع الثورة في متيجة (متوجة)

(1).

اختار رئيس (قسمة) في (برج المنيل) أربعة شبان من بين مجموعة كان أفرادها يتحرقون شوقا ويتقدون حماسة لخوض الصراع المسلح ضد الاستعمار الافرنسي الجاثم على صدر بلادهم. ولم يكن الحافز لاختيار هؤلاء الأربعة من دون سواهم - في شهر تموز - يوليو - 1954 - إلا نتيجة طبيعية لما عرف عنهم من نشاط ومن فاعلية علاوة على صغر سنهم. لقد كانوا يشكلون قسما من خلية تابعة لتنظيم (اللجنة الثورية للوحدة والعمل). وكان واجبهم آنذاك العمل مع العشرات من إخوانهم المجاهدين لنشر الدعاية وجمع المعلومات عن المجمعات المشتركة - كومون ميكست - وكان هذا الواجب من أصعب الأعمال في تلك الفترة، نظرا لما كانت تتعرض له الجزائر وشعبها المجاهد من ضغوط

(1) كاتب هذه الفقرة هو (أحمد جنان) في (قصص من النار - أفرنسي) إصدار سنيد - الجزائر. ص 43 - 48. والكاتب أحمد جنان من قدامى المجاهدين في (اللجنة الثورية للوحدة والعمل) وقد عمل في منطقة (برج المنايل) ولم يكن عمره أكثر من تسعة عشر عاما يوم اشترك مع إخوانه المجاهدين في الهجوم على الثكنات العسكرية في (بليدا) و (بوفاريك).

ص: 180

استعمارية قاسية. وفي بداية الأمر، فصل الأربعة عن رفاقهم المجاهدين في الخلايا القديمة، واتخذت قيادتهم كل ما هو ضروري من الإجراءات لإبعاد الشبهات والشكوك عنهم، ولحماية الأعمال التي كان يتم تنفيذها استعدادا لتفجير الثورة. واستمر التعامل معهم أقصى درجات الحذر، من قبل كل إخوانهم، ذلك لأنهم كانوا حتى تلك الفترة من العناصر الضعيفة إذا ما تمت مقارنتهم بقدامى الثائرين. وكان هناك خوف من ضعفهم تجاه الانقسامات التي كان يصطنعها النظام الاستعماري في قلب الحركة الوطنية.

ولهذا، بقي اتصال هؤلاء الأربعة، خلال مرحلة الإعداد، مقتصرا ومحددا بواحد من رجال التنظيم السري، كانت السلطات الاستعمارية تبحث عنه منذ أحداث سنة 1947. وكان واجبه تدريب الشباب الأربعة على استخدام الأسلحة وأساليب القتال. غير أن هذه المرحلة لم تستمرأكثر من أشهر قليلة، إذ كان قادة التنظيم قد تساحوا بالخبرة التي استخلصوها من تجربتهم الحية في سنة 1951 والتي عايشوها في قلب التنظيم السري. وكانت هذه الخبرة المستخلصة تفرض على رجال التنظيم السري (التحرك بسرعة حتى لا تتوافر للعدو مهلة زمنية كافية تساعده على اكتشاف التنظيم ومعرفة أهدافه). ومن أجل ذلك، احتفظ القادة بموعد بدء الثورة سرا، ولم يعلنوه حتى اللحظة الأخيرة، ولم يكن اختيار موعد بدء الثورة اقتراحا عشوائيا، أو اتفاقيا مصادفا، وإنما كان عملا مدروسا، فتحديد هذا الموعد ليصادف الأول من تشرين الثاني - نوفمبر - حيث (عيد جميع القديسين) هو مناسبة اعتاد الرجال الاستعماريون على الاحتفال بها.

ص: 181

ففي الساعة الواحدة من منتصف الليل، وهو توقيت القيام بالعمل - ينصرف رجال الإدارة الاستعمارية الى احتفالاتهم المعتادة، وتكون الإدارة في حالة عطالة تقريبا، الأمر الذي يضمن للثوار فترة زمنية كافية لتوجيه ضربتهم، والانسحاب بعد ذلك، الى قواعدهم المأمونة دونما تهديد مباشر بالمطاردة. وهكذا تم اتخاذ كافة التدابير التي تؤمن انطلاقة الثورة لتكون عامة وشاملة منذ اللحظة الأولى.

لقد تم اختيار الشبان الأربعة، للاشتراك في عمليات تفجير الثورة في إقليم (بوفاريك) في حين تم اختيار سواهم للاشتراك في تفجير الثورة في إقليم (بليدا)، وعرف هؤلاء باسم (خلية عقيل عمولا) - وتم إعلامهم بمهمتهم يوم 29 تشرين الأول - اكتوبر - أثناء قيامهم بالتدريب على المسير الطويل. وتولى إبلاغهم ذلك رئيس قسم التنظيم شبه العسكري في (قسمة) والمشهور بلقب (السيد الشارب) - نسبة إلى شاربه الضخم الذي كان يغطي وجهه - وهو من (عين سكونا - مجمع برج المنايل). وقد استمر في أداء دوره الثوري حتى سقوطه في ميدان الشرف سنة 1959.

المهم في الأمر، هو أن السيد الشارب أعطى أوامره إلى الشبان الأربعة بالتوجه إلى الجزائر للاتصال (بالسيد الطاهر) الذي كان من واجبه مرافقتهم لمقابلة مسؤول كبير (لم يكن غير العقيد عمران بحسب ما أصبح معروفا بعد ذلك). وكان من المفروض أن يتم هذا اللقاء في الجزائر العاصمة. وقام (السيد الطاهر) بتحديد موعد اللقاء ومكانه:(في الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم التالي - في ساحة بورسعيد). وما أن

ص: 182

وصل الشباب الأربعة في الموعد المحدد إلى المكان المعين، حتى تبين لهم بأن موعد المقابلة ومكانها هو مجرد تدبير احترازي، إذ قابلهم هناك مرة أخرى (السيد الطاهر) ورافقهم إلى مقهى يقع في (بيرجبة) من مرتفعات (حي القصبة). وكان هذا المكان هو مركز الالتقاء بكافة المجاهدين القادمين من القبائل للإسهام في العمل المشترك الذي كان يتقرر في اجتماعات الجزائر.

قد يكون من المناسب هنا التوقف قليلا عند ظاهرة - تدابير الحيطه المشددة - التي رافقت اتساع أفق العمل وتطوره. إذ أن هذه الظاهرة، لم تكن في الواقع إلا نتيجة من نتائج انقسام الحزب وتمزقه، وقد حرص القادة على الإفادة من هذا الانقسام، واستخدامه رداء خارجيا، وستارا لحماية الحركة السرية. ولفهم هذا الانقسام وانعكاساته لا بد مرة أخرى من العودة إلى المراحل الأولى لتنظيم (اللجة الثورية للوحدة والعمل) التي ضمت الأجنحة المتطرفة والحيادية كرد على صراع المركزيين والمصاليين في (حزب انتصار الحرية والديمرقراطية). وقد ضمت أجنحة (اللجنة الثورية للوحدة والعمل) معظم الثوار السريين - الماكي - والذين كانوا يميلون إلى استخدام وسائط الصراع المسلح، وكانوا في الوقت ذاته يمثلون كل أقاليم الجزائر - من قسنطينة حتى منطقة القبائل، ومن أقصى الغرب إلى وهران وأقصى الشرق -. وقد جاء الانقسام في قلب الحزب ليترك شعورا لدى المتطرفين والحياديين بأنهم في النهاية هم (ضحايا هذا الانقسام) وكان انتقالهم لممارسة العمل الثوري في سنة 1947، نتيجة قناعتهم بأنهم وهم يحملون السلاح، سيعيشون معارك حرب التحرير حتى

ص: 183

نهايتها. غير أن قادتهم تخلوا عنهم، وخلفوهم وراءهم، وقطعوا الجسور التي تصلهم بهم، ولم يبق أمامهم إلا البحث عن الوسائل المناسبة للتخلص منهم. وكان من نتيجة ذلك أن وقع عدد كبير منهم في شباك أجهزة الشرطة (البوليس) الإفرنسية.

ومن هنا يمكن اعتبار كل تدابير الحيطة وإجراءات الأمن، هي عمل شرعي وضروري، لا سيما وأن الحاجة كانت تفرض تطوير النشاط السري ليشمل كل الصفحة الجغرافية للقطر الجزائري. وكان ذلك بدقة هو سبب استدعاء الشباب المنظم في الخلايا الى الجزائر التي لم تكن أبدا المحطة النهائية في رحلة تفجير الثورة. ففي الساعة (1600) من اليوم ذاته (29 تشرين الأول-اكتوبر) صعد عشرون مجاهدا تقريبا، إلى شاحنة كبيرة كانت تنتظرهم في الممر الواقع بين (الاوبرا) و (نادي الضباط) لتنقلهم الى (الصومعة في ولد عايش). حيث كان على هؤلاء المجاهدين الانتظار لمدة ساعة أخرى في مزرعة يملكها (ابن طوطه)، وهي المزرعة التي عاد المجاهدون للاقامة فيها فترة (24) ساعة. حيث أعلموا بموعد انفجار الثورة. وكانت الظاهرة المثيرة هي أن هؤلاء العشرين الذين نقلتهم الشاحنة. لم يكونوا أبدا على معرفة بأمر وجود مجموعات أخرى كانت تقيم معهم في المزرعة ذاتها، أو تنتشر في المزارع القريبة الأخرى. كما أنهم لم يعرفوا أن هناك منازل أخرى تجاور المنزل الذي أقاموا فيه. وكل ما أمكن لهم معرفته هو أنهم نقلوا الى كوخ يستخدم لحفظ علف الحيوانات، وطلب إليهم عدم مغادرته طوال اليوم، إلا لقضاء حاجاتهم الضرورية جدا. ولكنهم عرفوا بعد ذلك، أن الذين

ص: 184

حضروا قد تجاوز عددهم الخمسين رجلا، جاءوا كلهم من القبائل.

كان الهدف هو الهجوم على ثكنة (بليدا) وثكنة (بوفاريك) ، وكان على المجاهدين المحليين، وعددهم قليل نسبيا في تلك الفترة، الإغارة على مكتبة (علي بابا) وتدميرها. ولقد كان لكل عملية من هذه العمليات قصتها، غير أنه من المناسب هنا انتقاء قصة واحدة منها، هي قصة الإغارة على ثكنة (بوفاريك). ولقد كان الهجوم على هذه الثكنة (وعلى ثكنة بليدا أيضا) نتيجة أبحاث طويلة، ودراسات مستفيضة، وإعداد دقيق. وكان الهجوم على ثكنة (بوفاريك) يعتمد في أساسه على الرقيب (سعيد بن طوبال - وهو شقيق الأخضر بن طوبال عضو المجلس الوطني للثورة الجزائرية). أما الهجوم على ثكنة (بليدا) فكان يعتمد على (سعيد قودي) من مواليد برج المنايل، وكلاهما كانا يخدمان تحت العلم الإفرنسي، وكان الهدف من الهجوم على الثكنات هو الاستيلاء على ما يمكن الحصول عليه من الأسلحة، والتي كان الثوار أحوج ما يكونون إليها. وكان (الأخ سعيد) في هذه الليلة هو رئيس الحرس، وعليه تقع مسؤولية تبديل الخفراء طوال مدة (24) ساعة. وهذا يعني أن مفتاح الدخول الى الثكنة كان في قبضته. وعلى هذا، غادرت مجموعة (الكوخ) مقرها في الساعة (00، 22) تقريبا. وسارت لمدة ساعة تقريبا قبل أن تلتقي بمجموعة أخرى في كرم من كروم العنب، غير بعيد عن الثكنة. وهنا فقط ظهر العقيد (عمران) في وسط المجاهدين وهو يحمل مسدسا ألمانيا. فيما كان مرافقاه يحملان مسدسات رشاشة انكليزية (طراز ستين) وكانت تلك هي كل الأسلحة التي توافرت لإفراد المجموعة.

ص: 185

مكثت مجموعة الفدائيين المجاهدين في كرم العنب فترة قصيرة من الوقت، حتى إذا ما حان موعد التنفيذ، تحركت نحو هدفها، ووصلت إلى جسر كان يقع على مقربة من الثكنة، وتوقفت عنده، وانتشر الأفراد على أطراف الجسر، وتحته، بينما توجه اثنان من الفدائيين إلى الثكنة ودخلاها برفقة رئيس الحرس (الرقيب بن طوبال). وتوجه الثلاثة إلى مستودع الأسلحة، وشرعوا بقطع السلاسل الحديدية الغليظة التي كانت تقيد الأسلحة وتثبتها. وعندما انطلقت المجموعة لاقتحام الثكنة، تنبه أحد رجال الحرس، وأعطى شارة الإنذار. وفشلت العملية في تحقيق هدفها (وبالطريقة ذاتها أصاب الفشل عملية الإغارة على ثكنة بليدا).

لقد كان بالمستطاع تحقيق النجاح في عمليتي الهجوم على الثكنتين، لو أمكن اتخاذ المزيد من تدابير الحيطة عند التنفيذ، وكان النجاح في تنفيذهما - لو تحقق - سيدعم من قدرة الثوار، خلال المرحلة الأولى من عمر الثورة. وإذا كان هدف العمليات الأخرى التي نفذت في كل أنحاء البلاد هو الإعلان عن بدء الصراع المسلح، فقد كان هدف العمليتين هو الحصول على الأسلحة التي يتطلبها هذا الصراع. وكان من نتيجة هذا الفشل أن تعرض ثوار القبائل وثوار الجروة للمعاناة المريرة من نقص الأسلحة في أيديهم، منذ الأيام الأولى لانطلاقة الثورة. وليس بالإمكان القول أن فشل العمليتين قد غير من مسار انتشار الثورة وتطورها وفقا لما كان يرغبه قادة الثورة ورجالها. وبات لزاما على قادة الثورة توسيع أفق ثورتهم بضم المناطق وتنظيمها على مهل، وبصورة بطيئة، دوارا بعد دوار، وقرية بعد قرية. وقد أفاد الثوار

ص: 186

السريون - الماكي - من مجموعة الظروف، لضم المجاهدين الى صفوفهم بصورة انتقائية، وتنظيمهم، حتى امتد تنظيم جبهة التحرير الوطني وجيشها ليغطي كل تراب الوطن. وعلى كل حال، فإن (الجروة) لم تتأخر كثيرا عن اللحاق بركب الثورة، على الرغم من هذا الفشل، وأمكن لها الاضطلاع بدورها، حتى إذا ما جاء مؤتمر الصومام (في 20 آب - أغسطس - 1956) كانت (الجروة) قد نجحت في تصحيح الأوضاع، ووضع الأمور في نصابها الصحيح.

أما بالنسبة للمجموعة التي أغارت على ثكنة (بوفاريك) فقد أصبح لزاما عليها بعد فشلها في تنفيذ مهمتها، السير طوال الليل للابتعاد عن مسرح العملية. وكان السير شاقا عبر الحقول وفي الأراضي الوعرة، كما كان أفراد المجموعة يجهلون الطريق المؤدي الى نقطة الإزدلاف (الاجتماع). وهكذا فإنهم لم يصلوا الى (الصومعة) حتى شروق الفجر، ومن هناك، استقل أفراد المجموعة مركبة نقلتهم الى (برج المنايل). وتعرض أفراد المجموعة في بعض مراحل الطريق لخطر الوقوع في قبضة الدرك الذين أقاموا الحواجز على الطرق للتأكد من هوية المسافرين، وإلقاء القبض على (الخارجين على القانون) وقبل الوصول الى (برج المنايل) بما يعادل ساعتين من السير، نزل أفراد المجموعة من مركبتهم، وتوجهوا سيرا على الأقدام نحو منزل (العم أحمد) الذي كان يشرف على تدريبهم خلال مرحلة ما قبل الثورة. وقد عمل (العم أحمد) على تكليف أحد رجاله (واسمه لونس عمروني - وهو يعيش حياة الثورة منذ سنة 1947) بمرافقة رجال

ص: 187