الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ ابْنُ الفَضْلِ بنِ الرَّبِيْعِ: مَا اجْتَمَعَ أَخٌ وَأُخْتٌ أَحْسَنَ غِنَاءً مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المَهْدِيِّ، وَأُخْتِهِ؛ عُلَيَّةَ.
قَالَ ثُمَامَةُ بنُ أَشْرَسَ: قَالَ لِيَ المَأْمُوْنُ: قَدْ عَزْمْتُ عَلَى تَقْرِيْعِ عَمِّي.
فَحَضَرْتُ، فَجِيْءَ بِإِبْرَاهِيْمَ مَغْلُوْلاً، قَدْ تَهَدَّلَ شَعْرُهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، فَسَلَّمَ.
فَقَالَ المَأْمُوْنُ: لَا سَلَّمَ اللهُ عَلَيْكَ، أَكُفْراً بِالنِّعْمَةِ، وَخُرُوْجاً عَلَيَّ؟
فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّ القُدْرَةَ تُذْهِبُ الحَفِيْظَةَ، وَمَنْ مُدَّ لَهُ فِي الاغْتِرَارِ، هَجَمَتْ بِهِ الأَنَاةُ عَلَى التَّلَفِ، وَقَدْ رَفَعَكَ اللهُ فَوْقَ كُلِّ ذَنْبٍ، كَمَا وَضَعَ كُلَّ ذِي ذَنْبٍ دُوْنَكَ، فَإِنْ تُعَاقِبْ فَبِحَقِّكَ، وَإِنْ تَعْفُ فَبِفَضْلِكَ.
قَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ -يَعْنِي: ابْنَهُ العَبَّاسَ، وَالمُعْتَصِمَ- يُشِيْرَانِ بِقَتْلِكَ.
قَالَ: أَشَارَا عَلَيْكَ بِمَا يُشَارُ بِهِ عَلَى مِثْلِكَ فِي مِثْلِي، وَالمَلِكُ عَقِيْمٌ، وَلَكِنْ تَأْبَى لَكَ أَنْ تَسْتَجْلِبَ نَصْراً إِلَاّ مِنْ حَيْثُ عَوَّدَكَ اللهُ، وَأَنَا عَمُّكَ، وَالعَمُّ صِنْوُ الأَبِ، وَبَكَى.
فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنَا المَأْمُوْنِ، وَقَالَ: خَلُّوا عَنْ عَمِّي.
ثُمَّ أَحْضَرَهُ، وَنَادَمَهُ، وَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى ضَرَبَ لَهُ بِالعُوْدِ (1) .
وَقِيْلَ: إِنَّ أَحْمَدَ بنَ خَالِدٍ الوَزِيْرَ، قَالَ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنْ قَتَلْتَهُ، فَلَكَ نُظَرَاءٌ، وَإِنْ عَفَوْتَ، لَمْ يَكُنْ لَكَ نَظِيْرٌ (2) .
تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيْمُ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
193 - الجَرْمِيُّ أَبُو عُمَرَ صَالِحُ بنُ إِسْحَاقَ *
إِمَامُ العَرَبِيَّةِ، أَبُو عُمَرَ صَالِحُ بنُ إِسْحَاقَ الجَرْمِيُّ، البَصْرِيُّ،
(1)" تهذيب تاريخ ابن عساكر " 2 / 276، و" الاغاني " 10 / 116.
(2)
" وفيات الأعيان " 1 / 41. وانظر " الاغاني 10 / 118.
(*) الجرح والتعديل 4 / 394، مراتب النحويين: 122، طبقات الزبيدي: 46، 47، =
النَّحْوِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وَكَانَ صَادِقاً، وَرِعاً، خَيِّراً.
وَقَدْ أَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنْ: سَعِيْدٍ الأَخْفَشِ، وَاللُّغَةَ عَنْ: يُوْنُسَ بنِ حَبِيْبٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ زُرَيْعٍ، وَعَبْدِ الوَارِثِ بنِ سَعِيْدٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مُلَاعِبٍ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَحَصَلَ لَهُ بِالأَدَبِ دُنْيَا وَاسِعَةٌ وَحِشْمَةٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: قَدِمَ أَصْبَهَانَ مَعَ فَيْضِ بنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، فَأَعْطَاهُ يَوْمَ مَقْدَمِهِ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَم، وَكَانَ يَصِلُهُ كُلَّ شَهْرٍ بِأَلفٍ (1) .
قَالَ المُبَرِّدُ: كَانَ الجَرْمِيُّ أَثْبَتَ القَوْمِ فِي كِتَابِ سِيْبَوَيْه، وَعَلَيْهِ قَرَأَتِ الجَمَاعَةُ، وَكَانَ عَالِماً بِاللُّغَةِ، حَافِظاً لَهَا (2) ، وَكَانَ جَلِيْلاً فِي الحَدِيْثِ وَالأَخْبَارِ، وَكَانَ أَغْوَصَ عَلَى الاسْتِخْرَاجِ مِنَ المَازِنِيِّ، وَإِلَيْهِمَا انْتَهَى عِلْمُ النَّحْوِ فِي زَمَانِهِمَا (3) .
= أخبار البصريين: 72، أخبار أصبهان 1 / 346، 347، الفهرست: 62، تاريخ بغداد 9 / 313 - 315، الأنساب 3 / 234، 235 نزهة الالباء: 143 - 145، معجم الأدباء 12 / 5، 6، اللباب 1 / 274، إنباه الرواة 2 / 80 - 83، وفيات الأعيان 2 / 485، 487، العبر 1 / 394، مسالك الابصار 4 / 284، 285، عيون التواريخ وفيات 225، مرآة الجنان 2 / 90، 91، البداية والنهاية 10 / 293، طبقات القراء 1 / 332، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 4، 5، النجوم الزاهرة 2 / 243، روضات الجنات 334، 335، بغية الوعاة 2 / 8، 9، المزهر 2 / 408، 419، وغيرها، شذرات الذهب 2 / 57.
(1)
في " تاريخ أصبهان " 1 / 346، 347: فأعطاه يوم مقدمه عشرين ألف درهم، وكان يعطيه كل سنة اثني عشر ألف درهم.
(2)
" تاريخ بغداد " 9 / 314.
(3)
" نزهة الالباء " 143، و" إنباه الرواة " 2 / 80.