الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومع حائل غير أصلى كالمنازل لا بد من اليقين بنظر أو خبر ونحوه وإصابة الجهة بالاجتهاد: ويعفى عن الانحراف قليلا: لم بعد عنها وهو من لم يقدر على المعاينة ولا على من يخبره عن علم ـ سوى المشاهد لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم والقريب منه ففرضه إصابة العين والبعيد منه إلى الجهة1 فإن أمكنه ذلك بخبر ثقة مكلف عدل ظاهرا وباطنا عن يقين أو باستدلال بمحاريب المسلمين لزمه العمل به وإن وجد محاريب لا يعلمها للمسلمين لم يلتفت إليها.
1 دليل أجزاء الاتجاه إلى الجهة للبعيد قوله صلى الله عليه وسلم: " ما بين المشرق والمغرب قبلة ". وإنما وجب استقبال عينها لمن بمسجد المدينة لأن قبلته متيقنة الصحة بفعله صلى الله عليه وسلم وإقراره صلى ركعتين وقال: " هذه القبلة ". رواه أسامة بن زيد فهي لا تحتاج إلى اجتهاد في الجهة.
فصل إن اشتبهت عليه القبلة
…
فصل فإن اشتبهت عليه القبلة
فإن كان في قرية ففرضه التوجه إلى محاريبهم فإن لم تكن لزمه السؤال عنها إن كان جاهلا بأدلتها فإن وجد من يخبره عن يقين ففرضه الرجوع إلى خبره وإن كان عن ظن ففرضه تقليده إن كان من أهل الاجتهاد فيها وهو العالم بأدلتها وإن اشتبهت عليه في السفر وكان عالما بأدلتها ففرضه الاجتهاد في معرفتها فإذا اجتهد وغلب على ظنه جهة صلى إليها فإن تركها وصلى إلى غيرها أعاد وإن أصاب وإن تعذر عليه الاجتهاد لغيم ونحوه أو به مانع من الاجتهاد كرمد ونحوه أو تعادلت عنده الإمارات صلى على حسب بحاله بلا إعادة وكل من صلى من هؤلاء قبل فعل ما يجب عليه من استخبار أو اجتهاد أو تقليد أو تحر
فعليه الإعادة وإن أصاب ويستحب أن يتعلم أدلة القبلة والوقت ويستدل عليها بأشياء: منها النجوم وأثبتها القطب الشمالي: ثم الجدي: والفرقدان: والقطب نجم خفي وحوله أنجم دائرة كفراشة الرحى أو كالسمكة في أحد طرفيها أحد الفرقدين وفي الطرف الآخر الجدي والقطب في وسط الفراشة لا يبرح من مكانه دائما ينظره حديد الصر في غير ليالي القمر لكن يستدل عليه بالجدي والفرقدين فإنه بينهما وعليه تدور بنات نعش الكبرى وغيرها إذا جعله وراء ظهره كان مستقبلا وسط السماء في كل بلد: ثم إن كان في بلد لا انحراف له عن مسامته القبلة للقطب مثل آمد وما كان على خطها فهو مستقبل القبلة وإن كان البلد منحرفا عنها إلى جهة المغرب انحرف المصلى إلى الشرق بقدر انحراف بلده كبلاد الشام وما هو مغرب عنها فإن انحراف دمشق إلى المغرب نحو نصف سدس الفلك يعرف ذلك الفلكية وكلما قرب إلى المغرب كان انحراف المصلى إلى المشرق بقدره وعكس ذلك بعكسه فإذا كان البلد منحرفا عن مسامتة القبلة للقطب إلى المشرق انحرف المصلى إلى المغرب بقدر انحرافه وكلما كثر انحرافه إلى المشرق كثر انحراف المصلى إلى المغرب بقدره وإن جعل القطب وراء ظهره في الشام وما حاذاها وانحرف قليلا إلى المشرق كان مستقبل القبلة ـ قال الشيخ: في شرح المعمدة: إذا جعل الشامي القطب بين أذنه اليسرى ونقرة القفا فقد استقبل ما بين الركن الشامى والميزاب انتهى ـ فمطلع سهيل لأهل الشام قبلة ويجعل القطب خلف أذنه اليمنى بالمشرق ـ وقال الشيخ: أيضا: العراقي إذا جعل
القطب بين أذنه اليمنى ونقرة القفا فقد استقبل قبلته انتهى ـ ويجعله على عاتقه الأيسر بإقليم مصر: ـ ومنها الشمس والقمر ومنازلهما وما يقترن بها أو ما يقاربها: كلها تطلع من المشرق على يسرة المصلى في البلاد الشمالية وتغرب في المغرب عن يمنته والقمر يبدو هلالا أو الشهر عن يمنة المصلى عند غروب الشمس وفي الليلة الثامنة من الشهر يكون على القبلة عند غروب الشمس وفي الليلة العاشرة على سمت القبلة وقت العشاء بعد مغيب الشفق وفي ليلة ثنتين وعشرين على سمتها وقت طلوع الفجر تقريبا فيهن بالشام: ـ ومنها الرياح: والاستدلال بها عسر في الصحارى وأما ما بين الجبال والبنيان فإنها تدور فتختلف وتبطل دلالتها: ـ ومنها الجلال الكبار: فكلها ممتدة عن يمنة المصلى إلى يسرته وهذه دلالة قوية لكن تضعف من وجه آخر: وهو أن المصلى يشتبه عليه هل يجعل الجبل الممتد خلفه أو قدامه؟ فتحصل الدلالة على جهتي والاشتباه على جهتين هذا إذا لم يعرف وجه الجبل فإن وجوه الجبال إلى القبلة هو ما فيه مصعده قاله في الخلاصة: ـ ومنها الأنهار الكبار غير المخدودة كدجلة والفرات والنهروان وغيرها1 فإنها تجرى عن يمنة المصلى إلى يسرته إلا نهرا بخراسان وهو المقلوب ونهرا بالشام وهو العاصي: يجريان عن يسرة المصلى إلى يمنته ـ قلت: والاستدلال بالأنهار فرع على الاستدلال بالجبال
1 المخدودة: المحفورة. ومراده أن الأنهار الطبيعية التي شقتها الماء من غير حفر هي التي تصح علامة كما وضحه والنهروان هو نهر جيحون المشهور.