المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في صلاة الجمعة - شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة - جـ ١

[ابن ناجي التنوخي]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة مختصرة للمصنف

- ‌باب ما تنطق به الألسنة إلى آخره

- ‌باب ما يجب منه الوضو والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب في المسح على الخفين

- ‌باب أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية

- ‌باب في زكاة الماشية

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان

- ‌باب في الجهاد

- ‌باب في الأيمان والنذور

الفصل: ‌باب في صلاة الجمعة

من سكنها ناويا على التأبيد والله أعلم.

(ومن خرج ولم يصل الظهر والعصر وقد بقي من النهار قدر ثلاث ركعات صلاها سفريتين فإن بقي قدر ما يصلي في ركعتين أو ركعة صلى الظهر حضرية والعصر سفرية):

ما ذكر الشيخ أنه من سافر لقدر ثلاث ركعات أنه يصلي الظهر والعصر سفريتين هو كذلك باتفاق إذا كان ناسيا ولهما واختلف إذا تعمد تركهما والمنصوص كذلك، وألزم الشيخ أبو الحسن اللخمي القائل بأن الصلاة لا تسقط عن متعمد التأخير من أصحاب الأعذار إلا بقدر كل صلاة عدم قصر المسافر حينئذن وظاهر كلام ابن الحاجب أن الخلاف فيه بالنص ولم أقف عليه وذلك أنه لما ذكر عن اللخمي أن من أخر الصلاة عمدا حتى بقي من الوقت قدرها، فإنه مأثوم إجماعا، فذكر كلاما بعده زاد عليه، ثم قال ويلزم أن لا يقصر المسافر ولا يتم القادم إلا مع ذلك وفيه خلاف فتدبر كلامه ولولا الإطلالة لذكرناه.

(ولو دخل خمس ركعات ناسيا لهما صلاهما حضريتين فإن كان بقدر أربع ركعات فأقل إلى ركعة صلى الظهر سفرية والعصر حضرية وإن قدم في ليل وقد بقي للفجر ركعة فأكثر ولم يكن يصلي المغرب والعشاء صلى المغرب ثلاثا والعشاء حضرية):

اعلم أن قوله ناسيا طردي بل وكذلك العامد وتقدم نقل ابن الحاجب الخلاف في ذلك.

(ولو خرج وقد بقي من الليل ركعة فأكثر صلى المغرب ثم صلى العشاء سفرية):

اعلم أنه إذا سافر لأربع ركعات قبل الفجر فإنه يقصر العشاء وإن سافر لأقل فالرواية كذلك، وروى ابن الجلاب يتم ولو قدم لأربع قبل الفجر أتم ولأقل فإنه يقصر وخرج ابن الجلاب إتمامه.

‌باب في صلاة الجمعة

اعلم أنه يقال الجمعة بضم الميم وإسكانها وفتحها قاله الواحدي عن الفراء. والجمعة من خصائص هذه الأمة واختلف في حكمها على ثلاثة أقول: فالمعروف أنها فرض عين مطلقا، وروى ابن وهب أنها سنة، فحملها بعضهم على ظاهرها، قال ابن

ص: 225

عبد البر وهو جهل، ونقل بعض شيوخنا عن اللخمي أنه خرج أنها فرض كفاية من قول ابن نافع وابن وهب أن مصلى ظهرا وهو يلزمه سعي إدراكها لم يعد، ولم أجد له إلا قوله القول بالبطلان أحسن إلا أن يترجح بقول من قال إن الجمعة ليست بفرض.

ونص ابن عبد الحكم على أن المسجون لا يخرج للجمعة، قال المازري عن بعض أشياخه منعه من الجمعة إنما هو على قول من شذ أن الجمعة فرض كفاية ورده بأن لها بدلا وتسقط بالمطر على قول وأبيح التيمم إذا كثر ثمن الماء، وكذلك الخوف على تلف مال الغرماء بخروجه يوم الجمعة، قال: والأولى أن لا يمنع منها إن أمكن خروجه لها مع عدم ضرر الغرماء.

(والسعي إلى الجمعة فريضة وذلك عند جلوس الإمام على المنبر وأخذ المؤذنون في الأذان والسنة المتقدمة أن يصعدوا حينئذ على المنار فيؤذنون):

كلام الشيخ ظاهر في أن الجمعة فر ضعين لأنه إذا كانت الوسيلة وهي السعي فرضا فأحرى المقصد وظاهر كلامه أن المؤذنين ثلاثة وهو قول مالك في رواية القاسم. وروى ابن عبد الحكم أنه يؤذن واحد لا أكثر ونقل ابن الحاجب قولا بمؤذنين لا أكثر ولم يحفظه أشياخنا إلا منه، وكل هذا الخلاف إنما هو في عدد من يؤذن عند جلوس الإمام على المنبر.

وقال ابن العربي: كان يؤذن عند جلوسه صلى الله عليه وسلم واحد ثم يقوم آخر ثم زاد عثمان ثالثا بالزوراء قبل جلوسه، ثم قلب الناس الأذان فهو بالمشرق كقرطبة وأما بالمغرب فثلاثة لجهل مفتيهم سمعوا أنها فجهلوا أن الإقامة منها.

ص: 226

قلت: ورده بعض شيوخنا بنقل ابن حبيب كان إذا رقي صلى الله عليه وسلم المنبر أذن ثلاثة مرتبا على المنار فلما كثر الناس أمر عثمان بأذان الزوال بالزوراء؛ فإذا خرج أذن ثلاثة ثم نقل هشام أذان الزوراء للمنار والثلاثة بين يديه، وما قاله شيخنا ضعيف لما قد علمت من اضطراب أهل العلم في رواية ابن حبيب للاحاديث هل هي ضعيفة أم لا حسبما هو مذكور في المدارك، والاتفاق على أنه ثبت في نقل فروع المذهب.

وظاهر كلام الشيخ أن السعي يجب عند سماع المؤذن الأول واختلف فيها فقهاء بجاية من المتأخرين حسبما أخبرني بذلك بعض من لقيته من التونسيين فقال جماعة منهم بذلك، وقال آخرون إنما يجب السعي عند سماع الثالث، والصواب عندي أن اختلافهم إنما هو خلاف في حال فمن كان مكانه بعيدا جدا بحيث يعلم أنه إن لم يسمع نداء المؤذن الأول فاتته الصلاة، وجب عليه حيئنذ وإن كان قريبا فلا يجب عليه حينئذ، وكذلك لو كان مكانه بعيدا جدا فإنه يجب عليه بمقدار ما إذا وصل حانت الصلاة إن كان ثم من يخضر الخطبة غيره ممن يكتفي بهم.

(ويحرم حينئذ البيع وكل ما يشغل عن السعي إليها):

هذا مخصوص بشراء الماء لمن انتقض وضوءه وقت النداء فلم يجد الماء إلا بثمن نص عليه أبو محمد ونقله عبد الحق في النكت وابن يونس وبه الفتوى ولم يحفظه غيره في المذهب، وهو ظاهر في أن صاحب الماء لا يجوز له بيعه وإنما الرخصة في ذلك للمشتري المذكور، وبه أفتى بعض من لقيته. واختلف إذا وقع البيع على ثلاثة أقوال: ففي المدونة يفسخ وفي المجموع عن مالك البيع ماض وليستغفر الله، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة، وقال ابن الماجشون بالأول في حق من اعتاد ذلك وبالثاني فيمن لم يعتده وهذا كله إذا كان المتبايعان، أو إحدهما ممن تلزمه الجمعة.

وإذا فرعنا على مذهب المدونة وهو المشهور فإن يفسخ ما دام قائما اتفاقا فإن فات بتغير سوق فأعلى فإنه يمضي بالقيمة كسائر البيوع الفاسدة وقيل يمضي بالثمن قاله المغيرة وسحنون واختاره اللخمي، واحتج له ابن عبدوس بأن فساده في عقده فإذا فات فيمضي بالمسمى كنكاح فساده في عقده، وعلى الأول فقال ابن القاسم تعتبر القيمة حين البيع وقال أشهب بعد الصلاة، وقيل يوم الحكم نقله ابن عبد السلام عن بعض المفسرين عن أصبغ، واختلف إذا وقع ما يتكرر وقوعه كالنكاح والإجازة والصدقة فقال ابن القاسم لا يفسخ واختاره ابن بكير، وقال الأبهري والقاضي عبد

ص: 227

الوهاب وابن الجلاب يفسخ.

واختلف في فسخ بيع من باع لخمس ركعات للغروب وعليه ظهر يومه وعصره فقال اسماعيل القاضي وابو عمران يفسخ وقال سحنون لا يفسخ، وصوبه ابن محرز وغيره وفرقوا بأن الجمعة لا تقضي.

(وهذا الأذان الثاني أحدثه بنو أمية):

أراد الثاني في الإحداث ولو قال عوض قوله ينو أمية عثمان لكن أولى لأن أقيس في الاقتداء وإن كان أمويا والله أعلم.

(والجمعة تحب بالمصر والجماعة):

ما ذكر الشيخ مثله عن يحيى بن عمر أجمع مالك وأصحابه أنها لا تقام إلا بالمصر، قال ابن سحنون وأسقطها سحنون عن أهل المنستير وأقامها بقلشانة ولم يجزها بسوسة وسفاقس إلا زحفا، وأنكر ابن سحنون على ابن طالب إقامتها بأولج قال اللخمي، وأخبرت أن بها عشرة مساجد، وروى مطرف وابن الماجشون إن قاربوا ثلاثين رجلا جمعوا، وفي مختصر ما ليس في المختصر إن بلغوا في الكسوف خمسين رجلا جمعوا وأجراه اللخمي هنا، وقال عبد الوهاب والباجي: المعتبر من تتقرى بهم قرية يمكن ثواؤهم. وجعله المازري المشهور وقال الباجي رد أصحابنا قول الشافعي لا تنعقد الإ بأربعين دون الإمام لحديث جابر: ما بقي حين انفضوا عنه صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ومجد وعظم إلا اثنا عشر رجلا مقتضاه إجازتها باثنى عشر وإمام، ذكر صاحب اللمع عن بعض الأصحاب اعتبار عشرة فقط. فيتحصل في ذلك ستة أقوال.

قال ابن عبد السلام: ولا يشترط حصول هذا العدد في كل جمعة كما جاء في حديث العير لأنه لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم إلا اثنا عشر رجلا، قلت: واختار غير واحد من شيوخنا أن ذلك شرط في كل جمعة، واختلف هل يعتبر في العدد من لا تجب عليهم الجمعة كالمسافرين والعبيد على قولين، وهذا الخلاف إنما هو إذا كمل بهم عدد الجمعة لا أنهم كانوا كلهم عبيدا أو مسافرين على ظاهر كلام ابن بشير وابن شاس وابن عات خلافه.

(والخطبة فيها واجبة قبل الصلاة):

ما ذكر أن الخطبة واجبة هو المشهور وقيل أنها سنة قاله ابن الماجشون ونحوه ما رواه أبو زيد في ثمانيته عن ابن الماجشون عن مالك أن من ترك الخطبة على أي

ص: 228

وجه تركها فجمعته صحيحة، وعلى الأول فنص ابن بشير وغيره على أنه شرط قال ابن الحاجب: والخطبة واجبة خلافا لابن الماجشون شرط على الأصح قال ابن هارون، وظاهره أن القاتلين بوجوب الخطبة اختلفوا في شرطيتها قال ولا أعرفه لغيره.

قلت: ورد الشيخ خليل الخلاف لقوله واجبة لا لقوله شرط للاتفاق على الشرطية، وما ذهب إليه به أدركت بعض من لقيته يفسره، والأقرب ما فهمه ابن هارون لأن من حفظ مقدم على من لم يحفظ إذ هو ظاهر اللفظ والله أعلم على أنه لا يبعد أن يكون هو معنى ما دلت عليه رواية أبي زيد السابقة.

واختلف في أقل الخطبة على قولين: فقال ابن القاسم أقل ذلك ما يسمى خطبة عند العرب، وقيل أقله حمد الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم وتحذير وتبشير وقرآن قاله ابن العربي واختلف إذا اقتصر على تسبيحة أو تهليلة، وقال ابن القاسم لا تجزئه، وقال ابن عبد الحكم: تجزئه ولو أسر بخطبته حتى إنه لم يسمعه أحد وأنصت لها فإنها تجزئه.

نقله ابن هارون متبرئا منه بقوله قالوا قلت: واعترضه غير واحد من شيوخنا بأن ظاهر المذهب عدم الإجزاء وبأن ما ذكره لم يوجد لغيره، واختلف هل تجب الطهارة لها ام لا؟ فقال سحنون بوجوبها قائلا يعيد من خطب بغير طهارة أبدًا، واختاره ابن العربي وقال ابن الجلاب والقاضي عبد الوهاب هي مستحبة.

(ويتوكأ الإمام على قوس أو عصا):

اختلف قول القاسم هل توكؤه على عصا بيمينه مستحب أم لا، والمشهور عنه هو الأول، وظاهر كلام الشيخ أن القوس مشروع سفرا وحضرا وهو قول مالك في رواية ابن وهب، وروى ابن زياد أن ذلك مختص بالسفر وألحق بعض الشيوخ السيف بهما، واختلف في حكمة ذلك فقيل مخافة أن يعبث بلحيته عند فكرته في الخطبة، وقيل تهيب للحاضرين وإشعار بأن لم يقبل تلك الموعظة فله العصا فإن تمادى قتل بالقوس أو السيف.

(ويجلس في أولها وسطها):

أما الجلوس الأول فلا خلاف أنه مشروع هنا عند الأكثر، وإنما الخلاف في العيدين ونحوهما، وقال عياض روي عن مالك قول كمذهب أبي حنيفة أنه يمنع أن يجلس الإمام على المنبر قبل الخطبة في الجمعة ذكره في الإكمال وهو قول غريب فاعلمه، والمشهور أنه ليس بشرط في صحة الصلاة حتى لو خطب ولو لم يجلس في

ص: 229

أولها فإنه يجزئه وقيل لا يجزئه.

وأما الجلوس الثاني فذكر ابن حبيب عن ابن القاسم أنه واجب، وأنه إن خطب واحدة لم تجزئه وذكر عن مطرف عن مالك أنه سنة، قال ابن القصار وهو الذي يقوى في نفسي، واختلف في مقداره فقال يحيى بن يحيى قدر الفصل بين السجدتين وقيل قدر ما يقرأ (قل هو الله أحد) [الأخلاص:1]

حكاه ابن عات، واختلف في وجوب القيام للخطبة فقال ابن حبيب من السنة أن يخطب قائما، ومثله لابن العربي والأكثر على أن ذلك فرض.

واختلف هل يشترط حضور الجماعة للخطبة أم لا؟ فعزا ابن رشد شرطية ذلك للمدونة وعزا لغيرها عدم ذلك. وقال ابن القصار والقاضي عبد الوهاب وغيرهما لا نص وظاهر المذهب وجوبه.

(وتقام الصلاة عند فراغها):

هذا هو المطلوب أعنى أن الصلاة يشترط وصلها بالخطبة ويسير الفصل عفوا بخلاف كثيره والمطلوب أن يكون الذي خطب هو الإمام، فإن طرأ ما يمنع إمامته كحدث أو رعاف فإن كان الماء بعيدا فإنه يستخلف باتفاق وإن قرب فكذلك عند مالك، وقيل ينتظر قاله ابن كنانة وابن أبي حازم وحيث يستخلف ففي المدونة من حضر الخطبة أولى ولأشهب إن قدم غيره ابتدأها أحب إلي.

(ويصلي الإمام ركعتين يجهر فيهما بالقراءة يقرأ في الأولى بالجمعة ونحوها وفي الثانية بـ (هل أتاك حديث الغاشية) ونحوها):

ما ذكر أنه يقرأ في الأولى والثانية بما قال هو خلاف ظاهر المدونة قال فيها يستحب قراءتها بالجمعة ثم بهل أتاك، وروي عن مالك أنه يقرأ في الثانية بسبح فقط وقيل بالمنافقين فقط قيل والأمر فيهما واسع، قاله اللخمي فيتحصل في ذلك خمسة أقوال.

فإن قلت قول ابن الحاجب يستحب في الأولى الجمعة وفي الثانية هل أتاك أو سبح أو المنافقين أليس أنه يقتضي التخيير، قلت قال ابن عبد السلام: هي أقوال فتكون "أو" للتفصيل.

(ويجب السعي إليها على من في المصر ومن على ثلاثة أميال منه فأقل):

ظاهر كلامه وإن كان المصر على ستة أميال فأكثر وهو كذلك رواه ابن أبي

ص: 230

أويس وهو متفق عليه. وظاهر كلامه أنه لا يزاد على ثلاثة أميال شيء، وهو كذلك في رواية أشهب وجعل في المدونة الزيادة اليسيرة عليها كحكمها وكان بعض من لقيته يوجه ذلك لتحقق الثلاثة الأميال، وقيل تجب على من على ستة أميال وقيل تجب على بريد وكلاهما حكاه ابن الحاجب وسلمه ابن عبد السلام.

وقال ابن راشد وابن هارون ولا أعرفهما إلا في إقامة الجمعة بقرية قريبة من الأخرى تصلي فيها الجمعة، وقال الشيخ خليل لعله بنى على أحد القولين في أن لازم القول قول لأنه يلزم من الخلاف المذكور الخلاف فيما ذكره، واختلف في الموضع الذي يعتبر منه التحديد فقال من المسجد، وقال ابن عبد الحكم: من طرف البلد، والمشهور من المذهب عدم تعدد الجمعة في المصر الكبير وقال ابن عبد الحكم: ويحيى بن عمران عظم كمصر فلا بأس بها بمسجدين، وقال ابن القصار إن كان ذات جانبين كبغداد وقال اللخمي إن كثروا بعد من يصلي بأفنيته جاز.

(ولا تجب على مسافر ولا على أهل منى ولا على عبد ولا امرأة ولا صبي):

ما ذكر أنها لا تجب على المسافر هو كذلك باتفاق وما ذكر أنها لا تجب على أهل منى هو كذلك في المدونة وتأولها ابن يونس على غير القاطنين بها وفهمه غيره على العموم، وما ذكر من أنها لا تجب على العبد هو كذلك باتفاق عند ابن حارث، وحكى ابن شعبان فيه خلافا عن مالك، وقال مشهور قول مالك أنها لا تجب وقال أيضًا من قدر على إتيانها من عبد يلزمه ذلك ويقام لها من حانوت ربه، وروى ابن وهب إن قدر عليها عبد فهمي عليه ففهم عنه اللخمي قلنا وتعقبه المازري بأن في رواية ابن شعبان أثر حانوت زيادة، لأنه إذا حضرها صار من أهلها قائلا هذه العلة تدل على عدم وجوبها في الأصل.

قلت ورده بعض شيوخنا بأن ظاهر منطوقه في الوجوب مقدم على المفهوم ولو سلم فأين رده من قوله هو مشهور قول مالك من رواية ابن وهب، وما ذكر في المرأة والصبي متفق عليه ولا معنى لذكر الصبي هنا إذ هو غير مكلف.

(وإن حضرها عبد أو امرأة فليصلها وتكون النساء خلف صفوف الرجال ولا تخرج إليها الشابة):

ما ذكر هو كذلك باتفاق يريد وكذلك إذا حضرها مسافر فإنها تجزئه قاله مالك، ونقل المازري عن ابن الماجشون أنها لا تجزئه لأنه غير مطالب بها والنفل لا

ص: 231

يجزئ عن الفرض ورد بالاتفاق في المرأة والعبد على الإجزاء وزعم ابن عبد السلام أن صلاة المسافر تجزئه اتفاقا وهو قصور.

(وينصت للإمام في خطبته):

ظاهره وإن كان بعيد بحيث لا يسمع صوت الإمام وهو كذلك حكى ابن زرقون عن ابن نافع لا بأس بكلام من لم يسمع صوت الإمام لخبر أو لحاجة، والاتفاق على أنه لا يجوز الكلام حين يجلس الإمام بين الخطبتين، واختلف هل يجوز الكلام فيما بين نزوله عن المنبر والصلاة، على قولين لمالك حكاهما ابن العربي، وخرج بعض شيوخنا عليهما التخطي حينئذ وظاهر كلام الشيخ ولو سب الإمام من لا يجوز سبه أو مدح من لا يجوز مدحه أنه ينصت له في ذلك وهو كذلك قاله مالك.

وقال ابن حبيب حينئذ يجوز الكلام وصوب والإشارة جائزة قاله عيسى بن دينار، وقال الباجي مقتضى المذهب منعها واختلف في خفيف الذكر سرا في نفسه فقال ابن القاسم إنه جائز، وقال ابن عبد الحكم: إنه ممنوع وكلاهما حكاه ابن حارث، ويجوز أن يحمد العاطس في نفسه قاله مالك وقيل يسر بذلك قاله ابن حبيب.

(ويستقبله الناس):

يريد أن ذلك على طريق الوجوب كما هو نص المدونة واسقط اللخمي الاستقبال على من بالصف الأول، وقال الشيخ أبو عبد الله السطي وهو عندي خلاف ظاهر المدونة، واختلف إذا خرج الإمام على الناس ولم يجلس على المنبر هل يجوز الركوع أم لا؟ فقال في المدونة يجلس ولا يركع وفي المختصر جواز الركوع وأما بعد أن يجلس على المنبر فالأكثر على المنع من ذلك، وجوز أبو القاسم السيوري التحية ولو كان يخطب وزعم ابن شاس أن محمد بن الحسن رواه عن مالك.

(والغسل لها واجب والتهجير حسن):

لا يريد بقوله واجب أنه فرض، وإنما يريد به السنة المؤكدة وهو المعروف في المذهب، وقيل إن الغسل مستحب رواه أشهب وقيل هو سنة مؤكدة لا يجوز تركه دون عذر فأخذ اللخمي منه الوجوب ورده المازري بتأثيم تارك السنن، وقال ابن عبد السلام: أطلق عليه في المدونة الوجوب واعترضه بعض شيوخنا بأنه اغترار بلفظ التهذيب، وإنما هو في المدونة لفظ حديث.

قلت: ويجاب بأن اتيان سحنون به دون ما يخالفه دليل على أنه قائل به حسبما

ص: 232

فهمه أهل المذهب عنه في قوله عن ابن مسعود القنوت في الصبح سنة ماضية، وفي قوله عن ابن قسيط الجمع ليلة المطر سنة إلى غير ذلك، وقال اللخمي يجب على من له رائحة يذهبها الغسل ويستحب لغيره فيتحصل في حكم الغسل أربعة أقوال، والمشهور من المذهب أنه عبادة وصفته، وماؤه كالجنابة، وقال ابن شعبان يجوز غسله بماء الورد وعزاه ابن العربي لأصحابنا ويشترط اتصال الغسل بالرواح، وقال ابن وهب أن اغتسل بعد الفجر أجزأه فأخذ منه غير واحد عدم اشتراطه وحمله ابن يونس على أنه وصله بالرواح وقول ابن الحاجب، وقال ابن وهب وغيره موصول يتعقب لأن المنقول عنه إنما هو ما قلناه.

(وليس ذلك في أول النهار):

ما ذكر هو قول مالك وقال ابن حبيب ذلك في أول النهار.

(وليتطيب لها ويلبس أحسن ثيابه وأحب إلينا أن ينصرف بعد فراغها):

يعني أن ذلك على طريق الاستحباب وكذلك يستحب أن يقص شاربه وظفره ويستاك وينتف إبطيه ويستحد إن احتاج قاله ابن حبيب.

(ولا يتنفل في المسجد بعدها وليتنفل إن شاء قبلها ولا يفعل ذلك الإمام وليرق المنبر كما يدخل):

أما الإمام فلا يتنفل إثر الجمعة في المسجد باتفاق واختلف هل يجوز ذلك لغيره أم لا؟ على ثلاثة أقوال: حكاها ابن رشد: فقيل إن ذلك جائز فيثاب إن فعل قاله في سماع أشهب وقيل إن تنفله مكروه فيثاب لتركه ولا يأثم لفعله قاله في أول صلاة المدونة، وقيل يستحب تركه وفعله فيثاب ترك أم صلى قاله في ثاني صلاة المدونة، وعلى القول الثاني فاختلف إذا صلى على جنازة إثر الجمعة فقيل إنه يجوز التنفل وهو حاجز حصين وقيل لا.

ص: 233