المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْحُدُودِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ إِلَّا عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ. ــ كتابُ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٦

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْحُدُودِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ إِلَّا عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ. ــ كتابُ

‌كِتَابُ الْحُدُودِ

لَا يَجِبُ الْحَدُّ إِلَّا عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ.

ــ

كتابُ الحُدودِ

فائدة: الحُدودُ جَمْعُ حدٍّ، وهو فى الأَصْلِ المَنْعُ، وهو فى الشَّرْعِ؛ عُقُوبَةٌ تَمْنَعُ مِنَ الوُقوعِ فى مِثْلِه.

قوله: لا يَجِبُ الحَدُّ إلَّا على بالغٍ عاقِلٍ عالمٍ بالتَّحْرِيمِ. هكذا قال كثيرٌ مِنَ

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ. وقال فى «الوَجيزِ» ، تبَعًا «للرِّعايةِ الكُبْرى»: مُلْتَزِمٍ. ليَدْخُلَ الذِّمِّى دُونَ الحَرْبِىِّ. قلتُ: هذا الحُكْمُ لا خِلافَ فيه.

ص: 168

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ.

ــ

قوله: ولا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ الحَدَّ إلَّا الإِمَامُ أَو نائِبُه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، مِن حيثُ الجُمْلَةُ، وعليه الأصحابُ. واختارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، أنَّه لا يجوزُ إلا لقَرِينَةٍ، كتَطَلُّبِ الإِمامِ له ليَقْتُلَه، فيجوزُ لغيرِ الإِمامِ ونائبِه

ص: 170

إلَّا السَّيِّدَ، فَإِنَّ لَهُ إِقَامَةَ الْحَدِّ بِالْجَلْدِ خَاصَّةً عَلَى رَقِيقِهِ الْقِنِّ. وَهَلْ لَهُ الْقَتْلُ فِى الرِّدَّةِ، وَالْقَطْعُ فِى السَّرِقَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

قَتلُه. [وقيل: يُقِيمُ الحدَّ وَلىُّ المَرْأَةِ](1). فعلى المذهبِ، لو خالَفَ وفَعَل، لم يَضْمَنْه. نصَّ عليه.

قولُه: إلَّا السَّيِّدَ -يعْنِى المُكَلَّفَ- فإنَّ له إقامَةَ الحَدِّ بالجَلْدِ خاصَّةً على رَقِيقِهِ

(1) سقط من: ط.

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القِنِّ. وهو المذهبُ. قال فى «المُحَرَّرِ» : هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ» : ولسَيِّدٍ إقامَتُه، على الأصحِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ

ص: 172

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذَّهَبِ»، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم.

وعنه، ليس له ذلك. وقيل: ليس له إقامَةُ الحدِّ على أمَتِه المَرْهُونَةِ والمُسْتَأْجَرَةِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: إنْ عَصَى الرَّقيقُ علانِيَةً، أقامَ السَّيِّدُ عليه الحدَّ، وإنْ عَصَى سِرًّا، فيَنْبَغِى أَنْ لا يجِبَ عليه إقامَتُه، بل يُخَيَّرُ بينَ

ص: 173

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سَتْرِه واسْتِتابَتِه بحَسَبِ المَصلَحَةِ فى ذلك.

تنبيهان؛ أحدُهما، قد يقالُ: إنَّ ظاهِرَ قوْلِه: رَقِيقِه القِنٍّ. أنَّه لو كان رَقِيقًا مُشْتَرَكًا لا يُقِيمُه إلَّا الإِمامُ أو نائِبُه. [وهو صحيحٌ. صرَّح به ابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتِه الكُبْرى»](3).

الثَّانى، مفْهومُ كلامِه، أنَّه ليس لغيرِ السَّيِّدِ إقامَةُ الحَدِّ. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: للوَصِىِّ إقامَتُه على رَقيقِ مُولِيه. وأَطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» .

قوله: وهل له القَتْلُ فى الرِّدَّةِ، والقَطْعُ فى السَّرِقَةِ؟ على رِوَايَتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، [و «الخُلاصةِ»، و «البُلْغَةِ»](3)، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى [الصَّغِيرِ] (3)» ،

ص: 174

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الفُروعِ» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، ليس له ذلك. وهو المذهبُ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ، ونَصَروه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه» . [وقدَّمه فى «الكافِى»](1).

(1) سقط من: الأصل.

ص: 175

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والرِّوايةُ الثَّانيةُ، له ذلك. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» .

ص: 176

وَلَا يَمْلِكُ إِقَامَتَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ، وَلَا عَلَى مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، وَلَا أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ.

ــ

قوله: ولا يَمْلِكُ إقامَتَه على مُكاتَبِه. هذا أحدُ الوَجْهَيْن، واخْتارَه المُصَنِّفُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، [و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى»](1)، وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» . والوَجْهُ الثَّانى، له إقامَتُه عليه. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . وأَطلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، [و «النَّظْمِ»](3)،

(1) سقط من: الأصل.

ص: 177

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وجزَم فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، أنَّه لا يُقيمُ الحَدَّ على مُكاتَبَتِه.

قوله: ولا أمَتِه المُزَوَّجَةِ. يعْنِى، لا يَمْلِكُ إقامَةَ الحدِّ عليها. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: له إقامَتُه عليها. صحَّحه الحَلْوانِىُّ. ونقَل مُهَنَّا، إنْ كانتْ ثَيِّبًا. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ كانتْ مُحْصَنَةً، فالسُّلْطانُ، وأنَّه لا يَبِيعُها حتى تُحَدَّ.

ص: 178

وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ فَاسِقًا أَوْ امرأَةً، فَلَهُ إِقَامَتُهُ فِى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ.

ــ

قوله: وإنْ كانَ السَّيِّدُ فاسِقًا، أوِ امرَأَةً، فله إقامَتُه فى ظاهِرِ كَلامِه. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «الفُروعِ» .

ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يملِكَه. وهو للقاضى. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وجزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه» . وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» (1). وأطلَقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّر» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: يُقِيمُ وَلِىُّ المَرْأَةِ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 179

وَلَا يملِكُهُ الْمُكَاتَبُ. وَيَحتَمِلُ أَنْ يملِكَهُ. وَسَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ.

ــ

قوله: ولا يملِكُه المُكاتَبُ. هذا المذهبُ. صحَّحه فى «الهِدايَةِ» ؛ و «الفُروعِ» . [قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرحِه»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ»، فى بابِ المُكاتَبِ](1). وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و [«الكافِى» فى الكِتابة](1)، و «الشَّرحِ» ، و [«شرحِ ابنِ رَزِينٍ»](1). وهو ظاهِرُ ما جزَم به الأدَمِىُّ فى «مُنْتَخَبِه» .

ويحتَمِلُ أَنْ يَملِكَه. وهو وَجْه ورِوايةٌ فى «الخُلاصَةِ» . وأطلَقَهما فى «المُذْهبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِى» ، [و «الكافِى» هنا](1)، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

قوله: وسَوَاءٌ ثبَت ببَيِّنَةٍ أو إقْرَارٍ. حيثُ قُلْنا: للسَّيِّدِ إقامَتُه. فله إقامَتُه بالإِقْرارِ، بلا نِزاعٍ، إذا عَلِمَ شُروطَه. وأمَّا البَيِّنَةُ، فإنْ لم يعلم شُروطَها، فليس له إقامَتُه، قوْلًا واحدًا، وإنْ عَلِمَ شُروطَ سَماعِها، فله إقامَتُه. وهو أحدُ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 180

وَإِنْ ثَبَتَ بِعِلْمِهِ، فَلَهُ إِقَامَتُهُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَملِكَهُ،

ــ

الوَجْهيْن. جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى». واخْتارَه القاضى يَعقُوبُ. وقيل: لا يجوزُ له ذلك. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ» .

فائدة: قال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى» : قلتُ: ومَن أقامَ على نفْسِه ما يَلْزَمُه، مِن حَدِّ زِنًى أو قَذْفٍ، بإذْنِ الإِمامِ أو نائبِه، لم يسْقُطْ، بخِلافِ قَطْعِ سَرِقَةٍ. ويأْتِى اسْتِيفاؤُه حَدَّ قَذْفٍ مِن نفْسِه فى بابِه بأتَمَّ مِن هذا. [وتقدَّم فى بابِ اسْتِيفاءِ القِصاصِ، لوِ اقْتَصَّ الجانِى مِن نفْسِه برِضَى الوَلِىِّ، هل يجوزُ، أَوْ لا؟](1).

قوله: وإنْ ثبَت بعِلْمِه، فله إقامَته. نَصَّ عليه. وهو المذهبُ. جزَم به فى

(1) سقط من: ط.

ص: 181

كَالإِمَامِ. وَلَا يُقِيمُ الإِمَامُ الْحَدَّ بِعِلْمِهِ.

ــ

«الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهم.

ويَحتَمِلُ أَنْ لا يَملِكَه، كالإِمامِ. وهو رِوايةٌ عنِ الإِمام أحمدَ، رحمه الله. اخْتارَها القاضى. وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ» . [وقدَّمَه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»](1).

قوله: ولا يُقِيمُ الإِمَامُ الحَدَّ بعِلْمِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ووَجَّه

(1) سقط من: الأصل.

ص: 182

وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِى الْمَسَاجِدِ.

ــ

فى «الفُروعِ» تخْرِيجًا مِن كلامِ الشَيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رحمه الله، جوازَ إقامَتِه بعِلْمِه.

قوله: ولا تُقَامُ الحُدُودُ فى المَساجِدِ. يَحْتَمِلُ أنّه أرادَ التَّحريمَ. قلتُ: وهو

ص: 183

وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ فِى الْحَدِّ قَائِمًا،

ــ

الصَّوابُ. وجزَم به ابنُ تَمِيمٍ وغيرُه. [وقالَه ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ» وغيرُه](2). وقيل: لا يَحرُمُ، بل يُكْرَهُ. [قطَع به فى «الرِّعايتَيْن»، فى بابِ مَواضِعِ الصَّلاةِ](2). وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» فى آخِرِ الوَقْفِ.

قوله: ويُضْرَبُ الرَّجُلُ فى الحَدِّ قائمًا. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ.

ص: 184

بِسَوْطٍ لَا جَدِيدٍ وَلَا خَلَقٍ.

ــ

وعنه، قاعِدًا. فعليها، يُضْرَبُ الظَّهْرُ وما قارَبَه.

قوله: بسَوْطٍ لا جَدِيدٍ ولا خَلَقٍ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، نصَّ عليه. وهو ظاهرُ ما جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِى» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعندَ الخِرَقِىِّ، سَوْطُ العَبْدِ دُونَ سَوْطِ

ص: 185

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحُرِّ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وجعَلُوا الأوَّلَ احْتِمالًا، ونسَبَه الزَّرْكَشِىُّ إلى المُصَنِّفِ فقطْ. قال فى «البُلْغَةِ»: وَلْتَكُنِ الحِجارَةُ مُتَوَسِّطَةً كالكَفِّيَّةِ. وقال فى «الرِّعايَةِ» مِن عندِه: حَجمُ السَّوْطِ بينَ

ص: 186

وَلَا يُمَدُّ، وَلَا يُرْبَطُ، وَلَا يُجَرَّدُ، بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَمِيصُ والْقَمِيصَانِ.

ــ

القَضِيبِ والعَصا، أو بقَضِيبٍ بينَ اليابِسِ والرَّطْبِ.

قوله: ولا يُمَدُّ، ولا يُرْبَطُ، ولا يُجَرَّدُ، بل يَكُونُ عليه القَمِيصُ والقَمِيصان. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يجوزُ تجْرِيدُه. نَقَلَه عَبْدُ اللَّه،

ص: 187

وَلَا يُبَالَغُ فِى ضَرْبِهِ بِحَيْثُ يُشَقُّ الْجِلْدُ، وَيُفَرَّقُ الضَّرْبُ عَلَى أعضَائِهِ، إِلَّا الرّأْسَ وَالْوَجْهَ وَالْفَرْجَ وَمَوْضِعَ الْمَقْتَلِ.

ــ

والمَيْمُونِىُّ.

قوله: ويُفَرَّقُ الضَّرْبُ على أَعْضائِه، إلَّا الرَّأْسَ والوَجْهَ والفَرْجَ ومَوْضِعَ المَقْتَلِ. تفْرِيقُ الضَّرْبِ مُسْتَحَب غيرُ واجبٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى: يجبُ.

فائدتان؛ إحْداهما، لا تُعْتَبَرُ المُوالَاةُ فى الحُدودِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ذكَرَه القاضى وغيرُه فى مُوالَاةِ الوُضوءِ؛ لزِيادَةِ العُقوبَةِ، ولسُقوطِه بالشُّبْهةِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: وفيه نظَر. قال صاحِبُ «الفُروعِ» : وما قالَه شيْخُنا أظْهرُ.

الثَّانيةُ، يُعْتَبَرُ للجَلْدِ النِّيَّةُ، فلو جَلَدَه للتَّشَفِّى، أَثِمَ، ويُعِيدُه. ذكَرَه فى

ص: 188

وَالْمَرأةُ كَذَلِكَ، إِلَّا أنَّها تُضْرَبُ جَالِسَةً، وَتُشَدُّ عَلَيْها ثِيَابُهَا، وَتُمسَكُ يَدَاها لِئَلَّا تَنْكَشِفَ.

ــ

«المَنْثُورِ» عنِ القاضى. قال فى «الفُروعِ» : وظاهرُ كلامِه، لا يُعتَبَرُ. وهو أظْهَرُ. قال: ولم يَعتَبِرُوا نِيَّةَ مَن يُقِيمُه أنَّه حَدٌّ، مع أنَّ ظاهِرَ كلامِهم -يُقِيمُه الإِمامُ أو نائِبُه- لا يُعتَبَرُ، وفى «الفُصولِ» -قُبَيْلَ فصولِ التَّعزيرِ- يحْتاجُ عندَ إقامَتِه إلى نِيَّةِ الإمام، أنَّه يَضْرِبُ للَّهِ ولِمَا وضَع اللَّهُ ذلك. وكذلك الحدَّادُ، إلَّا أنَّ الإمامَ إذا توَلَّى، وَأمَرَ عَبْدًا أعجَمِيًّا يضْرِبُ، لا عِلْمَ له بالنِّيَّةِ، أَجْزَأَتْ نِيَّتُه، والعَبْدُ كالآلَةِ. قال: ويَحْتَمِلُ أَنْ تُعْتَبَرَ نِيَّتُهما، كما نقولُ فى غُسْلِ المَيِّتِ: تُعتَبرُ نِيَّةً غاسِلِه. واحتَجَّ فى «مُنْتَهى الغايَةِ» لاعتِبارِ نِيَّةِ الزَّكاةِ بأنَّ الصَّرفَ إلى الفَقِيرِ له جِهاتٌ، فلابُدَّ مِن نِيَّةِ التَّمْيِيزِ، كالجَلْدِ فى الحُدودِ. قال ذلك فى «الفُروعِ» .

قوله: والمَرْأَةُ كذلك، إلَّا أَنَّها تُضْرَبُ جالِسَةً، وتُشَدُّ عليها ثِيابُها -نصَّ عليه- وتُمْسَكُ يَداها؛ لِئَلَّا تَنْكَشِفَ. وقال فى «الواضِحِ»: أَسْواطُها

ص: 189

وَالْجَلْدُ فى الزِّنَى أَشَدُّ الْجَلْدِ، ثُمَّ جَلْدُ الْقَذْفِ، ثُمَّ الشُّرْبِ، ثُمَّ التَّعْزِيرِ.

ــ

كذلك.

قوله: والجَلْدُ فى الزِّنَى أَشَدُّ الجَلْدِ، ثم جَلْدُ القَذْفِ، ثم الشُّرْبِ، ثم التَّعْزِيرِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به أكثرُهم. وقيل: أخَفُّها حدُّ الشُّرْبِ إنْ قُلْنا: هو أرْبَعُونَ جلْدَةً. ثم حدُّ القَذْفِ. وإنْ قُلْنا: حدُّه.

ص: 190

وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الضَّرْبَ فِى حَدِّ الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، فَلَهُ ذَلِكَ.

ــ

ثَمانُون. بُدِئَ بحَدِّ القَذْفِ، ثم بحَدِّ الشُّرْبِ، ثم بحَدِّ الزِّنَى، ثم بحَدِّ السَّرِقَةِ.

قوله: وإنْ رَأَى الإِمَامُ الضَّرْبَ فى حَدِّ الخَمْرِ بالجَرِيدِ والنِّعالِ، فله ذلك. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وغيرِهم. وزادَ فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «البُلْغَةِ» ، وغيرِهم، وبالأَيْدِى أيضًا؛ وهو مذْكُورٌ فى الحديثِ، وكذلك اسْتَدَلَّ الشَّارحُ (1) بذلك. وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: لا يُجْزِئُ بطَرَفِ ثَوْبٍ ونَعْلٍ. وفى «المُوجَزِ» : لا يُجْزئُ بيَدٍ وطَرَفِ ثَوْبٍ. وقال فى «الوَسِيلَةِ» : يُسْتَوْفَى بالسَّوْطِ فى ظاهرِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله،

(1) فى ط، أ:«الشراح» .

ص: 191

قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا يُؤَخَّرُ الْحَدُّ لِلْمَرَضِ، فَإِنْ كَانَ جَلْدًا، وَخُشِىَ عَلَيْهِ مِنَ السَّوْطِ، أُقِيمَ بِأَطْرَافِ الثِّيَابِ وَالْعُثْكُولِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخَّرَ فى الْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ زَوَالُهُ.

ــ

والخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ونَصَرَه. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الكافِى» ، وكلامِ القاضى فى «الجامِعِ» ، والشَّرِيفِ أبى جَعْفَرِ، والشِّيرَازِىِّ، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهم؛ حيثُ قالوا: يُضْرَبُ بسَوْطٍ.

فائدة: يحْرُمُ حَبْسُه بعدَ الحَدِّ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نَقَلَه حَنْبَلٌ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى فى «الأحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: مَن لم يَنْزَجِرْ بالحَدِّ وضَرْبِ النَّاسِ، فلِلْوالِى، لا القاضى، حَبْسُه حتى يتُوبَ. وفى بعضِ النُّسَخِ: حتى يمُوتَ.

قوله: قالَ أَصحابُنا: ولا يُؤَخَّرُ الحَدُّ للمَرَضِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ كما قال المُصَنِّفُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

ص: 192

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخَّرَ فى المرَضِ المَرْجُوِّ زَوالُه. يعْنِى إذا كان جَلْدًا. فأمَّا الرَّجْمُ، فلا يُؤَخَّرُ، فلو خالَفَ -على هذا الاحْتِمالِ- وفَعَل، ضَمِنَ. وإليه مَيْلُ الشَّارِحِ. واخْتارَه المُصَنِّفُ. وجزَم به فى «العُمْدَةِ». قال القاضى: ظاهِرُ قولِ الخِرَقِىِّ تأْخِيرُه، لقَوْلِه: مَن يجبُ عليه الحدُّ وهو صحيحٌ عاقِلٌ.

قوله: فإنْ كانَ جَلْدًا وخُشِىَ عليه مِنَ السَّوْطِ، أُقِيمَ بأَطْرافِ الثِّيابِ والعُثْكُولِ. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: وإنْ خِيف مِنَ السَّوْطِ، لم يَتَعَيَّنْ، على الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرُهم مِنَ

ص: 193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحابِ. وعنه، يتَعَيَّنُ الجَلْدُ بالسَّوْطِ. وقيلَ: يُضْرَبُ بمِائَةِ شِمْراخٍ (1). قالَه فى «الفُروعِ» . وقال فى «الرِّعايتَيْن» : فإنْ خِيفَ عليه السَّوْطُ، جَلَدَه بطَرَفِ ثَوْبٍ أو عُثْكُولِ نَخْلٍ فيه مِائَةُ شِمْراخٍ، يضْرِبُه به ضَرْبَةً واحدةً.

(1) الشمراخ: غصن دقيق رخص ينبت فى أعلى الغصن الغليظ عليه بُسْر.

ص: 194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: يُؤَخَّرُ شارِبُ الخَمْرِ حتى يصْحُوَ. نصَّ عليه، وقالَه الأصحابُ، لكِنْ لو وُجِدَ فى حالِ سُكْرِه، فقال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِى الفُروعِ»: الظَّاهِرُ

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنَّه يُجْزِئُ ويسْقُطُ الحدُّ. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه إن حصَلَ به أَلَمٌ يوجِبُ الزَّجْرَ، سقَطَ وإلَّا فلا. انتهى. وقال أيضًا: الأَشْبَهُ أنّه لو تَلِفَ -والحالَةُ

ص: 196

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذه- لا يضْمَنُه. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه يضْمَنُه إذا قُلْنا: لا يسْقُطُ به. ويُؤخَّرُ قَطْعُ

ص: 197

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

السَّارِقِ خَوْفَ التَّلَفِ.

ص: 198

وَإِذَا مَاتَ الْمَحْدُودُ فِى الْجَلْدِ، فَالْحَقُّ قَتَلَهُ.

ــ

تنبيه: قولُه: وإذا ماتَ المحْدُودُ فى الجَلْدِ، فالحَقُّ قَتَلَه. وكذا فى التَّعْزيرِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ جَلَدَه الإِمامُ فى حَرٍّ أو بَرْدٍ أو مرَضٍ وتَلِفَ، فَهَدْرٌ فى

ص: 199

وَإِنْ زَادَ سَوْطًا أَوْ أَكْثَرَ، فَتَلِفَ بِهِ، ضَمِنَهُ. وَهَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ أَوْ نِصْفَ الدِّيَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

الأصحِّ. ومُرادُ المُصَنِّفِ وغيرِه، إذا لم يَلْزَمِ التَّأْخِيرُ، فأمَّا إذا قُلُنا: يَلْزَمُه التَّأْخِيرُ. وجَلَدَه فماتَ، ضَمِنَه كما تقدَّم.

قوله: وإنْ زادَ سَوْطًا أو أَكْثَرَ، فتَلِفَ، ضَمِنَه، وهل يَضْمَنُ جَمِيعَه أَو نِصْفَ

ص: 200

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الدِّيَةِ؟ على وَجْهَيْن. وهما رِوايَتان. أحدُهما، يضْمَنُ جميعَ الدِّيَةِ. وهو المذهبُ. قال فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والعِشْرِينَ»: هذا المَشْهورُ، وعليه القاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثانى، يضْمَنُ نِصْفَ الدِّيَةِ. وقيل: تُوَزَّعُ الدِّيَةُ على الأَسْواطِ إنْ زادَ على

ص: 201

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأَرْبَعِينَ. وفى «واضِحِ ابنِ عَقِيلٍ» : إنْ وَضَع فى سَفِينَةٍ كُرًّا (1) فلم تَغْرَقْ، ثم وضَع قَفِيزًا فغَرِقَتْ، فَغَرَقُها بهما فى أقْوَى الوَجْهَيْنِ. والثَّانى، بالقَفِيزِ. وكذلك الشَّبَع والرِّىُّ، والسَّيْرُ بالدَّابَّةِ فَرْسَخًا، والسُّكْرُ بالقَدَحِ والأَقداحِ، وذكَرَه عنِ المُحَقِّقِينَ كما تَنْشَأ الغَضْبَةُ بكَلِمَةٍ بعدَ كلمةٍ، ويَمْتَلِئُ الإِناءُ بقَطْرَةٍ بعدَ قَطْرَةٍ، ويحْصُلُ العِلْمُ بواحدٍ بعدَ واحدٍ. وجزَم أيضًا فى السَّفِينَةِ، أنَّ القَفِيزَ هو المُغْرِقُ لها. وتقدَّم ذلك فى آخِرِ الغَصْبِ (2)، وتقدَّم نَظِيرَتُها فى الإِجارَةِ (3).

[فائدتان؛ إحْداهما](4)، لو أُمِرَ بزِيادَةٍ فى الحَدِّ، فزادَ جاهِلًا، ضَمِنَه الآمِرُ، وإنْ كانَ عالِمًا، ففيه وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يضْمَنُ الآمِرُ. قدَّمه فى [«الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِى»](5). والثَّانى، يضْمَنُ الضَّارِبُ. قال فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى»: وهو أوْلَى.

(1) الكر: هو مكيال بالعراق، وهو ستون قفيزا، أو أربعون إردبًّا.

(2)

انظر ما تقدم فى 15/ 348.

(3)

انظر ما تقدم فى 14/ 417.

(4)

فى الأصل: «فائدة» .

(5)

فى الأصل: «الرعاية» .

ص: 202

وَإِذَا كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا، لَمْ يُحْفَرْ لَهُ، رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنَ.

ــ

[الثَّانيةُ، لو تعَمَّدَ العَادُّ الزِّيادَةَ دُونَ الضّارِبِ أو أخْطَأ وادَّعَى ضارِبٌ الجَهْلَ، ضَمِنَه العادُّ، وتَعَمُّدُ الإِمامِ الزِّيادَةَ يَلْزَمُه فى الأَقْيَسِ؛ لأنَّه شِبْهُ عَمْدٍ. وقيل: كخَطَأ فيه الرِّوايَتان. قدَّمه المُصَنِّفُ وغيرُه. نقَلَه صاحِبُ «الفُروعِ»](1).

قوله: وإنْ كانَ الحَدُّ رَجْمًا، لم يُحْفَرْ له، رَجُلًا كانَ أوِ امْرَأةً، فى أَحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وصحَّحه فى

(1) سقط من: الأصل.

ص: 203

وفِى الآخَرِ، إِنْ ثَبَتَ عَلَى الْمَرْأَةِ بِإِقْرَارِهَا، لَمْ يُحْفَرْ لَهَا، وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ حُفِرَ لَهَا إِلَى الصَّدْرِ.

ــ

«التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى فى «الخِلافِ» .

وفى الآخَرِ، إنْ ثبَت على المَرْأةِ بإِقْرارِها، لم يُحْفَرْ لها، وإنْ ثبَت ببَيِّنَةٍ، حُفِرَ لها إلى الصَّدْرِ. اخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، وأبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ،

ص: 204

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصولِ» ، وصاحِبُ «التَّبْصِرَةِ» . وأَطْلَقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وحكَاهُما فى «الخُلاصَةِ» رِوايتَيْن. وأطْلَقَ فى «عُيونِ المَسائلِ» ، وابنُ رَزِينٍ، وصاحِبُ «الخُلاصَةِ» ، الحَفْرَ لها. يَعْنُون (1) سواءٌ ثَبَتَ بإقْرارِها أو ببَيِّنَةٍ؛ لأنّها عَوْرَةٌ فهو أسْتَرُ لها، بخِلافِ الرَّجُلَ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 205

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأ الشُّهُودُ بِالرَّجْمِ. وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأَ الإِمَامُ.

ــ

قوله: وإنْ ثبَت بالإِقْرارِ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأ الإِمَامُ. بلا نِزاعٍ، ويجبُ حُضورُه هو أو مَن يُقِيمُه مُقامَه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال أبو بَكْرٍ: لا يجبُ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وأبْطَلَا غيرَه. [ونقَل أبو داودَ، يَجِئُ النَّاسُ صُفوفًا لا يخْتَلِطُون، ثم يَمْضُوَن صَفًّا صَفًّا](1).

فائدة: يجبُ حُضورُ طائفَةٍ فى حدِّ الزِّنَى، والطائفَةُ واحدٌ فأكثرُ. على

(1) سقط من: الأصل.

ص: 206

وَمَتَى رَجَعَ الْمُقِرُّ بِالْحَدِّ عَنْ إِقْرَارِهِ، قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ رَجَعَ فِى أَثْنَاءِ

ــ

الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: هذا قوْلُ أصحابِنا. وقدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: والظاهِرُ أنَّهم أرادُوا واحِدًا مع الذى يُقِيمُ الحدَّ؛ لأن الذى يُقِيمُ الحدَّ حاصِلٌ ضرُورَةً، فتعَيَّن صَرْفُ الأمْرِ إلى غيرِه. قال فى «الكافِى»: وقال أصحابُنا: أقَلُّ ذلك واحِدٌ مع الذى يُقيمُ الحدَّ. واخْتارَ فى «البُلْغَةِ» : اثْنانِ فما فوْقَهما؛ لأن الطائفةَ الجماعَةُ، وأقَلُّها اثْنان. قال القاضى: الطَّائفَةُ اسْم للجماعَةِ لقَوْلِه تعالَى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا} (1) ولو كانتِ الطَّائفَةُ واحدًا، لم يقُلْ:{فَلْيُصَلُّوا} (1). وهذا مَعْنَى كلامِ أبى الخَطَّابِ. وقال فى «الفُصولِ» فى صَلاةِ الخَوفِ: الطَّائفَةُ اسْمُ جماعَةٍ، وأقَل اسْمِ الجماعَةِ مِنَ العَدَدِ ثَلَاثَةٌ، ولو قال: جماعَةٌ. لَكانَ كذلك، فكذا إذا قال: طائِفَةٌ. وسَبَق فى الوَقْفِ أنَّ الجماعَةَ ثَلَاثَةٌ. قلتُ: كلامُ القاضى فى اسْتِدْلالِه بقَوْلِه تعالَى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا} غيرُ قَوِىٍّ؛ لأَنَّ القائلَ بالأوَّلِ يقولُ بهذا أيضًا ولا يَمْنَعُه، لأن الطَّائِفَةَ عندَه تشْمَلُ الجماعَةَ وتَشْمَلُ الواحِدَ، فهذه الآيَةُ شَمِلَتِ الجماعَةَ، لكِنْ ما نفَتْ أنَّها تشْمَلُ الواحِدَ. وذكَر أبو المَعالِى، أن الطَّائفَةَ تُطْلَقُ علىِ الأَرْبَعَةِ فى قوْله تعالَى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ} (2) لأنَّه أوَّلُ شُهودِ الزِّنَى.

قوله: ومتى رجَع المُقِرُّ بالحَدِّ عن إقْرَارِه، قُبِلَ منه، وإنْ رجَع فى أَثْناءِ الحَدِّ،

(1) سورة النساء: 102.

(2)

سورة النور: 2.

ص: 207

الْحَدِّ، لَمْ يُتَمَّمْ.

ــ

لم يُتَمَّمْ. هذا المذهبُ فى جميعِ الحُدودِ، أعْنِى حدَّ الزِّنَى والسَّرِقَةِ والشُّرْبِ، وعليه الجمهورُ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ»: يُقْبَلُ رُجوعُه فى الزِّنَى فقط. وقال فى «الانْتِصارِ» : فى الزِّنى يسْقُطُ برُجوعِه

ص: 208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بكِنايَةٍ؛ نحوَ: مزَحْتُ. أو: ما (1) عَرَفْتُ ما قُلْتُ. أو: كُنْتُ ناعِسًا. وقال فى

(1) سقط من: الأصل.

ص: 209

وَإِنْ رُجِمَ بِبَيِّنَةٍ فَهَرَبَ، لَمْ يُتْرَكْ، وَإِنْ كَانَ بِإِقْرَارٍ، تُرِكَ.

ــ

«الانْتِصارِ» أيضًا، فى سارِقِ بارِيَّةِ المَسْجِدِ ونحوِها: لا يُقْبَلُ رُجوعُه. فعلى المذهبِ، إنْ تَمَّمَ الحَدَّ إذَنْ، ضَمِنَ الرَّاجِعَ (1)[فقط بالمالِ، ولا قَوَدَ. قالَه فى «الفُروعِ». وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «المُحَرَّرِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم](2).

قوله: وإنْ رُجِمَ بِبَيِّنَةٍ فهَرَب، لم يُتْرَكْ. بلا نِزاعٍ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

قوله: وإنْ كانَ بإقْرارٍ، تُرِكَ. يعْنِى، إذا رُجِمَ بإقْرارٍ فهَرَبَ. وهذا

(1) بعده فى الأصل، أ:«لا الهارب» .

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 210