المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: وَمَنْ قَتَلَ أَوْ أتَى حَدًّا خَارِجَ الْحرَمِ، ثُمَّ لَجَأَ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٦

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: وَمَنْ قَتَلَ أَوْ أتَى حَدًّا خَارِجَ الْحرَمِ، ثُمَّ لَجَأَ

‌فَصْلٌ:

وَمَنْ قَتَلَ أَوْ أتَى حَدًّا خَارِجَ الْحرَمِ، ثُمَّ لَجَأَ إِلَيْهِ،

ــ

بسِحْرٍ قُتِلَ حدًّا، وللمَسْحورِ مِن مالِه دِيَتُه، فيُقَدَّمُ حقُّ اللَّهِ.

قوله: ومَن قَتَل أَوْ أَتَى حَدًّا خارِجَ الحَرَمِ، ثم لَجَأ إِليه، لم يُسْتَوْفَ منه فيه.

ص: 221

لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْهُ فِيهِ، وَلَكِنْ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى حَتَّى يَخْرُجَ فَيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ.

ــ

وكذلك لو لجَأَ إليه حَرْبِىٌّ أو مُرْتَدٌّ. وهذا المذهب فى ذلك كلِّه، وعليه الأصحابُ، كحيوانٍ صائل مأكُولٍ. ذكَرَه المُصَنِّفُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ فى الحُدودِ. ووَافقَ أبو حَنِيفَةَ فى القَتْلِ. ونقَل حَنْبَل، يُؤْخَذُ بدُونِ القَتْلِ. هكذا قال فى «الفُروعِ» . وقال فى «الرِّعايَةِ» ، فى مَن لجَأَ إلى الحَرَمِ

ص: 222

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِن قاتِلٍ وآتٍ حدًّا: لا يُسْتَوْفَى منه. وعنه، يُسْتَوْفَى فيه كلُّ حدٍّ وقَوَدٍ مُطْلَقًا غيرَ القَتْلِ. قال: وكذا الخِلافُ فى الحَرْبِىِّ المُلْتَجِئ إليه، والمُرْتَدِّ ولو ارْتَدَّ فيه. قال

ص: 223

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى «الفُروعِ» : وظاهِرُ كلامِهم لا يعْنِى أنَّ المُرْتَدَّ فيه يُقْتَلُ فيه.

ص: 224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنيهان؛ الأَوَّلُ، ظاهرُ قوْلِه: ولكِنْ لا يُبايَعُ ولا يُشَارَى. أنَّه [يُكَلَّمُ ويُؤَاكَلُ ويُشارَبُ](1). وهو ظاهرُ كلامِ جماعةٍ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ»: ولا يُكَلَّمُ أيضًا. ونَقَلَه أبو طالِبٍ. وزادَ فى «الرَّوْضَةِ» ، لا يُؤَاكَلُ ولا يُشارَبُ.

الثَّانى، الألِفُ واللَّامُ فى «الحَرَمِ» للعَهْدِ؛ وهو حَرَمُ مَكَّةَ، فأمَّا حَرَمُ المَدِينَةِ فليس كذلك. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَر فى «التَّعْليقِ» وَجْهًا، أنَّ

ص: 225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حرَمَها كحَرَمِ مَكَّةَ.

ص: 226

وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِى الْحَرَمِ، اسْتُوفِىَ مِنْهُ فِيهِ.

ــ

قوله: وإنْ فعَل ذلك فى الحَرَمِ، اسْتُوفِىَ منه فيه. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وذكَر جماعَةٌ، فى مَن لجَأَ إلى دارِه، حُكْمُه حُكْمُ مَن لجَأَ إلى الحَرَم مِن خارِجِه.

فوائد؛ إحْداها، الأَشْهُرُ الحُرُمُ لا تعْصِمُ مِن شئٍ مِنَ الحُدودِ والجِنايَاتِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وتَرَدَّدَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَهُ

ص: 227

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللَّهُ، فى ذلك. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، تعْصِمُ (1). واخْتارَه ابنُ القَيِّمِ، رحمه الله، فى «الهَدْى» .

(1) فى الأصل: «بعضهم» .

ص: 228

وَإِنْ أَتَى حَدًّا فِى الْغَزْوِ، لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْهُ فى أرضِ الْعَدُوِّ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى دَارِ الإِسْلَامِ، فَيُقَامَ عَلَيْهِ.

ــ

الثَّانيةُ، لو قُوتِلُوا فى الحَرَمِ، دَفَعوا عن أنْفُسِهم فقطْ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: هذا ظاهرُ ما ذكَرُوه فى بَحْثِ المَسْألَةِ. وصحَّحه ابنُ الجَوْزِىِّ. و [قال ابنُ القَيِّمِ، رحمه الله](1) فى «الهَدْى» : الطَّائفَةُ المُمْتَنِعَةُ بالحَرَم مِن مُبايعَةِ الإِمام لا تُقاتَلُ، لاسِيَّما إنْ كانَ لها تأوِيلٌ. وفى «الأَحْكامِ السُّلْطانِيَّةِ»: يُقاتَلُ البُغَاةُ إذا لم يَنْدَفِعْ بَغْيُهم (2) إلَّا به. وفى «الخِلافِ» ، و «عُيونِ المَسائلِ» ، وغيرِهما، اتَّفقَ الجميعُ على جَوازِ القِتالِ فيها متى عرَضَتْ تلك الحالُ. ورَدَّه فى «الفُروعِ» . وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله: إنْ تعَدَّى أهْلُ مَكَّةَ أو غيرُهم على الرَّكْبِ (3)، دفَع الرَّكْبُ (3) كما يدْفَعُ الصَّائِلَ، وللإِنْسانِ أَنْ يدْفَعَ مع الرَّكْبِ (3)، بل قد يجبُ إِنِ احْتِيجَ إليه.

الثَّالثةُ، قوْلُه: ومَن أَتَى حَدًّا فى الغَزْوِ، لم يُسْتَوْفَ منه فى أَرْضِ العَدُوِّ حتى يَرْجِعَ إِلى دارِ الإِسْلامِ، فيُقامَ عليه. وهو صحيحٌ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وكذلك لو أَتَى بما يُوجِبُ قِصاصًا. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وظاهرُ كلامِهم، أنَّه لو

(1) زيادة من: أ.

(2)

فى الأصل: «بعضهم» .

(3)

فى الأصل: «الراكب» .

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أتَى بشئٍ مِن ذلك فى الثُّغُورِ، أنَّه يُقامُ عليه فيه. وهو صحيحٌ. صرَّح به الأصحابُ.

الرَّابِعَةُ، لو أتى حدًّا فى دارِ الإِسْلامِ، ثم دخَل دارَ الحَرْبِ أو أُسِرَ، يُقامُ عليه

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحدُّ إذا خرَج. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا قَتَل وزَنَى، ودخَل دارَ الحَرْبِ فقَتَل أو زَنَى أو سَرَق، لا يُعْجِبُنِى أَنْ يُقامَ عليه ما أصابَ هناك. ونقَل صالِحٌ، وابنُ مَنْصُورٍ، إنْ زَنَى الأسِيرُ أو قتَل مُسْلِمًا، ما أعْلَمُه إلَّا أَنْ يُقامَ عليه الحدُّ إذا خرَج. ونقَل أبو طالبٍ، لا يُقْتَلُ إذا قتَل فى غيرِ دارِ (1) الإِسْلامِ، لم يجبْ عليه هناك حُكْمٌ.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 231