المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب حد القذف - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٦

[المرداوي]

الفصل: ‌باب حد القذف

‌بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

وَهُوَ الرَّمْىُ بِالزِّنَى.

ــ

بابُ القَذْفِ

ص: 347

وَمَنْ قَذَفَ حُرًّا مُحْصَنًا، فَعَلَيْهِ جَلْدُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً إِنْ كَانَ الْقَاذِفُ حُرًّا، أَو أَرْبَعِينَ إِنْ كَانَ عَبْدًا. وَهَلْ حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ للَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلآدَمِيِّينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

تنبيه: ظَاهِرُ قوْلِه: ومَن قذَف مُحْصَنًا فعليه جَلْدُ ثَمَانِين جَلْدَةً إنْ كانَ القاذِفُ حُرًّا، وأَرْبَعِين إن كانَ عَبْدًا. أن هذا الحُكْمَ جارٍ ولو عتَقَ قبلَ الحدِّ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، ولا أعلمُ فيه خِلافًا.

ص: 348

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيهٌ ثانٍ: يُشْترَطُ فى صِحَّةِ قَذْفِ القاذِفِ أَنْ يكونَ مُكَلَّفًا؛ وهو العاقِلُ البالِغُ، فلا حدَّ على مَجْنونٍ، ولا مُبَرْسَمٍ، ولا نائمٍ، ولا صَبِىٍّ. وتقدَّم حكمُ قَذْفِ السَّكْرانِ فى أوَّلِ كتابِ الطَّلاقِ. ويصِحُّ قَذْفُ الأَخْرَسِ إذا فُهِمَتْ إشارَتُه. جزَم به فى «الرِّعَايَةِ» . وفى اللِّعانِ ما يدُلُّ على ذلك.

فائدة: لو كانَ القاذِفُ مُعْتَقًا بعضُه، حُدَّ بحِسَابِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو كعَبْدٍ. قال الزَّركشِىُّ: لو قيل بالعَكسِ لاتَّجهَ. يعْنِى أنَّه كالحُرِّ. [انتهى. قلتُ: وهو ضعيفٌ، لأَنَّ الحدَّ يُدْرَأُ بالشُّبْهَةِ](1).

قوله: وهل حَدُّ القَذْفِ حَقٌّ للَّهِ، أو للآدَمِىِّ؟ على رِوَايَتَيْن. [وهذه المَسْألَةُ مِن جملةِ ما زِيدَ فى الكتابِ](2)؛ إحْداهما، هو حقٌّ للآدَمِىِّ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» و «الكافِى» ، وغيرِهما. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو المَنْصوصُ المُخْتارُ للأصحابِ. وقال: هو مُقْتَضَى ما جزَم به المَجْدُ، وهو الصَّوابُ. انتهى. والثَّانيةُ، هو حقٌّ للَّهِ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . فعلى المذهبِ، يسْقُطُ الحدُّ بعَفْوِه عنه بعدَ طَلَبِه. وقال القاضى وأصحابُه: يسْقُطُ بعَفْوِه عنه، لا عن بعضِه. وعلى الثَّانيةِ، لا يسْقُطُ. وعليهما، لا يُحَدُّ، ولا يجوزُ أَنْ يَعْرِضَ له إلا بطَلَبٍ. وذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رحمه الله، إجْماعًا. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ على الثَّانيةِ، وبدُونِه. ؤلو قال: اقْذِفْنِى. فقَذَفَه، عُزِّرَ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 349

والْمُحْصَنُ؛ هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ الَّذِى يُجَامِعُ مِثْلُهُ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

على المذهبِ، ويُحَدُّ على الثَّانيةِ. وصحَّح فى «التَّرْغيبِ» ، وعلى الأوَّلَةِ أيضًا. ويأْتى ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ.

فائدة: ليس للمَقْذُوفِ اسْتِيفاوه بنَفْسِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ إجْماعًا، وأنَّه لو فعَل، لم يُعْتَد به. وعلَّلَه القاضى بأنه يُعْتَبَرُ نِيَّةُ الإِمامِ أنَّه حَدٌّ. وقال أبو الخَطَّابِ: له اسْتِيفاوه بنَفْسِه. وقال فى «البُلْغَةِ» : لا يسْتَوْفِيه بدُونِ الإِمامِ، فإنْ فعَل، فوَجْهان. وقال: هذا فى القَذْفِ الصَّريحِ، وأنَّ غيرَه يبرأُ به سِرًّا، على خِلافٍ فى المذهبِ. وذكَر جماعةٌ -على الرِّوايةِ الثَّانيةِ- لا يسْتَوْفِيه إِلَّا الإِمامُ. وتقدم فى كتابِ الحُدودِ، هل يسْتَوْفِى حدَّ الزِّنَى مِن نفْسِه؟

قوله: والمُحْصَنُ، هو الحُرُّ المُسْلِمُ العاقِلُ العَفِيفُ الذى يُجامِعُ مثلُه. زادَ فى

ص: 350

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الرِّعايَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، المُلْتَزِمُ. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال فى «المُبْهِجِ»: لا مُبْتَدِعٌ. وقال فى «الإِيضاحِ» : لا مُبْتَدِعٌ، ولا فاسِقٌ ظَهَر فِسْقُه. وقال فى «الانْتِصارِ»: لا يُحَدُّ بقَذْفِ فاسِقٍ.

تنبيهات؛ أحدُها، مفْهومُ قوْلِه: والمُحْصَنُ؛ هو الحُرُّ المُسْلمُ. أنَّ الرَّقيقَ والكافِرَ غيرُ مُحْصَنٍ؛ فلا يُحَدُّ بقَذْفِه. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «عُمُدِ الأَدِلَّةِ» : عندِى يُحَدُّ بقَذْفِ العَبْدِ، وهو أشْبَهُ بالمذهبِ لعَدالَتِه، فهو أحْسَنُ حالا مِنَ الفاسِقِ بغيرِ الزِّنَى. انتهى. وعنه، يُحَدُّ بقَذْفِ أُمِّ الوَلَدِ. قطَع به الشِّيرَازِىُّ. وعنه، يُحَدُّ بقَذْفِ أتَى وذِميةٍ لها وَلَا أو زَوْجٌ مُسْلِمٌ، كما تقدَّم قريبًا. وقيل: يُحَدُّ العَبْدُ بقَذْفِ العَبْدِ.

ص: 351

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا عمَلَ عليه. فعلى المذهبِ، يُعَزَّرُ القاذِفُ على المذهبِ مُطْلَقًا. وعنه، لا يُعَزَّرُ لقذْفِ كافرٍ.

الثَّانى، شَمِلَ كلامُه الخَصِىَّ والمَجْبوبَ. وهو صحيح. وجزَم به ناظِمُ «المُفْرَداتِ» ، وهو منها.

الثَّالثُ، مُرادُه بالعَفيفِ هنا العَفِيف عنِ الزِّنَى ظاهِرًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ.

قال ناظِمُ «المُفْرَداتِ» :

وقاذِفُ المُحْصَنِ فيما يبْدُو

وإنْ زَنَى فقاذِفٌ يُحَدُّ

وقيل: هو العفيفُ عن الزِّنى ووَطْء لا يُحَدُّ به لمِلْكٍ أو شُبْهَةٍ. وأطْلَقهما الزَّرْكَشِىُّ. وقال: ولعَلَّه مَبْنِىٌّ على أن وَطْءَ الشُّبْهَةِ، هل يُوصَفُ بالتَّحْريمِ أمْ لا؟ قلتُ: تقدَّم الخِلافُ فى ذلك فى بابِ المُحَرَّماتِ فى النِّكاحِ. وقيل: يجبُ البَحْثُ عن باطنِ عِفَّةٍ.

ص: 352

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: لا يخْتَلُّ إحْصانُه بوَطْئِه فى حَيْضٍ وصَوْمٍ وإحْرامٍ. قالَه فى «التَّرْغيبِ» .

قوله: وهل يُشْتَرَطُ البُلُوغُ؟ على رِوَايَتَيْن. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، و «المُحَرَّرِ» ،

ص: 353

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الفُروعِ» ، وغيرِهم؛ إحْداهما، لا يُشْترَطُ بُلوغُه، بل بكَوْنِ مِثْلِه يطَأْ أو يُوطَأُ. وهو المذهبُ. قال أبو بَكْرٍ: لا يخْتَلِفُ (1) قولُ أبى عَبْدِ اللَّهِ، رحمه الله، أنَّه يُحَدُّ قاذِفُه إذا كانَ ابنَ عَشَرَةٍ، أوِ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ سنَةً. قال فى «التَّرْغيبِ»: هذه أشْهَرُهما. قال فى «القَواعِد الأُصولِيَّةِ» : أظْهَرُهما، يجبُ الحدُّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ» ، والقاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافَاتِهم» ، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا، وابنُ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ» . وهو مُقْتَضى كلامِ الخِرَقىِّ. وقدَّمه فى «الهادِى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «إِدْراكِ الغايةِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يُشْترَطُ البُلوغُ. قال فى «العُمْدَةِ» ،

(1) فى الأصل: «يجب» .

ص: 354

وَقَذْفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ.

ــ

و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، و «نِهايةِ ابنِ رَزِينٍ»: والمُحْصَنُ؛ هو الحُرُّ المُسْلِمُ البالغُ العَفِيفُ. وقيل: إنَّ هذه الرِّوايةَ مُخَرَّجة لا مَنْصوصَةٌ. فعلى المذهبِ، لا يُقامُ الحدُّ على القاذِفِ حتى يبْلُغَ المَقْذُوفُ، ويُطالِبَ به بعدَه. وعلى المذهبِ أيضًا، يُشْترَطُ أَنْ يكونَ الغُلامُ ابنَ عَشْرٍ، والجارِيَةُ بِنْتَ تِسْعٍ، كما قالَه المُصَنِّفُ بعدَ ذلك، وقالَه الأصحابُ.

فائدة: لو قذَف عاقِلًا فجُنَّ، أو أُغْمِىَ عليه قبل الطَّلَبِ، لم يُقَمْ عليه الحدُّ حتى يُفيقَ ويُطالِبَ، فإنْ كانَ قد طالَبَ ثم جُنَّ أو أُغْمِىَ عليه، جازَتْ إقامَتُه، ولو قذَف غائِبًا، اعْتُبِرَ قُدومُه [وطَلَبُه، إلَّا أَنْ](1) يثْبُتَ أنَّه طالَبَ به (2) فى غَيْبَتِه، فيُقامُ. على المذهبِ. وقيل: لا يُقامُ؛ لاحْتِمالِ عَفْوِه. قالَه الزَّرْكَشِىُّ.

قوله: وقَذْفُ غيرِ المُحْصَنِ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» .

(1) فى الأصل: «وطلب أن لا» .

(2)

سقط من: الأصل، ط.

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعنه، يُحَدُّ قاذِفُ أمِّ الوَلَدِ، كالمُلاعِنَةِ. وعنه، يُحَدُّ قاذِفُ أمَةٍ أو ذِمِّيةٍ لها وَلَدٌ أو زَوْجٌ مُسْلِمان. وقال ابنُ عَقِيلٍ: إنْ قذَف كافِرًا لا وَلَدَ له مُسْلِمٌ، لم يُحَدَّ.

ص: 356

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على الأصحِّ.

ص: 357

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، لا يُحَدُّ والِدٌ لوَلَدِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قالَه فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه. وجزَم به ابنُ البَنَّا، والمُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، والشَّارِحُ، ونَصَراه. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ. ونصَّ عليه فى الوالدِ (1)، فى رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ، وأبى طالِبٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، وغيرِهم: لا يُحَدُّ أبٌ، وفى أُمٍّ وَجْهان. انتهَوا. والجَدُّ

(1) فى ط، أ:«الولد» .

ص: 358

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والجَدَّةُ -وإنْ عَلَوْا- كالأبوَيْن. ذكَرَه ابنُ البَنَّا. ويُحَدُّ الابنُ بقَذْفِ كلِّ واحدٍ منهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا يُحَدُّ بقَذْفِه أباهُ أو أخَاهُ.

الثَّانيةُ، يُحَدُّ بقَذْفٍ على وَجْهِ الغَيْرَةِ -بفَتْحِ الغينِ المُعْجَمَةِ- على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجهُ احْتِمالٌ؛ لا يُحَدُّ، وِفاقًا لمالِكٍ، رحمه الله، وأنَّها عُذْرٌ فى غَيْبَةٍ ونحوِها. وتقدَّم كلامُ ابنِ عَقِيلٍ، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، رَحِمَهُما اللَّه.

ص: 359

وَإِنْ قَالَ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ. وَفَسَّرَهُ بِصِغَرٍ عَنْ تِسْعِ سِنِينَ، لَمْ يُحَدَّ، وَإِلَّا خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.

ــ

قوله: وإنْ قالَ: زَنَيْتِ وأَنتِ صَغِيرَةٌ. وفَسَّرَه بصِغَرٍ عن تِسْعِ سِنِينَ، لم يُحَدَّ. ولكِنْ يُعَزَّرُ. زادَ المُصَنِّفُ، إذا رَآه الإِمامُ، وأَنَّه لا يحْتاجُ إلى طلَبٍ؛ لأنَّه لتأْدِيبِه.

فائدة: لو أنْكَرَ المقْذوفُ الصِّغَرَ (1) حالَ القَذْفِ، فقال القاضى: يُقْبَلُ قولُ القاذِفِ، فإنْ أقامَا بيِّنتَيْن، وكانَتَا مُطْلقتَيْن، أو مؤَرَّختَيْن [تَارِيخيْن مُخْتَلِفَيْن](2)، فهما قذفانِ؛ مُوجَبُ أحدِهما التَّعْزيرُ، والآخَرِ الحدُّ، وإنْ بَيَّنَتَا تارِيخًا واحدًا، وقالتْ إحْداهما: وهو صغيرٌ. وقالتِ الأُخْرَى: وهو كبيرٌ. تَعارَضَتا وسقَطَتَا. وكذلك لو كان تَاريخُ بَيِّنَةِ المقْذوفِ قبلَ تَاريخِ بَيِّنَةِ القاذِفِ.

(1) فى الأصل: «الصغبر» .

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 360

وَإِنْ قَالَ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ. أَوْ: أَمَةٌ. وَلَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وِإنْ كَانتْ كَذَلِكَ، وَقَالَتْ: أَرَدْتَ قَذْفِى

ــ

قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما.

قوله: وإن خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْن. يعْنِى المُتَقَدِّمتَيْن فى اشْتِراطِ البُلوغِ وعدَمِه.

قوله: وإنْ قالَ لحُرةٍ مُسْلِمَةٍ: زَنَيْتِ وأنْتِ نَصْرانِيَّةٌ. أو: أمَةٌ. ولم تَكُنْ

ص: 361

فى الْحَالِ. فَأَنْكَرَهَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

كذلك، فعليه الحَدُّ. وإنْ لم يَثْبُتْ وأمْكَنَ، فرِوايَتان. وأَطْلَقَهما فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ؛ إحْداهما، يُحَدُّ. وهو الصَّحيحُ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: حُدَّ، على الأصحِّ. وقدَّمه فى «الحاوِى الصَّغِيرِ» . [وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ»](1). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُحَدُّ.

تنبيه: مفْهومُ قولِه: وإنْ لم يثْبُتْ وأمْكَنَ (2). أنَّه إذا ثبَت، لا يُحَدُّ. وهو صحيحٌ. قال فى «الرِّعايتَيْن»: وإنْ لم يَثْبُتَا (3)، لم يُحَدَّ، على الأصحِّ. وكذا

(1) سقط من: الأصل.

(2)

هذا القول ليس من متن المقنع.

(3)

فى الأصل: «ثبتا» .

ص: 362

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال فى «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وعنه، يُحَدُّ.

فوائد؛ إحْداها، وكذا الحُكْمُ لو قذَف مجْهولَةَ النَّسَبِ، وادَّعَى رِقَّها، وأنْكَرَتْه ولا بَيِّنَةَ، خِلافًا ومذهبًا. قالَه المَجْدُ، والنَّاظِمُ، وابنُ حَمْدانَ، وغيرُهم. وقدَّم المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ هنا، أنَّه يُحَدُّ. [وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن». وقدَّمه فى «الحاوِى». وهو المذهبُ](1). واخْتارَ أبو بَكْرٍ، أنه لا يُحَدُّ.

الثَّانيةُ، لو قال: زَنَيْتِ وأنتِ مُشْرِكَةٌ. فقالتْ: أرَدْتَ قَذْفِى بالزِّنَى والشِّرْكِ معًا. فقال: بل أرَدْتُ قَذْفَكِ بالزِّنَى إذْ كُنْتِ مُشْرِكَةً. فالقولُ قولُ القاذِفِ. على

ص: 363

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، وغيرُه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أصحُّ الرِّوايتَيْن وأنَصُّهما. وعنه، يُحَدُّ. اخْتارَه القاضى. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» . وأَطلَقَهما فى «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» .

الثَّالثةُ، لو قال لها: يا زانِيَةُ. ثم ثبَت زِنَاها فى حالِ كُفْرِها، لم يُحَدَّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كثُبوتِه فى إسْلامٍ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «المُبْهِجِ»: إنْ قَذَفَه بما أتَى فى الكُفْرِ، حُد؛ لحُرْمَةِ الإِسْلامِ. وسألَه ابنُ مَنْصُورٍ، رجُلٌ رَمَى امْرَأةً بما فَعَلَتْ فى الجاهِلِيَّةِ؟ قال: يُحَدُّ.

قوله: وِإنْ كانَتْ كذلك، وقالَتْ: أرَدْتَ قَذْفِى فى الحالِ. فَأَنْكَرَها، فعلى وَجْهَيْن. وأَطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ،

ص: 364

وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا، فَزَالَ إِحْصَانُهُ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحَدِّ، لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ عَنِ الْقَاذِفِ.

ــ

و «المُسْتَوْعِبِ» ؛ أحدُهما، لا يُحدُّ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ، وابنُ البَنَّا. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» وغيرِه. والوَجْهُ الثَّانى، يُحَدُّ. اخْتارَه القاضى. وقدَّمه فى «الخُلاصةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». [قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: اخْتارَه الْخِرَقِىُّ] (1). وقال فى «الفُروعِ» : ويتَوَجَّهُ مِثْلُه إنْ أضافَه إلى جُنونٍ. وقال فى «التَّرْغيبِ» : إنْ كانَ ممن يُجَنُّ، لم يَقْذِفْه (2). وقال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: إنِ ادَّعَى أنَّه كان مَجْنونًا حينَ قذَفَه، فأَنْكَرَ وعُرِفَ له حالَةُ جُنونٍ وإِفاقَةٍ، فَوَجْهان.

فائدة: لو قذَف ابنَ المُلاعِنَةِ، حُدَّ. نصَّ عليه. وكذا لو قذَف المُلاعِنَةَ نفْسَها ووَلَدَ الزِّنَى. قالَه الأصحابُ.

قوله: ومَن قذَف مُحْصَنًا، فزالَ إحْصَانُه قبلَ إقامَةِ الحَدِّ، لم يَسْقُطِ الحَدُّ عَنِ

(1) سقط من: الأصل.

(2)

فى أ: «يحد بقذفه» .

ص: 365

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القاذِفِ. نصَّ عليه. وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ؛ حَكَمَ حاكِمٌ

ص: 366

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بوُجوبِه أَوْ لا. قالَه الأصحابُ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ أيضًا.

ص: 367