الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ
مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً خَطَأً، أَوْ مَا أُجْرِىَ مُجْرَاهُ، أَوْ شَارَكَ فِيهَا، أَوْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرأةٍ فَألْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أَوْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ،
ــ
بابُ كفَّارَةِ القَتْلِ
قوله: ومَن قتَل نَفْسًا مُحَرَّمَةً خَطَأً، أو ما أُجْرِىَ مُجْرَاه، أو شارَكَ فيها، فعليه الكَفَّارَةُ. هذا المذهبُ؛ سواءٌ قتَلَ نفْسَه أو غيرَها، وسواءٌ كان القاتِلُ مُسْلِمًا أو كافِرًا. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. واخْتارَ
وَعَنْهُ، أَنَّ عَلَى الْمُشْتَرِكِينَ كَفَّارَةً وَاحِدَةً.
ــ
المُصَنِّفُ، لا تَلْزَمُ [قاتِلَ نفْسِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وفيه نظَرٌ. وعنه، لا تَلْزَمُ قاتِلَ نفْسِه ولا كافِرًا؛ بِناءً على كفَّارَةِ الظِّهَارِ. قالَه فى «الواضِحِ» .
وعنه، على المُشتَركِين كفَّارَةٌ واحدةٌ] (1). قال الزَّرْكَشِىُّ: وهى أظْهَرُ مِن
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جِهَةِ الدَّليلِ. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» . وتقدَّم حُكْمُ كفَّارَةِ القَتْلِ عندَ كفَّارَةِ الظِّهارِ.
قوله: أَو ضرَب بَطْنَ امْرَأةٍ فأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أو حَيًّا ثم ماتَ، فعليه الكَفَّارَةُ. هذا المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى
مُسْلِمًا كَانَ الْمَقْتُولُ أَوْ كَافِرًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا.
ــ
«الفُروعِ» . وقال فى «الإِرْشادِ» : إنْ جَنَى عليها، فأَلْقَتْ جَنِينَيْن فأكثرَ، فقيل: كفَّارَةٌ واحدةٌ. وقيل: تتَعَدَّدُ. قال فى «الفُروعِ» : فيُخَرجُ مِثْلُه فى جَنِينٍ وأُمِّه.
وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ كَبِيرًا عَاقِلًا، أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا.
ــ
تنبيه: ظاهرُ قوْلِه: فأَلْقَتْ جَنِينًا. أنَّها لو ألْقَتْ مُضْغَةً لم تَتَصَوَّرْ، لا كفَّارَةَ فيها. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. وقيل: فيه الكفَّارَةُ.
قوله: وسَوَاءٌ كانَ القاتِلُ كَبِيرًا عاقِلًا، أو صَبِيًّا أو مَجْنُونًا، حُرًّا أو عَبْدًا. بلا
وَيُكَفِّرُ الْعَبْدُ بِالصِّيَامِ. فَأَمَّا الْقَتْلُ الْمُبَاحُ، كَالْقِصَاصِ، وَالْحَدِّ، وَقَتْلِ الْبَاغِى وَالصَّائِلِ، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ.
ــ
نِزاعٍ فى ذلك إلَّا المَجْنونَ، فإنَّه قال فى «الانْتِصارِ»: لا كفَّارَةَ عليه.
قوله: ويُكَفِّرُ العَبْدُ بالصِّيَامِ. يأْتِى حُكْمُ العَبْدِ فى التَّكْفيرِ فى آخِرِ كتابِ الأَيْمانِ، فيما إذا عتَق أو لم يعْتِقْ قبلَ التَّكْفيرِ، فَلْيُعاوَدْ هناك، وتقدَّم أيضًا فى أوَّلِ كتابِ الزَّكاةِ، فَلْيُعاوَدْ.
قوله: فأمَّا القَتْلُ المُبَاحُ؛ كالقِصاصِ والحُدودِ، وقَتْلِ الباغِى والصَّائِلِ، فلا كَفارَةَ فيه. بلا نِزاعٍ، إلَّا فى البَاغِى إذا قَتَلَه العادِلُ، فإنَّه حكَى فى «التَّرْغيبِ» فيه وَجْهَيْن، على رِوايَةِ أنَّه لا يضْمَنُ.
وَفِى قَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِ العَمْدِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، لَا كَفَّارَةَ فِيهِ. اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِى. وَالأُخْرَى، فِيهِ الْكَفَّارَةُ.
ــ
قوله: وفى قَتْلِ العَمْدِ وشِبْهِه رِوايَتان. وأطْلَقَهما فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» فيهما. أمَّا العَمْدُ، فلا تجبُ فيه الكفَّارَةُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم أَبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والقاضى ووَلَدُه أبو الحُسَيْنِ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ، والشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم.
قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: والمَشْهورُ فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبِ، أنَّه لا كفَّارَةَ فى قَتْلِ العَمْدِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» .
وعنه، تجِبُ. اخْتارَها أبو محمدٍ الجَوْزِىُّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: وزَعَم القاضى، والشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلَافَيْهِما» ، أنَّ هذه الرِّوايةَ اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ. قال: وليس فى كلامِه ما يدُلُّ على ذلك. وكذا قال فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الهِدايَةِ» ، و «الفُروعِ»: إنَّه اخْتِيارُ الخِرَقِىِّ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «البُلْغَةِ» .
[وأمَّا شِبْهُ العَمْدِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وُجوبُ الكفَّارَةِ به. نصَّ عليه. واخْتارَه الشِّيرَازِىُّ، وابنُ البَنَّا، وغيرُهما. وجزَم به فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «البُلْغَةِ»](1)، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. قال فى «الفُروعِ»: يَلْزَمُ على الأصحِّ. قال
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُصَنِّفُ: لا أعلمُ لأَصحابِنا فى شِبْهِ العَمْدِ فى وُجوبِ الكفَّارَةِ قَوْلًا، ومُقْتَضَى الدَّليلِ وُجوبُ الكفَّارَةِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تجِبُ، كالعَمْدِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَها أبو بَكْرٍ. وظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ، والقاضى. وكذا قال ابنُ مُنَجَّى. والذى حَكاه الأصحابُ فيها، إنَّما هو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ فقط، فلعَلَّ المُصَنِّفَ اطَّلعَ على أنَّه اخْتِيارُ القاضى فى مَوْضِعٍ مِن كلامِه.
تنبيه: قال الزَّرْكَشِىُّ: وقد وقَع لأبى محمدٍ فى «المُقْنِعِ» إجْراءُ الرِّوايتَيْن فى شِبْهِ العَمْدِ، وهو ذُهولٌ، فقد قال فى «المُغْنِى» (1): لا أعلمُ لأصحابِنا فيه قَوْلًا. قال ابنُ مُنَجَّى، بعدَ حِكايَةِ كلامِه فى «المُغْنِى»: فحِكايَتُه الرِّوايَةَ فى شِبْهِ العَمْدِ وَقعَتْ هُنا سَهْوًا. قال الشَّارِحُ، بعدَ حِكايَةِ كلامِه فى «المُغْنِى»: وقد ذكَر شيْخُنا فى الكتابِ المَشْروحِ رِوايةً، أنَّه كالعَمْدِ؛ لأَنَّ دِيَتَه مُغَلَّظَةٌ، فظاهِرُه أنَّه ما اطَّلعَ عليها إلَّا فى هذا الكتابِ. انتهى. قلتُ: وهذا الصَّوابُ. وقد ذكَر هذه
(1) انظر المغنى 12/ 227.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرِّوايةَ النَّاظِمُ، وابنُ حَمْدانَ فى «رِعايَتَيْه» ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم، ولم يتعَرَّضُوا للنَّقْلِ فيها، لكِنْ قال النَّاظِمُ: هى بعيدةٌ. وقد علَّلَها الشَّارِحُ، فقال: لأَنَّ دِيَتَه مُغَلَّظَةٌ، فكانَتْ كالعَمْدِ.
فائدتان؛ إحْداهما، مَن لَزِمَتْه كفَّارَةٌ، ففى مالِه مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: ما جَمَلَه بَيْتُ المالِ مِن خَطَأ إمامٍ وحاكِمٍ، ففى بَيْتِ المالِ، ويُكَفِّرُ الوَلِىُّ عن غيرِ مُكَلَّفٍ مِن مالِه.
الثَّانيةُ، نقَل مُهَنَّا، القَتْلُ له كفَّارَةٌ، والزِّنَى له كفَّارَةٌ. ونقَل المَيْمُونِىُّ، ليس بعدَ القَتْلِ شئٌ أشَدَّ مِنَ الزِّنَى.