المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: وَإِذَا اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ للَّهِ فِيهَا قَتْلٌ، اسْتُوفِىَ وَسَقَطَ سَائِرُهَا. ــ المذهبُ، - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٦

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: وَإِذَا اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ للَّهِ فِيهَا قَتْلٌ، اسْتُوفِىَ وَسَقَطَ سَائِرُهَا. ــ المذهبُ،

‌فَصْلٌ:

وَإِذَا اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ للَّهِ فِيهَا قَتْلٌ، اسْتُوفِىَ وَسَقَطَ سَائِرُهَا.

ــ

المذهبُ، نصَّ عليه. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا يُتْرَكُ، فلا يسْقُطُ عنه الحدُّ بالهَرَبِ. فعلى المذهبِ، [لو تَمَّمَ](1) الحَدَّ بعدَ الهَرَبِ، [لم يضْمَنْه](2). على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نصَّ عليه. [وقطَع به فى «المُغْنِى»، و «الشَّرْحِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ»، وغيرِهم](3). وقيلَ: يضْمَنُ (4). [وتقدَّم كلامُ صاحبِ «الرِّعايَةِ»](5).

فائدة: لو أَقَرَّ، ثم رجَع، ثم أقَرَّ، حُدَّ، ولو أنْكَرَه بعدَ الشَّهادَةِ على إقرارِه، فقد رجَع على أصحِّ الرِّوايتَيْن. قالَه فى «الرِّعايَةِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وعنه، لا يُتْرَكُ، فيُحَدُّ. وقيل: يُقْبَلُ رُجوعُ مُقِرٍّ بمالٍ. قالَه فى «الفُروعِ» .

قوله: وإذا اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ للَّهِ فيها قَتْلٌ، اسْتُوفِىَ وسْقَط سائِرُها. بلا خِلافٍ

(1) فى الأصل: «لم يتم» .

(2)

فى الأصل: «ضمن الهارب» .

(3)

سقط من: الأصل.

(4)

فى الأصل: «لا يضمن» .

(5)

سقط من: ط.

ص: 211

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فيها قَتْلٌ؛ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ مِثْلَ أَنْ زَنَى، أَوْ سَرَقَ، أَوْ شَرِبَ مِرَارًا، أَجْزَأَ حَدٌّ وَاحِدٌ.

ــ

أعْلَمُه.

وقوله: وِإنْ لم يَكُنْ فيها قَتْلٌ، فإنْ كانَتْ مِن جِنْسٍ، مثلَ أَنْ زَنَى أو سرَق أو

ص: 212

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شَرِبَ مِرَارًا، أَجْزَأَ حَدٌّ واحِدٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، أنَّه لا تَداخُلَ فى السَّرِقَةِ. قال فى «البُلْغَةِ»: فقَطْعٌ واحدٌ على الأصحِّ. وذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ» رِوايةً، إنْ طالَبُوا متَفَرِّقِينَ، قُطِعَ لكلِّ واحدٍ. قال أبو بَكْرٍ: هذه رِوايةُ صالحٍ، والعَمَلُ على خِلافِها.

ص: 213

وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَجْنَاسٍ، اسْتُوفِيَتْ كُلُّهَا، وَيُبْدَأُ بِالْأَخَفِّ فَالأَخَفِّ.

ــ

قوله: وإِنْ كانَتْ مِن أَجْنَاسٍ، اسْتُوفِيَتْ كُلُّها، ويُبْدَأُ بالأَخَفِّ فالأَخَفِّ. وهذا على سَبِيلِ الوُجوبِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ، فلو بُدِئَ بغيرِ الأخَفِّ، جازَ. وقَطَعا به.

ص: 214

وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ، فَتُسْتَوْفَى كُلُّهَا، سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا قَتْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَيُبْدَأُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ.

ــ

قوله: وأَمَّا حُقُوقُ الآدَمِيِّين، فَتُسْتَوْفَى كُلُّها، سَواءٌ كانَ فيها قَتْلٌ، أو لم يَكُنْ، ويُبْدَأُ بغيرِ القَتْلِ. وِإنِ اجْتَمَعَتْ مع حُدُودِ اللَّهِ، بَدَأَ بها. وبالأَخَفِّ وُجوبًا. قدَّمه فى «الفُروعِ» . وفى «المُغْنِى» ، إنْ بدَأَ بغيرِه، جازَ.

ص: 215

وَإِنِ اجْتَمَعَتْ مَعَ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، بُدِئَ بِهَا، فَإِذَا زَنَى وَشَرِبَ وَقَذَفَ وَقَطَعَ يَدًا، قُطِعَتْ يَدُهُ أوَّلًا، ثُمَّ حُدَّ لِلْقَذْفِ، ثُمَّ لِلشُّرْبِ، ثُمَّ لِلزِّنَى. وَلَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ حَتَّى يَبْرَأَ مِنَ الَّذِى قَبْلَهُ.

ــ

فإذا زَنَى وشَرِبَ وقَذَفَ وقطَع يَدًا، قُطِعتْ يَدُه أوَّلًا، ثم حُدَّ للقَذْفِ، ثم للشُرْبِ، ثم للزِّنَى. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصْحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: يُؤخَّرُ القَطْعُ، ويُؤخَّرُ حدُّ الشُّرْبِ عن حدِّ القَذْفِ إنْ قيل: هو أرْبَعُونَ. اخْتارَه القاضى.

ص: 216

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: ولا يُسْتَوفَى حَدٌّ حتى يَبْرَأ مِنَ الذِى قبلَه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: إن طَلَب صاحِبُ قَتْلٍ جَلْدَه قبلَ بُرْئِه مِن قَطْعٍ، فوَجْهان.

فائدة: لو قَتَل وارْتَدَّ (1)، أو سرَق وقطَع يَدًا، قُتِلَ وقُطِعَ لهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُقْتَلُ ويُقْطَع للقَوَدِ فقط. جزَم به فى «الفُصولِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُغْنِى». قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ

(1) فى الأصل: «وارثه» .

ص: 217

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَنْ يظْهَرَ لهذا الخِلافِ فائدَةٌ فى جَوازِ الخِلافِ فى اسْتِيفائِه بغيرِ حَضْرَةِ وَلىِّ الأمْرِ، وأنَّ على المَنْعِ هل يُعَزَّرُ أمْ لا؟. وأنَّ الأُجْرَةَ منه أو مِنَ المَقْتولِ؟ وأنَّه هل يسْتَقِلُّ بالاسْتِيفاءِ أو يكونُ كَمَن قتَل جماعَةً، فيُقْرَعُ، أو يُعَيِّنُ الإِمامُ؟ وأنَّه هل يأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ، كما قيلَ فى مَن قَتَل الرَّجُلَيْن؟ وغيرُ ذلك. انتهى.

وقال الشَّارِحُ: إذا اتَّفَقَ الحَقَّان فى محَلٍّ واحدٍ؛ كالقَتْلِ والقَطْعِ قِصاصًا وحَدًّا (1)، فأمَّا القَتْلُ، فإنْ كانَ فيه ما هو خالِصٌ لحقِّ اللَّهِ، كالرَّجْمِ فى الزِّنَى، وما هو حقٌّ لآدَمِىٍّ، كالقِصاصِ، قُدِّمَ القِصاصُ؛ لتأكُّدِ حقِّ الآدَمِىِّ. وإنِ اجْتَمَعَ القَتْلُ، كالقَتْلِ فى المُحارَبَةِ، والقِصاصُ، بُدِئ بأَسْبَقِهما؛ لأَنَّ القَتْلَ فى المحارَبَةِ فيه حقٌّ لآدَمِىٍّ، فإنْ سبَق القَتْلُ فى المُحارَبَةِ، اسْتُوفِىَ ووَجَب لوَلِىِّ

(1) بعده فى أ: «صار حدا» .

ص: 218

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَقْتولِ الآخَرِ دِيَتُه مِن مالِ الجانِى، وإنْ سَبَق القِصاصُ، قُتِلَ قِصاصًا ولم يُصْلَبْ، ووَجَب لوَلىِّ المَقْتولِ فى المُحارَبَةِ دِيَتُه وكذا لو ماتَ القاتِلُ فى المُحارَبَةِ، ولو كانَ القِصاصُ سابِقًا وعَفَا وَلىُّ المَقْتول، اسْتُوفِىَ القَتْلُ للمُحارَبَةِ، سواءٌ عفَا مُطْلَقًا أو إلى الدِّيَةِ، وإنِ اجْتَمَعَ وُجوبُ القَطْعِ فى يَدٍ أو

ص: 219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رِجْلٍ قِصاصًا وحدًّا، قُدِّمَ القِصاصُ على الحَدِّ المُتَمَحِّضِ للَّهِ، وإنْ عفَا وَلىُّ الجِنايَةِ، اسْتُوفِىَ الحدُّ، فإذا قطَع يَدًا وأخَذ المالَ فى المُحارَبَةِ، قُطِعَتْ يدُه قِصاصًا، ويُنْتَظَرُ بُرْؤُه، فإذا بَرِئ قُطِعَتْ رِجْلُه للمُحارَبَةِ. انتهى.

قال فى «الفُروعِ» : لو أخذَ الدِّيَةَ، اسْتُوفِىَ الحدُّ، وذكَر ابنُ البَنَّا، مَن قَتَلَ

ص: 220