المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب قتال أهل البغي] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ١٠

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب قتال أهل البغي]

[بَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ]

ِ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: نَصْبُ الْإِمَامِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ. فَمَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ بِإِجْمَاعٍ، أَوْ بِنَصٍّ، أَوْ بِاجْتِهَادٍ، أَوْ بِنَصِّ مَنْ قَبْلَهُ عَلَيْهِ. وَبِخَبَرٍ مُتَعَيِّنٍ لَهَا: حَرُمَ قِتَالُهُ. وَكَذَا لَوْ قَهَرَ النَّاسَ بِسَيْفِهِ. حَتَّى أَذْعَنُوا لَهُ وَدَعَوْهُ إمَامًا. قَالَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ. وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةً، وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إمَامًا بِذَلِكَ. وَقَدَّمَ رِوَايَتَيْنِ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. فَإِنْ بُويِعَ لِاثْنَيْنِ: فَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ. قَالَهُ فِي نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمَا. وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ قُرَشِيًّا حُرًّا ذَكَرًا عَدْلًا عَالِمًا كَافِيًا. ابْتِدَاءً وَدَوَامًا. قَالَهُ فِي نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ تَنَازَعَهَا اثْنَانِ مُتَكَافِئَتَانِ فِي صِفَاتِ التَّرْجِيحِ: قُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَالْأَذَانِ.

الثَّانِيَةُ: هَلْ تَصَرُّفُ الْإِمَامِ عَنْ النَّاسِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ لَهُمْ، أَمْ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَخَرَّجَ الْأَمَدِيُّ رِوَايَتَيْنِ، بَنَى عَلَى أَنَّ خَطَأَهُ: هَلْ هُوَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ؟ وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: أَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْوَكَالَةِ لِعُمُومِهِمْ. وَذَكَرَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: رِوَايَتَيْنِ فِي انْعِقَادِ إمَامَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْقَهْرِ.

ص: 310

قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسِّتِّينَ: وَهَذَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لِلْخِلَافِ فِي الْوِلَايَةِ وَالْوَكَالَةِ أَيْضًا. وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ انْعِزَالُهُ بِالْعَزْلِ. ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ. فَإِنْ قُلْنَا " هُوَ وَكِيلٌ " فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ. وَإِنْ قُلْنَا " هُوَ وَالٍ " لَمْ يَنْعَزِلْ بِالْعَزْلِ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مَنْ تَابَعَهُ. وَهَلْ لَهُمْ عَزْلُهُ؟ إنْ كَانَ بِسُؤَالِهِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ عَزْلِ نَفْسِهِ. وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ سُؤَالِهِ: لَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ خِلَافٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ.

تَنْبِيهَاتٌ: أَحَدُهَا: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَهُمْ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ عَلَى الْإِمَامِ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ) أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ عَادِلًا أَوْ لَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَوَّزَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ الْخُرُوجَ عَلَى إمَامٍ غَيْرِ عَادِلٍ، وَذَكَرَا خُرُوجَ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ لِإِقَامَةِ الْحَقِّ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَزِينٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَنُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: إنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ، وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ. وَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ. وَأَنَّ السَّيْفَ إذَا وَقَعَ عَمَّتْ الْفِتْنَةُ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ. فَتُسْفَكُ الدِّمَاءُ، وَتُسْتَبَاحُ الْأَمْوَالُ، وَتُنْتَهَكُ الْمَحَارِمُ الثَّانِي: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَلَهُمْ مَنَعَةٌ وَشَوْكَةٌ) . أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا جَمْعًا يَسِيرًا: أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ حُكْمَ الْبُغَاةِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.

ص: 311

وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. بَلْ حُكْمُهُمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُمْ بُغَاةٌ أَيْضًا. وَهُوَ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ الثَّالِثُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا: أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِمْ وَاحِدٌ مُطَاعٌ أَوْ لَا وَأَنَّهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا فِي طَرَفٍ وِلَايَتِهِ أَوْ وَسَطِهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لَا تَتِمُّ شَوْكَتُهُمْ إلَّا وَفِيهِمْ وَاحِدٌ مُطَاعٌ، وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ فِي طَرَفِ وِلَايَتِهِ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: تَدْعُو إلَى نَفْسِهَا، أَوْ إلَى إمَامٍ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ (وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُرَاسَلَهُمْ، وَيَسْأَلَهُمْ: مَا يَنْقِمُونَ مِنْهُ؟ وَيُزِيلَ مَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ مَظْلِمَةٍ، وَيَكْشِفَ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ شُبْهَةٍ) بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ (فَإِنْ فَاءُوا وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ) . يَعْنِي: إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى قِتَالِهِمْ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَهُ قَتْلُ الْخَوَارِجِ ابْتِدَاءً. وَتَتِمَّةً الْجَرِيحِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ رِوَايَةِ عَبْدُوسِ بْنِ مَالِكٍ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ فِي الْخَوَارِجِ: ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُمْ بُغَاةٌ. لَهُمْ حُكْمُهُمْ، وَأَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَلَيْسَ بِمُرَادِهِمْ، لِذِكْرِهِمْ كُفْرَهُمْ وَفِسْقَهُمْ. بِخِلَافِ الْبُغَاةِ.

ص: 312

قَالَ فِي الْكَافِي: ذَهَبَ فُقَهَاءُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ حُكْمَ الْخَوَارِجِ حُكْمُ الْبُغَاةِ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إلَى أَنَّهُمْ كُفَّارٌ، حُكْمُهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ. انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ. وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالْفُقَهَاءِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَنُصُوصِ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا يَخْرُجُ عَلَى وَجْهِ مَنْ صَوَّبَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. أَوْ وَقَفَ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه هُوَ الْمُصِيبُ. وَهِيَ أَقْوَالٌ فِي مَذْهَبِنَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: الْخَوَارِجُ بُغَاةٌ مُبْتَدِعَةٌ. يُكَفِّرُونَ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً. وَلِذَلِكَ طَعَنُوا عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَفَارَقُوا الْجَمَاعَةَ، وَتَرَكُوا الْجُمُعَةَ. وَمِنْهُمْ: مَنْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم وَسَائِرَ أَهْلِ الْحَقِّ، وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ. وَقِيلَ: هَؤُلَاءِ كُفَّارٌ كَالْمُرْتَدِّينَ. فَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ ابْتِدَاءً، وَقَتْلُ أَسِيرِهِمْ، وَاتِّبَاعُ مُدْبِرِهِمْ. وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ اُسْتُتِيبَ. فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. وَهُوَ أَوْلَى. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذَّنْبِ، وَيُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ رضي الله عنهم، وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ فِيهِمْ رِوَايَتَانِ. حَكَاهُمَا الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ. إحْدَاهُمَا: هُمْ كُفَّارٌ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (فَإِنْ فَاءُوا وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ) . يَعْنِي وُجُوبًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْقَاضِي، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ قِصَّةِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ

ص: 313

الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ» يَقْتَضِي: أَنَّ الْقِتَالَ لَا يَجِبُ. وَمَالَ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِينَ عَلَيْهِمْ بِسِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . يَعْنِي: بِسِلَاحِ الْبُغَاةِ وَكُرَاعِهِمْ. صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَهُمَا رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْحَاوِي أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالثَّانِي: يَجُوزُ مُطْلَقًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.

فَائِدَةٌ: الْمُرَاهِقُ مِنْهُمْ وَالْعَبْدُ: كَالْخَيْلِ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُتْبَعُ لَهُمْ مُدْبِرٌ، وَلَا يُجَازُ عَلَى جَرِيحٍ) . أَعْلَمُ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُ مُدْبِرِهِمْ وَجَرِيحِهِمْ. بِلَا نِزَاعٍ. وَلَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: فِي آخِرِ الْقِتَالِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. قُلْت: يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ خِيفَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ وَرُجُوعِهِمْ تَبِعَهُمْ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ فَعَلَ، فَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا: يُقَادُ بِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ الْآتِي، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالثَّانِي: لَا يُقَادُ بِهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ. فَأَنْتَجَ شُبْهَةً.

ص: 314

فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: الْمُدْبِرُ مَنْ انْكَسَرَتْ شَوْكَتُهُ، لَا الْمُتَحَرِّفُ إلَى مَوْضِعٍ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: يَحْرُمُ قَتْلُ مَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ أُسِرَ مِنْ رِجَالِهِمْ: حُبِسَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ، ثُمَّ يُرْسَلَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ: يُخَلَّى إنْ أُمِنَ عَوْدُهُ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لَا يُرْسَلُ مَعَ بَقَاءِ شَوْكَتِهِمْ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ. فَعَلَى هَذَا: لَوْ بَطَلَتْ شَوْكَتُهُمْ، وَلَكِنْ يُتَوَقَّعُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْحَالِ: فَفِي إرْسَالِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ إرْسَالِهِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ حَبْسُهُ لِيُخَلَّى أَسِيرُنَا.

قَوْلُهُ (فَإِنْ أُسِرَ صَبِيٌّ، أَوْ امْرَأَةٌ. فَهَلْ يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ، أَوْ يُخَلَّى فِي الْحَالِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.

ص: 315

أَحَدُهُمَا: يُفْعَلُ بِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالرَّجُلِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُخَلَّى فِي الْحَالِ، صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قُلْت: الصَّوَابُ النَّظَرُ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْ الْإِمْسَاكِ وَالْإِرْسَالِ. وَلَعَلَّ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَضْمَنُ أَهْلُ الْعَدْلِ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْهِمْ حَالَ الْحَرْبِ، مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) بِلَا نِزَاعٍ. وَتَقَدَّمَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ: هَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟ .

وَقَوْلُهُ (وَهَلْ يَضْمَنُ الْبُغَاةُ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ فِي الْحَرْبِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إحْدَاهُمَا: لَا يَضْمَنُونَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ، فِي الْكَافِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا. قُلْت. فَيُعَايَى بِهَا.

ص: 316

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَضْمَنُونَ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: فِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: إنْ ضَمِنَ الْمَالَ احْتَمَلَ الْقَوَدُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى قُلْت: الصَّوَابُ وُجُوبُ الْقَوَدِ، وَالْوَجْهَانِ أَيْضًا فِي تَحَتُّمِ الْقَتْلِ بَعْدَهَا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَمَا أَخَذُوا فِي حَالِ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ خَرَاجٍ، أَوْ جِزْيَةٍ: لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى صَاحِبِهِ)، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخَوَارِجِ، إذَا غَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ، وَأَخَذُوا مِنْهُ الْعُشْرَ: وَقَعَ مَوْقِعَهُ. قَالَ الْقَاضِي فِي الشَّرْحِ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: إنَّمَا يُجْزِئُ أَخْذُهُمْ إذَا نَصَبُوا لَهُمْ إمَامًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ اخْتِيَارًا. وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله التَّوَقُّفُ فِيمَا أَخَذَهُ الْخَوَارِجُ مِنْ الزَّكَاةِ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَقَدْ قِيلَ: تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلَفَ الْأَئِمَّةِ الْفُسَّاقِ. وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْأَعْشَارِ وَالصَّدَقَاتِ إلَيْهِمْ، وَلَا إقَامَةُ الْحُدُودِ. وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: نَحْوُهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى ذِمِّيٌّ دَفْعَ جِزْيَتِهِ إلَيْهِمْ: لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

ص: 317

وَفِيهِ احْتِمَالٌ: تُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ إذَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى إنْسَانٌ دَفْعَ خَرَاجِهِ إلَيْهِمْ. فَهَلْ تُقْبَلُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . عِبَارَتُهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ: كَذَلِكَ. فَقَدْ يُقَالُ: شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا: إذَا كَانَ مُسْلِمًا وَادَّعَى ذَلِكَ، فَأَطْلَقَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ مَعَ يَمِينِهِ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ ذِمِّيًّا. وَأَطْلَقَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ بَلْ بَيِّنَةٌ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجِيزِ. وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ.

ص: 318

وَهُوَ ظَاهِرُ مَا صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ.

قَوْلُهُ (وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ إلَّا مَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ غَيْرِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. وَيُؤْخَذُ عَنْهُمْ الْعِلْمُ، مَا لَمْ يَكُونُوا دُعَاةً. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي، وَالتَّرْغِيبِ، وَالشَّرْحِ: أَنَّ الْأَوْلَى رَدُّ كِتَابِهِ قَبْلَ الْحَكَمِ بِهِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: أَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ وَغَيْرَهُ فَسَّقُوا الْبُغَاةَ.

فَائِدَةٌ: لَوْ وَلَّى الْخَوَارِجُ قَاضِيًا: لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَفِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: احْتِمَالٌ بِصِحَّةِ قَضَاءِ الْخَارِجِيِّ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ. كَمَا لَوْ أَقَامَ الْحَدَّ، أَوْ أَخَذَ جِزْيَةً وَخَرَاجًا وَزَكَاةً.

قَوْلُهُ (وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الذِّمَّةِ، فَأَعَانُوهُمْ: انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ. إلَّا أَنْ يَدَّعُوا أَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ مَعُونَةُ مَنْ اسْتَعَانَ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ) . إذَا قَاتَلَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مَعَ الْبُغَاةِ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَدَّعُوا شُبْهَةً أَوْ لَا. فَإِنْ لَمْ يَدَّعُوا شُبْهَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ

ص: 319

وَالْهَادِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَا يُنْتَقَضُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَصِيرُونَ كَأَهْلِ الْحَرْبِ. وَعَلَى الثَّانِي: يَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْبُغَاةِ. وَعَلَى الثَّانِي أَيْضًا: فِي أَهْلِ عَدْلٍ وَجْهَانِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ. فَفِي أَهْلِ عَدْلٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعَكْسَ أَوْلَى. وَهُوَ أَنَّهُمْ إذَا قَاتَلُوا مَعَ الْبُغَاةِ وَقُلْنَا: يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ فَهَلْ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ إذَا قَاتَلُوا مَعَ أَهْلِ الْعَدْلِ؟ هَذَا مَا يَظْهَرُ. وَإِنْ ادَّعَوْا شُبْهَةً كَظَنِّهِمْ وُجُوبَهُ عَلَيْهِمْ وَنَحْوَهُ: لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فِي نَقْضِ عَهْدِهِمْ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ (وَيَغْرَمُونَ مَا أَتْلَفُوهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ) . يَعْنِي: أَهْلَ الذِّمَّةِ إذَا قَاتَلُوا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ فِي الْأَصَحِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُونَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ: فَلَا يَضْمَنُ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الْحَرْبِ، وَأَمَّنُوهُمْ: لَمْ يَصِحَّ أَمَانُهُمْ، وَأُبِيحَ قَتْلُهُمْ) .

ص: 320

يَعْنِي: لِغَيْرِ الَّذِينَ أَمَّنُوهُمْ. فَأَمَّا الَّذِينَ أَمَّنُوهُمْ: فَلَا يُبَاحُ لَهُمْ ذَلِكَ. وَهُوَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ، وَلَمْ يَجْتَمِعُوا لِحَرْبٍ: لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُمْ) . بَلْ تَجْرِي الْأَحْكَامُ عَلَيْهِمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. قُلْت مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَسَأَلَهُ الْمَرْوَزِيِّ: عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ يَتَعَرَّضُونَ وَيُكَفِّرُونَ؟ قَالَ: لَا تَعَرَّضُوا لَهُمْ. قُلْت: وَأَيُّ شَيْءٍ تَكْرَهُ أَنْ يُحْبَسُوا؟ قَالَ: لَهُمْ وَالِدَاتٌ وَأَخَوَاتٌ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: الْحَرُورِيَّةُ إذَا دَعَوْا إلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ، إلَى دِينِهِمْ فَقَاتِلْهُمْ، وَإِلَّا فَلَا يُقَاتَلُونَ. وَسَأَلَهُ إبْرَاهِيمُ الْأُطْرُوشُ عَنْ قَتْلِ الْجَهْمِيِّ؟ قَالَ: أَرَى قَتْلَ الدُّعَاةِ مِنْهُمْ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: أَنَّ مَالِكًا رحمه الله قَالَ: عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ يُسْتَتَابُ. فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: أَرَى ذَلِكَ إذَا جَحَدَ الْعِلْمَ. وَذَكَرَ لَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ. قَالَ: كَانَ لَا يُقِرُّ بِالْعِلْمِ. وَهَذَا كَافِرٌ. وَقَالَ لَهُ الْمَرُّوذِيُّ: الْكَرَابِيسِيُّ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَقُلْ لَفْظُهُ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ. فَقَالَ: هُوَ الْكَافِرُ.

ص: 321

فَوَائِدُ الْأُولَى: قَوْلُهُ (فَإِنْ سَبُّوا الْإِمَامَ: عَزَّرَهُمْ) . وَكَذَا لَوْ سَبُّوا عَدْلًا. فَلَوْ عَرَضُوا لِلْإِمَامِ، أَوْ لِلْعَدْلِ بِالسَّبِّ: فَفِي تَعْزِيرِهِمْ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْكَافِي أَحَدُهُمَا: يُعَزَّرُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعَزَّرُ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: فَإِنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ الْإِمَامِ عَزَّرَهُمْ.

الثَّانِيَةُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي مُبْتَدِعٍ دَاعِيَةٍ لَهُ دُعَاةٌ أَرَى حَبْسَهُ. وَكَذَا قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُهُمْ وَرَدْعُهُمْ، وَلَا يُقَاتِلُهُمْ، إلَّا أَنْ يَجْتَمِعُوا لِحَرْبِهِ. فَكَبُغَاةٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله أَيْضًا فِي الْحَرُورِيَّةِ الدَّاعِيَةُ يُقَاتَلُ كَبُغَاةٍ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يُقَاتَلُ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ. وَكُلُّ مَنْ مَنَعَ فَرِيضَةً فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُ حَتَّى يَأْخُذُوهَا مِنْهُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْفَرَجِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، وَقَالَ: أَجْمَعُوا أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ عَنْ شَرِيعَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ: يَجِبُ قِتَالُهَا، حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ كَالْمُحَارِبِينَ، وَأَوْلَى. وَقَالَ فِي الرَّافِضَةِ: شَرٌّ مِنْ الْخَوَارِجِ اتِّفَاقًا.

ص: 322

قَالَ: وَفِي قَتْلِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا وَنَحْوِهِمَا، وَكُفْرِهِ: رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ: جَوَازُ قَتْلِهِ كَالدَّاعِيَةِ، وَنَحْوِهِ.

الثَّالِثَةُ: مَنْ كَفَّرَ أَهْلَ الْحَقِّ وَالصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِتَأْوِيلٍ: فَهُمْ خَوَارِجُ بُغَاةٌ فَسَقَةٌ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: هُمْ كُفَّارٌ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَاَلَّذِي نَدِينُ اللَّهَ بِهِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالرِّعَايَةِ: وَهِيَ أَشْهَرُ. وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ: أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ، عَنْ أَصْحَابِنَا: تَكْفِيرُ مَنْ خَالَفَ فِي أَصْلٍ، كَخَوَارِجَ وَرَوَافِضَ وَمُرْجِئَةٍ. وَذَكَرَ غَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ فِيمَنْ قَالَ: لَمْ يَخْلُقْ اللَّهُ الْمَعَاصِيَ، أَوْ وَقَفَ فِيمَنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ، وَفِيمَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ، وَأَنَّ مُسْتَحِلَّهُ كَافِرٌ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: يَخْرُجُ فِي كُلِّ مُحَرَّمٍ اُسْتُحِلَّ بِتَأْوِيلٍ، كَالْخَوَارِجِ وَمَنْ كَفَّرَهُمْ، فَحُكْمُهُمْ عِنْدَهُ: كَمُرْتَدِّينَ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: نُصُوصُهُ صَرِيحَةٌ عَلَى عَدَمِ كُفْرِ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ، وَالْمُرْجِئَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَإِنَّمَا كَفَّرَ الْجَهْمِيَّةَ، لَا أَعْيَانَهُمْ. قَالَ: وَطَائِفَةٌ تَحْكِي عَنْهُ رِوَايَتَيْنِ فِي تَكْفِيرِ أَهْلِ الْبِدَعِ مُطْلَقًا، حَتَّى الْمُرْجِئَةَ، وَالشِّيعَةَ الْمُفَضِّلَةَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه.

قَالَ: وَمَذَاهِبُ لِلْأَئِمَّةِ، الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ رحمهم الله: مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّفْضِيلِ بَيْنَ النَّوْعِ وَالْعَيْنِ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ: مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، الَّذِينَ أَخْرَجَهُمْ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام -

ص: 323

مِنْ الْإِسْلَامِ: الْقَدَرِيَّةُ، وَالْمُرْجِئَةُ، وَالرَّافِضَةُ، وَالْجَهْمِيَّةُ. فَقَالَ: لَا تُصَلُّوا مَعَهُمْ، وَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورِ الطُّوسِيُّ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ فِي الصَّحَابَةِ خَيْرًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، فَوَلَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ افْتَرَى عَلَيْهِ وَكَفَرَ. فَإِنْ زَعَمَ بِأَنَّ اللَّهَ قَرَّ الْمُنْكَرَ بَيْنَ أَنْبِيَائِهِ فِي النَّاسِ: فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبَ ضَلَالَتِهِمْ. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله مَنْ قَالَ " عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ " كَفَرَ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: الْقَدَرِيُّ لَا نُخْرِجُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ: مَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا مُسْتَحِلًّا كَفَرَ، وَإِلَّا فَسَقَ. وَقِيلَ: وَعَنْهُ يَكْفُرُ. نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَنْ شَتَمَ صَحَابِيًّا الْقَتْلَ أَجْبُنُ عَنْهُ، وَيُضْرَبُ. مَا أَرَاهُ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ فِي أُصُولِهِ: كُفْرَ الْخَوَارِجِ وَالرَّافِضَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ.

وَقَالَ: مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ كَفَّرْنَاهُ فَسَقَ وَهُجِرَ. وَفِي كُفْرِهِ وَجْهَانِ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ الْمَرُّوذِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ، وَيَعْقُوبَ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ. وَقَالَ: مَنْ رَدَّ مُوجِبَاتِ الْقُرْآنِ: كَفَرَ. وَمَنْ رَدَّ مَا تَعَلَّقَ بِالْأَخْبَارِ وَالْآحَادِ الثَّابِتَةِ: فَوَجْهَانِ. وَأَنَّ غَالِبَ أَصْحَابِنَا عَلَى كُفْرِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ. وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ فِي مَكَان آخَرَ: إنْ جَحَدَ أَخْبَارَ الْآحَادِ كَفَرَ كَالْمُتَوَاتِرِ عِنْدَنَا، يُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ. فَأَمَّا مَنْ جَحَدَ الْعِلْمَ بِهَا؛ فَالْأَشْبَهُ لَا يَكْفُرُ. وَيَكْفُرُ فِي نَحْوِ الْإِسْرَاءِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِهِ مِنْ الصِّفَاتِ. وَقَالَ فِي إنْكَارِ الْمُعْتَزِلَةِ اسْتِخْرَاجَ قَلْبِهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَإِعَادَتَهُ: فِي كُفْرِهِمْ بِهِ وَجْهَانِ. بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ عِلْمَ اللَّهِ وَأَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ. وَعَلَى مَنْ قَالَ لَا أُكَفِّرُ مَنْ لَا يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ.

ص: 324

الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ (وَإِنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ، أَوْ طَلَبِ رِئَاسَةٍ: فَهُمَا ظَالِمَتَانِ، وَتُضَمَّنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَا أَتْلَفَتْ عَلَى الْأُخْرَى) . وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: إنْ جُهِلَ قَدْرُ مَا نَهَبَتْهُ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ الْأُخْرَى: تَسَاوَيَا، كَمَنْ جَهِلَ قَدْرَ الْمُحَرَّمِ مِنْ مَالِهِ: أَخْرَجَ نِصْفَهُ، وَالْبَاقِي لَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: أَوْجَبَ الْأَصْحَابُ الضَّمَانَ عَلَى مَجْمُوعِ الطَّائِفَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ الْمُتْلَفِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَإِنْ تَقَاتَلَا تَقَاصَّا؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ وَالْمُعِينَ سَوَاءٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْخَامِسَةُ: لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ فِيهِمَا لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا، فَقُتِلَ وَجُهِلَ قَاتِلُهُ: ضَمِنَتْهُ الطَّائِفَتَانِ.

ص: 325