الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]
ِ قَوْلُهُ (وَالْأَصْلُ فِيهَا: الْحِلُّ. فَيَحِلُّ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ، مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهَا) حَتَّى الْمِسْكَ. وَقَدْ سَأَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ عَنْ الْمِسْكِ: يُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ وَيَشْرَبُهُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: حَتَّى شَعَرَ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: الصَّحْنَاءُ سَحِيقُ الْمِسْكِ، مُنْتِنٌ فِي غَايَةِ الْخُبْثِ.
تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: حِلُّ أَكْلِ الْفَاكِهَةِ الْمُسَوِّسَةِ وَالْمُدَوِّدَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَيُبَاحُ أَيْضًا أَكْلُ دُودِهَا مَعَهَا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يُبَاحُ أَكْلُ فَاكِهَةٍ مُسَوِّسَةٍ وَمُدَوِّدَةٍ بِدُودِهَا، أَوْ بَاقِلَاءَ بِذُبَابِهِ وَخِيَارٍ وَقِثَّاءٍ، وَحُبُوبٍ، وَخَلٍّ بِمَا فِيهِ. وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ. قَالَ فِي الْآدَابِ: وَظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهُ لَا يُبَاحُ أَكْلُهُ مُنْفَرِدًا. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ وَجْهَيْنِ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي بَحْثِ مَسْأَلَةِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ: لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
قَوْلُهُ (فَأَمَّا النَّجَاسَاتُ كَالْمَيِّتَةِ، وَالدَّمِ، وَغَيْرِهِمَا وَمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ مِنْ السُّمُومِ وَنَحْوِهَا: فَمُحَرَّمَةٌ) . وَيَأْتِي مَيِّتَةُ السَّمَكِ وَنَحْوِهِ فِي أَوَّلِ " بَابِ الذَّكَاةِ "، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً: أَنَّ السُّمُومَ نَجِسَةٌ مُحَرَّمَةٌ. وَكَذَا مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ.
وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ السُّمَّ نَجِسٌ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَكْلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مِنْ الذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: مَا يَضُرُّ كَثِيرُهُ يَحِلُّ يَسِيرُهُ.
قَوْلُهُ (وَالْحَيَوَانَاتُ مُبَاحَةٌ، إلَّا الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ، وَمَا لَهُ نَابٌ يَفْتَرِسُ بِهِ) . سِوَى الضَّبُعِ مُحَرَّمٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. سَوَاءٌ بَدَأَ بِالْعُدْوَانِ أَوْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا بَدَأَ بِالْعُدْوَانِ. قَوْلُهُ (كَالْأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالذِّئْبِ، وَالْفَهْدِ، وَالْكَلْبِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَابْنِ آوَى، وَالسِّنَّوْرِ، وَابْنِ عُرْسٍ، وَالنِّمْسِ، وَالْقِرْدِ) . مُرَادُهُ هُنَا بِالسِّنَّوْرِ: السِّنَّوْرُ الْأَهْلِيُّ. بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ: أَنَّهُ مُحَرَّمٌ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: لَيْسَ يُشْبِهُ السِّبَاعَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا الْكَرَاهَةُ. وَجَعَلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: قِيَاسًا، وَأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: يَعُمُّهَا اللَّفْظُ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ قَوْلُهُ " فِيمَا لَهُ نَابٌ يَفْتَرِسُ بِهِ " الدُّبَّ. وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي مُخْتَصَرِهِ النِّهَايَةِ: لَا يَحْرُمُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَحْرُمُ دُبٌّ.
وَقِيلَ: كَبِيرٌ لَهُ نَابٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ سَهْوٌ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَابٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ. يَعْنِي: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَابٌ فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ. فَظَنَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَابٌ فِي الْحَالِ لِصِغَرِهِ. وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ نَابٌ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي: وَيَحْرُمُ دُبٌّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: كَبِيرٌ. فَظَاهِرُ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ. إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ " نَصَّ عَلَيْهِ " سَهْوٌ. وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا: الْفِيلَ. وَهُوَ كَذَلِكَ. فَيَحْرُمُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: هُوَ سَبُعٌ. وَيَعْمَلُ بِأَنْيَابِهِ كَالسَّبُعِ. وَنَقَلَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ.
قَوْلُهُ (وَمَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ) . يَعْنِي يَحْرُمُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ. وَجَعَلَ فِيهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: رِوَايَتَيْ الْجَلَّالَةِ. وَقَالَ: عَامَّةُ أَجْوِبَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله لَيْسَ فِيهَا تَحْرِيمٌ. وَقَالَ: إذَا كَانَ مَا يَأْكُلُهَا مِنْ الدَّوَابِّ السِّبَاعُ: فِيهِ نِزَاعٌ. أَوْ لَمْ يُحَرِّمُوهُ. وَالْخَبَرُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. فَمِنْ الطَّيْرِ أَوْلَى. قَوْلُهُ (كَالنَّسْرِ، وَالرَّخَمِ، وَاللَّقْلَقِ) وَكَذَا الْعَقْعَقُ (وَغُرَابُ الْبَيْنِ، وَالْأَبْقَعُ) .
الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: تَحْرِيمُ غُرَابِ الْبَيْنِ، وَالْأَبْقَعِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَنَقَلَ حَرْبٌ فِي الْغُرَابِ: لَا بَأْسَ بِهِ إنْ لَمْ يَأْكُلْ الْجِيَفَ. وَقِيلَ: لَا يَحْرُمَانِ إنْ لَمْ يَأْكُلَا الْجِيَفَ. قَالَ الْخَلَّالُ: الْغُرَابُ الْأَسْوَدُ وَالْأَبْقَعُ مُبَاحَانِ، إذَا لَمْ يَأْكُلَا الْجِيَفَ. قَالَ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ (وَمَا يُسْتَخْبَثُ) أَيْ تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ: لَا أَثَرَ لِاسْتِخْبَاثِ الْعَرَبِ. وَإِنْ لَمْ يُحَرِّمْهُ الشَّرْعُ حَلَّ، وَاخْتَارَهُ. وَقَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَالَ " يَحْرُمُ " الْخِرَقِيُّ. وَأَنَّ مُرَادَهُ: مَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ؛ لِأَنَّهُ تَبِعَ الشَّافِعِيَّ رحمه الله. وَهُوَ حَرَّمَهُ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: الِاعْتِبَارُ بِمَا يَسْتَخْبِثُهُ ذَوُو الْيَسَارِ مِنْ الْعَرَبِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَصَحُّ ذَوُو الْيَسَارِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَقِيلَ: مَا كَانَ يُسْتَخْبَثُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالُوا: فِي الْقُرَى، وَالْأَمْصَارِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ فِي الْقُرَى. وَقِيلَ: مَا يُسْتَخْبَثُ مُطْلَقًا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: مَا يَسْتَخْبِثُهُ ذَوُو الْيَسَارِ وَالْمُرُوءَةِ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْبُلْغَةِ. قَوْلُهُ (كَالْقُنْفُذِ) نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: الْقُنْفُذَ بِأَنَّهُ بَلَغَهُ بِأَنَّهُ مُسِخَ. أَيْ لَمَّا مُسِخَ عَلَى صُورَتِهِ دَلَّ عَلَى خُبْثِهِ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. قَوْلُهُ (وَالْفَأْرِ) ؛ لِكَوْنِهَا فُوَيْسِقَةً. نَصَّ عَلَيْهِ (وَالْحَيَّاتِ) ؛ لِأَنَّ لَهَا نَابًا مِنْ السِّبَاعِ، نَصَّ عَلَيْهِ. (وَالْعَقَارِبِ) نَصَّ عَلَيْهِ. وَمِنْ الْمُحَرَّمِ أَيْضًا: الْوَطْوَاطُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ الْخُشَّافُ، وَالْخُفَّاشُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيَحْرُمُ خُفَّاشٌ. وَيُقَالُ: خَشَّافٌ. وَهُوَ الْوَطْوَاطُ. وَقِيلَ: بَلْ غَيْرُهُ. وَقِيلَ: الْخُفَّاشُ صَغِيرٌ، وَالْوَطْوَاطُ كَبِيرٌ. رَأْسُهُ كَرَأْسِ الْفَأْرَةِ، وَأُذُنَاهُ أَطْوَلُ مِنْ أُذُنَيْهَا، وَبَيْنَ جَنَاحَيْهِ فِي ظَهْرِهِ مِثْلُ كِيسٍ يَحْمِلُ فِيهِ تَمْرًا كَثِيرًا، وَطَبُّوعٌ. وَقُرَادٌ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْحَاوِي: وَالْخُشَّافُ: هُوَ الْوَطْوَاطُ. وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ الزُّنْبُورُ وَالنَّحْلُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَذَكَرَ فِي الْإِرْشَادِ رِوَايَةً: لَا يَحْرُمُ الزُّنْبُورُ وَالنَّحْلُ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُكْرَهُ الزُّنْبُورُ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: فِي خُفَّاشٍ وَخَطَّافٍ وَجْهَانِ. وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله الْخُشَّافَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: هَلْ هِيَ لِلتَّحْرِيمِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي قَوْلِهِ (وَالْحَشَرَاتِ) الذُّبَابُ.
وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُكْرَهُ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَكْلُ دُودِ الْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا قَرِيبًا.
فَائِدَةٌ: لَوْ اشْتَبَهَ مُبَاحٌ وَمُحَرَّمٌ: غَلَبَ التَّحْرِيمُ. قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ. قَوْلُهُ (وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ. كَالْبَغْلِ، وَالسِّمْعِ وَلَدِ الضَّبُعِ مِنْ الذِّئْبِ وَالْعِسْبَارِ، وَلَدِ الذِّئْبَةِ مِنْ الذَّيْخِ) . وَهُوَ ذَكَرُ الضَّبُعَانِ الْكَثِيرُ الشَّعْرِ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: وَلَوْ تَمَيَّزَ كَحَيَوَانٍ مِنْ نَعْجَةٍ نِصْفُهُ خَرُوفٌ وَنِصْفُهُ كَلْبٌ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ الْمَأْكُولَيْنِ مُبَاحٌ. وَهُوَ صَحِيحٌ، كَبَغْلٍ مِنْ وَحْشٍ وَخَيْلٍ. لَكِنَّ مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ طَاهِرٍ، كَذُبَابِ الْبَاقِلَّاءِ. فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ تَبَعًا لَا أَصْلًا. فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحِلُّ بِمَوْتِهِ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ كَوْنَهُ كَذُبَابٍ. وَفِيهِ رِوَايَتَانِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي الْبَاقِلَّاءِ الْمُدَوِّدِ يَجْتَنِبُهُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَذَّرْهُ فَأَرْجُو. وَقَالَ عَنْ تَفْتِيشِ التَّمْرِ الْمُدَوِّدِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا عَلِمَهُ. وَالْمَذْهَبُ تَحْرِيمُ الذُّبَابِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ.
وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ. وَأَطْلَقَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ.
قَوْلُهُ (وَفِي الثَّعْلَبِ، وَالْوَبَرِ، وَسِنَّوْرِ الْبَرِّ، وَالْيَرْبُوعِ: رِوَايَتَانِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. أَمَّا الثَّعْلَبُ: فَيَحْرُمُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله تَحْرِيمُ الثَّعْلَبِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ رحمه الله: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَرْخَصَ فِيهِ إلَّا عَطَاءً. وَكُلُّ شَيْءٍ اشْتَبَهَ عَلَيْك فَدَعْهُ. قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَوْلَى، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُبَاحُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ: وَالثَّعْلَبُ مُبَاحٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهَا الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَالْخِرَقِيُّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي. وَأَمَّا سِنَّوْرُ الْبَرِّ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَوْلَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَحْرُمُ سِنَّوْرُ بَرٍّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُبَاحُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالْإِشَارَةِ لِلشِّيرَازِيِّ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ. وَأَمَّا الْوَبَرُ وَالْيَرْبُوعُ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمَا مُبَاحَانِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَا يَحْرُمُ وَبَرٌ وَيَرْبُوعٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ: يُبَاحُ الْيَرْبُوعُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحْرُمَانِ، وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ بِتَحْرِيمِ الْيَرْبُوعِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْرُمُ الْوَبَرُ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّرِ.
فَوَائِدُ الْأُولَى: فِي هُدْهُدٍ وَصُرَدٍ: رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. إحْدَاهُمَا: يَحْرُمَانِ. قَالَ النَّاظِمُ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْلَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ فِي الْأُولَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَحْرُمُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
الثَّانِيَةُ: فِي الْغُدَافِ وَالسِّنْجَابِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا: يَحْرُمَانِ. صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ بِتَحْرِيمِ الْغُدَافِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ: لَا يُؤْكَلُ الْغُدَافُ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: الْغُدَافُ مُحَرَّمٌ، وَنَسَبَهُ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْرُمَانِ، وَجَزَمَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ بِأَنَّ الْغُدَافَ لَا يَحْرُمُ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْرُمُ السِّنْجَابُ. وَمَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إلَى إبَاحَةِ السِّنْجَابِ. الثَّالِثَةُ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فِي السِّنَّوْرِ وَالْفَنَكِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يَحْرُمُ. الرَّابِعَةُ: فِي الْخَطَّافِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّبْصِرَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ فِي النَّظْمِ فِي مَوْضِعٍ بِالتَّحْرِيمِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْأَوْلَى التَّحْرِيمُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَحْرُمُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ. الْخَامِسَةُ: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَمَا لَمْ يَكُنْ ذُكِرَ فِي نَصِّ الشَّرْعِ، وَلَا فِي عُرْفِ الْعَرَبِ: يُرَدُّ إلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ. فَإِنْ كَانَ بِالْمُسْتَطَابِ أَشْبَهَ: أَلْحَقْنَاهُ بِهِ. وَإِنْ كَانَ بِالْمُسْتَخْبَثِ أَشْبَهَ: أَلْحَقْنَاهُ.
وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ: أَوْ مُسَمًّى بِاسْمِ حَيَوَانٍ خَبِيثٍ.
قَوْلُهُ (وَمَا عَدَا هَذَا: مُبَاحٌ. كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَالْخَيْلِ) . الْخَيْلُ مُبَاحَةٌ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَفِي الْبِرْذَوْنِ رِوَايَةٌ بِالْوَقْفِ. قَوْلُهُ (وَالزَّرَافَةُ) . يَعْنِي أَنَّهَا مُبَاحَةٌ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتُبَاحُ فِي الْمَنْصُوصِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا أَصَحُّ. وَقِيلَ: لَا يُبَاحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَهُوَ سَهْوٌ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَحَرَّمَهَا أَبُو الْخَطَّابِ. وَأَبَاحَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله. وَعَنْهُ: الْوَقْفُ.
قَوْلُهُ (وَالْأَرْنَبُ) . يَعْنِي أَنَّهُ مُبَاحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: لَا يُبَاحُ
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ.
قَوْلُهُ (وَالضَّبُعُ) . أَعْنِي: أَنَّهُ مُبَاحٌ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: لَا يُبَاحُ. ذَكَرَهَا ابْنُ الْبَنَّا. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنْ عُرِفَ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ فَكَالْجَلَّالَةِ. قُلْت: وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ.
قَوْلُهُ (وَالزَّاغُ، وَغُرَابُ الزَّرْعِ) . يَعْنِي: أَنَّهُمَا مُبَاحَانِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
تَنْبِيهٌ: غُرَابُ الزَّرْعِ: أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلِ. وَقِيلَ: غُرَابُ الزَّرْعِ، وَالزَّاغُ شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَقِيلَ: غُرَابُ الزَّرْعِ أَسْوَدُ كَبِيرٌ.
تَنْبِيهٌ آخَرُ: دَخَلَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَسَائِرُ الطَّيْرِ " الطَّاوُوسُ. وَهُوَ مُبَاحٌ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَدَخَلَ أَيْضًا الْبَبَّغَاءُ. وَهِيَ مُبَاحَةٌ. صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرِّعَايَةِ.
قَوْلُهُ (وَجَمِيعُ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ) يَعْنِي مُبَاحَةً (إلَّا الضُّفْدَعَ، وَالْحَيَّةَ، وَالتِّمْسَاحَ) .
أَمَّا الضُّفْدَعُ: فَمُحَرَّمَةٌ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله. وَأَمَّا الْحَيَّةُ: فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ. وَقِيلَ: يُبَاحُ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ: وَيُبَاحُ حَيَوَانُ الْبَحْرِ جَمِيعُهُ، إلَّا الضُّفْدَعَ وَالتِّمْسَاحَ. فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إبَاحَةُ الْحَيَّةِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَيُبَاحُ حَيَوَانُ الْبَحْرِ كُلُّهُ إلَّا الضُّفْدَعَ. وَفِي التِّمْسَاحِ رِوَايَتَانِ. فَظَاهِرُهُ الْإِبَاحَةُ. وَهُوَ ظَاهِرُ تَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَأَمَّا التِّمْسَاحُ: فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ مُحَرَّمٌ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُبَاحِ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَالتِّمْسَاحِ عَلَى الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي خِصَالِهِ، وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: يُبَاحُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَمَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَةَ: فَمُبَاحٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَإِلَّا الْكَوْسَجَ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. ذَكَرَهَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِمَا، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مَعَ ابْنُ حَامِدٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادُ: لَا يُبَاحُ مِنْ الْبَحْرِيِّ مَا يَحْرُمُ نَظِيرُهُ فِي الْبَرِّ، كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ وَإِنْسَانِهِ. وَكَذَا كَلْبُهُ وَبَغْلُهُ وَحِمَارُهُ وَنَحْوُهَا. وَحَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّجَّادِ. وَحَكَاهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمَا: رِوَايَةً. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ فِي الْمُذْهَبِ رِوَايَتَيْنِ. وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ. فَلَعَلَّ النُّسْخَةَ مَغْلُوطَةٌ.
قَوْلُهُ (وَتَحْرُمُ الْجَلَّالَةُ الَّتِي أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةُ وَلَبَنُهَا، وَبَيْضُهَا، حَتَّى تُحْبَسَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا تَحْرِيمَ الْجَلَّالَةِ، وَأَنَّ مِثْلَهَا خَرُوفٌ ارْتَضَعَ مِنْ كَلْبَةٍ ثُمَّ شَرِبَ لَبَنًا طَاهِرًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ. وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَلَا يَحْرُمُ
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. قَوْلُهُ (وَتُحْبَسُ ثَلَاثًا) . يَعْنِي تُطْعَمُ الطَّاهِرَ وَتُمْنَعُ مِنْ النَّجَاسَةِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يُحْبَسُ الطَّائِرُ ثَلَاثًا وَالشَّاةُ سَبْعًا. وَمَا عَدَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَحُكِيَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ: رِوَايَةً أَنَّ مَا عَدَا الطَّائِرَ يُحْبَسُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَعَنْهُ: تُحْبَسُ الْبَقَرَةُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ وَهْمٌ. وَقَالَهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَقِيلَ: يُحْبَسُ الْكُلُّ أَرْبَعِينَ. وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الشَّالَنْجِيِّ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله رُكُوبَهَا. وَعَنْهُ: يَحْرُمُ. الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْلِفَ النَّجَاسَةَ الْحَيَوَانَ الَّذِي لَا يُذْبَحُ، أَوْ لَا يُحْلَبُ قَرِيبًا نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ الْحَكَمِ. وَاحْتَجَّ بِكَسْبِ الْحَجَّامِ وَبِاَلَّذِينَ عَجَنُوا مِنْ آبَارِ ثَمُودَ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: تَحْرِيمَ عَلْفِهَا مَأْكُولًا. وَقِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا كَغَيْرِ مَأْكُولٍ عَلَى الْأَصَحِّ. وَخَصَّهُمَا فِي التَّرْغِيبِ بِطَاهِرٍ مُحَرَّمٍ، كَهِرٍّ.
قَوْلُهُ (وَمَا سُقِيَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ مِنْ الزَّرْعِ، وَالثَّمَرِ: مُحَرَّمٌ) .
وَيَنْجَسُ بِذَلِكَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَيْسَ بِنَجِسٍ وَلَا مُحَرَّمٍ. بَلْ يَظْهَرُ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالدَّمِ يَسْتَحِيلُ لَبَنًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ.
فَوَائِدُ مِنْهَا: يُكْرَهُ أَكْلُ التُّرَابِ وَالْفَحْمِ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَمِنْهَا: كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله أَكْلَ الطِّينِ لِضَرَرِهِ وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: كَأَنَّهُ لَمْ يَكْرَهْهُ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَكْلَهُ عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ. نَقَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ إلَّا مَنْ بِهِ مَرَضٌ. وَمِنْهَا: مَا تَقَدَّمَ فِي " بَابِ الْوَلِيمَةِ " كَرَاهَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله لِلْخُبْزِ الْكِبَارِ. وَوَضْعِهِ تَحْتَ الْقَصْعَةِ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ. وَمِنْهَا: لَا بَأْسَ بِأَكْلِ اللَّحْمِ النِّيءِ. نَقَلَهُ مُهَنَّا. وَكَذَا اللَّحْمُ الْمُنْتِنِ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا: يُكْرَهُ. وَجَعَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا. قُلْت: الْكَرَاهَةُ فِي اللَّحْمِ الْمُنْتِنِ أَشَدُّ. وَمِنْهَا: يُكْرَهُ أَكْلُ الْغُدَّةِ وَأُذُنِ الْقَلْبِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو الْفَرَجِ: يَحْرُمُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أُذُنِ الْقَلْبِ» . وَهُوَ هَكَذَا.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «كَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَكْلَ الْغُدَّةِ» . وَمِنْهَا: كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله حَبًّا دِيسَ بِالْحُمُرِ، وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدُوسُوهُ بِهَا. وَقَالَ حَرْبٌ: كَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً وَهَذَا الْحَبُّ كَطَعَامِ الْكَافِرِ وَمَتَاعِهِ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمَجْدُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يُبَاعُ، وَلَا يُشْتَرَى، وَلَا يُؤْكَلُ حَتَّى يُغْسَلَ. وَمِنْهَا: كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله أَكْلَ ثُومٍ وَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ وَنَحْوِهِ، مَا لَمْ يُنْضَجْ بِالطَّبْخِ. وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي. وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ كَرِهَهُ لِمَكَانِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ.
وَمِنْهَا: يُكْرَهُ مُدَاوَمَةُ أَكْلِ اللَّحْمِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى مُحَرَّمٍ مِمَّا ذَكَرْنَا: حَلَّ لَهُ مِنْهُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ) يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ الْمُحَرَّمِ مُطْلَقًا إذَا اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَيْتَةُ فِي الْحَضَرِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ رِوَايَةً. وَعَنْهُ: إنْ خَافَ فِي السَّفَرِ: أَكَلَ، وَإِلَّا فَلَا، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ.
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: الِاضْطِرَارُ هُنَا: أَنْ يَخَافَ التَّلَفَ فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا عَلِمَ أَنَّ النَّفْسَ تَكَادُ تَتْلَفُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: أَوْ خَافَ ضَرَرًا.
وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: أَوْ مَرَضًا، أَوْ انْقِطَاعًا عَنْ الرُّفْقَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُ يَنْقَطِعُ فَيَهْلِكُ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: أَوْ زِيَادَةَ مَرَضٍ.
وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ خَافَ طُولَ مَرَضِهِ فَوَجْهَانِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ " حَلَّ لَهُ مِنْهُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ " يَعْنِي: وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَكْلُ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وِفَاقًا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي، وَقِيلَ: يُبَاحُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. قَوْلُهُ (وَهَلْ لَهُ الشِّبَعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. إحْدَاهُمَا: لَيْسَ لَهُ لِذَلِكَ. وَلَا يَحِلُّ لَهُ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَهُ الْأَكْلُ حَتَّى يَشْبَعَ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقِيلَ: لَهُ الشِّبَعُ إنْ دَامَ خَوْفُهُ. وَهُوَ قَوِيٌّ. وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ بَيْنَ مَا إذَا كَانَتْ الضَّرُورَةُ مُسْتَمِرَّةً. فَيَجُوزُ لَهُ الشِّبَعُ. وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَمِرَّةً، فَلَا يَجُوزُ. فَوَائِدُ إحْدَاهَا: هَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ؟ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي جَوَازِ شِبَعِهِ. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَجَوَّزَ جَمَاعَةٌ التَّزَوُّدَ مِنْهُ مُطْلَقًا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ: يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّدُ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَالْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: يَتَزَوَّدُ إنْ خَافَ الْحَاجَةَ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْضًا. الثَّانِيَةُ: يَجِبُ تَقْدِيمُ السُّؤَالِ عَلَى أَكْلِ الْمُحَرَّمِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: إنَّهُ يَجِبُ وَلَا يَأْثَمُ. وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
الثَّالِثَةُ: لَيْسَ لِلْمُضْطَرِّ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ الْأَكْلُ مِنْ الْمَيْتَةِ. كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْآبِقِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ: لَهُ ذَلِكَ.
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَمَاعَةٍ. الرَّابِعَةُ: حُكْمُ الْمُحَرَّمَاتِ حُكْمُ الْمَيْتَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ وَجَدَ طَعَامًا لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ، وَمَيْتَةً، أَوْ صَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِي أَكْلِ الصَّيْدِ ثَلَاثَ جِنَايَاتٍ: صَيْدُهُ، وَذَبْحُهُ، وَأَكْلُهُ. وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ فِيهِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحِلَّ لَهُ الطَّعَامُ وَالصَّيْدُ إذَا لَمْ تَقْبَلْ نَفْسُهُ الْمَيْتَةَ. قَالَ فِي الْفُنُونِ، قَالَ حَنْبَلِيٌّ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُنَا: خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْكَافِي: الْمَيْتَةُ أَوْلَى، إنْ طَابَتْ نَفْسُهُ، وَإِلَّا أَكَلَ الطَّعَامَ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُقَدَّمُ الطَّعَامُ وَلَوْ بِقِتَالِهِ، ثُمَّ الصَّيْدُ، ثُمَّ الْمَيْتَةُ.
فَوَائِدُ الْأُولَى: لَوْ وَجَدَ لَحْمَ صَيْدٍ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ وَمَيْتَةً: أَكَلَ لَحْمَ الصَّيْدِ. قَالَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ. وَيَتَمَيَّزُ الصَّيْدُ بِالِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِهِ مُذَكًّى. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ. وَفِيمَا قَالَهُ الْقَاضِي نَظَرٌ، وَعَلَّلَهُ. ثُمَّ قَالَ: وَجَدْت أَبَا الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ: اخْتَارَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ. وَعَلَّلَهُ بِمَا قَالَهُ. وَلَوْ وَجَدَ بَيْضَ صَيْدٍ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي: أَنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَلَا يَكْسِرُهُ وَيَأْكُلُهُ؛ لِأَنَّ كَسْرَهُ جِنَايَةٌ كَذَبْحِ الصَّيْدِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَطَعَامًا لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ، وَلَمْ يَجِدْ مَيْتَةً: أَكَلَ الطَّعَامَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُخَيَّرُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُحَرَّرِ. قُلْت: يُتَوَجَّهُ أَنْ يَأْكُلَ الصَّيْدَ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، كَمَا فِي نَظَائِرِهَا.
الثَّالِثَةُ: لَوْ اشْتَبَهَتْ مَسْلُوخَتَانِ: مَيْتَةٌ وَمُذَكَّاةٌ، وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا: تَحَرَّى الْمُضْطَرُّ فِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: لَهُ الْأَكْلُ بِلَا تَحَرٍّ.
الرَّابِعَةُ: لَوْ وَجَدَ مَيِّتَتَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِي إحْدَاهُمَا: أَكَلَهَا دُونَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا طَعَامًا لَمْ يَبْذُلْهُ مَالِكُهُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ: فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ خَافَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ: فَهَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ، أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الْأَوْلَى النَّظَرُ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، أَظْهَرُهُمَا: إمْسَاكُهُ.
فَائِدَةٌ: حَيْثُ قُلْنَا: إنَّ مَالِكَهُ أَحَقُّ، فَهَلْ لَهُ إيثَارُهُ؟ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهُدَى فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ: أَنَّهُ يَجُوزُ، وَأَنَّهُ غَايَةُ الْجُودِ
قَوْلُهُ (وَإِلَّا لَزِمَهُ: بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ الْمُضْطَرُّ مُعْسِرًا. وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ.
تَنْبِيهَانِ إحْدَاهُمَا: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " وَإِلَّا لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ " أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ زِيَادَةً لَا تُجْحِفُ. لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فِي مَوْضِعَيْنِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: لَهُ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ: لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالِانْتِصَارِ: قَرْضًا بِعِوَضِهِ. وَقِيلَ: مَجَّانًا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، كَالْمَنْفَعَةِ فِي الْأَشْهَرِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ (فَإِنْ أَبَى: فَلِلْمُضْطَرِّ أَخْذُهُ قَهْرًا، وَيُعْطِيهِ قِيمَتَهُ) . كَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَيُعْطِيهِ ثَمَنَهُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: وَيُعْطِيهِ عِوَضَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ أَجْوَدُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ أَبَى أَخَذَهُ بِالْأَسْهَلِ، ثُمَّ قَهْرًا. وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ مَنَعَهُ: فَلَهُ قِتَالُهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.
وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فِي قِتَالِهِ وَجْهَانِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: أَكْرَهُ مُقَاتَلَتَهُ. وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ إلَّا بِمُقَاتَلَتِهِ: لَمْ يُقَاتِلْهُ. فَإِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُهُ. فَوَائِدُ الْأُولَى: لَوْ بَادَرَ صَاحِبُ الطَّعَامِ فَبَاعَهُ، أَوْ رَهَنَهُ. فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ فِي الرَّهْنِ: يَصِحُّ. وَيَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَالْبَائِعُ مِثْلُهُ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ: وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ مَا قَبْلَ الطَّلَبِ وَبَعْدَهُ. قَالَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بَعْدَ الطَّلَبِ، لِوُجُوبِ الدَّفْعِ. بَلْ لَوْ قِيلَ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا، مَعَ عِلْمِهِ بِاضْطِرَارِهِ: لَمْ يَبْعُدْ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا يَجِبُ بَذْلُهُ ابْتِدَاءً لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ. انْتَهَى. الثَّانِيَةُ: لَوْ بَذَلَهُ بِأَكْثَرَ مَا يَلْزَمُهُ: أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ قِيمَتَهُ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ مُقَاتَلَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: يُقَاتِلُهُ. الثَّالِثَةُ: لَوْ بَذَلَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ: لَزِمَهُ قَبُولُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَلْزَمُ مُعْسِرًا عَلَى احْتِمَالٍ. الرَّابِعَةُ: لَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ الْبَيْعِ إلَّا بِعَقْدِ رِبًا، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْهُ قَهْرًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَقَالَ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَهْرِهِ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ لَا يُتِمَّ عَقْدَ الرِّبَا. فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ نَسَاءً: عَزَمَ عَلَى أَنَّ الْعِوَضَ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ قَرْضًا.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَوْ قِيلَ: إنَّ لَهُ أَنْ يُظْهِرَ صُورَةَ الرِّبَا وَلَا يُقَاتِلَهُ وَيَكُونَ كَالْمُكْرَهِ، فَيُعْطِيَهُ مِنْ عَقْدِ الرِّبَا صُورَتَهُ لَا حَقِيقَتَهُ لَكَانَ أَقْوَى. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا آدَمِيًّا مُبَاحَ الدَّمِ كَالْحَرْبِيِّ، وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ: حَلَّ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَحْرُمُ أَكْلُهُ. وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ وَجَدَ مَعْصُومًا مَيِّتًا: فَفِي جَوَازِ أَكْلِهِ، وَجْهَانِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَكَذَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفْصَاحِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: لَمْ يَأْكُلْهُ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْكَافِي: هَذَا اخْتِيَارُ غَيْرِ أَبِي الْخَطَّابِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ أَكْلُهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. قَالَ فِي الْكَافِي: هَذَا أَوْلَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعُوا بِهِ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ، عَنْ حَنْبَلٍ: إنَّهُ لَا يَحْرُمُ.
الثَّانِيَةُ: مَنْ اُضْطُرَّ إلَى نَفْعِ مَالِ الْغَيْرِ، مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، لِدَفْعِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ، أَوْ اسْتِقَاءِ مَاءٍ وَنَحْوِهِ: وَجَبَ بَذْلُهُ مَجَّانًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ: يَجِبُ لَهُ الْعِوَضُ كَالْأَعْيَانِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي " الْجَنَائِزِ " يُقَدَّمُ حَيٌّ اُضْطُرَّ إلَى سُتْرَةٍ لِبَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ عَلَى تَكْفِينِ مَيِّتٍ. فَإِنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ لِلْمَيِّتِ: اُحْتُمِلَ أَنْ يُقَدَّمَ الْحَيُّ أَيْضًا. وَلَمْ يُذْكَرْ غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ مَرَّ بِثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ لَا حَائِطَ عَلَيْهِ) نَصَّ عَلَيْهِ (وَلَا نَاظِرَ عَلَيْهِ: فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَلَا يَحْمِلُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسَّبْعِينَ: هَذَا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا. وَقَالَ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ: اخْتَارَهُ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُوجَزِ " لَا حَائِطَ عَلَيْهِ ". وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْوَسِيلَةِ " لَا نَاظِرَ عَلَيْهِ ". وَعَنْهُ: لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا لِحَاجَةٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَعَنْهُ: يَأْكُلُ الْمُتَسَاقِطَ، وَلَا يَرْمِي بِحَجَرٍ. وَلَمْ يُثْبِتْهَا الْقَاضِي. وَعَنْهُ: لَا يَحِلُّ ذَلِكَ مُطْلَقًا إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ. حَكَاهَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. وَعَنْهُ: لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ. ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ، كَالْمَجْمُوعِ الْمَجْنِيِّ. وَعَنْهُ: يُبَاحُ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ تُحْمَلُ عَلَى رِوَايَةِ اشْتِرَاطِ الْحَاجَةِ. وَجَوَّزَهُ فِي التَّرْغِيبِ لِمُسْتَأْذِنٍ ثَلَاثًا لِلْخَبَرِ. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَيْسَ لَهُ رَمْيُ الشَّجَرِ بِشَيْءٍ. وَلَا يَضُرُّ بِهِ وَلَا يَحْمِلُ، نَصَّ عَلَيْهِ. الثَّانِيَةُ: حَيْثُ جَوَّزْنَا لَهُ الْأَكْلَ: فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَكَلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ: يَضْمَنُهُ، اخْتَارَهُ فِي الْمُبْهِجِ. وَحَيْثُ جَوَّزْنَا الْأَكْلَ، فَالْأَوْلَى: تَرْكُهُ إلَّا بِإِذْنٍ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ (وَفِي الزَّرْعِ وَشُرْبِ لَبَنِ الْمَاشِيَةِ: رِوَايَتَانِ) . يَعْنِي: إذَا أَبَحْنَا الْأَكْلَ مِنْ الثِّمَارِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْمُغْنِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ. إحْدَاهُمَا: لَهُ ذَلِكَ كَالثَّمَرَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: هَذَا الْأَشْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي لَبَنِ الْمَاشِيَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَهُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَمَنْ تَابَعَهُ: يَلْحَقُ بِالزَّرْعِ الْبَاقِلَّاءُ وَالْحِمَّصُ وَشَبَهُهُمَا مِمَّا يُؤْكَلُ رَطْبًا، بِخِلَافِ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ. وَقَالَ: وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْتِفَاتٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الزَّكَاةِ: مِنْ الْوَضْعِ لِرَبِّ الْمَالِ عِنْدَ خَرْصِ الثَّمَرَةِ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبُعِ. وَلَا يُتْرَكُ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ إلَّا مَا الْعَادَةُ أَكْلُهُ فَرِيكًا.
قَوْلُهُ (وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِشَرْطِهِ الْآتِي. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَيْلَةً، وَالْأَشْهَرُ: وَيَوْمًا. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: الْوَاجِبُ لَيْلَةً فَقَطْ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. لَكِنْ قَالَ: الْأَوَّلُ الْأَشْهَرُ. وَهُوَ أَيْضًا مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَنَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الضِّيَافَةِ. لِلْغُزَاةِ خَاصَّةً، عَلَى مَنْ يَمُرُّونَ بِهِمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ النَّوَاوِيَّةِ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ: وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ أَيْضًا. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ " بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ "" هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةُ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُطْلَقًا، أَوْ بِالشَّرْطِ؟ ".
تَنْبِيهٌ: فِي قَوْلِهِ " الْمُجْتَازِ بِهِ " إشْعَارٌ بِأَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا. وَهُوَ صَحِيحٌ. فَلَا حَقَّ لِحَاضِرٍ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ.
فَإِنَّ عِبَارَتَهُمْ مِثْلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ كَالْمُسَافِرِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ: وَحَاضِرٌ. وَفِيهِ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: يُشْتَرَطُ لِلْوُجُوبِ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ الْمُجْتَازُ فِي الْقُرَى. فَإِنْ كَانَ فِي الْأَمْصَارِ: لَمْ تَجِبْ الضِّيَافَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: الْأَمْصَارُ كَالْقُرَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِي مِصْرٍ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ " أَنَّهَا لَا تَجِبُ لِلذِّمِّيِّ إذَا اجْتَازَ بِالْمُسْلِمِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ النَّوَاوِيَّةِ: وَخَصَّ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْوُجُوبَ بِالْمُسْلِمِ وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: هُوَ كَمُسْلِمٍ فِي ذَلِكَ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَهُوَ قَوْلٌ فِي النَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ النَّوَاوِيَّةِ. وَقَالَ: هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله.
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَبَى: فَلِلضَّيْفِ طَلَبُهُ بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ) بِلَا نِزَاعٍ.
وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
فَائِدَةٌ: إذَا امْتَنَعَ مِنْ الضِّيَافَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ: جَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. نَقَلَهَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَأْخُذُ إلَّا بِعِلْمِهِمْ، يُطَالِبُهُمْ بِقَدْرِ حَقِّهِ. قُلْت: النَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ. .
قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ ضِيَافَتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. فَمَا زَادَ: فَهُوَ صَدَقَةٌ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَتَقَدَّمَ قَوْلٌ: أَنَّهَا تُحَبُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى. قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إنْزَالُهُ فِي بَيْتِهِ، إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَسْجِدًا، أَوْ رِبَاطًا يَبِيتُ فِيهِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَأَوْجَبَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ: إنْزَالَهُ فِي بَيْتِهِ مُطْلَقًا كَالنَّفَقَةِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. فَوَائِدُ الْأُولَى: الضِّيَافَةُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ مَعَ الْأُدْمِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَأَوْجَبَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمَعْرُوفُ عَادَةً. قَالَ: كَزَوْجَةٍ وَقَرِيبٍ وَرَقِيقٍ. وَفِي الْوَاضِحِ: وَلِفَرَسِهِ أَيْضًا تِبْنٌ لَا شَعِيرٌ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَعْنِي: وَيَجِبُ شَعِيرٌ كَالتِّبْنِ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي ضِيَافَتِهِمْ الْمُسْلِمِينَ.
الثَّانِيَةُ: مَنْ قَدَّمَ لِضِيفَانِهِ طَعَامًا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ قَسْمُهُ، لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَغَيْرِهِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَتَقَدَّمَ فِي " الْوَلِيمَةِ " أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُ الطَّعَامِ بِلَا إذْنٍ عَلَى الصَّحِيحِ.
الثَّالِثَةُ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: مَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ: فَهُوَ مَذْمُومٌ مُبْتَدِعٌ. وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الْبِطِّيخِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِكَيْفِيَّةِ أَكْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ: فَكَذِبٌ.