المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الشجاج وكسر العظام] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ١٠

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب الشجاج وكسر العظام]

[بَابُ الشِّجَاجِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ]

ِ قَوْلُهُ (الشَّجَّةُ: اسْمٌ لِجُرْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ خَاصَّةً) . قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِمَا. وَهِيَ عَشْرٌ، خَمْسٌ لَا مُقَدَّرَ فِيهَا أَوَّلُهَا: الْخَارِصَةُ. بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَإِهْمَالِهَا مَعَ إهْمَالِ الصَّادِ فِيهَا، وَهِيَ الَّتِي تَخْرُصُ الْجِلْدَ، أَيْ تَشُقُّهُ قَلِيلًا وَلَا تُدْمِيهِ. وَتُسَمَّى الْخُرْصَةَ وَالْقَاشِرَةَ وَالْقِشْرَةَ بِإِعْجَامِ الشِّينِ مَعَ الْقَافِ. ثُمَّ الْبَازِلَةُ بِمُوَحَّدَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ. وَتُسَمَّى الدَّامِيَةَ، وَالدَّامِعَةَ، بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ. وَهِيَ الَّتِي تَدْمَى وَلَا تَشُقُّ اللَّحْمَ. وَقِيلَ: الدَّامِعَةُ: مَا ظَهَرَ دَمُهَا وَلَمْ يَسِلْ. ثُمَّ الْبَاضِعَةُ الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ. وَقِيلَ: مَا تَشُقُّهُ بَعْدَ الْجِلْدِ وَلَمْ يَسِلْ دَمُهَا. ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ. وَقِيلَ: مَا الْتَحَمَ أَعْلَاهَا وَاتَّسَعَ أَسْفَلُهَا. وَلَمْ تَبْلُغْ جِلْدَةً تَلِي الْعَظْمَ. (ثُمَّ السِّمْحَاقُ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعِنْدِ الْخِرَقِيِّ: الْبَاضِعَةُ بَيْنَ الْخَارِصَةِ وَالْبَازِلَةِ، تَشُقُّ اللَّحْمَ وَلَا تُدْمِيهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْبَازِلَةُ الَّتِي تَشُقُّ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ، يَعْنِي وَلَا يَسِيلُ مِنْهَا دَمٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَابْنُ فَارِسٍ.

ص: 106

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: لَعَلَّ مَا فِي نُسَخِ الْخِرَقِيِّ غَلَطٌ مِنْ الْكُتَّابِ؛ لِأَنَّ الْبَاضِعَةَ الَّتِي تَشُقُّ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ يَسِيلُ مِنْهَا دَمٌ كَثِيرٌ فِي الْغَالِبِ. بِخِلَافِ الْبَازِلَةِ. فَإِنَّهَا الدَّامِعَةُ بِالْمُهْمَلَةِ لِقِلَّةِ سَيَلَانِ دَمِهَا. فَالْبَاضِعَةُ أَشَدُّ. انْتَهَى. وَهُوَ قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ وَالْأَزْهَرِيِّ. قَوْلُهُ (فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ فِيهَا حُكُومَةٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ: فِي الْبَازِلَةِ بَعِيرٌ، وَفِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ، وَفِي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَةٌ، وَفِي السِّمْحَاقِ أَرْبَعَةٌ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ. وَحَكَى الشِّيرَازِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ اخْتَارَ ذَلِكَ فِي السِّمْحَاقِ. وَعَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: مَتَى أَمْكَنَ اعْتِبَارُ الْجِرَاحَاتِ مِنْ الْمُوضِحَةِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُوضِحَةٌ إلَى جَانِبِهَا قُدِّرَتْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتُ مِنْهَا. فَإِنْ كَانَتْ بِقَدْرِ النِّصْفِ: وَجَبَ نِصْفُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ. وَإِنْ كَانَتْ بِقَدْرِ الثُّلُثِ: وَجَبَ ثُلُثُ الْأَرْشِ. وَعَلَى هَذَا إلَّا أَنْ تَزِيدَ الْحُكُومَةُ عَلَى ذَلِكَ. فَيَجِبُ مَا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ. وَمُلَخَّصُهُ: أَنَّهُ يُوجِبُ الْأَكْثَرَ مِمَّا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ الْمُوضِحَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا لَا نَعْلَمُهُ مَذْهَبًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَلَا يَقْتَضِيهِ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَخَمْسٌ فِيهَا مُقَدَّرٌ أَوَّلُهَا: الْمُوضِحَةُ، الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ. أَيْ تُبْرِزُهُ. فَفِيهَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: فِي مُوضِحَةِ الْوَجْهِ عَشَرَةٌ.

ص: 107

نَقَلَهَا حَنْبَلٌ، وَاخْتَارَهَا الزَّرْكَشِيُّ. وَأَوَّلَهَا الْمُصَنِّفُ. فَائِدَةٌ: يَجِبُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ، وَالْبَارِزَةِ وَالْمَسْتُورَةِ بِالشَّعْرِ. وَحَدُّ الْمُوضِحَةِ: مَا أَفْضَى إلَى الْعَظْمِ، وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَالْقَاضِي. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: الْمُوضِحَةُ مَا كَشَفَ عَظْمَ رَأْسٍ أَوْ وَجْهٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. وَقِيلَ: وَلَوْ بِقَدْرِ رَأْسِ إبْرَةٍ. انْتَهَى. قَوْلُهُ (فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ: فَهَلْ هِيَ مُوضِحَةٌ، أَوْ مُوضِحَتَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَهُمَا رِوَايَتَانِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا

أَحَدُهُمَا: هِيَ مُوضِحَتَانِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هِيَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: وَلَوْ عَمَّتْهُمَا فَثُلُثَانِ فِي وَجْهٍ.

تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ: إذَا عَمَّتْ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ فِي كِتَابَيْهِ الْمُغْنِي، وَالْكَافِي بَلْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ فِيمَا إذَا كَانَ بَعْضُهَا فِي الرَّأْسِ وَبَعْضُهَا فِي الْوَجْهِ.

ص: 108

فَإِنْ لَمْ تَعُمَّ الرَّأْسَ فَفِيهَا الْوَجْهَانِ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ. انْتَهَى. قُلْت: قَدَّمَ مَا قَالَهُ النَّاظِمُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي. فَإِنَّهُمَا قَالَا: وَإِنْ نَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ فَمُوضِحَةٌ. قَوْلُهُ (وَإِنْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ: فَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ. فَإِنْ خَرَقَ مَا بَيْنَهُمَا، أَوْ ذَهَبَ بِالسِّرَايَةِ: صَارَا مُوضِحَةً وَاحِدَةً. وَإِنْ خَرَقَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ: فَهِيَ ثَلَاثُ مَوَاضِحَ) بِلَا نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ خَرَقَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ. مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَغَيْرُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَالَ: مَعَ بَقَاءِ التَّلَابُسِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يُصَدَّقُ مَنْ يُصَدِّقُهُ الظَّاهِرُ بِقُرْبِ زَمَنٍ وَبُعْدِهِ. فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْمَجْرُوحُ. قَالَ: وَلَهُ أَرْشَانِ. وَفِي ثَالِثٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَإِنْ قَالَ الْمَجْرُوحُ: خَرَقْته بَعْدَ الْبُرْءِ صُدِّقَ مَعَ طُولِ الزَّمَنِ. وَلَهُ أَرْشُ مُوضِحَتَيْنِ فَقَطْ. وَقِيلَ: وَالْخَرْقِ بَيْنَهُمَا. وَقِيلَ: يُنْسَبُ مِنْ الْمُوضِحَةِ إنْ أَمْكَنَ

قَوْلُهُ (وَإِنْ)(خَرَقَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ فِي الْبَاطِنِ) يَعْنِي الْجَانِيَ.

ص: 109

(فَهَلْ هِيَ مُوضِحَةٌ، أَوْ مُوضِحَتَانِ) ؟ (عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَغَيْرِهِمْ.

أَحَدُهُمَا: هِيَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُمَا مُوضِحَتَانِ، اخْتَارَهُ النَّاظِمُ. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ خَرَقَهُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا فَمُوضِحَتَانِ، عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا. وَقِيلَ: مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ. الثَّانِيَةُ: لَوْ أَوْضَحَهُ جَمَاعَةٌ مُوضِحَةً، فَهَلْ يُوضَحُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِهَا، أَمْ يُوَزَّعُ؟ فِيهِ لِلْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ الْهَاشِمَةُ. وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ وَتَهْشِمُهُ. فَفِيهَا عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ) بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ (فَإِنْ ضَرَبَهُ بِمُثَقَّلٍ، فَهَشَمَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوضِحَهُ: فَفِيهِ حُكُومَةٌ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.

ص: 110

وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ كَهَشْمِهِ عَلَى مُوضِحَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالشَّرْحِ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى جِلْدَةِ الدِّمَاغِ. وَتُسَمَّى أُمَّ الدِّمَاغِ. وَتُسَمَّى الْمَأْمُومَةَ. فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ) بِلَا نِزَاعٍ. وَقَوْلُهُ (ثُمَّ الدَّامِغَةُ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ، فَفِيهَا مَا فِي الْمَأْمُومَةِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: فِيهَا مَعَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ لِخَرْقِ الْجِلْدَةِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا " الدَّامِغَةَ " بِالْمُعْجَمَةِ لِمُسَاوَاتِهَا لِلْمَأْمُومَةِ فِي أَرْشِهَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ تَرَكُوا ذِكْرَهَا لِكَوْنِ صَاحِبِهَا لَا يَسْلَمُ غَالِبًا. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَفِي الْجَائِفَةِ: ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى بَاطِنِ الْجَوْفِ، مِنْ بَطْنٍ، أَوْ ظَهْرٍ، أَوْ صَدْرٍ، أَوْ نَحْرٍ) بِلَا نِزَاعٍ. وَقَوْلُهُ (فَإِنْ خَرَقَهُ مِنْ جَانِبٍ. فَخَرَجَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ: فَهِيَ جَائِفَتَانِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: جَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.

ص: 111

وَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

قَوْلُهُ (وَإِنْ طَعَنَهُ فِي خَدِّهِ، فَوَصَلَ إلَى فَمِهِ: فَفِيهِ حُكُومَةٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ جَائِفَةً. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ فِي الْمُذْهَبِ.

فَائِدَةٌ: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَنْفَذَ أَنْفًا أَوْ ذَكَرًا أَوْ جَفْنًا إلَى بَيْضَةِ الْعَيْنِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ جَرَحَهُ فِي وَرِكِهِ، فَوَصَلَ الْجُرْحُ إلَى جَوْفِهِ، أَوْ أَوْضَحَهُ فَوَصَلَ الْجُرْحُ إلَى قَفَاهُ: فَعَلَيْهِ دِيَةُ جَائِفَةٍ وَمُوضِحَةٍ وَحُكُومَةٌ لِجُرْحِ الْقَفَا وَالْوَرِكِ) بِلَا نِزَاعٍ (وَإِنْ أَجَافَهُ وَوَسَّعَ آخِرَ الْجُرْحِ فَهِيَ جَائِفَتَانِ) بِلَا نِزَاعٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ (وَإِنْ وَسَّعَ ظَاهِرَهُ دُونَ بَاطِنِهِ، أَوْ بَاطِنَهُ دُونَ ظَاهِرِهِ: فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهًا: أَنَّهَا جَائِفَةٌ.

فَائِدَةٌ: لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ، أَوْ نَحِيفَةٌ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ، فَفَتَقَهَا لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَمَعْنَى الْفَتْقِ: خَرْقُ مَا بَيْنَ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرِهِمْ.

ص: 112

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي. وَقِيلَ: بَلْ مَعْنَاهُ: خَرْقُ مَا بَيْنَ الدُّبُرِ وَالْقُبُلِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: إلَّا أَنَّ هَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَذْهَبَ بِالْوَطْءِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْحَاجِزِ؛ لِأَنَّهُ غَلِيظٌ قَوِيٌّ. انْتَهَيَا. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ: وَإِنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ، فَخَرَقَ مَخْرَجَ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ، أَوْ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ فِي الْغَالِبِ الْأَوَّلُ، وَجَزَمَ بِوُجُوبِ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ: إنْ كَانَ الْبَوْلُ يُسْتَمْسَكُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَمْسَكُ فَعَلَيْهِ كَمَالُ دِيَتِهَا. وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: فِيمَنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا: الْقَوَدُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِفِعْلٍ يَقْتُلُ مِثْلُهُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ: وَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً كَبِيرَةً مُطَاوَعَةً بِلَا شُبْهَةٍ، أَوْ امْرَأَتَهُ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ لِمِثْلِهِ فَأَفْضَاهَا: فَهَدَرٌ؛ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الزِّيَادَةِ. وَهُوَ حَقٌّ لَهُ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ. فَإِنْ ثَبَتَ الْبَوْلُ فَجَائِفَةٌ. وَلَا يَنْدَرِجُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فِي دِيَةِ إفْضَاءٍ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْكَبِيرَةَ الْمُحْتَمِلَةَ لِلْوَطْءِ، وَفَتَقَهَا: لَمْ يَضْمَنْهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالتَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِوُجُوبِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي.

ص: 113

وَلِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ إكْرَاهٍ: ثُلُثُ الدِّيَةِ إنْ اُسْتُمْسِكَ الْبَوْلُ، مَعَ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُسْتَمْسَكْ: فَالدِّيَةُ كَامِلَةً.

فَائِدَةٌ: لَوْ أَدْخَلَ إصْبَعَهُ فِي فَرْجِ بِكْرٍ، فَأَذْهَبَ بَكَارَتَهَا: فَلَيْسَ بِجَائِفَةٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا. قَوْلُهُ (وَفِي الضِّلْعِ بَعِيرٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: فِيهِ حُكُومَةٌ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " وَفِي الضِّلَعِ بَعِيرٌ " كَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقُوا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقَيَّدَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ: بِمَا إذَا أُجْبِرَ مُسْتَقِيمًا، فَقَالُوا: وَفِي الضِّلْعِ بَعِيرٌ إذَا أُجْبِرَ مُسْتَقِيمًا. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ. وَلَكِنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَتَيْنِ غَايَرَ، فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَمَّا رَأَى مَنْ أَطْلَقَ وَقَيَّدَ حَكَاهُمَا قَوْلَيْنِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَمْ أَرَ هَذَا الشَّرْطَ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ. وَقَدْ أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله بِأَنَّ فِي الضِّلَعِ بَعِيرًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ. قَوْلُهُ (وَفِي التَّرْقُوَتَيْنِ بَعِيرَانِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ.

قَالَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.

ص: 114

وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَبْعِرَةٍ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي التَّرْقُوَةِ بَعِيرَانِ. وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ: فِي كُلِّ تَرْقُوَةٍ بَعِيرَانِ. فَهُوَ أَصْرَحُ مِنْ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَصَرَفَ الْقَاضِي كَلَامَ الْخِرَقِيِّ إلَى الْمَذْهَبِ. فَقَالَ: الْمُرَادُ بِالتَّرْقُوَةِ: التَّرْقُوَتَانِ. اكْتَفَى بِلَفْظِ الْوَاحِدِ لِإِدْخَالِ الْأَلْفِ وَاللَّامِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ. قَوْلُهُ (وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الذِّرَاعِ، وَالزَّنْدِ، وَالْعَضُدِ، وَالْفَخِذِ، وَالسَّاقِ: بَعِيرَانِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ فِي الزَّنْدِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي عَظْمِ السَّاقِ وَالْفَخِذِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ فِي الْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالزَّنْدِ. وَعَنْهُ: فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ بَعِيرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.

وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْقَاضِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي غَيْرِ الْخَمْسَةِ. وَهِيَ: الضِّلَعُ وَالتَّرْقُوَتَانِ وَالزَّنْدَانِ، وَجَزَمَ أَنَّ فِي الزَّنْدِ بَعِيرَيْنِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَةً: أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً. نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ كُسِرَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ فِيهَا حُكُومَةٌ، وَإِنْ انْجَبَرَتْ.

ص: 115

وَتَرْجَمَهُ أَبُو بَكْرٍ بِنَقْصِ الْعُضْوِ بِجِنَايَةٍ. وَعَنْهُ فِي الزَّنْدِ الْوَاحِدِ: أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَظْمَانِ. وَفِيمَا سِوَاهُ بَعِيرَانِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ فِيمَا سِوَى الزَّنْدِ حُكُومَةً كَمَا تَقَدَّمَ. كَبَقِيَّةِ الْجُرُوحِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ، كَخَرَزَةِ صُلْبٍ وَعُصْعُصٍ وَعَانَةٍ. قَالَهُ فِي الْإِرْشَادِ فِي غَيْرِ ضِلْعٍ.

قَوْلُهُ (وَالْحُكُومَةُ: أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ بِهِ ثُمَّ يُقَوَّمُ وَهِيَ بِهِ قَدْ بَرَأَتْ، فَمَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ فَلَهُ مِثْلُهُ مِنْ الدِّيَةِ. فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ عِشْرِينَ، وَقِيمَتُهُ وَبِهِ الْجِنَايَةُ: تِسْعَةَ عَشَرَ، فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ) . بِلَا نِزَاعٍ فِي الْجُمْلَةِ. وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ فِي شَيْءٍ فِيهِ مُقَدَّرٍ، فَلَا يُبْلَغُ بِهِ أَرْشَ الْمُقَدَّرِ. فَإِنْ كَانَتْ فِي الشِّجَاجِ الَّتِي دُونَ الْمُوضِحَةِ: لَمْ يُبْلَغْ بِهَا أَرْشَ الْمُوضِحَةِ. وَإِنْ كَانَ فِي إصْبَعٍ: لَمْ يُبْلَغْ بِهَا دِيَةُ الْإِصْبَعِ. وَإِنْ كَانَتْ فِي أُنْمُلَةٍ لَمْ يُبْلَغْ بِهَا دِيَتَهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا يُبْلَغُ بِحُكُومَةِ مَحِلٍّ لَهُ مُقَدَّرٌ مُقَدَّرَهُ، عَلَى الْأَصَحِّ كَمُجَاوَزَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ، وَابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَنْهُ: يُبْلَغُ بِهِ أَرْشُ الْمُقَدَّرِ.

ص: 116

وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَحَكَاهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ: وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ: أَنْ يُخَصَّصَ امْتِنَاعُ الزِّيَادَةِ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، لِقَوْلِهِ " إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ فِي وَجْهٍ أَوْ رَأْسٍ فَلَا يُجَاوَزُ بِهِ أَرْشُ الْمُؤَقَّتِ " قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا تَنْقُصُ شَيْئًا بَعْدَ الِانْدِمَالِ: قُوِّمَتْ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَب، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُقَوَّمُ قُبَيْلَ الِانْدِمَالِ التَّامِّ. وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ.

تَنْبِيهٌ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " قُوِّمَتْ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ " أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ هَدَرًا. وَأَنَّ عَلَيْهِ حُكُومَةً. وَهُوَ صَحِيحٌ.

وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ فِيهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ تُنْقِصْهُ شَيْئًا بِحَالٍ، أَوْ زَادَتْهُ حُسْنًا كَإِزَالَةِ لِحْيَةِ امْرَأَةٍ، أَوْ إصْبَعٍ زَائِدَةٍ وَنَحْوِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.

ص: 117

قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: فَلَا شَيْءَ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَلَا شَيْءَ فِيهَا فِي الْأَصَحِّ. وَكَذَا قَالَ النَّاظِمُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ: بَلَى. قَالَ الْقَاضِي: نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله عَلَى هَذَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَعَلَى هَذَا يُقَوَّمُ فِي أَقْرَبِ الْأَحْوَالِ إلَى الْبُرْءِ. فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فِي ذَلِكَ الْحَالِ قُوِّمَ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْصٍ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَتُقَوَّمُ لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ كَأَنَّهَا لِحْيَةُ رَجُلٍ فِي حَالٍ يُنْقِصُهُ ذَهَابُ لِحْيَتِهِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ.

ص: 118