الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ حَدِّ الزِّنَا]
قَوْلُهُ (وَإِذَا زَنَى الْحُرُّ الْمُحْصَنُ: فَحَدُّهُ الرَّجْمُ حَتَّى يَمُوتَ، وَهَلْ يُجْلَدُ قَبْلَ الرَّجْمِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفُصُولِ، وَالْإِيضَاحِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْفُرُوعِ. إحْدَاهُمَا: لَا يُجْلَدُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَالتَّسْهِيلِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَثْرَمُ، وَالْجُوزَجَانِيُّ، وَابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ شِهَابٍ. انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ أَيْضًا: ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُجْلَدُ قَبْلَ الرَّجْمِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَالْقَاضِي. وَنَصَرَهَا الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَصَحَّحَهُمَا الشِّيرَازِيُّ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: اخْتَارَهَا شُيُوخُ الْمَذْهَبِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ. وَهُوَ مِنْهَا وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَنِهَايَتِهِ.
قَوْلُهُ (وَالْمُحْصَنُ: مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَيَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا. (وَهُمَا بَالِغَانِ عَاقِلَانِ حُرَّانِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْخِرَقِيُّ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رحمه الله نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِحْصَانُ بِالْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ وَالصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِ. وَذَكَرَ فِي الْإِرْشَادِ: أَنَّ الْمُرَاهِقَ يُحْصِنُ غَيْرَهُ. وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله رِوَايَةً. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَمَتَى اخْتَلَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا: فَلَا إحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، إلَّا فِي تَحْصِينِ الْبَالِغِ بِوَطْءِ الْمُرَاهِقَةِ، وَتَحْصِينِ الْبَالِغَةِ بِوَطْءِ الْمُرَاهِقِ. فَإِنَّهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ. وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا أَوْ رَقِيقًا، فَلَا إحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ " أَنَّهُ لَا يُحْصِنُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ.
فَائِدَةٌ: جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إذَا زَنَى ابْنُ عَشْرٍ، أَوْ بِنْتُ تِسْعٍ: لَا بَأْسَ بِالتَّعْزِيرِ ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْفُرُوعِ فِي أَثْنَاءِ " بَابِ الْمُرْتَدِّ ". وَيَأْتِي فِي " بَابِ التَّعْزِيرِ ".
قَوْلُهُ (وَيَثْبُتُ الْإِحْصَانُ لِلذِّمِّيَّيْنِ) . وَكَذَا لِلْمُسْتَأْمَنَيْنِ. فَلَوْ زَنَى أَحَدُهُمَا وَجَبَ الْحَدُّ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْأَصْحَابِ. وَلَزِمَ الْإِمَامَ إقَامَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: إنْ شَاءَ لَمْ يُقِمْ حَدَّ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَمِثْلُهُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ. وَلَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: نَصَّ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: شَمَلَ كَلَامُهُ كُلَّ ذِمِّيٍّ. فَدَخَلَ الْمَجُوسِيُّ فِي ذَلِكَ. وَتَبِعَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَا يَصِيرُ الْمَجُوسِيُّ مُحْصَنًا بِنِكَاحِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ تُحْصِنُ الذِّمِّيَّةُ مُسْلِمًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ إحْدَاهُمَا: تُحْصِنُهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالتَّصْحِيحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمَغْنَى، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تُحْصِنُهُ.
فَائِدَةٌ: لَوْ زَنَى مُحْصَنٌ بِبِكْرٍ: فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدُّهُ، نَصَّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ وَلَدٌ مِنْ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ " مَا وَطِئْتهَا " لَمْ يَثْبُتْ إحْصَانُهُ) بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ. وَيَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِقَوْلِهِ " وَطِئْتهَا " أَوْ " جَامَعْتهَا " وَبِقَوْلِهِ أَيْضًا " دَخَلْت بِهَا " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْمُحَرَّرِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ زَنَى الْحُرُّ غَيْرُ الْمُحْصَنِ: جُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ. وَغُرِّبَ عَامًا إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُغَرَّبُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تُنْفَى إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَنْهُ: تُغَرَّبُ الْمَرْأَةُ مَعَ مَحْرَمِهَا لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَمَعَ تَعَذُّرِهِ لِدُونِهَا. وَعَنْهُ: يُغَرَّبَانِ أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ غَيْرُ الْجَلْدِ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ، وَالْمَيْمُونِيُّ. قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْإِمَامُ تَعْزِيرًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: تُنْفَى الْمَرْأَةُ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مَعَ وُجُودِ الْمَحْرَمِ، وَمَعَ تَعَذُّرِهِ: هَلْ تُنْفَى كَذَلِكَ، أَوْ إلَى مَا دُونَهَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. هَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي، وَأَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْمُغْنِي. وَجَعَلَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهَا مُطْلَقًا. وَتَبِعَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْكَافِي، وَالْمُقْنِعِ. وَعَكَسَ الْمَجْدُ طَرِيقَةَ الْمُغْنِي. فَجَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا نُفِيَتْ مَعَ مَحْرَمِهَا. أَمَّا بِدُونِهِ فَإِلَى مَا دُونَهَا قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: لَوْ زَنَى حَالَ التَّغْرِيبِ: غُرِّبَ مِنْ بَلَدِ الزِّنَا. فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ قَبْلَ الْحَوْلِ: مُنِعَ. وَإِنْ زَنَى فِي الْآخَرِ: غُرِّبَ إلَى غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (وَيَخْرُجُ مَعَهَا مَحْرَمُهَا) . لَا تُغَرَّبُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ إنْ تَيَسَّرَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ: أَنَّهَا تُغَرَّبُ بِدُونِ مَحْرَمٍ إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَرَادَ أُجْرَةً بُذِلَتْ مِنْ مَالِهَا. فَإِنْ تَعَذَّرَ: فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا.
وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ، وَمَالَ إلَيْهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ قَوْلُهُ (فَإِنْ أَبَى الْخُرُوجَ مَعَهَا: اُسْتُؤْجِرَتْ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ) ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: تُغَرَّبُ بِلَا امْرَأَةٍ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَغَيْرِهِ: تُغَرَّبُ بِلَا امْرَأَةٍ مَعَ الْأَمْنِ. وَعَنْهُ: تُغَرَّبُ بِلَا مَحْرَمٍ، تَعَذَّرَ أَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ لَهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ فِي الْحَجِّ بِمَحْرَمٍ. قُلْت: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ بَعِيدَةٌ جِدًّا. وَقَدْ يُخَافُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ مِنْ قُعُودِهَا.
قَوْلُهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ: نُفِيَتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: تُنْفَى بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الْمَذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ النَّفْيُ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الزَّانِي رَقِيقًا: فَحَدُّهُ خَمْسُونَ جَلْدَةً بِكُلِّ حَالٍ) بِلَا نِزَاعٍ (وَلَا يُغَرَّبُ) .
هَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَأَبْدَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ احْتِمَالًا بِنَفْيِهِ. لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه نَفَاهُ. وَأَوَّلَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى إبْعَادِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا: فَحَدُّهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ جَلْدَةً) بِلَا نِزَاعٍ (وَتَغْرِيبُ نِصْفِ عَامٍ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُغَرَّبُ فِي الْمَنْصُوصِ بِحِسَابِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُغَرَّبَ. وَهُوَ وَجْهٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْهِدَايَةِ.
قَوْلُهُ (وَحَدُّ اللُّوطِيِّ) يَعْنِي الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُذْهَبِ (كَحَدِّ الزَّانِي سَوَاءً) هَذَا الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: حَدُّهُ الرَّجْمُ بِكُلِّ حَالِ، اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي " كِتَابِ الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ " وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي كَلَامٍ لَهُ عَلَى مَا إذَا زَنَى عَبْدُهُ بِابْنَتِهِ الصَّحِيحُ قَتْلُ اللُّوطِيِّ، سَوَاءٌ كَانَ مُحْصَنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَوْ قُتِلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا. وَنَقَلَ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله فِي " السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ " أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: لَوْ رَأَى الْإِمَامُ تَحْرِيقَ اللُّوطِيِّ فَلَهُ ذَلِكَ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. فَوَائِدُ إحْدَاهَا: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِي " رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ ": إذَا قُتِلَ الْفَاعِلُ كَزَانٍ، فَقِيلَ: يُقْتَلُ الْمَفْعُولُ بِهِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ. وَقِيلَ: بِالْفَرْقِ كَفَاعِلٍ. الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالتَّرْغِيبِ دُبُرُ الْأَجْنَبِيَّةِ كَاللِّوَاطِ. وَقِيلَ: كَالزِّنَا. وَأَنَّهُ لَا حَدَّ بِدُبُرِ أَمَتِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِرَضَاعٍ. قُلْت: قَدْ يُسْتَأْنَسُ لَهُ بِمَا فِي الْمُحَرَّرِ فِي قَوْلِهِ " وَالزَّانِي مَنْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ حَرَامًا مُحْصَنًا " فَسَمَّى الْوَاطِئَ فِي الدُّبُرِ زَانِيًا.
الثَّالِثَةُ: الزَّانِي بِذَاتِ مَحْرَمِهِ كَاللِّوَاطِ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: أَنَّ حَدَّهُ الرَّجْمُ مُطْلَقًا حَتْمًا. وَهُوَ مِنْهَا. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: وَيُؤْخَذُ مَالُهُ أَيْضًا لِخَبَرِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه. وَأَوَّلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى عَدَمِ وَارِثٍ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: يُقْتَلُ وَيُؤْخَذُ مَالُهُ عَلَى خَبَرِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه، إلَّا رَجُلًا يَرَاهُ مُبَاحًا فَيُجَارُ.
قُلْت: فَالْمَرْأَةُ؟ قَالَ: كِلَاهُمَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ. وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: إنَّ خَبَرَ الْبَرَاءِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله عَلَى الْمُسْتَحِلِّ، وَإِنَّ غَيْرَ الْمُسْتَحِلِّ كَزَانٍ. نَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ: أَنَّهُ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً: فَعَلَيْهِ حَدُّ اللُّوطِيِّ عِنْدَ الْقَاضِي) . وَهُوَ رِوَايَةٌ مَنْصُوصَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ. وَهُوَ مِنْهَا، وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ: أَنَّهُ يُعَزَّرُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَالْمُذْهَبِ، وَالشَّرْحِ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَجِبُ الْحَدُّ فِي رِوَايَةٍ. وَإِنْ سَلَّمْنَا فِي رِوَايَةٍ، فَلِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فِيهِ غُسْلٌ وَلَا فِطْرٌ وَلَا كَفَّارَةٌ، بِخِلَافِ اللِّوَاطِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. قَالَ: وَظَاهِرُهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَوْ وَجَبَ الْحَدُّ، مَعَ أَنَّهُ احْتَجَّ لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِاللِّوَاطِ بِوُجُوبِ ذَلِكَ بِهِ. وَظَاهِرُهُ: يَجِبُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَالتَّسْوِيَةُ أَوْلَى، مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ غَرِيبٌ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الِاخْتِيَارُ قَتْلُهَا. فَإِنْ تُرِكَتْ فَلَا بَأْسَ. انْتَهَى.
وَعَنْهُ: لَا تُقْتَلُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ تُؤْكَلُ ذُبِحَتْ وَإِلَّا فَلَا.
تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ: إذَا قُلْنَا إنَّهُ يُعَزَّرُ. فَأَمَّا إنَّ قُلْنَا إنَّ حَدَّهُ كَحَدِّ اللُّوطِيِّ: فَإِنَّهَا تُقْتَلُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَجَمَاعَةٍ: أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ يُعَزَّرُ، أَوْ حَدُّهُ كَحَدِّ اللُّوطِيِّ. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَا تُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ إلَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَى فِعْلِهِ بِهَا، أَوْ بِإِقْرَارِهِ إنْ كَانَتْ مِلْكَهُ.
الثَّانِيَةُ: قِيلَ فِي تَعْلِيلِ قَتْلِ الْبَهِيمَةِ: لِئَلَّا يُعَيَّرَ فَاعِلُهَا لِذِكْرِهِ بِرُؤْيَتِهَا. وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ قَالَ «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ. وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ الْبَهِيمَةِ؟ قَالَ: لِئَلَّا يُقَالَ: هَذِهِ هَذِهِ» .