المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ١٠

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب ديات الأعضاء ومنافعها]

[بَابُ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا]

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ (وَمَا فِيهِ مِنْهُ شَيْئَانِ: فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا، كَالْعَيْنَيْنِ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ كَانَ فِي الْعَيْنَيْنِ بَيَاضٌ: نَقَصَ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ. كَمَا لَوْ كَانَ حَوْلَاءَ وَعَمْشَاءَ، مَعَ رَدِّ الْمَبِيعِ بِهِمَا.

الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَالْأُذُنَيْنِ) . يَعْنِي: فِيهِمَا الدِّيَةُ. بِلَا نِزَاعٍ. وَقَالَ فِي الْوَسِيلَةِ: فِي أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ: الدِّيَةُ، وَهُوَ جِلْدُ مَا بَيْنَ الْعِذَارِ وَالْبَيَاضِ الَّذِي حَوْلَهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: فِي أَصْدَافِ الْأُذُنَيْنِ: الدِّيَةُ.

قَوْلُهُ (وَالشَّفَتَيْنِ) . يَعْنِي: فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ: فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى: ثُلُثَا الدِّيَةِ. وَفِي الْعُلْيَا: ثُلُثُهَا.

فَوَائِدُ إحْدَاهَا: قَوْلُهُ (وَثُنْدُوَتَيْ الرَّجُلِ) .

ص: 82

يَعْنِي: فِيهِمَا الدِّيَةُ كَثُنْدُوَتَيْ الْمَرْأَةِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَالْيَدَيْنِ) يَعْنِي: فِيهِمَا الدِّيَةُ: أَنَّ الْمُرْتَعِشَ كَالصَّحِيحِ. وَأَنَّ فِي يَدَيْهِ الدِّيَةَ كَالصَّحِيحَتَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، وَابْنُ عَقِيلٍ.

الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ) . يَعْنِي: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. وَلَوْ كَانَ قَدَمَ أَعْرَجَ، وَيَدَ أَعْسَمَ وَهُوَ عِوَجٌ فِي الرُّسْغِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِيهِ حُكُومَةٌ.

الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ (وَالْأَلْيَتَيْنِ) . يَعْنِي: فِيهِمَا الدِّيَةُ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. وَهُمَا مَا عَلَا وَأَشْرَفَ عَلَى الظَّهْرِ وَعَنْ اسْتِوَائَيْ الْفَخِذَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْعَظْمَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: فِيهِمَا الدِّيَةُ، إذَا قُطِعَتَا حَتَّى يَبْلُغَ الْعَظْمَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.

وَقَوْلُهُ (وَالْأُنْثَيَيْنِ) . يَعْنِي: فِيهِمَا الدِّيَةُ فَقَطْ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَذَكَرَ فِي الِانْتِصَارِ، احْتِمَالًا: يَجِبُ فِيهِمَا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ. لِنُقْصَانِ الذَّكَرِ بِقَطْعِهِمَا. وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ.

ص: 83

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَإِسْكَتَيْ الْمَرْأَةِ) . إسْكِتَا الْمَرْأَةِ: هُمَا شُفْرَاهَا. يَعْنِي: فِيهِمَا الدِّيَةُ لَوْ قَطَعَهُمَا. وَكَذَا لَوْ أَشَلَّهُمَا. وَفِي رَكَبِ الْمَرْأَةِ: حُكُومَةٌ، وَهُوَ عَانَتُهَا. وَكَذَلِكَ فِي عَانَةِ الرَّجُلِ حُكُومَةٌ.

قَوْلُهُ (وَفِي الْمَنْخِرَيْنِ ثُلُثَا الدِّيَةِ. وَفِي الْحَاجِزِ ثُلُثُهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ فِي الْمَنْخِرَيْنِ: الدِّيَةُ. وَفِي الْحَاجِزِ: حُكُومَةٌ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذِهِ الْمَشْهُورَةُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَفِي الظُّفْرِ خُمُسُ دِيَةِ الْإِصْبَعِ) . وَهُوَ بَعِيرَانِ. وَهُوَ صَحِيحٌ، لَا نِزَاعَ فِيهِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ.

قَوْلُهُ (وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، إذَا قُلِعَتْ مِمَّنْ قَدْ ثُغِرَ) . يَعْنِي: إذَا لَمْ تَعُدْ لِكَوْنِهِ بَدَلَهَا. وَسَوَاءٌ قَلَعَهَا بِسِنْخِهَا، أَوْ قَلَعَ الظَّاهِرَ فَقَطْ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا، وَالزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.

ص: 84

وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ بَدَلَهَا: فَحُكُومَةٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ فِي جَمِيعِهَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. فَعَلَيْهِمَا فِي كُلِّ ضِرْسٍ بَعِيرَانِ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ فَوْقُ ثَنِيَّتَانِ، وَرَبَاعِيَتَانِ، وَنَابَانِ، وَضَاحِكَانِ، وَنَاجِذَانِ، وَسِتَّةُ طَوَاحِينَ. وَمِنْ أَسْفَلُ مِثْلُهَا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَتَعَيَّنُ حَمْلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى مِثْلِ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رحمه الله لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ. وَوَرَدَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ. فَيَكُونُ فِي الْأَسْنَانِ وَالْأَنْيَابِ: سِتُّونَ بَعِيرًا؛ لِأَنَّ فِيهِ أَرْبَعَ ثَنَايَا، وَأَرْبَعَ رَبَاعِيَاتٍ، وَأَرْبَعَةَ أَنْيَابٍ، فِيهَا خَمْسٌ، وَفِيهِ عِشْرُونَ ضِرْسًا، فِي كُلِّ جَانِبٍ عَشْرَةٌ، خَمْسَةٌ مِنْ فَوْقُ وَخَمْسَةٌ مِنْ أَسْفَلُ. فَيَكُونُ فِيهَا أَرْبَعُونَ بَعِيرًا، فِي كُلِّ ضِرْسٍ بَعِيرَانِ. فَتَكْمُلُ الدِّيَةُ. انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: إنْ قَلَعَ أَسْنَانَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً: وَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي: وَإِنْ قَلَعَ الْكُلَّ، أَوْ فَوْقَ الْعِشْرِينَ دَفْعَةً وَاحِدَةً: وَجَبَتْ دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا. وَقِيلَ: دِيَةٌ فَقَطْ. قُلْت: وَفِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ سَهْوٌ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُمْ حَكَوْا أَنَّ فِي قَلْعِ مَا فَوْقَ الْعِشْرِينَ: دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا. وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي قَلْعِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، لَا فِيمَا دُونَهَا.

ص: 85

وَالصَّوَابُ: مَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَهُوَ، وَقِيلَ: إنْ قَلَعَ الْكُلَّ، أَوْ فَوْقَ الْعِشْرِينَ دَفْعَةً: لَمْ يَجِبْ سِوَى الدِّيَةِ. فَهَذَا وَجْهُهُ ظَاهِرٌ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَلَعَ مِنْ السِّنِّ مَا بَطَنَ مِنْهُ فِي اللَّحْمِ، وَهُوَ السِّنْخُ بِالنُّونِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فِي سِنْخِهِ حُكُومَةٌ. وَلَا تَدْخُلُ فِي حِسَابِ النِّسْبَةِ.

قَوْلُهُ (وَتَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فِي قَطْعِهِمَا مِنْ الْكُوعِ وَالْكَعْبِ فَإِنْ قَطَعَهُمَا مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ لَمْ يَزِدْ عَلَى الدِّيَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي الزَّائِدِ حُكُومَةٌ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ.

قَوْلُهُ (وَفِي مَارِنِ الْأَنْفِ: دِيَةُ الْعُضْوِ كَامِلَةً) . بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. لَكِنْ لَوْ قُطِعَ مَعَ قَصَبَتِهِ فَفِي الْجَمِيعِ الدِّيَةُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَ مَنْ اسْتَوْعَبَ الْأَنْفَ جَدْعًا: دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ فِي الْقَصَبَةِ.

قَوْلُهُ (وَفِي قَطْعِ بَعْضِ الْمَارِنِ، وَالْأُذُنِ، وَالْحَلَمَةِ، وَاللِّسَانِ،

ص: 86

وَالشَّفَةِ، وَالْحَشَفَةِ، وَالْأُنْمُلَةِ، وَالسِّنِّ، وَشَقِّ الْحَشَفَةِ طُولًا: بِالْحِسَابِ مِنْ دِيَتِهِ، يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ: هُنَا شَقَّ الْحَشَفَةِ طُولًا. وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ: فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ رِوَايَةً: أَنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ. وَذَكَرَ فِي الْوَاضِحِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْأُذُنِ بِلَا نَفْعٍ: الدِّيَةُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ.

قَوْلُهُ (وَفِي)(شَلَلِ الْعُضْوِ، أَوْ ذَهَابِ نَفْعِهِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَى الشَّفَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَنْطَبِقَانِ عَلَى الْأَسْنَانِ) . قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: أَوْ اسْتَرْخَتَا دِيَةٌ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالتَّرْغِيبِ: فِي التَّقَلُّصِ حُكُومَةٌ.

قَوْلُهُ (وَفِي تَسْوِيدِ السِّنِّ، وَالظُّفْرِ، بِحَيْثُ لَا يَزُولُ: دِيَتُهُ) . إذَا اسْوَدَّ الظُّفْرُ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ: وَجَبَتْ دِيَتُهُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. وَإِنْ اسْوَدَّ السِّنُّ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ سَوَادُهُ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ فِيهِ دِيَتَهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ فِي تَسْوِيدِ السِّنِّ: ثُلُثُ دِيَتِهَا. كَتَسْوِيدِ أَنْفِهِ مَعَ بَقَاءِ نَفْعِهِ.

ص: 87

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي تَسْوِيدِ السِّنِّ حُكُومَةٌ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله كَمَا لَوْ احْمَرَّتْ، أَوْ اصْفَرَّتْ، أَوْ كَلَّتْ. وَعَنْهُ: إنْ ذَهَبَ نَفْعُهَا وَجَبَتْ دِيَتُهَا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.

فَائِدَةٌ: لَوْ اخْضَرَّتْ سِنُّهُ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهَا: فَفِيهَا حُكُومَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ: فِيهَا حُكُومَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَغَيْرِهِ: فَإِنْ تَغَيَّرَتْ أَوْ تَحَرَّكَتْ وَجَبَتْ حُكُومَةٌ. انْتَهَوْا. وَعَنْهُ: حُكْمُهَا حُكْمُ تَسْوِيدِهَا، جَزَمَ بِهِ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ (وَفِي الْعُضْوِ الْأَشَلِّ: مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَالذَّكَرِ وَالثَّدْيِ، وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ، وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ، وَشَحْمَةِ الْأُذُنِ، وَذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ، وَالسِّنِّ السَّوْدَاءِ، وَالثَّدْيِ دُونَ حَلَمَتِهِ، وَالذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِهِ وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ، وَالْيَدِ وَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَتَيْنِ: حُكُومَةٌ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ: الْحُكُومَةَ فِي الْيَدِ وَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فِي قَطْعِ الذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِهِ، وَالثَّدْيِ دُونَ حَلَمَتِهِ.

ص: 88

وَعَنْهُ: يَجِبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ثُلُثُ دِيَةِ عُضْوٍ مِنْ ذَلِكَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ فِي شَلَلِ الْيَدِ فَقَطْ. وَقَالَ الْقَاضِي: الرِّوَايَتَانِ فِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ الَّتِي ذَهَبَ نَفْعُهَا. أَمَّا إنْ لَمْ يَذْهَبْ نَفْعُهَا بِالْكُلِّيَّةِ: فَفِيهَا دِيَتُهَا كَامِلَةً. وَخَالَفَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَوُجُوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ فِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَالذَّكَرِ الْأَشَلِّ، وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ، وَالسِّنِّ السُّودِ، وَذَكَرِ الْخَصِيِّ، وَالْعِنِّينِ، وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ: مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا. وَكَذَا وُجُوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ فِي الْيَدِ وَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَتَيْنِ: مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ فِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ: كَمَالُ دِيَتِهِمَا. وَعَنْهُ فِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ: كَمَالُ دِيَتِهِ. وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ، وَقَدَّمَ فِي الرَّوْضَةِ فِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ إنْ لَمْ يُجَامِعْ بِمِثْلِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَإِلَّا دِيَةٌ. وَقَالَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ: نِصْفُ الدِّيَةِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَطَعَ نِصْفَ الذَّكَرِ بِالطُّولِ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: فِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ. قَالَ هُوَ وَالشَّارِحُ: وَالْأَوْلَى وُجُوبُ الدِّيَةِ كَامِلَةً؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِمَنْفَعَةِ الْجِمَاعِ. فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَامِلَةً كَمَا لَوْ أَشَلَّهُ، أَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ جِمَاعُهُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.

قَوْلُهُ (فَلَوْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ وَالذَّكَرَ مَعًا، أَوْ الذَّكَرَ ثُمَّ الْأُنْثَيَيْنِ:

ص: 89

لَزِمَهُ دِيَتَانِ) . (وَلَوْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ قَطَعَ الذَّكَرَ: وَجَبَتْ دِيَةُ الْأُنْثَيَيْنِ، وَفِي الذَّكَرِ رِوَايَتَانِ) . وَهُمَا الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ فِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ بِقَطْعِ أُنْثَيَيْهِ صَارَ خَصِيًّا. وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَذْهَبَ وَالْخِلَافَ فِيهِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَشَلَّ الْأَنْفَ، أَوْ الْأُذُنَ، أَوْ عَوَجَهُمَا: فَفِيهِ حُكُومَةٌ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: فِي شَلَلِهَا الدِّيَةُ كَشَلَلِ الْيَدِ وَالْمَثَانَةِ، وَنَحْوِهِمَا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهِبِ: وَإِنْ أَشَلَّ الْمَارِنَ وَعَوَجَهُ فَدِيَةٌ وَحُكُومَةٌ. وَيَحْتَمِلُ دِيَةً.

قَوْلُهُ (وَفِي قَطْعِ الْأَشَلِّ مِنْهُمَا كَمَالُ دِيَتِهِ) . يَعْنِي دِيَةً كَامِلَةً، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَفِي كُلٍّ مِنْهَا كَمَالُ دِيَتِهِ، إذَا قُلْنَا يُؤْخَذُ بِهِ السَّالِمُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَمْدِ، وَإِلَّا فَفِيهِ حُكُومَةٌ. وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالزَّرْكَشِيِّ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فِي أُذُنٍ مُسْتَخْسَفَةٍ وَهِيَ الشَّلَّاءُ رِوَايَتَانِ: ثُلُثُ دِيَتِهِ، أَوْ حُكُومَةٌ. وَكَذَا فِي التَّرْغِيبِ أَيْضًا فِي أَنْفٍ أَشَلَّ إنْ لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ.

قَوْلُهُ (وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْأَنْفِ الْأَخْشَمِ وَالْمَخْزُومِ وَأُذُنَيْ الْأَصَمِّ) .

ص: 90

هَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: فِي كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ كَمَالُ دِيَتِهِ، إذَا قُلْنَا: يُؤْخَذُ بِهِ السَّالِمُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَمْدِ، وَإِلَّا فَفِيهِ حُكُومَةٌ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالزَّرْكَشِيِّ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَطَعَ أَنْفَهُ، فَذَهَبَ شَمُّهُ، أَوْ أُذُنَيْهِ، فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَجَبَتْ دِيَتَانِ. وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ إذَا أَذْهَبَهَا بِنَفْعِهَا لَمْ تَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ) . قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا بِفُرُوقٍ جَيِّدَةٍ. مِنْهَا: أَنَّ تَفْوِيتَ نَفْعِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَقَعَ ضِمْنًا لِلْعُضْوِ، وَالْفَائِتُ ضِمْنًا لَا شَيْءَ فِيهِ. دَلِيلُهُ: الْقَتْلُ. فَإِنَّهُ يُوجِبُ دِيَةً وَاحِدَةً. وَإِنْ أَتْلَفَ أَشْيَاءَ تَجِبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا الدِّيَةُ، بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ. إذَا ذَهَبَا بِقَطْعِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَنْفَعَتَيْنِ فِي غَيْرِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ. فَذَهَابُ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ ذَهَابٌ لِمَا لَيْسَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ.

فَائِدَةٌ: مَنْ لَهُ يَدَانِ عَلَى كُوعَيْهِ، أَوْ يَدَانِ وَذِرَاعَانِ عَلَى مَرْفِقَيْهِ، وَتَسَاوَيَا فِي الْبَطْشِ: فَهُمَا يَدٌ وَاحِدَةٌ. وَلِلزِّيَادَةِ حُكُومَةٌ: عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِي أَحَدِهِمَا: نِصْفُ دِيَتِهِمَا وَحُكُومَةٌ. وَفِي قَطْعِ إصْبَعٍ مِنْ أَحَدِهِمَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ.

ص: 91

فَإِنْ قَطَعَ يَدًا لَمْ يُقْطَعَا لِلزِّيَادَةِ وَلَا أَحَدُهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْأَصْلِيَّةِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْكَافِي. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِمَا. لِأَنَّ هَذَا نَقْصٌ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ كَالسِّلْعَةِ فِي الْيَدِ. انْتَهَى. وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بَاطِشَةً دُونَ الْأُخْرَى، أَوْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ بَطْشًا، أَوْ فِي سَمْتِ الذِّرَاعِ، وَالْأُخْرَى زَائِدَةً: فَفِي الْأَصْلِيَّةِ دِيَتُهَا وَالْقِصَاصُ، لِقَطْعِهَا عَمْدًا. وَفِي الزَّائِدَةِ: حُكُومَةٌ، سَوَاءٌ قَطَعَهَا مُنْفَرِدَةً، أَوْ مَعَ الْأَصْلِيَّةِ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ: لَا شَيْءَ فِيهَا. لِأَنَّهَا عَيْبٌ. فَهِيَ كَالسِّلْعَةِ فِي الْيَدِ. وَإِنْ اسْتَوَيَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَكَانَا غَيْرَ بَاطِشَتَيْنِ فَفِيهِمَا ثُلُثُ دِيَةِ الْيَدِ أَوْ حُكُومَةٌ. وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ كَامِلَةً؛ لِأَنَّهَا لَا نَفْعَ فِيهَا. فَهُمَا كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ. وَالْحُكْمُ فِي الْقَدَمَيْنِ عَلَى سَاقٍ: كَالْحُكْمِ فِي الْكَفَّيْنِ عَلَى ذِرَاعٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَطْوَلَ مِنْ الْأُخْرَى. فَقَطَعَ الطُّولَى، وَأَمْكَنَهُ الْمَشْيُ عَلَى الْقَصِيرَةِ: فَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ، وَإِلَّا فَهِيَ زَائِدَةٌ. قَالَ ذَلِكَ فِي الْكَافِي.

قَوْلُهُ (فَصْلٌ فِي دِيَةِ الْمَنَافِعِ فِي كُلِّ حَاسَّةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. وَهِيَ السَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَالشَّمُّ، وَالذَّوْقُ) فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ: دِيَةٌ كَامِلَةٌ بِلَا نِزَاعٍ. وَفِي ذَهَابِ الذَّوْقِ: دِيَةٌ كَامِلَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: فِيهِ حُكُومَةٌ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي. قَالَ الشَّارِحُ: الْقِيَاسُ لَا دِيَةَ فِيهِ.

ص: 92

قَوْلُهُ (وَتَجِبُ فِي الْحَدَبِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِي الْحَدَبِ الدِّيَةُ، وَلَمْ يُفَصِّلْ. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ الْمَشْيِ. وَأَجْرَاهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَقَالَا: وَيَجِبُ فِي الْحَدَبِ الدِّيَةُ. وَكَذَا الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: لَا تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ.

قَوْلُهُ (وَيَجِبُ فِي الصَّعَرِ، وَهُوَ أَنْ يَضْرِبَهُ فَيَصِيرَ الْوَجْهُ فِي جَانِبٍ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ. هَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعُوا بِهِ. لَكِنْ قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالتَّرْغِيبِ: وَكَذَا إذَا لَمْ يَبْلَعْ رِيقَهُ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَفِي تَسْوِيدِ الْوَجْهِ إذَا لَمْ يَزُلْ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ، وَالتَّرْغِيبِ: وَكَذَا لَوْ أَزَالَ لَوْنَ الْوَجْهِ كَانَ فِيهِ الدِّيَةُ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا)(لَمْ يَسْتَمْسِكْ الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ) يَعْنِي: إذَا ضَرَبَهُ (فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ.

ص: 93

وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. وَكَذَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. ذَكَرُوهُ فِي أَوَّلِ " كِتَابُ الدِّيَاتِ ". وَعَنْهُ: يَجِبُ ثُلُثُ الدِّيَةِ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ وَخَصَّ الرِّوَايَةَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ بِمَا إذَا لَمْ يَسْتَمْسِكْ الْبَوْلَ. وَتَقَدَّمَ: إذَا أَفْزَعَهُ فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ فِي " كِتَابُ الدِّيَاتِ " قَبْلَ الْفَصْلِ.

فَائِدَةٌ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي إذْهَابِ مَنْفَعَةِ الصَّوْتِ. وَكَذَا فِي إذْهَابِ مَنْفَعَةِ الْبَطْشِ وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: لَوْ سَقَاهُ ذَرْقَ الْحَمَامِ، فَذَهَبَ صَوْتُهُ: لَزِمَهُ حُكُومَةٌ فِي إذْهَابِ الصَّوْتِ.

قَوْلُهُ (وَفِي الْكَلَامِ: بِالْحِسَابِ. يُقْسَمُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى الْحُرُوفِ الَّتِي لِلِّسَانِ فِيهَا عَمَلٌ، دُونَ الشَّفَوِيَّةِ، كَالْبَاءِ وَالْفَاءِ وَالْمِيمِ. وَكَذَا الْوَاوُ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: سِوَى الشَّفَوِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ وَسَوَاءٌ ذَهَبَ حَرْفٌ بِمَعْنَى كَلِمَةٍ، كَجَعْلِهِ أَحْمَدَ أَأْمَدَ، أَوْ لَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ

فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ أَلْثَغَ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ، فَأَذْهَبَ إنْسَانٌ كَلَامَهُ كُلَّهُ. فَإِنْ كَانَ

ص: 94

مَيْئُوسًا مِنْ ذَهَابِ لُثْغَتِهِ: فَفِيهِ بِقِسْطِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْحُرُوفِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَيْئُوسٍ مِنْ زَوَالِهَا كَالصَّبِيِّ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: كَذَلِكَ الْكَبِيرُ إذَا أَمْكَنَ إزَالَةُ لُثْغَتِهِ بِالتَّعْلِيمِ.

قَوْلُهُ (وَفِي نَقْصِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ عُلِمَ بِقَدْرِهِ مِثْلُ نَقْصِ الْعَقْلِ بِأَنْ يُجَنَّ يَوْمًا وَيُفِيقَ يَوْمًا، أَوْ ذَهَابُ بَصَرِ أَحَدِ الْعَيْنَيْنِ، أَوْ سَمْعِ أَحَدِ الْأُذُنَيْنِ) بِلَا نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ، مِثْلُ: أَنْ صَارَ مَدْهُوشًا، أَوْ نَقَصَ سَمْعُهُ، أَوْ بَصَرُهُ، أَوْ شَمُّهُ، أَوْ حَصَلَ فِي كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ، أَوْ عَجَلَةٌ، أَوْ نَقَصَ مَشْيُهُ، أَوْ انْحَنَى قَلِيلًا، أَوْ تَقَلَّصَتْ شَفَتُهُ بَعْضَ التَّقَلُّصِ، أَوْ تَحَرَّكَتْ سِنُّهُ) بَعْضَ التَّحَرُّكِ (أَوْ ذَهَبَ اللَّبَنُ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَفِيهِ حُكُومَةٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَقَطَعَ بِأَكْثَرِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِالْجَمِيعِ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْفُرُوعِ: وَالتَّقَلُّصَ. وَقِيلَ إنْ ذَهَبَ اللَّبَنُ فَفِيهِ الدِّيَةُ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي الْبَصَرِ: يَزِنُهُ بِالْمَسَافَةِ. فَلَوْ نَظَرَ الشَّخْصُ عَلَى مِائَتَيْ ذِرَاعٍ، فَنَظَرَهُ عَلَى مِائَةٍ: فَنِصْفُ الدِّيَةِ. وَذَكَرَ فِي الْوَسِيلَةِ: لَوْ لَطَمَهُ، فَذَهَبَ بَعْضُ بَصَرِهِ: وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ.

ص: 95

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ: لَوْ جَعَلَهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَّا بِشِدَّةٍ، أَوْ لَا يَبْلَعُ رِيقَهُ إلَّا بِشِدَّةٍ، أَوْ اسْوَدَّ بَيَاضُ عَيْنَيْهِ أَوْ احْمَرَّ

الثَّانِيَةُ: لَوْ صَارَ أَلْثَغَ بِذَلِكَ، فَقِيلَ: تَجِبُ دِيَةُ الْحَرْفِ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْ خُرُوجِهِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: فِيهِ حُكُومَةٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ، فَذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ: اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا. فَلَوْ ذَهَبَ رُبُعُ اللِّسَانِ) وَنِصْفُ الْكَلَامِ (أَوْ رُبُعُ الْكَلَامِ) وَنِصْفُ اللِّسَانِ (وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ) بِلَا نِزَاعٍ.

(فَإِنْ)(قَطَعَ رُبُعَ اللِّسَانِ) فَذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ (ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَتْهُ)(فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ. وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُهَا فَقَطْ) . وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ لِرُبُعِ اللِّسَانِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ هُنَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا الْأَشْهَرُ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَجِبُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الشَّرْحِ.

ص: 96

فَائِدَةٌ: عَكْسُ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ قَطَعَ نِصْفَ اللِّسَانِ، فَذَهَبَ رُبُعُ الْكَلَامِ. ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَهُ: كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: نِصْفُهَا لَا غَيْرُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَطَعَ لِسَانَهُ، فَذَهَبَ نُطْقُهُ وَذَوْقُهُ: لَمْ يَجِبْ إلَّا دِيَةٌ، وَإِنْ ذَهَبَا مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ: فَفِيهِ دِيَتَانِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: إنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَدِيَةٌ، أَزَالَ نُطْقَهُ أَوْ لَمْ يُزِلْهُ. فَإِنْ عَدِمَ الْكَلَامَ بِقَطْعِهِ: وَجَبَ لِعَدَمِهِ أَيْضًا دِيَةٌ كَامِلَةٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَذَا وَجَدْته فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: لَوْ ذَهَبَ شَمُّهُ وَسَمْعُهُ وَمَشْيُهُ وَكَلَامُهُ تَبَعًا: فَدِيَتَانِ.

فَائِدَةٌ: لَا يَدْخُلُ أَرْشُ جِنَايَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ فِي دِيَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يَدْخُلُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَسَرَ صُلْبَهُ، فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَنِكَاحُهُ: فَفِيهِ دِيَتَانِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ.

ص: 97

فَائِدَةٌ: لَوْ قَطَعَ أَنْفَهُ، أَوْ أُذُنَهُ. فَذَهَبَ شَمُّهُ، أَوْ سَمْعُهُ: فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ، قَوْلًا وَاحِدًا.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حَتَّى يَنْدَمِلَ) . فَيَسْتَقِرَّ بِالِانْدِمَالِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدًا: فَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْحَالِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَبَعْدَهُ، لَا الْقَوَدُ قَبْلَهُ. وَلَوْ زَادَ أَرْشُ جُرُوحٍ عَلَى الدِّيَةِ، فَعَفَا عَنْ الْقَوَدِ إلَى الدِّيَةِ، وَأَحَبَّ أَخْذَ الْمَالِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، فَقِيلَ: يَأْخُذُ دِيَةً فَقَطْ؛ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ. وَقِيلَ: لَا لِاحْتِمَالِ جُرُوحٍ تَطْرَأُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الصَّوَابُ الْأَوَّلُ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَلَا دِيَةَ سِنٍّ، وَلَا ظُفْرٍ، وَلَا مَنْفَعَةٍ، حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ عَوْدِهَا) . وَهُوَ صَحِيحٌ. لَكِنْ لَوْ مَاتَ فِي الْمُدَّةِ فَلِوَلِيِّهِ دِيَةُ سِنٍّ وَظُفْرٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: هَدَرٌ. كَمَا لَوْ نَبَتَ شَيْءٌ فِيهِ. قَالَهُ فِي مُنْتَخَبِ وَلَدِ الشِّيرَازِيِّ. وَلَهُ فِي غَيْرِهِمَا الدِّيَةُ. وَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ بِسِنِّ الصَّغِيرِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي آخِرِ " بَابُ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ ".

قَوْلُهُ (وَلَوْ)(قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ، أَوْ ظُفْرَهُ، ثُمَّ نَبَتَتْ) . سَقَطَتْ دِيَتُهُ. وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا: رَدَّهَا. هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي السِّنِّ.

ص: 98

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ الْقَاضِي: تَجِبُ دِيَتُهَا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ فِيمَنْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ، ثُمَّ نَبَتَتْ: لَمْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ، وَقَالَ: ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي " بَابُ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ " فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ الرَّابِعِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: تَجِبُ عَلَيْهِ حُكُومَةٌ لِنَقْصِهَا إنْ نَقَصَتْ، وَضَعْفِهَا إنْ ضَعُفَتْ. وَإِنْ قَلَعَهَا قَالِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ: وَجَبَتْ دِيَتُهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي: يَنْبَنِي حُكْمُهَا عَلَى وُجُوبِ قَلْعِهَا. فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ فَلَا شَيْءَ عَلَى قَالِعِهَا. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ قَلْعُهَا: احْتَمَلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِدِيَتِهَا. وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُؤْخَذَ. وَلَكِنْ فِيهَا حُكُومَةٌ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ أَبَانَ سِنًّا وُضِعَ مَحَلَّهُ وَالْتَحَمَ: فَفِي الْحُكُومَةِ، وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَإِنْ جَعَلَ مَكَانَ السِّنِّ سِنًّا أُخْرَى، أَوْ سِنَّ حَيَوَانٍ أَوْ عَظْمًا، فَنَبَتَتْ: وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَقْلُوعَةِ وَجْهًا وَاحِدًا. فَإِنْ قُلِعَتْ هَذِهِ الثَّانِيَةُ: لَمْ تَجِبْ دِيَتُهَا. وَفِيهَا حُكُومَةٌ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ فِيهَا شَيْءٌ. قَوْلُهُ (أَوْ رَدَّهُ) يَعْنِي: الظُّفْرَ (فَالْتَحَمَ: سَقَطَتْ دِيَتُهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ.

ص: 99

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. وَقَالَ الْقَاضِي: تَجِبُ دِيَتُهَا. ذَكَرَهُ عَنْهُ الشَّارِحُ.

فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ، فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ: فَحَقُّهُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَيُبَيِّنُهُ إنْ قِيلَ بِنَجَاسَتِهِ. وَإِلَّا فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ خَاصَّةً) ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي بَقَاءَ حَقِّهِ. ثُمَّ إنْ أَبَانَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقِيلَ: بِطَهَارَتِهِ فَفِي دِيَتِهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَلَوْ رَدَّ الْمُلْتَحِمَ الْجَانِي: أُقِيدَ بِهِ ثَانِيَةً. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَا يُقَادُ بِهِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ الْتَحَمَتْ الْجَائِفَةُ أَوْ الْمُوضِحَةُ وَمَا فَوْقَهَا عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ: لَمْ يَسْقُطْ مُوجِبُهَا، رِوَايَةً وَاحِدَةً. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ عَادَ نَاقِصًا، أَوْ عَادَتْ السِّنُّ أَوْ الظُّفْرُ قَصِيرًا، أَوْ مُتَغَيِّرًا: فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْفُرُوعِ. ذَكَرَهُ فِي " بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ ". قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَعَنْهُ فِي قَلْعِ الظُّفْرِ إذَا نَبَتَتْ عَلَى صِفَتِهِ: خَمْسُ دَنَانِيرَ. وَإِنْ نَبَتَ أَسْوَدَ: فَفِيهِ عَشَرَةٌ.

ص: 100

وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَقَالَا: التَّقْدِيرَاتُ بَابُهَا التَّوْقِيفُ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ تَوْقِيفًا. وَالْقِيَاسُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا عَادَ عَلَى صِفَتِهِ. وَإِنْ نَبَتَ صَغِيرًا: فَفِيهِ حُكُومَةٌ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ، وَيَئِسَ مِنْ عَوْدِهَا: وَجَبَتْ دِيَتُهَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهَا حُكُومَةٌ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَادَّعَى الْجَانِي عَوْدَ مَا أَذْهَبَهُ، فَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: إنْ ادَّعَى انْدِمَالَهُ وَمَوْتَهُ بِغَيْرِ جُرْحِهِ، وَأَمْكَنَ: قُبِلَ قَوْلُهُ.

قَوْلُهُ (وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ: الدِّيَةُ. وَهُوَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالْحَاجِبَيْنِ، وَأَهْدَابِ الْعَيْنَيْنِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: فِي كُلِّ شَعْرٍ مِنْ ذَلِكَ حُكُومَةٌ. كَالشَّارِبِ، نَصَّ عَلَيْهِ.

ص: 101

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَا قِصَاصَ فِي ذَلِكَ، لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ. الثَّانِيَةُ: نَقَلَ حَنْبَلٌ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْإِنْسَانِ فِيهِ أَرْبَعَةٌ: فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعُ الدِّيَةِ. وَطَرَدَهُ الْقَاضِي فِي جِلْدَةِ وَجْهٍ. قَوْلُهُ (وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ بِقِسْطِهِ مِنْ الدِّيَةِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ فِي بَحْثِهِمَا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا: يَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ. قَوْلُهُ (فَإِنْ بَقِيَ مِنْ لِحْيَتِهِ مَا لَا جَمَالَ فِيهِ: احْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ بِقِسْطِهِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَنَصَرَهُ النَّاظِمُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمَذْهَبِ. وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَالُ الدِّيَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ فِي بَحْثِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا. وَقِيلَ: فِيهِ حُكُومَةٌ. وَهُوَ قَوِيٌّ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ لَمْ تَجِبْ إلَّا دِيَةُ الْأَصَابِعِ) . أَنَّ الدِّيَةَ لِلْأَصَابِعِ لَا غَيْرُ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي سُقُوطَ مَا يَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ الْكَفِّ. وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ دِيَةُ الْأَصَابِعِ كَدِيَةِ الْيَدِ: أَطْلَقَ هَذَا اللَّفْظَ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى.

ص: 102

وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَجِبْ إلَّا دِيَةُ الْيَدِ

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصَابِعِ: دَخَلَ مَا حَاذَى الْأَصَابِعَ فِي دِيَتِهَا. وَعَلَيْهِ أَرْشُ بَاقِي الْكَفِّ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دِيَةُ يَدٍ سِوَى الْأَصَابِعِ. .

فَائِدَةٌ: يَجِبُ فِي كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ، وَذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ: ثُلُثُ دِيَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَدْ شَبَّهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله ذَلِكَ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ. وَعَنْهُ: يَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ. ذَكَرَهُمَا فِي الْمُنْتَخَبِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَذَا الْعَضُدُ. وَحُكْمُ الرِّجْلِ حُكْمُ الْيَدِ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَفِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعُمُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهَا نِصْفَ الدِّيَةِ. وَهُوَ مُقْتَضَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. .

قَوْلُهُ (وَإِنْ)(قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ مُمَاثِلَةً لِعَيْنِهِ) الصَّحِيحَةِ (فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَا قِصَاصَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.

ص: 103

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَقْلَعُ عَيْنَهُ، كَقَتْلِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ هُنَا. وَيَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَأَخْذُ نِصْفِ الدِّيَةِ مَعَ الْقَلْعِ أَشْهَرُ. يَعْنِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَخَرَّجَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ. وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ أَيْضًا. وَقِيلَ: لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. .

قَوْلُهُ (وَإِنْ قَلَعَ عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا: خُيِّرَ بَيْنَ قَلْعِ عَيْنِهِ، وَلَا شَيْءَ. لَهُ غَيْرُهَا، وَبَيْنَ الدِّيَةِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَكَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ قَلْعَ عَيْنِهِ فَقَطْ: مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ دِيَتَانِ. وَهَذَا أَيْضًا مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: عَيْنُ الْأَعْوَرِ كَغَيْرِهِ، وَكَسَمْعٍ وَأُذُنٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ مِنْ جَعْلِهِ كَالْبَصَرِ فِي مَسْأَلَةِ النَّظَرِ فِي بَيْتِهِ مِنْ خَصَاصِ الْبَابِ.

قَوْلُهُ (وَفِي يَدِ الْأَقْطَعِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَكَذَلِكَ فِي رِجْلِهِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.

ص: 104

وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ: فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَهِيَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، إنْ ذَهَبَتْ الْأُولَى هَدَرًا. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنْ ذَهَبَتْ فِي حَدٍّ: فَنِصْفُ دِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِي جِهَادٍ: فَرِوَايَتَانِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَطَعَ يَدَ صَحِيحٍ. لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ. إنْ قُلْنَا: فِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً. وَإِلَّا قُطِعَتْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 105