الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ، فَلَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَ: وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ إيمَاءٌ إلَى ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: النِّصَابُ الزَّكَوِيُّ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَكَمَا يَدْخُلُ فِيهِ إتْمَامُ الْمِلْكِ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَوْ يُقَالُ: الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطَانِ لِلسَّبَبِ. فَعَدَمُهُمَا مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ السَّبَبِ وَانْعِقَادِهِ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ، شُرُوطًا لِلْوُجُوبِ كَالْحَوْلِ، فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ بِلَا خِلَافٍ لَا أَثَرَ لَهُ فِي السَّبَبِ، وَأَمَّا إمْكَانُ الْأَدَاءِ فَشَرْطٌ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ، وَعَنْهُ لِلْوُجُوبِ. انْتَهَى.
[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]
ِ قَوْلُهُ (وَلَا تَجِبُ إلَّا فِي السَّائِمَةِ مِنْهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: تَجِبُ فِي الْمَعْلُوفَةِ أَيْضًا، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَنَصْرُ ابْنُ عَقِيلٍ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْلُوفَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ فَنُونِهِ. انْتَهَى. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالْفُنُونِ تَخْرِيجًا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا أُعِدَّ لِلْإِجَارَةِ مِنْ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ فِي الْقِيمَةِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَلَوْ كَانَ نِتَاجُ النِّصَابِ الْمُبَاعِ لَهُ فِي الْحَوْلِ رَضِيعًا غَيْرَ سَائِمٍ فِي بَقِيَّةِ حَوْلِ أُمَّهَاتِهِ، فَوَجْهَانِ. انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَأَطْلَقَهُمَا بَعْضُهُمْ احْتِمَالَيْنِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَقِيلَ: تَجِبُ فِيمَا أُعِدَّ لِلْعَمَلِ كَالْإِبِلِ الَّتِي تُكْرَى، وَهُوَ أَظْهَرُ وَنَصُّهُ لَا. انْتَهَى. قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ أَنْ تَرْعَى الْحَوْلَ كُلَّهُ. زَادَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَلَا أَثَرَ لِعَلَفِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِهِ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ أَكْثَرِ الْحَوْلِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْعَوَامِلُ، وَلَوْ كَانَتْ سَائِمَةً، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَقَالَهُ الْمَجْدُ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا زَكَاةَ فِي عَوَامِلِ أَكْثَرِ السُّنَّةِ بِحَالٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، وَقِيلَ: تَجِبُ فِي الْمُؤَجَّرَةِ السَّائِمَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا تَجِبُ فِي الرَّبَائِب فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً. انْتَهَى.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا: لَا يُعْتَبَرُ لِلسَّوْمِ وَالْعَلَفِ نِيَّةٌ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَرَجَّحَهُ أَبُو الْمَعَالِي، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَحَوَاشِي ابْنِ مُفْلِحٍ: لَا يُعْتَبَرُ فِي السَّوْمِ وَالْعَلَفِ نِيَّةٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ لَهُمَا، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. فَلَوْ اعْتَلَفَتْ بِنَفْسِهَا، أَوْ عَلَفَهَا غَاصِبٌ، فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِفَقْدِ السَّوْمِ الْمُشْتَرَطِ وَعَلَى الثَّانِي: تَجِبُ كَمَا لَوْ غَصَبَ حَبًّا وَزَرَعَهُ فِي أَرْضِ رَبِّهِ، فَإِنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ عَلَى مَالِكِهِ، كَمَا لَوْ نَبَتَ بِلَا زَرْعٍ، وَفِعْلُ الْغَاصِبِ مُحَرَّمٌ، كَمَا لَوْ غَصَبَ أَثْمَانًا فَضَاعَفَهَا، وَلِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ كَمَا لَوْ ضَلَّتْ فَأَكَلَتْ الْمُبَاحَ، قَالَ الْمَجْدُ: وَطَرَدَهُ مَا لَوْ سَلَّمَهَا إلَى رَاعٍ يُسِيمُهَا فَعَلَفَهَا. وَعَكْسُهُمَا: لَوْ تَبَرَّعَ حَاكِمٌ، أَوْ وَصِيٌّ بِعَلَفِ مَاشِيَةِ يَتِيمٍ، أَوْ صَدِيقٍ بِذَلِكَ بِإِذْنِ صَدِيقِهِ، لِفَقْدِ قَصْدِ الْإِسَامَةِ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ وُجُودُهُ مِنْهُ، وَقِيلَ: تَجِبُ إذَا عَلَفَهَا غَاصِبٌ، اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَفِي مَأْخَذِهِ وَجْهَانِ: تَحْرِيمُ عَلَفِ الْغَاصِبِ، أَوْ لِانْتِفَاءِ الْمُؤْنَةِ عَنْ رَبِّهَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ.
قُلْت: الصَّوَابُ الثَّانِي، وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَالْأَوَّلُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا، أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ، وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَرْضَ بِإِسَامَتِهَا، فَقَدْ فُقِدَ قَصْدُ الْإِسَامَةِ الْمُشْتَرَطِ، زَادَ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ: كَمَا لَوْ سَامَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسِيمَهَا، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَجَعَلَاهُ أَصْلًا. وَكَذَا قَطَعَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي. وَقِيلَ: يَجِبُ إنْ أَسَامَهَا الْغَاصِبُ، لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ، كَمَا لَوْ كَمُلَ النِّصَابُ بِيَدِ الْغَاصِبِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ بِسَوْمِ الْغَاصِبِ: فَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِ سَوْمِ الْمَالِكِ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى.
أَحَدُهُمَا: عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحِ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَقَالَ الْأَصْحَابُ: يَسْتَوِي غَصْبُ النِّصَابِ وَضَيَاعُهُ كُلَّ الْحَوْلِ أَوْ بَعْضَهُ وَقِيلَ: إنْ كَانَ السَّوْمُ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَكْثَرَ، فَالرِّوَايَتَانِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ رَبِّهَا أَكْثَرَ وَجَبَتْ، وَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً عِنْدَهُمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَإِلَّا فَلَا. الثَّانِيَةُ: يُشْتَرَطُ فِي السَّوْمِ أَنْ تَرْعَى الْمُبَاحَ، فَلَوْ اشْتَرَى مَا تَرْعَاهُ، أَوْ جَمَعَ لَهَا مَا تَأْكُلُ، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، قَالَهُ الْأَصْحَابُ. الثَّالِثَةُ: هَلْ السَّوْمُ شَرْطٌ، أَوْ عَدَمُ السَّوْمِ مَانِعٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَيَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، قُلْت: قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمَا بِأَنَّ السَّوْمَ شَرْطٌ، قُلْت: مَنَعَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ مِنْ تَحَقُّقِ هَذَا الْخِلَافِ، وَقَالَ: كُلُّ مَا كَانَ وُجُودُهُ شَرْطًا كَانَ عَدَمُهُ مَانِعًا، كَمَا أَنَّ كُلَّ مَانِعٍ فَعَدَمُهُ شَرْطٌ، وَلَمْ
يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَهُمَا بَلْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ عَكْسُ الشَّرْطِ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي الْخُلْطَةِ، فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي: التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ اتِّفَاقًا.
الرَّابِعَةُ: لَوْ غَصَبَ رَبُّ السَّائِمَةِ عَلَفَهَا، فَعَلَفَهَا وَقَطَعَ السَّوْمَ: فَفِي انْقِطَاعِهِ شَرْعًا وَجْهَانِ، قَطَعَ فِي الْمُغْنِي بِسُقُوطِ الزَّكَاةِ، قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ مَاشِيَتَهُ عَنْ السَّوْمِ لِقَصْدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ بِهَا وَنَحْوِهِ، أَوْ نَوَى قِنْيَةَ عَبِيدِ التِّجَارَةِ لِذَلِكَ، أَوْ نَوَى بِثِيَابِ الْحَرِيرِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ لُبْسَهَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بِذَلِكَ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنْ أَسَامَهَا بَعْضَ الْحَوْلِ، ثُمَّ نَوَاهَا لِعَمَلٍ أَوْ حَمْلٍ، فَلَا زَكَاةَ كَسُقُوطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٍ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّ مَنْ نَوَى بِسَائِمَةٍ عَمَلًا لَمْ تَصِرْ لَهُ قِنْيَةً. انْتَهَى.
الْخَامِسَةُ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا تَوَلَّدَ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعُوا بِهِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَتَجِبُ عَلَى الْأَظْهَرِ فِيمَا وُلِدَ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (أَحَدُهَا: الْإِبِلُ، فَلَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَتَجِبُ فِيهَا شَاةٌ) .
أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تُجْزِئُ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: تُجْزِئُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ شَاةِ الْجُبْرَانِ، أَطْلَقَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: لَا تُجْزِئُهُ مَعَ وُجُودِ الشَّاةِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ مِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ.
فَائِدَةٌ: يُشْتَرَطُ فِي الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ عَنْ الْإِبِلِ: أَنْ تَكُونَ بِصِفَتِهَا، فَفِي كِرَامٍ سِمَانٍ كَرِيمَةٌ سَمِينَةٌ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ مَعِيبَةً، فَقِيلَ: يُخْرِجُ شَاةً
كَشَاةِ الصِّحَاحِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا عَيْبُهُ كَشَاةِ الْفِدْيَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ شَاةٌ صَحِيحَةٌ قِيمَتُهَا عَلَى قَدْرِ [قِيمَةِ] الْمَالِ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا عَلَى قَدْرِ نَقْصِ الْإِبِلِ كَالْمُخْرَجَةِ عَنْ الْغَنَمِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ لِلْمُوَاسَاةِ [ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ فِي الْمُغْنِي قَدَّمَهُ، وَكَذَلِكَ الشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى] ، وَعَلَيْهَا لَا يُجْزِئُهُ شَاةٌ مَعِيبَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ، وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ شَاةٌ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ.
قَوْلُهُ {فَإِنْ أَخْرَجَ بَعِيرًا لَمْ يُجْزِئْهُ} هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ فَأَكْثَرَ، بِنَاءً عَلَى إخْرَاجِ الْقِيمَةِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ إنْ أَجْزَأَ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ. وَإِلَّا فَلَا، فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ: هَلْ الْوَاجِبُ كُلُّهُ أَوْ خُمُسُهُ؟ حَكَى الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرِ وَجْهَيْنِ، فَعَلَى الثَّانِي: يُجْزِئُ عَنْ الْعِشْرِينَ بَعِيرًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يُجْزِئُ عَنْهَا إلَّا أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ، قُلْت: الْأَوْلَى أَنَّ الْوَاجِبَ كُلُّهُ، وَأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْعِشْرِينَ [بَعِيرًا] عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، قُلْت: وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا لَوْ اقْتَضَى الْحَالُ الرُّجُوعَ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِكُلِّهِ أَوْ خُمُسِهِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: الْجَمِيعُ وَاجِبٌ رَجَعَ. وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْخُمُسُ، وَالزَّائِدُ تَطَوُّعٌ رَجَعَ بِالْوَاجِبِ لَا التَّطَوُّعِ وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ عَلَيْهِ أَيْضًا: النِّيَّةُ، فَإِنْ جَعَلْنَا الْجَمِيعَ فَرْضًا نَوَى الْجَمِيعَ فَرْضًا لُزُومًا، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْخُمُسُ كَفَاهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي النِّيَّةِ. انْتَهَى.
وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْفِدْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَكُلُّ دَمٍ ذَكَرْنَاهُ يُجْزِئُ فِيهِ شَاةٌ أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ " وَفِي الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ، عِنْدَ قَوْلِهِ " إذَا نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا ".
فَوَائِدُ: مِنْهَا: لَوْ أَخْرَجَ بَقَرَةً لَمْ تُجْزِهِ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ أَخْرَجَ نِصْفَيْ شَاتَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: يُجْزِئُ، وَمِنْهَا: قَوْلُهُ فِي بِنْتِ الْمَخَاضِ {فَإِنْ عَدِمَهَا أَجْزَأَهُ ابْنُ لَبُونٍ} الْعَدَمُ إمَّا لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ فِي مَالِهِ، أَوْ كَانَتْ فِي مَالِهِ وَلَكِنَّهَا مَعِيبَةٌ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ {فَإِنْ عَدِمَهَا أَجْزَأَهُ ابْنُ لَبُونٍ} أَنَّ خُنْثَى ابْنِ لَبُونٍ لَا يُجْزِئُ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: الْإِجْزَاءُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُجْزِئُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي الْأَقْيَسِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ، وَمِنْهَا: يَجُوزُ إخْرَاجُ الْحِقَّةِ وَالْجَذَعَةِ وَالثَّنِيُّ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ إذَا عَدِمَهَا، عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ هِيَ أَوْلَى لِزِيَادَةِ السِّنِّ، وَلَوْ وُجِدَ ابْنُ لَبُونٍ، وَأَمَّا بِنْتُ اللَّبُونِ: فَجَزَمَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ: بِالْجَوَازِ، مَعَ وُجُودِ ابْنِ لَبُونٍ، وَلَهُ جِيرَانٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمْ عَلَى مَا يَأْتِي، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِي بِنْتِ لَبُونٍ وَجْهَانِ؛ لِاسْتِغْنَائِهِ بِابْنِ اللَّبُونِ عَنْ الْجِيرَانِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَشْتَرِطْ لِأَحَدِهِمَا عَدَمَ الْإِجْزَاءِ. انْتَهَى. وَمِنْهَا: لَوْ كَانَ فِي مَالِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ لَمْ يُجْزِئْهُ ابْنُ لَبُونٍ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ إخْرَاجِهَا وَبَيْنِ شِرَاءِ بِنْتِ مَخَاضٍ لِصِفَةِ الْوَاجِبِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا الْأَشْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَمِنْهَا: لَا يَجْبُرُ فَقْدَ الْأُنُوثِيَّةِ بِزِيَادَةِ السِّنِّ فِي مَالِهِ غَيْرُ بِنْتِ مَخَاضٍ، عَلَى
الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَلَا يُخْرِجُ عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ حِقًّا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي مَالِهِ، وَلَا عَنْ الْحِقِّ جَذَعًا، قَالَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: لَا يُجْبَرُ نَقْصُ الذُّكُورِيَّةِ بِزِيَادَةِ سَنٍّ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ: يَجْبُرُ، ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْفُصُولِ جَوَازَ الْجَذَعِ عَنْ الْحِقَّةِ، وَعَنْ بِنْتِ لَبُونٍ [قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ] وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ عَدِمَهُ أَيْضًا: لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ؛ لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ الصَّحِيحِ «فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ» ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَتَبِعَهُ الْأَصْحَابُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ ابْنُ لَبُونٍ إذَا حَصَّلَهُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: فَإِنْ عَدِمَ ابْنَ لَبُونٍ حَصَّلَ أَصْلًا، لَا بَدَلًا، فِي الْأَظْهَرِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ {وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ} عَدَمُ إجْزَاءِ ابْنِ لَبُونٍ إذَا عَدِمَهَا، وَلَوْ جَبَرَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يُجْزِئُ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ وَيَجْبُرُهُ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى: يُجْزِئُ الثَّنِيَّةُ عَنْ الْجَذَعَةِ بِلَا جُبْرَانٍ، بِلَا نِزَاعٍ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَلَا يُجْزِئُ سِنٌّ فَوْقَ الثَّنِيَّةِ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ: الْإِجْزَاءَ فِي مَسْأَلَةِ الْجُبْرَانِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقِيلَ: تُجْزِئُ حِقَّتَانِ، أَوْ ابْنَتَا لَبُونٍ عَنْ الْجَذَعَةِ، وَابْنَتَا لَبُونٍ عَنْ الْحِقَّةِ، جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَيَنْتَقِضُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَنْ عِشْرِينَ وَثَلَاثُ بَنَاتِ مَخَاضٍ عَنْ الْجَذَعَةِ.
الثَّانِيَةُ: الْأَسْنَانُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْإِبِلِ، فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ، هُوَ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّ بِنْتَ الْمَخَاضِ عُمُرُهَا سَنَتَانِ، وَبِنْتُ اللَّبُونِ لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ، وَالْحِقَّةُ أَرْبَعُ سِنِينَ، وَالْجَذَعَةُ خَمْسُ سِنِينَ كَامِلَةٌ، وَحَمَلَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ عَلَى بَعْضِ السَّنَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَكَيْفَ يَحْمِلُهُ عَلَى بَعْضِ السَّنَةِ، مَعَ قَوْلِهِ: كَامِلَةٌ؟ . انْتَهَى. وَقِيلَ: لِبِنْتِ الْمَخَاضِ نِصْفُ سَنَةٍ، وَلِبِنْتِ اللَّبُونِ سَنَةٌ، وَلِلْحِقَّةِ سَنَتَانِ، وَلِلْجَذَعَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ، وَقِيلَ: لِلْجَذَعَةِ سِتُّ سِنِينَ، وَقِيلَ: سِنُّ بِنْتِ الْمَخَاضِ مُدَّةُ الْحَمْلِ، وَعَنْ أَحْمَدَ بِنْتُ الْمَخَاضِ الَّتِي أُمُّهَا تَتَمَخَّضُ بِغَيْرِهَا.
الثَّالِثَةُ: سُمِّيَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ، لِأَنَّ أُمَّهَا قَدْ حَمَلَتْ غَالِبًا، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَالْمَخَاضُ: الْحَمْلُ، وَسُمِّيَتْ بِنْتَ لَبُونٍ: لِأَنَّ أُمَّهَا وَضَعَتْ وَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ، وَسُمِّيَتْ حِقَّةً: لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ تُرْكَبَ، وَيُحْمَلَ عَلَيْهَا، وَيَطْرُقَهَا الْفَحْلُ، وَسُمِّيَتْ جَذَعَةً: لِأَنَّهَا تَجْذَعُ إذَا سَقَطَتْ سِنُّهَا. وَالثَّنِيَّةُ: يَأْتِي مِقْدَارُ سِنِّهَا فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ.
قَوْلُهُ {إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ} ، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: أَنَّ الْفَرْضَ يَتَغَيَّرُ بِزِيَادَةِ وَاحِدَةٍ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَعَنْهُ لَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، فَيَكُونُ فِيهَا حِقٌّ وَبِنْتًا لَبُونٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي كِتَابِ الْخِلَافِ، وَأَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ، فَعَلَيْهَا: وُجُوبُ الْحِقَّتَيْنِ إلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَعَنْهُ فِي إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ إلَى أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ.
قَالَ الْقَاضِي: وَذَلِكَ سَهْوٌ مِنْ نَاقِلِهِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ الْوَاحِدَةُ عَفْوٌ، وَإِنْ تَغَيَّرَ الْفَرْضُ بِهَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوُجُوبُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ، وَتَابَعَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَأَطْلَقَهُمَا، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَكَذَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
فَائِدَةٌ: لَا يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ بِزِيَادَةِ بَعْضِ بَعِيرٍ، وَلَا بَقَرَةٍ وَلَا شَاةٍ، بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ.
قَوْلُهُ (فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ) هَذَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي، قَالَ فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ: هَذَا الْأَشْبَهُ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، قَالَ الْآمِدِيُّ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَقَالَ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ، وَجَمَاعَةٌ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى نَظِيرِهِ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ يُخْرِجُ الْحِقَاقَ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ وَمُقْنِعِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.
وَاسْتَثْنَى فِي الْوَجِيزِ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمَا: مَالَ الْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ إخْرَاجُ الْأَدْوَنِ الْمُجْزِئِ مِنْهُمَا، وَقَدَّمَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: أَنَّ
السَّاعِيَ يَأْخُذُ أَفْضَلَهُمَا إذَا وُجِدَا فِي مَالِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا: يَتَعَيَّنُ مَا وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ السَّاعِيَ لَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُ الْمَالِكِ سِوَاهُ، وَفِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا، قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِهِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِهِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ، لَا وَجْهَ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: مَنْصُوصُ أَحْمَدَ عَلَى التَّعْيِينِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَتَجِبُ الْحِقَاقُ عَيْنًا مُطْلَقًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَأَوَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ عَلَى صِفَةِ التَّخْيِيرِ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَا وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا. فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ كَانَتْ [إبِلٌ] أَرْبَعَمِائَةٍ، فَعَلَى الْمَنْصُوصِ: لَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْحِقَاقِ وَعَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ: يُخَيَّرُ بَيْنَ إخْرَاجِ ثَمَانِ حِقَاقٍ، أَوْ عَشْرِ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَإِنْ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَخَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ جَازَ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا الْمَعْرُوفُ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ ثُمَّ قَالَ: فَإِطْلَاقُ وَجْهَيْنِ سَهْوٌ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: جَازَ بِغَيْرِ خِلَافٍ، قُلْت: ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ ابْنُ تَمِيمٍ. أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ مَعَ التَّشْقِيصِ، كَحِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ، وَنِصْفٍ عَنْ مِائَتَيْنِ، لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا. انْتَهَى.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ عِتْقِ نِصْفَيْ عَبْدٍ فِي الْكَفَّارَةِ، قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. الثَّانِيَةُ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله بِقَوْلِهِ (وَلَيْسَ فِيمَا بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ شَيْءٌ) أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالنِّصَابِ، لَا بِمَا زَادَ مِنْ الْأَوْقَاصِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
وَقِيلَ: تَجِبُ فِي وَقْصِهَا أَيْضًا. اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى بِفَوَائِدِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَتَجِبُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِالْحِسَابِ إلَّا فِي السَّائِمَةِ ".
قَوْلُهُ (وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ فَعَدِمَهَا: أَخْرَجَ سِنًّا أَسْفَلَ مِنْهَا، وَمَعَهَا شَاتَانِ، أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ مِثْلَ ذَلِكَ) ، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ بِشَرْطِهِ، وَيُعْتَبَرُ فِيمَا عَدَلَ إلَيْهِ: أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ، فَلَوْ عَدِمَهَا لَزِمَهُ تَحْصِيلُ الْأَصْلِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعُوا بِهِ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بِنْتِ الْمَخَاضِ إذَا عَدِمَهَا أَوْ عَدِمَ ابْنَ اللَّبُونِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ [وَالْمُغْنِي] أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ شَاةً أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ أَخَذَ شَاةً وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ هُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَمَالَا إلَيْهِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: أَجْزَأَهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لَهُ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ عَدِمَ السِّنَّ الَّتِي تَلِيهَا: انْتَقَلَ إلَى الْأُخْرَى، وَجَبَرَهَا بِأَرْبَعِ شِيَاهٍ، أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هُوَ أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ: وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَقَالَ النَّاظِمِ: هَذَا الْأَقْوَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ،
وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إلَى سِنٍّ تَلِي الْوَاجِبَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَجُوزُ الِانْتِقَالُ إلَى جُبْرَانٍ ثَالِثٍ إذَا عَدِمَ الثَّانِيَ كَمَا لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ جَذَعَةٌ وَعَدِمَ الْحِقَّةَ وَبِنْتَ اللَّبُونِ، فَلَهُ الِانْتِقَالُ [إلَى بِنْتِ مَخَاضٍ، أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَعَدِمَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَابْنَ لَبُونٍ، وَالْحِقَّةَ فَلَهُ الِانْتِقَالُ] إلَى الْجَذَعَةِ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: حَيْثُ جَوَّزْنَا الْجُبْرَانَ فَالْخِيَرَةُ فِيهِ لِرَبِّ الْمَالِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا.
إلَّا وَلِيَّ الْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْأَدْوَنِ الْمُجْزِئِ فَيُعَايَى بِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: الْخِيَرَةُ فِيهِ لِمَنْ أَعْطَى، سَوَاءٌ كَانَ رَبَّ الْمَالِ أَوْ الْآخِذَ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا بِتَخْيِيرِ السَّاعِي.
الثَّانِيَةُ: حَيْثُ تَعَدَّدَ الْجُبْرَانُ، جَازَ إخْرَاجُ جُبْرَانٍ غَنَمًا، وَجُبْرَانٍ دَرَاهِمَ، فَيَجُوزُ إخْرَاجُ شَاتَيْنِ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: كَذَا الْحُكْمُ فِي الْجُبْرَانِ الَّذِي يُخْرِجُهُ عَنْ فَرْضِ الْمِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ إذَا أَخْرَجَ عَنْ خَمْسِ بَنَاتٍ لَبُونٍ خَمْسَ بَنَاتِ
مَخَاضٍ، أَوْ مَكَانَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا الْجُبْرَانُ الْوَاحِدُ: فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ. الثَّالِثَةُ: إذَا عَدِمَ السِّنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَالنِّصَابُ مُعَيَّبٌ: فَلَهُ دَفْعُ السِّنِّ السُّفْلِيِّ مَعَ الْجُبْرَانِ، وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ مَا فَوْقَهَا مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ؛ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ قَدَّرَهُ الشَّارِعُ وَفْقَ مَا بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ، وَمَا بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ أَقَلُّ مِنْهُ، فَإِذَا دَفَعَ الْمَالِكُ جَازَ التَّطَوُّعُ بِالزَّائِدِ، بِخِلَافِ السَّاعِي، وَبِخِلَافِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُ الْأَدْوَنِ، وَهُوَ أَقَلُّ الْوَاجِبِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. الرَّابِعَةُ: لَوْ أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ، فَهَلْ كُلُّهُ فَرْضٌ، أَوْ بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ؟ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: كُلُّهُ فَرْضٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ، وَقَالَ الْقَاضِي: بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ [بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ] وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَعْطَاهُ جُبْرَانًا عَنْ الزِّيَادَةِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ (فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ: فَيَجِبُ فِيهَا تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ)" التَّبِيعُ " مَا عُمُرُهُ سَنَةٌ وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ، وَقَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: هِيَ الَّتِي لَهَا نِصْفُ سَنَةٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: سَنَتَانِ، وَقِيلَ: مَا يَتْبَعُ أُمَّهُ إلَى الْمَرْعَى، وَقِيلَ: مَا انْعَطَفَ شَعْرُهُ، وَقِيلَ: مَا حَاذَى قَرْنُهُ أُذُنَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، " وَالتَّبِيعُ " جَذَعُ الْبَقَرِ. الثَّانِيَةُ: يُجْزِئُ إخْرَاجُ مُسِنٍّ عَنْ تَبِيعٍ وَتَبِيعَةٍ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي لَهَا سَنَتَانِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، أَعْنِي أَنَّ الْمُسِنَّةَ هِيَ الَّتِي لَهَا سَنَتَانِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: هِيَ الَّتِي لَهَا سَنَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي
لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَهَا أَرْبَعُ سِنِينَ. وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يَلِدُ مِثْلُهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي بَلَغَتْ سِنَّ أُمِّهَا حِينَ وَضَعَتْهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي أَلْقَتْ سِنًّا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَحَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَلَهَا سَنَتَانِ. فَوَائِدُ. مِنْهَا:" الْمُسِنَّةُ " هِيَ ثَنِيَّةُ الْبَقَرِ
، وَمِنْهَا: يَجُوزُ إخْرَاجُ أَعْلَى مِنْ الْمُسِنَّةِ مِنْهَا عَنْهَا، وَمِنْهَا: لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ مُسِنٍّ عَنْ مُسِنَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، فَعَلَيْهِ يُجْزِئُ إخْرَاجُ ثَلَاثَةِ أَتْبِعَةٍ عَنْ مُسِنَّتَيْنِ، وَمِنْهَا: قَوْلُهُ (ثُمَّ فِي ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي كُلّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ) بِلَا نِزَاعٍ.
لَكِنْ لَوْ اجْتَمَعَ الْفَرْضَانِ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْإِبِلِ إذَا اجْتَمَعَ الْفَرْضَانِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَك، نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدَ هُنَا عَلَى التَّخْيِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: فَإِنْ اجْتَمَعَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ. فَهَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهَا ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ، أَوْ يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعَةِ أَتْبِعَةٍ؟ وَجْهَانِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِهِ: يَأْخُذُ الْعَامِلُ الْأَفْضَلَ، وَقِيلَ: الْمُسِنَّاتِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يُجْزِئُهُ الذَّكَرُ فِي الزَّكَاةِ فِي غَيْرِ هَذَا، إلَّا ابْنَ لَبُونٍ مَكَانَ بِنْتِ مَخَاضٍ إذَا عَدِمَهَا) كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، إلَّا مَا اسْتَثْنَى، عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ ذَكَرُ الْغَنَمِ عَنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا، فَيُجْزِئُ الذَّكَرُ فِي الْغَنَمِ، وَجْهًا وَاحِدًا) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، كَالْمُصَنِّفِ.
وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ، فَعَلَيْهِ: يُجْزِئُ أُنْثَى بِقِيمَةِ الذَّكَرِ، فَيُقَوَّمُ النِّصَابُ مِنْ الْأَنَاثَى، وَتُقَوَّمُ فَرِيضَتُهُ، وَيُقَوَّمُ نِصَابُ الذُّكُورِ وَتُؤْخَذُ أُنْثَى بِقِسْطِهِ.
قَوْلُهُ (وَفِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) يَعْنِي يُجْزِئُ إخْرَاجُ الذَّكَرِ إذَا كَانَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْعُمْدَةِ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُ فِيهَا إلَّا أُنْثَى، فَتُقَدَّمُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نِصَابِ ذُكُورِ الْغَنَمِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ عَنْ الْبَقَرِ لَا عَنْ الْإِبِلِ؛ لِئَلَّا يُجْزِئَ ابْنُ لَبُونٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَعَنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، فَيُسَاوِي الْفَرْضَانِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ ابْنُ مَخَاضٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، فَيَقُومُ الذَّكَرُ مَقَامَ الْأُنْثَى الَّتِي فِي سِنِّهِ كَسَائِرِ النُّصُبِ، وَحَكَاهُ ابْنُ تَمِيمٍ عَنْ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ أَصَحُّ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُخْرِجُ عَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ابْنَ لَبُونٍ زَائِدَ الْقِيمَةِ عَلَى ابْنِ مَخَاضٍ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ النِّصَابَيْنِ، وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ: فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا ذُكُورًا أَجْزَأَ إخْرَاجُ الذَّكَرِ فِي الْبَقَرِ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَجْهَانِ، كَذَا وَجَدْته فِي نُسْخَتَيْنِ، الْقَطْعُ بِالْإِجْزَاءِ فِي الْبَقَرِ، وَإِطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ لِغَيْرِهِ، فَلَعَلَّهُ تَصْحِيفٌ مِنْ الْكَاتِبِ.
قَوْلُهُ (وَيُؤْخَذُ مِنْ الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ، وَمِنْ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الصَّغِيرَةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُؤْخَذُ إلَّا كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ، عَلَى قَدْرِ الْمَالِ، وَحَكَاهُ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ الْقَاضِي: أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَالْوَاضِحِ رِوَايَةً
قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، كَشَاةِ الْإِبِلِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُتَصَوَّرُ أَخْذُ الصَّغِيرَةِ إذَا أَبْدَلَ الْكِبَارَ بِصِغَارٍ، أَوْ مَاتَتْ الْأُمَّاتُ وَبَقِيَتْ الصِّغَارُ، وَذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ: أَنَّ الْحَوْلَ يَنْعَقِدُ عَلَى الصِّغَارِ مُنْفَرِدًا كَمَا تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ " وَيُؤْخَذُ مِنْ الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ " الْفُصْلَانَ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْعَجَاجِيلَ مِنْ الْبَقَرِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهَا كَالسِّخَالِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقُ، وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الْكَبِيرُ، وَالشَّرْحُ، وَشَرْحُ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ، فَلَا أَثَرَ لِلسِّنِّ، وَيُعْتَبَرُ الْعَدَدُ. فَيُؤْخَذُ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَى إحْدَى وَسِتِّينَ وَاحِدَةً مِنْهَا، ثُمَّ فِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ ثِنْتَانِ، كَذَا فِي إحْدَى وَتِسْعِينَ. وَيُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِينَ عِجْلًا إلَى تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَاحِدٌ وَيُؤْخَذُ فِي سِتِّينَ إلَى تِسْعٍ وَثَمَانِينَ اثْنَانِ، وَفِي التِّسْعِينَ ثَلَاثٌ مِنْهَا، فَيُعَايَى بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَالتَّعْدِيلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِالْقِيمَةِ، وَكَانَ زِيَادَةُ السِّنِّ كَمَا سَبَقَ فِي إخْرَاجِ الذُّكُورِ مِنْ الذُّكُورِ، فَلَا يُؤَدِّي إلَى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ الَّتِي غَايَرَ الشَّرْعُ بِالْأَحْكَامِ فِيهَا بِاخْتِلَافِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَقَوَّاهُ وَمَالَ إلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، فَيُقَوَّمُ النِّصَابُ مِنْ الْكِبَارِ، وَيُقَوَّمُ فَرْضُهُ، ثُمَّ يُقَوَّمُ الصِّغَارُ، وَيُؤْخَذُ عَنْهَا كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ فِي سِنِّ الْمُخْرَجِ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ بِضِعْفِ سِنِّ الْمُخْرَجِ فِي الْإِبِلِ فَيُخْرِجُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَاحِدَةً مِنْهَا، وَيُخْرِجُ عَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَاحِدَةً مِنْهَا، كَسِنِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَرَّتَيْنِ.، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ مِثْلُ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَفِي إحْدَى وَسِتِّينَ مِثْلُ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ، وَالْعُجُولُ عَلَى هَذَا، وَأَطْلَقَهُنَّ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: يُضَعَّفُ ذَلِكَ فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً، وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ وَقَالَهُ السَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ يُخْرِجُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَصِيلًا وَاحِدًا مِنْهَا [وَعَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَصِيلًا وَاحِدًا مِنْهَا] وَمَعَهُ شَاتَانِ أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَعَنْ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَاحِدًا مِنْهَا، وَمَعَهُ الْجُبْرَانُ مُضَاعَفًا مَرَّتَيْنِ، فَيَكُونُ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، أَوْ شَاتَانِ مَعَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَعَنْ إحْدَى وَسِتِّينَ وَاحِدًا مِنْهَا، وَمَعَهُ الْجُبْرَانُ مُضَاعَفًا مَرَّتَيْنِ، فَيَكُونُ سِتُّ شِيَاهٍ أَوْ سِتِّينَ دِرْهَمًا. وَيُخْرِجُ عَنْ ثَلَاثِينَ عِجْلًا وَاحِدًا مِنْهَا، وَعَنْ أَرْبَعِينَ وَاحِدًا وَثُلُثَ قِيمَةِ آخَرَ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: يُؤْخَذُ مِنْ الصِّغَارِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ سِنٍّ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ بِغَنَمِهِ دُونَ غَنَمِ غَيْرِهِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ صِغَارًا، وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ كَالْكِبَارِ قَوْلُهُ (فَإِنْ اجْتَمَعَ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، وَصِحَاحٌ وَمِرَاضٌ، وَذُكُورٌ وَإِنَاثٌ لَمْ يُؤْخَذْ إلَّا أُنْثَى صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ، عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، فَعَلَى هَذَا: لَوْ كَانَ قِيمَةُ الْمَالِ الْمُخْرَجِ، إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُزَكَّى كُلُّهُ كِبَارًا صِحَاحًا عِشْرِينَ، وَقِيمَتُهُ بِالْعَكْسِ عَشَرَةً، وَجَبَتْ كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَعَ تَسَاوِي الْعَدَدَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الثُّلُثُ أَعْلَى، وَالثُّلُثَانِ أَدْنَى، فَشَاةٌ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، وَبِالْعَكْسِ فَشَاةٌ قِيمَتُهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ مَنْ لَزِمَهُ رَأْسَانِ فِيمَا نِصْفُهُ صَحِيحٌ وَمَعِيبٌ: أَخْرَجَ صَحِيحَهُ وَمَعِيبَهُ كَنِصَابٍ صَحِيحٍ مُفْرَدٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ مَالُهُ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاةً، وَالْجَمِيعُ مَعِيبٌ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاةً كَبِيرَةً، أَوْ الْجَمِيعُ سِخَالٌ إلَّا وَاحِدَةً كَبِيرَةً، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَلَى الْأَوَّلِ صَحِيحَةٌ وَمَعِيبَةٌ، وَعَنْ الثَّانِي: شَاةٌ كَبِيرَةٌ وَسَخْلَةٌ، إنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي سِخَالٍ مُفْرَدَةٍ، وَإِلَّا وَجَبَتْ كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ غَيْرَ وَاجِبٍ لَزِمَهُ إخْرَاجُ الْوَاجِبِ صَحِيحًا بِقَدْرِ الْمَالِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ نَوْعَيْنِ كَالْبَخَاتِيِّ وَالْعِرَابِ، وَالْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ أَوْ كَانَ فِيهِ كِرَامٌ وَلِئَامٌ، وَسِمَانٌ، وَمَهَازِيلُ: أُخِذَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ النِّصَابُ مِنْ نَوْعَيْنِ كَمَا مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا، فَقَطَعَ بِأَنَّهُ تُؤْخَذُ الْفَرِيضَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ السَّاعِي، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي ضَأْنٍ وَمَعْزٍ: يُخَيَّرُ السَّاعِي لِاتِّحَادِ الْوَاجِبِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَبُو بَكْرٍ الْقِيمَةَ فِي النَّوْعَيْنِ، قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَ حَنْبَلٌ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي حِنْثِ مَنْ حَلَفَ: لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِأَكْلِهِ لَحْمَ جَامُوسٍ: الْخِلَافُ لَنَا هُنَا فِي تَعَارُضِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالْعُرْفِيَّةِ، أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ وَأَمَّا إذَا كَانَ النِّصَابُ فِيهِ كِرَامٌ وَلِئَامٌ وَسِمَانٌ وَمَهَازِيلُ: فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ الْفَرِيضَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ، وَهُوَ اخْتِيَارُهُ، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي هَزِيلَةٍ بِقِيمَةِ سَمِينَةٍ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْوَسَطُ، نَصَّ عَلَيْهِ، بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
فَوَائِدُ. إحْدَاهُمَا: لَوْ أَخْرَجَ عَنْ النِّصَابِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ مَا لَيْسَ فِي مَالِهِ مِنْهُ: جَازَ، إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْمُخْرَجِ عَنْ النَّوْعِ الْوَاجِبِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: يَجُوزُ وَلَوْ نَقَصَتْ، وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ هُنَا مُطْلَقًا، كَغَيْرِ الْجِنْسِ، وَجَازَ مِنْ أَحَدِ نَوْعَيْ مَالِهِ، لِتَشْقِيصِ الْفَرْضِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ ثَنِيَّةٌ مِنْ الضَّأْنِ عَنْ الْمَعْزِ، وَجْهًا وَاحِدًا. الثَّانِيَةُ: لَا يُضَمُّ الظِّبَاءُ إذَا قُلْنَا: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا إلَى الْغَنَمِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَنَّهَا تُضَمُّ، وَحُكِيَ وَجْهًا، وَحُكِيَ رِوَايَةً أَيْضًا. الثَّالِثَةُ: يُضَمُّ مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ، إنْ وَجَبَتْ.
قَوْلُهُ (فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ: إلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ) هَذَا بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ (ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ، شَاةٌ) فَتَكُونُ فِي أَرْبَعِمِائَةِ شَاةٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي خَمْسِمِائَةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ، وَعَلَى هَذَا فَقِسْ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ، فَيَكُونُ فِي خَمْسِمِائَةِ شَاةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ، فَالْوَقْصُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، وَعَنْهُ أَنَّ الْمِائَةَ زَائِدَةٌ. فَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ.، وَفِي خَمْسِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ سِتُّ شِيَاهٍ، وَعَلَى هَذَا أَبَدًا
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْأَخِيرَةَ، وَقَالَ: اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا سَهْوٌ [مِنْهُمْ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ] وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ وَقَالَ: اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّالِثَةَ [وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُغْنِي] وَذَكَرَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِنْهُمْ ابْنُ حَمْدَانَ [وَابْنُ تَمِيمٍ] . الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَعْزِ الثَّنِيُّ، وَمِنْ الضَّأْنِ الْجَذَعُ) فَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ: مَالَهُ سَنَةٌ. وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ: مَالَهُ نِصْفُ سَنَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقِيلَ: الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ مَالَهُ ثَمَانِ شُهُورٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ.
قَوْلُهُ {وَلَا يُؤْخَذُ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةٌ} أَمَّا التَّيْسُ: فَتَارَةً يَكُونُ تَيْسَ الضِّرَابِ، وَهُوَ فَحْلُهُ، وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ فَحْلَ الضِّرَابِ: فَلَا يُؤْخَذُ لِخَبَرِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهُ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، قَالَ الْمَجْدُ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُ، فَلَوْ بَذَلَهُ الْمَالِكُ لَزِمَ قَبُولُهُ، حَيْثُ يُقْبَلُ الذَّكَرُ، وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ، لِنَقْصِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ، وَإِنْ كَانَ التَّيْسُ غَيْرَ فَحْلِ الضِّرَابِ فَلَا يُؤْخَذُ لِنَقْصِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ.
قَوْلُهُ (وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَهِيَ الْمَعِيبَةُ) لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْمَعِيبَةِ، وَهِيَ الَّتِي لَا يُضَحَّى بِهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ
وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ يُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ، وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: لَا تُؤْخَذُ عَوْرَاءُ وَلَا عَرْجَاءُ وَلَا نَاقِصَةُ الْخَلْقِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ الْإِجْزَاءَ إنْ رَآهُ السَّاعِي أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ لِزِيَادَةِ صِفَةٍ فِيهِ، وَأَنَّهُ أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا: إخْرَاجَ الْمُكَسَّرَةِ عَنْ الصِّحَاحِ، وَرَدِيءِ الْحَبِّ عَنْ جَيِّدِهِ، إذَا زَادَ قَدْرُ مَا بَيْنَهَا مِنْ الْفَضْلِ عَلَى مَا يَأْتِي.
فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَلَا الرُّبَّى وَهِيَ الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا وَلَا الْحَامِلُ) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ، قَالَ الْمَجْدُ: وَلَوْ كَانَ الْمَالُ كَذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَحْدُودَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ، قُلْت: لَوْ قِيلَ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَ النِّصَابُ كَذَلِكَ، لَكَانَ قَوِيًّا فِي النَّظَرِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ.
قَوْلُهُ (وَلَا تَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ أَمْ لَا، لِمَصْلَحَةٍ أَوْ لَا، لِفِطْرَةٍ وَغَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ تُجْزِئُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ يُجْزِئُ فِي غَيْرِ الْفِطْرَةِ، وَعَنْهُ تُجْزِئُ لِلْحَاجَةِ، مِنْ تَعَذُّرِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهِ، نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، صَحَّحَهَا جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقِيلَ: وَلِمَصْلَحَةٍ أَيْضًا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةَ تُجْزِئُ لِلَجَاجَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ: إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ جُزْءًا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ جَازَ صَرْفُ ثَمَنِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ، قَالَ: وَكَذَا كُلُّ مَا يُحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَعِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ، وَعَنْهُ تُجْزِئُ عَمَّا يُضَمُّ دُونَ غَيْرِهِ. وَعَنْهُ تُجْزِئُ الْقِيمَةُ، وَهِيَ الثَّمَنُ لِمُشْتَرِي ثَمَرَتِهِ الَّتِي لَا تَصِيرُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا عَنْ السَّاعِي قَبْل جِدَادِهِ، وَالْمَذْهَبُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ، فَلَا تُجْزِئُ الْقِيمَةُ عَلَى مَا يَأْتِي.
فَائِدَةٌ قَوْلُهُ (لَوْ بَاعَ النِّصَابَ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ) وَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ فَعَنْهُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ عُشْرَ ثَمَنِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُخْرِجَ مِنْ جِنْسِ النِّصَابِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ، وَابْنُ مَنْصُورٍ: وَإِنْ بَاعَ تَمْرَهُ أَوْ زَرْعَهُ، وَقَدْ بَلَغَ، فَفِي ثَمَنِهِ: الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَتَصَدَّقُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ، قَالَ الْقَاضِي: أَطْلَقَ الْقَوْلَ هُنَا: أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الثَّمَنِ، وَخَبَرُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد. انْتَهَى.
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الثَّمَنِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ [وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ] وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: الرِّوَايَتَانِ بِنَاءً عَلَى رِوَايَتَيْ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ هَذَا الْمَعْنَى قَبْلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، وَقَالَهُ بَعْدَهُ آخَرُونَ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ: إذَا بَاعَ فَالزَّكَاةُ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَالزَّكَاةُ فِيهِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي إخْرَاجِ ثَمَنِ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْبَيْعِ إذَا تَعَذَّرَ الْمِثْلُ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمْرٍ وَزَبِيبٍ، وَوَجَدَهُ رُطَبًا. أَخْرَجَهُ، وَزَادَ بِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى مِنْ الْفَرْضُ مِنْ جِنْسِهِ: جَازَ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَتَقَدَّمَ جَوَازُ إخْرَاجِ الْمُسِنِّ عَنْ التَّبِيعِ وَالتَّبِيعَةِ، وَإِخْرَاجُ الثَّنِيَّةِ عَنْ الْجَذَعَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَجْهًا بِعَدَمِ الْجَوَازِ، قَالَ الْحَلْوَانِيُّ، فِي التَّبْصِرَةِ: إنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ أَخْرَجَ الْأَكُولَةَ، وَهِيَ السَّمِينَةُ، وَلِلسَّاعِي قَبُولُهَا، وَعَنْهُ لَا، لِأَنَّهَا قِيمَةٌ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ، قُلْت: يُنَزَّهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهَا: قَوْلُهُ (وَإِذَا اخْتَلَطَ نَفْسَانِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فِي نِصَابٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ حَوْلًا، لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِي بَعْضِهِ فَحُكْمُهُمَا فِي الزَّكَاةِ حُكْمُ الْوَاحِدِ) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ، سَوَاءٌ أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ أَوْ إسْقَاطِهَا، أَوْ أَثَّرَتْ فِي تَغْيِيرِ الْفَرْضِ أَوْ عَدَمِهِ. فَلَوْ كَانَ لِأَرْبَعَيْنِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ أَرْبَعُونَ شَاةً مُخْتَلِطَةً لَزِمَهُمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ [وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ لِثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً لَزِمَهُمْ وَاحِدَةٌ] وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَيُوَزَّعُ الْوَاجِبُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ مَعَ الْوَقْصِ، فَسِتَّةُ أَبْعِرَةٍ مُخْتَلِطَةٌ مَعَ تِسْعَةٍ: يَلْزَمُ رَبَّ السِّتَّةِ شَاةٌ وَخُمُسُ شَاةٍ، وَيَلْزَمُ رَبَّ التِّسْعَةِ شَاةٌ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (سَوَاءٌ كَانَتْ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ بِأَنْ تَكُونَ مَشَاعًا بَيْنَهُمَا) تُتَصَوَّرُ الْإِشَاعَةُ بِالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (أَوْ خُلْطَةَ أَوْصَافٍ، بِأَنْ يَكُونَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مُتَمَيِّزًا) فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى غَنَمَهُ بِشَاةٍ مِنْهَا، فَحَالَ الْحَوْلُ وَلَمْ يُفْرِدْهَا فَهُمَا خَلِيطَانِ، وَإِنْ أَفْرَدَهَا فَنَقَصَ النِّصَابُ، فَلَا زَكَاةَ. قَوْلُهُ (فَخَلَطَاهُ وَاشْتَرَكَا فِي الْمُرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَحْلَبِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ) وَهَكَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي، وَالنَّظْمِ، وَالتَّسْهِيلِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ فِي ضَبْطِ مَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْخَلْطِ طُرُقًا. أَحَدُهَا هَذَا. الطَّرِيقُ الثَّانِي: اشْتِرَاطُ الْمَرْعَى، وَالْمَسْرَحِ، وَالْمَبِيتِ، وَهُوَ الْمُرَاحُ وَالْمَحْلَبُ، وَالْفَحْلُ لَا غَيْرُ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهَا الْخِرَقِيُّ، وَالْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ. وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، فَزَادُوا عَلَى الْمُصَنِّفِ: الْمَرْعَى، وَأَسْقَطُوا الرَّاعِيَ وَالْمَشْرَبَ.
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ، وَهُوَ الْمَأْوَى وَالْمَرْعَى وَالرَّاعِي، وَالْمَشْرَبِ وَهُوَ مَوْضِعُ الشُّرْبِ وَآنِيَتُهُ، وَالْمَحْلَبِ: وَهُوَ مَوْضِعُ الْحَلْبِ وَآنِيَتُهُ، وَالْمَسْرَحِ وَهُوَ مُجْتَمَعُهَا لِتَذْهَبَ، وَالْفَحْلُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، فَزَادُوا عَلَى الْمُصَنِّفِ: الْمَرْعَى، وَآنِيَةَ الشُّرْبِ، وَآنِيَةَ الْحَلْبِ. الطَّرِيقُ الرَّابِعُ: اشْتِرَاطُ الْمَسْرَحِ، وَالْمَرْعَى، وَالْمَشْرَبِ، وَالْمُرَاحِ، وَالْمَحْلَبِ، وَالْفَحْلِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، فَأَسْقَطَ الرَّاعِيَ. الطَّرِيقُ الْخَامِسُ: اشْتِرَاطُ الرَّاعِي، وَالْمَرْعَى، وَمَوْضِعِ شُرْبِهَا وَحَلْبِهَا وَآنِيَتِهَا وَمَحَلِّهَا وَمَسْرَحِهَا، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْوَجِيزِ، فَأَسْقَطَ الْمُرَاحَ، وَزَادَ الْآنِيَةَ وَالْمَرْعَى. الطُّرُقُ السَّادِسُ: اشْتِرَاطُ الرَّاعِي، وَالْمَسْرَحِ، وَالْمَبِيتِ، وَالْمَحْلَبِ، وَالْفَحْلِ قَدَّمَهَا فِي الْفَائِقِ، فَأَسْقَطَ الْمَشْرَبَ. الطَّرِيقُ السَّابِعُ: اشْتِرَاطُ الرَّاعِي، وَالْفَحْلِ، وَالْمَسْرَحِ، وَالْمُرَاحِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْفُصُولِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ فَأَسْقَطَ الْمَحْلَبَ وَالْمَشْرَبَ. الطَّرِيقُ الثَّامِنُ: اشْتِرَاطُ الْفَحْلِ، وَالرَّاعِي، وَالْمَرْعَى، وَالْمَأْوَى، وَهُوَ الْمَبِيتُ وَالْمَحْلَبِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، فَزَادَ: الْمَرْعَى، وَأَسْقَطَ: الْمَشْرَبَ وَالْمَسْرَحَ.
الطَّرِيقُ التَّاسِعُ: اشْتِرَاطُ الْمَبِيتِ، وَالْمَسْرَحِ، وَالْمَحْلَبِ، وَآنِيَتِهِ، وَالْمَشْرَبِ، وَالرَّاعِي، وَالْمَرْعَى، وَالْفَحْلِ، قَدَّمَهَا ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ، فَزَادَ الْمَرْعَى وَآنِيَةَ الْحَلْبِ. الطَّرِيقُ الْعَاشِرُ: اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ، وَالْمَسْرَحِ، وَالْمَبِيتِ، وَالْفَحْلِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْإِيضَاحِ، فَجَمَعَ بَيْنَ الْمُرَاحِ وَالْمَبِيتِ، وَأَسْقَطَ الْحَلْبَ وَالْمَشْرَبَ وَالرَّاعِيَ. الطَّرِيقُ الْحَادِيَ عَشَرَ: اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ، وَالْمَسْرَحِ، وَالْفَحْلِ، وَالْمَرْعَى، وَهِيَ
طَرِيقَةُ الْآمِدِيِّ، فَزَادَ: الْمَرْعَى، وَأَسْقَطَ: الْمَشْرَبَ، وَالْمَحْلَبَ وَالرَّاعِيَ.
الطَّرِيقُ الثَّانِيَ عَشَرَ: اشْتِرَاطُ الْفَحْلِ، وَالرَّاعِي، وَالْمَحْلَبِ فَقَطْ، وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ فِي الْوَاضِحِ، فَأَسْقَطَ الْمَشْرَبَ، وَالْمُرَاحَ، وَالْمَسْرَحَ. الطَّرِيقُ الثَّالِثَ عَشَرَ: اشْتِرَاطُ الْمَرْعَى، وَالْمَسْرَحِ، وَالشِّرْبِ، وَالرَّاعِي، وَبِهَا قَطَعَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. الطَّرِيقُ الرَّابِعَ عَشَرَ: اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ، وَالْمَسْرَحِ، وَالْمُحْلَبِ، وَالْمَبِيتِ، وَالْفَحْلِ، وَبِهَا قَطَعَ فِي الْمُبْهِجِ، فَجَمَعَ بَيْنَ الْمُرَاحِ وَالْمَبِيتِ، كَمَا فَعَلَ فِي الْإِيضَاحِ، إلَّا أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ الْمَحْلَبَ، وَأَسْقَطَ الْمَشْرَبَ وَالرَّاعِيَ. الطَّرِيقُ الْخَامِسَ عَشَرَ: اشْتِرَاطُ الرَّاعِي فَقَطْ، وَهِيَ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ عَنْهُ، وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ.
الطَّرِيقُ السَّادِسَ عَشَرَ: اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ، وَالْمَسْرَحِ، وَالْفَحْلِ، وَالْمَشْرَبِ. وَبِهَا قَطَعَ ابْنُ الْبَنَّا فِي الْخِصَالِ، وَالْعُقُودِ. الطَّرِيقُ السَّابِعَ عَشَرَ: اشْتِرَاطُ الرَّاعِي، وَالْمَرْعَى، وَالْفَحْلِ، وَالْمَشْرَبِ، وَبِهَا قَطَعَ فِي الْخُلَاصَةِ، فَزَادَ الْمَرْعَى، وَأَسْقَطَ الْمَسْرَحِ. الطَّرِيقُ الثَّامِنَ عَشَرَ: اشْتِرَاطُ الْمَسْرَحِ، وَالْمَرْعَى، وَالْمَحْلَبِ، وَالْمَشْرَبِ، وَالْمَقِيلِ، وَالْفَحْلِ، وَبِهَا قَطَعَ فِي الْإِفَادَاتِ، فَزَادَ الْمَقِيلَ، وَالْمَرْعَى، وَأَسْقَطَ الرَّاعِيَ وَالْمُرَاحَ. الطَّرِيقُ التَّاسِعَ عَشَرَ: اشْتِرَاطُ الْمَرْعَى، وَالْفَحْلِ، وَالْمَبِيتِ، وَالْمَحْلَبِ، وَالْمَشْرَبِ، وَبِهَا قَطَعَ فِي الْعُمْدَةِ.
الطَّرِيقُ الْعِشْرُونَ: اشْتِرَاطُ الْمَرْعَى، وَالْمَسْرَحِ، وَالْمَشْرَبِ، وَالْمَبِيتِ، وَالْمَحْلَبِ، وَالْفَحْلِ، وَبِهَا جَزَمَ فِي الْمُنَوِّرِ، فَزَادَ الْمَرْعَى، وَأَسْقَطَ الرَّاعِيَ.
الطَّرِيقُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ، وَالْمَسْرَحِ، وَالْمَشْرَبِ، وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ، وَبِهَا قَطَعَ فِي الْمُنْتَخَبِ، فَأَسْقَطَ الْمَحْلَبَ
الطَّرِيقُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: اشْتِرَاطُ الرَّاعِي، وَالْمَبِيتِ فَقَطْ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، ذَكَرَهَا الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ. الطَّرِيقُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: اشْتِرَاطُ الْحَوْضِ، وَالرَّاعِي، وَالْمُرَاحِ فَقَطْ، وَهُوَ أَيْضًا رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ طَرِيقَةً، لَكِنْ قَدْ تَرْجِعُ إلَى أَقَلَّ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ مَا تُفَسَّرُ بِهِ الْأَلْفَاظُ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ.
فَائِدَةٌ: الْمُرَاحُ بِضَمِّ الْمِيمِ مَكَانُ مَبِيتِهَا، وَهُوَ الْمَأْوَى، فَالْمَبِيتُ هُوَ الْمُرَاحُ، فَسَّرُوا وَاحِدًا مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: الْمُرَاحُ رَوَاحُهَا مِنْهُ جُمْلَةً إلَى الْمَبِيتِ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَجَمَعَ فِي الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ بَيْنَ الْمُرَاحِ وَالْمَبِيتِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَعِنْدَهُ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ، وَأَمَّا الْمَسْرَحُ: فَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ الْمَاشِيَةُ، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ وَابْنُ حَامِدٍ، وَقَالَ: إنَّمَا ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ " الْمَسْرَحَ " لِيَكُونَ فِيهِ رَاعٍ وَاحِدٌ. قَدَّمَهُ فِي الْمَطْلَعِ، فَعَلَيْهِ يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِهِ اتِّحَادُ الْمَرْعَى، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَابْنُ حَامِدٍ: الْمَسْرَحُ وَالْمَرْعَى شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: الْمَسْرَحُ مَكَانُ اجْتِمَاعِهَا لِتَذْهَبَ إلَى الْمَرَاعِي، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ أَوْلَى دَفْعًا لِلتَّكْرَارِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفَسَّرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ بِمَوْضِعِ رَعْيِهَا وَشُرْبِهَا، وَفَسَّرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ بِمَوْضِعِ الْمَرْعَى، مَعَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، مُتَابَعَةً لِلْخِرَقِيِّ، وَقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِرَقِيَّ أَرَادَ بِالْمَرْعَى الرَّعْيَ، الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ لَا الْمَكَانُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْرَحِ الْمَصْدَرَ الَّذِي هُوَ الْمَسْرُوحُ لَا الْمَكَانَ، لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُمَا وَاحِدٌ، بِمَعْنَى الْمَكَانِ، فَإِذَا حَمَلْنَا أَحَدَهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ زَالَ التَّكْرَارُ، وَحَصَلَ بِهِ اتِّحَادُ الرَّاعِي وَالْمَشْرَبِ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِرَقِيَّ أَرَادَ بِالْمَرْعَى: الرَّاعِيَ؛ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِقَوْلِ أَحْمَدَ، وَلِكَوْنِ الْمَرْعَى هُوَ الْمَسْرَحَ. انْتَهَى. وَأَمَّا الْمَشْرَبُ: فَهُوَ مَكَانُ الشُّرْبِ فَقَطْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: مَوْضِعُ الشُّرْبِ، وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَأَمَّا الْمَحْلَبُ: فَهُوَ مَوْضِعُ الْحَلْبِ، عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقِيلَ: مَوْضِعُ الْحَلْبِ وَآنِيَتُهُ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرُهُمْ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ خَلْطُ اللَّبَنِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، بَلْ مَنَعُوا مِنْ خَلْطِهِ وَحَرَّمُوهُ، وَقَالُوا: هُوَ رِبًا وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ خَلْطُهُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ، وَأَمَّا الرَّاعِي: فَمَعْرُوفٌ، وَمَعْنَى الِاشْتِرَاكِ فِيهِ: أَنْ لَا يَرْعَى أَحَدَ الْمَالَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، كَذَا لَوْ كَانَ رَاعِيَانِ فَأَكْثَرُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا يَرْعَى غَيْرَ مَالِ الشَّرِكَةِ وَأَمَّا الْفَحْلُ: فَمَعْرُوفٌ، وَمَعْنَى الِاشْتِرَاكِ فِيهِ: أَنْ لَا تَكُونَ فُحُولَةُ أَحَدِ الْمَالَيْنِ تَطْرُقُ الْمَالَ الْآخَرَ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا يَنْزُو عَلَى غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ، وَأَمَّا الْمَرْعَى: فَهُوَ مَوْضِعُ الرَّعْيِ وَوَقْتُهُ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ الْمَرْعَى هُوَ الْمَسْرَحُ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ، فَإِنْ كَانَتْ خُلْطَةَ أَعْيَانٍ لَمْ تُشْتَرَطْ لَهَا النِّيَّةُ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَتْ خُلْطَةَ أَوْصَافٍ فَفِيهَا وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ
أَحَدُهُمَا: لَا تُشْتَرَطُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ الثَّانِي: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ.
اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ، وَالْإِيضَاحِ، وَالْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ: لَوْ وَقَعَتْ الْخُلْطَةُ اتِّفَاقًا، أَوْ فَعَلَهُ الرَّاعِي، وَتَأَخَّرَتْ النِّيَّةُ عَنْ الْمِلْكِ، وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ، كَتَقَدُّمِهَا عَلَى الْمِلْكِ، بَلْ مِنْ يَسِيرٍ. قَوْلُهُ (فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا، أَوْ ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ: زُكِّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِينَ فِيهِ) فَيَضُمُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ مَالَهُ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ وَيُزَكِّيهِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: إنْ تُصُوِّرَ بِضَمٍّ وَحُوِّلَ إلَى آخَرَ يَقَعُ كَمَسْأَلَتِنَا يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْخُلْطَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.
فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (أَوْ ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ زُكِّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِينَ فِيهِ) مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ خَلَطَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ نِصَابَيْنِ ثَمَانِينَ شَاةً، زَكَّى كُلُّ وَاحِدٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ الْأَوَّلُ: زَكَاةَ انْفِرَادٍ، وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ: زَكَاةَ خُلْطَةٍ، فَإِنْ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا: أَخْرَجَا شَاةً عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ، فَعَلَى الثَّانِي: نِصْفُ شَاةٍ أَيْضًا، إذَا تَمَّ حَوْلُهُ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْمَالِ، فَقَدْ تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي عَلَى تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ شَاةً وَنِصْفِ شَاةٍ لَهُ مِنْهَا أَرْبَعُونَ شَاةً، فَيَلْزَمُهُ
أَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا وَنِصْفَ جُزْءٍ مِنْ شَاةٍ، فَنُضَعِّفُهَا فَتَكُونُ ثَمَانِينَ جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ وَتِسْعَةً وَخَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ ثُمَّ كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ.
فَائِدَةٌ. قَوْلُهُ (فَإِنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْمُنْفَرِدِ وَعَلَى الْآخَرِ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ) مِثَالُهُ: إنْ مَلَكَا نِصَابَيْنِ فَخَلَطَاهُمَا، ثُمَّ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَجْنَبِيًّا، فَقَدْ مَلَكَ الْمُشْتَرِي أَرْبَعِينَ، لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ، فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْأَوَّلِ لَزِمَهُ زَكَاةُ انْفِرَادٍ: شَاةٌ، فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي لَزِمَهُ زَكَاةُ خُلْطَةٍ: نِصْفُ شَاةٍ، إنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَخْرَجَ الشَّاةَ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْهُ لَزِمَ الثَّانِيَ أَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: يُزَكِّي الثَّانِي عَنْ حَوْلِهِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ انْفِرَادٍ؛ لِأَنَّ خَلِيطَهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالْخُلْطَةِ قَوْلُهُ (ثُمَّ يُزَكِّيَانِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ الْحَوْلِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ، كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا، فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْهَا) بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ.
فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصَابُ خُلْطَةٍ ثَمَانُونَ شَاةً، فَبَاعَ مِنْهُمَا غَنَمَهُ بِغَنَمِ صَاحِبِهِ، وَاسْتَدَامَا الْخُلْطَةَ: لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُمَا، وَلَمْ تَزُلْ خُلْطَتُهُمَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، فَإِنَّ إبْدَالَ النِّصَابِ بِجِنْسِهِ لَا يَقْطَعُ الْحَوْلَ، وَكَذَا لَوْ تَبَايَعَا الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ، قَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَتَبْقَى الْخُلْطَةُ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ نِصَابًا، فَيُزَكِّي بِشَاةٍ زَكَاةَ انْفِرَادٍ عَلَيْهِمَا لِتَمَامِ حَوْلِهِ، وَإِذَا حَالَ حَوْلُ الْمَبِيعِ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ: فَفِيهِ الزَّكَاةُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرَحَ ابْنِ رَزِينٍ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَصَحَّحَهُ، وَقِيلَ: لَا زَكَاةَ فِيهِ، اخْتَارَهُ فِي الْمُجَرَّدِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هِيَ زَكَاةُ خُلْطَةٍ، عَلَى الصَّحِيحِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَصَحَّحَهُ، وَقِيلَ: زَكَاةُ انْفِرَادٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، فَأَمَّا إنْ أَفْرَدَاهَا، ثُمَّ تَبَايَعَاهَا ثُمَّ خَلَطَاهَا، فَإِنْ طَالَ زَمَنُ الِانْفِرَادِ: بَطَلَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَطُلْ، عَلَى الصَّحِيح مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا صَحَّحَهُ الْمَجْدُ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ فِي مَكَان، وَقِيلَ: لَا أَثَرَ لِلِانْفِرَادِ الْيَسِيرِ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ، وَإِنْ زَكَّى بَعْضَ النِّصَابِ وَتَبَايَعَاهُ، كَانَ الْبَاقِي عَلَى الْخُلْطَةِ نِصَابًا بَقِيَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فِيهِ، وَهُوَ يَنْقَطِعُ فِي الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ضَمِّ مَالِ الرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ إلَى مَالِهِ الْمُخْتَلِطِ، وَإِنْ بَقِيَ دُونَ نِصَابٍ بَطَلَتْ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: تَبْطُلُ الْخُلْطَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِ الْحَوْلِ بِبَيْعِ النِّصَابِ بِجِنْسِهِ، وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي كَالْأَوَّلِ وَالثَّانِي.
قَوْلُهُ (وَلَوْ مَلَكَ رَجُلٌ نِصَابًا شَهْرًا ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ مَشَاعًا، أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بَعْضِهِ وَبَاعَهُ مُخْتَلِطًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ، وَيَسْتَأْنِفَانِهِ مِنْ حِينِ الْبَيْعِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِعِ، وَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةُ حِصَّتِهِ، قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ: وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَمُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي الْمَجْدِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْمَالِ: انْقَطَعَ حَوْلُ الْمُشْتَرِي، لِنُقْصَانِ النِّصَابِ) وَهَذَا الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ، وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، ذَكَرَهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَسْتَدِمْ الْفَقِيرُ الْخُلْطَةَ بِنِصْفِهِ، فَإِنْ اسْتَدَامَهَا لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ: إنْ زَكَّى الْبَائِعُ مِنْهُ إلَى فَقِيرٍ زَكَّى الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ: يَسْقُطُ كَأَخْذِ السَّاعِي مِنْهُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى قَوْلِ أَبَى بَكْرٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَقُلْنَا الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ فَكَذَلِكَ) يَعْنِي يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْمُشْتَرِي لِنُقْصَانِ النِّصَابِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَفِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَالشَّارِحُ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي كِتَابِهِ الْهِدَايَةِ، وَلَا نَعْرِفُ لَهُ مُصَنَّفًا يُخَالِفُهُ. انْتَهَى.
وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُزَكِّي بِنِصْفٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ، قَالَ الْمَجْدُ: لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْعَيْنِ لَا يَمْنَعُ الْحَوْلَ بِالِاتِّفَاقِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ فِي هِدَايَتِهِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ، وَذَكَرَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَقَالَ: إنَّهُ خَطَأٌ فِي النَّقْلِ وَالْمَعْنَى، وَبَيَّنَ ذَلِكَ.
فَوَائِدُ. مِنْهَا: إذَا لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ سَائِمَةٌ ضَمَّهَا إلَى حِصَّتِهِ فِي الْخُلْطَةِ، وَزَكَّى الْجَمِيعَ زَكَاةَ انْفِرَادٍ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَمِنْهَا: حُكْمُ الْبَائِعِ بَعْدَ حَوْلِهِ الْأَوَّلِ مَا دَامَ نِصَابُ الْخُلْطَةِ نَاقِصًا كَذَلِكَ، وَمِنْهَا: إنْ كَانَ الْبَائِعُ اسْتَدَانَ مَا أَخْرَجَهُ، وَلَا مَالَ لَهُ يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ إلَّا مَالُ الْخُلْطَةِ، أَوْ لَمْ يُخْرِجْ الْبَائِعُ الزَّكَاةَ حَتَّى تَمَّ حَوْلُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ قُلْنَا: الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ أَوْ قُلْنَا: يَمْنَعُ، لَكِنْ لِلْبَائِعِ مَالٌ يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِ الزَّكَاةِ زَكَّى الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ نِصْفَ شَاةٍ، وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَدَّمَهُ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: وَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِهِ فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَيَسْتَأْنِفُ الْحَوْلَ مِنْ حِينِ الْإِخْرَاجِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ، بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ، وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَبِهِ قَطَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَلَا يَمْنَعُ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ وُجُوبَهَا مَا لَمْ يَحُلْ حَوْلُهَا قَبْلَ إخْرَاجِهَا، وَلَا انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي فِي حَقِّ الْبَائِعِ حَتَّى يَمْضِيَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ، فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخْرَجَ حَتَّى حَالَ حَوْلُ الْمُشْتَرَى فَهِيَ مِنْ صُوَرِ تَكْرَارِ الْحَوْلِ قَبْلَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ. انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ فِي مَسْأَلَةِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي قَبْلَ الْإِخْرَاجِ، وَقَالَ: قَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ أَفْرَدَ بَعْضَهُ وَبَاعَهُ، ثُمَّ اخْتَلَطَا: انْقَطَعَ الْحَوْلُ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ [إذَا كَانَ زَمَنًا يَسِيرًا] قَوْلُهُ.
(وَإِنْ مَلَكَ نِصَابَيْنِ شَهْرًا ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا مُشَاعًا، فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ، وَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةُ مُنْفَرِدٍ. وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ: عَلَيْهِ زَكَاةُ خَلِيطٍ)
وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهُمَا فِيمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَغَيْرَهُ قَطَعُوا بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ: أَنَّ الشَّيْخَ خَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَأَنَّ الْأَوْلَى وُجُوبُ شَاةٍ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ لَا يَخْتَصُّ بِالشَّيْخِ. انْتَهَى.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ كَانَ الْمَالُ سِتِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالْمَبِيعُ ثُلُثَهَا: زَكَّى الْبَائِعُ ثُلُثَيْ شَاةٍ عَنْ الْأَرْبَعِينَ الْبَاقِيَةِ، عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ، وَزَكَّى شَاةً عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ. الثَّانِيَةُ: لَوْ مَلَكَ أَحَدُ الْخَلِيطَيْنِ فِي نِصَابٍ فَأَكْثَرَ حِصَّةَ الْآخَرِ مِنْهُ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَاسْتَدَامَ الْخُلْطَةَ، فَهِيَ مِثْلُ مَسْأَلَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ حَامِدٍ فِي الْمَعْنَى، لَا فِي الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ كَانَ خَلِيطَ نَفْسِهِ، فَصَارَ هُنَا خَلِيطٌ أَجْنَبِيٌّ، وَهُنَا بِالْعَكْسِ. فَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: لَا زَكَاةَ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُ الْمَالَيْنِ مِنْ كَمَالِ مِلْكَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا، فَيُزَكِّيهِ زَكَاةَ انْفِرَادٍ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ: يُزَكِّي مِلْكَهُ الْأَوَّلَ لِتَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ وَابْنِهِ حَوْلٌ مِنْ الْإِبِلِ خُلْطَةً، فَمَاتَ الْأَبُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ وَوَرِثَهُ الِابْنُ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْأَبِ فِيمَا وَرِثَهُ وَيُزَكِّيهِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا مَلَكَ نِصَابًا شَهْرًا ثُمَّ مَلَكَ آخَرَ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ، مِثْلَ أَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فِي الْمُحَرَّمِ وَأَرْبَعِينَ فِي صَفَرٍ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأُولَى عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَهَذَا الْوَجْهُ وَجْهُ الضَّمِّ، وَفِي الْآخَرِ: عَلَيْهِ لِلثَّانِي زَكَاةُ خُلْطَةٍ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَصَحُّ عَلَى مَا يَأْتِي فِي التَّفْرِيعِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ
وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ شَاةٌ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَالشَّارِحُ، وَهُوَ وَجْهُ الِانْفِرَادِ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.
وَقَالَ فِي أَوَّلِ الْفَائِدَةِ الثَّالِثَةُ: إذَا اسْتَفَادَ مَالًا زَكَوِيًّا مِنْ جِنْسِ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، فَإِنَّهُ يَنْفَرِدُ بِحَوْلٍ عِنْدَنَا، وَلَكِنْ هَلْ يَضُمُّهُ إلَى النِّصَابِ فِي الْعَدَدِ أَوْ يَخْلِطُهُ بِهِ وَيُزَكِّيهِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ، أَوْ يُفْرِدُهُ بِالزَّكَاةِ كَمَا أَفْرَدَهُ بِالْحَوْلِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَصَحَّحَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ الْوَجْهَ الثَّالِثَ، وَزَعَمَ الْمَجْدُ: أَنَّ الْمُصَنِّفَ ضَعَّفَهُ، وَإِنَّمَا ضَعَّفَ الثَّالِثَ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: هَلْ الزِّيَادَةُ كَنِصَابٍ مُنْفَرِدٍ؟ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ، وَالْمَجْدِ أَوْ الْكُلُّ نِصَابٌ وَاحِدٌ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحِ، قَالَ فِي الْفَوَائِدِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، فِيهِ وَجْهَانِ، فَعَلَى الثَّانِي: إذَا تَمَّ حَوْلُ الْمُسْتَفَادِ: وَجَبَ إخْرَاجُ بَقِيَّةِ الْمَجْمُوعِ بِكُلِّ حَالٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: إذَا تَمَّ حَوْلُ الْمُسْتَفَادِ: وَجَبَ فِيهِ مَا بَقِيَ مِنْ فَرْضِ الْجَمِيعِ، بَعْدَ إسْقَاطِ مَا أُخْرِجَ عَنْ الْأَوَّلِ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَزِيدَ بَقِيَّةُ الْفَرْضِ عَلَى فَرْضِ الْمُسْتَفَادِ بِانْفِرَادِهِ، أَوْ نَقَصَ عَنْهُ، أَوْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ هُنَا وَجْهُ الضَّمِّ، وَيَتَعَيَّنُ وَجْهُ الْخُلْطَةِ، وَيَلْغُو وَجْهُ الِانْفِرَادِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالتَّفَارِيعُ الْآتِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً أُخْرَى فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فِي مَسْأَلَتِنَا، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الشَّاةِ الْأُولَى، وَعَلَى الثَّانِي: عَلَيْهِ زَكَاةُ خُلْطَةٍ ثُلُثُ شَاةٍ [لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْجَمِيعِ، وَعَلَى الثَّالِثِ: عَلَيْهِ شَاةٌ، وَفِيهَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، فِي كُلِّ ثُلُثٍ شَاةٌ] لِتَمَامِ حَوْلَهَا عَلَى الثَّالِثِ أَيْضًا الثَّانِيَةُ: لَوْ مَلَكَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ، بَعْدَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا شَيْءَ
عَلَيْهِ سِوَى بِنْتِ مَخَاضٍ الْأُولَى، وَعَلَى الثَّانِي: عَلَيْهِ سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَعَلَى الثَّالِثِ: عَلَيْهِ شَاةٌ، وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ؛ لِتَمَامِ حَوْلِهَا، وَسُدُسٌ عَلَى الْخُمُسِ الْبَاقِيَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا، وَلَوْ مَلَكَ مَعَ ذَلِكَ سِتًّا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَفِي الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْأُولَى: بِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِي الْأُخْرَى: عَشَرَةٌ لِتَمَامِ حَوْلِهَا، رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ وَنِصْفُ تُسْعِهَا، وَعَلَى الثَّانِي: فِي الْخُمُسِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَفِي السِّتِّ لِتَمَامِ حَوْلِهَا سُدُسُ بِنْتِ لَبُونٍ، وَعَلَى الثَّالِثِ: لِكُلٍّ مِنْ الْخَمْسِ وَالسِّتِّ شَاةٌ لِتَمَامِ حَوْلِهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ) ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مِائَةَ شَاةٍ، فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا، وَجْهًا وَاحِدًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ لِلثَّانِي شَاةٌ، وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ شَاةٍ؛ لِأَنَّ فِي الْكُلِّ شَاتَيْنِ، وَالْمِائَةِ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ الْكُلِّ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ أَصْلِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ كَانَ الثَّانِي يَبْلُغُ نِصَابًا، وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةُ انْفِرَادٍ فِي وَجْهٍ، وَخُلْطَةٍ فِي وَجْهٍ، وَلَا يُضَمُّ إلَى الْأَوَّلِ فِيمَا يَجِبُ فِيهَا وَجْهًا وَاحِدًا، إذَا كَانَ الضَّمُّ يُوجِبُ تَغَيُّرَ الزَّكَاةِ أَوْ نَوْعِهَا، مِثْلُ: أَنْ مَلَكَ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ بَعْدَ خَمْسِينَ، فَيَجِبُ إمَّا تَبِيعٌ، أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ، وَلَا تَجِبُ الْمُسِنَّةُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، بَلْ يَجِبُ ضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ، وَيَخْرُجُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي مَا بَقِيَ مِنْ زَكَاةِ الْجَمِيعِ، فَتَجِبُ هُنَا الْمُسِنَّةُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهَذَا أَحْسَنُ.
فَائِدَةٌ: لَوْ مَلَكَ مِائَةً أُخْرَى فِي رَبِيعٍ، فَفِيهَا شَاةٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ
وَجْهُ الْخُلْطَةِ عَلَيْهِ شَاةٌ وَرُبُعُ شَاةٍ؛ لِأَنَّ فِي الْكُلِّ ثَلَاثَ شِيَاهٍ، وَالْمِائَةُ رُبُعُ الْكُلِّ وَسُدُسُهُ، فَحِصَّتُهَا مِنْ فَرْضِهِ: رُبُعُهُ وَسُدُسُهُ.
فَوَائِدُ. لَوْ مَلَكَ إحْدَى وَثَمَانِينَ شَاةً بَعْدَ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: عَلَيْهِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَأَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ كَخَلِيطٍ، وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاتَانِ، أَوْ شَاةٌ وَنِصْفٌ، أَوْ شَاةٌ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ.، وَفِي خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ بَعْدَ عِشْرِينَ بَعِيرًا شَاةٌ عَلَى [الصَّحِيحِ] الثَّالِثُ: زَادَ الْمُصَنِّفُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا اثْنَيْنِ، وَعَلَى الثَّانِي: خَمْسُ بَنَاتِ مَخَاضٍ، زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا فِي ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ بَعْدَ خَمْسِينَ تَبِيعٌ عَلَى الثَّالِثِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ عَلَى الثَّانِي، قَالَ فِي الْفَوَائِدِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَعِنْدَ الْمَجْدِ: لَا يَجِيءُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي فِي الْأُولَى إلَى إيجَابِ مَا بَقِيَ مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ بَعْدَ إسْقَاطِ أَرْبَعِ شِيَاهٍ، وَهِيَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَيُفْضِي فِي الثَّانِيَةِ إلَى إيجَابِ فَرْضِ نِصَابٍ فَمَا دُونَهُ، فَلِهَذَا قَالَ: الْوَجْهُ الثَّانِي أَصَحُّ لِعَدَمِ اطِّرَادِ الْأَوَّلِ، وَضَعْفِ الثَّالِثِ، وَضَعَّفَهُ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ وَلَا يَبْلُغُ نِصَابًا، مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ فِي الْمُحَرَّمِ، وَعَشْرًا فِي صَفَرٍ، فَعَلَيْهِ فِي الْعَشْرِ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا رُبُعُ مُسِنَّةٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: قَوْلًا وَاحِدًا، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: قَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ هُنَا
قَوْلُهُ (وَإِنْ مَلَكَ مَا لَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ كَخَمْسٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ (وَفِي الثَّانِي: عَلَيْهِ سُبْعُ تَبِيعٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا) .
فَائِدَةٌ: مِثْلُ ذَلِكَ لَوْ مَلَكَ عِشْرِينَ شَاةً بَعْدَ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً، أَوْ مَلَكَ عَشْرًا مِنْ الْبَقَرِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الثَّانِي: عَلَيْهِ ثُلُثُ شَاةٍ فِي الْأُولَى أَوْ خُمُسُ مُسِنَّةٍ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ فِي الْأُولَى.
قَوْلُهُ (وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ سِتُّونَ شَاةً، كُلُّ عِشْرِينَ مِنْهَا مُخْتَلِطَةٌ مَعَ عِشْرِينَ، لِرَجُلٍ آخَرَ فَعَلَى الْجَمِيعِ شَاةٌ، نِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ وَنِصْفُهَا عَلَى خُلَطَائِهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُ شَاةٍ) . اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ السِّتُّونَ مُخْتَلِطَةً كُلُّ عِشْرِينَ مِنْهَا مَعَ عِشْرِينَ لِآخَرَ فَإِنْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً، وَبَيْنَهُمْ مَسَافَةُ قَصْرٍ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ ثَلَاثُ شِيَاهٍ عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ: شَاةٌ وَنِصْفٌ، وَعَلَى خَلِيطٍ: نِصْفُ شَاةٍ، إذَا قُلْنَا: إنَّ الْبُعْدَ يُؤَثِّرُ فِي سَائِمَةِ الْإِنْسَانِ، عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُؤَثِّرُ، أَوْ كَانَتْ قَرِيبَةً وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفِ: عَلَى الْجَمِيعِ شَاةٌ.
نِصْفُهَا عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ، وَنِصْفُهَا عَلَى خُلَطَائِهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ: هَذَا قَوْلُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: عَلَى الْجَمِيعِ شَاتَانِ وَرُبُعٌ. وَعَلَى رَبِّ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ؛ لِأَنَّهَا مُخَالِطَةٌ لِعِشْرِينَ خُلْطَةَ وَصْفٍ، وَلِأَرْبَعِينَ بِجِهَةِ الْمِلْكِ، وَحِصَّةُ الْعِشْرِينَ مِنْ زَكَاةِ الثَّمَانِينَ رُبُعُ شَاةٍ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ نِصْفُ شَاةٍ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِطٌ لِعِشْرِينَ فَقَطْ
اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ، وَقَالَ الْآمِدِيُّ بِهَذَا الْوَجْهِ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَلْزَمُ كُلَّ خَلِيطٍ رُبُعُ شَاةٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْوَاحِدَ يُضَمُّ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْجَمِيعِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ: شَاةٌ وَنِصْفٌ، جَعْلًا لِلْخُلْطَةِ قَاطِعَةً بَعْضَ مِلْكِهِ عَنْ بَعْضٍ، بِحَيْثُ لَوْ كَانَ لَهُ مِلْكٌ آخَرُ مُنْفَرِدٌ اُعْتُبِرَ فِي تَزْكِيَتِهِ وَحْدَهُ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ نِصْفُ شَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِطْ سِوَى عِشْرِينَ، وَالتَّفَارِيعُ الْآتِيَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهَا: لَوْ لَمْ يُخَالِطْ رَبَّ السِّتِّينَ مِنْهَا إلَّا بِعِشْرِينَ لِآخَرَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: فِي الْجَمِيعِ شَاةٌ عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا، وَعَلَى رَبِّ الْعِشْرِينَ رُبُعُهَا، وَعَلَى الثَّانِي: عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ فِي الْأَرْبَعِينَ الْمُنْفَرِدَةِ: ثُلُثَا شَاةٍ، ضَمًّا لَهَا إلَى بَقِيَّةِ مِلْكِهِ، وَفِي الْعِشْرِينَ: رُبُعُ شَاةٍ، ضَمًّا لَهَا إلَى بَقِيَّةِ مَالِهِ، وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ الْمُنْفَرِدَةُ، وَإِلَى عِشْرِينَ الْآخَرُ لِمُخَالَطَتِهَا بَعْضَهُ وَصْفًا وَبَعْضَهُ مِلْكًا، وَعَلَى رَبِّ الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ، وَذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الثَّالِثِ كَالْأَوَّلِ هُنَا، وَعَلَى الرَّابِعِ: فِي الْأَرْبَعِينَ الْمُخْتَلِطَةِ شَاةٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ الْمُنْفَرِدَةِ: شَاةٌ عَلَى رَبِّهَا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا خُلْطَةٌ بِخَمْسَةٍ لِآخَرَ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: عَلَيْهِ نِصْفُ حِقَّةٍ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ عُشْرُهَا، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ شَاةٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ: عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَعَلَى الْوَجْهِ الرَّابِعِ: عَلَيْهِ خَمْسُ شِيَاهٍ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ شَاةٌ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا كَانَتْ مَاشِيَةُ الرَّجُلِ مُتَفَرِّقَةً فِي بَلَدَيْنِ لَا تُقْصَرُ
بَيْنَهُمَا الصَّلَاةُ، فَهِيَ كَالْمُجْتَمِعَةِ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ) ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ لِكُلِّ مَالٍ حُكْمَ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ كَانَا لِرَجُلَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ: يَكْفِي إخْرَاجُ شَاةٍ بِبَلَدِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ. لِأَنَّهُ حَاجَةٌ، وَقِيلَ: يُخْرِجُ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ بِالْقِسْطِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ سَائِرَ الْأَمْوَالِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا تَفَرُّقُ الْبُلْدَانِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَحَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ إجْمَاعًا، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ رِوَايَتَيْنِ كَالْمَاشِيَةِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
قَوْلُهُ (وَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ) هَذَا الصَّحِيحُ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ أَنَّهَا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْأَعْيَانِ، اخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ، وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ: هَذَا أَقْيَسُ. وَخَصَّ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْأَعْيَانِ بِلَا نِزَاعٍ، كَذَا الْأَوْصَافُ أَيْضًا، وَهُوَ تَخْرِيجُ وَجْهٍ لِلْقَاضِي، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَجْهًا.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ لِإِطْلَاقِهِمْ الرِّوَايَةَ، وَقِيلَ: لَا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْأَوْصَافِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ أَثَّرَتْ خُلْطَةُ الْأَعْيَانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَغَيْرُهُمْ، وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ
قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: نَقَلَ حَنْبَلٌ تُضَمُّ كَالْمَوَاشِي؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ رَجُلَيْنِ لَهُمَا مِنْ الْمَالِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ: فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ بِالْحِصَصِ، فَيُعْتَبَرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اتِّحَادُ الْمُؤَنِ وَمَرَافِقِ الْمِلْكِ، فَيُشْتَرَطُ اشْتِرَاكُهُمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ مَالِ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَاءِ وَالْحَرْثِ وَالْبَيْدَرِ وَالْعُمَّالِ مِنْ النَّاطُورِ وَالْحَصَادِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي التِّجَارَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِي الدُّكَّانِ، وَالْمِيزَانِ، وَالْمَخْزَنِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرْتَفَقُ بِهِ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ لِلسَّاعِي أَخْذُ الْفَرْضِ مِنْ مَالِ أَيِّ الْخَلِيطَيْنِ شَاءَ، مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا) يَعْنِي فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ، وَالْحَاجَةُ: أَنْ يَكُونَ مَالُ أَحَدِهِمَا صِغَارًا وَمَالُ الْآخَرِ كِبَارًا، أَوْ يَكُونُ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ أَوْ سِتِّينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَعَدَمُ الْحَاجَةِ وَاضِحٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ قِسْمَةٍ فِي خُلْطَةِ أَعْيَانٍ مَعَ بَقَاءِ نَصِيبَيْنِ، وَقَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَقَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لَا يَأْخُذُ إلَّا إذَا كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مَفْقُودًا، فَلَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مِنْ النَّصِيبِ الْمَوْجُودِ، وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْقِسْطِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي إلَّا عَدَمُ الْحَاجَةِ، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ: اعْتِبَارُ الْحَاجَةِ لِأَخْذِ السَّاعِي. قَوْلُهُ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ) . يَعْنِي مَعَ يَمِينِهِ إذَا اُحْتُمِلَ صِدْقُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ غَارِمٌ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَتَوَجَّهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُعْطِي؛ لِأَنَّهُ كَالْأَمِينِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي أَكْثَرَ مِنْ الْفَرْضِ ظُلْمًا: لَمْ يَرْجِعْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى خَلِيطِهِ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ قَالَ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ أَخَذَ عَنْ أَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةٍ شَاتَيْنِ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا، أَوْ أَخَذَ عَنْ ثَلَاثِينَ بَعِيرًا: جَذَعَةً رَجَعَ عَلَى خَلِيطِهِ فِي الْأُولَى بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ: بِقِيمَةِ نِصْفِ بِنْتِ مَخَاضٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَخَذَهُ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ رَجَعَ عَلَيْهِ) ، كَأَخْذِهِ صَحِيحَةً عَنْ مِرَاضٍ، أَوْ كَبِيرَةً عَنْ صِغَارٍ، أَوْ قِيمَةِ الْوَاجِبِ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَجَازَ أَخْذُهَا رَجَعَ بِنِصْفِهَا، إنْ قُلْنَا: الْقِيمَةُ أَصْلٌ، وَإِنْ قُلْنَا: بَدَلٌ، فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ شَاةٍ، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ الْقِيمَةُ فَلَا رُجُوعَ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: إنْ أَخَذَ السَّاعِي فَوْقَ الْوَاجِبِ بِتَأْوِيلٍ، أَوْ أَخَذَ الْقِيمَةَ: أَجْزَأَتْ فِي الْأَظْهَرِ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ، وَلَوْ اعْتَقَدَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ، وَصَوَّبَ فِيهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْإِجْزَاءَ، وَجَعَلَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ كَالصَّلَاةِ خَلْفَ تَارِكٍ شَرْطًا عِنْدَ الْمَأْمُومِ. الثَّانِيَةُ: يُجْزِئُ إخْرَاجُ بَعْضِ الْخُلَطَاءِ بِإِذْنِ بَاقِيهِمْ، وَبِغَيْرِ إذْنِهِمْ، غِيبَةً وَحُضُورًا، قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ