المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب محظورات الإحرام] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٣

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب محظورات الإحرام]

فَعَلَى الْأَوَّلِ: قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يُظْهِرُ التَّلْبِيَةَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ: لَا يُسْتَحَبُّ إظْهَارُهَا فِيهِ. وَمَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي: يُكْرَهُ إظْهَارُهَا فِيهِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ وَجْهًا: يُسَنُّ إظْهَارُهَا فِيهِ. وَأَمَّا فِي السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ، فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَتَوَجَّهُ أَنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ مُرَادُ أَصْحَابِنَا.

الرَّابِعَةُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُلَبِّيَ الْحَلَالُ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُكْرَهُ؛ لِعَدَمِ نَقْلِهِ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي أَثْنَاءِ التَّلْبِيَةِ وَمُخَاطَبَتَهُ حَتَّى بِسَلَامٍ وَرَدَّهُ مِنْهُ كَالْأَذَانِ. انْتَهَى. قُلْت: قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ. فَإِنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ رَدَّ، وَبَنَى.

تَنْبِيهٌ: هَذِهِ أَحْكَامُ فِعْلِ التَّلْبِيَةِ أَمَّا وَقْتُ قَطْعِهَا: فَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ بَابِ دُخُولِ مَكَّةَ، فَلْيُعَاوِدْ.

[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ]

ِ قَوْلُهُ (وَهِيَ تِسْعَةٌ: حَلْقُ الشَّعْرِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ) . يُمْنَعُ مِنْ إزَالَةِ الشَّعْرِ إجْمَاعًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: إنْ أَزَالَ شَعْرَ الْأَنْفِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ؛ لِعَدَمِ التَّرَفُّهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ. وَهُوَ أَظْهَرُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً: أَنَّ تَقْلِيمَ الْأَظَافِرِ كَحَلْقِ الشَّعْرِ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا، وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ احْتِمَالًا: لَا شَيْءَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَحَكَى الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ

ص: 455

رِوَايَةً: لَا شَيْءَ فِيهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ [وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ أَحْمَدَ] وَلَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ [وَعِبَارَتُهُ فِي الْمُغْنِي، فِي بَابِ الْفِدْيَةِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَخْذِ أَظْفَارِهِ، وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِأَخْذِهَا فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ: حَمَّادٍ. وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَعَنْهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ فِدْيَةٌ انْتَهَى. هَذَا لَفْظُهُ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ قَوْلَهُ " وَعَنْهُ " يَعُودُ إلَى عَطَاءٍ، لَا إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ] . قَوْلُهُ (فَمَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً: فَعَلَيْهِ دَمٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَصَرَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالشَّرْحِ، وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. (وَعَنْهُ لَا يَجِبُ الدَّمُ إلَّا فِي أَرْبَعِ شَعَرَاتٍ فَصَاعِدًا) . نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً: لَا يَجِبُ الدَّمُ إلَّا فِي خَمْسٍ فَصَاعِدًا. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا وَجْهَ لَهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ أَضْعَفُهَا، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي التَّلْخِيصِ، وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ احْتِمَالًا: لَا يَجِبُ الدَّمُ إلَّا فِيمَا يُمَاطُ بِهِ الْأَذَى، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَالْمُخْتَارُ تَعَلُّقُ الدَّمِ بِمِقْدَارِ تَرَفُّهِهِ بِإِزَالَتِهِ.

قَوْلُهُ (وَفِيمَا دُونَ ذَلِكَ، فِي كُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ

ص: 456

عِنْدَ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَاتِ، وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ: الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ، وَغَيْرِهِمْ. انْتَهَى. (وَعَنْهُ قَبْضَةٌ) لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ مِنْ الشَّارِعِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ: يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ. (وَعَنْهُ دِرْهَمٌ، وَعَنْهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ، وَعَنْهُ دِرْهَمٌ أَوْ نِصْفُهُ) ذَكَرَهَا أَصْحَابُ الْقَاضِي، وَخَرَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ لَيَالِي مِنًى، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَلْزَمُ عَلَى تَخْرِيجِ الْقَاضِي أَنْ يَخْرُجَ: أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَجِبَ دَمٌ، كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي لَيَالِي مِنًى، وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا: يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ شَعْرَةٍ أَوْ ظُفُرٍ ثُلُثُ دَمٍ، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ حُلِقَ رَأْسُهُ بِإِذْنِهِ: فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ) . يَعْنِي عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِقِ. هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ: أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْحَالِقِ إذَا كَانَ مُحْرِمًا، كَشَعْرِ الصَّيْدِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.

فَائِدَةٌ: لَوْ حُلِقَ رَأْسُهُ وَهُوَ سَاكِتٌ وَلَمْ يَنْهَهُ فَقِيلَ: الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ، كَوَدِيعَةٍ. صَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْكَافِي.

قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُنَوِّرِ، وَقِيلَ: عَلَى الْحَالِقِ كَإِتْلَافِهِ مَالَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ.

ص: 457

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا، أَوْ نَائِمًا، فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ، وَذَكَرَ فِي الْإِرْشَادِ وَجْهًا: أَنَّ الْقَرَارَ عَلَى الْحَالِقِ، وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ احْتِمَالًا: أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. وَيَأْتِي إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْحَلْقِ وَحَلَقَ بِنَفْسِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ الْفِدْيَةِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حَلَالٍ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ: يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُحْرِمِ الْحَالِقِ.

فَائِدَةٌ

لَوْ طَيَّبَ غَيْرَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَالِقِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ قُلْت: لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْمُطَيِّبِ الْمُحْرِمِ: لَكَانَ مُتَّجَهًا؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يَسْلَمُ مِنْ الرَّائِحَةِ. بِخِلَافِ الْحَلْقِ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ: أَوْ أَلْبَسَ غَيْرَهُ. فَكَالْحَالِقِ.

قَوْلُهُ (وَقَطْعُ الشَّعْرِ وَنَتْفُهُ كَحَلْقِهِ) وَكَذَا قَطْعُ بَعْضِ الظُّفُرِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا: يَجِبُ عَلَيْهِ بِنِسْبَتِهِ، كَأُنْمُلَةِ إصْبَعٍ. وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي حَكِيمٍ. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَذَكَرَهُ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ قَوْلًا.

قَوْلُهُ (وَشَعْرُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَقَالَ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهَادِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَعَنْهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ. نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي

ص: 458