الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعِ شِيَاهٍ فِي الصَّيْدِ، وَالظَّاهِرُ عَنْهُ: لِأَنَّ الْغَنَمَ أَطْيَبُ لَهَا، فَلَا يَعْدِلُ عَنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَدْنَى، وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ. وَيَأْتِي فِي بَابِ الْهَدْيِ " إذَا نَذَرَ بَدَنَةً تُجْزِئُهُ بَقَرَةٌ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
[بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ]
ِ تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَهُوَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: مَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ فَيَجِبُ فِيهِ مِثْلُهُ، وَهُوَ نَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا: قَضَتْ فِيهِ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -، فِيهِ مَا قَضَتْ) . أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِذَلِكَ غَيْرُ الصَّحَابِيِّ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَالصَّحَابِيِّ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ نَقَلَ إسْمَاعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ: هُوَ عَلَى مَا حَكَمَ الصَّحَابَةُ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ فَرْضَ الْأَصْحَابِ الْمَسْأَلَةَ فِي الصَّحَابَةِ إنْ كَانَ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ. قُلْنَا: فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ كَانَ لِسَبْقِ الْحُكْمِ فِيهِ: فَحُكْمُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ مِثْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَدْ احْتَجَّ بِالْآيَةِ الْقَاضِي، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: كُلَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمٍ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: وَيَتْبَعُ مَا جَاءَ. قَدْ حَكَمَ وَفَرَّعَ مِنْهُ، وَقَدْ رَجَعَ الْأَصْحَابُ فِي بَعْضِ الْمِثْلِ إلَى غَيْرِ الصَّحَابِيِّ عَلَى مَا يَأْتِي. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرِهِ وَالْأَيْلِ وَالتَّيْتَلِ وَالْوَعْلِ بَقَرَةٌ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ فِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَدَنَةٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَعَنْهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَدَنَةٌ. ذَكَرَهَا فِي الْوَاضِحِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَعَنْهُ الْإِجْزَاءُ فِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ.
فَائِدَةٌ: الْأَيْلُ: ذَكَرُ الْأَوْعَالِ، وَالْوَعْلُ: هُوَ الْأَرْوَى. وَهُوَ التَّيْسُ الْجَبَلِيُّ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، فَفِي الْأَرْوَى: بَقَرَةٌ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَعْلِ، جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الْقَاضِي: فِيهَا عَضَبٌ، وَهُوَ مَا قَبَضَ قَرْنُهُ مِنْ الْبَقَرِ، وَهُوَ دُونَ الْجَذَعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ.
قَوْلُهُ (وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ) بِلَا نِزَاعٍ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْفَائِقِ " فِي الضَّبُعِ شَاةٌ " وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ " كَبْشٌ أَوْ شَاةٌ ".
قَوْلُهُ (وَفِي الْغَزَالِ وَالثَّعْلَبِ عَنْزٌ) وَالْغَزَالُ ذَكَرُ الظَّبْيَةِ إلَى حِينِ يَقْوَى. وَيَطْلُعُ قَرْنَاهُ. ثُمَّ هِيَ ظَبْيَةٌ وَالذَّكَرُ ظَبْيٌ، فَإِذَا كَانَ الْغَزَالُ صَغِيرًا: فَالْعَنْزُ الْوَاجِبَةُ فِيهِ صَغِيرَةٌ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا: فَمِثْلُهُ، وَأَمَّا الثَّعْلَبُ: فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّ فِيهِ عَنْزًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ. وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَالْفَائِقِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَقِيلَ: فِيهِ شَاةٌ فِي الْجَمَاعَةِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ، وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَحَكَاهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ رِوَايَةً. وَعَنْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ سَبُعٌ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: قُلْت: إنْ حَرُمَ أَكْلُهُ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: أَنَّهُ سَوَاءٌ أُبِيحَ أَكْلُهُ أَمْ لَا؟ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالشَّرْحِ، وَالتَّلْخِيصِ،
وَالنَّظْمِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفَائِقِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ؛ لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ تَغْلِيبًا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَالَ فِي الْكَافِي، فِي بَابِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ: وَفِي الثَّعْلَبِ الْجَزَاءُ، مَعَ الْخِلَافِ فِي أَكْلِهِ. تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَة. نَقَلَ بَكْرٌ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ. هُوَ صَيْدٌ. لَكِنْ لَا يُؤْكَلُ. وَقِيلَ: إنَّمَا يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبَاحَتِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا أَصَحُّ الطَّرِيقَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَأَبِي مُحَمَّدٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَالْهُدْهُدُ وَالصُّرَدُ فِيهِ الْجَزَاءُ، إذَا قُلْنَا: إنَّهُ مُبَاحٌ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. حَيْثُ قَالَ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ " وَلَا تَأْثِيرَ لِلْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ فِي نَحْوِ حَيَوَانٍ إنْسِيٍّ، وَلَا مُحَرَّمِ الْأَكْلِ ". قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَمَا فِي حِلِّهِ خِلَافٌ كَثَعْلَبٍ، وَسِنَّوْرٍ، وَهُدْهُدٍ، وَصُرَدٍ وَغَيْرِهَا فَفِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ الْخِلَافُ، وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: يَحْرُمُ قَتْلُ السِّنَّوْرِ وَالثَّعْلَبِ، وَفِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ بِقَتْلِهَا رِوَايَتَانِ، وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: وَفِي الثَّعْلَبِ رِوَايَتَانِ. إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ صَيْدٌ فِيهِ شَاةٌ، وَالْأُخْرَى: لَيْسَ بِصَيْدٍ وَلَا شَيْءَ فِيهِ.
قَوْلُهُ (وَفِي الْوَبْرِ وَالضَّبِّ: جَدْيٌ)، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ فِي قَتْلِ الْوَبْرِ جَدْيًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَعَنْهُ فِيهِ شَاةٌ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهَادِي، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَقِيلَ: فِيهِ جُفْرَةٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَمَّا الضَّبُّ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ فِي قَتْلِهِ جَدْيًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ فِيهِ شَاةٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ.
قَوْلُهُ (وَفِي الْيَرْبُوعِ: جَفْرَةٌ لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ. وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ جَدْيٌ، وَقِيلَ: شَاةٌ، وَقِيلَ: عَنَاقٌ.
قَوْلُهُ (وَفِي الْأَرْنَبِ: عَنَاقٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقِيلَ: فِيهِ جَفْرَةٌ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. لَكِنْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: الْعَنَاقُ لَهَا مَا بَيْنَ ثُلُثِ سَنَةٍ وَنِصْفِهَا قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ جَذَعَةٌ. وَالْجَفْرَةُ عَنَاقٌ مِنْ الْمَعْزِ لَهَا ثُلُثُ سَنَةٍ فَقَطْ، وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: الْجَفْرَةُ لَهَا أَرْبَعُ شُهُورٍ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: الْجَفْرَةُ مِنْ الْمَعْزِ لَهَا أَرْبَعُ شُهُورٍ، وَالْعَنَاقُ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ دُونَ الْجَفْرَةِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَفِي الْحَمَامِ وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ شَاةٌ) . وُجُوبُ الشَّاةِ فِي الْحَمَامِ: لَا خِلَافَ فِيهِ، وَالْعَبُّ: وَضْعُ الْمِنْقَارِ فِي الْمَاءِ فَيَكْرَعُ كَالشَّاةِ وَلَا يَشْرَبُ قَطْرَةً قَطْرَةً، كَبَقِيَّةِ الطُّيُورِ، وَالْهَدَرُ: الصَّوْتُ.
فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْحَمَامَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كُلُّ مُطَوَّقٍ حَمَامٌ، وَقَالَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالْغُنْيَةِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَصْحَابِ: فَمَا يَعُبُّ وَيَهْدُرُ الْحَمَامُ، وَتُسَمِّي الْعَرَبُ الْقَطَا حَمَامًا، وَكَذَا الْفَوَاخِتُ وَالْوَرَاشِينُ، وَالْقُمْرِيُّ، وَالدُّبْسِيُّ، وَالسَّفَانِينُ، وَأَمَّا الْحَجَلُ: فَإِنَّهُ لَا يَعُبُّ. وَهُوَ مُطَوَّقٌ، فَفِيهِ الْخِلَافُ.
قَوْلُهُ (النَّوْعُ الثَّانِي: مَا لَمْ يَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَهُمَا) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْقَاتِلَيْنِ أَيْضًا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا مَا تَقَدَّمَ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ، مِنْ أَنَّهُ " يُقْبَلُ قَوْلُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ " فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَقَيَّدَ ابْنُ عَقِيلٍ الْمَسْأَلَةَ بِمَا [إذَا كَانَ] قَتَلَهُ خَطَأً. قَالَ: لِأَنَّ الْعَمْدَ يُنَافِي الْعَدَالَةَ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ لِعَدَمِ فِسْقِهِ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَى قِيَاسِهِ قَتْلُهُ لِحَاجَةِ أَكْلِهِ. وَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ بَابِ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ: قَبُولُ شَهَادَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. وَتَقَدَّمَ: هَلْ تَجِبُ فِدْيَةٌ فِي الضُّفْدَعِ، وَالنَّمْلَةِ، وَالنَّحْلَةِ، وَأُمِّ حُبَيْنٍ، وَالسِّنَّوْرِ الْأَهْلِيِّ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَجِبُ فِي الْبَطِّ وَالدَّجَاجِ وَنَحْوِهِ، أَمْ لَا؟ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَا تَأْثِيرَ لِلْمُحْرِمِ وَلَا لِلْإِحْرَامِ فِي تَحْرِيمِ حَيَوَانٍ إنْسِيٍّ وَمُحَرَّمِ الْأَكْلِ ".
فَائِدَةٌ: فِي سِنَّوْرِ الْبَرِّ، وَالْهُدْهُدِ، وَالصُّرَدِ: حُكُومَةٌ إنْ أَلْحَقَ: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الثَّعْلَبِ.
قَوْلُهُ (وَيَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَبِيرِ، وَالصَّغِيرِ، وَالصَّحِيحِ، وَالْمَعِيبِ: مِثْلُهُ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعُوا بِهِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي الزَّكَاةِ: يَضْمَنُ مَعِيبًا بِصَحِيحٍ. ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ. وَخَرَّجَهُ فِي الْفُصُولِ احْتِمَالًا مِنْ الرِّوَايَةِ هُنَاكَ، وَفِيهَا يُعْتَبَرُ الْكَبِيرُ أَيْضًا، فَهُنَا مِثْلُهُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، فَلَوْ قَتَلَ فَرْخَ حَمَامٍ كَانَ فِيهِ صَغِيرٌ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ، وَفِي فَرْخِ النَّعَامَةِ جَزَاءٌ، وَفِيمَا عَدَاهَا قِيمَتُهُ، إلَّا مَا كَانَ أَكْبَرَ مِنْ الْحَمَامِ، فَفِيهِ مَا يَذْكُرُهُ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ (إلَّا الْمَاخِضَ تُفْدَى بِقِيمَةِ مِثْلِهَا) . هَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجِبُ فِيهَا مِثْلُهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ، وَقِيلَ: تُضْمَنُ بِقِيمَةِ مِثْلِهَا أَوْ بِحَائِلٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَزِيدُ فِي لَحْمِهَا كَلَوْنِهَا. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ فَدَاهَا بِغَيْرِ مَاخِضٍ فَاحْتِمَالَانِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَتُفْدَى الْمَاخِضُ بِمِثْلِهَا، فَإِنْ عَدِمَ الْمَاخِضَ فَقِيمَةُ مَاخِضٍ مِثْلِهَا، وَقِيلَ: قِيمَةُ غَيْرِ مَاخِضٍ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ جَنَى عَلَى حَامِلٍ، فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا مَيِّتًا: ضَمِنَ نَقْصَ الْأُمِّ فَقَطْ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِي الْبَهَائِمِ زِيَادَةٌ، وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: إذَا صَادَ حَامِلًا، فَإِنْ تَلِفَ حَمْلُهَا
ضَمِنَهُ، وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: يَضْمَنُهُ إنْ تَهَيَّأَ لِنَفْخِ الرُّوحِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ: أَنَّهُ يَصِيرُ حَيَوَانًا. كَمَا يُضْمَنُ جَنِينُ امْرَأَةٍ بَعْدَهُ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ إنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: إذَا كَانَ لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ. وَإِنْ كَانَ لِوَقْتٍ لَا يَعِيشُ لِمِثْلِهِ فَهُوَ كَالْمَيِّتِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَاسَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ وُجُوبَ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي وُجُوبِ عُشْرِ قِيمَةِ جَنِينِ الدَّابَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ وَمَقَادِيرِ الدِّيَاتِ. وَتَقَدَّمَتْ أَحْكَامُ الْبَيْضِ الْمَذَرُ وَمَا فِيهِ مِنْ الْفِرَاخِ. كَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ كَسْرَةِ الْبَيْضَةِ فَرْخٌ فَعَاشَ أَوْ مَاتَ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ أَتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ ". الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ فِدَاءُ أَعْوَرَ مِنْ عَيْنٍ بِأَعْوَرَ مِنْ أُخْرَى) ، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. كَذَا يَجُوزُ فِدَاءُ أَعْرَجَ مِنْ قَائِمَةٍ بِأَعْرَجَ مِنْ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، وَلَا يَجُوزُ فِدَاءُ أَعْوَرَ بِأَعْرَجَ وَلَا عَكْسُهُ؛ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى، وَفِي فِدَائِهَا بِهِ وَجْهَانِ) ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْهَادِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَالْأُنْثَى أَفْضَلُ، فَيُفْدَى بِهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: تُفْدَى أُنْثَى بِمِثْلِهَا، فَظَاهِرُ ذَلِكَ: عَدَمُ الْجَوَازِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدِمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
قَوْلُهُ (الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَا مِثْلَ لَهُ، وَهُوَ سَائِرُ الطَّيْرِ، فَفِيهِ قِيمَتُهُ) بِلَا نِزَاعٍ، إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا مَا كَانَ أَكْبَرَ مِنْ الْحَمَامِ) كَالْإِوَزِّ، وَالْحُبَارَى، وَالْحَجَلِ، عَلَى قَوْلِ غَيْرِ الْكِسَائِيّ، وَالْكَبِيرِ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ، وَالْكُرْكِيِّ، وَالْكَرَوَانِ وَنَحْوِهِ، فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ قِيمَتُهُ أَوْ شَاةٌ؟ عَلَى، وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. أَحَدُهُمَا: تَجِبُ فِيهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ خُولِفَ فِي الْحَمَامِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْعُمْدَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي النَّظْمِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى وُجُوبِ الشَّاةِ فِي الْحَمَامِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: فِيهِ شَاةٌ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَأَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ: فَفِيهِ الْجَزَاءُ كَالْحَمَامِ، وَقِيلَ: الْقِيمَةُ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَمَنْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْ صَيْدٍ فَفِيهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا) . إذَا أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْ صَيْدٍ وَانْدَمَلَ وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ، أَوْ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ جُمْلَتَهُ تُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ، فَكَذَلِكَ أَجْزَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ فَهَلْ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ مِنْ مِثْلِهِ لَحْمًا، أَوْ يُضْمَنُ بِقِيمَةِ مِثْلِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.
أَحَدُهُمَا: يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ مِنْ مِثْلِهِ لَحْمًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي
الْوَجِيزِ. قَالَ فِي [الْمُغْنِي وَ] الشَّرْحِ: وَهُوَ أَوْلَى، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْفُرُوعِ، وَقَالَ: وَيُضْمَنُ بَعْضُهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا؛ لِضَمَانِ أَصْلِهِ بِمِثْلِهِ مِنْ النَّعَمِ، وَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ؛ لِجَوَازِ عُدُولِهِ إلَى عَدْلِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَوْمٍ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: لَا يُعْرَفُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. فَلَوْ قُلْنَا بِهِ: لَمْ يَمْتَنِعْ، وَإِنْ سَلَّمْنَا: فَهُوَ الْأَشْبَهُ بِأُصُولِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ فِي شَعْرِهِ ثُلُثَ دَمٍ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ لَا يُضْمَنُ بِهِ، كَطَعَامٍ مُسَوَّسٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ، فَلَمْ نُوجِبْ، فِي الزَّكَاةِ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجِبُ قِيمَةُ مِثْلِهِ، كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ (لَوْ نَفَّرَ صَيْدًا فَتَلِفَ بِشَيْءٍ ضَمِنَهُ) وَكَذَا لَوْ نَقَصَ فِي حَالِ نُفُورِهِ: ضَمِنَهُ بِلَا خِلَافٍ فِيهِمَا، وَلَا يُضْمَنُ إذَا تَلِفَ فِي مَكَانِهِ بَعْدَ أَمْنِهِ مِنْ نُفُورِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يُضْمَنُ، وَلَوْ تَلِفَ فِي حَالِ نُفُورِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ: فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ قُلْت: الْأَوْلَى الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ سَبَبٌ وَغَيْرُهُ، وَلَا يُمْكِنُ إحَالَتُهُ عَلَى غَيْرِ السَّبَبِ هُنَا، فَيُغَيِّرُ السَّبَبَ. ثُمَّ وَجَدْته فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَدَّمَهُ، وَقَالَ: وَقِيلَ: لَا يُضْمَنُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي الْأَصَحِّ. قُلْت: وَالضَّمَانُ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِ فِي الْكَافِي. الثَّانِيَةُ: لَوْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَهُ. ثُمَّ سَقَطَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَا: ضَمِنَهُمَا، فَلَوْ مَشَى الْمَجْرُوحُ قَلِيلًا، ثُمَّ سَقَطَ عَلَى آخَرَ: ضَمِنَ الْمَجْرُوحَ فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ. مَا سَبَقَ يَضْمَنُهُمَا.
قُلْت: هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا تَلِفَ فِي مَكَانِهِ بَعْدَ أَمْنِهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ جَرَحَهُ فَغَابَ، وَلَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهُ، فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ) . يَعْنِي: إذَا كَانَ الْجُرْحُ غَيْرَ مُوحٍ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ عَلَيْهِ أَرْشَ مَا نَقَصَ بِالْجُرْحِ. كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ كُلَّهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُقَوِّمُهُ صَحِيحًا أَوْ جَرِيحًا غَيْرَ مُنْدَمِلٍ؛ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ انْدِمَالِهِ، فَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ سُدُسُهُ، فَقِيلَ: يَجِبُ سُدُسُ مِثْلِهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ. [وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ] قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْ الصَّيْدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمْ بِذَلِكَ، وَكَذَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَدَّمُوا وُجُوبَ مِثْلِهِ مِنْ مِثْلِهِ لَحْمًا، كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: يَجِبُ قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ [وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ] وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ بِقِيلِ، وَقِيلَ.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا، وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ بِجِنَايَتِهِ) . إذَا جَرَحَهُ وَغَابَ عَنْهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا، وَلَا يَعْلَمُ: هَلْ مَوْتُهُ بِجِنَايَتِهِ أَمْ لَا؟ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا جَرَحَهُ وَغَابَ وَلَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ كُلَّهُ هُنَا، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ إتْلَافِهِ مِنْهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ لَهُ سَبَبًا آخَرَ، فَوَجَبَ إحَالَتُهُ عَلَى السَّبَبِ الْمَعْلُومِ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَهَذَا أَقْيَسُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا أَظْهَرُ كَنَظَائِرِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْقَوَاعِدِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا غَيْرَ مُوحٍ، فَوَقَعَ فِي مَاءٍ: أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ، ضَمِنَهُ لِتَلَفِهِ بِسَبَبِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ انْدَمَلَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ: فَعَلَيْهِ جَزَاءُ جَمِيعِهِ) ، وَكَذَا إنْ جَرَحَهُ جُرْحًا [مُوحِيًا] وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ تَخْرِيجًا: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ سِوَى مَا نَقَصَ فِيمَا إذَا انْدَمَلَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ: وُجُوبَ الْجَزَاءِ كَامِلًا، فِيمَا إذَا جَرَحَهُ وَغَابَ وَجَهِلَ خَبَرَهُ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ كَلَامَهُ مُطْلَقٌ. فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ الْجُرْحَ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُوحٍ، وَغَابَ: أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ كَامِلًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَتَفَ رِيشَهُ فَعَادَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ، وَكَذَا إنْ نَتَفَ شَعْرَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: هُوَ قَوْلُ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ الْمَنَاسِكِ وَغَيْرِهِمْ [وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ]، وَقِيلَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَّ عَلَيْهِ حُكُومَةً. وَيَأْتِي نَظِيرُهَا إذَا قَطَعَ غُصْنًا ثُمَّ عَادَ، فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ. وَتَقَدَّمَ " إذَا تَلِفَ بَيْضُ صَيْدٍ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ صَادَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ بِنَتْفِ رِيشِهِ أَوْ شَعْرِهِ: فَكَالْجُرْحِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَإِنْ غَابَ: فَفِيهِ مَا نَقَصَ، لِإِمْكَانِ زَوَالِ نَقْصِهِ. كَمَا لَوْ جَرَحَهُ وَغَابَ وَجَهِلَ.
قَوْلُهُ (كُلَّمَا قَتَلَ صَيْدًا حُكِمَ عَلَيْهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَنْهُ لَا يَجِبُ إلَّا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَعَنْهُ إنْ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ لِلثَّانِي كَفَّارَةٌ، وَإِلَّا فَلَا. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ فِي قَوْلِهِ " وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا بَعْدَ صَيْدٍ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُمَا " بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا. قَوْلُهُ (وَإِذَا اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي قَتْلِ صَيْدٍ فَعَلَيْهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ) ، وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا. وَسَوَاءٌ بَاشَرُوا الْقَتْلَ، أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مُمْسِكًا وَالْآخَرُ مُبَاشِرًا، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي أَيْضًا، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَصَحَّحَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمُخْتَارُ مِنْ الرِّوَايَاتِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَعَنْهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْهُ إنْ كَفَّرُوا بِالْمَالِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإِنْ كَفَّرُوا بِالصِّيَامِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ، وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: لَا جَزَاءَ عَلَى مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مَعَ مُحْرِمٍ مُبَاشِرٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: لَا يَلْزَمُ مُسَبِّبًا مَعَ مُبَاشِرٍ. قَالَ: وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ. لَا سِيَّمَا إذَا أَمْسَكَهُ لِيَمْلِكَهُ، فَقَتَلَهُ مُحِلٌّ. وَقِيلَ: الْقِرَانُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ فِعْلَ ذَلِكَ عِلَّةً. قَالَ فِي الْفُرُوعِ [وَهَذَا مُتَّجَهٌ، وَجَزَمَ ابْنُ شِهَابٍ: أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْمُمْسِكِ، وَأَنَّ عَكْسَهُ