المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بب: الهمزتين من كلمتين - شرح الشاطبية إبراز المعاني من حرز الأماني

[أبو شامة المقدسي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌خطبة الكتاب

- ‌فصل في ذكر القراء السبعة:

- ‌مقدمة القصيدة

- ‌مدخل

- ‌بعض ما جاء في ذكر القرآن العزيز وفصل قراءته

- ‌بيان القراء السبعة ورواتهم وأخبارهم:

- ‌بيان الرموز التي يشير بها الناظم إلى القراء السبعة ورواتهم:

- ‌باب: الاستعاذة

- ‌باب: البسملة

- ‌سورة أم القرآن:

- ‌باب الإدغام الكبير:

- ‌باب: إدغام الحرفين المتقاربين في كلمة وفي كلمتين

- ‌باب: هاء الكناية

- ‌باب المد والقصر:

- ‌باب الهمزتين من كلمة:

- ‌بب: الهمزتين من كلمتين

- ‌باب الهمز المفرد:

- ‌باب: نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها

- ‌باب: وقف حمزة وهشام على الهمز

- ‌باب: الإظهار والإدغام

- ‌مدخل

- ‌ذكر ذال إذ

- ‌ذكر دال قد

- ‌ذكر تاء التأنيث

- ‌ذكر لام وهل وبل

- ‌باب: حروف قربت مخارجها

- ‌باب: أحكام النون الساكنة والتنوين

- ‌باب: الفتح والإمالة وبين اللفظين

- ‌باب: مذهب الكسائي في إمالة هاء التأنيث في الوقف

- ‌باب: الراءات

- ‌باب: اللامات أي تغليظها:

- ‌باب: الوقف على أواخر الكلم

- ‌باب: الوقف على مرسوم الخط

- ‌باب: مذاهبهم في ياءات الإضافة

- ‌باب: مذاهبهم في الزوائد

- ‌باب: فرش الحروف

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء:

- ‌سورة المائدة:

- ‌سورة الأنعام:

- ‌سورة الأعراف:

- ‌سورة الأنفال:

- ‌سورة التوبة:

- ‌سورة يونس:

- ‌سورة هود:

- ‌سور يوسف

- ‌سورة الرعد:

- ‌سورة إبراهيم:

- ‌سورة الحجر:

- ‌سورة النحل:

- ‌سورة الإسراء:

- ‌سورة الكهف:

- ‌سورة مريم:

- ‌سورة طه:

- ‌سورة الأنبياء:

- ‌سورة الحج:

- ‌سورة المؤمنون:

- ‌سورة النور:

- ‌سورة الفرقان:

- ‌سورة الشعراء:

- ‌سورة النمل:

- ‌سورة القصص:

- ‌سورة العنكبوت:

- ‌من سورة الروم إلى سورة سبأ

- ‌سورة سبأ وفاطر:

- ‌سورة يس:

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص:

- ‌سورة غافر:

- ‌سورة فصلت:

- ‌سورة الشورى والزخرف والدخان:

- ‌سورة الشريعة والأحقاف

- ‌من سورة محمد صلى الله عليه وسلم إلى سورة الرحمن عز وجل:

- ‌سورة الرحمن عز وجل:

- ‌سورة الواقعة والحديد:

- ‌من سورة المجادلة إلى سورة ن:

- ‌من سورة "ن" إلى سورة القيامة:

- ‌من سورة القيامة إلى سورة النبأ:

- ‌من سورة النبأ إلى سورة العلق:

- ‌من سورة العلق إلى آخر القرآن:

- ‌باب: التكبير

- ‌باب: مخارج الحروف وصفاتها التي يحتاج القارئ إليها

- ‌الفهرس:

- ‌مقدمات

- ‌تصدير

- ‌ترجمة الإمام الشاطبي:

- ‌الشيخ شهاب الدين أبو شامة:

- ‌الدرة الأولى: فيما يتعلق بطالب العلم في نفسه ومع شيخه

- ‌الدرة الثانية: في حد القراءات والمقرئ والقارئ

- ‌الدرة الثالثة: شروط المقرئ وما يجب عليه

- ‌الدرة الرابعة: فيما ينبغي للمقرئ أن يفعله

- ‌الدرة الخامسة: في قدر ما يسمع وما ينتهي إليه سماعه

- ‌الدرة السادسة: فيما يقرأ به

- ‌الدرة السابعة: في الإقراء والقراءة في الطريق

- ‌الدرة الثامنة: في حكم الأجرة على الإقرار وقبول هدية القارئ

- ‌الدرة التاسعة: تدوين القراءات

الفصل: ‌بب: الهمزتين من كلمتين

ومدك قبل الضم بر حبيبه

بخلف هشام في الثلاثة أصلا

ففي آل عمران يمد بخلفه

وفي غيرها حتما وبالخلف سهلا

أي مد حتما بلا خلاف والله أعلم.

ص: 140

‌بب: الهمزتين من كلمتين

باب: الهمزتين في كلمتين

يعني الهمزتين المجتمعتين من كلمتين، وذلك أن تكون أولاهما آخر كلمة والثانية أول كلمة آخرى، وذلك يأتي على ضربين.

أحدهما: أن يتفقا في الفتح أو الكسر أو الضم. والآخر: أن لا يتفقا في شيء من ذلك بل يختلفا فيه، ولكل واحد من الضربين حكم يخصه، وقد بين كلاهما منها وبدأ بقسم الاتفاق فقال:

202-

وَأَسْقَطَ الُاولَى في اتِّفَاقِهِمَا مَعًا

إِذَا كَانَتَا مِنْ كِلْمَتَيْنِ فَتَى الْعلا

فتى العلا فاعل أسقط يعني ولد العلا وهو أبو عمرو بن العلاء أسقط الهمزة الأولى من المتفقتين بالفتح والكسر والضم وهذا نقل علماء القراءات عن قراءة أبي عمرو بإسقاط الهمزة.

ثم منهم من يرى أن الساقطة هي الأولى؛ لأن أواخر الكلم محل التغيير غالبا ومنهم من يجعل الساقطة هي الثانية؛ لأن الثقل بها حصل.

والذي نقله النحاة عن أبي عمرو أنه يخفف الأولى من المتفق والمختلف جميعا.

قال أبو علي في التكملة: أهل التحقيق يحققون إحداهما فمنهم من يخفف الأولى ويحقق الثانية، ومنهم من يحقق الأولى ويخفف الثانية، وهو الذي يختاره الخليل، ويحتج بأن التخفيف وقع على الثانية إذا كانتا في كلمة واحدة نحو آدم وآخر فكذلك إذا كانتا من كلمتين.

قال الخليل: رأيت أبا عمرو قد أخذ بهذا القول في قوله: {يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ} 1.

قال العبدي في شرحه: مذهب أبي عمرو تخفيف الأولى، ومذهب الخليل تخفيف الثانية، والقراء على خلاف ما حكاه النحويون عنه؛ وذلك أنهم يقولون: الهمزتان إذا التقيا بحركة واحدة حذفت إحداهما حذفا من غير أن تجعلها بين بين، وإذا اختلفت الحركة عادوا إلى ما قلناه، قال وقياس قول أبي عمرو المحذوفة هي الأولى؛ لأنه حكى مذهبه أن تكون الأولى بين بين.

قلت: ومن فوائد هذا الاختلاف ما يظهر في نحو: {جَاءَ أَمْرُنَا} 2 من حكم المد فيه.

1 سورة هود، آية:72.

2 سورة هود، آية:8.

ص: 140

فإن قيل الساقطة هي الأولى كان المد فيه من قبيل المنفصل، وإن قيل هي الثانية كان المد من قبيل المتصل، وقد نص مكي في كتاب التبصرة على قول أن الساقطة هي الأولى.

ثم إن القارئ لأبي عمرو إذا وقف على "جاء" فإنه يمد ويهمز فإن الحذف إنما يكون في الوصل؛ لأن الاجتماع إنما يحصل فيه.

ولم أر أن النحويين ذكروا لغة الإسقاط. ووجهها على ما نقله القراء أن من مذهب أبي عمرو الإدغام في المثلين ولم يمكن هنا لثقل الهمز غير مدغم فكيف به مشددا مدغما فعدل الإسقاط واكتفى به، وقوله: معا حال من ضمير التثنية الذي أضيف إليه الاتفاق؛ لأنه بمنزلة قولك: اتفقا معا، ولا فائدة لقوله معا في هذا الموضع إلا مجرد التوكيد، كما لو قال: كليهما، وفي غير هذا الموضع معا يذكر لفائدة سننبه عليها في الباب الآتي، والهاء في اتفاقهما عائدة1 على الهمزتين في قوله في أول الباب السابق: وتسهيل أخرى همزتين، ثم مثل صورة الاتفاق فقال:

203-

كَجَا أَمْرُنَا مِنَ السَّماَ إِنَّ أَوْلِيَا

أُولئِكَ أَنْوَاعُ اتِّفَاقٍ تَجَمَّلا

فمثل المفتوحتين بقوله تعالى: {جَاءَ أَمْرُنَا} والمكسورتين بقوله في سبأ: {مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ} 2.

والمضمومتين بقوله في الأحقاف: {أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ} 3.

وليس في القرآن العزيز غيره، ولفظ بالأمثلة الثلاثة على لفظ قراءة أبي عمرو فالهمزة المسموعة في جاء أمرنا هي أول أمرنا ومثله:{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} 4.

الهمزة أول "أنشره"؛ لأنها همزة قطع فإن اتفق بعد ما آخره همزة همزة وصل حذفت فتبقى الهمزة المسموعة هي آخر الكلمة الأولى لجميع القراء: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ} {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ} 6.

الهمزة آخر شاء وآخر الماء.

وقوله: أنواع خبر مبتدأ محذوف؛ أي هي أنواع اتفاق تجمل أي تزين.

ثم بين مذهب قالون والبزي فقال:

204-

وَقَالُونُ وَالْبَزِّيُّ في الْفَتْحِ وَافَقَا

وَفي غَيْرِهِ كَـ "الْيا" وَكَالْوَاوِ سَهَّلا

أي وافقا أبا عمرو في ذواتي الفتح، فأسقطا الأولى منهما وفي غير الفتح جعلا المكسورة كالياء والمضمومة كالواو أي سهلا كل واحدة منهما بين بين فجمعا بين اللغتين.

1 بعيد والأولى عودها على الهمزتين في هذا الباب، ومثلها الألف في "كانتا" اهـ ضباع.

2 سورة هود، آية:40.

3 الآية: 32.

4 سورة عبس، آية:32.

5 سورة المزمل، آية:19.

6 سورة الحج، آية:5.

ص: 141

205-

وَبِالسُّوءِ إِلَاّ أَبْدَلا ثُمَّ أَدْغَمَا

وَفِيهِ خِلَافٌ عَنْهُمَا لَيْسَ مُقْفَلا

يعني قوله تعالى في سورة يوسف: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} 1، خالفا فيها أصلهما فعدلا عن تسهيل همزة السوء بين بين؛ لأن لغة العرب في تخفيف همزة مثل ذلك على وجهين سيأتي ذكرهما في باب وقف حمزة وهشام.

أحدهما: أن تُلقى حركة الهمزة على الواو وبحذف الهمز وهذا لم يقرأ به لهما، وهو الوجه المختار في تخفيف همز ذلك، وقد نبه عليه مكي رحمه الله في التبصرة.

والثاني: أن تبدل الهمزة واوا، وتدغم الواو التي قبل الهمزة فيها، وهذا الوجه هو المذكور لهما في هذا البيت أي أبدلا الهمز واوا ثم أدغما فيها الواو التي قبلها، وإنما اختارا هذا على وجه نقل الحركة؛ لأن النقل يؤدي هنا إلى أن تنكسر الواو بعد ضمة، فتصير مثل قول، وهو مرفوض في اللغة، وقول بالتشديد مستعمل وهو أخف من قول، ولعل سببه حجز الساكن بين الضمة والكسرة، وقد فعل قالون نحو ذلك في لفظ النبي في موضعين في سورة الأحزاب؛ لأنه يهمز لفظ النبي، وقبل الهمز ياء، فأبدل الهمزة ياء وأدغم فيها الياء التي قبلها وذلك متعين، ثم لا يجوز فيه نقل حركة الهمزة إلى الياء؛ لأنها زائدة بخلاف الواو هنا وهذا سيأتي ذكره ف سورة البقرة إن شاء الله تعالى، ثم قال:"وفيه" أي: وفي تخفيف بالسوء خلاف عن قالون والبزي ليس مقفلا أي ليس مغلقا أو ليس مقفلا عليه أي ممنوعا لا يوصل إليه بل هو مشهور معروف في كتب مصنفة منها التبصرة لمكي، وإن كان صاحب التيسير ما ذكره ولم يذكر هذه المسألة إلا في سورتها، والخلاف المشار إليه أنهما قرآها بين بين على أصلهما ولا يمنع من ذلك كون الواو ساكنة قبلها؛ فإنها لو كانت ألفا لما امتنع جعلها بين بين بعدها لغة على ما يأتي فالواو قريبة منها والله أعلم.

قال مكي: ذكر عن قالون فيها أنه يجعل الأولى كالياء الساكنة، قال: والأحسن الجاري على الأصول إلقاء الحركة ولم يرو عنه، ويليه في الجواز الإبدال والإدغام وهو الأشهر عن قالون وهو الاختيار لأجل جوازه والرواية، قال: فأما البزي فقد روي عنه الوجهان أيضا والاختيار الإبدال والإدغام؛ لجريه على الأصول.

قلت: فهذا آخر الكلام في مذهب من يخفف الهمزة الأولى إما بإسقاط وإما بتسهيل، وذلك في الوصل فلو وقف عليها لحققت الهمزة، وسنذكر ذلك أيضا في سورة البقرة بتوفيق الله تعالى.

206-

وَالُاخْرَى كَمَدٍّ عِنْدَ وَرْشٍ وَقُنْبُلٍ

وَقَدْ قِيلَ مَحْضُ المَدِّ عَنْهَا تَبَدَّلا

مذهب أبي عمرو وقالون والبزي كان متعلقا بالهمزة الأولى ومذهب ورش وقنبل يتعلق بالثانية؛ لأن الثقل عندها حصل وهي المرادة بقوله: "والأخرى" وروي عنهما في تسهيلها وجهان؛ أحدهما: جعلها بين بين؛ لأنها همزة متحركة ما قبلها كذلك قياس تسهيلها وهو المراد بقوله: كمد، والوجه الثاني لم يذكر في التيسير، وهو أن تبدل حرفا ساكنا من جنس حركتها، وهو مذهب عامة المصريين كما فعلوا ذلك في المفتوحتين في كلمة

1 الآية: 53.

ص: 142

واحدة إلا أن البدل هنا عام في المفتوحة والمكسورة والمضمومة؛ لأنه أمكن إبدال المكسورة ياءا ساكنة والمضمومة واواً ساكنة؛ لأن حركة ما قبلهما من جنسهما، ولم يمكن ذلك في كلمة واحدة؛ لأن قبلهما فتحا وبعدهما ساكنا والهمز المتحرك: المتحرك ما قبله لا يبدل إلا سماعا وهذا المراد بقوله "محض المد" قالوا: وأما "جا آل"1

فالبدل فيه ممتنع والتسهيل متعين خوفا من اجتماع ألفين.

قلت: وأي مانع في ذلك إذا اجتمع ألفان زيد في المد لهما لو حذف إحداهما كما ذُكر هذان الوجهان لحمزة في وقفه على مثل "يشاء" و"من السماء" وهو قوله فيما يأتي: ويقصر أو يمضي على المد أطولا إلا أنه اغتفر ذلك في وقف حمزة؛ لتعينه وأما "جاء آل" فلنا عنه مندوحة إلى جعل الهمزة بين بين فصير إليه.

وقوله: محض المد مبتدأ وخبره قوله: عنها تبدلا أي تبدل المد المحض عن الهمزة.

وقال بعض الشارحين محض المد منصوب بقوله: نبدل.

قلت: فالمعنى حينئذ تبدل الهمز محض المد فيبقى قوله عنها لا معنى له، فنصب محض المد فاسد والله أعلم.

207-

وَفي هؤُلا إِنْ وَالْبِغَا إِنْ لِوَرْشِهِمْ

بِيَاءِ خَفِيفِ الْكَسْرِ بَعْضُهُمْ تَلا

قال صاحب التيسير2: وأخذ على ابن خاقان لورش بجعل الثانية ياء مكسورة في البقرة في قوله: "هؤلاء إن كنتم"3. وفي النور: "على البغاء يإن أردن"4. فقط، قال: وذلك مشهور عن ورش في الأداء دون النص.

قلت: وهذا الوجه مختص بورش في هذين الموضعين وفيهما له ولقنبل الوجهان السابقان:

208-

وَإِنْ حَرْفُ مَدِّ قَبْلَ هَمْزٍ مُغَيَّرٍ

يَجُزْ قَصْرُهُ وَالْمَدُّ مَا زَالَ أَعْدَلا

هذا الخلاف يجيء على مذهب أبي عمرو وقالون والبزي؛ لأنهم يغيرون الأولى إسقاطا أو تسهيلا فوجه القصر زوال الهمز أو تغيره ع لفظه المستثقل، والمد إنما كان لأجله ووجه المد النظر إلى الأصل، وهو الهمز وترك الاعتداد بما عرض من زواله، ونبه على ترجيح وجه المد بقوله: والمد ما زال أعدلا؛ لقول صاحب التيسير إنه أوجه فإنه قال: ومتى سهلت الهمزة الأولى من المتفقتين أو أسقطت فالألف التي قبلها ممكنة على حالها مع تخفيفها اعتدادا بها، ويجوز أن يقصر الألف؛ لعدم الهمزة لفظا والأول أوجه، ثم اعلم أن هذين الوجهين على قراءة الإسقاط إنما هما في مذهب من يقصر في المنفصل كبالزي والسوسي وقالون والدوري في أحد الروايتين عنهما فإنهم يمدون المتصل نحو:"جاء، السماء، أولياء".

1 سورة الحجر، آية:61.

2 هذه عبارة اصطلاحية فيقال: أخذ علي القراءة بمعنى قرأْتُ عليه اهـ ضباع.

3 الآية: 31.

4 الآية: 33.

ص: 143

فلما تغيرت الهمزة في قراءتهم اتجه الخلاف المذكور إما في قراءة من يمد المتصل والمنفصل جميعا فكل ذلك ممدود له بلا خلاف كالرواية الأخرى عن قالون والدوري؛ لأنه كيف ما فرض الأمر فهو إما متصل أو منفصل فليس لهم إلا المد وكذا على قول من زعم أن الهمزة الساقطة هي الثانية ليس إلا المد في قراءته؛ لأن الكلمة التي فيها المد المتصل بحالها ويجري الوجهان لحمزة في وقفه على نحو:

"الملائكة، و: إسرائيل".

وكل هذه تنبيهات حسنة والله أعلم، ومضى وجه قوله: وإن حرف مد بغير فعل مفسر في شرح قوله وإن همز وصل في الباب السابق.

209-

وَتَسْهِيلُ الُاخْرَى في اخْتِلَافِهِماَ "سَمَا"

تَفِيءَ إِلَى مَعْ جَاءَ أُمَّةً انْزِلَا

فرغ الكلام في أحكام المتفقتين ثم شرع في بيان حكم المختلفتين؛ إذ التقتا في كلمتين فالأولى محققة بلا خلاف عند القراء، وإن كان يجوز تسهيلها عند النحاة على ما سبق ذكره.

ووجه ما اختاره القراء أن حركة الثانية مخالفة للأولى فلم يصح أن تكون خلفا منها، ودالة عليها بخلاف المتفقتين ثم إن الذين سهلوا في المتفقتين على اختلاف أنواع تسهيلهم وهم مدلول سما هم أيضا الذين سهلوا الثانية من المختلفتين متفقين على لفظ تسهيلها على ما يأتي بيانه.

ثم شرع يعدد أنواع اختلافها، وهي خمسة أنواع، والسمة العقلية تقتضي ستة إلا أن النوع السادس لا يوجد في القرآن فلهذا لم يذكر.

أما الخمسة الموجودة في القرآن فهي أن تكون الأولى مفتوحة والثانية مكسورة أو مضمومة وأن تكون الثانية مفتوحة والأولى مضمومة أو مكسورة فهذه أربعة أنواع والخامس أن تكون الأولى مضمومة والثانية مكسورة والنوع السادس الساقط أن تكون الأولى مكسورة والثانية مضمومة نحو في الماء أمم فذكر في هذين البيتين النوعين الأولين من الخمسة المكسورة بعد المفتوحة بقوله: {تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} 1.

والمضمومة بعد المفتوحة بقوله: {جَاءَ أُمَّةً} 2.

في سورة "قد أفلح"، وليس في القرآن من هذا الضرب غيره، وأما -تفيء إلى- فمثله كثير نحو:{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ} 3. وموضع قوله: {تَفِيءَ إِلَى} رفع؛ لأنه خبر مبتدأ محذوف أي هي نحو: {تَفِيءَ إِلَى} .

وكذا وكذا، وقوله: أنزلا جملة معترضة:

1 سورة الحجرات، آية:9.

2 الآية: 44.

3 سورة البقرة، آية:133.

ص: 144

210-

نَشَاءُ أَصَبْنَا والسَّماءِ أَوِ ائْتِنَا

فَنَوْعَانِ قُلْ كـ "الْيَا" وَكَالْوَاوِ سُهِّلا

وهذان نوعان على العكس مما تقدم وهما مفتوحة بعد مضمومة كقوله تعالى في سورة الأعراف: {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} 1، ومثله:"النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ"3 في قراءة نافع ومفتوحة بعد مكسورة كقوله في الأنفال: "من السماء أو ائتنا3 بعذاب أليم".

فأما النوعان الأولان في البيت السابق فالثانية فيهما مسهلة بين بين وهو المراد بقوله: كالياء وكالواو؛ لأنها همزة متحركة بعد متحرك وأما النوعان اللذان في هذا البيت فأبدلت فيهما ياء وواوا كما قال:

211-

وَنَوْعَانِ مِنْهَا أُبْدِلا مِنْهُمَا وَقُلْ

يَشَاءُ إِلى كـ "الْيَاءِ" أَقْيَسُ مَعْدِلا

منها؛ أي: من الأنواع المتقدمة، والضمير في أبدلا عائد إلى الياء والواو في قوله: كالياء وكالواو، وفي منهما للهمزتين أي أبدل الياء والواو من همزهما، وهذا قياس تخفيف الهمزة المفتوحة بعد الضم أن تبدل واوا وبعد الكسرة أن تبدل ياء، وهذا مما استثني من تسهيل الهمز المتحرك بعد حرف متحرك بين بين لمعنى اقتضى ذلك على ما نبين في باب وقف حمزة إن شاء الله تعالى فأبدلت في:"نشاء أصبناهم" واوا، وفي:"السماء أو ائتنا" ياء.

وا يضر كونه في البيت السابق قدم ذكر الياء على الواو قوله: كالياء وكالواو سهلا، ثم قال: ونوعان منهما أبدلا فعاد الضمير إليهما والواو في هذا البيت متقدمة على الياء من لفظ ما مثل به من الآيتين فإنا نرد كل شيء إلى ما يليق به، وله نظائر فقوله: ونوعان مبتدأ و"منها" صفته، وأبدلا خبره، ونوعان في البيت السابق أيضا مبتدأ وسهلا صفته وخبره محذوف قبله أي فمنها نوعان سهلا كالياء وكالواو ومنها نوعان أبدلا منهما، فلما ذكر منهما بعد نوعان صارت صفة له ثم ذكر النوع الخامس وهو مكسورة بعد مضمومة نحو:{وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 4؛ فقياسها أن تجعل بين الهمزة والياء؛ لأنها مكسورة بعد متحرك أي جعلها كالياء أقيس من غيره لغة، ومعدلا تمييز أي أقيس عدول عن هذه الهمزة هذا العدول، ثم ذكر مذهب القراء فيها فقال:

212-

وَعَنْ أَكْثَرِ القُرَّاءِ تُبْدَلُ وَاوُهَا

وَكُلٌّ بِهَمْزِ الكُلِّ يَبْدَا مُفَصَّلا

واوها ثاني مفعولي تبدل فلهذا نصبه والهاء عائدة على الهمزة؛ لأنها تبدل منها في مواضع أو على الحروف للعلم بها أي تبدل الهمزة واوا مكسورة.

وقال صاحب التيسير: المكسورة المضموم ما قبلها تسهل على وجهين: تبدل واوا مكسورة على حركة

1 الآية: 100.

2 سورة الأحزاب، آية:6.

3 الآية: 22.

4 سورة البقرة، آية:213.

ص: 145

ما قبلها وتجعل بين الهمزة والياء على حركتها والأول مذهب القراء وهو آثر، والثاني مذهب النحويين وهو أقيس.

قلت: ولم يذكر مكي في التبصرة ولا ابن الفحام في التجريد ولا صاحب الروضة غير الوجه الأقيس وذكر ابن شريح ثلاثة أوجه فذكر الوجه الأقيس.

ثم قال: وبعضهم يجعلها بين الهمزة والواو ومنهم من يجعلها واوا والأول أحسن.

قلت: فلهذا قال الشاطبي عن أكثر القراء تبدل واوها؛ لأن منهم من سهلها باعتبار حركة ما قبلها؛ لأنها أثقل من حركتها وهذا الوجه أقرب من وجه الإبدال الذي عليه الأكثر، وهذان الوجهان سيأتيان في باب وقف حمزة منسوبا الإبدال إلى الأخفش، ووجه التسهيل موصوف ثم بالإعضال، وسيأتي الكلام على ذلك.

وقوله: وكل بهمز الكل يبدأ

أي وكل من سهل الثانية من المتفقتين والمختلفتين، وإنما ذلك في حال وصلها بالكلمة قبلها؛ لأن الهمزتين حينئذ متصلتان وتلتقيان، فأما إذا وقف على الكلمة الأولى فقد انفصلت الهمزتان فإذا ابتدأ بالكلمة الثانية حقق همزتها، ولو أراد القارئ تسهيلها لما أمكنه؛ لقرب المسهلة من الساكن والساكن لا يمكن الابتداء به.

وقوله: يبدأ أبدل فيه الهمزة ألفا ضرورة أو يقدر أنه وقف عليه فسكنت الهمزة فجاز قلبها حينئذ ألفا ومفصلا أي مبينا لفظ الهمزة محققا له.

فإن قلت: كما بين الابتداء للكل كان ينبغي أن يبين الوقف على الأولى للكل؛ لأن التسهيل قد وقع في الأولى وفي الثانية في حال الاتصال، فبقي بيان حالهما في الانفصال فلم تعرض لبيان حال الثانية دون الأولى؟

قلت: من حقق الهمزة الأولى وقف عليها ساكنة إلا من عرف من مذهبه أنه يبدلها كما يأتي في باب وقف حمزة وهشام ومن سهلها وقف أيضا بسكونها؛ إذ لا تسهيل مع السكون وللكل أن يقفوا بالروم والإشمام بشرطهما على ما سيأتي في بابه، فلما كان للوقف باب يتبين فيه هذا وغيره أعرض عنه وأما الابتداء فلا باب له فبين هنا ما دعت الحاجة إلى بيانه. والله أعلم وأحكم.

213-

وَالِابْدَالُ مَحْضٌ وَالمُسَهَّلُ بَيْنَ مَا

هُوَ الهَمْزُ وَالحَرْفُ الَّذِي مِنهُ أُشْكِلا

لما كان يستعمل كثيرًا لفظي الإبدال والتسهيل احتاج إلى بيان المراد منهما في اصطلاح القراء فقال: الإبدال محض أي ذو حرف محض أي يبدل الهمز حرف مد محضا ليس يبقى فيه شائبة من لفظ الهمز بخلاف التسهيل فإنه عبارة عن جعل الهمز بينه وبين الحرف المجانس لحركة الهمزة فمن أبدل في موضع التسهيل أو سهل في موضع الإبدال فهو غالط فما في قوله: بين ما بمعنى الذي أي بين الذي هو الهمز وبين الحرف الذي منه أي من جنس لفظه أشكل الهمز أي ضبط بما يدل على حركته.

قال الجوهري: يقال شكلت الكتاب: قيدته بالإعراب، قال: ويقال أشكلت الكتاب بالألف كأنك أزلت عنه الإشكال والالتباس ويقع في كثير من عبارات المصنفين غير ذلك، فيرى بعضهم يقول:

ص: 146